473 قتيلا على الأقل في سوريا خلال رمضان.. وحملات دهم واعتقالات في ثاني أيام العيد

ساركوزي: ما فعله الأسد لا يمكن إصلاحه

تاريخ الإضافة الخميس 1 أيلول 2011 - 5:01 ص    عدد الزيارات 2558    القسم عربية

        


1 أيلول 2011

ساركوزي: ما فعله الأسد لا يمكن إصلاحه
منظمة العفو الدولية: عمليات تعذيب «مرعبة» في السجون أدت إلى 88 وفاة منذ بدء الاحتجاجات * مداهمات واعتقالات في حماه وحمص.. و473 قتيلا حصيلة رمضان > الأطباء يطلبون السماح لهم بإسعاف المصابين دون اعتقال
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط» بيروت: ليال أبو رحال
قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس إن الرئيس السوري بشار الأسد ارتكب عملا لا يمكن إصلاحه من خلال قمع المحتجين في سوريا، وذلك خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين في باريس.
وفي سوريا نفذت قوات الأمن في ثاني أيام عيد الفطر، أمس، حملات مداهمة واعتقالات في حمص وحماه مدعومة بالدبابات بحثا عن المشاركين في الاحتجاجات المناوئة لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد. وبينما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حصيلة القتلى في شهر رمضان بلغت 473 قتيلا، أكدت منظمة العفو الدولية، أن عدد الوفيات في السجون السورية سجل قفزة كبيرة هذا العام بوفاة 88 سجينا حتى الآن، وكشفت عن حالات تعذيب «مرعبة» للسجناء.
وأفاد المرصد السوري بأن قوات الأمن السورية اقتحمت، صباح أمس، بلدة الحولة في محافظه حمص، «ونفذت حملة مداهمة ترافقت مع تحطيم أثاث بعض المنازل، وأسفرت الحملة عن اعتقال 16 شخصا حتى الآن»، وأضاف المرصد أن الحملة الأمنية «تأتي إثر الغضب الذي ساد في البلدة بعد تسلم الأهالي، أول من أمس، جثامين 13 من أبنائهم الذين اختطفتهم قوات الأمن خلال الأسبوع الأول من الشهر الماضي».
وفي حماه، قال شهود عيان إن قوات سورية تعززها دبابات، داهمت منازل بحثا عن ناشطين.
إلى ذلك، أعلن المحامي العام في محافظة حماه، عدنان بكور، وفق مقطع فيديو تم تحميله، أمس، على «يوتيوب»، استقالته من منصبه في «ظل نظام الأسد وعصابته»، محملا قادة أمنيين وعسكريين، بينهم وزير الداخلية، مسؤولية «المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين العزل»، كما أشار إلى مقابر جماعية في حدائق عامة نفذها «الشبيحة».
إلا أن المعلومات تضاربت حول استقالة بكور من منصبه، بعد إعلان وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أول من أمس، نقلا عن قيادة شرطة محافظة حماه، تعرض المحامي العام وسائقه ومرافقه لعملية اختطاف من قبل 7 مسلحين أثناء توجهه إلى عمله في العدلية على طريق كفرنبوذة - كرناز.
وفي غضون ذلك طالب أكثر من 500 طبيب وطبيبة في مدينة حلب بحماية الأطباء والمسعفين وعدم تعرضهم للاعتقال والمحاسبة نتيجة قيامهم بعملهم، وبفتح تحقيق قضائي حول منع زملاء لهم من إسعاف ومعالجة مصابين في مظاهرات شهدتها المحافظات السورية.
 
العفو الدولية تكشف عن تعرض المعتقلين في السجون السورية لعمليات تعذيب مرعبة.. ووفاة 88
ضرب مبرح وصدمات كهربائية وجلد.. ومسؤول في المنظمة: امتداد للازدراء الوحشي للحياة البشرية
جنيف - لندن: «الشرق الأوسط»
أعلنت منظمة العفو الدولية، في تقرير نشر أمس، أن عدد الوفيات في السجون السورية سجل قفزة كبيرة في عام 2011، معتبرة أن ذلك يشكل «امتدادا لنفس الازدراء الوحشي للحياة البشرية» في سوريا.
وقالت المنظمة في تقريرها: «إن ما لا يقل عن 88 شخصا قضوا نحبهم في الحجز في سوريا خلال حملة قمع دموية ضد المحتجين المؤيدين للإصلاح دامت خمسة أشهر».
ويوثق التقرير، الذي يحمل عنوان «الاعتقال المميت: الوفيات في الحجز في خضم الاحتجاجات الشعبية في سوريا»، حالات الوفاة في الحجز التي وقعت في الفترة بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) في أعقاب حملة الاعتقالات.
وقال التقرير: «إن وفاة 88 شخصا في الحجز يمثل تصعيدا كبيرا في معدل عدد الوفيات التي تقع بعد الاعتقال في سوريا. ففي السنوات الأخيرة سجلت منظمة العفو الدولية ما معدله نحو خمس حالات وفاة في الحجز في كل عام».
وقال نيل ساموندز، الباحث في شؤون سوريا في منظمة العفو الدولية: «إن هذه الوفيات التي تقع خلف القضبان بلغت نسبا هائلة، ويبدو أنها تمثل امتدادا لنفس الازدراء الوحشي للحياة البشرية الذي نشهده يوميا في شوارع سوريا»، وأضاف: «إن أنباء التعذيب التي تلقيناها مثيرة للرعب، ونعتقد أن الحكومة السورية تعمد إلى اضطهاد شعبها بشكل منهجي وعلى نطاق هائل».
وأشار التقرير إلى أن «جميع الضحايا المسجلين في التقرير قد قبض عليهم عقب خروج السوريين إلى الشوارع في مظاهرات جماهيرية منذ مارس (آذار) من هذا العام، كما أنهم جميعا من الذكور، وبينهم عشرة أطفال يبلغ بعضهم الثالثة عشرة من العمر». وأضاف: «يعتقد أن الضحايا اعتقلوا بسبب ضلوعهم في الاحتجاجات المؤيدة للإصلاح، أو الاشتباه في مشاركتهم فيها».
وتابع تقرير منظمة العفو أنه «في ما لا يقل عن 52 حالة، ثمة أدلة على أن التعذيب أو غيره من ضروب إساءة المعاملة قد تسبب في وقوع هذه الوفيات، أو أسهم في وقوعها».
وأضاف أن المنظمة اطلعت على صور فيديو «لخمس وأربعين حالة منها، التقطها أقرباء أو نشطاء أو أفراد آخرون، وطلبت من اختصاصيين في الطب الشرعي من الخبراء المستقلين مراجعة عدد من تلك الحالات».
وأوضح: «تبين الإصابات الظاهرة على جثث الكثير من الضحايا، أنهم ربما تعرضوا للضرب المبرح أو غيره من ضروب إساءة المعاملة. ومن بين العلامات التي تدل على تعرضهم للتعذيب: الحروق والإصابات بأدوات غير حادة، وآثار الجلد والشروخ»، وصدمات كهربائية، ووسائل تعذيب أخرى.
وقال: «حدثت معظم الحالات الواردة في التقرير في محافظتي درعا وحمص، اللتين شهدتا احتجاجات كبرى. كما وردت أنباء عن وقوع وفيات في الحجز في خمس محافظات أخرى، وهي دمشق وريف دمشق وإدلب وحماه وحلب».
وتقول العفو الدولية إنها جمعت أسماء أكثر من 1800 شخص، ذكرت تقارير أنهم توفوا منذ أن بدأت الاحتجاجات المطالبة بسقوط الأسد في أبريل الماضي، وأضافت أن آلافا آخرين ألقي القبض عليهم، واحتجز كثيرون منهم في حبس انفرادي.
من جانب آخر، دعت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي إلى «إحالة الأوضاع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض حظر للأسلحة على سوريا، وتنفيذ قرار تجميد الأصول التي يملكها الرئيس بشار الأسد وكبار مساعديه». وقال نيل ساموندز: «إذا نظرنا إلى الوفيات في الحجز في سياق الانتهاكات المنهجية والواسعة النطاق التي ترتكب في سوريا، فإننا نعتقد أن هذه الوفيات ربما تشمل جرائم ضد الإنسانية».
ومضى يقول: «إن رد مجلس الأمن كان غير كاف بالمرة حتى الآن، ولكن الأوان لم يفت بعد لكي يتخذ المجلس إجراء صارما وملزما من الناحية القانونية».
 
أطباء حلب يطالبون بحماية مسعفي المتظاهرين.. وعدم تعريضهم للاعتقال والمساءلة
شهود يروون لـ «الشرق الأوسط» قصصا مروعة عن تعامل السلطات مع جرحى الاحتجاجات
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
طالب أكثر من 500 طبيب وطبيبة في مدينة حلب بحماية الأطباء والمسعفين وعدم تعرضهم للاعتقال والمحاسبة نتيجة قيامهم بعملهم، وبفتح تحقيق قضائي حول منع زملاء لهم من إسعاف ومعالجة مصابين في مظاهرات شهدتها حلب والمحافظات السورية، في مبادرة تحت عنوان «أطباء تحت القسم - حلب» وقع عليها مئات الأطباء الحلبيين.
ودعت المبادرة إلى توثيق ما تردد من معلومات لعرضها على القضاء حول تهديد أطباء، والطلب من مستشفيات خاصة عدم استقبال جرحى المظاهرات. وأكدت المبادرة على أنه انطلاقا من حيادية الطب كمهنة إنسانية، فإنه من الضروري «توفير كل الظروف المواتية لقيام الطبيب بعمله على أكمل وجه، وتأمين كل مستلزمات المعالجة والإسعاف، بما فيها أكياس الدم»، وأنهم «كأطباء سوريين حريصون على كل قطرة دم تهدر في ترابنا الوطني، ونرى فيها خسارة لا تعوض كان يجب استثمارها في معركتنا الوطنية التحريرية وفي معركة البناء للوصول إلى المجتمع الديمقراطي الحر المتوازن في التنمية والصحة والتعليم».
وطالب الأطباء بـ«عدم توقيف أي طبيب إلا بموجب مذكرة قضائية وحضور ممثل عن نقابة الأطباء، لا سيما أنه تم توقيف العمل بقانون الطوارئ بمرسوم جمهوري»، وبـ«الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين أو إحالتهم إلى القضاء العادل».
واستند الأطباء في مبادرتهم على ما جاء في القسم الطبي أن «يظلوا أوفياء لواجب المهنة، وأن لا يسمحوا للخوف بأن يدفعهم إلى الفرار من الواجب»، مع الإعراب عن احترامهم «لجميع مكونات المجتمع السوري كمجتمع غني بالكفاءات والإمكانات والطاقات البشرية التي تضمن انتقاله بكل تصميم نحو الدولة المدنية العادلة، ونحو سوريا واحدة قوية بأبنائها مستقرة على قيم العدل ومتطلعة إلى مستقبل مشرق».
ويعاني الأطباء في سوريا من التضييق على عملهم لدى قيامهم بالواجب الإنساني في بؤر الاحتجاجات، حيث لا يسمح للمستشفيات الخاصة باستقبال جرحى المظاهرات، وحصر ذلك في مستشفيات الحكومة، التي عادة ما تكون محتلة من قبل الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها باعتقال الجرحى من المستشفيات وذويهم، والتحقيق معهم من دون أي اعتبار لتعريض حياتهم للخطر، مما اضطر المتظاهرين إلى إقامة مستشفيات ميدانية سرية في العيادات والمنازل، حيث يعانون من نقص حاد في المستلزمات الطبية، لا سيما أكياس الدم الفارغة التي يتم تهريبها بصعوبة إلى تلك المستشفيات، وفي حال اكتشافها من قبل قوات الأمن يتعرض ناقلها لخطر الاعتقال أو القتل.
وبحسب ناشطين، فإنه تم اعتقال عدد من الأطباء الناشطين في حمص وحماه وحلب ومناطق أخرى، وفي ريف حمص، تم الاعتداء بالضرب من قبل الأمن على مدير المستشفى الحكومي، وتمت إقالته من موقعه لسماحه بإسعاف جرحى جيء بهم من منطقة حدودية مع لبنان، مما يدفع الأهالي إلى إسعاف جرحاهم في لبنان إن تيسر ذلك.
ويؤكد ناشطون أن أكثر الملفات سوادا في ممارسات النظام القمعية هو ملف الانتهاكات التي تتعرض لها المستشفيات، وأن هذا الملف لو تم فتحه والتحقيق فيه فسنكتشف مئات الجرائم الإنسانية التي ارتكبت بحق جرحى المظاهرات، ويقول أبو أحمد الدوماني إن «قوات الأمن أجهزت على ابن أخيه في المستشفى العسكري بدمشق، بعد أن اختطف من مستشفى دوما وكان مصابا بطلق ناري ليس خطيرا»، ويتابع: «الذين أسعفوه بعد إصابته في مظاهرة منذ أربعة أشهر قالوا إنهم أوصلوه إلى مستشفى دوما، وهناك سألنا ووجدنا اسمه في سجلات المرضى، ولكننا لم نجده وبعد بحث مضني علمنا أنه في مستشفى تشرين العسكري، وبعد أيام تسلمنا جثته».
وفي حمص، كان الأهالي يحملون جرحاهم إلى مستشفى جمعية البر في الأسابيع الأولى، ولكن تمت محاصرة المستشفى، وراح الأمن يعتقل الجرحى من غرفة العمليات، بحسب ما كتبه أحد الأطباء على صفحته في موقع «فيس بوك».
أما في الرستن، فيروي أبو خالد ما تعرضوا له في الشهر الأول من الاحتجاجات، قائلا إنه عدما رفض مستشفى الرستن الوطني استقبال ابنه الجريح، توجهوا إلى مستشفى حماه، وعند باب المستشفى تم اعتقاله في حين توفي ابنه الجريح لدى إدخاله المستشفى.
 
شخصيات سياسية سورية تتبرأ من عضويتها بالمجلس الانتقالي
أكدوا أنه لم تتم استشارتهم ولا علم لهم بالموضوع
أربيل: شيرزاد شيخاني لندن: «الشرق الأوسط»
أعلنت شخصيات سياسية وثقافية ومدنية سورية معروفة بمعارضتها للنظام السوري عن تبرؤها من المجلس الانتقالي الذي تشكل قبل أيام بهدف توحيد الجهد المعارضي ودعم الحراك الشعبي في المدن السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وأكد معظمهم أنه لم تجر أي مشاورات أو اتصالات معهم من أجل تعيينهم أعضاء في ذلك المجلس.
وتلقت «الشرق الأوسط» تصريحا مشتركا من محمد عبد المجيد منجونة وعبد الحكيم بشار، رئيس الحزب الديمقراطي الكردي السوري، والناشطة المدنية ندى الخش ودانيال سعود ورديف مصطفى، من الذين وردت أسماؤهم في لائحة أعضاء المجلس الانتقالي، أكدوا فيه «نحن الموقعين أدناه، إذ نعلن عدم معرفتنا بهذا الموضوع، ولا بمجريات الأمور، ولا الآليات التي سمحت للقائمين على المشروع بوضع أسمائنا عليه، ودون حتى الاستشارة معنا، لذلك فنحن لا علاقة لنا بهذا المجلس الانتقالي».
وكان معارضون سوريون قد أعلنوا بصورة مفاجئة عن تشكيل «المجلس الانتقالي» المعارض لـ«قيادة الثورة».
ويتشكل المجلس من 94 عضوا، 42 منهم في الداخل والباقي في الخارج، ويرأسه برهان غليون، وله ثلاثة نواب هم فاروق طيفور ووجدي مصطفى ورياض سيف، وذكر البيان أن من يرفض من الأعضاء قبول «المهمة» عليه أن يشرح عبر وسائل الإعلام مبرراته الوطنية.
غير أن اعتراضات كثيرة تلت الإعلان، وأعرب عدد ممن وردت أسماؤهم فيه أنهم فوجئوا بالخبر. وأبلغت مصادر معارضة بارزة «الشرق الأوسط» في وقت سابق أن ما حصل قد تكون له تداعيات سلبية جدا، مشيرة إلى أن «التسابق على إعلان المجلس علامة خطيرة»، وإشارة «خاطئة إلى الداخل السوري والخارج».
وكان اجتماع لمعارضين سوريين قد حصل منتصف الشهر في إسطنبول قد أقر تأسيس «المجلس الوطني»، لكنه لم يشكله بانتظار «المزيد من المشاورات» بعد خلافات أدت إلى إعلان معارضين بارزين، من المشاركين في «مؤتمر أنطاليا» معارضتهم هذه الخطوة «المرتجلة».
 
سوريون من أديان وطوائف مختلفة يجمعهم أمر واحد الخوف من المستقبل
بعضهم يخشى الانتقام الطائفي وآخرون تقسيم البلاد مثل يوغوسلافيا
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
يجتمع سوريون من كل الطوائف وكل الطبقات، من مؤيدين ومعارضين للرئيس السوري بشار الأسد كل أسبوع منذ بداية الحركة الاحتجاجية ضد النظام التي انطلقت منتصف مارس (آذار) الماضي، للتعبير عن شعور مشترك بينهم هو الخوف.
وقالت المحللة النفسية رفاه ناشد التي تشارك في تنسيق هذا المشروع إن «المفارقة هي أن الجميع يشعرون بالخوف في سوريا، لماذا يستخدم النظام العنف والقمع؟ لأنه يخاف أن يفقد السلطة. والناس الذين يتظاهرون ألا يشعرون بالخوف؟ بالتأكيد يشعرون بالخوف ومع ذلك يذهبون» إلى المظاهرات.
وفي مركز اليسوعيين في قلب دمشق، تبدأ المأساة كل يوم أحد بعرض يشارك فيه 6 من نحو 50 مشاركا. يقفون في وسط الصالة ويناقشون بصوت عال موضوعا ما.
هذه المرة، يتعلق الجدل بالخوف الطائفي، ويقول فادي الذي يبدو أنه لا يشعر بالراحة في مقعده «بعد مهاجمة جامع الرفاعي بدأت أشعر بالهلع على نفسي وعلى أولادي. لكن بصفتي علويا أشعر بالخوف مما يمكن أن يحدث. هناك الكثير من الأحداث الخطيرة ذات الطابع الطائفي في سوريا».
وكانت قوات الأمن السورية فرقت بعنف مظاهرة عند مغادرة المصلين لجامع الرفاعي السني في حي كفر سوسة غرب دمشق، مما أدى إلى مقتل متظاهر وجرح عشرة آخرين بينهم إمام المسجد، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأضاف فادي معترفا «شعرت بالخوف من أن تثار مشاعر الناس ويقومون بتفجير الوضع لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك».
وسوريا بلد متعدد الطوائف يشكل السنة أغلبية فيه يليهم العلويون ثم المسيحيون، وقالت مشاركة درزية تدعى ميسان إن «الشعب يدرك خطر مواجهات طائفية. أنت تفترض أن الناس سينتقمون لكن هذا ليس آليا، حركة الاحتجاج سلمية وترفض خوض أعمال عنف طائفية». وأضافت أن «ما أخشاه في الواقع هو تدخل أجنبي وهذا سيؤدي إلى تقسيم بلدنا كما حدث في يوغوسلافيا السابقة».
وتتدخل زينة لتقول بخجل «أعتقد أن المعارضة منقسمة بين المتنورين الذين يدركون الرهانات وقسم آخر أكثر تدينا وأقل تنويرا».
وينصت الحضور في الصالة باهتمام، عندما بدأ فجأة المسيحي همام برواية تجربته، ويقول «كانت لدي أحكام مسبقة من تربيتي ضد المسلمين لأن عائلتي كررت دائما أنه يجب عدم استقبالهم في المنزل».
ويضيف وهو يتحدث بسرعة كما لو أنه يزيح عبئا عن صدره «كنت أولا مع النظام ثم بعد سقوط كل هؤلاء القتلى ذهبت للتظاهر».
ويتابع الشاب العشريني «تظاهرت في دوما ضاحية دمشق وهؤلاء الذين قالوا لنا إنهم حثالة خبأوني عندما كان رجال الأمن يلاحقونني ويخشون أن أقع بين أيديهم»، وانتهى السرد. وبعد دقيقة الصمت يمكن للجميع أن يتحدثوا.
وتقول ناشد إن «الاتصال تم بين لا وعي المجموعة والمشارك العلوي. الآخرون فهموا أنه كان يريد أن يشعر بالاطمئنان وهذا ما فعلته المجموعة».
ويرى الأب رامي إلياس المحلل النفسي ومسؤول المركز اليسوعي الذي يستقبل الاجتماع أن «المهم ليس السياسة بل وجود مكان يستطيع فيه الجميع أن يتحدثوا عن الخوف الذي يشعرون به وامتصاصه حتى لا يتحول إلى عنف».
ويتابع «اليوم تحققت خطوة كبيرة لأنهم سموا الخوف باسمه: الخوف الطائفي بشكل مباشر. لكن ما زال هناك الكثير الذي يجب القيام به لضمان قبول الاختلاف».
 
473 قتيلا على الأقل في سوريا خلال رمضان.. وحملات دهم واعتقالات في ثاني أيام العيد
قوات أمن مدعومة بالدبابات تدهم منازل بحثا عن ناشطين في حماه.. وتعتقل 16 في حمص > إلقاء القبض على محام وزوجته في حلب
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
شنت قوات الأمن السوري، أمس، في ثاني أيام عيد الفطر حملات دهم واعتقالات في حمص، ترافقت مع تحطيم أثاث بعض المنازل المداهمة واعتقال 16 شخصا، وتزامن ذلك مع حملة مشابهة مدعومة بالدبابات، بحثا عن ناشطين وراء الاحتجاجات في مدينة حماه. وفي غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن 473 شخصا قتلوا في سوريا خلال شهر رمضان، بينهم 360 مدنيا و113 عنصرا من الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وأفاد المرصد بأن قوات الأمن السورية اقتحمت، صباح أمس، بلدة الحولة في محافظه حمص، «ونفذت حملة مداهمة ترافقت مع تحطيم لأثاث بعض المنازل، وأسفرت الحملة عن اعتقال 16 شخصا حتى الآن»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف المرصد أن الحملة الأمنية «تأتي إثر الغضب الذي ساد في البلدة بعد تسلم الأهالي، أول من أمس، جثامين 13 من أبنائهم الذين اختطفتهم قوات الأمن خلال الأسبوع الأول من الشهر الماضي».
ونقل المرصد عن ناشط في الحولة تأكيده أن «خمسة من الشهداء على الأقل كانوا على قيد الحياة لدى اختطافهم».
كما أفاد المرصد، ومقره لندن، في بيان، أنه «بلغ عدد الشهداء الذين قتلوا خلال شهر رمضان 473 شخصا، بينهم 360 مدنيا و113 من الجيش وقوى الأمن الداخلي»، وأضاف أن من بين القتلى 28 شخصا «قضوا تحت التعذيب، أو خلال الاعتقال في رمضان، غالبيتهم من محافظة حمص»، وأن من بين القتلى 25 شخصا دون سن الثامنة عشرة و14 امرأة. وأوضح أن هذه الحصيلة «لا تشمل الشهداء الذين سقطوا خلال العمليات العسكرية في مدينة حماه من الثالث إلى العاشر من شهر أغسطس (آب) الماضي بسبب صعوبة التوثيق».
وفي حماه، قال سكان إن قوات سوريا تعززها دبابات، داهمت منازل بحثا عن ناشطين وراء الاحتجاجات المستمرة منذ خمسة أشهر، ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال ناشط بالمدينة يدعى عبد الرحمن لوكالة «رويترز»، بالهاتف: «رابطت بضع دبابات خفيفة وعشرات من الحافلات الصغيرة والكبيرة، عند جسر الحديد في المدخل الشرقي لحماه، ثم تقدم مئات الجنود سيرا على الأقدام إلى حي القصور وحي الحميدية. نسمع أصوات طلقات نارية»، وأضاف قائلا: «هذان الحيان من بين الأحياء الأكثر نشاطا في تنظيم الاحتجاجات».
وقال ساكن آخر إن شاحنات صغيرة مكشوفة من نوع «تويوتا» عليها رشاشات، وحافلات محملة بجنود من الجيش، احتشدت أيضا خلال الليل قرب حي الضاهرية عند المدخل الشمالي لحماه الواقعة على بعد 205 كليومترات شمالي العاصمة دمشق.
وعرض موقع «يوتيوب» على الإنترنت، لقطات فيديو تبين عشرات المحتجين وهم يهتفون في الحميدية، بعد صلاة الفجر، قبل وقت قصير من مداهمة القوات للمنطقة، ويرددون عبارة: «الشعب يريد إعدام الرئيس».
وطردت معظم وسائل الإعلام الأجنبية من سوريا بعد بدء الانتفاضة في مارس (آذار)، وهو ما يجعل من الصعب التحقق من دقة التقارير.
وجاءت هذه المداهمات بعد يوم من قيام قوات الأمن بقتل 7 أشخاص، على الأقل، كانوا بين حشود المتظاهرين الذين تدفقوا من المساجد بعد صلاة العيد، في أنحاء متفرقة في سوريا خلال أول أيام عيد الفطر.
وكان الأسد قد شدد حملته العسكرية ضد المحتجين خلال شهر رمضان، واجتاحت القوات السورية عدة مدن في ذلك الشهر، وقتلت عشرات الأشخاص دون أن تتمكن من سحق الاحتجاجات التي تقول الأمم المتحدة إن 2000 مدني قتلوا فيها، وهو ما أدى إلى قيام الغرب بفرض عقوبات، ودفع دولا عربية إلى توجيه انتقادات.
ومن جانبهم، فشل المحتجون في الإطاحة بالأسد، لكن شجعهم سقوط العقيد الليبي الهارب، معمر القذافي، وزيادة الضغوط الدولية على سوريا، بما في ذلك فرض الاتحاد الأوروبي حظرا على صناعة النفط، وهو ما سيحجب تدفق عملات أجنبية حيوية عن الأسد.
أما إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فبعد أن فرضت عقوبات على صناعة النفط السورية، وعلى بنك مملوك للدولة، فقد قامت بتجميد أرصدة وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، واثنين آخرين من المسؤولين السوريين في الولايات المتحدة، أول من أمس الثلاثاء.
وشهدت حماه بعضا من أضخم الاحتجاجات ضد حكم عائلة الأسد المستمر منذ 41 عاما، وكانت أول مدينة تتعرض للهجوم في شهر رمضان. وقالت السلطات إن الجيش انسحب بحلول منتصف أغسطس (آب)، لكن سكانا تحدثوا عن انتشار مكثف للجيش، أمس الأربعاء.
وكانت المدينة قد شهدت مذبحة في عام 1982 عندما أرسل الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، الجيش لسحق انتفاضة إسلامية مسلحة.
وقال الرئيس السوري، بشار الأسد، إن الأمر يتطلب استخدام القوة لدحر ما وصفه بمؤامرة أجنبية لتقسيم سوريا. وتلقي السلطات باللائمة في العنف على جماعات مسلحة، وتقول إن أكثر من 500 جندي وشرطي قتلوا.
وبث التلفزيون الحكومي، أول من أمس، تسجيلا صوتيا لاثنين قال إنهما إرهابيان، كشفا فيه عن مؤامرة كاملة للاستفزاز واستهداف معسكرات للجيش والشرطة، وترهيب المواطنين باسم الحرية، على حد قوله.
وفي محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، على الحدود مع تركيا، قال نشطاء إن جنودا سوريين أطلقوا النار على قروي يدعى حازم الشيهادي، عند نقطة تفتيش، الليلة الماضية، فأردوه قتيلا قرب بلدة كفروما، حيث حدثت انشقاقات متزايدة في الجيش.
وكانت الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان قد أفادت، أول من أمس، في بيان، بأنه تم إيواء نحو 7000 لاجئ سوري، معظمهم فروا من هجمات على بلداتهم وقراهم في إدلب، في ستة معسكرات بإقليم هاتاي عبر الحدود مع تركيا، وأضافت أن تركيا تعامل اللاجئين معاملة طيبة، وتركت الحدود مفتوحة للاجئين من أجزاء أخرى من سوريا، إلا أنها «تعتبر هؤلاء اللاجئين ضيوفا، وهو وضع له تفسيرات كثيرة، ويفتقر للحماية الدولية التي يمكن أن تقدمها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين».
وقالت السلطات السورية إن معظم اللاجئين الذين فروا إلى تركيا، والذين قدرت عددهم بما يزيد على عشرة آلاف، عادوا إلى منازلهم في إدلب بعد أن قامت القوات «بتطهير» بلدة رئيسية في المحافظة من «جماعات إرهابية مسلحة».
وقال ناشطون وسكان إنه اندلعت مظاهرات في أنحاء سوريا، أول من أمس، بعد صلاة العيد، ولا سيما في ضواحي دمشق، وفي مدينة حمص التي تبعد 165 كيلومترا إلى الشمال، وفي إدلب. وقالوا إن قوات الأمن قتلت بالرصاص 7 أشخاص، بينهم فتى في الثالثة عشرة من عمره بمحافظة درعا الجنوبية.
وفي حرستا، وهي إحدى ضواحي دمشق، حيث قال نشطاء إن عشرات الجنود انشقوا في مطلع الأسبوع بعد أن رفضوا إطلاق النيران على المحتجين، أخذ المتظاهرون يهتفون: «الشعب يريد إسقاط الرئيس».
ويقولون إن المنشقين فروا إلى تركيا أو بقوا في بلداتهم وقراهم، مما ترتب عليه قيام القوات الموالية للأسد بمداهمتهم، وفي بعض الأحوال إلى وقوع اشتباكات مسلحة.
وقال محلل سياسي سوري في دمشق، طلب عدم الكشف عن اسمه: «معظم المنشقين يلزمون الصمت. لا يمكنهم الحصول على أسلحة أو دعم خارجي. لا يريد جيران سوريا رؤية صراع مسلح في البلاد يمكن أن يستغرق سنوات».
إلى ذلك، أفاد ناشط حقوقي، أمس الأربعاء، بأن عناصر من الأمن اقتحمت مكتب المحامي مصطفى سليمان في حلب، واقتادته إلى مكان مجهول.
وذكر المحامي والناشط الحقوقي، إبراهيم ملكي: «إن عناصر من الأمن مدججة بالسلاح اقتحمت مكتب المحامي مصطفى سليمان، منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، وقامت باعتقاله مع زوجته وشخص زائر»، وأشار الناشط إلى أن «عناصر الأمن عبثت بمحتويات المكتب وملفاته واستولت عليها»، وأكد المحامي قائلا: «إننا قمنا اليوم بمراجعة الجهات المعنية في شرطة العزيزية التي رفضت تنظيم ضبط بالواقعة، كما أخبرنا فرع النقابة في حلب التي لم تحرك ساكنا»، لافتا إلى أن «ذلك مناف للقانون».
ونقل ملكي عن رئيس مخفر العزيزية أنه «ليس بإمكانه فعل شيء أمام الأجهزة الأمنية»، واعتبر أن «الأجهزة الأمنية، إلى جانب توغلها في عملها، أقصت بذلك القضاء والشرطة المدنية عن القيام بعملها»، وناشد المحامي «السلطات السورية الكشف عن مصير سليمان وإنقاذ حياته»، لافتا إلى أنه «يعاني من مشكلات صحية».
 
فيديو يظهر انشقاق أول موظف مدني عن نظام الأسد ورواية لـ«سانا» عن اختطافه من قبل 7 مسلحين
بكور يذكر 5 أسباب لاستقالته ويتهم وزير الداخلية السوري بالإشراف على الحملة العسكرية في حماه
بيروت: ليال أبو رحال
أعلن المحامي العام في محافظة حماه عدنان بكور، وفق مقطع فيديو تم تحميله أمس على موقع «يوتيوب»، استقالته من منصبه في «ظل نظام الأسد وعصابته»، على حد تعبيره، موردا خمسة أسباب دفعته إلى موقفه هذا، فضلا عن ذكر أسماء قادة أمنيين وعسكريين في حماه، يتقدمهم وزير الداخلية محمد الشعار الذي أشرف بنفسه على الحملة العسكرية في حماه، يتحملون مسؤولية «المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين العزل». إلا أن المعلومات تضاربت حول استقالة بكور من منصبه، بعد إعلان وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أول من أمس، نقلا عن قيادة شرطة محافظة حماه، تعرض المحامي العام وسائقه بهاء اليوسف ومرافقه محمد صدراوي إلى عملية اختطاف من قبل 7 مسلحين أثناء توجهه إلى عمله في العدلية على طريق كفرنبوذة - كرناز. وذكرت أن المسلحين اعترضوا سيارة بكور بـ«بنادق حربية وأسلحة رشاشة وكانوا يستقلون سيارة (بيك أب) من نوع (تويوتا)، لها صندوق خلفي، وسرفيس من نوع (مازدا) واقتادوهم إلى جهة مجهولة تحت تهديد السلاح».
وتضع استقالة بكور، إن صحت، النظام السوري أمام تحد جديد من نوعه، إذ إن استقالته هي الأولى لمسؤول مدني بعد تكرار إعلان عسكريين انشقاقهم عن نظام الأسد. وكان بكور، الذي بدا جالسا بشكل عادي أمام مكتب عليه «لابتوب» وأوراق وفنجان قهوة وكوب ماء، لخص أسباب استقالته في خمسة أسباب رئيسية، أولها «قتل السجناء في السجن المركزي في حماه الأحد الفائت والبالغ عددهم 72 سجينا من المتظاهرين السلميين والناشطين السياسيين ودفنهم في مقابر جماعية بجانب قرية الخالدية في حماه». وتحدث بكور في السبب الثاني عن «المقابر الجماعية في الحدائق العامة على يد قوات الأمن و(الشبيحة) التي وصل عدد ضحاياها إلى 420 جثة أو ما يزيد، وطلبهم مني أن أقدم تقريرا بأن هؤلاء الضحايا قتلوا على يد العصابات المسلحة». ومن بين الأسباب «الاعتقال العشوائي للمتظاهرين السلميين الذي بلغ حقيقة ما يقارب الـ10 آلاف معتقل»، فضلا عن «التعذيب داخل فروع الأمن الذي بلغ عدد ضحاياه 320 مواطنا، وقد أجبرت على إعطاء أوامر بدفن 17 جثة ممن قتلوا تحت التعذيب ونقلهم من البرادات إلى المقبرة الخضراء في سريحين».
وتحدث بكور عن «قيام الجيش السوري بهدم بيوت بأكملها فوق رؤوس ساكنيها في حيي الحميدية والقصور وبقيت الجثث تحت الأنقاض لعدة أيام مما أدى إلى تفسخها».
وخلص بكور إلى التأكيد على أن «في جعبته الكثير من الشهادات والوثائق التي سيدلي بها في وقت لاحق»، مكتفيا بذكر «أسماء المجرمين الذين قاموا بهذه المجازر ضد المدنيين العزل»، وفي مقدمهم وزير الداخلية السوري.
 
انقسام سوري حول المطالبة بعسكرة الانتفاضة وبالتدخل العسكري الخارجي للقضاء على نظام الأسد
نجاح الثوار الليبيين يحث ناشطين ومعارضين على استبعاد خيار «سلمية» المظاهرات
بيروت: ليال أبو رحال
أطلق نجاح الثوار الليبيين في التقدم باتجاه العاصمة الليبية واقتحام معاقل الرئيس الليبي معمر القذافي، بعد أشهر من القتال، سجالا على الساحة السورية مع ارتفاع أصوات سوريا، في الداخل والخارج، مطالبة بـ«عسكرة» الانتفاضة السورية وبتدخل عسكري دولي للقضاء على نظام الرئيس بشار الأسد، شبيه لتدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا.
وتثير هذه المطالبة بعد مرور أكثر من خمسة أشهر ونصف على بدء الانتفاضة السورية ردود فعل سورية متباينة على أكثر من مستوى، إذ يبدو الانقسام واضحا بشأنها على صعيد قيادات المعارضة والناشطين أنفسهم في آن معا، ويتجلى ذلك في ردود الفعل والمواقف الصادرة في الأيام الأخيرة.
على مستوى قيادات المعارضة، كان رئيس المجلس الثوري للتنسيقيات محمد رحال من أوائل من أعلن عن قرار «المجلس بالانتقال قريبا جدا للمرحلة الثانية من الثورة التي تقتضي تسليحها وتحولها باتجاه العنف». وأبلغ رحال «الشرق الأوسط» في وقت سابق «إننا اتخذنا قرارا بتسليح الثورة التي ستتحول إلى العنف قريبا جدا لأن ما نتعرض له اليوم مؤامرة عالمية لا يمكن مواجهتها إلا بانتفاضة مسلحة». واعتبر أن «الظروف لم تعد تسمح بالتعاطي بسلمية مع إجرام النظام كما أن مواجهة الغول الذي يحتمي بدول العالم باتت تتطلب سلاحا خاصة بعدما أصبح جليا للجميع أن العالم لم يساند الانتفاضة السورية إلا بالكلام».
وتأتي مطالبة رحال هذه بعد خمسة أشهر ونصف من انتفاضة السوريين، الذين تمسكوا منذ اللحظة الأولى لاندلاعها بشعار السلمية، من دون أن يسهم ذلك في وضع حد لحملات الاعتقال والتعذيب التي طالت عشرات الألوف وقتل مئات المتظاهرين السلميين وبينهم أطفال من دون أن يرف للنظام وأجهزته أي جفن.
وعلى الرغم من إدراك الناشطين والمعارضين إصرار النظام على الاستمرار في نهجه، وشعور أكثرية السوريين بأنهم «بلا حماية من أي نوع في وطنهم في مواجهة تلك الجرائم»، إلا أن كثرا منهم يبدون اعتراضهم على هذا الخيار. وفي هذا السياق، أكدت لجان التنسيق المحلية في سوريا أنها «مع كونها تتفهم دوافع الداعين إلى العسكرة والتدخل الدولي، إلا أنها ترفضها بوضوح وتجدها غير مقبولة سياسية ووطنيا وأخلاقيا».
وتعتبر لجان التنسيق أن «من شأن العسكرة أن تقلص المشاركة الشعبية في الثورة، وتضيق قاعدتها الاجتماعية، وتنال من مضامينها الإنسانية والتحررية، من غير أن تضمن كسب المواجهة مع النظام»، موضحة أن «عسكرة الثورة تعني الانجرار إلى الملعب الذي يملك فيه النظام تفوقا أكيدا، فضلا عن خسارة التفوق الأخلاقي الذي تميزت به منذ البداية».
وتبدي لجان التنسيق تمسكها بأن «الغاية هي حرية سوريا وحرية السوريين، وطريقة إسقاط النظام تحدد كيف ستكون سوريا بعده، فإذا أسقطناه بمظاهراتنا السلمية، التي تشارك فيها مدننا وبلداتنا وقرانا، ونساؤنا وأطفالنا ورجالنا، كانت فرص الديمقراطية في بلدنا أكبر بكثير مما إذا سقط بمواجهة مسلحة، على صعوبة ذلك أو حتى استحالته، أو بفعل تدخل عسكري دولي، وستكون الثورة أسست شرعية جديدة تؤسس لمستقبل كريم لسوريا كلها».
وفي الإطار عينه، نشرت صفحة «الثورة السورية»، التي تعد من أكثر صفحات المعارضة نشاطا على شبكة الإنترنت وتجاوز عدد معجبيها والناشطين عليها 272 ألف شخص، رسما بعنوان: «لماذا تريد سقوط النظام بالمقاومة المدنية»، مرفقا بنص عنونته بـ«هل من الممكن أن نحصل على الحريّة عبر العنف؟».
ويقارن الرسم بين تداعيات المقاومة السلمية والثورة المسلحة على مستوى عدد الضحايا، والتأثير الاجتماعي والاقتصادي، ونتائج ما بعد الثورة، واحتمال الحرب الأهلية، وعلى مستوى السيادة الوطنية والرأي العالمي إضافة إلى احتمالية النجاح. وتظهر المقارنة أن اللجوء إلى العنف المسلح عادة ما تكون له تداعياته السلبية على الناشطين وتؤثر بشكل عكسي على القضية التي يناضلون من أجلها.
وفي النص المرفق، أشارت صفحة «الثورة السورية» إلى أنه «من الطبيعي أن يخلص من يرزح تحت عذاب المستبد ويكتوي بنار فظائعه وتعذيبه واعتقاله وسحله وقتله إلى النّتيجة التّالية: الحديث عن السلمية هراء ولا يمكن الخلاص من طاغية مستبد إلاّ عن طريق المقاومة المسلحة».
وشددت على أن «العصيان المسلّح يولد قمعا وحشيّا لا حدّ له عادة ما يترك الشّعب بعده أضعف ممّا كان من قبل لأنّه ببساطة يعطي الطّاغية حجّة لاستخدام كامل ترسانة أسلحته دون أيّما إحراج بل وتحت تعاطف وشرعيّة دوليّة وتحت غطاء (الدّولة تدافع عن نفسها)».
وأوضحت أنه «عندما يختار شعب أن يحارب نظاما بأساليب مسلّحة عنفيّة فإنّه يكون قد اختار ذات الوسائل التي للنظام فيها اليد العليا والقوّة الأعظم، إذ إّنّه مهما تسلّح الشّعب فأنّى له أن توازي قوّة نيرانه قوّة نيران دولة مسلّحة لديها صواريخ وقنابل وحوّامات وأساطيل وذخيرة وغيره».
وحول التدخل العسكري الخارجي، أفادت صفحة الثورة السورية بأن «أحد قواعد اللعبة أنّه (لا أصدقاء في السّياسة)، لذا فإنّ الدّول تتحرّك لتحقيق مصالحها فقط والحديث عن نشر الدّيمقراطيّة ونصرة الشّعوب محض هراء»، مشددة على أن «الدّول تتدخل أحيانا حين تدرك أنّ التّدخّل يصبّ في مصلحتها وأنّ عدم التّدخّل يضرّ بمصلحتها وحين توقن أنّ (رجلها) الذي لها معه صفقات وحسابات واتّفاقات لم يعد قادرا على السّيطرة على الأمور فتسارع لتقف في صفّ الأقوى لضمان عدم زعزعة استقرار مصالحها».
 
واشنطن قلقة من سقوط ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية بأيدي الإرهابيين
مسؤول أميركي: هناك 5 مواقع لإنتاج غاز الأعصاب في حلب وحماه واللاذقية ودمشق
واشنطن: هبة القدسي
أعربت الولايات المتحدة عن قلقها الشديد من امتلاك سوريا لمخزون كبير من الأسلحة الكيماوية، واحتمال وقوع هذه الأسلحة في أيدي «الجماعات الإرهابية»، وذلك في أعقاب ورود تقارير أشارت إلى مخاوف أميركية وإسرائيلية من احتمالات سيطرة «مجموعات إرهابية» على هذه الأسلحة خلال الاحتجاجات.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، إننا «نشعر بالقلق من المخزون السوري من الأسلحة الكيماوية، وهذا هو السبب في أن الولايات المتحدة عملت على ضرورة أن تمتثل سوريا لوكالة الطاقة الذرية، لعدم التزامها بقرارات الوكالة وضرورة امتثالها لمجلس الأمن الدولي في نهاية المطاف».
وأضافت نولاند: «لقد دعونا سوريا لفترة طويلة إلى أن تتخلى عن ترسانتها من الأسلحة الكيماوية والانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، لكن سوريا لم تمتثل حتى الآن، ونعتقد أن سوريا لا تزال تحتفظ بمخزون من الأسلحة الكيماوية من غاز الأعصاب وغاز الخردل، ولا يوجد أي تغيير في أوضاع تأمين هذه الأسلحة».
وأكدت نولاند أن واشنطن تواصل العمل مع بعض البلدان التي تشاطرها مخاوفها للتأكد من عدم انتشار هذه المواد.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل تراقبان ترسانة سوريا من أسلحة الدمار الشامل، خوفا من أن تستفيد الجماعات الإرهابية من الاحتجاجات ضد الرئيس السوري للحصول على مواد كيماوية وصواريخ بعيدة المدى.
وأشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتقد أن سوريا تمتلك مخزونا كبيرا من غاز الخردل وغاز الأعصاب وغاز السارين، إلى جانب نظام مدفعية وصواريخ لإطلاق هذه الأسلحة الكيماوية.
وقال مسؤول أميركي إن سوريا لديها ما لا يقل عن خمسة مواقع لإنتاج الأسلحة الكيماوية وغاز الخردل، وأوضح أنه من الصعب تعقب هذه المنشآت التي تنتشر في جميع أنحاء سوريا، لكنها تتركز في مدن مثل دمشق وحماه واللاذقية وحلب.
ورفض مسؤول كبير بالخارجية الأميركية تقدير حجم مخاطر الأسلحة الكيماوية، واكتفى في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «إن مجرد وجود أسلحة كيماوية من أي نوع في سوريا يقوض السلام والأمن في الشرق الأوسط، وقد طلبنا مرارا من الحكومة السورية التخلي عن ترسانتها والانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية لكنها لم تفعل. وسنواصل العمل من خلال وكالة الطاقة الدرية ومجلس الأمن الدولي لضمان أن تفي سوريا بالتزاماتها الدولية».
من جانب آخر، رفض مندوب الهند لدى الأمم المتحدة، هارديب سيتغ بوري، الذي تولت دولته رئاسة مجلس الأمن خلال شهر أغسطس (آب) الإفصاح عن مسار المشروعين المقدمين حول سوريا، وقال: «إننا نبذل محاولات ليكون المجلس متفقا، وهذه المحاولات يجب أن تستمر».
وكان مجلس الأمن قد تلقى مشروعي قرار حول سوريا، ويدعو المشروع الأول الذي قدمته بريطانيا إلى اتخاذ تدابير عقابية ضد دمشق وتبنته كل من ألمانيا والبرتغال وفرنسا والولايات المتحدة. ويقترح مشروع القرار الثاني تسوية دبلوماسية بدلا من فرض عقوبات مالية وتجميد أصول، وهو القرار الذي تقدمت به روسيا وتدعمه الصين.
وتدور معركة جانبية حول أي القرارين تتم طباعته بالحبر الأزرق أولا، وهو ما يعني (في تقاليد الأمم المتحدة) أن الدولة التي تقدمت به ترغب في إجراء تصويت عليه من الدول الأعضاء، وعادة ما يتم التصويت خلال 24 ساعة، بعد كتابته بالحبر الأزرق أو ما يعرف بالمسودة الزرقاء.
إلى ذلك، يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بولندا مطلع الأسبوع المقبل في اجتماع غير رسمي بين الدول الـ27 الأعضاء، بهدف مناقشة تشديد الحظر على واردات النفط السورية وتشجيع الشركات الأوروبية على وقف استثماراتها في قطاع النفط في سوريا. وتشتري دول الاتحاد الأوروبي 95 في المائة من النفط الخام السوري، وبالتالي فإن الحظر الأوروبي من شأنه أن يحرم النظام السوري من مصدر حيوي للدخل. وأكد دبلوماسيون أوروبيون أن توقيت فرض العقوبات على النفط السوري هو الخلاف الوحيد بين الدول الأوروبية، مما يجعل من الممكن التوصل إلى حل سريع، متوقعا الوصول إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع.
 
إيران تخطط لمرحلة ما بعد الأسد!
هدى الحسيني
هل إن قلب إيران خامنئي هو على الشعب السوري، أم أن قلبها على خططها وطموحاتها في المنطقة؟ هي الآن، على لسان وزير خارجيتها علي أكبر صالحي، تدعو الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى الاستجابة للمطالب المشروعة لشعبه، وتحذر الحلف الأطلسي من الغرق في مستنقع لا مخرج له منه.
دعوة صالحي تؤكد أنه حتى إيران، الحليف الأخير المتبقي للنظام السوري، غير مصدقة كل ما يردده النظام عن إقدامه على إجراء إصلاحات داخلية يحتاج تفعيلها إلى ستة أشهر. والتحذير سببه أن إيران لا تريد أن تتورط في حرب خارج حدودها. فماذا لو فعلت وقامت الثورة الشعبية داخلها، وهذه متوقعة آجلا أم عاجلا؟
في الأسابيع الماضية، كانت التكهنات تدور حول المدة الزمنية التي سيستمر فيها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، متمسكا بتحالفه مع الرئيس السوري، بشار الأسد. ولأسابيع خلت، كان الإيرانيون ينتقدون السياسيين الأتراك الذين كانوا يتصرفون «وكأن سوريا الأسد على حافة الانهيار». وقالت القيادة الإيرانية إذا كان عليها أن تختار بين سوريا وتركيا، فإنها من دون تردد تختار سوريا. وظهرت مقالات بهذا المعنى، خصوصا في منشورات الحرس الثوري الإيراني.
تسلسل المواقف الإيرانية هذا، يكشف أن الإيرانيين كانوا يخططون لتغيير محتمل في سوريا، تماما مثل الأتراك. فهؤلاء بدأوا بدعوة الأسد إلى الإقدام على إصلاحات مطلوبة من الشعب الذي لم يكن يطالب بأكثر من حقوقه المشروعة في ظل نظام الأسد الابن، ثم تدرجوا إلى استقبال مجموعات من المعارضة، وأيضا لاجئين سوريين، ووصلوا مع الرئيس عبد الله غل إلى القول إن الإصلاحات لم تعد تكفي، بمعنى آخر، إن على النظام أن يرحل.
وإيران الآن تستعد لمرحلة ما بعد الأسد في سوريا.
معلومات مؤكدة واردة من طهران تشير إلى أنه على الرغم من الدعم العسكري والاقتصادي الواسع الذي توفره إيران لسوريا في محاولة لإنقاذ النظام من الانهيار، فإن إيران تعد الترتيبات لـ«اليوم ما بعد الأسد». وتحقيقا لهذه الغاية، فإن إيران تجري عملية مسح للعناصر البديلة التي يمكن أن تصل إلى السلطة في سوريا، وتدرس كل الخيارات في كيفية المحافظة على التأثير والنفوذ الإيرانيين في سوريا وفي المنطقة لتعزيز مصالح الجمهورية الإسلامية.
وقد انكب مجلس الأمن القومي الإيراني الأعلى على دراسة النواحي الرئيسية التي تثير قلق إيران في ما يتعلق بالأزمة السورية خلال الأشهر الأخيرة، والصعوبات المتوقع أن تواجهها إيران إذا ما انهار نظام الأسد، وتوصل مجلس الأمن القومي الإيراني إلى وضع عدة توصيات عمل، وافق على معظمها المرشد الأعلى، خامنئي. وكان رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، قدمها إلى خامنئي عشية بدء شهر رمضان المبارك.
شدد جليلي على أن توصيات مجلسه ترى أنه إذا وصل حكم عائلة الأسد بعد 41 سنة إلى نهاية مفاجئة، فإن ذلك سيسبب فراغا في السلطة يشد دولا أخرى، خصوصا تركيا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الغربية، إلى محاولة ملئه، مثلما تحاول أن تفعل في جميع دول المنطقة. وأوضح جليلي لخامنئي، أن المجتمعين في دائرته يرون أن «المتدخلين من الخارج سيحاولون استغلال القيادة الجديدة في سوريا، وتحويلها بعيدا عن الجمهورية الإسلامية، خصوصا أن هذه الدول كانت ولسنوات عديدة ترعى العناصر المناهضة للأسد داخل وخارج سوريا». وحذر مجلس الأمن القومي الإيراني، من أن انهيار نظام الأسد قد يخلق صعوبات لوجيستية جديدة وشديدة لإيران، والمخاوف ذات شقين.
أولا: أن الطريق الحاسم للإمدادات العسكرية والتمويل لحزب الله في لبنان وللفلسطينيين، وبالذات حماس، سيجري إغلاقه.
ثانيا: أن قاعدة الدعم الأساسية من مساعدات مباشرة تصل إلى مجموعات المقاومة، أي سوريا، ستجف.
وحسب مجموعة جليلي، فإن هذين السيناريوهين واردان، إما «بسبب الفوضى الكاملة التي ستعم سوريا بعد الأسد، أو إذا أظهرت الحكومة الجديدة ترددا في التعاون أو المشاركة في المقاومة الإقليمية ضد أعداء الإسلام».
في وجه كل هذه المخاوف، رأت توصيات مجلس الأمن القومي الإيراني أنه يتعين على إيران أن تكون مستعدة لوضع سوري يسقط فيه نظام الأسد، وأن تدرس أيضا، في ظل أي احتمالات يجب أن تسحب دعمها للأسد شخصيا، من أجل الحد من تهديد المصالح الإيرانية.
ولأن الأكثر أهمية من دعم الأسد، هو أن تستمر إيران وحزب الله في «تعزيز الحرية والتحرير للمسلمين»، ومقاومة كل تدخل خارجي في الشؤون المحلية.
من الواضح، أن إيران تفكر في أفضل السبل للمضي قدما في المقترحات التي أعدها مجلس الأمن القومي، وكانت جرت مناقشة رفيعة المستوى حول هذه المقترحات في مكتب خامنئي بوجود جليلي نفسه، ورئيس الأركان العامة اللواء حسن فيروز آباد، ووزير الاستخبارات حيدر مصلحي، وقائد قوات القدس قاسم سليماني، والعديد من كبار المستشارين في السياسة الخارجية.
وتم الاتفاق على أن أي قيادة سورية جديدة، يجب أن تلتزم المقاومة. وتم تكليف الاستخبارات الإيرانية لتوسيع اتصالاتها، وإجراء اتصالات سرية مع القادة السوريين الجدد (المحتملين) من خارج نخبة الأسد، والمساعدة على تقويتهم. وبموازاة ذلك، أُوعز إلى سليماني، لاتخاذ إجراءات يمكن اعتمادها لـ«القضاء على عناصر المعارضة التي لا يمكن الوثوق بها»، وهذا يشمل السوريين البارزين المطالبين بقيم أكثر ليبرالية وديمقراطية، ويمكن أن يعترف بهم الغرب، وأيضا أولئك المستعدين للتوصل إلى حل وسط أو تسوية مع «الصهاينة لاستعادة هضبة الجولان».
وقال سليماني في الاجتماع، إنه على المستوى التكتيكي «سنتبنى الطرق التي اعتمدت بنجاح في العراق ويجري استعمالها الآن في مصر وليبيا». (لم يشر سليماني في الاجتماع إلى تفاصيل تلك الطرق).
وفي حين كانت دمشق، ولفترة طويلة، تُعتبر من أهم استثمارات إيران، خصوصا في «المقاومة» ضد الأعداء المشتركين، يبدو أن القادة الإيرانيين صاروا يرون نظام الأسد مسؤولية على عاتقهم، مع استمرار الأزمة داخل سوريا.
في إشارته إلى طبيعة العلاقات الاستراتيجية والبراغماتية بين سوريا وإيران على مر السنوات، قال مصلحي، وزير الاستخبارات، الذي هو أيضا رجل دين (ليس في مرتبة آية الله): «إن الأسد - الأب والابن - لم يكن أبدا شريكا مثاليا لإيران». هذا يعكس انتقادا ضمنيا للطبيعة العلمانية للنظام البعثي في سوريا. مثل هذا الانتقاد يتكرر كثيرا في الدوائر المغلقة في إيران، خصوصا في جلسات بعض آيات الله المتشددين.
خامنئي أيد كل التدابير التي اتخذت في الاجتماع، من أجل تعويض الأضرار التي يمكن أن تلحق بإيران إذا ما انهار النظام السوري، لكنه شدد على توخي الحذر، وأصدر تعليماته على أن تبقى كل هذه الإجراءات سرية للغاية، وأن لا يجري أي تحرك علني يمكن أن يضاعف الضغوط داخل سوريا على الأسد.
هذا يؤكد من جديد أن المصالح الإيرانية تبقى فوق كل العلاقات التي أقامتها الجمهورية الإسلامية مع الدول والمنظمات. لكن إذا تعب النظام السوري، فستتعب معه كل «أذرعه» في الدول المجاورة لسوريا، وقد بدأت آثار هذا التعب تظهر على هذه «الأذرع». هي في سباق مع الوقت، لكن قصر الفترة الزمنية أو طولها، تحدده قدرة النظام في سوريا على الاستمرار في رفض كل «النصائح والعروض»، ومواصلة الاعتقاد بأن لا حائط قائم أمامه ولا هاوية سحيقة تنتظره. لكن القرار الإيراني الأخير، يعني أن لعبة «الشطرنج» بدأت تتغير وقد تسرّع يد خامنئي نفسه في حسم «كش ملك»، لأن إيران لن تحارب من أجل أحد غير الدفاع عن نظامها فقط. أي أن لبنان لن يكون هذه المرة مسرح عمليات عسكرية للدفاع عن «حياة» النظام السوري، كما كان عام 2006 للدفاع عن برنامج إيران النووي. إيران، البعيدة عن إسرائيل تعرف هذا جيدا، ويعرفه أيضا حزب الله.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,300,767

عدد الزوار: 6,986,435

المتواجدون الآن: 81