أخبار وتقارير...مسلحون يستولون على مطار سيمفيروبول في شبه جزيرة القرم بأوكرانيا...أوكرانيا: تكريس الانقسام السياسي في القرم

سياسة الإصلاحات الأميركية في المنطقة العربية: بين القيم والمصالح...غرف عمليات مشتركة واسلحة نوعية لمساعدة الثوار...ماذا يجري على الحدود الأردنية ـ السورية؟...توضيح النقاش حول الترتيبات الأمنية: القوات الإسرائيلية في وادي الأردن...مفتاح الضغط على الأسد هو "قرار مجلس الأمن رقم 2118"

تاريخ الإضافة السبت 1 آذار 2014 - 7:30 ص    عدد الزيارات 1761    القسم دولية

        


 

مفتاح الضغط على الأسد هو "قرار مجلس الأمن رقم 2118"
أندرو جيه. تابلر
أندرو جيه. تابلر هو زميل أقدم في برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن.
في 16 شباط/فبراير، وصلت محادثات السلام السورية في جنيف إلى طريق مسدود حيث صادر نظام الأسد الممتلكات الشخصية لمفاوضي المعارضة، كما أن الممثل الخاص للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي وجه اللوم إلى دمشق واتهمها بالمسؤولية عن الإخفاق في تحديد موعد للجولة القادمة من المحادثات. وقد اتهم الإبراهيمي النظام بأنه يرفض معالجة الأساس الذي تقوم عليه المحادثات وهو: التوصل إلى مرحلة انتقالية سياسية عن طريق المفاوضات. وقد أضحى جلياً الآن أنه لا يراود الرئيس بشار الأسد شعور بالحاجة إلى المضي في المفاوضات، سواء كان ذلك التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة أو وصول المساعدات الإنسانية والإجلاء من المناطق المحاصرة من قبل النظام. وبالمثل، يرفض مؤيدو الأسد في روسيا ممارسة أي ضغوط عليه من أجل الوفاء بالتزاماته السياسية بموجب "بيان جنيف" من عام 2012. ووفقاً لسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور، بلغت حصيلة القتلى السوريين أثناء فترة انعقاد جولات المحادثات الأخيرة ما يناهز 5000 قتيل، في ما وصفته بأنه "أكثر الفترات دموية على الإطلاق طوال عمر الصراع".
ومما يزيد الأمور سوءاً هو تباطؤ النظام السوري المتعمد في التخلص من أسلحته الكيميائية، حيث لم يتم نقل سوى 11 في المئة فقط من الشحنة الأولى إلى خارج البلاد حتى الآن. وفي 30 كانون الثاني/يناير، ذكرت السلطات الأمريكية أن النظام السوري قد "راجع" إقراراته الأولية لـ «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، معلناً رفضه تدمير مواقع الأسلحة الكيميائية الاثني عشر التي أعلن عنها.
وبالنظر إلى كل ذلك، تُظهر هذه المستجدات أن الأسد لا يمارس فقط ألاعيب ملتوية وقاسية للتشبث بالسلطة، بل يعمل أيضاً على تصعيد الأزمة. فمن خلال حرب التجويع التي يشنها ضد المعارضة وعرقلته التوصل إلى حل سياسي، يضمن الأسد بقاء البلاد في حالة دائمة من التقسيم، فضلاً عن قيام ملاذات إرهابية على كلا الجانبين. ومن خلال عدم إيفائه بالتزاماته تجاه «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، فإنه يهدد بتأجيج الصراع - إذ أنه كلما طالت مدة بقاء هذه الأسلحة في البلاد، زادت احتمالية استخدام النظام لها مرة أخرى أو وقوعها في أيدي الجماعات الإرهابية. وباختصار، يشكل الوضع تهديداً واضحاً للأمن الإقليمي والدولي.
ولذلك، ينبغي على الولايات المتحدة قلب الطاولة على الأسد باستخدامها قرار سوريا من شهر أيلول/سبتمبر، بالتوقيع على "اتفاقية الأسلحة الكيميائية" كورقة ضغط لضمان امتثاله في مسألتين أخرتين هما: الانتقال السياسي على النحو المبين في "بيان جنيف"، وتوصيل المساعدات الإنسانية/إجلاء المدنيين. ورغم ضعف الاتفاق في أروقة مجلس الأمن الدولي بشأن مسألة المساعدات الإنسانية، إلا أن الامتثال لقرارات «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» و "بيان جنيف" كلاهما منصوص عليه في نفس وثيقة مجلس الأمن: "القرار رقم 2118"، الذي يجب تنفيذه بموجب تدابير "الفصل السابع": مثل فرض العقوبات واستخدام القوة في أعقاب صدور قرار "الفصل السابع" اللاحق. إن مواصلة ممارسة الضغط الآن استناداً إلى "القرار رقم 2118" سوف تخلق معضلة تترتب عليها نتائج مفيدة، تتمثل بإجبار موسكو على كشف ما إذا كانت غير قادرة على استدراج نظام الأسد نحو التخلص من برنامج أسلحته الكيميائية والتفاوض حول الانتقال السياسي، أو مجرد غير راغبة بذلك. ومن شأن هذه المنهجية أن تعمل أيضاً على إعداد الرأي العام الأمريكي نحو مواجهة عسكرية محتملة مع الأسد هذا الصيف بسبب رفضه التخلص من المواد الكيميائية.
قرار واحد، مسألتان حساسيتان
كما ذكر الإبراهيمي، تعثرت محادثات السلام بسبب رفض نظام الأسد مناقشة "هيئة الحكم الانتقالية" على النحو المبيّن في إطار "بيان جنيف"، و "خطة العمل من أجل سوريا" التي حازت على قبول دولي وتمت الموافقة عليها من قبل الولايات المتحدة وروسيا ومنصوص عليها في "القرار رقم 2118". وبدلاً من ذلك، قدّم النظام حلاً سياسياً قسرياً يتمحور حول "إعادة انتخاب" الأسد لولاية ثالثة مدتها سبع سنوات، بعد انتهاء ولايته الحالية في 7 تموز/يوليو؛ بيد إن ذلك يُضمن له من الناحية العملية الفوز في الانتخابات المزورة المقرر إجراؤها في ربيع هذا العام. وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق بالنسبة للمعارضة. وفي ضوء عجز النظام عن استعادة كافة الأراضي التي فقدها [ناهيك عن] السيطرة عليها، فمن شأن هذا الحل أن يجعل من المستحيل إعادة توحيد سوريا تحت قيادة مركزية، الأمر الذي يؤدي إلى تقسيم البلاد بصورة دائمية على غرار ما حدث في الصومال.
وفي الوقت نفسه، وفقاً لما ورد على لسان سفير الولايات المتحدة لدى «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» روبرت ميكولاك في 30 كانون الثاني/يناير - فإن الجهود التي يبذلها النظام لإزالة "المواد الكيميائية والسلائف الكيميائية الأساسية" قد "ضعفت بشدة وتوقفت" من ناحيتين على الأقل. أولاً، لم يتم نقل سوى نسبة صغيرة فقط من الشحنة الأولى إلى ميناء اللاذقية لكي يتم نقلها بعد ذلك إلى خارج سوريا وتدميرها في وقت لاحق. ومن المفترض أن تكون تلك الشحنة قد شملت 500 طن من أكثر المواد الكيميائية سمية، مع شحنة أخرى مكونة من 700 طن كان مقرراً نقلها بعد ذلك. وقد جاء تقييم ميكولاك غير مفاجئ بالمرة: حيث أشارت [بعض] التقارير إلى أن الشحنات كانت صغيرة بشكل ملحوظ لبعض الوقت، مما دفع الأسد إلى إلقاء اللوم - في المقابلة التي أجراها مع "وكالة فرانس برس" في كانون الثاني/يناير - على «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» بسبب "البطء" في توفير المعدات اللازمة لذلك. وقد جاء هذا عند الإشارة إلى طلبات سوريا الحصول على معدات إضافية بسبب "مخاوف أمنية" في منطقة القلمون على طول الطريق السريع إم 5 (M- 5) شمال دمشق، الذي يتم من خلاله نقل شحنات الأسلحة الكيميائية. وقد وصف ميكولاك تلك المخاوف كـ "عديمة الأساس" قائلاً بأنها تظهر "عقلية المساومة وليس العقلية الأمنية"، حيث من المعلوم بالفعل أن النظام وحليفه «حزب الله» قد عززا موقفهما بصورة كبيرة في تلك المنطقة.
ثانياً، إن الأمر الأكثر مدعاة للقلق هو سعي دمشق لمراجعة إقرارها الأولي لـ «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» من أجل الإبقاء على مواقع الأسلحة الكيميائية الاثني عشر التي أعلنت عنها، على ما هي دون أي تأثير. ويرغب النظام الآن في جعل تلك المواقع "معطلة" عن طريق "إغلاق أبواب المنشآت وبناء حواجز داخلية"- وهي تدابير قالت عنها واشنطن بأنه "يمكن عكسها بسهولة في غضون أيام"، وبالتالي فهي أقل بكثير من التزام سوريا الأصلي بـ "تدمير المواقع مادياً على النحو المنصوص عليه في «الاتفاقية» والسوابق لتنفيذ ذلك المطلب". وقد جاء الاقتراح عقب تصريح الأسد في مقابلته مع "وكالة فرانس برس" بأن التزام سوريا الوحيد كان "إعداد وجمع البيانات وتوفير السبل لوصول المفتشين". وأضاف أن "الأمور المتبقية ترجع إلى أطراف أخرى".
وقد أشار الطلب المتعلق بالمواقع إلى أن دمشق كانت تتراجع عن التزاماتها بموجب "القرار رقم 2118" و "اتفاقية تدمير الأسلحة الكيميائية"، التي انضم إليها النظام في العام الماضي تحت تهديد استخدام القوة العسكرية الأمريكية. ورداً على ذلك، صرح ميكولاك أن الولايات المتحدة كانت على استعداد "لاستكشاف نهج" يتم بمقتضاه هدم أسطح سبع حظائر طائرات مقواة تُستخدم كمواقع كيميائية. أما مواقع الأسلحة الكيميائية الخمس المتبقية فهي كائنة تحت الأرض؛ وعلى الرغم من أن ميكولاك أشار إلى أنها تمثل "مشكلة تدمير أكثر تعقيداً،" فقد أوصى بهدم بوابات الأنفاق وإضعاف "السلامة الهيكلية" للأنفاق عند "منعطفات رئيسية".
استخدام "القرار رقم 2118" لإعادة الأسد إلى طاولة المفاوضات
لعل السبيل الأمثل لمنع الأسد من تصعيد الأزمة وهيمنته على المرحلة الانتقالية هو ممارسة الضغط عليه للالتزام بالجدول الزمني للتخلص من الأسلحة الكيماوية وتدمير المواقع الكيميائية. إن نقل المزيد من الشحنات إلى خارج سوريا سيمنع وقوع سلاح استراتيجي كان النظام قد استخدمه مراراً وتكراراً، فضلاً عن منعِه من الوقوع في الأيادي الخاطئة. بيد أن هناك سبباً آخراً مقنعاً لدفع الأسد نحو "القرار رقم 2118" ألا وهو: أن النظام جعل نفسه عرضة للهجوم من جبهات أخرى من خلال مماطلته في كل ما يخص «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية». فالتركيز على الجهد المبذول بغية التخلص من الأسلحة الكيماوية في سوريا سيساعد واشنطن على تحديد موقفها على وجه دقيق، ليس فقط بالنسبة لنظام الأسد، بل بالنسبة لموسكو أيضاً. ويمكن أن يسير تسلسل هذه الاستراتيجية على النحو التالي:
1. ممارسة ضغط دبلوماسي حول "القرار رقم 2118" المتعلق بتدمير الأسلحة الكيميائية فضلاً عن تشكيل هيئة حكومية انتقالية كما هو محدد في "بيان جنيف". لعل موضوع الأسلحة الكيماوية هو المشكلة السورية الوحيدة التي يوجد بشأنها اتفاق واضح في مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالخطوات التي يتعين على الأسد اتخاذها، كما أن العملية الانتقالية الموضحة في "بيان جنيف" قد لقيت ترحيباً دولياً واسعاً. فالتأكيد على هذين الأمرين من خلال التركيز على الامتثال لـ "القرار رقم 2118" سيجبر النظام على الالتزام ببرنامج العمل المحدد ويوجهه بعيداً عن محاولته تبرير هجومه ضد المدنيين كأسلوب من الحرب على "الإرهاب". وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومة الأمريكية أن تواصل الضغط لمساندة مشاريع قرارات الأمم المتحدة الحالية التي تتعلق بالمساعدات الإنسانية وإجلاء المدنيين استجابة للزيادة الأخيرة في معدلات العنف واستمرار محاصرة ما يقرب من200,000 سوري من جانب النظام. وفي ضوء الحاجة الملحة لهذا الأمر، ينبغي أن يكون لأي من هذه القرارات نتائج واضحة في حالة عدم الامتثال له.
2. ممارسة ضغط عام ضد النظام وفقاً لتأخره في تنفيذ "القرار رقم 2118". من خلال تسليط الضوء على نحو متزايد على وابل الهجمات التي شنها نظام الأسد في الآونة الأخيرة ضد المعارضة، يمكن لواشنطن بناء الضغط ليس فقط على دمشق، بل على موسكو أيضاً، محددة نهائياً وعلى نحو حاسم ما إذا كانت روسيا سوف تقنع الأسد بالوفاء بالتزاماته بشأن التخلص من الأسلحة الكيماوية والاتجاه نحو التحول السياسي. بالإضافة إلى ذلك، فإن مثل هذه المنهجية سوف تثير حفيظة موسكو على الصعيد الإنساني.
كما يمكن لأي حملة ضغط دبلوماسية وعلنية أن تبني دعماً للولايات المتحدة من قبل المعارضة بعد أن كان هذا الدعم والتأييد في أدنى معدلاته العام الماضي عندما قررت إدارة أوباما تأجيل شن الهجمات العقابية بعد ورود بعض التقارير بأن النظام قد استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين. وهذه النوايا الحسنة قد تُستخدم بدورها في الحصول على ضمانات من الثوار -- على طول الطريق القلمون - اللاذقية -- بعدم مهاجمتهم قوافل الأسلحة الكيماوية أو تعرضهم لها. ومن شأن هذا النهج أن يعزز الانطباع الجيد الذي أظهره موقف واشنطن الدبلوماسي القوي في محادثات السلام الأخيرة، وعلى وجه الخصوص في استبعاد إيران عن طاولة [المفاوضات] إلا إذا وافقت على "بيان جنيف".
إعادة النظر في محدودية القوة العسكرية المباشرة
لم يغير نظام الأسد مساره بشكل جذري حتى الآن، إلا عندما واجه تهديداً حقيقياً باستخدام القوة العسكرية الأمريكية في الخريف الماضي. إن هذا يشابه التحول الذي حصل في نظرة الأسد في ظل الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد القوافل التي حاولت نقل الأسلحة الاستراتيجية إلى «حزب الله». ولذلك فمن المهم أن تشدد واشنطن على نقطة كان قد أبرزها الرئيس أوباما ألا وهي: أن الهجمات الأمريكية على سوريا قد تأخرت العام الماضي، ولم تلغى، فقط لأن واشنطن أرادت التعرف على مدى استعداد النظام للوفاء بالتزاماته بموجب "القرار رقم 2118". إن تبني هذا المسار لن يكون فقط مفيداً في شرعنة استخدام القوة العسكرية ويخلق ضغطاً نحو التحرك، بل سيسهم أيضاً في إعداد الرأي العام الأمريكي بشأن ضرورة توجيه ضربة عسكرية محدودة في حال فشل دمشق في الوفاء بالموعد النهائي للتخلص من برنامج أسلحتها الكيماوية وهو 30 حزيران/يونيو، الأمر الذي سيكون مرجحاً على نحو متزايد.
ولا يتعلق الأمر فقط بكَوْن المصداقية الأمريكية على المحك: فمن خلال تصعيده للعنف، وعدم احترامه للمفاوضات الحقيقية، وتمسكه بترسانته الكيميائية، ضمن نظام الأسد كَوْن الأزمة السورية مثار تهديد للولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والشرق الأوسط على نحو متزايد. كما أن التوقيت السياسي الداخلي يضيف المزيد من الإلحاح على المسألة: فمن المحتمل أن يواجه الرئيس أوباما مزيداً من النقد من الحزب الجمهوري حول مسألة تعامله مع الأزمة ولن تتوافر لديه أية إجابات سهلة في أي وقت قريب؛ إن هذا الضغط يطل برأسه الآن بالفعل من خلال سباق انتخابات الكونغرس ذات النتائج المتقاربة، والتي يمكن أن تُنهي سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، ومعها قدرة الرئيس على الإدارة بفعالية أكبر خلال العامين المقبلين. وفي الوقت نفسه، تنخفض التكلفة الاقتصادية والسياسية النسبية للتدخل العسكري باستخدام أسلحة تعويضية (مثل صواريخ كروز) بينما تتزايد المخصصات المالية والعسكرية التي تقع على عاتق واشنطن للحد من المعاناة الإنسانية الآخذة في الازدياد في سوريا. وحيث تدخل الأزمة السورية عامها الرابع الشهر المقبل، فإن التعامل الآن بفعالية مع سلوك نظام الأسد من خلال الضغط عليه لتنفيذ "القرار رقم 2118" - واحتمال اتخاذ قرار إنساني جديد - هو الخطوة الصحيحة، سياسياً وأخلاقياً على حد سواء، لمواجهة هذه الأزمة.
 
توضيح النقاش حول الترتيبات الأمنية: القوات الإسرائيلية في وادي الأردن
مايكل آيزنشتات و روبرت ساتلوف
مايكل آيزنشتات هو مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن. روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي للمعهد.
في الوقت الذي يعمل فيه الدبلوماسيون الأمريكيون من أجل الوصول إلى "إطار متفق عليه" للمفاوضات المستقبلية بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل انتهاء موعد المحادثات الحالية في نيسان/أبريل، ظهرت مشكلة الترتيبات الأمنية على طول نهر الأردن كنقطة خلاف رئيسية. ويذكر أن كلا الطرفين قد حسما قرارهما فيما يتعلق بمواقفهما، مدخلين العاطفة والانفعال في إحدى القضايا المحددة في برنامج العمل والتي - خلافاً لقضايا القدس واللاجئين - كان من المتوقع حلها عبر نقاشات فنية بين خبراء عسكريين محترفين.
مواقف مبدئية
وحتى الآن، يتمسك كل طرف بموقفه الذي يستند على المبدأ. فبالنسبة للإسرائيليين، يكمن المبدأ في حتمية بقاء نهر الأردن ولفترة طويلة الحدود الأمنية الشرقية لبلادهم. ويعني ذلك استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي ليس فقط للحراسة ضد تسلل الإرهابيين وتهريب الأسلحة، بل أيضاً لإمكانية توفيره الأساس لخط الدفاع الأول ضد التهديدات التي قد تطل برأسها يوماً ما في مناطق شرق نهر الأردن. وفي حين ترحب إسرائيل بقيام ترتيبات أمنية تعاونية مع الأردن والفلسطينيين في هذا الجهد، إلا أنها تمتعض من وجود قوات غير فعالة تابعة لطرف ثالث على حدودها الأخرى - وخاصة "قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان" ("اليونيفيل")، و "قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك" ("أوندوف") في مرتفعات الجولان، و "قوة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة" ("أونتسو")، التي لا تزال تعمل في القدس بعد ستة عقود من إنشائها - كما أنها ترفض فكرة إمكانية حلول قوات دولية، حتى من حلف شمال الأطلسي، محل قواتها. كما تريد إسرائيل أيضاً أن تكون هناك معايير معينة تحدد مدة وجودها العسكري على طول نهر الأردن، وأن لا تكون تلك المدة مقيدة بـ "تاريخ معين" يتم تحديده دون اعتبار للحقائق الاستراتيجية القائمة.
وبالنسبة للفلسطينيين، يكمن المبدأ الذي يستندون إليه في الشرط الذي يقضي بأن استقلالية وسيادة دولتهم المستقبلية يتطلب إزالة كافة بقايا الاحتلال العسكري الإسرائيلي. ويقول زعماء السلطة الفلسطينية أنهم يدركون مدى الحاجة إلى فترة انتقالية تحتفظ خلالها إسرائيل ببعض الوجود العسكري في المنطقة؛ وقد قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مؤخراً لكاتب العمود في صحيفة "نيويورك تايمز" توماس فريدمان إن هذه الفترة يمكن أن تصل إلى خمس سنوات "تصبح دولتي بعدها نظيفة من الاحتلال" على حد قوله. وبالإضافة إلى ذلك، قال إنه يرحب بنشر قوات دولية - بما في ذلك من حلف شمال الأطلسي - على طول نهر الأردن وفي جميع أنحاء الدولة الفلسطينية المستقبلية كوسيلة لضمان الأمن و تهدئة المخاوف الإسرائيلية. لكنه [من جهة أخرى] كان قد صرح في مناسبات عديدة، بأنه لن يكون هناك "جندي إسرائيلي واحد" على الأراضي الفلسطينية في نهاية الفترة الانتقالية.
وقد حاولت الولايات المتحدة سد هذه الفجوة من خلال تقديم اقتراحات مبتكرة صاغها الجنرال جون آلن، القائد السابق للقوات الدولية في أفغانستان، ونائب الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية. ورغم أن تفاصيل أفكاره لم يتم الإعلان عنها، إلا أنه قيل أنها تقوم على تفهم يكتنفه التعاطف مع المتطلبات الأمنية الإسرائيلية إلى جانب الاستفادة من تجربة الولايات المتحدة في أفغانستان تتمثل بإدخال كمية كبيرة من الأجهزة التقنية المزودة بمستويات متعددة من أجهزة الاستشعار، والطائرات بدون طيار، والأسوار ذات التقنية العالية، وغيرها من التدابير المقترحة كوسيلة لتقليل الوجود الإسرائيلي على امتداد نهر الأردن في الفترة التي تتبع المرحلة الانتقالية. ورغم أن إسرائيل لم ترفض هذه المقترحات بشكل رسمي - والبعض منها كان قد اقتُرح في جولات سابقة من المفاوضات تعود إلى فترتي كامب ديفيد وأنابوليس - إلا أن العديد من التصريحات التي أدلى بها قادة إسرائيليون كانت قد استهجنت الاعتماد المفرط على التكنولوجيا كبديل عن الأشخاص.
تخفيض حدة النقاش
هناك عنصر واحد مفقود في هذا النقاش العام المتعلق بالترتيبات الأمنية وهو إجراء مناقشة واقعية حول الانتشار الحالي للجنود الإسرائيليين. فكافة التصريحات العلنية والتقارير الصحفية تقريباً بشأن هذه الموضوع تشير إلى "القوات الإسرائيلية" الموجودة في وادي الأردن دون تفصيل حجمها وتكوينها. كما يفوت على معظم الصحفيين التمييز بين القوات الإسرائيلية المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية (أي "الاحتلال العسكري" التقليدي) والقوات المنتشرة في وادي الأردن وعلى طول نهر الأردن، والتي تكمن مهمتها الرئيسية في تأمين الحدود. ونتيجة لذلك، فمن السهل الإستنتاج في النهاية أن الوجود العسكري الإسرائيلي في وادي الأردن يتألف من تشكيلات بحجم ألوية - أو حتى فرق - عسكرية تضم آلاف الجنود، وأن إسرائيل تسعى إلى الاحتفاظ بوجود عسكري بهذه الضخامة بعد المرحلة الانتقالية من اتفاق الوضع النهائي.
وفي الواقع أن التواجد العسكري الإسرائيلي الحالي في وادي الأردن أصغر بكثير من الانطباع السائد عنه على نطاق واسع. فهو يتشكل من مجموعة صغيرة من سرايا المشاة (يبلغ مجموعها ما بين 200-500 جندي)، إلى جانب مجموعة صغيرة من أفراد الأمن على المعابر الحدودية، والكثير منهم لا يرتدون الزي العسكري. وفي حين لا تخفي إسرائيل حجم هذه الوحدات، إلا أنها لا تعلنه أيضاً. وتستطيع الحفاظ على هذه القوة المحدودة، بسبب التنسيق الوثيق القائم مع قوات الأمن الأردنية ذات الدرجة العالية من الاحتراف، فضلاً عن علاقات العمل التعاونية مع قوات الأمن الفلسطينية التي لا تزال في مرحلة التطوير، بالإضافة إلى الاستخدام التكميلي للتكنولوجيا المتقدمة.
التطور خلال الفترة الإنتقالية
يمكن للمرء أن يتوقع أن يكون الوجود العسكري الإسرائيلي في وادي الأردن - خلال الفترة الانتقالية لتنفيذ اتفاق سلام نهائي - متماشياً تقريباً مع حجمه الحالي. وقد يكون هناك بعض التقلب في الوقت الذي تعدّل فيه إسرائيل مستويات القوة للتعامل مع التهديدات المحتملة المنبعثة من الشرق والغرب. وعلى أي حال، فإن ترتيباتها الأمنية في وادي الأردن ستتحول في النهاية من الاعتماد بشكل رئيسي على الأشخاص المجهزين بالوسائل التكنولوجية (على سبيل المثال، المفتشون في المعابر الحدودية ودوريات المشاة المترجلة) إلى الاعتماد بشكل أساسي على التكنولوجيا التي يديرها الأشخاص (على سبيل المثال الماسحات الضوئية وأجهزة الكشف عن المواد المتفجرة وأجهزة الاستشعار عن بُعد) مع نقل مسؤوليات أمنية معينة إلى السلطة الفلسطينية والأردن بشكل تدريجي. إن القيام بذلك، سيجبر إسرائيل على الانتقال أيضاً من قبول معدل الخطر الصفري في مسعاها لتحقيق الأمن المطلق إلى قبول مجموعة من المخاطر والحسابات الأمنية الأكثر تعقيداً من أجل جني الثمار الاستراتيجية التي يؤمل أن يحققها أي اتفاق سلام منتظر.
وقد ترغب إسرائيل في الفترة التي تلي المرحلة الانتقالية - سواء كانت مُعرّفة مسبقاً وفقاً لمعايير محددة (كما تطالب إسرائيل) أو عن طريق جدول زمني محدد (كما تطالب السلطة الفلسطينية) - في الإبقاء على مجموعة صغيرة من المراقبين "غير المرئيين" عند المعابر الحدودية (يعملون وراء مرايا عاكسة للأوضاع من الجانبين أو يراقبون شاشات فيديو في غرف مجاورة)، فضلاً عن وحدة من القوات للقيام بدوريات في ممر على طول نهر الأردن. وسوف تكون هذه القوة بنفس الحجم تقريباً لتلك المنتشرة حالياً في المنطقة، ومن المتوقع أن تعمل مع الأردنيين والفلسطينيين لتوفير منطقة عازلة ضد عمليات التسلل والنشاط الإرهابي. ومع ذلك، وكما ذُكر أعلاه، فقد استبعد مسؤولون في السلطة الفلسطينية أي نوع من الوجود الإسرائيلي المستمر في وادي الأردن بمجرد انتهاء الفترة الانتقالية.
تربيع الدائرة الأمنية؟
لم يكن من المفترض أن تكون القضايا الأمنية المشكلة الأصعب في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، ولكنها احتلت مركز الصدارة في جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري العازم على تحقيق تقدم. ففي الواقع أن مسألة حجم القوات الإسرائيلية المتبقية في وادي الأردن ووضعها القانوني هي واحدة من العديد من القضايا الأمنية الشائكة التي لا تزال دون حل، وتشمل هذه: طلب إسرائيل بناء محطات إنذار مبكر على قمم التلال الاستراتيجية في الضفة الغربية مأهولة بعدد قليل من الأفراد؛ ووضع ترتيبات خاصة بالطرق الجوية المؤدية لمطار بن غوريون الدولي؛ والوصول إلى الطرق والممرات الرئيسية في شرق وغرب الضفة الغربية والسيطرة عليها؛ وإدارة ومراقبة المجال الجوي والطيف الكهرومغناطيسي في الأراضي الفلسطينية؛ وتفاصيل متعلقة بنزع سلاح الدولة الفلسطينية.
ومرة أخرى، فإن التركيز على تفاصيل الانتشار الفعلي والمتوقع للقوات الإسرائيلية على امتداد نهر الأردن قد يوفر وسيلة لنزع فتيل التوترات بشأن هذه المسألة والترويج إلى قيام مناقشات عامة أكثر تحررية وهدوءاً. وقد يتبنى الفلسطينيون وجهة نظر مختلفة إذا أوضح لهم قادتهم أن مسألة الوجود العسكري المستقبلي في وادي الأردن لن يتعدي بضع مئات من الأفراد العسكريين وليس الآلاف كما هو مفهوم غالباً.
كما يمكن أن تُستخدم التجربة الإقليمية أيضاً في تخفيف حدة النقاش. فعلى سبيل المثال، ليس من الصعب أن يتخيل المرء أن التطورات المستقبلية في المنطقة - لا سيما الاحتمالات الكبيرة بحدوث تغيير كبير وعاصف في الأردن - قد تدفع السلطة الفلسطينية إلى الترحيب ببعض الوجود الخارجي في وادي الأردن، وليس فقط تحمّله. وحتى في الأوقات الحالية، غالباً ما ترى السلطة الفلسطينية أنه من المناسب سياسياً قيام القوات الاسرائيلية باعتقال العناصر المشتبه بها من حركة «حماس» في "المنطقة أ" - وهي الأقسام الخاضعة للسيطرة المدنية والأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية - بدلاً من قيام قوات السلطة نفسها بهذه المهمة، على الرغم من أنه من الصعب تصور استمرار هذه الممارسة بعد حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة.
وبالمثل، كانت مصر مترددة في قبول قيود كبيرة على سيادتها في سيناء كجزء من معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، كما رفض القادة الإسرائيليون طلبات القاهرة الماضية التخفيف من بعض تلك القيود. ومع ذلك، فإن إسرائيل حريصة اليوم على تعزيز الوجود العسكري المصري في شبه الجزيرة بما يتجاوز ما مسموح به بموجب المعاهدة، لمواجهة التهديد الجهادي المتزايد هناك. وربما غضت القاهرة الطرف عن غارات الطائرات الإسرائيلية بدون طيار التي شُنّت ضد هؤلاء الجهاديين (وربما حرّضت على القيام بها) - وهي انتهاك للسيادة، التي لم يكن من الممكن التغاضي عنها من قبل أي حكومة مصرية قبل عقد أو عقدين من الزمن. والدرس المستفاد من ذلك هو أن الترتيبات الأمنية تتطور مع مرور الوقت ومع تغيّر الظروف الإقليمية.
وعند وضع كافة هذه الأمور في الاعتبار، فقد تُثبِت القضايا الأمنية أنها نقطة الخلاف الأصعب التي تحول دون التوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولكن قبل الوصول إلى هذه النقطة، حري بالأطراف - بمن فيهم الوسيط الأمريكي - الترويج إلى إجراء نقاش عام يستند على الحقائق، وليس على المبالغات أو التحوير في عرض الأمور.
 
أوكرانيا: تكريس الانقسام السياسي في القرم
الحياة...موسكو – رائد جبر
كييف – أ ف ب، رويترز - ألقت روسيا بكل أدوات الضغط دفعة واحدة، في محاولة لاستعادة المبادرة بعد الضربة الموجعة التي تلقتها في أوكرانيا، وسعت إلى تغيير المعادلات الناشئة في البلد الجار، إذ رفع مسلحون انفصاليون علمها على مقري الحكومة والبرلمان في شبه جزيرة القرم الناطقة بلغتها، وظهر الرئيس الأوكراني المعزول الموالي لها فيكتور يانوكوفيتش وطلب «حمايتها»، التي نالها قبل أن يكشف مقربون منه أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً في مدينة روستوف أون دون الروسية اليوم. (للمزيد)
وبالتزامن مع أحداث القرم، أعلنت موسكو تأهب مقاتلاتها الجوية على الحدود، في حين أكدت احترامها الاتفاقات الموقعة مع أوكرانيا حول وضع الأسطول الروسي المتمركز في ميناء مدينة سيباستوبول بالقرم، بعد تحذير الرئيس الأوكراني الانتقالي ألكسندر تورتشينوف، من أن أي تحرك لقوات الأسطول سيعتبر «عدواناً عسكرياً».
وفي موازاة التطورات الميدانية، وجهت الخارجية الروسية رسائل قوية طالبت فيها «كل الأطراف بالامتناع عن التصريحات الاستفزازية واحترام حياد أوكرانيا»، مؤكدة «استعداد موسكو للتعاون مع الغرب في الشأن الأوكراني شرط أن يحترم مصالح كل شركاء كييف».
واشترط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأميركي جون كيري، إعادة تطبيق اتفاق 21 شباط (فبراير) الذي وقعه يانوكوفيتش مع المعارضة للعمل مع الغرب في سبيل حل أزمة أوكرانيا، وكذلك أخذ مصالح جميع الأوكرانيين في الاعتبار، وضمان تنفيذ أي اتفاق يجري التوصل إليه».
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش صرح بأن «اتفاق 21 شباط لتشكيل حكومة وحدة وطنية ذهب أدراج الرياح، ما مهّد لتشكيل حكومة منتصرين تضم ممثلين لقوميين متطرفين»، علماً بأن البرلمان الأوكراني منح ثقته أمس لحكومة ائتلافية يرأسها وزير الاقتصاد السابق أرسني ياتسينيوك ذي الميول الأوروبية.
واقترح كيري التعاون مع روسيا لحل أزمة أوكرانيا، في وقت أكد مسؤول أميركي «قلق واشنطن من تحركات القوات الروسية قرب الحدود، لكنها لا تعتقد بأن موسكو تعتزم توجيه أوامر لقواتها بدخول أوكرانيا».
وفي التصعيد الأخطر منذ عزل يانوكوفيتش السبت الماضي وانتقال السلطة إلى المعارضة، ظهرت أولى بوادر الانقسام السياسي والجغرافي في أوكرانيا، بعدما اقتحم مسلحون أطلقوا على أنفسهم تسمية «لجان الدفاع الوطني» مقري البرلمان والحكومة في سيمفروبول عاصمة القرم ورفعوا الأعلام الروسية فوقهما وطالبوا بالانضمام إلى روسيا. ثم فاقم التوتر تصويت برلمان الإقليم على تنظيم استقتاء في 25 أيار (مايو)، اليوم المحدد للانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، لمنح مزيد من سلطات الحكم الذاتي.
وسارعت رئيس الحكومة الجديدة ياتسينيوك إلى توجيه نداء إلى البلدان الراعية لـ «مذكرة بودابست» التي وقعتها أوكرانيا قبل سنوات مع الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، وتنص على ضمان وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها.
في غضون ذلك، ظهر يانوكوفيتش «افتراضياً» على الأراضي الروسية، عبر رسالة وجهها بالفاكس إلى وكالات أنباء «إنترفاكس» الروسية، وتضمنت «رسالة إلى الشعب الأوكراني» أعلن فيها أنه «ما زال يعتبر نفسه رئيساً شرعياً»، وهاجم «الانقلابيين»، مطالباً موسكو بتأمين حمايته.
وفي إشارة مباشرة إلى القرم، قال الرئيس المعزول: «واضح أن قسماً من الشعب لا يقبل تصرفات الانقلابيين. وبصفتي رئيساً لم أطالب الجيش بالتدخل، ومن يفعل ذلك الآن يرتكب تصرفاً إجرامياً».
وبعد مرور دقائق على نشر الرسالة، نقلت وكالات أنباء روسية عن مصدر حكومي رفيع، أن موسكو «وافقت على تأمين حماية يانوكوفيتش على أراضيها».
في سويسرا، اتخذت السلطات قرار تجميد «الأموال المحتملة» للرئيس الأوكراني المخلوع يانوكوفتيش التي قد تكون مودعة في مصارفها، علماً بأن رئيس الحكومة الأوكرانية ياتسينيوك اتهم حكومة يانوكوفيتش بنهب 37 بليون دولار «اختفت في اتجاه غير معروف».
 
مسلحون يستولون على مطار سيمفيروبول في شبه جزيرة القرم بأوكرانيا
الحياة...كييف - أ ف ب
استولى مسلحون لم تحدد هويتهم ليل امس الخميس الجمعة على مطار سيمفيروبول في شبه جزيرة القرم التي تتمتع بالحكم الذاتي في اوكرانيا، بحسب ما ذكرت وكالة انترفاكس - اوكرانيا.
وقالت الوكالة ان خمسين مسلحا بلباس عسكري استولوا ليلا على المطار حيث احتشدت بعد ذلك جموع وهي تلوح باعلام الاسطول الروسي في البحر الاسود.
ونقلت الوكالة عن شهود عيان قولهم ان هؤلاء الرجال وصلوا الى المطار على متن ثلاث شاحنات لا تحمل اي لوحات تسجيل.
ونقلت وكالة فرانس برس عن شاهد قوله ان الرجال ما زالوا يسيطرون على المطار عند الساعه 1.50 ت.غ.
واستولى مسلحون مقربون من الروس على البرلمان والحكومة المحليين في سيمفيروبول. وتشهد شبه جزيرة القرم بجنوب اوكرانيا حيث يتمركز الاسطول الروسي في البحر الاسود توترات انفصالية.
وقرر البرلمان المحلي في جلسة مغلقة لم يسمح للصحافة بحضورها تنظيم استفتاء في 25 ايار/ مايو لنيل المزيد من الحكم الذاتي وكذلك ايضا اقالة الحكومة المحلية.
والقرم التي تسكنها غالبية من الناطقين بالروسية في جنوب اوكرانيا، كانت في البدء جزءا من روسيا في اطار الاتحاد السوفياتي السابق، قبل ان يتم إلحاقها باوكرانيا عام 1954. وهي ما تزال تأوي الاسطول الروسي في البحر الاسود في منطقتها التاريخية، في مدينة سيباستوبول المطلة على البحر.
 
تصاعد التوتر في القرم واستفتاء على مزيد من السلطات في 25 أيار يانوكوفيتش يطلب حماية موسكو والأطلسي يحضّها على عدم التصعيد
النهار... (و ص ف، رويترز، أ ب)
سيطر أمس مسلحون على مبنى البرلمان في منطقة شبه جزيرة القرم في أوكرانيا ورفعوا عليه العلم الروسي، وهو ما أثار قلق السلطات الجديدة في كييف التي حضت موسكو على عدم إساءة استغلال حقوق استخدام القاعدة البحرية الروسية في سيباستوبول من طريق نقل قوات.
اقتحم عشرات من المسلحين صباح أمس مبنى الحكومة والبرلمان في سيمفيروبول، عاصمة شبه جزيرة القرم الناطقة الروسية في جنوب اوكرانيا، ورفعوا عليهما العلم الروسي، ومنعوا الموظفين من الوصول اليهما.
وصرح النائب سيرغي كونيتسين رئيس الوزراء السابق في القرم والعضو في حزب بطل العالم السابق للملاكمة فيتالي كليتشكو ان المسلحين "مدربون تدريباً جيداً، ومجهزون ببنادق دقيقة ولديهم ذخائر تكفي شهراً كاملاً"، موضحاً انه أمضى الليل على الهاتف مع اقربائه في القرم.
وبعد ظهر أمس، صوت برلمان القرم المؤيد لروسيا، على تنظيم استفتاء في 25 ايار لمنح شبه الجزيرة مزيداً من السلطات.
ويصادف 25 ايار يوم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في اوكرانيا.
وشبه جزيرة القرم التي تسكنها غالبية من الناطقين الروسية في جنوب اوكرانيا، كانت جزءا من روسيا في اطار الاتحاد السوفياتي، قبل ان تلحق باوكرانيا عام 1954 ، وهي تشهد اضطرابات انفصالية تفاقمت منذ اطاحة يانوكوفيتش.
"استنفار"
وردت سلطات كييف الجديدة بحدة على التطورات في جنوب البلاد.
واعلن وزير الداخلية في الحكومة الموقتة ارسين افاكوف وضع قوات الشرطة، بما فيها القوات الخاصة، في حال استنفار لتفادي وقوع "حمام دم بين السكان المدنيين" و"تطور الوضع الى مواجهات مسلحة".
وحذر الرئيس الاوكراني الموقت الكسندر تورتشينوف موسكو من اية محاولة لتحريك اسطولها المتمركز في مدينة سيباستوبول المجاورة.
وقال أمام البرلمان خلال جلسة كان مقرراً اساسا ان تخصص لتثبيت الحكومة الجديدة: "اتوجه الى قادة اسطول البحر الاسود: على جميع العسكريين ان يلزموا المواقع المحددة في الاتفاقات. ان اية تحركات لقوات مسلحة سيعتبر عدوانا عسكريا".
واستدعت وزارة الخارجية الاوكرانية أيضا القائم بأعمال السفير الروسي في كييف بسبب موقف موسكو من الأزمة.
رد موسكو
وردت روسيا بتأكيد احترامها الاتفاقات الموقعة مع اوكرانيا في شأن الاسطول الروسي في البحر الاسود.
ونقلت الوكالات الروسية للانباء عن المكتب الاعلامي لوزارة الخارجية الروسية انه "في ما يتعلق بالتصريحات المتصلة بانتهاكات روسيا لاتفاقات في شأن الاسطول في البحر الاسود، نعلن أن الاسطول الروسي في البحر الاسود يطبق في الوقت الحالي الصعب تطبيقا صارما الاتفاقات ذات الصلة"، لافتاً الى ان "تحرك بعض قطع اسطول البحر الاسود جرى وفقاً للاتفاقات ولم يكن يحتاج الى اية موافقة".
ولاحقاً، قالت الوزارة في بيان إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اقترح التعاون مع موسكو لحل أزمة أوكرانيا خلال اتصال هاتفي مع نظيره سيرغي لافروف. وأوضحت أن لافروف أكد ضرورة ضمان تنفيذ اتفاق السلام في أوكرانيا الذي توسط فيه الاتحاد الأوروبي ووقعه يانوكوفيتش قبل فراره من العاصمة الأوكرانية السبت.
يانوكوفيتش
وعاد الرئيس السابق الذي توارى تماما عن الانظار منذ اقالته في البرلمان السبت والمطلوب في اوكرانيا بتهمة ارتكاب جرائم "قتل جماعي"، الى الظهور عبر وسائل اعلام روسية ليطلب من موسكو حمايته في وجه "المتطرفين". وقد اعلنت موسكو استجابتها هذا الطلب.
وقال يانوكوفيتش في بيان "الى الشعب الاوكراني" نقلته الوكالات الروسية للانباء": "لا أزال اعتبر نفسي الرئيس الشرعي للدولة الاوكرانية... كل ما يجري حاليا في برلمان اوكرانيا، ويا للأسف، غير شرعي" مشددا على غياب عدد كبير من نواب حزب المناطق الذي يرأسه عن المجلس. وأضاف: "أرى نفسي مرغماً على ان اطلب من سلطات روسيا الاتحادية ضمان حمايتي الشخصية في وجه الاعمال التي ينفذها متطرفون". ولاحظ "أننا نشهد في شوارع عدد كبير من مدن بلادنا انفلاتا للتطرف، وثمة تهديدات جسدية موجهة الي شخصيا والى انصاري".
وأوردت وكالات روسية للانباء أن يانوكوفيتش سيعقد اليوم مؤتمراً صحافياً في مدينة روستوف على الدون الروسية على الحدود مع أوكرانيا.
حلف شمال الأطلسي
وفي ظل تصعيد في التوتر بين السلطات الجديدة لكييف والعناصر الموالية لروسيا في اوكرانيا، جدد الغرب تعبيره عن مخاوف من تفاقم الوضع. ودعا حلف شمال الأطلسي موسكو إلى عدم الاقدام على أية خطوات من شأنها "تصعيد التوتر أو التسبب بسوء تفاهم".
وحض وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل موسكو على التزام الشفافية في المناورات العسكرية على حدود اوكرانيا". وقال في مؤتمر صحافي في مقر الحلف إن الولايات المتحدة تتوقع من الدول الأخرى أن تحترم سيادة أوكرانيا وتتجنب الأعمال الاستفزازية، و"لهذا أتابع عن كثب المناورات العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية والتي أعلنوا عنها أمس (الاربعاء) ... أتوقع من روسيا الشفافية في شأن هذه النشاطات، وأحضها على ألا تتخذ أي خطوات قد يساء تفسيرها أو تؤدي إلى تقديرات خاطئة في وقت بالغ الحساسية".
ووصف وزير الخارجية البولوني رادوسلاف سيكورسكي سيطرة رجال مسلحين على مباني الحكومة في منطقة القرم بأنه "لعبة خطرة جدا". وقال في مؤتمر صحافي: "هذه خطوة عنيفة وأحذر من قاموا بها ومن سمحوا لهم بهذا لان هذه هي الطريقة التي تبدأ بها الصراعات الاقليمية."
وفي لندن، حض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل موسكو على "الوفاء بوعدها" و"احترام وحدة أوكرانيا وسلامة اراضيها وسيادتها"، مشيرا الى ان "روسيا قطعت هذا الوعد ومن المهم ان تفي بالتزامها. العالم يتابع الوضع عن كثب".
الحكومة الجديدة
في غضون ذلك عين البرلمان الاوكراني بالاجماع أرسيني ياتسينيوك (39 سنة) المؤيد لأوروبا رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية الانتقالية التي دعيت لتولي قيادة البلاد قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة.
وياتسينيوك العضو في حزب يوليا تيموشنكو ملهمة "الثورة البرتقالية" والتي افرج عنها السبت من السجن، كان وزيرا للاقتصاد والخارجية.
وفي خطاب ترشحه، لم يقلل ياتسينيوك حجم المهمة التي تنتظره وتحدث عن ضرورة تأليف "حكومة انتحاريين" بسبب الاجراءات القاسية التي لن تلقى شعبية وستضطر الى اتخاذها، مؤكدا ان "اوكرانيا ترى مستقبلها في اوروبا عضواً في الاتحاد الاوروبي". واوضح للنواب ان "الخزينة العامة فارغة، كل شيء سرق. لا اعد بتحسن لا اليوم ولا غدا. هدفنا الرئيسي هو اعادة الاستقرار الى الوضع. فالدين العام بات حاليا 75 مليار دولار. عام 2010 عند وصول يانوكوفيتش الى الحكم كان اقل بكثير".
وتشهد اوكرانيا وضعا ماليا خطيرا اذ اعلن وزير المال فيها حاجتها الى 35 مليار دولار على سنتين.
واعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ان الصندوق تسلم من كييف طلبا رسميا للمساعدة بعد تعيين رئيس وزراء جديد، وانه على "استعداد للاستجابة" لهذا الطلب.
وتحدث ياتسينيوك أيضاً عن الوضع في جمهورية القرم، قائلاً ان "وحدة اراضينا مهددة، نحن نشاهد بوادر انفصالية في القرم ... اقول للروس لا تواجهونا، فنحن اصدقاء وشركاء".
 
غرف عمليات مشتركة واسلحة نوعية لمساعدة الثوار...ماذا يجري على الحدود الأردنية ـ السورية؟
الجمهورية...
حكي كثيرا في الايام الاخيرة عن سيناريو وعملية اعداد لهجوم عسكري كبير لقوى المعارضة السورية انطلاقا من جنوب سوريا قرب الحدود الاردنية، وعن تشكيل غرفة عمليات مشتركة في الاردن للاشراف على سير المعارك، ويأتي هذا في ظل كلام عن تحول الاردن القاعدة الجديدة لعمليات المعارضة السورية بدل تركيا التي اقفلت حدودها جزئيا، وبدأت تعيد انتشارها بعد الانعكاسات السلبية للحرب السورية على الحياة السياسية التركية، كما يأتي بعد اجتماع سري قبل اسبوعين جمع مسؤولين اميركيين ومسؤولي اجهزة الاستخبارات في الدول العربية المؤيدة للمعارضة في واشنطن لمناقشة سبل معالجة الازمة السورية في ظل الانباء عن اعادة الادارة الاميركية النظر في سياستها حيال الحرب السورية وتجدد دعمها العسكري للمعارضة السورية المعتدلة عقب فشل مؤتمر "جنيف-2".
 ويتضح ان الهجوم الذي يجري الاعداد له هدفه تحقيق انجازات عسكرية للمعارضة وخصوصا للجيش السوري الحر بعد ان تراجعت قوته بسبب اعاقة الامدادات له وتزايد قوة الجماعات الاسلامية المسلحة وتجبر النظام السوري على العودة الى طاولة المفاوضات ومناقشة مسألة الحكومة الانتقالية، كما يهدف الهجوم استنادا الى المعارضة الى انشاء نوع من منطقة امنية خاضعة لقوى المعارضة السورية بالقرب من الحدود مع الاردن، وفي رأي عدد من المراقبين ان اقالة القائد السابق للجيش السوري الحر اللواء سليم ادريس وتعيين العميد عبدالاله البشير خلفا له تدخل في سياق الاعداد للهجوم المنتظر الذي سينطلق من درعا جنوبا في اتجاه العاصمة دمشق، ووفق هذا السيناريو فان الهدف الان هو ضرب الجماعات المتطرفة وبالتزامن مع ذلك ستقوم قوات مثل جبهة ثوار سوريا، بعمليات نوعية ضد النظام السوري بهدف دفعه للتراجع عن التعنت السياسي وتقديم تنازلات في جنيف.
عملية تسليح ثوار الجبهة الجنوبية في سوريا لن تصب الا في اطار حرب استنزاف بين الطرفين الجيش السوري والجيش الحر ومن المستبعد ان يتمكن الثوار من الوصول الى دمشق في حال تم تزويدهم بالاسلحة، و"جبهة النصرة" ستثتمر تحرك ثوار سوريا ضد النظام لتوسيع نطاق عملها في الجنوب اذ ان "جبهة النصرة" تدرك تماما ان الاميركيين لا يرغبون الا في دعم الجماعات الاكثر اعتدالا وان تم استخدام "النصرة" تكتيكيا ضد "داعش"، فانها تعلم انها غير مقصودة بالدعم الاميركي وان هذا التحالف سيمتد اليها كونها في النهاية جزءا من تنظيم القاعدة، مع التشكيك في قدرة الحلف الجديد الجماعات المقاتلة المعتدلة على تشكيل كتلة عسكرية مسلحة قادرة على تغيير المعادلة في سوريا.
وفي حال صدقت التوقعات مع هذا التقييم، سيكون على الجيش السوري ان يخوض معركة معقدة التركيب مع فصائل تضم قوميات مختلفة وتحارب بدعم اقليمي - دولي، اما في حال صدقت الشائعات بحرب تشن من الجنوب، فان معركة الجيش تستمر في مواجهة ذات العدو المركب، لكن انطلاقا من خط الاسناد الاردني، والاخير ايضا لم تنظر اليه الحكومة السورية يوما باعتباره حليفا اقليميا.
ويتخوف محللون اردنيون من امكانية ان يؤدي دعم الاردن للمسلحين المعتدلين الى اندلاع حرب اقليمية سترتد على عمان حيث يمكن للسلفيين الجهاديين في الاردن الاستفادة من قوة نظرائهم في سوريا كما قد تتعرض البلاد لهجمات من تنظيم القاعدة جرا دعم الاردن للجماعات المعتدلة في سوريا.
ويرون ان خيار تسخين الجبهة مع سوريا قد يكون ثمنه باهظا لانه قد يدفع سوريا الى مهاجمة الاردن او العبث بأمنه من خلال تحريك الخلايا النائمة ودفع مجموعات مسلحة للعمل ضد الاردن، كذلك فان عدم التورط في العملية العسكرية التي يجري الاعداد لها يبدو صعبا لان الاردن لا يستطيع ان يقف متفرجا على النيران المشتعلة على حدوده، ناهيك عن انه لا يستطيع ان يتجاهل الضغوط التي يمارسها حلفاؤه عليه، والمؤشر الاول الى هذا الارباك ان الحكومة الاردنية بدأت اخيرا غلق جميع المعابر غير الشرعية بين محافظة درعا السورية ولواء الرمثا الاردني شمال المملكة، وذلك لاسباب بررت بانها امنية، فيما تم ابقاء المعابر مفتوحة بين محافظتي السويداء السورية والمفرق الاردنية شرق البلاد، ليعبر من خلالها يوميا مئات اللاجئين الفارين من الحرب الطاحنة في بلدهم.
دمشق تتوقع تصعيدا لكن مع انتفاء اليقين بوجهة التصعيد المحتملة ورفض القبول بما يروجه الاعلام بطرق مختلفة على انه بات محسوما، والمقصود جبهة الجنوب انطلاقا من حوران وبدءا من الاردن، والحديث الان عن غزوة جديدة لدمشق عبر الجبهة الجنوبية يثير مخاوف بان ما يتم التحضير له قد يكون في سبيل المراوغة العسكرية والاستخباراتية على الاقل وان الهدف هو الاستحواذ على منطقة اخرى او ان تكون بوابة الهجوم مختلفة عن المروج لها.
وخلافا لما تبدو عليه صورة الواقع الميداني في سوريا، فان ثمة جبهات عديدة قابلة للاشتعال بقوة وان بصورة قد لا تخلق بالضرورة واقعا جديدا وتركز وسائل الاعلام على كلام وتقديرات المحللين بوجود خط الغزو المفتوح عبر سهل حوران باتجاه غوطة دمشق لمسافة لا تزيد على 90 كيلومترا في الوقت ذاته يبدو المشهد في القسم الممتد بين جوبر الموجود في بساتين تلك المنطقة واحيانا القدرة على الاتصال عبر البادية السورية بمناطق اخرى مع الاشارة الى ان قسما كبيرا من القوات المنظمة في تلك المنطقة تتبع لقيادة واحدة ونفوذ الجبهة الاسلامية.
 
سياسة الإصلاحات الأميركية في المنطقة العربية: بين القيم والمصالح
الحياة...منى سكرية... * صحافية لبنانية
كان بإمكان عبد الغني نصر علي الشميري، اختصار حوالى مئتي صفحة من مجموع صفحات كتابه الـ 528، والصادر حديثاً عن «منتدى المعارف» في بيروت بعنوان «سياسة الإصلاحات الأميركية في المنطقة العربية: بين القيم والمصالح»، بالنظر الى تشابه وتكرار نماذج الأفكار التي تصدى لها في مؤلفه لتثبيت فحوى ما أراد، والقاضي بتغليب الولايات المتحدة الأميركية لمصالحها على حساب قيم الديموقراطية التي تنادي بها، إذا ما تضاربت مع تلك المصالح.
ليس في الإشارة السابقة ما ينتقص من تأكيد ما هو مؤكد حول سياسة أميركا المنحازة لمصالحها، وبخاصة في المنطقة العربية، وإنما من حاجة تكثيف المضمون، وشطب التكرار.
ولو استعرضنا العناوين الفرعية، لأدركنا تشابهها، وتماثل العديد من الفقرات ذات المحتوى الواحد في المتن، إضافة لمسارعة الشميري مناقشة «السياسة الأميركية والربيع العربي» (من ص457 الى 500)، بعد أن كان الكتاب أطروحة دكتوراه (ص24)، فبدت هذه الإضافة وكأنها لازمة زجلية، أو ترويج إعلاني لا بد من الوقوف عنده، مهما بلغت القدرة في قراءة تلك السياسة وذاك الحدث، بالرغم مما يزال يختمره من تشكلات، واختلاطات، وتأثيرات خارجية، وانبعاثات غير نهائية.
يتميز الكتاب بالكم الوافر من توثيق تصريحات باتت معروفة، أدلى بها قادة كبارأميركيون، وبعض ما جاء فـي دراسـات كبريات مراكز الأبحاث الأميركـية، ومثلـها ما ورد في إصـدارات ومؤلفات لباحثين عرب وأجانب، وأيضاً في تذكيره بالمبادرات الأميركية في هذا الشـأن (الشـرق الأوسـط الكـبير العام 2004، ومبادرة كولن باول العام 2002 الخ)،بما يؤكد تذبذب السياسة الأميركية تاريخياً بمحاربة أي إجراء إصلاحي في الوطن العربي، وإن نادت به علناً، بحجة مفادها تضاد الديموقراطية مع البيئة الثقافية العربية-الإسلامية، مع تدخل المؤلف بتصنيف دول المنطقة بين حليف لأميركا ومعادٍ لها، من دون التطرق الى الوجود العـسـكري الأمـيركي في قاعدة عيديد في قطر!، ولا الى الدور القطري في زمن ما سـمـي الربيـع العربي (ننـصح بـقراءة حـديث رئيـس الحكومة الانتقالية في ليبيا محـمود جـبـريل لــ «الحـياة»)، واكتفـائـه - أي الشميري - بالتنويه بما تتمتع قطر به من حريات كفلها الدستور(؟!).
استبعاد التحول الديموقراطي
في القسم الأول من الكتاب بعنوان «الإصلاحات السياسية في المنطقة العربية»، تناول مفهوم الإصلاح السياسي، وتعدد تعريفات المصطلح، وإشارته إلى عدم تسجيل أي نظام عربي منذ مرحلة الاستقلال لأي مبادرة إصلاح أو انفتاح سياسي(ص50)، مبرزاً للخصائص المشتركة بين أنظمة الحكم العربية ومنها: أزمة الشرعية، هشاشة الدولة لأن الولاء للعشيرة أو القبيلة أو الطائفة، غياب التعددية السياسية، ضعف المعارضة، الاستبداد والقابلية به، شارحاً أسباب هذه الحالة المستدامة بوصفها أبرز معوقات أي إصلاح سياسي للوصول الى التحول الديموقراطي، لأن ركيزة الاستبداد تكمن في الأنماط والمؤسسات التي تديرها الأنظمة بالتعاون مع القوى الخارجية.(ينقل من كتاب المنصف المرزوقي نقده الاستبداد العربي ولكن لم يشر إلى ممارسته السلطة عندما صار رئيساً لتونس بعد ثورتها).
وإذ يستبعد الشميري عدم نجاح أي شكل من أشكال التحول الديموقراطي بسبب البيئة الثقافية السياسية السائدة، وفي حقيقة الصراع بين الدين والدولة ببعده التاريخي، فإنه يستكمل تعرية انعدام هذا النجاح بتسليطه الضوء على العوامل الخارجية أيضاً، والبداية مع تجربة مصر المبكرة كتجربة واعدة العام 1860 والتي أسقطها الاحتلال العسكري البريطاني العام 1882، وللإرث الاستعماري التقسيمي والاستغلالي، وزرعه الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، وإستراتيجية أميركا في المنطقة.
تتميز المنطقة العربية بجغرافيا طبيعية وبشرية وثروات، وتنوع أثني وديني، ما جعلها مسرحاً للصراع الإقليمي والدولي، وزاد من حدتها ضمانة أميركا أمن إسرائيل وحماية تدفق النفط، هذا ما يؤكده المؤلف في معظم صفحات كتابه... يقول لقد حرصت أميركا على تقوية نفوذها بأشكال مختلفة في العالم العربي، واعتـمدت إســتراتيجية الإسـقاط التدريجي للـمجال الحيوي العربي، بدءاً من الاحتواء والسيطرة غير المباشرة، إلى الاحتلال المباشر (حالة العراق)، والإسقاط النهائي من طريق خلق أزمات جديدة (ص219)، فأطلق على مرحلة ما بعد العام 90 في العلاقات العربية- الأميركية مرحلة ثنائية الأمن العسكري - الاقتصادي، وإستراتيجية تبعية الأنظمة الحاكمة لها، وعممت ثقافة فوبيا الإسلام بعد إسقاطها خطر الشيوعية (موقفها الرافض لفوز حركة حماس بانتخابات تشريعية ما لم تعترف بإسرائيل، ومنها أيضاً وعلى سبيل المثال دعمها حركة طالبان للوصول إلى السلطة العام 96 في أفغانستان «لأنه وفقاً لبريجنسكي أن المهم من منظور التاريخ سقوط الإمبراطورية السوفياتية أكثر من مجيء طالبان»، وعندما انتـفت الحـاجـة تذكـر بـوش الابن حقوق المرأة في كابول (ص408-409،)، لكن هدفها الأول والأخـير تجـسد في حمـاية مـصالحها الاقـتصادية والسـياسية وتجـلى في استمرار تدفق النـفـط، تأمـيـن الـممرات المائية، حماية أمن إسـرائيل، واعـتـبـار المنـطقة وبخـاصـة دول الخـلـيج سـوقاً استـهلاكية لبـضـائـعها.(ص 260).
لسانهم أدانهم
يفرد في القسم الثاني لسياسة أميركا والديموقراطية في المنطقة فصلين عن محددات الإصلاح السياسي الأميركي، وواقع الإصلاحات الأميركية بين القيم والمـصـالح، فـيـؤكد أن مشروع الشرق الأوسط الـجـديد إنـما صـيغ بـما يتـسـق مع مصالح الأمن القومي الأمبراطوري الأميركي، مع ثبت مـتـعـدد ومتـنـوع لمـقولات ودراسات أولبرايت، ومؤسسـة رانـد للأبحـاث، وخـطـة كـيركـباتـريـك، وبريجنسـكي، وكـونداليزا رايـس، وفـوكـويـامـا، وكـيسـينـجر، وبوش الابن، ووثـائـق الأمـن الـقـومـي الأميركي ما بعد 11 أيلول، وبرنامج كولن باول الذي صنف الأنظمة العربية التي عليها إجراء إصلاحات بنفسها، وتلك التي يتم فرض الإصلاحات عليها بالقوة وهي سورية وليبيا والعراق، والمجموعة التي تكتفي أميركا بإرسال خبراء لها، وتلك التي تقبل الشراكة المحددة ومنها قطر والأردن، بما يتطابق مع تناقض قيم أميركا بالترويج لنشر الديموقراطية والعمل على تثبيت مصالحها الممثلة بالنفط وأمن إسرائيل.
أما محاربة الإرهاب فقد بات أحد محددات السياسة الأميركية (ص395) وليس نشر الديموقراطية في المنطقة، وهو ما يصب في خانة أولوية الأمن بالنسبة لأميركا، أكثر من الإصلاح السياسي ونشر الديموقراطية، ليخطو ناحية مرحلة اوباما والتي رأى الشميري أن دعمه للإصلاح السياسي أقل وضوحاً (ص443)، وأن سياسة أميركا سواء مع الديموقراطيين أو الجمهوريين تبقى في إطار إحكام السيطرة على النفط، وحماية أمن إسرائيل (ص448) في حين إنها اعتمدت فن سياسة تكتيك الفعل واللحظة مع الربيع العربي (ص501)، مستبقاً الإدارة الأميركية باستشرافه ملامح إستراتيجيها في ظل ثورات الربيع العربي ( مصطلح أطلقه الصحافي الأميركي توماس فريدمان وفقاً لمحمود جبريل لـ «الحياة»)، فيتنبأ الشميري إنها ستتعامل مع كل واحدة بشكل منفرد لضمان مصالحها، وستعتمد إستراتيجية تغيير ديموقراطي طويلة الأجل في دول الخليج ما عدا البحرين(؟) والاستمرار في احتواء إيران وعزلها عن العالم طالما استمرت في طموحاتها النووية وقمع شعبها (استقراء غاير المعطيات اللاحقة)، واستبدال دعم الأنظمة الديكتاتورية بدعم المجتمع المدني (ص508-509)، (سبق للسفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان أن كشف أمام أعضاء الكونغرس دفعه مبلغ خمسمئة مليون دولار لجمعيات ومؤسسات إعلامية وإعلاميين لتسويق السياسة الأميركية ضد إيران و «حزب الله»، ومثله أعلنت سفيرة أميركا السابقة في القاهرة آن باترسون أمام مجلس الشيوخ عن دفعها 40 مليون دولار خلال أشهر العام 2011 لجمعيات مدنية في مصر - كتاب مصر بعد الثورة عن الدار المصرية - اللبنانية).. لا تعليق؟!
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,716,299

عدد الزوار: 7,001,302

المتواجدون الآن: 74