تحليلات سياسية وتقارير

تاريخ الإضافة الأربعاء 30 تشرين الثاني 2011 - 8:23 ص    عدد الزيارات 1997    القسم محلية

        


 

لسان حال النظام: «من بيت أبي ضربت»!!
رأت مصادر أمنيّة مطلعة، تتابع باهتمام "ملفّات حسّاسة" في لبنان وبعض دول الجوار، أنّ الوضع في سوريا بدأ يتّسم بالضبابية، وبتشابك العوامل والمصالح الداخلية والإقليمية والدولية، بحيث باتت سوريا ملعباً دوليّاً مهمّا، في وضع يشبه ما كان عليه لبنان خلال صراعاته وحروبه الماضية.
صبحي منذر ياغي
وتوقفت الأوساط باهتمام حيال ظاهرة تهريب السلاح نحو سوريا وتشعّب هذه المسألة لتصبح مجرد عملية تجارية لكسب المال والارتزاق.
تتوقّع المصادر ان تزداد المشكلة السوريّة تعقيداً، بحيث يصبح الوضع السوري مفتوحاً على كلّ الاحتمالات الخطرة، وفي شكل يؤثّر سلبا في الوضع الأمني في لبنان، والذي سيكون حتما انعكاسا لما يجري في سوريا، نظرا إلى العلاقات المترابطة بين البلدين عائليّا وجغرافيّا وتاريخيّا، فضلا عن وجود جماعات وأحزاب في لبنان مؤيّدة للنظام في سوريا، وتدور في فلكه. واعتبرت الأوساط أنّ إطلاق صواريخ باتّجاه إسرائيل أخيرا، والتي تبنّتها كتائب عبدالله عزام، هو أوّل الغيث في هذا المضمار.
وتتخوّف المصادر في السياق نفسه من حصول عمليّات إرهابيّة وأمنيّة بأسماء تنظيمات وجماعات أصولية تكون تمويها وستارا لفرق اغتيالات جاهزة للقيام بمهمّاتها لحظة الانفجار الكبير وعندما تدقّ ساعة الصفر، لأنّ الجماعات الأصولية نفسها صارت متعدّدة الولاءات والانتماءات، وقسم كبير منها يعمل وفق تعليمات وتوجيهات أجهزة مخابراتية إقليمية متنوّعة.
تهريب السلاح
وما لفتت إليه المصادر خلال حديثها مع "الجمهورية"، هو تكاثر عملية تهريب السلاح إلى سوريا من خلال تجّار ينشطون في هذا المجال، ومن مختلف الجنسيّات والطوائف، لا بل من توجّهات سياسية مختلفة، وهم يضمّون في صفوفهم مؤيّدون للنظام، لأنّ هذه التجارة المربحة هذه الأيّام بسبب كثرة الطلب على السلاح وارتفاع أسعاره بشكل جنونيّ، دفعت بالكثيرين من تجّار وغير تجّار إلى امتهانها، طلبا للربح السريع كما في تجارة المخدّرات، من دون أيّ اعتبار للمواقف السياسية، أو القوميّة، أو الوطنية... فالمال سيّد الجميع.
وأكّدت الأوساط أنّ الأجهزة الأمنية السوريّة فوجئت بأنّ معظم السلاح الذي عثرت عليه لدى من تسمّيهم بـ"المندسّين" و"الإرهابيّين"، مصدره مستودعات لتنظيمات وأحزاب حليفة لسوريا في لبنان، وأثبتت ذلك الأرقام التسلسلية لقطع الأسلحة المصادرة.
وذكرت الأوساط نفسها معلومات في هذا المجال تؤكّد أنّ "الأجهزة الأمنية السوريّة صادرت كمّيات من الأسلحة منذ أشهر، تبيّن أنّها مسروقة من مخازن حزب لبناني، وأنّ نجل أحد مسؤولي هذا الحزب هو المسؤول عن بيعه لتجّار سلاح، وقد أجريت تحقيقات مكثّفة في هذا الإطار وضعت في إطار من السرّية المطلقة.
سلاح فلسطينيّ
وتابعت الأوساط: "منذ مدّة تردّدت معلومات عن سرقة أسلحة وذخائر وقنابل من مستودعات لتنظيم فلسطيني في مخيّم عين الحلوة، في منطقة بستان اليهودي، وشكّلت قيادة التنظيم لجنة تحقيق ليتبيّن أنّ المسؤول عن هذه السرقة هو الفلسطيني "ح.ش"، الذي فرّ إلى جهة مجهولة، وقد جرى بيع السلاح إلى تجّار فلسطينيّين أبرزهم "أ.ح"، الذين باعوها بدورهم إلى جهات مجهولة. وفي السياق نفسه، ذكرت الأوساط، أنّ نائبا سابقا حاول جمع السلاح من أنصاره، فتبيّن له أنّ نحو 85 في المئة من هذا السلاح جرى بيعه لتجّار لبنانيّين وفلسطينيّين.
وتكرّ السبحة... ففي منطقة الجبل تبيّن أنّ أحد "القبضايات" الذي ينسّق مع شخصيّة حزبية مؤيّدة لسوريا، عمد إلى بيع كمّية من السلاح الذي تلقّاه منذ أشهر من أجل تسليح "خلايا مؤيّدة للخط الوطني العروبي"، لتجّار ناشطين ما بين لبنان وسوريا، في حين تردّدت معلومات عن تحقيقات يجريها تيّار سياسي مسيحي اكثري مع أحد مسؤوليه الأمنيّين في شأن فقدان عدد من قطع السلاح الفردي، وكذلك لدى أوساط سياسية شماليّة أكثرية.
الانتفاضة كانت السبب
وتعتبر مصادر مُطّلعة أنّ الانتفاضة في سوريا التي اندلعت في آذار الماضي كانت سببا في ازدهار هذه التجارة التي كانت شهدت في الأعوام الأخيرة ضمورا وتراجعاً، وينقل عن الخبير في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارليغ تأكيده أنّ "مجموعات وشبكات التهريب نفسها هي التي كانت تنشط في الأعوام الماضية في تهريب المواد الغذائية والأدوات الكهربائية بين لبنان وسوريا باتت اليوم تعمل في تهريب السلاح، وليس أيّ شيء آخر..."
وحسب الأوساط، فإنّ السلاح المهرّب إلى سوريا ليس فقط لصالح الجماعات المعارضة، بل ذهب بعضه إلى أنصار النظام، إذ تؤكّد أوساط أمنيّة في هذا المجال، شراء جهات كمّية كبيرة من بنادق "بومب اكشن"، مع بدء اندلاع الانتفاضة في سوريا، من لبنان لمجموعات موالية للنظام، وتبيّن فيما بعد أنّ هذه البنادق في تركيا أرخص بكثير من السوق اللبنانيّة.
الحريري: لا دليل
وتكشف أوساط متابعة، أنّ أفراداً ومجموعات تقوم بتهريب السلاح في اتّجاه سوريا لغايات تجارية ليس إلّا، وهذا ما ظهر من خلال اعتقال السلطات اللبنانيّة بعض الأفراد بتهمة تهريب السلاح، وبالتالي ما تردّد عن قيام نوّاب أو شخصيّات سياسية أو جهات حزبية كتيّار "المستقبل" بتهريب أسلحة وما شابه، بقي مجرّد اتّهامات من دون تأكيد أو دليل قاطع. ويستغرب الأمين العام لتيّار "المستقبل" احمد الحريري خلال دردشة مع "الجمهورية" هذه الاتّهامات، ويقول: "يتّهموننا بالتدخّل وادَّعوا أنّ لديهم صوَرا عن تدخّلنا وأنّهم سيعرضونها، وحتى الآن لم نرَ شيئا من هذا القبيل، وأعتقد أنّ طرقات وممرّات التهريب إلى سوريا، لا يعرفها تيّار المستقبل، بل يعرفها حزب الله، ونحن لا نؤمن بهذا العمل، وحتى لو كنّا نؤمن به فليس لدينا الإمكانات أو القدرة اللوجستية لننفّذه".
تهريب السلاح بات "مهنة للكسب والارتزاق ليس إلّا، من دون اعتبار للمواقف والعقائد والانتماءات، فليس من المستغرب أن يكون مصدر هذا السلاح عناصر تعتبر من أنصار النظام في سوريا وحلفائه، وكأن لسان حال هذا النظام يقول "من بيت أبي ضربت".
 
الأزمة السورية طويلة... ولبنان غائم الى ممطر
فيما يدور الوضع الداخلي اللبناني في حال انتظار لما ستؤول اليه الأزمة السورية، يؤكد زوار دمشق هذه الأيام ان سوريا، وفي ضوء الضغوط العربية والدولية التي تمارس عليها، ستتعرض لحصار اقتصادي قاس، ولكنها لن تشهد حربا أهلية داخلية، ولا حرباً خارجية تُشن عليها.
طارق ترشيشي
يقول سياسي بارز، أن الأزمة السورية طويلة، إذ لا امكانية لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في المدى المنظور، أو حتى في المدى البعيد، لأن الجيش السوري كان وما يزال متماسكاً، ويمتلك مزيداً من عناصر القوة، ولا زال من المستحيل حصول تدخل عسكري خارجي على غرار التجربة الليبية وغيرها، لأن لا نفط بكميات "مغرية" في سوريا، وفي المقابل فإن النظام بات مقتنعا بأنه لم يعد ممكنا حكم سوريا كما كانت قبل بدء الأزمة منتصف آذار الماضي. ولذلك فإن الأزمة طويلة ومرشحة للاستمرار لسنوات الى ان ترسو على بر معين.
ويشير السياسي نفسه الى ان امكانية التدخل العسكري الخارجي في الشأن السوري غير متوافرة بسبب استحالة استصدار قرارات عن مجلس الامن الدولي تغطيه، في ضوء الموقفين الروسي والصيني، فضلا عن عدم وجود حماسة أميركية كبيرة في اتجاه اسقاط النظام السوري. ويقول هذا السياسي ان الادارة الأميركية بدأت تشعر بشيء من الاحباط في ضوء ما يجري في مصر وتونس وليبيا، إذ أنها بعد ان كانت دفعت في اتجاه ان يكون البديل للانظمة التي أُسقِطت في هذه الدول "أنظمة ديموقراطية" تجاري سياساتها ومصالحها الاقليمية، إكتشفت ان الحركات الاسلامية الأُصولية بدأت تسيطر وتستعد للامساك بالسلطة في مصر، حيث إنطلقت "ثورة مضادة" في وجه المجلس العسكري الحاكم برئاسة المشير حسين طنطاوي، وكذلك في تونس، حيث فاز الإسلاميون في انتخابات المجلس التأسيسي، وكذلك في ليبيا حيث بدأ الاسلاميون يرفضون ان يتولى السياسيون السلطة ويتهمونهم بأنهم كانوا "أزلام" القذافي في نظامه البائد، ولهذا فأن هناك شعوراً بدأ يتنامى لدى واشنطن بأن مشروعها الذي قام على ارضاء المصريين والتونسيين والليبيين باسقاط الانظمة التي كانت تحكمهم والإتيان بأنظمة ترضيهم وفي الوقت نفسه تخدم مصالحها، بات عرضة لخطر جدّي مصدره هذه الحركات الاسلامية الاصولية.
اما في سوريا فيرى السياسي نفسه، ان ليس هناك معارضة موحدة، وان هناك ثلاثة معارضات: الاولى، المعارضة التي تضم مثقفين وهي لا تملك شيئاً على الارض. والثانية، المعارضة التي يمثلها "المجلس الوطني السوري" برئاسة برهان غليون وتتخذ من تركيا مقراً ولا تأثير فاعلاً لها على الارض. اما المعارضة الثالثة والتي تؤثر على الارض، فتتمثل بالحركات الاسلامية السلفية التي لا تمثل معارضة شعب، وهي معارضة دفعت وتدفع الجميع الى مراجعة حساباتهم والاختيار بين النظام القائم كما هو، أو معدّلا بعض الشيء، وبين معارضة سلفية ليسوا بقادرين على السيطرة عليها.
وفي ضوء هذا الواقع تظهر في الأفق مؤشرات على فتور اميركي في التعاطي الميداني والسياسي مع الوضع السوري على رغم التصريحات التي يطلقها مسؤولون اميركيون وتوحي بوجود تصميم لديهم على اسقاط نظام الاسد. كما ان هذا الواقع هو ما يبرر الاعتراض الروسي على ما تتعرض له دمشق، وهو اعتراض قد لا يكون حُبّا بالنظام بمقدار ما يعبّر عن خوف جدي لدى موسكو من أن يؤدي قيام نظام متطرف في سوريا الى نشؤ انظمة مماثلة في دول آسيا الوسطى في الشيشان وغيرها عبر انقلابات او ثورات. ولذا عارضت موسكو وستعارض أي قرار يطرح في مجلس الامن لإتاحة تدخل عسكري دولي ضد سوريا، لأنها اذا قبلت بقرار من هذا النوع لن يكون في مقدورها معارضة أي تدخل آخر مماثل يمكن يطرح لإسقاط أي نظام في أي دولة من دول آسيا الوسطى داخل الاتحاد الروسي او خارجه.
ولكل هذه الاسباب، يؤكد السياسي، ان الوضع في سوريا لن ينجلي في المدى المنظور، لأن النظام ما يزال قويا ومتماسكا، وما قيل عن حصول تفكك في الجيش ليس في الحجم الذي يروّج له، وهذا الوضع سيبقى على حاله من التأزم الى أمد طويل.
وفي ضوء الأزمة السورية، يرى السياسي البارز ان الوضع في لبنان سيبقى غائما الى ممطر، بمعنى أنه سينتظر ما ستؤول الأوضاع السورية وهو في حال من الضياع، في ظل مخاوف على الوضع في منطقة الشمال، فيما تكابد الحكومة لتحقيق ما أمكنها من إنجازات على كل المستويات، وتتعثر عند عدد من الملفات الحساسة ومنها ملف تمويل المحكمة والتلويح بالاستقالات، فيما تتعرض حيادية رئيسها نجيب ميقاتي ووسطيته لمزيد من الإستنزاف.
ويبدى هذا السياسي خشيته من ان يتجه لبنان الى اصطفافين: تطرف من هنا وآخر من هناك، ما يمكن ان يدفع الى التشاؤم إزاء مستقبل الاوضاع الداخلية في المدى المنظور، فقانون الانتخاب الجديد، وعلى رغم الحراك الجاري في شأنه، قد لا يقر لمصلحة استمرار العمل في القانون الحالي المعمول به، ويشكل موقف رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط "بيضة القبان" في هذا الصدد، حيث انه يرفض القانون المقترح وقد يخرج بوزرائه من الحكومة في حال اصرار الآخرين عليه، علما ان ضمنيات المواقف تشير الى ان استمرار العمل القانون الحالي المعروف بقانون الـ 1960 هو احتمال جدي.
كلام كبير لجنبلاط في ذكرى ميلاد والده!
يحاذر رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الدخول في مواقف سياسية حادة، ولا سيما تجاه النظام السوري، وذلك لجملة اعتبارات تدفعه إلى التريّث، خصوصاً بعد المواقف التي كان أطلقها من على شاشة تلفزيون "المنار".
فادي عيد
فقد عُلم أن بعض الأصدقاء تمنّى عليه التخفيف من مهاجمته للنظام السوري، وثمّة معلومات تتحدّث عن أن القيادة الروسية فاتحت "أبو تيمور" في هذا الشأن عبر اتصالات مباشرة معه من خلال العلاقة التاريخية التي تربط المختارة بموسكو التي سبق لها أن تدخّلت لحماية جنبلاط شخصياً وسياسياً في محطات مفصلية وحسّاسة من خلال العلاقات المميّزة التي تربطها ببعض القوى الإقليمية. ومن هذا المنطلق لا يزال خط دمشق مفتوحاً للوزير غازي العريضي، الذي بدوره، ومن على إحدى الإذاعات المحلية لم يهاجم وينتقد بعبارة واحدة النظام السوري، وكان محور إجاباته ضمن العموميات، ما يعني أنّ تواصله مع القيادة السورية قائم، أو أنّ نافذة دمشق عبر اللواء محمد ناصيف لا تزال مفتوحة أمامه. هذا إضافة إلى أنّ جنبلاط لا يريد أن يغضب "حزب الله" في هذه المرحلة الدقيقة باعتبار أنّ الأخير، أي الحزب، يقوم بالدفاع المستميت عن النظام السوري، الأمر الذي يدركه تمام الإدراك رئيس الاشتراكي، الذي يشدّد في كلّ مناسبة،على ضرورة التواصل والتنسيق مع "حزب الله" على خلفية الإبقاء على الاستقرار والهدوء في الجبل.
 ومن هنا لوحظ أنّه وفي موقفه الأخير والأسبوعي لجريدة "الأنباء" تمنّى على البعض اعتماد لغة هادئة وعدم التبارز إعلامياً، غامزاً من قناة بعض الخطباء الذين تكلموا في مهرجان طرابلس، الذي أقامه تيّار "المستقبل"، حيث شنّت حملات عنيفة على "حزب الله"، وخصوصا سلاح المقاومة، الأمر الذي أزعج جنبلاط، الذي يعتبر أنّ الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات وقواسم مشتركة حول هذا السلاح. وهنا فإنّ تيّار "المستقبل" وبمن فيهم الرئيس سعد الحريري وكلّ مكوّنات الرابع عشر من آذار لا يجارون جنبلاط في هذا الموضوع، على أساس أنّ الحزب أعلن، كما الرئيس نبيه بري، بما معناه أنّ السلاح خط أحمر و"نقطة على السطر".
وانطلاقاً من هذا الواقع، ترى الأوساط المحيطة بحركة الزعيم الجنبلاطي أنّه يوَقّت حراكه السياسي ومواقفه على ما ستفضي إليه الأوضاع في سوريا، إذ ثمّة من يعتقد أنّ جنبلاط حتى الآن غير مقتنع بالسقوط الحتمي للنظام السوري، وإن تمنّى ذلك لألف سبب وسبب، خصوصاً أنّ لديه اتصالاته الدولية ومع بعض القوى الإقليمية من العارفين بهذا النظام ولا سيما منهم روسيا، إذ غالباً ما يتلقى زعيم المختارة إشارات روسية حول الشأنين الإقليمي والدولي.
لذا يكمن السؤال ماذا ستكون عليه السياسة الجنبلاطية في المرحلة المقبلة، وماذا سيقول جنبلاط في ذكرى ميلاد والده أوائل الشهر المقبل، حيث تشير المعلومات إلى حشد سياسي وشعبي وكلام لجنبلاط قد يقوله في هذه المناسبة، في حال لم تتوافر له المعلومات المؤكدة عن سقوط النظام وكلّ ما يتعلّق بما يجري في سوريا ليبني على هذا الشيء في موقفه الذي سيصدر من المختارة، لأنّ هذه المناسبة تعني له الكثير ويسعى ليضمّنها كلاما كبيرا!
 
الأسد رسائله صاروخيّة... و«حزب الله» بطيء بطيء!
ما إن نطقَ وزير الخارجيّة السوريّ وليد المعلّم بتهديده: "انتهاء السياسة الهادئة بدءاً من اليوم"، حتى عرض النظام النموذج الأوّل من "بضاعته": صواريخ على الجليل... والبقيّة تأتي!
طوني عيسى
ليست العملية الأمنيّة التي شهدتها الحدود اللبنانيّة - الإسرائيليّة من النوع الذي ينخرط فيه "حزب الله"، ولا حتى يباركه أو يوافق عليه، لا في النوع ولا في التوقيت. هذا ما تؤكّده الأوساط المطّلعة على موقف "الحزب" أمس.
وتنفي مصادر "الحزب" صراحةً أيّ علاقة له بإطلاق الصواريخ. ويلتقي هذا النفي مع تقرير المصادر العسكرية الإسرائيلية التي تستبعد ضلوع "حزب الله" في العملية. وفي تقدير الأوساط، أنّ الأب الشرعيّ لهذه الصواريخ موجود في دمشق.
في قراءة هذه الأوساط، إنّ إطلاق الصواريخ على الجليل هو أحد علامات الأزمنة الآتية على سوريا. فالنظام بات على اقتناع بأنّه أصبح في المواجهة المحتومة مع الداخل والجامعة العربية والمجتمع الدولي. والمعلّم أفصح عن رؤية النظام إلى المستقبل عندما قال: "الجامعة العربية تريد الوصول إلى التدويل في سوريا".
والتدويل سيستدعي لاحقاً شكلاً من أشكال التدخّل العسكري في سوريا. وهو ما حذّر منه الرئيس بشّار الأسد قبل أسابيع في حواره مع "الغارديان" البريطانية، عندما قال إنّ "أيّ تدخّل غربيّ في سوريا سيشعل زلزالاً في الشرق الأوسط". و"الزلزال" المقصود شرَحَه سابقاً في آخر لقاءاته مع وزير خارجيّة تركيا أحمد داود أوغلو، وهو يتضمّن فصولاً كارثيّة: مئات الصواريخ من الجولان والجنوب على إسرائيل، وصواريخ "بالستيّة" إيرانيّة على نفط الخليج والقواعد الأميركيّة، وإقفال المضائق، وعمليّات ضدّ المصالح الغربية في العالم...
إذاً، بين الأسلوب اليمني في التخلّي السلميّ عن السلطة وخيار "الزلزال"، فضّل النظام في دمشق اعتماد الثاني. وكشف المعلّم عن ذلك بإعلانه "انتهاء السياسة الهادئة". وبعد ذلك بساعات قليلة، ترجَمَ النظام "فقدان هدوئه" في الجنوب اللبناني.
وتميل المصادر المتابعة إلى فرضيّة اعتماد سوريا مجموعات فلسطينيّة مسلّحة خارج المخيّمات، لتكليفها القيام بمهمّة إطلاق الصواريخ على الجليل. وهذه المهمّة لا يقبل "حزب الله" بتنفيذها راهناً، لأنّها ستؤدّي إلى الإضرار به كثيراً، واحتراقه بالكامل في ذروة أزماته في الداخل ومع المجتمع الدوليّ من خلال استحقاق المحكمة، فيما هو يتأنّى كثيراً في خطواته.
فدمشق تريد من الرسالة الصاروخيّة في الجنوب، تحييد الجولان و"تأجيله" إلى مرحلة الخيارات القصوى"، وإظهار امتلاكها لأوراق خارج حدودها، ومنها الورقة اللبنانيّة. فهي تبحث عن سبيل لإقناع المجتمع الدوليّ بالتخلّي عن عمليّة إسقاط النظام، تحت طائلة إشعال المنطقة. والصواريخ الجنوبيّة عيِّنة أوّلية ورمزيّة لما يلوّح به النظام.
لكنّ "حزب الله" له حسابات أخرى. هو بالتأكيد يلتقي مع النظام في المحور الاستراتيجي، لكنّ حيثيّاته اللبنانية تدفعه إلى اتّخاذ كلّ الاحتياطات للبقاء على قيد الحياة، بالنظام أو من دونه. وهو يمتلك أوراقاً قويّة لا يمكن أن يحرقها من أجل النظام، مهما كان حيويّاً له، خصوصاً إذا تأكّد أنّ هذا النظام ساقط حتماً.
صواريخ الجليل تُخبر هذه المرّة عن شيء مختلف: النظام يلعب لعبته الأخيرة "عليّ وعلى أعدائي"، فيما "حزب الله" يبحث مع الثلاثي برّي - ميقاتي - جنبلاط في سبل تدوير الزوايا لمواجهة استحقاقه الخاص، وليس استحقاق النظام. ومن هنا، سيمرّر "الحزب" قطوع التمويل بما يحفظ ماء الوجه للجميع، ويبقي "حكومته" و"أكثريته".
تسوية 2005 ما زالت قائمة
الرسالة الصاروخيّة حملت في طيّاتها مضموناً، يضاف إلى ذلك الذي يوجّهه النظام إلى المجتمع الدولي. إنّه بدءُ زمن الحسابات الخاصة لكلّ من سوريا وطهران و"حزب الله". فما من أحد مستعدّ للموت من أجل الآخر. و"التوقيت الصاروخيّ" الذي يحرّك النظام للبقاء على قيد الحياة، يخالف الهدوء الذي يبديه "الحزب"، على أمل انخراطه في التسوية الوطنية الكبرى. وفي أيّ حال، يستطيع "الحزب" أن يحفظ حضوره ودوره لمجرّد انضوائه في التسوية التي لم يشأ القبول بها في العام 2005، عندما فتحت له 14 آذار هذه الطريق. وعلى رغم المحاذير التي تعترض سلوك "الحزب" إزاء المحكمة، فإنّ الطريق لم تقفل في وجهه. و"الحزب" يدرك ذلك، ويبلغ محاوريه "الوسطيّين" به.
من هنا، السلوك الصاروخيّ للنظام، فيما "الحزب" بطيء بطيء!...
 

المصدر: جريدة الجمهورية اللبنانية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,534,986

عدد الزوار: 6,953,929

المتواجدون الآن: 66