ماذا يعني خفض التصنيف الائتماني لأميركا؟

تراجع البورصات العالمية وسط مخاوف من خفض التصنيف الائتماني

تاريخ الإضافة الثلاثاء 9 آب 2011 - 8:01 ص    عدد الزيارات 2698    التعليقات 0    القسم دولية

        


تراجع البورصات العالمية وسط مخاوف من خفض التصنيف الائتماني
ترقّب اجتماع للجنة الاحتياط الفيديرالي اليوم

متعاملان في بورصة نيويورك بعد جرس افتتاح التداولات أمس. (أ ف ب)
في أولى جلسات التداول في "وول ستريت" منذ خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من أعلى علامة " A A A" الى علامة "+ A A "، فتحت بورصة نيويورك جلساتها على انخفاض حاد، ثم تسارعت وتيرة التراجع، وسط أجواء سلبية جداً تهيمن عليها أزمة الدين الاميركي.

قبل بدء التعاملات في "وول ستريت"، تهاوت الأسهم الأوروبية لتلامس أدنى مستوى لها في سنتين تقريباً، وهوت بدورها بورصات آسيا، بعدما عزز قرار وكالة "ستاندارد أند بورز" المخاوف من امكان انزلاق أكبر اقتصاد في العالم إلى الركود مجدداً، وقت يكثف زعماء العالم جهودهم لتهدئة الاسواق.
في غضون ذلك، بدأ مسؤولون في "ستاندارد أند بورز" خفض تصنيف عملاقي الرهن العقاري "فاني ماي" و"فريدي ماك"، الى وكالات أخرى مرتبطة بالدين الاميركي.
ولم يوفر زعماء الدول جهداً لايجاد رد منسق على زمة الديون في منطقة الاورو التي تهدد باغراق دول كبيرة مثل ايطاليا واسبانيا، وعلى البوادر الجديدة للتباطؤ في الاقتصاد الاميركي.
فقبيل فتح البورصات الاوروبية، تعهد زعماء مجموعة العشرين دعم استقرار الاسواق المالية، ووعد المصرف المركزي الاوروبي بعمليات شراء "نشيطة" لسندات منطقة الاورو لاحتواء ازمة الديون والحؤول دون تحولها ازمة عالمية.
وصدر تعهد الزعماء الماليين إثر تكبد الاسواق الاسيوية خسائر كبيرة.
 وقبلهم، قدمت مجموعة السبع للبلدان الصناعية التزاما مماثلا، وذلك في اطار جهد دولي لاحتواء انعكاسات القرار الاستثنائي لوكالة "ستاندارد اند بورز" المالية خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، مما أثار مخاوف على قدرة اكبر اقتصاد في العالم على إيفاء ديونه.
لكن البورصات الاسيوية أقفلت على خسائر كبيرة. فقد تراجعت بورصة طوكيو بنسبة 2٫18 في المئة، وبورصة هونغ كونغ 2٫11 في المئة،٫ وبورصة سيدني 2٫91 في المئة، بورصة سيول 3٫82 في المئة وبورصة شانغهاي 3٫55 في المئة.
وانخفضت بورصة مومباي 3٫08 في المئة خلال التعامل المبكر، ثم عادت الى التحسن مقللة هامش الخسارة الى 0٫9 في المئة.
وفي أوروبا، واصلت الأسهم الأوروبية خسائرها في تعاملات بعد الظهر، مع تراجع مؤشر رئيسي ما يزيد عن ثلاثة في المئة مسجلاً أدنى مستوى له في 11 شهراً.
 وتراجع مؤشر "الفايننشال تايمس 100 "البريطاني 2٫5 في المئة، ومؤشر "داكس" الألماني 3٫6 في المئة ومؤشر "كاك 40 "الفرنسي 2٫9 في المئة.
وعلى رغم هذا التراجع، تنفس المستثمرون الصعداء لعدم حصول انهيار أكبر كانوا يخشونه.
 ولخص مدير ادارة الاسهم في "سويس لايف جيستيون" في باريس كزافييه ليسبيناس الوضع قائلاً: "لم تقع الكارثة التي كنا نخشاها".

 

أسواق الخليج

وفي الخليج، هبطت معظم أسواق الأسهم مع استمرار مخاوف المستثمرين من تباطؤ النمو العالمي، لكن الانخفاضات عادت لتهدأ بعد اعلان المصرف المركزي الاوروبي أنه يشتري سندات إيطالية وإسبانية.
وتراجعت السوق السعودية، كبرى البورصات العربية، 0٫3 في المئة، بعدما تعافت قليلاً الأحد عقب تراجعها الى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر السبت.

 

الاحتياط الفيديرالي

ومع تعامل اوروبا مع مشاكلها المالية، تبقى الاسواق العالمية في انتظار الخطوات التي تعتزم واشنطن اتخاذها لخفض دينها الذي يربو على 14 تريليون دولار مع ابقاء مساعيها لمواصلة الانتعاش الاقتصادي المتباطئ.
وتجتمع اليوم لجنة السوق المفتوحة الفيديرالية التابعة للاحتياط الفيديرالي الاميركي وسط ترقب المستثمرين الذين ينتظرون منها اجراءات تريح الاقتصاد الاول في العالم بعد سلسلة النكسات التي لحقت به. وستكون مهمة الاحتياط الفيديرالي صعبة ودقيقة جداً، ذلك انه مطالب برفع معنويات المستثمرين والمقاولين واختيار صيغ مقبولة لدى رافضي التضخم، وخصوصاً بعد قرار "ستاندارد أند بورز".
وكان زعماء الاحتياط الفيديرالي لمحوا في تصريحاتهم النادرة خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة الى أنهم سيبقون السياسة المالية الحالية، مع المحافظة على معدلات الفائدة الرئيسية قريبة من الصفر في المئة، وابقاء الدعم الثابت للاقتصاد بالسيولة.
وانتقد وزير الخزانة الاميركي تيموثي غيثنر وكالة "ستاندارد اند بورز"، معتبراً أنها ارتكبت "خطأ فظيعا في التقدير"، ومؤكداً لحملة سندات الخزينة الاميركية ان استثماراتهم في أمان تام.
وقال لشبكة "سي ان بي سي" الاميركية للتلفزيون: "أعتقد ان ستاندارد اند بورز ارتكبت فعلا خطأ فظيعا في التقدير، ولم تحسن الاداء، وأثبتت عدم المام مذهلا بالقواعد الاساسية لحساب موازنة الولايات المتحدة، واعتقد انهم توصلوا الى الخلاصة الخاطئة تماما".
وكانت واشنطن قالت ان الحسابات التي استندت اليها وكالة التصنيف الائتماني تنطوي على خطأ بمقدار الفي مليار دولار، وردت الوكالة بتأكيد صحة أرقامها.

 

الصين واليابان

وفي بيجينغ، اتهمت صحيفة "الشعب" الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني الولايات المتحدة واوروبا بتعريض الانتعاش الاقتصادي في العالم للخطر "بعدم تحمل مسؤولياتها" في ازمة الديون السيادية.
 وحضت وكالة الصين الجديدة للأنباء "شينخوا" الطبقة السياسية الاميركية على وقف صراعاتها العقيمة.
وفي طوكيو، أكد وزير المال الياباني يوشيهيكو نودا ان ثقة الحكومة اليابانية في سندات الخزينة الاميركية "لم تهتز". وقال: "لا نزال نعتبر سندات الخزينة الاميركية منتجا ماليا جذابا".
واليابان هي ثاني أكبر حاملي سندات الخزينة الاميركية بعد الصين.
 

(و ص ف، رويترز، أ ب)  

 

   

ماذا يعني خفض التصنيف الائتماني لأميركا؟

كثيرة هي الاسباب التي تبرر تجريد وكالة "ستاندارد أند بورز" الولايات المتحدة من التصنيف الائتماني الاعلى AAA للمرة الاولى منذ 70 سنة. وليست كل هذه الاسباب سياسية، فالنمو يتباطأ والانتعاش الراهن مستمر بوتيرة ضعيفة منذ أكثر من سنتين، من دون أية مؤشرات لتغيير قريب. وبينما كان ينتظر الاقتصاديون نمو الناتج المحلي الاجمالي الاميركي بنسبة ثلاثة في المئة هذه السنة، من المرجح الا يتعدى اثنين في المئة.
ولكن يتوقع استمرار نزعة  النمو البطيء الى ما بعد الانتعاش الراهن، علماً أن الانتعاشين اللذين أعقبا الركودين الاخيرين، كانا من الابطأ في التاريخ، الامر الذي  يشير الى أن القوة الضمنية للاقتصاد الاميركي تضعف، الا أن هذا ليس الا البداية لما يعنيه خفض التصنيف الائتماني.
في الواقع، ثمة أكثر من ذلك. فمن المرجح ان تزيد شيخوخة الشعب الاميركي تكاليف الرعاية الصحية والتضخم على نحو كبير. وقد أدت الزيادة المستمرة منذ عقود في الفجوة الاجتماعية الى توسع كبير في حجم ديون غالبية الاميركيين. كذلك، تراجعت معايير أنظمة الرعاية الصحية والتعليم وصارت أميركا معرضة أكثر لأزمات مالية في المستقبل.
ومع ذلك، من المؤكد أن حيزاً واسعاً من الخفض الائتماني الراهن هو سياسي، وهذا لن يتبدد قريباً في أي حال. فقد أدى تفكك النظام السياسي الاميركي الى بروز أحزاب سياسية غير مستعدة للمساومة على التحديات الكبيرة. ومن الواضح أن ظهور حزب الشاي وتعهد الجمهوريين عموماً عدم رفع الضرائب، وعدم رغبة الديموقراطيين في تقليص الضمان الاجتماعي، أدى الى خفض التصنيف. وبررت “ستاندارد أند بورز” خصوصاً قرارها بغياب زيادة الضرائب والخفوضات في برامج الاستحقاق في اتفاق سقف الدين.والاسوأ أن الوكالة رجحت أن تواجه الولايات المتحدة مزيداً من الخفوضات الائتمانية إذا واصلت الحكومة تمديد خفوضات الضرائب للأميركيين الاثرياء التي اعتمدها الرئيس السابق جورج بوش.
إذاً، ماذا يعني خفض التصنيف؟.
على رغم الاخطاء التي ارتكبتها “ستاندارد أند بورز” في الماضي القريب، لا يزال تصنيفها ذا دلالات. فالدول التي تعاني تصنيفاً مخفوضاً تشهد معدلات فوائد مرتفعة. لذلك، يرجح أن ترتفع تكاليف الاقتراض لا للحكومة الاميركية فحسب، بل أيضاً للمستهلكين الاميركيين، وإن يكن ليس على نحو كبير في البداية.كذلك، يتوقع أن تصير سندات الخزينة التي بقيت طويلاً الاوراق المالية الاكثر استقراراً في الاسواق، أكثر تقلباً.
عموماً، يجب عدم النظر الى  خفض التصنيف الاخير على أنه، حدث اقتصادي جديد. انه في الواقع، الضربة الاخيرة التي يتكبدها الاقتصاد الاميركي نتيجة أزمة المساكن والديون الاخرى التي أدت الى الازمة المالية العالمية.وكان الاقتصاديون توقعوا أن تؤدي أزمة الرهون الائتمانية الى نمو الاقتصاد الاميركي بوتيرة أبطأ  في السنوات المقبلة من غير أن تتضح لهم تماماً انعكاسات ذلك النمو البطيء.وها هي تظهر قطعة اضافية من الاحجية والمتمثلة في معدلات فوائد أعلى نسبياً والتي ستصعِّب على الحكومة الاميركية والاميركيين والمؤسسات اقتراض المال.
 

("تايم")


 


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,628,833

عدد الزوار: 6,958,118

المتواجدون الآن: 59