أخبار وتقارير..كييف ترفض العرض الروسي لسعر الغاز وبوتين يحذّر من الانتقال إلى "مرحلة أخرى"....اليمن: تعديل وزاري يطيح خمسة وزراء..مؤتمرالعلاقات الخليجية - البريطانية يبدأ أعماله في لندن اليوم

علامات الطلاق بين واشنطن و«الأخوان»..ما بين الحياد التام والانخراط الكامل - الخيارات العسكرية الأمريكية في سوريا ......إيران في زمن الاتّفاق مع الغرب (2)

تاريخ الإضافة الجمعة 13 حزيران 2014 - 7:06 ص    عدد الزيارات 2091    القسم دولية

        


 

ما بين الحياد التام والانخراط الكامل - الخيارات العسكرية الأمريكية في سوريا
تشاندلر أتوود, جوشوا بورغيس, مايكل آيزنشتات, و جوزيف دي. واورو
الرائد تشاندلر أتوود، من سلاح الجو الأمريكي، هو زميل زائر للشؤون العسكرية في معهد واشنطن. المقدم جوشوا بورغيس من سلاح الجو الأمريكي، هو زميل عسكري زائر في معهد واشنطن. مايكل آيزنشتات هو مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن. العقيد جوزيف واورو حاصل على درجة الماجستير في الأمن القومي وصنع السياسات من كلية الحرب البحرية وكان قد خدم مؤخراً في العراق كجزء من "عملية حرية العراق"، وفي أفغانستان عام 2010.
أشعلت الحرب الأهلية السورية فتيل صراع طائفي أوسع نطاقاً، يقوم بتغيير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط  ويشكل تحديات كبيرة لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة وخارجها. وقد أدى ذلك إلى ظهور بؤرٍ لـ تنظيم «القاعدة»  في شرق البحر المتوسط كما ساهم في تقوية المحور المؤيد لإيران في بلاد الشام (المكوّن من سوريا و «حزب الله» والمقاتلين الشيعة من العراق وأماكن أخرى). ويكاد يكون من المؤكد أن عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب من السنة والشيعة الذين تهافتوا من مختلف القارات إلى سوريا، سوف يتسببون في وقوع مشاكل جديدة عند عودتهم إلى بلدانهم أو هجرتهم إلى مناطق نزاع أخرى. كما أن الأزمة الإنسانية التي نجمت عن النزوح الجماعي للاجئين من سوريا وما خلفّته من تداعيات على استقرار الدول المجاورة، يحتمل أن تزداد سوءاً مع مرور الوقت.
وفي غضون ذلك صدرت تقارير حديثة عن استمرار نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية، حتى في الوقت الذي ما تزال فيه سوريا تحتفظ بما تبقى من مخزونها الكيميائي "المعلن"، مما يدل على أن انضمام النظام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية في العام الماضي قد لا يعني نهاية هذه المشكلة.
وفي ضوء عجز الدبلوماسية والعقوبات عن كبح هذه التطورات المأساوية ووضع حد لإراقة الدماء، (التي خلفت حتى الآن أكثر من 150,000  قتيل و9 ملايين مشرد)، يُقال أن إدارة أوباما تعيد النظر في سياساتها البديلة إزاء سوريا - بما في ذلك الخيارات العسكرية.
الغاية والوسيلة
بإمكان واشنطن شن عملية عسكرية، من جانب واحد أو بالتعاون مع ائتلاف من عدة دول، لتحقيق عدد من الأهداف. وبوسعها أن تحاول التأثير على مسار الحرب الأهلية أو نتيجتها - وبذلك تتفادى انتصار نظام بشار الأسد وحلفاؤه («حزب الله» وإيران)، والذي قد يعتبره الكثيرون من الأصدقاء والخصوم على أنه يشكل هزيمةً استراتيجية للولايات المتحدة. وتحقيقاً لهذه الغاية، قد تعمل واشنطن على تقوية المعارضة المعتدلة وإضعاف النظام بهدف إقناعه بأنه يواجه مأزقاً مدمراً أو هزيمة ساحقة إذا لم يسعى إلى حلٍّ تفاوضي.
ومن جهة أخرى، بإمكان واشنطن أن تحاول التخفيف من حدة تداعيات الحرب الأهلية. وفي هذا الإطار قد تسعى الولايات المتحدة إلى ردع نزعة المغامرة لدى النظام السوري الذي تتملكه ثقة متزايدة بأنه قد انتصر في الحرب وقد يميل إلى تسوية حساباته مع العديد من أعدائه. أو يمكنها أن تخفف من معاناة الشعب السوري من خلال تأمين ملاذات إنسانية آمنة محمية بمناطق حظر جوي وتتمتع بحماية الجنود على الأرض.
والخطوة البديلة التي قد تتخذها الولايات المتحدة في هذا السياق هي العمل على ضمان سلامة عدد أصغر من المصالح. فإذا أرادت واشنطن أدلة موثوقة على إحجام سوريا عن التبليغ عن كامل مخزونها من الأسلحة الكيميائية أو على استخدامها ثانية لهذه الأسلحة، بإمكان الولايات المتحدة أن تهدد بالتدخل عسكرياً لإرغام سوريا على التخلي عن أسلحتها الكيميائية المتبقية، أو قد تشن هجوماً عليها من أجل إضعاف ما تبقى من إمكانياتها من الأسلحة الكيميائية أو شلّ حركتها. وفي حال شنّ أنصار «القاعدة» في سوريا هجوماً على الولايات المتحدة أو مصالحها في المنطقة، قد تستطيع واشنطن الرد بضربات بواسطة الطائرات بدون طيار من أجل إعاقة وردع أي اعتداءات إضافية، كما فعلت في باكستان واليمن والصومال.
الخيارات العسكرية
تتوفر أمام الولايات المتحدة خياراتٌ شتى لتحقيق هذه الأهداف. وتعتمد بعضها على الأنشطة غير الحركية، في حين تعتمد أخرى على العمل الحركي بصورة أساسية؛ وتسعى جميع هذه الخيارات تقريباً إلى تغيير البيئة النفسية وحسابات نظام الأسد من حيث المخاطر والمنافع، كما تحاول عزل النظام من خلال إحداث شرخ بينه وبين حلفائه ومؤيديه المحليين والأجانب. من هنا تلعب الأنشطة الإعلامية القوية دوراً جوهرياً في كل منها. وعلاوة على ذلك، يمكن استخدام بعضها بشكل مستقل، بينما يعطي بعضها الآخر النتيجة الفضلى إذا ما تم استخدامها معاً لاستحداث مجالات تكامل. وفي النهاية يمكن تصنيفها وفقاً لمقدار القوة التي تستلزمها ودرجة المخاطر التي تنطوي عليها، من المستوى الأدنى إلى الأعلى، على النحو التالي:    
  • منع نظام الأسد من الوصول إلى الأصول المالية. إنّ العقوبات والعمليات الإلكترونية عبر الإنترنت التي تستهدف أصول أبرز الأطراف الداخلية التابعة للنظام، قادرةٌ على تأجيج التوتر بين أفراد النظام نفسه وبين النظام وحلفائه. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه التدابير قد تؤتي ثمارها في مجتمعٍ منغمس في حربٍ طائفية حيث أن المخاوف من وقوع مجازر تؤدي إلى توحيد أقلياته المختلفة وبذلك تشكل قاعدة دعمٍ للنظام. بالإضافة إلى ذلك قد تتعارض الهجمات الأكترونية عبر الإنترنت مع سياسة ضبط العمليات السيبرانية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية بسبب ضعفها في هذا المجال.
  • تشكيل تهديد جدي باستعمال القوة للضغط على النظام. إن نشر قوات الاستخبارات والرقابة والاستطلاع والهجوم في المنطقة قد يكون مؤشراً على عزم الولايات المتحدة، وقد يعزز معرفتها بالوضع على الأرض، ويفسح المجال أمام المعارضة للقيام بعمليات عسكرية، في حين سيجبر النظام على تحويل موارده من العمليات الجارية ونحو التصدي لأي ضربة أمريكية محتملة. كما أن نشر هذه القوات قد يحث سوريا على تسريع التدابير التي تتخذها للتخلص من سلاحها الكيميائي المتبقي أو قد يردع النظام عن استخدامه مجدداً.
  • تدريب وتجهيز المعارضة. إن بذل الجهود المكثفة لتجهيز المجموعات المعارضة المعتدلة وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية قد يقوّي موقفها إزاء عناصر المعارضة الأكثر تشدداً ويبطل اندفاع النظام في ساحة المعركة، الأمر الذي يهيئ الظروف المناسبة للقيام بعملية دبلوماسية معقولة. ومن شأن هذه الخطوة أن تغيّر مسار الحرب (أو حتى نتيجتها) مع أن الكثير سيعتمد في النهاية على قدرة المعارضة على تعزيز فعاليتها العسكرية والعمل تجاه هدف موحد وتنظيم شؤونها السياسية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النقطة الأخيرة هي الأكثر أهمية، لأن المعارضة المعتدلة التي تجسّد بأعمالها المبادئ التي تدّعي أنها تحارب من أجلها تستطيع أن تتنافس بشكل أفضل ضد جماعات المعارضة المتشددة وتستقطب السوريين الحياديين وأنصار النظام الساخطين إلى صفوف المعارضة. وعلاوة على ذلك، بإمكان تصعيد هذا الخيار أو تخفيفه وفق ما يمليه أداء المعارضة، وديناميات ساحة المعركة، والمصالح الأمريكية.
  • عرقلة إمدادات السلاح للنظام. إن استهداف أهم المطارات السورية بالصواريخ عن بُعد بغية عرقلة العمليات الإيرانية والروسية لإعادة إمداد قوات النظام، يمكن أن يعقّد الجهود التي يبذلها النظام من أجل الحفاظ على الوتيرة الحالية للعمليات والقتال في حرب استنزاف مطوّلة. وعلى النحو نفسه، فإن استهداف المنشآت والممتلكات والقواعد الجوية الضرورية لإعادة إمداد القوات السورية قد يرغم هذه القوات على الاعتماد على طرق برية محدودة لإعادة التموين، والتي قد تعمل المعارضة على منع استخدامها لهذا الغرض.
  • شن هجوم على (و/ أو) احتواء قدرات الأسلحة الكيميائية المتبقية. بوسع الولايات المتحدة شن هجوم بالصواريخ عن بعد من أجل إضعاف أو شلّ المخزون السوري المتبقي من الأسلحة الكيميائية ومنشآتها وذلك لمنع النظام من استخدامها، بينما تستطيع القوات المدربة من قبل الولايات المتحدة ضمان احتواء المخزون والمنشآت متى كان ذلك ممكناً. وقد يلقى هذا المسار قبولاً إذا تبيّن أن سوريا لم تعلن عن كامل مخزونها الكيميائي أو أنها استخدمته مجدداً بالرغم من التزامها بالتخلص منه.
  • ضرب أهم الوحدات العسكرية التكتيكية. بإمكان الولايات المتحدة إطلاق صواريخ عن بعد على الوحدات التي تصدرت الأعمال العسكرية التي يشنها النظام ضد قوى المعارضة والسكان المدنيين - وتشمل هذه الفرقة الرابعة، والحرس الجمهوري، ووحدات صواريخ سكود، وعدد من وحدات الطائرات ذات الأجنحة الدوارة ووحدات الطيران الثابتة. وقد تضعف هذه الضربات قوة النظام القتالية وتغير مسار الحرب، ولهذا السبب قد تستحث سوريا و«حزب الله» على الرد، فضلاً عن أنها قد تؤدي إلى تفاقم التوترات مع إيران وروسيا.
  • شن هجمات بطائرات بدون طيار على العناصر التابعة لـ تنظيم «القاعدة». في إطار الرد على أي اعتداء يتم شنه على الولايات المتحدة أو مصالحها، من قبل الجماعات التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة» التي تعمل في سوريا، بإمكان الولايات المتحدة ضرب هذه الجماعات بواسطة طائرات بدون طيار من أجل عرقلة عملياتها المستقبلية وردعها، فضلاً عن  تغيير معادلة التوازن بين العناصر المعتدلة والمتشددة ضمن قوى المعارضة السورية. (يمكن حصر عمليات الطائرات بدون طيار في المناطق التي تفتقر إلى الدفاع الجوي أو تلك التي تم فيها إضعاف الدفاع الجوي للقوات النظامية من خلال عمليات القمع). إن التقارير المتداولة بأن العناصر التابعة لـ تنظيم «القاعدة» في سوريا تخطط لمثل هذه الاعتداءات تجعل من هذا السيناريو احتمالاً معقولاً على نحو متزايد.
  • ضرب أهم الأهداف العسكرية والاقتصادية الاستراتيجية. بإمكان الولايات المتحدة شن هجوم بالصواريخ عن بعد على البنى التحتية العسكرية في سوريا (بما في ذلك منشآت الاستخبارات والقيادة والسيطرة، ونقاط تقاطع الاتصالات ذات الأهمية الجوهرية، ومخزونات زيت الوقود)، وعلى المكونات الحيوية للبنى التحتية الصناعية في البلاد (وخاصة المنشآت ذات الاستخدام المزدوج والصناعات المملوكة من قبل المرتبطين بنظام الأسد وأتباعه)، وكذلك على المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي يستخدمها النظام للتواصل مع أنصاره. ومن شأن مثل هذه الضربات أن تغيّر مسار الحرب، وبالتالي قد تؤدي إلى قيام سوريا و «حزب الله» بشن عمليات انتقامية، إلى جانب زيادة التوتر مع إيران وروسيا.
  • فرض مناطق حظر جوي/ملاذات إنسانية آمنة. باستطاعة القوات الأمريكية وقوات التحالف فرض حظر جوي ضيق [على مناطق محصورة] عند الحدود التركية والأردنية، باستخدامها صواريخ أرض جو من طراز "باتريوت" الموجودة في هذه البلدان، أو بإمكانها فرض مناطق حظر جوي واسعة بعد القضاء على الدفاعات الجوية السورية في المناطق المجاورة. وبذلك يصبح بالإمكان إقامة ملاجئ إنسانية آمنة تخضع لحماية قوات الائتلاف البرية في شمال وجنوب سوريا. إلا أن هذا النوع من المساعي يستلزم نسبة هائلة من القوى البشرية والموارد كما أنه يحتاج إلى "وجود الجنود على الأرض" (لحماية الملاذات الآمنة من هجمات النظام البرية أو تلك التي يشنها وكلاؤه)، ويمكن أن يؤدي إلى التزامٍ مطلق لأن العديد من النازحين داخلياً قد فقدوا منازلهم وليس لديهم أماكن يعودون إليها.
للعدو صوتٌ مدوٍّ: خطر الثأر.
توعّدت سوريا بردٍّ قاسٍ على أي اعتداء تتعرض له، لذا ينبغي على الولايات المتحدة الاستعداد لمثل هذا الاحتمال. ومع ذلك، ففي الواقع استوعبت سوريا مراراً عدة ضربات إسرائيلية دون أن تشن عملية انتقامية - بما في ذلك الهجوم على مفاعلها النووي في الكُبر عام 2007 بالإضافة إلى أكثر من نصف دزينة من الضربات الجوية على أهداف عسكرية في سوريا (وخاصة الأسلحة المعدة للنقل إلى «حزب الله») منذ بداية حربها الأهلية عام 2011. ويعني ذلك أن الأسد قد لا يرد عسكرياً على هجوم أمريكي إذا بقيت قواته منشغلة مع المعارضة وإذا اعتقد أنه سيدفع ثمناً باهظاً على الصعيد العسكري لقاء ردّه. وإذا ما اختار الرد، فالاحتمال كبير بأن يكلف جهة ثالثة بذلك (ويكون ذلك إلى حد كبير بنفس الطريقة التي سهلّت فيها سوريا سابقاً قيام «حزب الله» و «حماس» بشن عمليات ضد إسرائيل، بدلاً من مخاطرتها هي بمواجهة مباشرة). ومع ذلك، فخيارات سوريا محدودة في هذا الإطار، لا سيما وأن العديد من الجهات الممثلة لها والتي كانت تعتمد عليها سابقًاً لم تعد فعالة أو لم تعد موجودة.
وينطبق الأمر نفسه على «حزب الله». فمع وجود الآلاف من مقاتليه في سوريا، لن يستطيع الحزب فتح جبهة أخرى ضد الولايات المتحدة دون تكبده خسائر. كما أن قدرته على شن هجمات إرهابية ما وراء البحار قد تضاءلت على مدى الأعوام الماضية وتم تقييدها من قبل الولايات المتحدة بفضل التحسن الجذري في قدرات أمريكا وإسرائيل في مكافحة الإرهاب منذ أحداث 11 أيلول/سبتمبر. غير أن «حزب الله» قد يعتبر أي تهديد لصمود نظام الأسد بمثابة تهديد لوجوده حيث أنه سيكون على الأرجح الهدف التالي للعديد من الجهاديين السنة. لذلك فإنه قد يسعى إلى ردع التحرك الأمريكي دون أن يصبح هو نفسه هدفاً أمريكياً.
وهو الأمر بالنسبة لإيران التي تجنبت عدة مرات المواجهات المباشرة والمغامرات العسكرية الأجنبية التي قد تكون كلفتها مرتفعة، وذلك عندما تعرضت مصالحها الحيوية للخطر؛ وسوف تتحاشى على وجه الخصوص المواجهة مع الولايات المتحدة نيابة عن حليفها السوري. (وبالفعل حين بدا سابقاً أن النظام السوري محكوم عليه بالهزيمة، توجّهت إيران إلى جسّ نبض أعضاء المعارضة - على الرغم من أن بعض المتشددين الإيرانيين سوف يقولون دون شك بأنه يجب عمل كل ما هو ضروري للحفاظ على استقرار نظام الأسد). وفي حال مقتل عناصر إيرانية في الضربة العسكرية الأمريكية على سوريا، ستشعر طهران بالتأكيد أنها بحاجة إلى الرد، مع أن اعتبارات مختلفة ستؤثر على مثل هذا القرار، وقد يملي عليها حذرها إرجاء عملية الردّ.
وبالتالي فإن احتمال الرد الانتقامي والتصعيد من قبل سوريا وحلفائها يعتمد إلى حدٍّ كبير على مدى انشغالهم مع المعارضة، ونظرتهم إلى عزم الولايات المتحدة، وعلى مدى تهديد التحرك الأمريكي المباشر على مصالحهم الحيوية. ومن هذا المنطلق، يحتمل ألا يتسبب التحرك الأمريكي غير المباشر أو التدريجي بردٍّ انتقامي. فتلك الأطراف التي تتجنب المخاطر قد تفضّل الردّ على التحرك العسكري الأمريكي عبر شبكة الإنترنت. وفي الواقع، إن "الجيش السوري الألكتروني" كان قد هاجم بالفعل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة ودول أخرى.
الاستنتاجات
على الرغم من أن الدبلوماسية والعقوبات لم تحقق النتائج المنشودة في سوريا، ما زالت الإدارة الأمريكية قلقة من أن يجرّها أي تحرك عسكري، مهما كان محدوداً، إلى حربٍ أخرى في الشرق الأوسط، وهذا أمرٌ ينتهك أحد أهم مبادئ سياستها الخارجية. كما أنها قلقة من أن يؤدي التحرك العسكري إلى تقويض اثنين من إنجازاتها البارزة على مستوى السياسة الخارجية، وهما صفقة القضاء على السلاح الكيميائي السوري والمفاوضات النووية الجارية مع إيران. وفي الواقع أن هذه الاعتبارات الشاملة سوف تستمر في تقييد الخيارات الأمريكية في سوريا. ومن غير الواضح كيف ستؤثر التقارير الجديدة عن [استعمال] السلاح الكيميائي السوري - إذا تم التحقق منه - على هذه الحسابات.
وفي حين أن الميل إلى عدم التدخل عسكرياً في سوريا أمراً مفهوماً، إلا أنه يحفل بالمخاطر بشكل متزايد: وتشمل هذه وجود موطئ قدم لـ تنظيم «القاعدة» وتنامي النفوذ الإيراني في بلاد الشام؛ وقيام جيل جديد من الجهاديين الذين سيبحثون عن فرص جديدة في أماكن أخرى؛ ووجود أجواء اجتماعية متوترة وانعدام استقرار سياسي في الدول المجاورة (بما فيها عدة دول حليفة للولايات المتحدة)؛ وتعاظم النزاع الطائفي في المنطقة؛ وتشكيك الحلفاء والأعداء على حد سواء في مصداقية الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يدفع المناطق الأخرى إلى وضع عزم الولايات المتحدة قيد الاختبار (لاحظ ما فعلته روسيا في أوكرانيا). وعلاوة على ذلك، فمن خلال إحجام واشنطن عن التحرك، تخاطر بحصر نفسها بدور المتفرّج في نزاعٍ له تداعيات واسعة النطاق على مصالحها.
وإذا ما سعت واشنطن إلى التأثير على مجرى الأحداث السورية بشكل أكثر استباقيةً، فتتوفر أمامها مجموعةٌ من الخيارات العسكرية التي تنطوي على درجات متفاوتة من الالتزام والمخاطر لا تصل إلى مستوى الغزو الكامل - وإن ليست هناك ضمانات لتحقيق ما قد يعتبره الكثيرون "نجاحاً". وفي نزاعٍ لن يُسفر عن أي نتائج حسنة (إذ فات الأوان على التحدث عن مثل هذه النتائج مع هذا العدد الهائل من القتلى والنازحين)، لعل التحرك من أجل تجنب حدوث نتائج أسوأ - للشعب السوري وشعوب المنطقة، والأهم من ذلك لمصالح الولايات المتحدة - هو الحل الأفضل الذي يؤمَل تحقيقه. إن كيفية معالجة واشنطن للتوتر بين مخاطر عدم التدخل التي تزداد وضوحاً يوماً بعد يوم، وبين مخاطر التدخل غير المؤكدة بطبيعتها، قد تحدد بحقّ مستقبل سوريا والشرق الأوسط ودور الولايات المتحدة في تلك المناطق وخارجها للسنوات القادمة.
 
 
إيران في زمن الاتّفاق مع الغرب (2)
طارق ترشيشي
يُجمِع الإيرانيّون على أنّ انتخاب الشخصيّة الوسطيّة التي يُمثّلها الشيخ حسن روحاني لرئاسة الجمهوريّة الإيرانيّة خَلفاً للرئيس محمود أحمدي نجاد، إنّما أعادت توليد منطقة وسطيّة أخرجت إيران من ثُنائيّة التخاصُم بين المحافظين والإصلاحيّين.
تحقّقَ إجماع على شخصيّة روحاني الذي يُراهن عليه الإصلاحيّون وهو ليس بإصلاحيّ، ويُراهن عليه المحافظون وهو ليس بمحافظ، ما جعله يشكّل حالة رمزيّة لإعادة الاعتبار إلى الإجماع القومي الاستراتيجي في إيران، وكانت النتيجة بعدَ فوزه برئاسة الجمهوريّة إنجازان فريدان:
ـ الأوّل، تنفيس الاحتقان الداخليّ، الذي كان يُنذر بإعادة «الثورة الخضراء» والاضطراب الداخلي، وإشعار الإيرانيّين بأمَل وتفاؤل بالمُستقبل.
ـ الثاني، أنَّ الغرب، الذي كان يُراهن على فوز شخصيّة شبيهة بأحمدي نجاد تُعيد توليد الاضطراب السياسيّ في الداخل ومع دول الجوار والعالم، فوجئ بفوز روحاني، ما أحبط كلّ الرهانات الغربيّة على فوز رئيس يُشكّل ذريعة لتجديد مُحاصرة إيران.
ولذلك، شكّل فوز روحاني زمناً جديداً بكلّ ما للكلمة من معنى، عنوانه العام الانفتاح والحوار مع الغرب ودول الجوار. ومن هنا بدأت سلسلة التحوّلات، ومنها ما يشهده الملفّ النووي والعلاقة مع دول الجوار.
ففي ما يتعلّق بالملفّ النووي، شكّل «الاتّفاق - الإطار» في شأنه بين إيران والدول الغربيّة في تشرين الثاني 2013، بداية تحوُّل استراتيجيّة في الاحتدام حوله، إلى درجة أنّ الخبير الاستراتيجيّ الأميركي جورج فريدمان شبّه هذا الاتّفاق بذاكَ الذي أعقبَ الحرب العالميّة الثانية، ووصفه بأنّه «اتّفاق تاريخيّ» كان من نتائجه الاعتراف بإيران نقطةً جاذبة وقوّة استقرار وسلام في المنطقة.
وبعدَ عشرة أيّام تنتهي المرحلة الانتقاليّة للاتّفاق على التفاصيل. صحيح أنّ الحوار التفصيلي حول الاتّفاق النهائي في شأن الملف النووي صعبٌ ومُعقّد، إلّا أنّه لا يُتوَقّع أن يعود إلى نقطة الصفر. كذلك فإنَّ «الاتّفاق الإطار» هو بمثابة «حزام أمان» لمنع اندلاع حرب بين إيران والغرب.
ما هي الأوراق التي تمتلكها إيران إذاً؟
يقول الإيرانيّون إنّ الحوار التفصيليّ حول الملف النووي لا يتعلّق بالإجراءات التقنيّة فقط، وإنّما هو مُحاط بسلسلة استحقاقات عالقة وتتّصل بأزمات المنطقة كلّها، ومنها الأزمة السوريّة والقضيّة الفلسطينيّة ولبنان، وكذلك أفغانستان، حيث تجد الولايات المتّحدة الأميركيّة نفسها محتاجةً لإيران، بغية تأمين خروج آمن لأكثر من 50 ألف جندي أميركي، وعدم عودة الأوضاع الأفغانية بعده الى نطقة الصفر من خلال عودة «طالبان» إلى السيطرة على السُلطة في أفغانستان، وهذا الملفّ لا تستطيع إلّا إيران الإمساك به من بين دول المنطقة، وذلك من خلال نفوذها وتأثيرها الميداني واللوجستي في الساحة الأفغانيّة، وهذا أمر يتمّ في سياق حوار غير مباشر بين إيران والولايات المتّحدة الأميركيّة، وهو سياق حقيقيّ وفعّال سيسحب نفسه على كلّ الأزمات الإقليميّة.
وفي ما يتعلّق بالملف النووي، وانطلاقاً من هذه المعادلة، تجدُ الإدارة الأميركيّة في إيران الباب العالي لتسوية الأزمات الكبرى في المنطقة.
وإذ يسأل البعض، هل تستعجل الولايات المتحدة تحقيق نقلة نوعيّة في نظام الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط؟
يجيب خبراء في الشأن الإيراني أنّ الاستراتيجيّة الأميركيّة الجديدة في المنطقة تقوم على إعادة التموضع الهادئ، بما يضمن مصالحها الاستراتيجيّة انطلاقاً من الحقائق الواقعية وموازين القوى التي حصلت في خلال السنوات القليلة المنصرمة.
ويعتقد مُراقبون إيرانيّون أنّه للمرّة الأولى في تاريخ المنطقة تكون الاستراتيجيّة الأميركيّة مشغولة بتأمين مصالحها مباشرة، ولو أدّى الأمر الى مخالفة حسابات حلفائها، سواءٌ في منطقة الشرق الأوسط أو حلفائها الأوروبّيين.
ما هي تداعيات تحوُّل كهذا؟
أوّل هذه التداعيات، سقوط الرهان الغربيّ على تدخّل عسكري أميركي مُباشر في الأزمة السوريّة، ليس بسبب الفيتو الصيني ـ الروسي فقط، وهو حدَث ناجم في الأصل من التحوّلات الميدانية في ميزان القوى والتي كان لإيران دورٌ حاسم فيها.
وثاني هذه التداعيات، شعور دول الخليج، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية بخيبة أمَل كبرى من الولايات المتّحدة الاميركيّة، تمّ التعبير عنها للمرّة الأُولى في الخطاب السياسي السعودي، وفي ما سمّاه بعض المسؤولين الخليجيين «الخداع الاميركي لحلفاء واشنطن التاريخيّين».
وثالث هذه التداعيات، هو التصدّع الذي أصاب مجلس التعاون الخليجي، إذ خرج من دولِه مَن يُعلن فشلَ هذا المجلس، الذي يُشكّل وحدةً أمنيّة وسياسيّة وجغرافيّة في المنطقة، في التحوّل اتّحاداً بين دوَله، بدليل ما قاله وزير الخارجيّة العماني يوسف بن علوي في آذار الماضي من «أنّ سلطنة عمان تحترم آراء أشقائها، خصوصاً المملكة العربية السعودية، ولكنّها كانت إقليماً منذ عهد الرسول (ص)، فهي مستقلة وستبقى كذلك، وهذا هو رأي العمانيين قديمهم وحديثهم». وأوضحَ أنّ «فكرة الاتحاد الخليجي ستظلّ قائمة عند مجموعة من الناس، ولكن كواقع صعب».
وقال: «حتى إخواننا في المملكة العربية السعودية يعتقدون أنّه ينبغي، في ظلّ هذه الهواجس الفكرية، ألّا نفقد مجلس التعاون، وأن نعمل على تقوية نشاطه وقدراته ونوسّعها، فضلاً عن توظيف أكبر للمصالح المشتركة. ولكنّ مجلس التعاون سيبقى دوَلاً».
 
مؤتمرالعلاقات الخليجية - البريطانية يبدأ أعماله في لندن اليوم
جدة - «الحياة»
تنطلق اليوم في لندن فعاليات مؤتمر «العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة: ديناميكيات جديدة»، الذي ينظمه مركز الخليج للأبحاث بالتعاون مع «تشاتام هاوس»، وبمشاركة مسؤولين في دول مجلس التعاون وبريطانيا.
ويناقش المؤتمر الذي يستمر يومين، على ما أفادت وكالة الأنباء السعودية «عدداً من القضايا المشتركة بين الجانبين خلال 6 جلسات رئيسة، تشمل دول مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا، والعلاقات في سياق التحولات الإقليمية، والتغيير السياسي وأثره في هذه العلاقات، إضافة إلى علاقات التعاون في مجالي الأمن والدفاع، وتحديد الأولويات، إلى جانب واقع علاقات الجانبين في ظل وسائل الإعلام الحديثة»، إضافة إلى جلستين بعنوان «الاتحاد الأوروبي... التجربة البريطانية».
وأوضح رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر أن للمركز «تعاوناً وثيقاً وقديماً ومستمراً مع مراكز الأبحاث والجامعات ومؤسسات دعم ومساندة اتخاذ القرار في المملكة المتحدة».
وأشار إلى أن «العلاقات الدولية والعلاقات الخليجية في الوقت الحاضر بصفة خاصة يجب أن تكون متنوعة ومنفتحة على دول العالم كافة، بما يخدم مصالح دول الخليج العربي خصوصاً في جانبها الاقتصادي المتنامي، باعتبارها من أكبر مصدري النفط للعالم، إضافة إلى حجمها الكبير في مجال التبادل التجاري، وضرورة توسيع دائرة التعامل مع العالم على ضوء التغيرات الاستراتيجية وتغير موازين القوى العالمية».
وفي ما يتعلق بجلستي «الاتحاد الخليجي... التجربة البريطانية» قال الدكتور ابن صقر: «إنه من المفيد والمهم مناقشة تجربة الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تتقدم دول مجلس التعاون الخليجي نحو التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، خصوصاً التعرف إلى التجربة البريطانية مع هذا الاتحاد، إذ تعد بريطانيا عضواً جزئياً في الاتحاد الأوروبي».
 
اليمن: تعديل وزاري يطيح خمسة وزراء
صنعاء - «الحياة»
أثارت أزمة المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء المستمر في اليمن أمس، موجة غضب شعبي عارم وأقدم المتظاهرون على قطع الشوارع الرئيسة في صنعاء، ما أدى إلى توقف شبه كلي لحركة المواصلات، فيما سارع الرئيس عبدربه منصور هادي إلى تهدئة الشارع المحتقن منذ أسابيع بإجراء تعديل حكومي أطاح خمسة وزراء، وتعيين نائبين لرئيس الحكومة.
إلى ذلك قصف الجيش أمس مواقع مسلحين قبليين هاجموا خطوط الطاقة الرئيسة في مأرب (شرق صنعاء) واحتجزوا عشرات ناقلات الغاز والنفط ومسؤولين حكوميين، مستخدماً المدفعية والطيران الحربي، بالتزامن مع إعلانه إبطال سيارتين مفخختين في شبوة المجاورة وتدمير ثالثة كانت تقل عناصر من تنظيم «القاعدة».
وأطاح التعديل الحكومي وزراء الكهرباء، والنفط، والمالية، والخارجية، والإعلام، سعياً إلى امتصاص موجة الغضب الشعبي في وقت كانت الحكومة في اجتماعها أمس أعلنت «أنها تتفهم معاناة المواطنين جراء مشكلة شح المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء»، لكنها «ترفض لجوء المحتجين إلى الفوضى وقطع الطرقات».
 
كييف ترفض العرض الروسي لسعر الغاز وبوتين يحذّر من الانتقال إلى "مرحلة أخرى"
النهار...المصدر: (و ص ف، رويترز، أ ب)
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس أن بلاده اقترحت 385 دولاراً للألف متر مكعب سعراً أخيراً للغاز لاوكرانيا، محذراً من الانتقال الى "مرحلة أخرى" اذا رفضت كييف هذا العرض، فيما تمسكت السلطات الاوكرانية بموقفها الرافض له.
ونقلت عنه الوكالات الروسية للأنباء خلال اجتماع للحكومة ان "السعر النهائي هو 385 دولاراً للالف متر مكعب" بعد خفض 100 دولار، وأن الشروط المقترحة هي "نفسها" كالتي افادت منها كييف قبل سقوط الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في شباط. وقال إن "شركاءنا الاوكرانيين قلقون على ما يبدو من امكان تطبيق الخفض بسهولة والغائه بسهولة أحادياً"، مذكرا بمطلب المفاوضين الاوكرانيين خفض السعر المدرج في العقد خشية الغائه. وأضاف: "لم نتصرف يوماً على هذا النحو، لقد أبدينا دائماً احتراماً كبيراً لالتزاماتنا".
ولاحظ أنه "وفقا للمعلومات التي نتلقاها اليوم، فان المسالة ليست في هذه الآليات بل في ان شركاءنا الاوكرانيين يريدون مزيداً من الخفض ويعتقدون انهم قادرون على المطالبة بالمزيد... اذا كان هذا الواقع، فيبدو ان المفاوضات الى طريق مسدود". وأفاد أننا "نرى ان اقتراحاتنا هي اقتراحات شركاء يريدون دعم الاقتصاد الاوكراني في الاوقات الصعبة... ولكن اذا رفض عرضنا سننتقل الى مرحلة مختلفة تماما ولن يكون ذلك خيارنا. لا نرغب في ذلك"، وقت مددت "غازبروم" حتى 16 حزيران مهلتها لاوكرانيا لايفاء ديونها من الغاز.
وفي بروكسيل، اكد وزير الطاقة الاوكراني يوري برودان رفض العرض الروسي في ختام مفاوضات مع نظيره الروسي الكسندر نوفاك والمفوض الاوروبي للطاقة غونتر أوتينغر.
ولم يحدد موعد جديد، لكن أوتينغر قال إن المفاوضات ستستمر على كل المستويات.
وترى أوكرانيا ان عرض موسكو مرتفع مقارنة بـ280 دولاراً المطبق قبل الازمة الروسية - الاوكرانية وغير مضمون لان هذا السعر ناجم عن خفض قررته الحكومة الروسية لا عن عقد تجاري.
ولفت الوزير الروسي في بروكسيل الى أن "أمام أوكرانيا مهلة حتى الاثنين" هو الموعد الذي حددته موسكو لايفاء كييف ديونها . وأكد ان موسكو ستفرض نظام التسديد المسبق الذي قد يوقف امدادات الغاز الى أوكرانيا في غياب أي تقدم في هذا الملف.
وأوضح ان سعر 385 دولاراً "يتماشى" مع السوق، وان موسكو كانت اقترحت ضمان حسم مئة دولار وتحديد هذا السعر الى حين انتهاء العقد المبرم بين مجموعتي "غازبروم" الروسية و"نفتوغاز" الاوكرانية في نهاية 2015.
وكان أوتينغر حذر مساء الثلثاء من أن تسوية الخلاف المتعلق بالغاز بين روسيا وأوكرانيا يمكن ان تستغرق "أياماً"، وخفف الجانب الروسي الضغط قليلاً قبل انعقاد المحادثات، مع اعلان "غازبروم" تأجيل المهلة التي حددتها لاوكرانيا لايفاء ديونها الى 16 حزيران .
وتجرى مفاوضات مكثفة بين موسكو وكييف سعياً الى تفادي انقطاع امدادات الغاز الروسي لاوكرانيا، مما يهدد ببلبلة واردات الغاز الى الدول الاوروبية.
وتصر مجموعة "غازبروم" على ان تدفع اوكرانيا ديونها المستحقة لامدادات الغاز كلها والبالغة 4,5 مليارات دولار، مهددة بالانتقال الى نظام دفع مسبق، مما يعني امكان قطع الامدادات الى أوكرانيا التي تعبرها نحو 15 في المئة من واردات الغاز الروسي.
على صعيد آخر، دعا رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لامبرتو زانييه الى الإفراج فوراً عن ثمانية من مراقبيها فقدوا خلال الاضطرابات التي شهدها شرق أوكرانيا قبل نحو أسبوعين. وقد التقى أمس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو.

 

 حاضر العلاقات العربية- الإيرانية

 الحياة...خالد غزال

 لم تكن ايران يوماً عنصراً مقرراً في العالم العربي كما هي اليوم. لقد صارت جزءاً لا يتجزأ من أحداث أساسية تعيشها المنطقة العربية بعد الانتفاضات التي ضربت بنى مجتمعاتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ويستند التدخل الإيراني في الوضع العربي الى جملة عناصر تتصل بنظرة ايران الى موقعها ودورها في المنطقة، وإلى نظرة جيوبوليتيكية ترى المنطقة العربية واحداً من مدارات المدى الحيوي لإيران ومصالحها، كما تستند الى عنصر طائفي مذهبي ترى إيران فيه دوراً «رسولياً» عليها القيام به دعماً لأبناء الملة التي ينتسب اليها ملالي النظام وضرورة ان تكون لهم اليد الطولى في تقرير المصير تعويضاً عما فات أبناء المذهب منذ خمسة عشر قرناً، وانتقاماً لما أصاب «أهل البيت» في ذلك الزمان الذي لا يزال متواصلاً حتى اليوم ويتفاعل في الوجدان الطائفي.

 وبما ان العلاقات الايرانية-العربية تمثل وجهاً أساسياً في السياسات الحالية للعرب والإيرانيين، فإن الدراسات التي تصدر مواكبة لهذه العلاقات تسعى إلى تبيان السلبيات أو الإيجابيات في العلاقة وكيف ينظر إليها كل طرف. من الدراسات التي ظهرت في هذا المجال كتاب المفكر اللبناني رضوان السيد بعنوان «العرب والإيرانيون، والعلاقات العربية–الإيرانية في الزمن الحاضر»، وهو صادر عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» في بيروت.

 يشير السيد الى «أن الدراسات المنشورة في هذا الكتاب، كتبت خلال عقد ونصف العقد. وقد قصدتُ فيها المتابعة النقدية والاستطلاعية للسياسات الايرانية تجاه العرب، وللعلاقات الايرانية–العربية منذ أوائل أيام خاتمي وإلى الربع الأول من العام 2013. ومنهج هذه الدراسات الواقعية هو المدخل القومي والجيواستراتيجي، والذي يستخدم القوة والدين والمذهب والثقافة، سواء في التحشيد او في فرض الوقائع على الأرض».

 ويتحدث السيد عن «العرب وإيران، الدولة والإسلام، والمجتمع المدني»، فيقدم عرضاً تاريخياً للمبادئ الدستورية التي حكمت الدولة الايرانية على امتداد القرن العشرين وصولاً الى الثورة الايرانية عام 1979. لم يكن المجتمع الايراني ساكناً طوال هذا القرن، فقد شهد حراكاً واسعاً في النصف الاول من القرن العشرين ضد حكم آل بهلوي ذوي الصلة الوثيقة بالاستعمارين البريطاني والاميركي. اما النصف الثاني من القرن فقد شهد حركة محمد مصدق التي كانت أكبر تحول ايراني ضد حكم الشاه والخارج، والتي لم يتح لها الاستمرار بسبب تآمر الغرب لإسقاط مصدق. لكن الحراك سيتجدد مع التيار الإسلامي الذي قاده الخميني، خصوصاً حراك العام 1963 الذي انتهى بقمع حركة الاحتجاج ونفي الخميني الى الخارج. ستتوج الثورة الايرانية عام 1979 مرحلة من النضال ضد الشاه وحكمه لتنتج نظاماً إسلامياً بقيادة الخميني من أهم صفاته انه كان «نظاماً كوربوراتياً جمعياً يشبه في سياسته وطرائقه في التصرف الأنظمة الشمولية المعاصرة الى حد بعيد».

 يحتل التوتر القائم بين الشيعة والسنّة موقعاً في كتاب رضوان السيد، هذا التوتر المتصاعد اليوم له جذوره التاريخية الممتدة منذ الانشقاق الذي قام داخل الإسلام في سياق الصراع على السلطة والخلافة، واستمر طوال العصور العربية–الإسلامية وصولاً الى العصر الحديث الذي شكلت الثورة الايرانية عنصر توتره الأكبر، خصوصاً ان الصعود الشيعي أعاد طرح المرجعية الأساس للمسلمين، وعبر اعتبار ولي الفقيه هو ولي أمر المسلمين جميعاً. يشير في هذا المجال الى «ان الأبرز والأكثر لفتاً للانتباه هو طرائق ايران في عصر ولاية الفقيه في التعامل مع الشيعة خارجها، في ديار العرب والإسلام، وفي العالم الأوسع. فهي ما اكتفت بكسب تأييد هؤلاء وحماستهم (ومعهم كثيرون من شبان السنّة)، باعتبارها مرجعية شيعية وثورية. بل اقتضت دعوى القيادة الأوحد للشيعة في العالم من خلال ولاية الفقيه اقامة تنظيمات داخل كل الجماعات الشيعية في العالم، تتبع الولي الفقيه، في المسائل الدينية والحياة الشخصية والعامة».

  خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقبل حصول الانتفاضات في بعض العالم العربي، عرفت العلاقات العربية-الايرانية مزيداً من الاضطراب ساهمت فيه الحرب الاميركية على العراق واعتبار ايران نفسها المستفيد الأول من هذه الحرب، وترجمته تدخلاً سافراً في الشؤون العراقية عبر دعم موقع الشيعة وتغليبه على السنّة. خارج العراق، وجدت ايران ان في امكانها مد نفوذها في أكثر من مكان في المنطقة العربية. تدخلت في القضية الفلسطينية فدعمت حركة حماس في وجه السلطة الفلسطينية، وتدخلت في اليمن لمصلحة الحوثيين، واعتبرت البحرين مقاطعة ايرانية وسعت الى زعزعة الحكم فيها. اما التدخل الذي زاد التوتر فهو المتصل بالهيمنة على الحكم السوري وإلحاقه، الى حد كبير، بالسياسة الايرانية (هو ما لم يكن عليه زمن حافظ الأسد). أما في لبنان فاعتبرت ان نفوذها محفوظ ومتين من خلال تبنيها «حزب الله» في كل الميادين المادية والعسكرية. خلال هذه السنوات تدخلت عوامل متعددة لتجعل العلاقات الإيرانية-العربية مقيمة في التناقض والصراع، منها تفاقم المذابح الداخلية بين السنّة والشيعة في العراق، ومقتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، وحرب تموز (يوليو) 2006 في لبنان وما تبعها من عملية 7 أيار (مايو) التي قام بها «حزب الله» والتي اتخذت عملياً طابع صراع سنّي– شيعي، ومنها قيام حماس بدعم من إيران وسورية بالاستيلاء على قطاع غزة، ومنها أيضاً تردي العلاقات بين ايران والسعودية وبعض دول الخليج.

 يمكن القول ان ظاهرة التدخل الإيراني في شؤون بعض الدول العربية، خصوصاً في العراق ولبنان والبحرين واليمن «تجمعها جوامع او عناصر عدة: الجاذبية الغلابة لإيران في الأوساط الشيعية في سائر إنحاء العالم، وبخاصة في المشرق العربي والخليج، ووجود مشروع ديني– سياسي للثورة الإسلامية، يرمي الى إلحاق كل الشيعة في العالم بالزعامة والمرجعية الايرانية، وغلبة الطابع الأمني– السياسي على علاقة ايران بشيعة المشرق العربي والخليج». لكن مسار العلاقات العربية-الايرانية لم يكن مفصولاً عن الصراعات الدولية لإيران، خصوصاً في جملة ملفات، فموقع ايران ودورها الاقليمي هو مسألة مركزية في علاقات الغرب مع ايران وفي علاقات الغرب مع الدول العربية في الآن نفسه. لم يكن الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة يوماً في موقف إسقاط النظام الإيراني، بل على العكس، وخلافاً لما يراه كثيرون، ظل النظام الإيراني منذ قيامه حاجة أميركية في وصفه فزاعة ضد العرب، بما يجعل الدول العربية بحاجة ماسة الى الوجود العسكري الأميركي في الخليج. اما الملف الآخر فهو المتصل بالبرنامج النووي الايراني، حيث تسعى ايران الى الرد على التعنت الغربي بمد نفوذها خارج حدودها واستحضار مواقع قوة في اكثر من مكان، بما يمكنها من المقايضة مع الغرب في مجال اي تسوية قد يتم الوصول اليها في هذا المجال.

 لا شك في ان التوتر في العلاقات الايرانية-العربية مسؤولية مشتركة، فالحرب العراقية، المباركة غربياً، على ايران بعد قيام الثورة تركت جروحاً عميقة من الصعب ان تندمل، هذا اذا ما كانت هناك إرادة لاندمالها. وهي لا تزال تشحن الصراع السنّي-الشيعي بمقويات هائلة. كما ان العداء التاريخي وإصرار كل من الشيعة والسنّة على البقاء مقيمين في التاريخ القديم الذي يعود الى خمسة عشر قرناً، لا يساعد في إطفاء نار العداء بين الطرفين، وتحوله حروباً بين الدول وبين الشعوب الإسلامية نفسها. وهو أمر يستدعي تكوّن مقومات سياسية وثقافية وفكرية مختلفة يمكنها ان تخرج هذه العلاقات من أتونها الملتهب.

  * كاتب لبناني

 

 

علامات الطلاق بين واشنطن و«الأخوان»

الحياة..  محمد سيد رصاص

 

أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» معلومات عن اجتماع جرى في البيت الأبيض بعد خمسة أيام من ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 في مصر قال فيه بنجامين رودز نائب مستشار الأمن القومي الأميركي الكلمات التالية: «لا نستبعد علاقة مع «الاخوان المسلمين» كجزء من مسار نظامي للأمور، وأن السياسة المصرية تحتاج لأن تضم أحزاباً غير علمانية». ووفق تعبير مارتن إنديك، السفير الأميركي السابق، بحسب ما نقلت الصحيفة الأميركية «فهمت الإدارة الأميركية أن مبارك قد انتهى» منذ صباح الأحد 30 كانون الثاني (يناير) وقد أقلعت طائرة السفير الأميركي السابق فرانك ويزنر ظهر ذلك اليوم متوجهاً للقاهرة لنقل رؤية الإدارة الأميركية إلى الرئيس مبارك في أنه يجب حصول «انتقال منظم» للسلطة. كان «الاخوان المسلمون» رموا بثقلهم في ميدان التحرير منذ الجمعة 28 كانون الثاني ما جعل ما بدأ في 25 يناير مع عشرات الألوف يتحول إلى حشد مليوني.

 

 

الأربعاء 18 كانون الثاني 2012 زارت السفيرة الأميركية آن باترسون (في حدث غير مسبوق) المقر العام لقيادة «الاخوان» في حي المقطم في القاهرة واجتمعت مع مرشد «الاخوان» محمد بديع.

 

 

جاءت الزيارة بعد قليل من فوز الواجهة الحزبية لجماعة الاخوان المسلمين، أي «حزب الحرية والعدالة»، بالمرتبة الأولى في انتخابات مجلس الشعب. في تلك الفترة كانت الثنائية التي رعتها واشنطن عقب تنحي الرئيس مبارك بين «المجلس العسكري» و «الاخوان» في حالة اهتزاز منذ طرح «وثيقة علي السلمي» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 التي حاولت ضمان وضعية خاصة دستورياً للقوات المسلحة أمام السلطتين التنفيذية والتشريعية، وقد فهم «الاخوان» مغازي هذه الزيارة مما دفعهم لاحقاً إلى ترشيح اخواني لانتخابات الرئاسة بعد أن كانوا يعلنون عدم رغبتهم في ذلك. في يوم تسلم المرشح الاخواني الفائز محمد مرسي للرئاسة في 30 حزيران (يونيو) 2012 تحولت الخطوبة المعلنة في 18 كانون الثاني في المقطم بين واشنطن و«الاخوان» إلى زواج، وصرح نائب مرشد الاخوان خيرت الشاطر لصحيفة «واشنطن تايمز»، قبل خمسة أيام من دخول مرسي لقصر الاتحادية، بأن «الأولوية هي لشراكة وثيقة مع الولايات المتحدة وهو ما تتوقع الجماعة أن يؤدى إلى فتح أبواب القروض الدولية واكتساب الشرعية الدولية».

 

 

عندما أحال الرئيس مرسي المشير طنطاوي والفريق عنان على التقاعد في 11 آب (أغسطس)، وألغى الاعلان الدستوري الذي أصدره «المجلس العسكري» في منتصف حزيران 2012 متضمناً نفس بنود «وثيقة علي السلمي»، وقفت واشنطن مع الرئيس الاخواني ضد المؤسسة العسكرية. كان ما جرى في قاهرة ما بعد 11 شباط (فبراير) 2011 نهاية لسياسة أميركية وقفت فيها واشنطن مع العسكر الحاكمين في قاهرة حسني مبارك المتصادم مع الاسلاميين منذ عام 1990 وفي تونس بن علي منذ 1991 ومع جزائر ما بعد انقلاب 11 كانون الثاني 1992. بعد لقاء المقطم نقل محمود حسين الأمين العام (للجماعة) بأن السفيرة «اعترفت بارتكاب الإدارات الأميركية المتعاقبة بعض الأخطاء في دعم الحكام الديكتاتوريين»، ونقل أن بديع قال إن واشنطن «كانت تحكم على الشعوب من خلال الحكام الديكتاتوريين وتدعمهم، ما جعل شعبية الولايات المتحدة تتراجع»، ثم أضاف بديع: «العصر الحالي هو عصر الشعوب» في إشارة إلى ما بعد 25 كانون الثاني 2011.

 

 

تجدر الإشارة إلى زواج اخواني- أميركي أول بدأ في عام 1953 مع زيارة وفد اسلامي برئاسة صهر حسن البنا، سعيد رمضان، للبيت الأبيض واجتماعه مع الرئيس أيزنهاور، ثم أصبح هذا الزواج أكثر وثوقاً مع اتجاه عبد الناصر، المتصادم مع «الاخوان» قبيل أحد عشر شهراً، نحو موسكو منذ أيلول (سبتمبر) 1955، ما دامت واشنطن قد حسبت أهمية استخدام الاسلاميين ضد الناصرية والسوفيات معاً ثم ضد الكرملين في مرحلة ما بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان في 27 كانون الأول (ديسمبر) 1979. حصل الطلاق الأميركي - الإخواني في عام 1989 مع انتفاء حاجة البيت الأبيض للاسلاميين عقب انتصاره على الكرملين في الحرب الباردة.

 

 

استمر الزواج الأول طويلاً، أما الزواج الثاني، الذي عمت مفاعيله من القاهرة إلى عموم المنطقة، فتخلخل مع مقتل السفير الأميركي في ليبيا في بنغازي في 11 أيلول 2012 على يد اسلاميين، ثم مع اكتشاف الفرنسيين أثناء عملية مالي في الشهر الأول من عام 2013 بأن معظم الأسلحة التي يحارب الاسلاميون بها الفرنسيين هناك قد أتت من مخازن القذافي التي استولى عليها الاسلاميون بعد أن اسقط «الناتو» بقيادة الفرنسيين وبرعاية أميركية العقيد الليبي، وكانت المرحلة الثالثة في عوامل المراجعة الأميركية عملية بوسطن في منتصف نيسان (أبريل) 2013 التي قام بها اسلامي شيشاني مقيم مع عائلته في الولايات المتحدة له ارتباط بأوساط اسلامية شيشانية مقربة من الاسلاميين العرب.

 

 

كانت المراجعة الأميركية بدأت ارهاصاتها مع خطاب زغرب في 31 تشرين الأول 2012 لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ضد «المجلس الوطني السوري «الذي يسيطر عليه الاسلاميون برعاية تركية - قطرية، وهو ما قاد إلى تشكيل «الائتلاف» بعد أحد عشر يوماً، ومن ثم في نهاية أيار جرت توسعة به جعلت الاسلاميين الطرف الأضعف، وجرى سحب التلزيم الأميركي من يدي أنقرة والدوحة في ما يخص المعارضة السورية. في في 7 أيار (مايو) 2013 حين عقد اتفاق كيري - لافروف حول سورية توضح توجه أميركي جديد في الشرق الأوسط نحو (التسوية) مع موسكو ومع أطراف اقليمية مثل طهران تخص دمشق وعموم المنطقة، وضد (الاسلاميين). وتعاونت موسكو مع واشنطن في كشف الشبكات التي تقود من منفذ عملية بوسطن إلى الشيشان وداغستان باتجاه الاسلاميين العرب. من دون هذا الجو لا يمكن فهم نقل السلطة في الدوحة من الأمير إلى ابنه في 25 حزيران، ومعه وزير الخارجية الذي كان عراب اسلاميي «الربيع العربي»، ثم الإشارات المتباينة التي أطلقتها واشنطن بين 30 حزيران و3 تموز (يوليو) 2013، قبيل وأثناء إزاحة مرسي ونهاية حكم «الاخوان» في القاهرة.

 

 

خلال أحد عشر شهراً تفصل بين إزاحة مرسي واعلان فوز السيسي في انتخابات رئاسة الجمهورية استمرت واشنطن في سياسة الإشارات المتباينة تجاه حكام القاهـــرة الجدد الآتين من المؤسسة العسكرية مع دعم كبير من أوساط النظام القديم، وتجاه «الاخوان».

 

 

وفي 4 حزيران أعلن البيت الأبيض الطلاق الأميركي - الإخواني مشيراً الى أن الرئيس أوباما «يتطلع إلى العمل مع الرئيس الفائز بالانتخابات من أجل دفع الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة والمصالح المشتركة بين البلدين». يبقى الكلام الباقي في التصريح الأميركي حول «تبني الاصلاحات الضرورية» و «الحريات» كلاماً انشائياً لا يوازي ما تحمله العبارة السابقة من اعتراف أميركي رسمي بشرعية ما جرى مصرياً في وما بعد 3 يوليو 2013 ضد مرسي و «الاخوان»، ومن اعتراف بشرعية الحكام المصريين الجدد الذين كانت واشنطن لأحد عشر شهراً في تباعد مع موقف حلفائها في الرياض وأبو ظبي وعمان تجاه قاهرة ما بعد مرسي.

 

 

يبدو أن راشد الغنوشي في تونس قد فهم درس مرسي، بأن الصعود لتيار سياسي يكون معاً في بلدان المنطقة وبأن السقوط يكون كذلك، لذلك تنازل عن الحكم. في ليبيا لم يفهم الاسلاميون، مع عمليتهم الأخيرة عبر انتخاب معيتيق، ما قاله سيف الاسلام القذافي في أيام الستة التي تفصل ثورة 17 شباط عن سقوط مبارك: «ليبيا، بعد سقوط بن علي ومبارك، مثل شطيرة اللحم بين طرفي السندويشة». يبدو أن حركة اللواء خليفة حفتر ضد الاسلاميين الذين يقفون وراء معيتيق، توحي بأن هناك «ربيعاً للعسكر» بعد «الربيع العربي»، عقب السابقة التي مثلها السيسي ضد مرسي، وربما لولا تنازلات الغنوشي لكان سيناريو 3 حزيران 2013 المصري تكرر في تونس.

 

 

 

 

 

 

* كاتب سوري

 

 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,085,751

عدد الزوار: 6,977,930

المتواجدون الآن: 75