تقارير..الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط وخيارات الأردن في مجال الطاقة....عوامل التمكين لـ «حزب الله» في أوروبا.....تهديد الميزانية العراقية على الأكراد....التقارير الميدانية حول سوريا والمعارضة..قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجولان تواجه المخاطر والأهوال

يسوعي من "آخر أصقاع الأرض" البابا فرنسيس رأس الكنيسة

تاريخ الإضافة الجمعة 15 آذار 2013 - 6:52 ص    عدد الزيارات 1837    القسم دولية

        


يسوعي من "آخر أصقاع الأرض" البابا فرنسيس رأس الكنيسة

 

 

البابا المنتخب اتصل ببينيديكتوس الـ16 على ان يلتقيه اليوم
صباح اليوم يزور كاتدرائية ماريا ماجوري ليصلي للسيدة العذراء

في دورة الاقتراع الخامسة، انتخب الكاردينال الارجنتيني خورخي ماريو برغوليو (76 سنة) البابا الـ266 للكنيسة الكاثوليكية، فبات الحبر الاعظم الاول يرتقي السدة البطرسية من أميركا اللاتينية، التي تعد أكبر عدد من الكاثوليك وتشعر بأنها لم تنل حقها، والاول من خارج أوروبا منذ أكثر من  ألف سنة. وقد اختار لنفسه اسم فرنسيس تيمنا بالقديس المتواضع الذي عاش في القرن الثالث عشر حياة زهد وفقر، وهو ما  قد يؤشر لرغبته في التغيير داخل الكنيسة.
ونجح هذا اليسوعي المتقشف والمعروف بتواضعه في غزو قلوب المؤمنين حتى قبل أن يروا وجهه. فمع اعلان عميد الكرادلة جان-لوي توران أن البابا الجديد اختار  لنفسه اسم شفيع ايطاليا، اهتزت ساحة بازيليك القديس بطرس بهتافات الحشود وصيحاتهم. وبكلماته الاولى، استحوذ على عقولهم، اذ قال إن الكرادلة ذهبوا "الى آخر أصقاع  الارض"للعثور على أسقف روما، مذكرا بالبابا المحبوب يوحنا بولس الثاني، الكاردينال البولوني الذي قال للحشود الاولى التي أطل عليها عام 1978 أن الكرادلة استدعوه "من بلاد بعيدة".
وكان آلاف من المؤمنين تحدوا البرد والمطر وتجمعوا في الساحة رافعين اعلام بلادهم وصلباناً ومسابح، وعيونهم شاخصة الى المدفأة التي تعلو كنيسة سيكستين ترقباً للدخان الابيض، بعدما كانوا حضروا قبل الضهر وانصرفوا  عندما تصاعد من المدفأة دخان اسود اثر دورتي الاقتراع الثانية والثالثة.
وقرابة الساعة 19:05 بتوقيت روما، 20:05 بتوقيت بيروت ارتفع اخيراً الدخان الابيض، فقوبل بهدير من الهتافات وموجة مدوية من التصفيق وبقرع اجراس الفاتيكان وروما. لكن البابا المنتخب لم يطل عن الشرفة بلباسه الابيض الا بعد اكثر من ساعة، وبعدما اعلن عميد الكرادلة الفرنسي جان - لوي توران بصوت مرتجف ان "عندنا بابا".
وتنتظر البابا الجديد تحديات كبيرة من احتجاجات داخلية الى اضطهاد للمسيحيين حول العالم الى قضايا اخلاقية وتجاوزات اخرى تشهدها الكنيسة.
وبرغوليو  الذي شكل انتخابه أمس خلفا للبابا المستقيل بينيديكتوس الـ16 مفاجأة، يسوعي يصنف معتدلا وذا منحى اصلاحي.
واستناداً الى المعلومات التي تسربت عن المجمع الانتخابي السابق عام 2005، حل ثانيا بعد جوزف راتسينغر الذي صار البابا بينيديكتوس الـ16.
وهذا الرجل الخجول والقليل الكلام اسقف بوينس ايرس ورئيس اساقفة الارجنتين، يحظى باحترام كبير بين اقرانه الذين يقدرون اندفاعه ونمط عيشه المجرد من اي تباه.
وعام 2010، عارض بقوة قانونا يشرع الزواج بين المثليين في الارجنتين حيث الاجهاض محظور. وحمل ايضا على الحق في تغيير الجنس في سجلات الاحوال الشخصية.وعلى رغم المواجهات الحادة بينه وبين سلطات بلاده، رحبت الرئيسة الارجنتينية كريستينا كريشنر أمس بانتخابه وتمنت له "حبرية مثمرة".
وفي ايلول 2012، انتقد الكهنة الذين رفضوا منح سر العماد للاطفال المولودين خارج الزواج، واصفا اياهم بانهم "منافقون"
وفي ظل الديكتاتورية العسكرية في الارجنتين (1976-1983)، ناضل للحفاظ على وحدة الحركة اليسوعية، الا أن ثمة من يأخذ عليه عدم بذله جهودا كبيرة في الدفاع عن حقوق الانسان.
 واجرى البابا الارجنتيني الجديد  مساء الاربعاء اتصالا هاتفيا بسلفه على أن  يلتقيه  اليوم. وفي مؤتمر صحافي مقتضب، صرح الناطق باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي بان الزيارة الاولى التي سيقوم بها البابا الجديد ستكون صباح اليوم لكاتدرائية سانتا ماريا ماجوري في روما ليصلي  للسيدة العذراء.وقال إنه سينصب الثلثاء المقبل في قداس يحضره عادة رؤساء الدول والحكومات.

 

الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط وخيارات الأردن في مجال الطاقة

معهد واشنطن..سايمون هندرسون و ديفيد شينكر
في الوقت الذي يتأهب فيه الرئيس أوباما لزيارته للأردن وإسرائيل والضفة الغربية المقررة الأسبوع القادم، تستعد عمّان لاختيار المسؤول عن بناء أولى محطاتها للطاقة النووية. ففي عدد السابع من آذار/مارس لصحيفة "الفاينانشال تايمز"، أشار رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية خالد طوقان أن المملكة ستختار الشهر القادم ما بين عطاءات مقدمة من كونسورتيوم روسي أو فرنسي- ياباني لبناء مفاعلين نوويين بقدرة 1000 ميجاوات بتكلفة تقدر بـ 15 مليار دولار. كما صرح أيضاً أن عمّان لن تقبل الرضوخ لأي قيود أمريكية بشأن تخصيب وقود اليورانيوم اللازم للمحطتين.
تمثل خطط الأردن تحدياً وفرصة لواشنطن في نفس الوقت. فالتحدي هو تقليل خطر انتشار الأسلحة النووية، وهي قضية بالغة الأهمية بالنسبة للرئيس أوباما. أما الفرصة فتتمثل في مساعدة الأردن في تحديد خيار أفضل لتوليد الكهرباء، والذي قد يتضمن شراء الغاز الطبيعي من حقول غاز قبالة ساحل البحر المتوسط لكل من إسرائيل وغزة.
وخلال زيارتها لعمّان في السادس من آذار/مارس، صرحت نائبة المدير العام لـ "صندوق النقد الدولي" نعمت شفيق أن "الطاقة تمثل مصدر قلق للاقتصاد الأردني، حيث أنها موطن ضعف كبير للأردن". ولا شك أنها محقة من الناحية التاريخية. حيث تستورد المملكة 97 بالمائة من طاقتها كما أنها تضررت بشدة من الانخفاض الحاد في إمدادات الغاز المصري منذ عام 2011. ونتيجة لذلك اضطرت محطاتها إلى شراء المزيد من وقود الديزل بأسعار أكثر ارتفاعاً من السوق العالمية مما أسهم في حدوث عجز بالميزانية يقدر بثلاثة مليارات دولار لعام 2012، بما يعادل ثلث الإنفاق السنوي للحكومة.
ومما زاد الأمر سوءاً أن عمّان أُجبرت على إجراء إصلاحات قاسية في الميزانية (مثل تخفيض الدعم المقدم للوقود والغذاء) في الشهور الأخيرة بغية الوفاء بشروط الاتفاق المبدئي المبرم مع "صندوق النقد الدولي" للحصول على قرض بقيمة ملياري دولار، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية وتسبب في حالة من عدم اليقين السياسي. وقد عين الملك عبد الله منذ وقت قصير سادس رئيس وزراء له في سنتين. ولضمان الإفراج عن الدفعة القادمة من قرض "صندوق النقد الدولي" بقيمة 500 مليون دولا أمريكي تقريباً في نيسان/أبريل، يتعين على المملكة رفع تسعيرة الكهرباء، وهي الخطوة التي ستتسبب بكل تأكيد في اندلاع المزيد من الاضطرابات.
وعلى عكس جيرانها، لا تمتلك الأردن سوى القليل من احتياطات الطاقة المحلية. ورغم أن الترسبات الكبيرة للسجيل النفطي تتيح إمكانية اكتشاف ثروات في المستقبل إذا تم التغلب على العوائق الفنية والتجارية، إلا أن المملكة تعتمد حالياً على واردات النفط الخام من العراق. وأفادت بعض التقارير أنه تم التخطيط لبناء خط أنابيب رئيسي يمتد من العراق إلى ميناء العقبة الأردني الذي يطل على البحر الأحمر بطاقة تبلغ مليون برميل يومياً. كما ستكون المملكة عميلاً طبيعياً للغاز الطبيعي العراقي إلا أن وتيرة هذا التطور قد تباطأت جراء المماحكات السياسية الجارية الآن في بغداد. وقد طُرحت خيارات أخرى من بينها إعادة تشغيل خط الأنابيب النفطي الممتد من المملكة العربية السعودية واستيراد الغاز الطبيعي السائل من قطر. وفي إطار حرصهم على تفضيل الاستقلال في مجال الطاقة، روج مسؤولون أردنيون بشدة لتبني العديد من خيارات الطاقة المتجددة في الآونة الأخيرة رغم أن إمكانية نجاح هذه الجهود لسد الفجوة لا تزال محدودة على أفضل تقدير.
وفي نفس التوقيت، ستتجلى احتمالات تصدير إسرائيل للغاز إلى المملكة في وقت لاحق هذا العام بمجرد أن يبدأ حقل "تمار" البحري الضخم في الإنتاج. وتنظر إسرائيل إلى الأردن والأراضي الفلسطينية كعملاء تصدير من الدرجة الأولى لأن توصيل الغاز إليهم لن يتطلب سوى إضافة أميال قليلة لخط الأنابيب في الوقت الذي تتسم فيه خياراتها التصديرية الأخرى بالتعقيد، حيث تتضمن إنشاء خطوط أنابيب طويلة تسير تحت البحر أو إنشاء محطات غاز طبيعي سائل باهظة التكلفة. ومع ذلك فإن فكرة شراء الغاز من إسرائيل تظل تنطوي على بعض الحساسيات في الداخل الأردني على الرغم من ازدهار التجارة الثنائية بين البلدين فضلاً عن معاهدة السلام المبرمة بينهما منذ وقت طويل. وأوضحت عمّان أن المحادثات جارية مع إسرائيل بشأن تزويد محطة البوتاس في المملكة بالغاز، لكن رئيس المحطة نفى أي اتصالات من هذا القبيل.
كما أن إنشاء طريق لنقل الغاز بين إسرائيل والأردن سيزيد من احتمالية الاستفادة من الغاز غير المستغل المُستَخرج من قبالة ساحل غزة. ويمكن استغلال جزء من هذا الغاز في قطاع غزة نفسه بحيث يحل محل الوقود الملوث المستخدم في تشغيل محطة الطاقة المحلية، لكن يمكن بيع باقي الإنتاج إلى الأردن. ولو قُدِّر للمحادثات أن تسير على هذا النحو، فستظهر مشكلة حول كيفية ضمان تدفق العائدات التجارية إلى السلطة الفلسطينية في رام الله بدلاً من أن تصل إلى أيدي مسؤولي «حماس» الذين يسيطرون على قطاع غزة.
لقد أوضحت واشنطن لعمّان بالفعل أنها تعارض تطوير المملكة للطاقة النووية، لا سيما أي خطط لتخصيب اليورانيوم. هذا وتعد زيارة الرئيس أوباما القادمة فرصة مثالية لإظهار الدعم للتعاون الإقليمي الذي من شأنه أن يضع حلولاً لمشاكل الطاقة التي تواجهها الأردن. وهذه أيضاً فرصة لمجابهة الخطاب السياسي -- والأفكار السيئة -- التي تُعيق الحلول المنطقية للطاقة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن. ديفيد شينكر هو زميل أوفزين ومدير برنامج السياسة العربية في المعهد.
 
عوامل التمكين لـ «حزب الله» في أوروبا
معهد واشنطن...ماثيو ليفيت
يستضيف رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر هذا الأسبوع نظيره الفرنسي جان مارك ايرول الذي يقوم بأول زيارة رسمية له إلى كندا منذ توليه المنصب في أيار/مايو الماضي. ويوفر هذا الاجتماع فرصة مناسبة لأوتاوا كي تطلع باريس على بعض الأمور حول كيفية التعامل مع «حزب الله».
وطالما سعى «حزب الله» إلى الانخراط في أنشطة دعم مالي ولوجستي في كندا. لكن من حسن الحظ أن محققي إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات الكندية تعاملوا مع هذا التهديد بجدية.
فقد حظرت كندا تواجد «حزب الله» على أراضيها منذ عام 2002. لكن ذلك الحظر لم يحدث في فرنسا أو دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام. وفي الواقع أن فرنسا تعارض بقوة حظر تواجد «حزب الله» في أوروبا. لكن مستجدات الأحداث الأخيرة في أوروبا قد تؤدي إلى حدوث بعض التغيير. ويشمل ذلك توصل المحققين البلغاريين إلى أن «حزب الله» كان يقف وراء تفجير حافلة في مدينة بورغاس البلغارية في شهر تموز/يوليو الماضي، وهو الحادث الذي أودى بحياة خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري.
وفي الواقع أن «حزب الله» نشط في أوروبا منذ تأسيس الجماعة الإرهابية في أوائل ثمانينات القرن الماضي، عندما تورط في قائمة طويلة من الهجمات عبر القارة. ورغم أنه واصل جمع الأموال وشراء الأسلحة وتوفير الدعم اللوجستي من أوروبا للهجمات التي خطط تنفيذها في أماكن أخرى، إلا أنه قد مضت أعوام منذ تنفيذ «حزب الله» لآخر عملية له على التراب الأوروبي. كان ذلك هو الوضع حتى حدث التفجير الذي وقع في بورغاس في 2012.
وفي غضون ذلك، اعتقلت السلطات في قبرص عميلاً مشتبه به لـ «حزب الله» قام بجمع معلومات حول السياح الإسرائيليين القادمين إلى قبرص في مخطط مماثل بشكل كبير لذلك الذي أودى بحياة ستة أشخاص بعد أيام قليلة في بلغاريا. وقد أنكر المشتبه به في البداية علاقته بأي نشاط إرهابي، لكنه اعترف لاحقاً بأنه عميل لـ «حزب الله». وكان «حزب الله» قد قام باستغلاله كرسول قبل إرساله في مهمته إلى قبرص، حيث أرسله لتوصيل طرود إلى عملاء «حزب الله» في أماكن مثل تركيا وهولندا وفرنسا.
إن تواجد عملاء لـ «حزب الله» في أوروبا ليس بالأمر المستغرب. فقد أدار «حزب الله» شبكاته عبر أنحاء أوروبا لنحو 30 عاماً. والواقع أن أول هجوم موثق لـ «حزب الله» في أوروبا كان في عام 1983 -- وهو العام نفسه الذي فجّر فيه «حزب الله» [مواقع] القوات الفرنسية والإيطالية والأمريكية في بيروت -- عندما أعلنت "منظمة الجهاد الإسلامي" التابعة لـ «حزب الله» مسؤوليتها عن القنابل التي وُضعت في محطة قطار وعلى متن قطار متجه من باريس إلى مارسيليا. وقد أعقب ذلك في 1984 اختطاف طائرة "تي دبليو إيه" في الرحلة 847 المتجهة من أثينا إلى روما واعتقال عميل لـ «حزب الله» في مطار زيورخ كان يحمل متفجرات في حزام وضعه حول خصره. وفي ذلك الحين كان العميل في طريقه إلى روما، وقد أدى توقيفه إلى اعتقال السلطات الإيطالية لخلية تابعة لـ «حزب الله» بعد ذلك بأسبوعين. وقد شهد عام 1985 حدوث تفجيرات من قبل «حزب الله» في أسبانيا والدنمارك وفرنسا.
وفي الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر 1985 وأيلول/سبتمبر 1986، قام عملاء لـ «حزب الله» بتفجير 15 هدف في باريس باستخدامهم أسماء تمويهية مختلفة. وقد تم تعطيل خلية باريس في النهاية، فقط عندما اعتقلت السلطات الألمانية محمد علي حمادي -- أحد مختطفي طائرة "تي دبليو إيه" الرحلة 847 -- الذي ألقت القبض عليه في مطار فرانكفورت في كانون الثاني/يناير 1987 وهو يحمل متفجرات متجهاً بها إلى باريس. وقد أعقب ذلك وقوع المزيد من الاعتقالات في ألمانيا، ومن بينها اعتقال باسم مكي في عام 1989، الذي كان يخطط لشن هجمات ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية في ألمانيا. وعلى مدار السنوات القليلة التالية، قام عملاء «حزب الله» والقتلة المأجورون الإيرانيون باغتيال المنشقين الإيرانيين في سلسلة من الاغتيالات عبر أنحاء أوروبا.
وفي تسعينيات القرن الماضي، أسّس «حزب الله» وحدة خاصة -- الوحدة 1800 -- كان هدفها دعم الجماعات الإرهابية الفلسطينية ومساعدة عملائها على التسلل إلى إسرائيل لجمع الاستخبارات وتنفيذ هجمات إرهابية داخل الحدود الإسرائيلية. وقد ساعد «حزب الله» مجموعة صغيرة من العملاء على التسلل إلى إسرائيل عبر جنوب شرق آسيا، لكن أوروبا كانت الوسيلة المفضلة للتسلل إلى إسرائيل. وكان بعض العملاء، مثل حسين مقداد، مواطنين لبنانيين ذوي لون بشرة شقراء ويسافرون بمستندات مزيفة. وكان هناك عملاء آخرون، مثل ستيفان سميريك، وهو ألماني اعتنق الإسلام، أو جهاد شومان، وهو مواطن بريطاني، يسافرون إلى إسرائيل عبر أوروبا باستخدام جوازات سفرهم الأوروبية.
ومؤخراً، كشفت التحقيقات التي أجراها "مكتب التحقيقات الفيدرالي" الأمريكي النطاق الواسع لقيام المزورين التابعين لـ «حزب الله» بإنتاج عملة اليورو المزيفة وغيرها من العملات الأوروبية. كما كشف تحقيق آخر عمليات السرقة التي ينفذها «حزب الله» حول العالم وخططه لغسيل وبيع العملات المسروقة، بما في ذلك كرونة سويدية مسروقة بقيمة 2 مليون دولار. كما ظهرت قضية أخرى تورط فيها مواطن يحمل الجنسيتين اللبنانية والألمانية كان يستخدم شركته السلوفاكية للاستيراد والتصدير كواجهة لشراء الأسلحة لصالح «حزب الله»، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف.
وفي ضوء تاريخ «حزب الله» الطويل والدنيء في أوروبا وحقيقة أنه استأنف الآن عملياته العنيفة في أوروبا، فما الذي يتطلبه الأمر حتى توافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على حظر «حزب الله» باعتباره منظمة إرهابية؟ لقد تعهد وزير خارجية قبرص في الصيف الماضي بأنه "لو وُجدت أدلة ملموسة على تورط «حزب الله» في أعمال إرهاب، فإن الاتحاد الأوروبي سينظر في إدراج المنظمة ضمن المنظمات الإرهابية". واليوم أصبحت هناك أدلة ملموسة متوفرة: فقد سافر مفجرو بورغاس عبر رومانيا وبولندا، كما وصل المتهمون إلى قبرص عبر فرنسا وهولندا.
بيد أنه على عكس هولندا وكندا، اللتين صنفتا «حزب الله» كمنظمة إرهابية وجابهتا أنشطته الإرهابية بشكل استباقي، فإن فرنسا لا تزال رافضة لذلك التصنيف، بل هي تحميه فعلياً من أي عمل أوروبي مؤثر. وربما ينتهز السيد هاربر الفرصة لجعل نظيره الفرنسي يفكر في هذه المسألة الهامة بمزيد من العقلانية والجدية.
ماثيو ليفيت هو مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ومؤلف الكتاب الذي صدر مؤخراً «حزب الله»: البصمة العالمية لـ «حزب الله» اللبناني.
 
تهديد الميزانية العراقية على الأكراد
معهد واشنطن...مايكل نايتس
في السابع من آذار/مارس، أقر البرلمان العراقي قانون الميزانية السنوية بأغلبية ضئيلة للغاية لا تتعدى 168 صوتاً، وهو ما يزيد بخمسة مقاعد فقط عن النسبة المطلوبة لتمرير تشريع في مجلس النواب الذي يبلغ عدد مقاعده 325 مقعداً. وبعد شهور من التأخير، وصلت الميزانية في النهاية إلى مرحلة الإقرار وذلك بعد إجراء تنسيق مؤقت بين الكتل السياسية الشيعية الرئيسية، والمنشقين من العرب السنة في الغالب -- الأعضاء في القائمة العراقية العلمانية. وقد جرى تهميش الأحزاب الكردية مما أدى إلى إقرار ميزانية هي الأكثر إضراراً بالأكراد في مرحلة ما بعد صدام. وقد دلل هذا الأمر على أن حكم الأغلبية في العراق المصاب بالهشاشة والضعف في الوقت الحالي يمكن أن يتحول إلى أبشع الصور وأخطرها.
فمنذ عام 2003، أيدت الحكومات العراقية المتعاقبة (المدعومة من الولايات المتحدة) قولاً على الأقل فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية والإجماع الوطني. ورغم أن النظام السياسي للدولة يفسح المجال لكي يكون هناك فائزون بكل شيء وخاسرون لكل شيء ، إلا أن الفطنة توضح أن العراق على درجة عالية من الهشاشة تجعله غير قادر على المخاطرة بإقصاء أي فصيل طائفي أو عرقي أو سياسي هام من الحكومة.وفي البداية كانت مثل هذه الإقصاءات استثنائية وطوعية بشكل عام، مثل مقاطعات مجلس الوزراء واستقالات وزراء من كتلة العراقية ومن كتلة مقتضى الصدر. فمنذ عام 2010، انتقلت حكومة بغداد تدريجياً نحو مفهوم وجود حكومة داخل الحكومة حيث أصبحت كافة المؤسسات الرئيسية في البلاد تخضع لسيطرة رئيس الوزراء نوري المالكي. ولكن ما زال هناك ثمة مجال يتعين على الحكومة تعزيزه لتحقيق نذر يسير من الإجماع الوطني: وهو مسألة التصويت في البرلمان للمصادقة على الميزانية السنوية.
فالطريقة التي حُلت بها أزمة الميزانية الأخيرة تدلل على الحالة المتدنية والخطيرة لمسألة الوحدة العراقية في مرحلة ما بعد صدام فضلاً عن المصالح الأمريكية الأخرى في العراق. ففي تجاهل تام للأكراد، لا تخصص الميزانية سوى 646 مليون دولار أمريكي فقط لاسترداد التكاليف لشركات النفط المتعاقدة مع "حكومة إقليم كردستان" -- وهو الرقم الذي لا يغطي سوى نحو شهرين من قيمة النفط الخام الذي من المقرر أن تقوم أربيل بإمداده هذا العام. وعطفاً على ذلك، تراجعت احتمالات تخصيص مبالغ إضافية لاسترداد التكاليف وذلك بسبب الالتزامات الاستباقية بتوزيع الفوائض الناتجة عن زيادة أسعار النفط عن ما هو محدد في الميزانية على مشاريع الرعاية الاجتماعية. والمحصلة النهائية أنه من المرجح أن لا يصل ما يقرب من 250 ألف برميل يومياً من النفط الخام الذي تصدره "حكومة إقليم كردستان" إلى الأسواق العالمية وهو ما يعد بمثابة انتكاسة للجهود الأمريكية المبذولة لزيادة حجم الإنتاج العراقي ولتعويض الصادرات الإيرانية الآخذة في التراجع فضلاً عن سعيها لتخفيض أسعار النفط بشكل عام.
كما تعطي المادة 10 من التشريع الجديد الحكومة المركزية العديد من المبررات للقيام باقتطاعات من ميزانية "حكومة إقليم كردستان"، التي يأتي معظمها من حكومة بغداد. فعلى سبيل المثال إذا لم تزود "حكومة إقليم كردستان" حصتها البالغة 250 ألف برميل يومياً -- وهو الأمر الذي سيحدث فجوة عميقة في إيرادات الميزانية العراقية المقدرة -- فإن حكومة بغداد تحتفظ بحقها في وقف تمويلها لـ "حكومة إقليم كردستان". كما يمكن أن يتوقف هذا التمويل إذا لم تلتزم أربيل بالخطط الاتحادية الخاصة باستخدام المجال الجوي لـ "حكومة إقليم كردستان" وترددات الاتصالات وخطوط الكهرباء/الهواتف.
فإذا تم ذلك، فإن أي تهديد لخنق "حكومة إقليم كردستان" اقتصادياً قد يدفع تركيا إلى السماح بمرور كميات كبيرة من صادرات النفط التابعة لـ "حكومة إقليم كردستان" عبر أراضيها وبشكل مستقل عن بغداد؛ وهو الأمر الذي تتطلع واشنطن لمنعه. ففي حال تزايد التوترات بدرجة كافية وشعور الأكراد باستمرار تدهور الحوافز المالية التي تشجعهم على أن يظلوا جزءً من العراق، فمن الممكن أن تنشأ حرب ساخنة في الشمال بين القوات الاتحادية وقوات "حكومة إقليم كردستان" وهو الأمر الذي ستكون له آثار سلبية واضحة على وحدة العراق.
لقد فات الأوان للتراجع عن الخطوة الخاصة بالميزانية التي اتخذت في الأسبوع الماضي والتي إن كانت قد استندت إلى نصائح غير سائغة، إلا أنها جاءت قانونية تماماً. بيد أن واشنطن ينبغي عليها ممارسة أكبر ضغط ممكن على حكومة المالكي لعدم المساس بالتمويل الشهري لـ "حكومة إقليم كردستان" ولتحويل الأموال داخل الميزانية الجديدة بغية توفير الأموال الكافية لاسترداد التكاليف لـ "حكومة إقليم كردستان". والمسار الذي ينبغي اتباعه لتحقيق هذا بسيط ومقنع: فبمساعدة "حكومة إقليم كردستان" ستحصل الحكومة في بغداد على المزيد من الإيرادات لإصلاح قطاع الكهرباء المتعثر التي تعاني منه البلاد والذي سيكون بمثابة المحرك الرئيسي للاحتجاجات المناهضة للحكومة في كافة الأقاليم الشيعية الهامة تزامناً مع بدء انقطاع التيار الكهربائي في فصل الصيف. وعلى النقيض من ذلك، فإن التهديد بمسألة تمويل "حكومة إقليم كردستان" سيعطي الأكراد وتركيا فرصة لتبرير إقامة علاقات ثنائية أوثق.
مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن.
 
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجولان تواجه المخاطر والأهوال
ديفيد شينكر, مايكل هيرتسوغ, أندرو جيه. تابلر, و جيفري وايت
في 6 آذار/مارس، تم اختطاف واحد وعشرين جندياً فلبينياً منتشرين ضمن "قوة مراقبة فض الاشتباك" (الأندوف) أثناء خروجهم في دورية روتينية في المنطقة السورية منزوعة السلاح بمرتفعات الجولان. وتم إطلاق سراحهم بعد تاريخ كتابة هذا المقال، وأفادت التقارير أنه لم يلحق بهم أي مكروه. يشار إلى أن هذا الحادث هو الأخير في سلسلة من الهجمات ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن ضمان الالتزام بالقيود على الأسلحة المنصوص عليها في اتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا من عام 1974. وقد دفع التدهور الأمني بالفعل كلاً من اليابان وكندا وكرواتيا إلى سحب مساهماتهم بالأفراد -- القائمة منذ فترات طويلة -- من "قوة مراقبة فض الاشتباك". وفي حال استمرار هذا الاتجاه، فمن المؤكد أن تعمد الدول المتبقية إلى تحجيم التزاماتها هي الأخرى، منهية بذلك آلية المراقبة الدولية الفعالة الوحيدة على طول الحدود الإسرائيلية السورية.
الخلفية
يشار إلى أن "قوة مراقبة فض الاشتباك" أُنشئت عقب حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973 للإشراف على تطبيق اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا في الجولان، و منذ ذلك الحين تقوم القوة التي قوامها 1000 فرد بإجراء فحوصات نصف شهرية ضمن خمسة عشر ميلاً على كلا الجانبين من الحدود. غير أنه على مدار العامين الماضيين، أدى ظهور تشكيلات ثوار قتالية في محافظة القنيطرة وتراجع قوات بشار الأسد في المنطقة إلى خلق بيئة أمنية مضطربة بشكل متزايد لأفراد "قوة مراقبة فض الاشتباك" العاملين في سوريا.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2012، على سبيل المثال، أُصيب جنديان نمساويان تابعان لـ "قوة مراقبة فض الاشتباك" يستقلان حافلة في طريقها إلى دمشق من قبل مسلحين غير معروفين. وقد دفع هذا الحادث اليابان إلى إنهاء نشر قواتها في الجولان بعدها بشهر واحد. وفي شباط/فبراير، أفادت التقارير بأن أحد موظفي "قوة مراقبة فض الاشتباك" الكنديين فُقد في الجولان، مما دفع كندا إلى سحب قواتها هي الأخرى. وفي الأسبوع الماضي فقط، أعلنت كرواتيا أنها ستعيد فريقها المكون من 100 رجل، مما يجعل المساهمين الوحيدين المتبقين هم النمسا والهند والفلبين (إنظر إلى هذه الخريطة حول نشر "قوة مراقبة فض الاشتباك" في كانون الثاني/يناير).
العداء والفوضى في سوريا
لقد أصبح الوضع على الجانب السوري من الحدود يزداد خطورة بالنسبة لـ "قوة مراقبة فض الاشتباك" التابعة للأمم المتحدة. فوحدات الثوار القتالية -- بما في ذلك "لواء شهداء اليرموك"، الذي أعلن مسؤوليته عن اختطاف القوات الفلبينية -- تقاتل قوات الأسد المتحللة للهيمنة على المنطقة الواقعة بين خط "قوة مراقبة فض الاشتباك" وحاميات النظام الرئيسية جنوب غرب دمشق. كما أن المصادمات أصبحت أمراً متكرراً بسبب تنازع الجانبين من أجل السيطرة على النقاط الرئيسية. وهذا يشمل نشاطاً كبيراً حول منطقة "قوة مراقبة فض الاشتباك"، حيث سيطر الثوار على القرى المجاورة ومواقع النظام، وقاموا بنصب أكمنة لقوات النظام وشنوا هجوماً انتحارياً كبيراً ضد موقع استخباراتي تابع للنظام. وفي حين يبدو أن وجود الثوار آخذاً في التزايد (بما في ذلك تواجد العناصر الإسلامية)، فإن النظام قلل من قواته وهجر بعض مواقعه، وأعاد نشر قواته إلى دمشق لتعزيز مواقعه هناك. وعند النظر إلى هذه العوامل مجتمعة، نجد أنها تزيد فرصة استدراج أفراد "قوة مراقبة فض الاشتباك" إلى القتال، سواء بشكل متعمد أو غير مقصود.
ومما يزيد الطين بلة أن المعارضة السورية زاد حنقها وغضبها تجاه الأمم المتحدة على مدار العام الماضي. ففي ربيع 2012، فشل مبعوث الأمم المتحدة الخاص كوفي عنان في وقف إطلاق النار أو سحب قوات النظام من المراكز السكنية. وعندما توقفت الأمم المتحدة عن اتخاذ أي إجراء آخر، فسّر عديدون في المعارضة ذلك التراخي على أنه مراعاة للنظام وخيانة للشعب السوري. وتواصل الأمم المتحدة حالياً إضفاء الشرعية على النظام: فما يزال الأسد يحتفظ بمقعد بلاده في الجمعية العامة، ولا تزال الأمم المتحدة تتعامل مع نظامه كما لو أنه الممثل السيادي للدولة، مما يعني أن كل شيء بدءاً من تقديم المساعدات إلى مهام حفظ السلام كتلك التي تقوم بها "قوة مراقبة فض الاشتباك" يجب أن تخضع للفحص والتدقيق من قبل دمشق.
ولا عجب أن هذه الديناميكية قد زادت من الغضب السوري تجاه "قوة مراقبة فض الاشتباك" والفروع الأخرى للأمم المتحدة. كما يُنظر إلى قوات حفظ السلام على أنها تطبق وقف إطلاق النار الذي لا يحظى بشعبية مع إسرائيل، وهي دولة يراها العديد من الثوار عدواً؛ بل إن البعض في صفوف المعارضة لا يزالون يروجون لنظريات مؤامرة جامحة حول دعم إسرائيل للنظام.
وهذا الإحساس العام بالعداء يأخذ الآن شكلاً أصبح ملموساً بشكل أكبر. ففي بعض مقاطع الفيديو على اليوتيوب نشرها "لواء شهداء اليرموك" أثناء أسرهم يوم الأربعاء لموكب "قوة مراقبة فض الاشتباك" في قرية الجملة -- على بعد ميلين فحسب من خط الهدنة في الجولان -- انتقد أحد قادة الجماعة قوات حفظ السلام ووصفهم بأنهم "عملاء لنظام الأسد وإسرائيل". وفي مقاطع فيديو أخرى، زعمت الجماعة أنها أسرَت الجنود من أجل حمايتهم من هجمات النظام المخطط لها وأنها ستطلق سراحهم بمجرد أن يضمن النظام سلامتهم -- وهي رواية غير محتملة، لكنها مصممة بشكل جيد لتجنب الانتقاد الدولي.
المشهد من إسرائيل
وبالنسبة لإسرائيل، فإن المكاسب التكتيكية للجهاديين في الجولان والمشهد القاتم لـ "قوة مراقبة فض الاشتباك" تشعلان المخاوف من أن أيام الهدوء الطويلة على الحدود قد باتت محدودة. فمنذ انتشارها في عام 1974 ساعدت "قوة مراقبة حفظ السلام" إسرائيل وسوريا على حفظ الوضع الراهن الذي كان يرغب كلا الجانبين في الحفاظ عليه. واختصاراً، أصبحت قوات حفظ السلام رمزاً للاستقرار. إن حل "قوة مراقبة فض الاشتباك" أو عجزها سوف ينهي ذلك الاستقرار نفسياً وعملياً، ماحياً بذلك المنطقة العازلة بمسافة ثمانين كيلومتر ومحولاً إياها إلى "منطقة حدودية ساخنة" يستطيع فيها الجهاديون تحدي إسرائيل والتسبب في حدوث ردود فعل انتقامية -- وهي آلية مماثلة لما عليه الوضع في لبنان.
وبغية الحد من ذلك التهديد، يعمل الجيش الإسرائيلي بسرعة على تشييد سور حدودي جديد ومتطور في الجولان. كما أنه أضاف المزيد من القوات المحنكة ونظم الأسلحة الأكثر تطوراً على طول الحدود، وعزز جهوده لتجميع المعلومات الاستخباراتية في المنطقة ووضع خططاً انتقامية في حالة وقوع هجمات عابرة للحدود.
وبشكل أوسع نطاقاً، سوف يؤدي تفكك سوريا إلى إثارة مخاوف إسرائيلية تتجاوز المنطقة الحدودية المباشرة، لا سيما في ضوء احتمالية أن تقع بعض أسلحة النظام الاستراتيجية في أيدي «حزب الله» في لبنان أو الجهاديين في سوريا، الذين قد ينشرونها بعد ذلك ضد إسرائيل. ورغم أن المجتمع الدولي والفاعلين الإقليميين قد وضعوا خططاً للتعامل مع مخزون الأسلحة الكيميائية لسوريا، إلا أن التهديد التي يشكله انتشار أسلحة استراتيجية أخرى -- مثل القذائف والصواريخ المتطورة -- لم يتم التعامل معه بشكل كافٍ حتى الآن. وعلى عكس التهديد الكيميائي، تفهم إسرائيل أنه قد يتعين عليها اتخاذ خطوات عسكرية أحادية استباقية للتعامل مع هذه الأسلحة الاستراتيجية الأخرى، بما في ذلك شن هجمات ضد محاولات نقل الأسلحة على الأرض السورية. ونود أن نشير هنا إلى أن الهجوم الأخير -- وهو هجوم أفادت التقارير وقوعه في شباط/فبراير ضد أسلحة متقدمة مضادة للطائرات كان يجري نقلها إلى «حزب الله» -- لم يترتب عليه شن أعمال انتقامية، لكن المزيد من العمليات المستقبلية قد تؤدي إلى حدوث أعمال انتقامية وعمليات تصعيد.
الخاتمة
مع تدهور الأوضاع في سوريا، سوف تواجه "قوة مراقبة فض الاشتباك" صعوبة متزايدة وخطراً في تنفيذ أعمال المراقبة في الجولان، مع حدوث تآكل في عددها الأمر الذي يجعل المهمة غير مستدامة. هذا وتفيد التقارير الأخيرة بأن النمسا والهند والفلبين يناقشون بالفعل مستقبل عمليات الانتشار الخاصة بهم. وفي ظل غياب جهود دولية متضافرة للإطاحة بنظام الأسد وإرساء الاستقرار في سوريا التي مزقتها الحرب -- سواء من خلال عمل عسكري مباشر أو مبادرة جادة لتسليح الثوار بشكل أفضل -- فقد يجري حل "قوة مراقبة فض الاشتباك" قريباً.
ورغم إمكانية إعادة تشكيل قوة المراقبة من الناحية النظرية بعد فترة، إلا أن الحكومة اللاحقة في سوريا -- والتي يفترض أن تكون ذات توجهات إسلامية -- لن توافق على الأرجح على مثل تلك الخطوة. إن غياب "قوة مراقبة فض الاشتباك" قد يضعف من احتمالات نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار عقب الحرب. وعلى أي حال، فإنه مع رحيل "قوة مراقبة فض الاشتباك" وامتلاء سوريا ما بعد الأسد بالجهاديين المسلحين جيداً، يمكن أن تتحول الحدود الهادئة بين إسرائيل وسوريا بكل سهولة إلى ميدان معركة.
وكل هذا يشير إلى المخاطر المرتفعة التي ينطوي عليها الصراع السوري. فمع انتشار عدوى العنف وتأثيرها الفعلي على لبنان والأردن ومع تعرض "قوة مراقبة فض الاشتباك" للخطر، فإن النهج الدولي الحالي لمحاولة وضع نهاية لسفك الدماء في سوريا لم يعد قابلاً للاستمرار. إن استمرار التراخي الدولي لن يؤدي سوى إلى توسيع نطاق عدم الاستقرار في المنطقة.
ديفيد شينكر هو زميل أوفزين ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن. مايكل هيرتسوغ، عميد (متقاعد) في جيش الدفاع الإسرائيلي، هو زميل ميلتون الدولي في المعهد ومشارك سابق في مفاوضات السلام بين اسرائيل وسوريا. أندرو جيه. تابلر هو زميل أقدم في المعهد. جيفري وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في المعهد وضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية.
 
التقارير الميدانية حول سوريا والمعارضة
معهد واشنطن...أندرو جيه. تابلر, جيفري وايت, و سايمون هندرسون
في 7 آذار/مارس، 2013، خاطب أندرو جيه. تابلر، جيفري وايت، وسايمون هندرسون منتدى سياسي في معهد واشنطن لمناقشة رحلاتهم الأخيرة إلى لبنان وتركيا والأردن وإسرائيل والخليج الفارسي. والسيد تابلر هو زميل أقدم في المعهد ومؤلف كتاب "في عرين الأسد: رواية شاهد عيان من معركة واشنطن مع سوريا". والسيد وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في المعهد وضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية. والسيد هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم.
أندرو جيه. تابلر
تشعر المعارضة السورية والدول المجاورة بالارتباك جراء تأكيد واشنطن المستمر بأن الصراع سوف يصحح نفسه من الداخل، في حين أن جميع المؤشرات توضح انتقال العنف على نطاق واسع عبر أنحاء المنطقة. وقد رأينا في جميع الدول التي زرناها ضمن جولة طاقم معهد واشنطن الأخيرة أن خطر هذا التصعيد آخذ في التزايد.
إن الأحداث في لبنان تنتشر عبر الحدود رغم سياسة الحكومة القائمة على الانفصال عن الصراع. ويمثل وادي البقاع الشمالي أهمية استراتيجية خاصة لأنه يربط مناطق واقعة تحت سيطرة «حزب الله» بمعقل العلويين الخاضع لسيطرة النظام في سوريا.
وفي تركيا، تراقب السلطات الحدود بصرامة، كما تزايدت بشكل كبير أعداد السوريين النازحين الذين ينتظرون على الجانب الآخر من الحدود. يُشار إلى أن المساعدات لا تصل إلى هذه الأجزاء من سوريا، مما يجعل الوضع مشكلة إنسانية ومصدراً لعدم الاستقرار. كما أن تركيا قلقة بشأن التطورات في المناطق الكردية السورية.
وفي إسرائيل، يدرس المسؤولون احتمالية ظهور دولة فاشلة في الناحية المقابلة لمرتفعات الجولان. بيد أن مصدر قلقهم الرئيسي يكمن في احتمالية نقل الأسلحة الاستراتيجية للنظام، سواء عن قصد (إلى «حزب الله») أو عن غير قصد (إلى الجهاديين).
ويمثل الأردن الصورة الأكثر تعقيداً. فخلال الستين يوماً الأخيرة فقط، تدفق 100,000 لاجئ عبر الحدود، وأصبح معسكر الزعتري للاجئين خارج عمّان سادس أكبر مدينة في المملكة. كما أن قوات النظام السوري تغتال علانية الأفراد الذين يحاولون الفرار عبر الحدود، لذا فإن القوات المسلحة الأردنية كانت ترد على إطلاق النار رويداً رويداً، مما عرضها لبعض الخسائر أثناء تلك العملية.
وفي سوريا، تحول الثوار بشكل ملحوظ وأصبحوا أكثر ميلاً للسلفية والجهادية منذ تشرين الثاني/نوفمبر، كما زاد الغضب ضد الولايات المتحدة في ظل تقارير عن رفض البيت الأبيض خطط تزويدهم بالأسلحة. وربما يكون الأمر الأكثر إزعاجاً هو النمو السريع لـ "جبهة النصرة" التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة»، والتي أصبحت تأتي في طليعة جماعات المعارضة المسلحة.
وفي غضون ذلك، لا تزال المعارضة الخارجية تفتقر إلى الفاعلية. ورغم الآمال المعقودة على "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، إلا أنه فشل إلى درجة كبيرة في إنجاز هدفه، حيث إن "ممثليه المحليين" غير المنتخبين ليسوا على اتصال بالثوار المسلحين داخل سوريا. وسوف تعتمد فاعلية الائتلاف من الآن فصاعداً على المحفزات الخارجية للعمل مع المعارضة الداخلية على تطوير كيان سياسي عقب رحيل الأسد.
ومن الصعب أن نحدد كيف أن إعلان الولايات المتحدة عن الدعم الغذائي والطبي للمعارضة المسلحة سوف يساعد على إسقاط النظام. فالمساعدات التي يتم توزيعها من خلال "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" قد لا تصل إلى المقاتلين على الأرض. ولا بد من القيام بالمزيد من الأعمال القوية للتأثير على الجماعات المسلحة. ولا يزال هناك وقت لتقديم مساعدات أمريكية قتالية وغير قتالية مباشرة إلى الثوار -- وكلما يحدث هذا بصورة أسرع زادت فرص واشنطن في احتواء الأزمة وصياغة مستقبل أفضل للشعب السوري.
جيفري وايت
أبرزت رحلة طاقم المعهد إلى المنطقة جوانب عديدة حول الوضع العسكري في سوريا. أولاً، إن تحديد عدد أفراد "الجيش السوري الحر" والفصائل المسلحة الأخرى لا يزال صعب التحقيق -- ويواصل القادة والمحللون العسكريون خلافاتهم بشأن حجم المعارضة وتكوينها وهيكل قيادتها وترسانتها من الأسلحة.
ثانياً، تمثل القدرة والرغبة في القتال المصادر الرئيسية للشرعية والقوة السياسية بين صفوف المعارضة. وقد أدى هذا الاتجاه إلى تهميش النشطاء السياسيين لكنه كان في صالح الجماعات الإسلامية. فتلك الجماعات توصف بأنها متماسكة ومنضبطة ولديها قيادة فعالة وروح قتالية عالية، وهي أمور تفتقر إليها جميعاً الوحدات العلمانية. وتُوصف "جبهة النصرة" بصورة خاصة على أنها تتمتع بمهنية عالية، وهي نشطة حالياً في ثمانية من محافظات سوريا.
ثالثاً، يحول نقص الأسلحة بين صفوف وحدات الثوار دون قدرتهم على القيام بالعمليات والاستمرار فيها. فاللوجستيات وأعمال التخطيط تخضع للتفاوض بدلاً من التنظيم، كما أن الجماعات تتبادل الذخيرة والأسلحة وتتساوم حول نسبة الأسلحة من ترسانتها التي سيتم استخدامها في الهجوم على قواعد النظام. ولا تلوح في الأفق مؤشرات واضحة على أن "المجلس العسكري الأعلى" يمارس أي قيادة على الأرض.
رابعاً، أعرب الأفراد عن كراهيتهم للمجتمع الدولي بشكل عام والولايات المتحدة بصفة خاصة. كما تنتشر نظريات المؤامرة، بما في ذلك فكرة أن واشنطن وإسرائيل وإيران يتعاونون بشكل ما من أجل سحق الثورة. وفي الوقت ذاته، يرى العديد من السوريين أن "جبهة النصرة" هي بطل الثورة بسبب استعدادها للقتال وتكبد الخسائر؛ ولا يفهمون سبب تسمية الولايات المتحدة لها كجماعة إرهابية.
خامساً، ينتقل الصراع إلى جيران سوريا. فقد أصبحت الحدود الأردنية منطقة حرب -- حيث يقاتل "الجيش السوري الحر" قوات النظام للسيطرة على مختلف المعابر، كما يقع اللاجئون الفارون ضحية لنيران المعارك. وفي غضون ذلك، ترى إسرائيل أن الأمن في الجولان يتفكك مع تركيز النظام لقواته في أماكن أخرى. ورغم أن قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" تمتلك خبرات هائلة في منع تسلل الإرهابيين، إلا أن مشكلة أكبر قد تنشأ مع بدء المعركة النهائية على دمشق -- وتحديداً تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى الجولان.
وأخيراً، يظل النظام محافظاً على تماسكه، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى شحنات الأسلحة التي تصل إليه من إيران و «حزب الله». كما أنه شكّل أعداداً غفيرة من القوات غير النظامية والإضافية ويعمل على نقل قدراته العملياتية إليها. ورغم ذلك، أشارت حسابات أحد المحللين الدارسين لبيانات جنائز جنود النظام بأن متوسط القتلى في صفوف هذه القوات يبلغ أربعين شخصاً في اليوم، كما أن هناك ضِعفاً أو ثلاثة أضعاف هذا العدد من الجرحى الغير قادرين على العودة إلى الخدمة. وإيجازاً، يستنفد النظام قدراته ببطء، بينما يعمل الثوار، كالأمواج العارمة، على إضعاف سيطرته على المناطق الشاسعة شيئاً فشيئاً.
سايمون هندرسون
تجمع الأزمة السورية بين ثلاث مواضيع ذات أهمية بالغة لـ "مجلس التعاون الخليجي" وهي: صعود الإسلام السياسي، ومعاناة الإخوة العرب، وإيران. وتتألم دول "مجلس التعاون الخليجي"، كونها دولاً عربية، جراء التقارير التصويرية المفجعة حول معاناة السوريين. وباعتبارها دولاً خليجية، فإنها تخشى من نفوذ إيران وترى الإطاحة ببشار الأسد على أنها انتكاسة استراتيجية محتملة لطهران.
ورغم تعاطفها المشترك مع الثوار، إلا أن دول "مجلس التعاون الخليجي" تتنافس أيضاً مع بعضها البعض من أجل الزعامة الإقليمية، وفي هذا الصدد أصبحت سوريا ساحة كبرى للمنافسات السياسية. ويشار هنا إلى أن المملكة العربية السعودية وقطر هما من الدول المنافسة الفاعلة بصفة خاصة، كما أن غريزتهما التنافسية قد تكون أقوى من إحساسهما بالمسؤولية عن النتيجة. فعلى سبيل المثال، لا يوجد لدى الدولتين نفس درجة التردد التي لدى الغرب بشأن تزويد الثوار في سوريا بالأسلحة، ومن المرجح أنهما تزودان الجماعات الجهادية بالأسلحة.
وفي الوقت ذاته، فإن تأثير إيران يعمل وإن جزئياً على الأقل على الحد من استعداد الدوحة للعمل داخل سوريا. إذ يتعين على قطر، أكثر من أي دولة أخرى من دول "مجلس التعاون الخليجي"، أن تحافظ على درجة من علاقات العمل مع طهران. كما أن معظم ثروة البلاد يأتي من خزان الغاز الطبيعي في "حقل الشمال" البحري، الملاصق لحقل "بارس الجنوبي الإيراني". إن مشاركة هذا الخزان الحيوي تعني أن استعداد قطر لإثارة حفيظة إيران هو أقل بكثير من استعداد المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة.
وعند سؤال العديد من المسؤولين في دول "مجلس التعاون الخليجي" عن الخلافات في وجهات نظرهم حول كيفية معالجة القضية السورية، أشاروا إلى غياب القيادة الأمريكية، وعزم دولهم على القيام بشيء ما لأن واشنطن لا تفعل ما يكفي. ومن ثم فإن غياب عمل أمريكي مؤثر والمنافسات السياسية في الخليج قد تصبح أكثر إثارة للخلاف والنزاع. وعندما يسقط الأسد، قد تكون الفجوات قد بلغت إلى درجة من الاتساع بحيث لا تتيح لدول "مجلس التعاون الخليجي" الاستمرار في التوحد ضد إيران أو تبقى حليفاً فعالاً للولايات المتحدة.
أعدت هذا الملخص المقررة كاتي كيرالي.

 


المصدر: مصادر مختلفة

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,534,613

عدد الزوار: 6,953,917

المتواجدون الآن: 68