أخبار وتقارير...«خراسان».. خلية إرهابية توارت بعيدا عن الأضواء وابتعدت...مصر: التكفيريون ظهروا علناً في أحداث الثورة ... ومُنظّرهم طليق... الفيوم معقل الشوقيين التكفيريين: من هنا بدأ استحلال الأموال والنساء والأرواح....المسألة الطائفية وصناعة الأقليات في المشرق العربي الكبير...انحرافان في النظر الى المسألة الدينية

أبو قتادة والمقدسي يشكلان رأس حربة ضد «داعش» بعد إطلاق سراحهما.. ضغوط أميركية لدفع تركيا للانضمام للتحالف الدولي وخطوات لمنع تسلل المقاتلين...شروط أنقرة لتنشيط دورها في «التحالف»... رئيس أوكرانيا واثق من انتهاء الحرب ويأمل بعضوية الاتحاد الأوروبي عام 2020

تاريخ الإضافة السبت 27 أيلول 2014 - 7:24 ص    عدد الزيارات 1919    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أبو قتادة والمقدسي يشكلان رأس حربة ضد «داعش» بعد إطلاق سراحهما.. توقعات بتكيّفهما مع الأوضاع المحلية وتجنب الصدام مع السلطات الأردنية

جريدة الشرق الاوسط.... عمان: محمد الدعمه .... جاءت زيارة التهنئة، التي قام بها منظر التيار السلفي أبو محمد المقدسي (عاصم طاهر البرقاوي)، إلى زعيمه الروحي عمر عثمان والمعروف بـ«أبو قتادة»، أول من أمس الأربعاء في منزله، بعد قرار محكمة أمن الدولة الأردنية ببراءته والإفراج عنه، رسالة واضحة وصريحة لأعضاء التيار السلفي داخل الأردن وخارجه بأن هناك شيئا ما يطبخ على نار هادئة دون ضجيج إعلامي من وحدة التيار الذي انقسم على نفسه في الآونة الأخيرة بعد صعود نجم تنظيم داعش وإعلانه الخلافة الإسلامية والتي تمثل إرث أبو مصعب الزرقاوي وبين جبهة النصرة التي تمثل إرث زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن.
وبدا واضحا أن نقاشات مهمة عقدت بين الزعيمين المهمين في التيار السلفي الجهادي أثناء حفل الاستقبال، إلا أنه لم يتسرب منها شيء خاصة أنهما من أشد المعارضين لتنظيم داعش، الذي وصفه أبو قتادة بـ«كلاب جهنم»، إلا أنه رفض تأييد التحالف الدولي لمحاربتهم.
ويرى محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات أن الإفراج عن أبو قتادة من قبل محكمة أمن الدولة، وقبله الإفراج عن أبو محمد المقدسي، يشكل نقطة تحول في العمل السياسي لدى أعضاء التيار المنقسم على نفسه بين مؤيد لتنظيم داعش وآخر لجبهة النصرة.
وأضاف العبد اللات لـ«الشرق الأوسط» أن الأيام المقبلة ستشهد حراكات بين أعضاء التيار السلفي الجهادي من أجل المناداة لوحدة الصف لأعضاء التيار في ظل التحالف الدولي الذي أعلن الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والتنظيمات الأخرى جبهة النصرة وأحرار الشام وخراسان وغيرها. وقال العبد اللات إن الغرض من هذه الحراكات الخروج بموقف موحد تجاه دول التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
من جانبه، يرى المحلل المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، مروان شحادة، أن أعداد المؤيدين لتنظيم داعش أكثر من مؤيدي «النصرة» في الأردن. وأضاف شحادة أن الضربات الأميركية ستلعب دورا أساسيا في جعل خطاب تنظيم الدولة أكثر قبولا وتعاطفا لدى الشبان، مشيرا إلى أن تدخل بعض الأنظمة السياسية في الضربات الأميركية سيجعلها هدفا للمجموعات الجهادية.
وقامت السلطات الأردنية خلال شهر أغسطس (آب) الماضي والشهر الحالي بحملة مداهمة واعتقالات ضد مناصري تنظيم داعش وجبهة النصرة، إلا أن العدد المؤيد لـ«داعش» كان أكبر من أعداد المؤيدين لـ«النصرة» بنسبة 80 في المائة لمؤيدي «داعش» و20 في المائة لجبهة النصرة.
على الصعيد ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان أن هناك علاقة شخصية تربط أبو قتادة وأبو محمد المقدسي، وأن الرجلين قريبان من جبهة النصرة وينحازان لها، وفي المقابل يوجّهان نقدا شرسا لـ«داعش». وربما «أبو قتادة» نفسه قدّم (إلى الآن) أعمق نقد لإعلان التنظيم تأسيس ما يسمى بـ«الخلافة الإسلامية»، عبر مقال مطول كتبه بعنوان «ثياب الخليفة»، فنّد فيه حجج «داعش» في الإقدام على هذه الخطوة، برؤية فقهية شرعية متينة، تتأسس على «مدونة» الإسلامي ذاتها. ويضيف أبو رمان أن الإفراج عن المقدسي ثم أبو قتادة، بالتزامن مع ما قدّماه من مواقف حادة نقدية تجاه «داعش»، بمثابة «صفقة» مع المؤسسة الرسمية. لكنّ هذا التحليل ليس دقيقا؛ فهناك أبعاد قانونية وسياسية أخرى في الموضوع، على الرغم من أن هذه الفتاوى ساعدت الدولة على مواجهة تنامي تأثير «داعش» في أوساط التيار السلفي الجهادي المحلي، خاصة أن النقد يأتي ممن أسسا هذه الآيديولوجيا، وأسهما في بناء أفكار التيار؛ ليس فقط محليا، بل إقليميا وعالميا.
وقال «مع من أن كلا الرجلين انحاز إلى تنظيم آخر يرتبط عضويا بـ(القاعدة)، وهو جبهة النصرة، وتشمله الحرب الراهنة مع (داعش)، فإن هنالك مدى أبعد لما قدّماه من آراء نقدية وفتاوى ضد (داعش)، ويتمثّل في المراجعات التي تجري في أوساط سلفية جهادية تجاه ما حدث مع التيار. وهي مراجعات لا تمسّ البنية الآيديولوجية الصلبة (مثل أفكار الحاكمية والجهاد)، إلا أنّها تدوّر بعض الزوايا الحادة، وتعيد النظر في الموقف من قضايا تبنّاها التيار في الأردن خلال العقدين الماضيين.
ولعل أهم ما في هذه المراجعات خلال الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى الموقف الصارم من «داعش»، يتمثّل في تبنّي مبدأ «سلمية الدعوة» في الأردن، ورفض القيام بأعمال عسكرية أو أمنية. وهو ما يصطدم مباشرة مع الجناح الآخر في التيار، المتأثر بـ«داعش» وبميراث أبو مصعب الزرقاوي الذي أشرف بنفسه (قبل مقتله) على التخطيط لتفجيرات الفنادق في عمان عام 2005. وأشار إلى أن المسار الذي يمكن أن يرسمه أبو قتادة مع المقدسي خلال الفترة المقبلة؛ سيوضح ما إذا كان سيندفع باتجاه التكيّف مع الأوضاع المحلية وتجنب الصدام مع السلطات واستئناف المراجعات وتمديدها، أم أنّ استهداف «جبهة النصرة» بالإضافة إلى «داعش» في الحرب الراهنة، سيعطّل ذلك، ويحدّ من التمادي في هذا الاتجاه.
ويخلص الخبراء إلى أن براءة «أبو قتادة» تأتي في سياق متصل مع عملية تنظيم العلاقة بالتيار السلفي التي عمد إليها الأردن مؤخرا كواحد من خياراته لمواجهة الفكر التكفيري المتطرف، خاصة أن التجربة أثبتت أن التصعيد مع «المتشددين» الذين يملكون سعة للحوار والسماح بالاختلاف يفتح الباب لتزايد الفكر التكفيري المتطرف الذي يرفض الآخر جملة وتفصيلا ولا يترك أي مساحة للاختلاف، وهو ما يدعو للترحيب بنهج السلطات الأردنية بالانفتاح على «متنوري الفكر المتشدد»، باعتبار ذلك من ضروب الحكمة خاصة أن السلطات الأردنية تريد تجفيف الحواضن التي قد ينمو فيها الفكر التكفيري المتطرف، خصوصا أن الأرقام تتحدث عن وجود 2000 أردني في صفوف «النصرة» و«داعش»، والحكمة تقتضي التفريق بين «متشدد فكري» و«متطرف إرهابي».
وأكدوا أن هذا التوجه الرسمي عقلاني وتشوبه الحكمة، لأن مثل هذه التوجهات تسمح للدولة باستثمار وجود قيادات سلفية قادرة على ضبط إيقاع المتعاطفين مع هذا الفكر ومنع انتقالهم إلى صفوف المحاربين ضمن التنظيمات «شديدة التطرف» وهذا بلا شك واحد من خطوط الدفاع التي تعالج منابع الإرهاب قبل قيامه.
«خراسان».. خلية إرهابية توارت بعيدا عن الأضواء وابتعدت عن دعايات «القاعدة» ولم تفاخر بالخطط الموضوعة من جانبها

جريدة الشرق الاوسط... * خدمة «نيويورك تايمز»... واشنطن: مارك مازيتي ..... في فترة ما من العام الماضي، وصل رجل كويتي - في أوائل الثلاثينات من عمره وقضى أكثر من عقد من الزمان يختبئ من الحكومة الأميركية - إلى شمال غربي سوريا؛ حيث التقى بأعضاء آخرين من تنظيم القاعدة، وبدأوا يغرسون جذورهم في بلد مزقه عامان من سفك الدماء والفوضى. يعتقد مسؤولو الاستخبارات الأميركية أن أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، أرسل هذا الكويتي - الذي يُعرف أحيانا باسم محسن الفضلي - من باكستان، ليتولى السيطرة على خلية يمكن أن تستخدم سوريا، في يوم من الأيام، كقاعدة لشن هجمات ضد أوروبا، وربما ضد الولايات المتحدة الأميركية.
وعلى النقيض من الجماعات الجهادية الأخرى التي برزت على الساحة في السنوات الأخيرة، توارت هذه الخلية الإرهابية «خراسان»، التي جاء السيد الفضلي ليقودها - بعيدا عن الأضواء؛ حيث لم تقم بنشر مجلات إلكترونية ولم تتباه بالخطط الموضوعة من جانبها عبر موقع «تويتر». تطور هذه الجماعة من الغموض إلى الأعمال المشينة كان أمرا مفاجئا: في يوم الثلاثاء، تحدث الرئيس أوباما، للمرة الأولى، عن هذه الجماعة بشكل علني، عندما صرح بأنه أصدر أمرا بشن غارة جوية ضدها لعرقلة ما عدّه المسؤولون الأميركيون مؤامرة إرهابية تستهدف الغرب.
ولم تؤكد الحكومة الأميركية حتى الآن مقتل السيد الفضلي في الهجوم الذي شنته، وأدلى المسؤولون الأميركيون بروايات مختلفة تفيد فقط بأن الجماعة كانت على وشك شن هجوم، وحول فرص نجاح أي مؤامرة. ونعت مسؤول أميركي بارز، يوم الأربعاء الماضي، مؤامرة جماعة «خراسان» بـ«التطلعية»، موضحا أنه لا يبدو حتى الآن وجود خطة ملموسة يسيرون عليها.
التركيز على جماعة «خراسان» في الآونة الأخيرة - في الوقت الراهن على الأقل - أدى لتشتيت الانتباه عن «داعش»، التنظيم المسلح الذي كانت النجاحات الأخيرة التي حققها على أرض المعركة المبرر الأساسي لقيام أوباما بشن غارات جوية ضده. كما أكد أيضا على الصلة المستمرة مع قيادة تنظيم القاعدة في باكستان، وهو التنظيم الذي أوضح الرئيس أوباما - في الكلمة التي ألقاها أمام الأمم المتحدة يوم الأربعاء - جرى تدميره بشكل سيئ.
ومن جهته، قال بروس أوه ريدل، محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وهو الآن محلل بمعهد بروكينغز «هناك نوع من التناقض»، وأضاف «لو كان جرى تدميرهم، فلماذا يناوبنا قلق شديد عندما نكتشف أدلة جديدة حول أنشطتهم؟».
ندرة المعلومات العامة حول جماعة «خراسان» تجعل من الصعب استخلاص استنتاجات قاطعة حول أهدافها النهائية. فيما يعتقد مسؤولون استخباراتيون وخبراء معنيون بشؤون الإرهاب أن هذه الجماعة رغم وجودها في سوريا فإنها تدين بالولاء، في نهاية المطاف، إلى الظواهري والقيادة الأساسية لتنظيم القاعدة في باكستان. وأشاروا إلى أنه كان يبدو أن حجم الجماعة يتأرجح، لكنها كانت تتكون من نحو عشرين عنصرا، جاء معظمهم من باكستان وأفغانستان إلى سوريا، في بداية عام 2012.
وبمجرد وصولهم إلى سوريا، تواصل أعضاء الجماعة مع مقاتلين من جبهة النصرة، المنظمة السورية المتمردة والفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، وهي واحدة من الجماعات التي تضم عددا لا يحصى من العناصر وتشكلت في السنوات الأخيرة من أجل محاربة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما قال محللون إن جبهة النصرة لا تزال ملتزمة في الأساس بمحاربة القوات التابعة للحكومة من أجل السيطرة على الأراضي في الحرب الأهلية المفزعة التي تشهدها سوريا، تركز جماعة خرسان على الهجمات الخارجية.
ومن جانبه، قال سيث جي جونز، الخبير في شؤون الإرهاب بمؤسسة «راند»: «كان تنظيم القاعدة يريد بالأساس نشر المزيد من العناصر التابعة له في سوريا، التي تعد ساحة قتال مهمة بالنسبة لهم، لأنها قريبة جدا من أوروبا». فيما أفاد عدد من مساعدي الرئيس أوباما يوم الثلاثاء بأن الغارات الجوية لعناصر جماعة خراسان جرى شنها لإحباط تهديد إرهابي «وشيك»، ربما يلجأ إلى استخدام متفجرات مخبأة لتفجير طائرات، بينما أوضح مسؤولون أميركيون آخرون أنه لم يكن هناك دليل يشير إلى أن «خراسان» اتفقت على توقيت أو مكان الهجوم.
 
ضغوط أميركية لدفع تركيا للانضمام للتحالف الدولي وخطوات لمنع تسلل المقاتلين إليها ولقاء مفاجئ بين بايدن وإردوغان في نيويورك * الرئيس المصري يرفض الرد على إساءات الرئيس التركي

جريدة الشرق الاوسط.... نيويورك: هبة القدسي .... من دون ترتيبات مسبقة، أعلن البيت الأبيض، في وقت متأخر، مساء أول من أمس، عن سفر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى نيويورك، لعقد لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مساء أمس (الخميس)، دون أن يكون لنائب الرئيس جدول لقاءات أو اجتماعات مرتّبة في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويجتمع بايدن مع إردوغان في الوقت نفسه الذي يجتمع فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتدور تكهنات حول ضغط أميركي على تركيا للمشاركة في جهود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، ومنع تدفق المقاتلين الأجانب عبر أراضيها، ودفعها للقيام بدور أكبر في منع تهريب الأسلحة والنفط من سوريا والعراق عبر أراضيها إلى السوق السوداء.
وفي الجانب الآخر، تقوم الإدارة الأميركية باتخاذ خطوات حثيثة لتحسين علاقاتها بمصر.
وأشار مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تركيا لم تتعهد بعد بتقديم أي مساعدة جديدة للتحالف، وأن الاجتماعات تجري بشكل مستمر حول هذه المسألة لتحدد تركيا موقفها، وفي الحد الأدنى نحن نريد التعاون للقضاء على تدفق المقاتلين داخل وخارج سوريا والعراق، وتركيا نقطة عبور رئيسة للمقاتلين الأجانب، وقد أجرينا مناقشات معهم بشأن هذه المسألة».
وأوضح المسؤول أن نائب الرئيس الأميركي سيناقش مع الرئيس التركي فرص مشاركة تركيا في العمليات العسكرية ضد «داعش»، أو تقديم الدعم اللوجيستي العسكري لقوى التحالف، واستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا (التي تبعد مائة ميل من الحدود السورية)، وتأمين الحدود التركية السورية، والعمل بشكل أكبر لمنع تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود التركية السورية، إضافة إلى المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لتركيا للتعامل مع مشكلة اللاجئين الذين يفرون من سوريا، خاصة اللاجئين الأكراد الذي هربوا إلى الحدود التركية، بعد أن قام مقاتلو «داعش» بالاستيلاء على عشرات القرى قرب الحدود. واستبعد المسؤول الأميركي أن تتطرق المحادثات بين بايدن وإردوغان إلى الوضع في مصر.
ويأتي لقاء بايدن وإردوغان بعد يوم واحد من تصريحات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، أشار فيها إلى أن تركيا جزء لا يتجزأ من التحالف الدولي ضد «داعش»، وأكد خلالها أن تركيا ستكون في الخطوط الأمامية في هذه الجهود.
وقال كيري: «تركيا مستعدة لبذل جهود إضافية معنا، ونحن ممتنون جدا لهذه الرغبة».
وأشار الرئيس التركي في تصريحات للصحافيين إلى أن تركيا تنظر للعمل الذي تقوده الولايات المتحدة بشكل إيجابي، وأنه يجب أن يستمر.
وأوضح أن بلاده ستبذل جهودها ضد التهديدات الإرهابية، لكنه لم يُشر إلى نوعية الجهد الذي يتشارك به أو المساعدات التي تطلبها الولايات المتحدة من تركيا. يُذكر أن الرئيس التركي كان حذرا بشأن الانضمام للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» في سوريا والعراق، وقاومت الحكومة التركية، خلال الفترة الماضية، استخدام أراضيها محطة انطلاق للقوات الأجنبية ضد «داعش»، لكن الحكومة التركية تواجه تهديدات إرهابية من المسلحين في شمال سوريا والعراق، وأيضا من الانفصاليين الأكراد الذين تراهم أنقرة تهديدا لأمنها.
وفي وقت سابق، أشار إردوغان إلى فكرة إنشاء منطقة عازلة على الحدود التركية مع سوريا والعراق، وأبدت واشنطن تحفظاتها على الفكرة، وأنها قد تحتاج إلى فرض منطقة حظر طيران، ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن تركيا تريد الدفع بهذه الفكرة لمواجهة الانفصاليين من حزب العمال الكردستاني.
وأعلنت الحكومة التركية أن ما يقرب من 6 آلاف مقاتل عبر الأراضي التركية، خلال العام الماضي، للانضمام إلى «داعش». وتشغل الأراضي التركية معبرا مهما للأسلحة والنفط من داخل سوريا والعراق إلى السوق السوداء، وتعتقد الولايات المتحدة أن الحكومة التركية لا تقوم بالجهد الكافي لمنع تهريب السلاح والنفط عبر أراضيها.
وقد أثار نجاح تركيا في تحرير 49 من الدبلوماسيون الأتراك الذين اختطفهم مسلحو «داعش» من القنصلية التركية في الموصل، في يونيو (حزيران) الماضي شهية الولايات المتحدة والدول الغربية للضغط على تركيا، للتعاون في مواجهة «داعش».
من جانب آخر، رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرد على الاتهامات والإساءات التي وردت في خطاب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضده، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال السيسي في لقاء مع الصحافيين بمقر إقامته: «أحد الرؤساء تكلم بحقي بشكل سيئ، لكني لن أرد»، مشيرا إلى أن هدفه الاستراتيجي هو حماية مصر في المرحلة الهشة التي تمر بها، وترجمة هذا الهدف إلى استراتيجيات لتقوية مصر سياسيا واقتصاديا.
وأوضح الرئيس السيسي أنه لا يفكر في قطع العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، حرصا على مصالح المستثمرين والتجار المصريين الذين يرتبطون بعلاقات مع شركات تركية، وأن فكرة قطع العلاقات سيكون لها تبعات كثيرة، وأنه يركز في الوقت الحالي على بناء الدولة المصرية.
ولمح السيسي إلى مخاطر جماعة الإخوان، وأن ما قام به المصريون من ثورة ضد حكم استخدم الدين أداة لتحقيق أهداف سياسية وطوعه أداة لتحقيق مصالحه، قد أربك عدة دول وأحبط عدة مخططات.
وقال السيسي: «ما حدث في مصر من ثورة مصريين على حكم تخفى وراء الدين، واستغله لتحقيق مصالحه، خلق مشكلة لبعض الدول لا أحد يتصورها».
وأشار السيسي إلى أنه سيركز في محادثاته مع الرئيس الأميركي على المساعدات الأميركية لمصر، وتسليم طائرات «أباتشي»، وسبل مكافحة تهديدات تنظيم «داعش»، مشددا على أهمية الاستراتيجية الشاملة لمواجهة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية المنتشرة في المنطقة العربية، وأهمية عنصر التسامح المذهبي والطائفي في المنطقة.
وحذر الرئيس المصري من المخاطر التي يواجهها اليمن، وقال: «اليمن وتطوراته السريعة مرشح ليكون بؤرة تهديدات خطيرة لدول المنطقة».
وكانت الخارجية المصرية قد اتهمت الرئيس التركي بدعم الإرهابيين وإثارة الفوضى في المنطقة، بعد قيامه بالتشكيك في شرعية الرئيس المصري، وتوجيه انتقادات لما سماه انقلابا عسكريا، وصمت المجتمع الدولي على الإطاحة بالرئيس المنتخب مرسي، خلال كلمته أمام الجمعية العامة.
وقال المسؤولون المصريون: «ليس هناك شك في أن اختلاق مثل هذه الأكاذيب والافتراءات ليس شيئا غريبا من الرئيس التركي، الذي يحرص على إثارة الفوضى وزرع الانقسامات في منطقة الشرق الأوسط، من خلال دعمه للجماعات والمنظمات الإرهابية».
وقد دفعت تصريحات إردوغان وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى إلغاء اجتماع على هامش الجمعية العامة مع نظيره التركي. وترعى تركيا جماعة الإخوان المسلمين، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العدالة والتنمية التركي، ودأب إردوغان على مهاجمة مصر، وانتقاد الإطاحة بمرسي، ووصف ثورة المصريين بأنها «انقلاب غير مقبول من قبل الجيش».
 
شروط أنقرة لتنشيط دورها في «التحالف»
الحياة...أنقرة - يوسف الشريف
بدا التحول في الموقف التركي تجاه المشاركة العملية في التحالف الدولي ضد «داعش» أسرع من المتوقع ما دفع المعارضة الى السؤال بشكل واضح عن سبب التحول وصدقيته، خصوصاً بعد تسريب خطة طرحها الرئيس رجب طيب أردوغان على الرئيس باراك أوباما تطرح مشاركة عسكرية فاعلة للجيش التركي على الأرض في سورية مقابل اصدار قرار دولي بإنشاء منطقة عازلة على الحدود بين الدولتين بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية مدعومة بحظر للطيران فوقها من أجل تخفيف ضغط اللاجئين السوريين على تركيا. واشترط أردوغان أن تؤدي هذه العمليات العسكرية الى اضعاف نظام الرئيس السوري بشار الأسد تمهيداً لتنحيه أو ارغامه على قبول حل سياسي.
وجاءت هذه التسريبات بالتوازي مع صدور أمر رئاسي من أردوغان لقائد الأركان بتحديد نقاط تمركز القوات البرية التركية على الأرض على الحدود مع سورية لاستقبال موجات اللاجئين تمهيداً للبدء في فرض المنطقة الأمنية العازلة.
وربطت المعارضة هذا التغيير بضغوط أميركية كبيرة وأشارت الى لقاء أردوغان المفاجئ بالرئيس أوباما الذي جاء بعد تصريحات أردوغان الإيجابية عن دعم التحالف الدولي عسكرياً وسياسياً، في حين أن اللقاء لم يكن مجدولاً بعدما كان من المفترض أن يلتقي أردوغان بنائب الرئيس جو بايدن.
وشكك حزب الشعب الجمهوري في جدية ما طرحته الحكومة وقال حمزة شلبي نائب زعيم الحزب إن تركيا تدرك صعوبة صدور قرار في مجلس الأمن حول المنطقة العازلة او منطقة حظر الطيران بسبب الفيتو الروسي، لكن مصادر في الحكومة تحدثت عن إمكانية فرض هذا السيناريو من خلال الناتو من دون الرجوع الى مجلس الأمن اذا كانت واشنطن جادة في نياتها.
ودفع الجيش التركي بخمسين مدرعة الى الحدود مع سورية في مقابل منطقة عين العرب التي تشهد قتالاً ضارياً بين «داعش» والمسلحين الأكراد، تحسباً من سيطرة «داعش» على المدينة وتهديده بعدها الأراضي التركية.
وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو انه سيطلب من البرلمان بداية تشرين الأول (أكتوبر) المقبل تجديد الإذن للحكومة بإرسال قوات الى العراق وسورية من أجل تنفيذ المنطقة العازلة، لكن حزب الحركة القومية الذي كان دعم موقف الحكومة العام الماضي في هذا الشأن انتقد تصريحات داود أوغلو. وقال نائب زعيم الحزب يوسف هالاش أوغلو «ما فائدة المنطقة العازلة بعد دخول مليون ونصف مليون لاجئ وانتشار خلايا داعش في كل المحافظات التركية، أليست هذه الخطوة متأخرة كثيراً وبلا جدوى».
واعتبرت كثير من المواقع الإخبارية أن الخطة التي طرحها أردوغان جاءت لتخفيف الضغط الغربي على حكومته وأن أنقرة لا تزال غير متحمسة للمشاركة فعلياً في هذه الحرب.
 
رئيس أوكرانيا واثق من انتهاء الحرب ويأمل بعضوية الاتحاد الأوروبي عام 2020
كييف، نيويورك – رويترز، أ ف ب -
اعتبر الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمس، أن «الجزء الأكثر خطورة من الحرب» مع الانفصاليين الموالين لموسكو «ولى»، لكنه أمر بإغلاق موقت للحدود مع روسيا، معلناً أن بلاده ستقدّم عام 2020 طلباً لعضوية للاتحاد الأوروبي.
وأعلن الجيش الأوكراني أنه للمرة الأولى منذ بدء المواجهات مع المتمردين في نيسان (أبريل) الماضي، لم يسقط قتلى مدنيون أو عسكريون خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية على خط الجبهة، علماً أن النزاع أوقع أكثر من 3200 قتيل.
وقال بوروشينكو في مؤتمر صحافي: «لا شك في أن القسم الأساسي والأكثر خطورة من الحرب، ولى بفضل بسالة جنودنا».
وأعرب عن ثقته بـ «نجاح» خطة سلام اقترحها، على رغم رفض المتمردين عرضه مبدأ «الوضع الخاص» الذي يضمن حكماً ذاتياً أكبر للمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا، وتنظيم انتخابات في 7 كانون الأول (ديســـمبر) وعفواً مشروطاً عن المسلحين.
وأعلن بوروشينكو أن بلاده لن تعترف بانتخابات يعتزم الانفصاليون تنظيمها الشهر المقبل، قائلاً: «لن تعترف بها أوكرانيا ولا سائر العالم، وآمل بألا تعترف بها روسيا أيضاً».
واعتبر أن أوكرانيا «عانت كثيراً في المعسكر الاشتراكي، لتتيح لأي فرد بإسدال ستار حديد عند حدودنا الشرقية»، مضيفاً: «لذلك، إن حدودنا الشرقية هي الآن الخط الأمامي للنضال من أجل أوروبا موحدة».
وكان بوروشينكو أمر بإغلاق موقت للحدود مع روسيا، من أجل «وقف تدفق العديد والعتاد» من أراضيها، لافتاً إلى «تدخل مستمر» لموسكو في «الشؤون الداخلية الأوكرانية»، علماً أن الانفصاليين يسيطرون على جزء من الحدود البرية بين روسيا وأوكرانيا التي تمتد على ألفي كيلومتر.
وقال لقضاة أوكرانيين إنه سيقدّم برنامج إصلاحات اقتصادية واجتماعية عنوانه «استراتيجية 2020»، ينص على تنفيذ حوالى «60 إصلاحاً وبرامج اجتماعية سيؤدي اعتمادها إلى تحضير أوكرانيا لتقديم طلب العضوية إلى الاتحاد الأوروبي خلال ست سنوات».
وأعلن الرئيس الأوكراني أنه كلّف الحكومة التخلي رسمياً عن وضع عدم الانحياز الذي تتبنّاه بلاده، ما يمهد أمام انضمامها إلى الحلف الأطلسي.
وكانت أوكرانيا صادقت الأسبوع الماضي على اتفاق تاريخي للشراكة مع الاتحاد الاوروبي. لكن بدء تطبيق اتفاق للتبادل الحر مع بروكسيل، أُجِّل حتى مطلع 2016، لتبديد مخاوف موسكو كما يبدو.
في نيويورك، حض رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك الغربيين على عدم رفع العقوبات عن روسيا، إذ قال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «ندعو إلى عدم رفع العقوبات، طالما لم تستعد أوكرانيا سيادتها على كامل أراضيها».
وندد بـ «غزو» روسي لشرق أوكرانيا، معتبراً أن موسكو هي «عضو في إخلال الأمن، بدل أن تكون عضواً في مجلس الأمن». وأضاف أن «عضواً في مجلس الأمن ينتهك مبادئ شرعة الأمم المتحدة، وهذا غير مقبول».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما تعهد أن يرفع الغرب العقوبات، إذا اختارت روسيا «طريق الديبلوماسية والسلام» في أوكرانيا. واعتبر أن «العدوان الروسي في أوروبا يذكّر بعهد كانت الأمم الكبرى تدوس الصغرى، سعياً إلى طموحات تتعلق بأراض».
وعلّق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قائلاً إن «العقوبات شأن الولايات المتحدة، لكن ما يجري في أوكرانيا ليس من شأنها في أي شكل».
 
مصر: التكفيريون ظهروا علناً في أحداث الثورة ... ومُنظّرهم طليق
الحياة...القاهرة - أحمد رحيم
ما بين هتاف «يا مشير أنت الأمير» الذي ردده الإسلاميون في ميدان التحرير في تظاهرات سُميت «جمعة قندهار» في تموز (يوليو) من العام 2011، وهتاف «الشعب يريد إعدام المشير»، الذي رددته القوى ذاتها في ايار (مايو) من عام 2012 قرب وزارة الدفاع في حي كوبري القبة في مصر، وقعت أحداث جسام في مصر يمكن من خلالها تفسير ذلك الصعود اللافت لـ «فكر التكفير»، بعدما كاد يندثر في أواخر عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي تنحى تحت وقع تظاهرات ثورة 25 كانون الثاني (يناير) في عام 2011.
في «جمعة قندهار»، هتف الإسلاميون في ميدان التحرير: «إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية»، ورفعوا علناً أعلام تنظيم القاعدة، وصوراً لزعيم التنظيم أسامة بن لادن. وضرب جهاديون أطلقوا من السجون خياماً في أرجاء الميدان، وخطب بعضهم في مئات الآلاف من المتظاهرين، بشعارات براقة عن حكم الشريعة.
وكانت تلك التظاهرة، إيذاناً ببعث جديد لأفكار الجهاد في مصر، بعدما كانت اندثرت تحت وقع الضربات الأمنية الموجعة إبان حكم مبارك، فضلاً عن المراجعات الفكرية التي أجرتها الجماعة الإسلامية بإشراف منظرها الدكتور ناجح إبراهيم، وما تلاها من مراجعات لتنظيم «الجهاد» لمنظره سيد إمام الشريف تحت عنوان «ترشيد العمل الجهادي».
وظهر أن توازنات سياسية في فترة حكم المجلس العسكري لمصر، أجبرت جنرالات الجيش على قرارات قوّت شوكة الجهاديين من أرباب «فكر التكفير»، فتوالت الإطلاقات من السجون التي شملت متهمين في قضايا اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات ومحاولة اغتيال مبارك، وفتحت القاهرة بوابات موانئها لاستقبال «المجاهدين» الذين أمضوا أعماراً مطاردين في الخارج، فأُطلق محمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم القاعدة، ورفاعي طه ومصطفى حمزة قائد الجماعة الإسلامية، وسيد إمام، وعاد محمد شوقي الإسلامبولي شقيق خالد الإسلامبولي قاتل السادات، وعشرات من القيادات الكبرى للحركة الجهادية في مصر.
وأظهر اعتصام العباسية الذي سعى من خلاله إسلاميون إلى ضرب حصار على مقر وزارة الدفاع ذاتها، أن شوكة الجهاديين قويت إلى درجة تنذر بما لا تحمد عقباه، فالاعتصام الذي كان قوامه أنصار الشيخ السلفي حازم أبو اسماعيل لمطالبة الجيش بتسليم السلطة وإقرار تشريعات خاصة بلجنة الانتخابات الرئاسية، دخله محمد الظواهري وسط مجموعة من الملثمين، مُهدداً بالتصعيدٍ بعد مقتل 10 من المعتصمين في اشتباكات مع مسلحين مجهولين قرب أسوار وزارة الدفاع.
وفي هذا الاعتصام، رفعت أعلام تنظيم القاعدة قرب مقار الجيش الرئيسية، وهتف ملتحون «الشعب يريد إعدام المشير»، وهتف المتظاهرون ضد «الطواغيت»، في إشارة إلى الضباط والجنود، في مشهد كان يشير بجلاء إلى موطئ قدم بات موجوداً للجهاديين المتشددين في مصر، وهو ما عززته أحداث السفارة الأميركية في القاهرة التي رفع إسلاميون على أسوارها أعلام القاعدة بعد شهرين من انتخاب القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» محمد مرسي رئيساً في حزيران (يونيو) من عام 2012، احتجاجاً على فيلم مسيء للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهي الأحداث التي كادت تنتهي باقتحام السفارة.
وقال منظر الجماعة الإسلامية في مصر الدكتور ناجح إبراهيم الذي قاد فكر المراجعات في الجماعة، إن فكر التكفير بدأ مع ظهور الخوارج أثناء الصراع السياسي بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن ابي سفيان، ويستدل من ذلك على أن الصراعات السياسية هي المناخ المناسب لنشأة فكر التكفير. وأكد إبراهيم ان «فكر التكفير موجود من قديم الزمن لكن التكفيريين فشلوا على مدار قرون في إقامة دولة. في التاريخ الحديث كانوا في أفغانستان ولم يقيموا دولة وكذلك في الصومال وليبيا ونيجيريا، وحتى في العراق وسورية، لم تُقم «داعش» دولة، بل هدمت دولتين». وعزا إبراهيم ذلك الأمر إلى أن «الدولة تقوم على التعددية، أما التكفير فيقوم على الإقصاء. هم يكفرون 90 في المئة من المسلمين أنفسهم، فما بالك بغير المسلمين. الإسلام أقر التعددية السياسية والدينية وحتى الفقهية، لكن هم يرفضون التعددية، ولذلك هم بارعون في هدم الدول، لذلك فإن التكفير والتفجير وجهان سيئان لعملة واحدة سيئة… أينما وجد التكفير وجد التفجير. التكفير قتل معنوي والتفجير قتل مادي».
وأوضح إبراهيم أن التكفير بدأ في مصر مع كتابات سيد قطب التي كتبها بلغة أدبية فضفاضة، فأخذ منها البعض أحكاما عقائدية، هو (قطب) كتب عن جاهلية المجتمع فكفروا المجتمع، وعن جاهلية الحكم فكفروا الحكم، لأنهم لم يدركوا أن اللغة الأدبية تختلف عن اللغة الفقهية.
وأشار إلى أن «فكر التكفير انتشر في السجن الحربي في العام 1965، على خلفية التعذيب الذي لاقاه الإسلاميون في السجن. الحديث بدأ بأن من يعذبون السجناء بهذا الشكل من غير الممكن أن يكونوا مسلمين، وبالتالي هم كفار، ثم بدأ الحديث عن أن من يعطونهم الأوامر كفار، إذاً الرئيس عبدالناصر كافر والشعب الذي يؤيده كافر… بدأت هذه الأفكار تنتشر بين الإخوان المسلمين كالنار في الهشيم، حتى أن الجماعة أدركت خطورة الموقف، فبدأت اجراء مراجعات، أقر بها كل من في السجن عدا 6 أشخاص أبرزهم شكري مصطفى… كان هناك من لم يراجع أفكاره لكنه اضطر للقبول بالمراجعات، وهؤلاء أطلق عليهم القطبيون».
ولفت إبراهيم إلى أن أفكار التكفير تراوحت من جماعة لأخرى «البعض كان يقول بالعذر بالجهل، وآخرون يكفرون الكل. ظهر الوجه القبيح القاسي للتكفيريين مع قتل الشيخ الذهبي، الذي قتلته جماعة شكري مصطفى بعدما اصطحبه رجالها من منزله على أنهم ضباط في أمن الدولة، ثم قتلوه برصاصة في عينه».
وأشار إبراهيم إلى أن الجماعة الإسلامية دخلت في خلافات كبيرة مع «الجهاد» بخصوص التوسع في التكفير. وقال: «الجماعة كانت ضد توسع «الجهاد» في التكفير، كانت الجماعة الإسلامية تُكفر الحاكم فقط، وهذا خطأ راجعناه، لكن جماعة الجهاد بزعامة أيمن الظواهري في ذلك الوقت كفرت الجيش والشرطة والبرلمان وحتى الشعب». وأضاف: «لما لم تجد جماعة الجهاد فرصة للازدهار في مصر، بعد عمليات أمنية ضد المجموعات التكفيرية وتوقيف قادتها، ذهبت إلى أفغانستان وقابلت بن لادن، وصاغت له الفكر التكفيري
كان سيد إمام الشريف منظر الفكر التكفيري في معسكرات القاعدة، وهو أستاذ أيمن الظواهري، والخلاف بينهما سببه حذف الظواهري أبواباً من كتاب إمام «الجامع» لأنها غالت في التكفير». وأضاف: «بن لادن في البداية لم يكن يكفّر أحداً، سيد إمام نظّر لفكر التكفير في أوساط القاعدة عند بداية تكوينها. كُتبه أساس التكفير في أدبيات كل المجموعات التي نراها على الساحة العربية الآن. هم يدرسونها لأنصارهم لإقناعهم بما هم فيه من تطرف وغلو… استطيع أن أقول إن سيد إمام هو منظر فكر التكفير خصوصاً في كتابي «العمدة في إعداد العدة» و «الجامع في طلب العلم الشريف». الكتابان من أساسيات فكر التكفير».
وعلمت «الحياة» أن سيد إمام طليق، ويعيش في منزله في محافظة بني سويف جنوب القاهرة. وكان أفرج عنه بعد إعادة محاكمته وتبرئته من تهم الإرهاب بعد «ثورة 25 يناير»، إذ كان محكوماً بالمؤبد.
وأوقف إمام في اليمن في عام 2001، وتم تسليمه للقاهرة في عام 2004، وأطلق وثيقة «ترشيد العمل الجهادي» من محبسه في عام 2009. وظهر في وسائل إعلام مصرية بعد انتخاب مرسي رئيساً وكفّره وكفّر جماعة الإخوان لأنها لم تحكم بالشريعة الإسلامية.
وقال ناجح إبراهيم ان الجماعات التكفيرية الآن يمكن رصدها في «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» و «القاعدة في بلاد المغرب العربي»، و «أنصار الشريعة» في ليبيا، و «جبهة النصرة» في سورية و «القاعدة في اليمن». ولفت إلى أن «داعش» و «أنصار بيت المقدس» التي تنفذ عمليات مسلحة في سيناء، غالتا في التكفير، لأنهما كفرتا الأحزاب ذات المرجعية الدينية، ووصلت «داعش» إلى حد «المزايدة على أيمن الظواهري ودعوته للتوبة».
وقال إن الفكر التكفيري كاد يندثر في مصر في أواخر عهد مبارك، لكن الثورة أعطته قُبلة الحياة، وظهرت له «قيادة سياسية» تمثلت في الشيخ السلفي حازم أبو إسماعيل الذي كان حاضنة لكل المجموعات التكفيرية، وقيادة ميدانية مثلها محمد الظواهري. وقال: «التكفيريون تجمعوا من كل المحافظات من سلفية القاهرة والمنصورة والفيوم في حركة «حازمون». وبدأوا التوجه إلى سيناء، وكانت لهم 3 معسكرات هناك تتلقى المال والسلاح ومعسكرات التدريب على مرأى من الناس، وأرسلوا مقاتلين تدربوا في سورية. وكانت أولى عملياتهم مجزرة رفح الأولى التي نفذت في بداية عهد مرسي رداً على قتل 10 من أنصارهم في اشتباكات العباسية قبل تولي مرسي الحكم بشهر».
وكشف إبراهيم عن أن قيادات التيار الإسلامي التي التقت قيادات المجموعات التكفيرية في سيناء بتفويض من مرسي واتفاق مع جماعة الإخوان، اتفقت معهم على وقف عملياتهم مقابل عدم مطاردتهم وإطلاق بعض المحكومين، وهم اعتبروا أن وجود الإخوان في الحكم «أقل الضررين»، لأن الإخوان أقرب لهم من الجيش، وبعد عزل مرسي في تموز (يوليو) من العام 2013، بدأوا تنفيذ عمليات وتفجيرات ضد الجيش والشرطة حتى قبل فض اعتصام رابعة العدوية، لكن لم يكن لهم ارتباط تنظيمي بجماعة الإخوان، إذ إن بعضهم كان يكفر مرسي نفسه، غير أنهم بعد عزله «فقدوا كل شيء وتأكدوا من أنهم سيكونون أول المستهدفين».
وأوضح إبراهيم أن بؤر التكفيريين في مصر معروفة، فهم ينتشرون في مناطق محددة في محافظات الشرقية والفيوم وبني سويف وفي الدلتا، وأحياء في القاهرة منها شبرا وإمبابة وبولاق وعين شمس.
 
الفيوم معقل الشوقيين التكفيريين: من هنا بدأ استحلال الأموال والنساء والأرواح
الحياة...الفيوم (مصر) – دعاء فؤاد
بضعة كيلومترات تفصل ما بين قرية كحك الشهيرة بنفوذ الجماعات الإسلامية الراديكالية، وقلب مدينة الفيوم (نحو 150 كلم جنوب القاهرة). لا يزال الناس في القرية يتذكرون المهندس شوقي الشيخ القيادي البارز في تنظيم الجماعة الإسلامية الذي انشق عن الجماعة ليُكوّن تنظيمه الخاص الذي سمي «تنظيم الشوقيين». وإذا كان حال القرية الآن اختلف عن فترة سيطرة التكفيريين فإنهم أبقوا خيوط تماس معها باعتبار القرية ما زالت أرضاً خصبة لمزيد من تكفيريي المستقبل.
ويذكر عبدالعزيز عبدالرحمن، أحد أهالي مدينة إبشواي المجاورة لقرية كحك، حال القرية في تلك الأيام، ويشير إلى أن جماعة الشوقيين كانت ذات «نفوذ كبير وتفرض منطقها وسطوتها، وهم كانوا يستحلون أموال أهل القرية ويتزوجون النساء عنوة. كان العنف منتشراً في شكل كبير في هذه القرية خصوصاً تجاه الأقباط».
اعتقل شوقي الشيخ في بداية عام 1981، ووقتها كان قيادياً بارزاً في الجماعة الإسلامية، قبل أن يُطلق سراحه عقب اغتيال الرئيس أنور السادات، ليُكوّن جماعته (الشوقيين) التي كفّرت كل من هم خارجها: حكاماً ومحكومين، بل إن الشيخ اعتبر أن مهمته الأولى تصفية الجماعات الإسلامية الأخرى.
وارتكز فكر التنظيم على تكفير الحاكم والمجتمع والدعوة إلى الخلافة الإسلامية بالقوة، من طريق إثارة الرأي العام وارتكاب جرائم هدفها إفقاد المواطنين ثقتهم بمؤسسات الدولة. واعتبر الشوقيون أنفسهم في حالة حرب مع أهالي القرية الذين اتهموهم بالكفر. فالذي لا يحتك بهم هو من وجهة نظرهم «كافر مسالم» والذي يحتك بهم «كافر محارب».
وبدأوا محاربة الكفار المحاربين وقطعوا أشجار الزيتون التي يمتلكونها وكل ما هو مثمر، وذبحوا مواشيهم وأحرقوا محاصيلهم في الحقول. وموَّل التنظيم عملياته من سرقة الدراجات النارية والسيارات أولاً، ثم اتجه إلى السطو المسلح على محلات الذهب خصوصاً التي يمتلكها الأقباط استناداً إلى الفتوى التي أطلقها الشيخ وأحل فيها الأموال، ما عدا أموال أعضاء التنظيم، باعتبار الآخرين كفاراً.
وكان الفارق بين جماعة التكفير والهجرة وجماعة الشوقيين أن الأولى اختارت العزلة عن المجتمع ونأت في البداية عن العنف، أما الثانية فكانت في كنف المجتمع وبين أهله ولجأت إلى العنف.
لكن التنظيم عانى خلافات فكرية عميقة بين عناصره وكذلك صراعات على الزعامة فاختلف عبدالله خليفة مع قائده شوقي الشيخ وشكل تنظيماً مستقلاً، كما وقع انشقاق آخر في صفوف مجموعة خليفة بخروج محمود صالح وعلي عبدالوهاب ورمضان مصطفى وعلي فايد ميهوب. وحين وقع الصدام بين الشرطة والمتطرفين في الفيوم في نيسان (أبريل) 1990، فر عبدالوهاب ورمضان وميهوب وكوّنوا مجموعة بدأت عمليات السطو المسلح على محلات الذهب، وكانت العملية الاولى التي نفذوها في كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه، عندما سرقوا محل حكيم في قرية بشتيل. لكن انشقاق شوقي الشيخ عن زعيمه (الأب الروحي للجماعة الإسلامية المسجون في أميركا) عمر عبدالرحمن ظل أشهر الانشقاقات وأكثرها دموية في تاريخ الانشقاقات بين الجماعات الراديكالية، إذ ارتبط بتصفيات جسدية نفذها أنصار شوقي الشيخ الذي أصدر فتوى بأن عمر عبدالرحمن نفسه خرج عن دين الإسلام وأن دمه مباح، ومن يأتي برأسه سيدخل الجنة. وجاءت الفتوى بعد مشادة عنيفة بينهما في مسجد التوحيد في سنرو، وهي القرية التي نشأ فيها شوقي الشيخ.
واعتقلت الشرطة، على خلفية نشاط الجماعة العنيف، عدداً كبيراً من أعضاء التنظيم، وكان أن قتل المقدم أحمد علاء ضابط أمن الدولة الذي كان يشغل منصب رئيس قسم مكافحة النشاط الديني، إذ أطلقت النار عليه من سلاح آلي وهو في سيارته.
هكذا ظلت القرية ذات سمعة سيئة حتى قُتل شوقي في مواجهة عنيفة بين الشرطة وعناصر تنظيمه في شوارع القرية في عام 1990.
وبعد موته اندلعت موجة من العنف على يد الشوقيين الذين تركوا تماماً العمل الدعوي، أو حتى الصراع مع التنظيمات والجماعات الأخرى، وتفرغوا للانتقام من الدولة رداً على مقتل زعيمهم وحتى عام 1994 عندما التأم شمل غالبية الشوقيين داخل السجون.
الحال عقب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) يرويه جمال الشاعر، أحد سكان القرية، إذ يقول: «بعد الثورة خرج الكثير منهم من السجون والمعتقلات وأرادوا أن يعيدوا النشاط التكفيري وفي أماكن بعيدة من التأهيل العمراني وتحديداً في الحقول حيث أقامت تلك العناصر عدداً من الزوايا في قرى مركز إبشواي ويوسف الصديق. واللافت أن الشوقيين الجدد منعوا دخول من لا ينتمي إلى فكرهم إلى مساجدهم... قبل دخول جماعة الشوقيين إلى القرية كنا نعيش في أمن وسلام، وكان التعليم ضئيلاً جداً، وكل ما يشغل بال الأهالي هو الصيد والزراعة إلى أن ظهر الدكتور عمر عبدالرحمن».
عقب الثورة تجمعت مجموعة من الشوقيين في قرية أبو شنب التابعة للمركز وأقامت مسجداً في الحقول لا يصلي فيه أحد لا ينتمي إلى فكرها، كما تجمعت مجموعة أخرى في منطقة العلوية في المركز أيضاً وأقامت مسجداً آخر في الخلاء. ولم يستطع أحد، أياً يكن، دخول مساجدهم هذه أو الصلاة فيها.
وأضاف جمال الشاعر: «لا يجد الأهالي في الوقت الراهن خطورة في وجود هذه المجموعات لأنهم في السابق كانوا يعتمدون على تجنيد الأهالي في القرى من الفقراء والصيادين والذين لا يجيدون القراءة والكتابة، وكانوا يتلاعبون بعقولهم باسم الدين. أما الآن فالوضع اختلف نسبياً بعد انتشار التعليم في القرى والعزب والنجوع».
أما عن نشاط الإخوان فيقول أحمد محمود، من أهالي القرية، إن نسبة كبيرة من عناصر الإخوان تتمركز حالياً في قرية كحك وسائر القرى المحيطة بها، مشيراً إلى أن للإخوان وجوداً ملحوظاً في محافظة الفيوم. وهم بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) سعوا مراراً إلى مهاجمة أقسام الشرطة وتعطيل وسائل المواصلات، إلا أن الأهالي تصدوا لهم كما تقوم الشرطة بملاحقتهم. وبين نشاط الإخوان ومحاولات التكفيريين الحصول على شبان لتجنيدهم وتسفيرهم إلى سيناء، يبقى أن الفيوم عموماً وقرية كحك خصوصاً لا تزال مسرحاً لقصص التطرف والتكفير.
 
المسألة الطائفية وصناعة الأقليات في المشرق العربي الكبير()
شمس الدين الكيلاني
المستقبل...تقرير عن مؤتمر حمل العنوان نفسه.. جرى في الاردن بتاريخ 13 15 ايلول 2014
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أعمال مؤتمر: «المسألة الطائفية وصناعة الأقلّيات في المشرق العربي الكبير» في البحر الميت الأردن بين 13-15 ايلول/ سبتمبر في الأردن. وعقد المؤتمر سبع جلسات أُلقيت فيها 54 ورقة بحثية محكمة، إضافة إلى خمس محاضرات رئيسة مركّزة . وكان المركز قد عقد مؤتمرين علميين محكّمين في السنتين الماضيتين، موضوعاهما : الإسلاميون وقضايا نظام الحكم الديمقراطي، ومسائل الدولة والأمة والمواطنة والاندماج. فقرَّر المركز هذه السنة تخصيص هذا المؤتمر السنوي لقضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي ومُعوِّقاته في مجال (صناعة الطائفية ) ، وذلك أمام بروز مشاكل الطائفية نتيجة ارتكاز بعض النظم التسلطية، لاسيما سوريا والعراق على عصبيات أو تحالف عصبوي، قاد إلى تفجر المسألة الطائفية. فمنح المؤتمر فرصة للباحثين من أجل تعميق البحث في مسألة الطائفية وصناعتها.

افتتتح الدكتور عزمي بشارة المدير العام للمركز أعمال المؤتمر بكلمة افتتاحية بين فيها أن ظهور نموذج الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) هو نتيجة لقاء شديد الانفجار بين السلفيّةِ الجهاديةِ والطائفية. والأخطر أنَّ هؤلاء تكفيريّونَ وليسُوا طائفيِّينَ فحَسْب، ويمثِّلون نُكوصًا إلى مرحلةِ ما قبلَ الطائفيةِ التي نَعرِفُها إلى مرحلةِ الحروبِ الدينية. وقال إنّ الطائفيّةَ السياسيّةَ رَفَعَتْ رأسَها في بلادِنا وازدَهرَتْ معَ فَشلِ مَسارَي الدّولةِ الوطنيّةِ الحديثةِ القائمة على المُواطنة، والديمقراطيّة؛ مؤكدًا أن الاستبداد الذي استَخدمَ الأيديولوجيةَ السياسيةَ القوميةَ لخِدمةِ سَيطرتِه ونُظُمِه السياسيةِ، وفَرَضَها على العربِ وغيرِ العربِ، أجَّجَ الطائفيةَ، ومَنَعَ تكوُّنَ المواطَنةِ بوصفِها انتماءً للدولة.

وتضمن افتتاح المؤتمر أيضا محاضرتين رئيسيتين للدكتور برهان غليون والدكتور أحمد بيضون، وتلا ذلك ثلاث جلسات من أعمال المؤتمر. أكد غليون في محاضرته على أن شبح الطائفية يخيم اليوم على كل شيء: على شعور الناس بهويتهم وعلى السياسة، وعلى الدين نفسه. وأوضح أن الطائفية السياسية برزت عندما فشل مشروع الدولة الوطنية التي لم تقدم لهم غير الذل والقهر. وأن الطائفية السياسية ليست صنيعة العامّة إنما هي صنيعة السياسيين الذين يستغلونها. وأوضح أن الطائفية عابرة لحدود الدول الوطنية في العديد من الحالات، غير أن النظام الإيراني حاليا هو صاحب أسوأ خطاب طائفي. وأبرز الدكتور أحمد بيضون في محاضرته سياقات وآليات تحول الانتماء إلى جماعة مذهبية أو اجتماعية إلى تعصب طائفي، ونبه إلى أن الطائفة غير المذهب. فبخلاف المذهب كان وجود الطائفة يتعلّق بتوطّنها في الدولة الحديثة.

تألف جدول الأعمال من سبع جلسات تضم كل جلسة منها محورين. وتخصص الجلستان الأولى والثانية لمحوري: «الدولة وسياسات الهوية وإعادة إنتاج الطائفية»، و«الجذور التاريخية وتطييف الصراعات الإقليمية». أما الجلسة الثالثة فموضوعها «المواطنة مقابل الطائفية». وفي اليوم الثاني للمؤتمر، خصصت الجلستان الرابعة والخامسة لمحوري «المسائل الطائفية والإثنية في العراق» و«المسألة الطائفية في مصر». واختتم بمحوري «الأقليات في النظام الفقهي الإسلامي بين التعصب وإمكانات الانفتاح»، و«المسألة الطائفية في بلاد الشام: تاريخ وإشكاليات». وأكد وجيه كوثراني في هذا اليوم أن التجربة التاريخية اللبنانية في فصولها الثلاثة: الحرب الأهلية، الوصاية السورية، وفصل اغتيال الرئيس الحريري وسلاح حزب الله، بينت ضرورة تطوير الصيغة الميثاقية وصيغة الديمقراطية التوافقية في لبنان، لكي لا تصبح هذه الأخيرة ديمقراطية طوائف، وللتخفيف أو الحد من الحمولة الطائفية للميثاق، والعمل من أجل تطوير قانون الانتخاب باتجاه تمثيل وطني، لا طائفي، أي تمثيل المواطنين».

تمركزت الجلسة السابعة، في اليوم الثالث، على «المواطنة مقابل الطائفية» والثاني عن «المسألة الطائفية في بلاد الشام». اقترح محمد السعيدي سيناريو الفيدرالية كحل. بينما اعتبرها آخر مدخلاً للتقسيم ورأى ثالثٌ أنّ مشكلة الطائفيّة هي في العمق سياسيّةٌ وفي احتكار البعض للسلطة. وعُقدت جلستان متوازيتان، في الأخير، موضوعهما «الدولة المذهبية والطائفية إقليم الجزيرة العربية - تاريخ وإشكاليات» و«في المسألة الطائفية في بلاد الشام تاريخ وإشكاليات». ثم اختتم المؤتمر أعماله بعد ظهر يوم الاثنين 15 أيلول/ سبتمبر 2014، بمائدة مستديرة تفاعلية تحت عنوان «العروبة والدولة الوطنية في مواجهة التمزقات الأهلية والسياسات الطائفية وقومنة الهويات.. إشكاليات وقضايا، تحديات وآفاق»، أكد فيها أغلب الباحثين على ضرورة انتقال المجتمعات العربية إلى الدولة المدنية، دولة المواطنة التي تضمن التعدد والمساواة. وأكد آخرون على أن أبرز ما قدمه المؤتمر هو وضع المسألة الطائفية تحت الضوء فأخطر ما في المشكلة هو أن ننكر وجودها. ونوه علي محافظة على بأن الأقليات والإثنيات موجودة في تاريخ منطقتنا وهذه ليست المشكلة، إنما المشكلة في كيف نتعامل معها . وميّز الدكتور كمال عبد اللطيف بين «التعدد الإثني الطائفي الموجود والمقبول في تاريخنا» و«صناعة الإثنيات» التي غدت اليوم أدوات حرب جديدة.

شهد المؤتمر الكثير من الأطروحات حول موضوع المؤتمر لايمكن الإحاطة بها. فقد أكد أكرم كشي على أن العنف الطائفيّ في سوريا هو نتيجة التقاء سياسات النظام وسياسات الثورة المضادّة وهو يعمل بالطبع ضدّ تطلّعات الثورة الشعبيّة. ومهما كانت نتيجة الصراع فلن يتمكّن أن يلغي أفكار التغيير والمشاركة التي انتشرت في المجتمع السوريّ. عمل الباحث عباد يحيى على عرض التصوّرات التي أعطت للإحصاء دوراً ما في صناعة الطائفيّة وتثبيتها في دولة ما بعد الاستعمار، وكشف أحمد بن سالم الإسماعيلي مسألة التعدّديّة وأثرها في التوازنات السياسيّة والدينيّة للمجتمع العمانيّ، بمقاربة بنيويّةٍ تهدف إلى وضع إشكاليّة التعدّديّة في سياقاتها التي تتحرّك فيها .وتساءل أحمد حطيط إن كان بالإمكان تحويل اللبناني من مواطن في طائفته إلى مواطن ينتمي قانونياً وسلوكياً إلى المؤسسات الدستورية للجمهورية؟ وحاول أحمد صنوبر أن يُظهر أثر البيئة السياسية في الفتاوى التكفيرية المتبادلة بين الطائفتين الشيعية والسنية خلال الحرب العثمانية لصفوية. كما عمل أدريس مقبول على تبيان تكلفة تحالفات المال والدين والسياسة على الوطن والمواطن. ونظر أشرف عثمان إلى أزمة الانبعاث الطائفيّ على أنها حلقةٌ في تاريخٍ طويلٍ من أزمة تكوين الدولة التي لم توفر شروط المواطنة ،وحاول زياد الدين خرشي فهم روح النظام الطائفيّ وتفسير طرق عمله وأسباب استمراره. وفرَّق عبد الوهاب الأفندي بين(الطائفيّة)، ومختلف ضروب الانتماء الدينيّ أو القبليّ. وأكد أن (الروح الطائفيّة) تتشكل من حالة الانغلاق العدوانيّ على الذات وترتد على الآخر، وبحثت مارلين نصر عن مظاهر التطييف التي صاحبت الأبحاث الصادرة عن مركز كارنيجي في تعقبها للحركات الثورية العربية، وقدّم عزام أمين دراسة إبستيمولوجيّة تحليليّةٍ لظاهرة الطائفيّة في المجتمع السوريّ من منظور علم النفس الاجتماعيّ .

هذه الأفكار والتساؤلات ليست سوى بقعة ضوء صغيرة من دفق واسع و عميق للأفكار والفرضيات التي حملتها الأيام الثلاثة من المؤتمر. فلقد أنطقت ثورات الربيع العربي الألسن والأفئدة والعقول لتجيب على الأسئلة والمشكلات المعقدة التي ورثتها تلك الثورات من عهود الاستبداد المتقادمة التي أخفت تحت اسم (الاستقرار ) الكاذب تظلمات لا تحصى كشفت الثورات عنها الغطاء ، فانفجرت في وجه الجميع ، بما فيها المسألة الطائفية في فضاء منفتح على الحوار والحرية .الرهان كل الرهان الآن على الرجال والنساء الذين خاضوا غمار العبور إلى أضواء الحرية الباهرة ألّا ييأسوا من صعوبات مراحل الانتقال العسيرة ،وأن لا يدفعهم (خوفهم من الحرية ) إلى الاستسلام لظلمات الانحطاط!


 
انحرافان في النظر الى المسألة الدينية
المستقبل...عبد الإله بلقزيز
يشهد الجدال في مسألة الدين والدولة، في المجتمعات العربية اليوم، انحرافين خطيرين في النظر اليها كمسألة، اولهما رفع مجال السياسة والدولة الى مستوى المتعالي، والنظر اليهما بمعيارية دينية، وهذا موقف الاصولية الاسلامية. وثانيهما تحويل العلمانية من حياد سياسي تجاه الاديان الى موقف معاد للدين، اي الى عقيدة جديدة! وهذا موقف العلمانويين اليعوقبيين (العرب). والانحرافان ذيناك، وهما فكريان، يؤسسان لمشاجرة سياسية طويلة الامد قد لا يعلم احد الى اين يمكن ان تصل. لنتناول الانحراف «الفكري» الاول.

يمثل اخراج السياسة والدولة من الحيز المدني الى الحيز الديني تأسيساً جديداً لمعنى الدولة لا اصول له في الاسلام وان كان وهو يجري باسم الاسلام! ويحول الدولة الى كائن جديد صاحب رسالة هداية في الارض، رقيب على اعتقادات الناس، ومكلف أداء وظيفة «الامر بالمعروف والنهي عن المنكر»، واخضاع حياة الناس لمعيارية دينية يملك الحكام وحدهم، او من معهم من السنتهم، تحديدها وفرضها على المجتمع بما هي شرع الله، او بما هي التفسير القويم الوحيد لشرع الله. لا تعود الدولة، في هذه الحال، اداة يصطنعها المجتمع لادارة الشؤون العامة، وانما تصبح اداة من ادوات الدين تستأنف اداء وظائف الدعوة!

لا حاجة بنا الى التأكيد على مسألتين في تاريخ الاسلام يعرفها المطلعون على هذا التاريخ، بل يعرفها المعظم من المسلمين، على الاقل من هم في دائرة اهل السنة: اولاهما ان النبوة اختتمت بنبوة محمد بن عبد الله (ص)، وان احداً لا يملك استئناف الدعوة بعده، والا عد متقمصاً دورا اكبر منه واشرف. وثانيهما ان السياسة والدولة ليستا من الاصول (العقائد)، وانما هي من الفروع التي تقع في منطقة الاجتهاد، والتي لا يتعلق ايمان المؤمن واسلام المسلم بالموقف منها، او بموقفهما منه.

تواجهنا في المسألة الاولى معضلات في غاية الخطورة، فالذين يحملون دعوة الدين على محمل السياسة، باسم واجب شرعي يزعمونه لانفسهم، يقترفون خطأين اثنين متضافرين، يتقمصون ادوارا لم تكلها الرسالات الا على الانبياء والرسل، هي الدعوة والبلاغ وحمل الناس على الاهتداء بتعاليم الدين، وليس من معنى لاداء هذه الادوار سوى ان هناك من ينتدبون انفسهم لاستئناف ما يقع حصرا. في دائرة اختصاص النبوة! ثم يتوسلون ادوات غير دينية (الحزب، الدولة...) لاداء ما يحسبونه عملا دعويا دينيا، فيلطخون الدين بمساوئ السياسة وشرور خلافاتها ونزاعاتها، ويصممون فهمهم للدين على مقاس مصالحهم السياسية! وهؤلاء، في الحالين، يتحدثون في الدين احداثا، واكثر بل اسوأ ما يحدثونه فيه انتاج «كنيسة» تكل الى نفسها ما كانت تكله الكنيسة في المسيحية الوسطى من ادوار الى نفسها. وهو ما رفضه علماء الاسلام، المتمسكون باستقلال العم الديني عن السياسة، منذ الامام مالك وحتى الشيخ محمد عبده. ذلك ان الذي تقرر في تاريخ الاسلام ان وظيفة العلماء علماء الدين لا الاسلاميين الحزبيين هي الموعظة الحسنة، وهذه لا تقع تحت عنوان «الدعوة» واكراه الناس على رأي بدعوى انه رأي الشرع. ولقد ذهب عالم كبير، مثل محمد عبده، الى حسبان وظيفة المفتي وشيخ الاسلام وظيفة مدنية؛ وذلك في معرض تفنيده لأزعومة السلطة الدينية.

ولا تقل المعضلات التي تواجهنا في المسألة الثانية عن تلك التي تواجهنا في الأولى؛ فالجنوح بمسألة السلطة والدولة لمجال العقيدة إحداث خطير في الإسلام السنّي على الأقل... ما دامت الإمامة من أركان الدين عند الشيعة الإمامية دون الزيدية واستعارة مكشوفة لمثال الدولة الثيوقراطية باسم إسلام استنكر الرهبانية، وهدَم السلطة الدينية، كما كتب محمد عبده، وترك أمر المسلمين شورى بين المسلمين، ولم يشرط إيمانهم بإقامة الدولة فيهم، ولا اعتبر إمامهم خليفة لله في الأرض: مثلما اشطَطّ الخلفاء وفقهاؤهم في القول منذ صعود بني العباس إلى السلطة! إن أفكاراً مغالية، ذات أصل خارجي (من الخوارج) أو إكليريكي أوروبي، دخلت مجالنا التداولي، منذ ما يزيد على نصف قرن، وكان «الإسلام الهندي» بوابتها، مثل فكرة «الحاكمية»، قدمت وتقدّم نفسها بما هي رؤية الإسلام إلى الدولة ونظام الحكم، وليس ذلك من الإسلام في شيء. بل إن مجتمعات المسلمين كُفّرت، وعُدّت جاهلية، يحقّ فيها وضع الأسياف على الرقاب لحملها على الإسلام! ولقد سُفكت دماء مسلمة، وما تزال تُسفك، من وراء فكرة التكفير أو تطبيق «حكم الردّة» في الخصوم الذين لا يشاطرون أصحاب هذه الآراء المغالية آراءهم. ولم ينْج من التكفير حتى القوى الإسلامية السياسية التي دخلت في اللعبة الديموقراطية «الكافرة»، مثل «الإخوان المسلمين»! هكذا تُدخل الأصولية المتطرفة مجتمعاتنا ودولنا في نفق مظلم جرّاء هذا الانحراف الخطير في فهم علاقة الدين بالدولة.
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,480,416

عدد الزوار: 6,993,154

المتواجدون الآن: 74