أخبار وتقارير..استخدام دراجات نارية لتخطي زحمة السير في طهران ..يانوكوفيتش يتعهّد تعديلاً وزاريّاً المحتجون احتلّوا مبان عامة...تركيا: تدخّل المركزي لا يوقف تدهّور الليرة ومحكمة رفضت إعادة محاكمة جنرالات...العراق في حاجة إلى المعونة الأمريكية الآن

الحركات الجهادية تهدد استقرار كردستان العراق...الطائفة الشيعية في المغرب أصبحت أكثر جرأة...مراكز القوة المتعددة في مصر

تاريخ الإضافة الأحد 26 كانون الثاني 2014 - 6:54 ص    عدد الزيارات 1997    القسم دولية

        


 

مراكز القوة المتعددة في مصر
عادل العدوي
عادل العدوي هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.
أدى التصويت الكاسح بـ "نعم" على الاستفتاء على الدستور المصري المدعوم من الجيش هذا الأسبوع، استناداً إلى نسبة إقبال محترمة تبلغ نحو 40 في المائة، إلى دفع بعض المراقبين إلى الاستنتاج بأن الجيش وحده هو الذي يدير الحياة السياسية في مصر في الوقت الراهن. يقيناً، أن الجيش لا يزال الركيزة الأساسية لجميع مؤسسات الدولة وسط الاضطرابات المستمرة، لكنه ليس صانع القرار الوحيد. على سبيل المثال، منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس مرسي في 30 حزيران/يونيو، اتخذ فاعلون آخرون - إلى جانب الجيش - قرارات سياسية كبرى مثل تعيينات مجلس الوزراء وتشكيل لجنة الدستور المكونة من خمسين عضواً وصياغة الدستور الجديد نفسه. وفي الواقع، تميز عهد ما بعد مبارك بظهور مراكز قوة عديدة لا تزال تؤثر على المسار السياسي في البلاد.
الخلفية
كان الرئيس السابق حسني مبارك يقود عملية صنع قرارات مركزية محكمة تدفعها السلطة التنفيذية بشكل كامل تقريباً. وحتى نحو عام 2005، كان مبارك هو الرجل القوي في مصر - يثق بعدد قليل من الأشخاص وكانت له دائماً الكلمة النهائية بشأن ما سيحدث على المشهد السياسي الداخلي. ويقيناً أنه فقد بعض السيطرة لصالح أفراد عائلته أثناء السنوات الخمس الأخيرة من رئاسته، في الوقت الذي كانت فيه التوترات المؤسسية والشخصية تتراكم داخل السلطة التنفيذية وسط استهجان واسع لخطة توريث الحكم لنجله جمال. ومع ذلك، كان مبارك لا يزال "الرجل المسيطر" في مصر، وحتى لو أقنعه أي شخص بسياسة ما، فإنه كان يمتلك الموارد وهيكل السلطة لتنفيذها. لكن ذلك كله تغير بشكل حاد عقب الإطاحة به في شباط/فبراير 2011.
ومن بين التحديات التي واجهها "المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، الذي سيطر على السلطة عقب تنحي مبارك، التكيف مع الواقع السياسي الجديد دون إعداد مناسب. ففي ظل نزول ملايين المصريين الذين مكنتهم الثورة إلى الشوارع، لم تكن السلطة التنفيذية تحظى بسيطرة كاملة على النظام السياسي. وخلال فترة حكمه العاصفة التي استمرت ثمانية عشر شهراً، كافح "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" من أجل العمل في بيئة حظيت فيها مراكز القوة الجديدة - الشارع والفاعلين من غير الدولة ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية الجديدة ومجتمع رجال الأعمال وغيرهم - بنفوذ هائل على التطورات السياسية. وقد قاد المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس أركان الجيش سامي عنان عملية انتقالية لاقت الكثير من الانتقادات بل وجعلت بعض كبار المسؤولين في الجيش يشعرون بالقلق. بيد أنه منذ الصيف الماضي، استوعب الجيش وتقبل - في ظل قيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي - الحقيقة الجديدة التي تتمثل في ممارسة مراكز القوة الأخرى للنفوذ والتأثير.
ما هي مراكز القوة في مصر؟
من بين المجموعة القليلة من مراكز القوة الحالية في مصر، هناك بعض الفاعلين الذين هم أكثر أهمية من غيرهم، لكنهم جميعاً يؤثرون على عملية صنع القرار في القاهرة والوضع السياسي العام. ويمكن تقسيم مراكز القوة هذه إلى ثلاث فئات: مؤسسات الدولة، والسلطة التنفيذية، والفاعلين المجتمعيين من غير الدولة. وتمثل التفاعلات المعقدة بين هذه التكتلات عاملاً رئيسياً لفهم ديناميات القوة في مصر ما بعد مبارك.
في الفئة الأولى، الفاعلين الرئيسيين هم مؤسسات الدولة التي تتعامل مع الأمن والاقتصاد وسيادة القانون والشؤون الخارجية. وتشمل الفئة التنفيذية الرئيس وحكومته. أما فئة الفاعلين من غير الدولة فتشمل الشارع، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، ومجتمع الأعمال، والأحزاب أو التنظيمات السياسية المختلفة، والمؤسسات الدينية. وكانت مراكز القوة هذه تتغير باستمرار على مدى السنوات الثلاث الماضية، كما كانت تتوافق في بعض الأحيان مع رفقاء يتسمون بالغرابة.
مراكز القوة في 30 حزيران/يونيو
في عشية ثورة حزيران/يونيو الأخيرة، كانت معظم مراكز القوة في مصر متحدة ضد حكومة «الإخوان المسلمين»، ومرسي فقد السيطرة الكاملة. وقد تحولت جميع مؤسسات الدولة ومعظم الفاعلين من غير الدولة ضد مرسي. وأصيبت الشرطة والمخابرات والجيش بحالة من الإحباط بشأن ما اعتبروه عدم كفاءة الرئاسة؛ فمن وجهة نظرهم، كان مرسي يُضر بالأمن القومي من خلال تجاهله للمظالم الداخلية الخطيرة، وسماحه للجهاديين بإقامة معقل لهم في سيناء، وانتهاجه سياسة خارجية قامت بتنفير حكومات الخليج الفارسي. وعلى نحو مماثل، اعتقد القضاء أنه يتعرض للهجوم، حيث أصدر مرسي إعلاناً دستورياً في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 جعل نفسه بمقتضاه فوق سيادة القانون وقام بتعيين نائب عام اعتبره عديدون غير شرعي. وقد شعرت مؤسسات الدولة المدنية بالتهميش الكامل أيضاً؛ فعلى سبيل المثال كان مستشار مرسي عصام الحداد هو وزير الخارجية الفعلي، الأمر الذي أثار استياء وزارة الخارجية المصرية.
بيد أن العوامل المحفزة الرئيسية لثورة 30 حزيران/يونيو تمثلت في الفاعلين من غير الدولة الذين تحولوا ضد حكومة «الإخوان» قبل ذلك بأشهر. وقد انضم ملايين المصريين إلى حركة "تمرد" للمطالبة بعزل مرسي، وقامت أطياف عريضة من القوى السياسية والمنظمات غير الحكومية وقادة الأعمال ومنافذ الإعلام الخاص بتشجيع الناس على النزول إلى الشوارع في 30 حزيران/يونيو. بل إن المؤسسات الدينية الكبرى مثل الكنيسة القبطية والأزهر ساندوا خارطة الطريق بعد الإطاحة بمرسي في 3 تموز/يوليو. وبطبيعة الحال، فإن الجهاز الأمني شجع حركة "تمرد" بشكل غير مباشر أيضاً استناداً إلى شكوكه بشأن نوايا «الجماعة» وأفعالها. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن معظم مراكز القوة تحولت فعلياً ضد الحكومة، الأمر الذي جعل من المستحيل عملياً استمرار مرسي في الحكم.
مراكز القوة بعد 30 حزيران/يونيو
تغير تشكيل مراكز القوة في مصر بشكل كبير منذ الثورة في الصيف الماضي. فلا تزال مراكز القوة الرئيسية مناهضة لـ «الإخوان»، لكن هناك معسكران أيديولوجيان يقاتلان بعضهما البعض أيضاً: معسكر قومي ومعسكر "ليبرالي". فالمعسكر الأول يفضل دولة قوية تمثلها مؤسسة أمنية وجيش قويان، بينما يعارض المعسكر الثاني فكرة لعب المؤسسة الأمنية والعسكرية دوراً كبيراً في الحكم. وكلا المعسكرين يحظيان بتمثيل جيد في هيكل السلطة الحالي. فرئيس الوزراء حازم الببلاوي ونائبه زياد بهاء الدين ووزير الخارجية نبيل فهمي يُعتبرون جميعهم جزءاً من المعسكر "الليبرالي"، في حين يضم الفصيل القومي مسؤولين مثل وزير الإسكان إبراهيم محلب ووزير الداخلية محمد إبراهيم ووزير التنمية المحلية عادل لبيب ووزير الطيران عبد العزيز فاضل.
وتنقسم وسائل الإعلام على طول خطوط مماثلة، حيث يعتبر عبد الرحيم علي وعادل حمودة وتوفيق عكاشة وأحمد موسى جزءاً من المعسكر القومي بينما يُعرف باسم يوسف ولميس الحديدي ومنى الشاذلي ومحمود سعد بأنهم في المعسكر الليبرالي. ومن بين الفاعلين من غير الدول، تعتبر حركة "تمرد" من المعسكر القومي، بينما تنتمي حركة "6 أبريل" وبعض الفصائل الاشتراكية إلى المعسكر الليبرالي.
وتتراكم توترات وإحباطات قوية بين هذين المعسكرين في جميع مراكز القوة في مصر، وهو ما تعكسه عملية صنع القرارات. على سبيل المثال، أثناء اجتماع مجلس الوزراء في تشرين الثاني/نوفمبر، اندلع خلاف شديد بين نائب رئيس الوزراء بهاء الدين ووزير الداخلية إبراهيم بشأن قانون التظاهر المقترح، مما أدى إلى حدوث تأخر في إصداره. لقد كان المعسكر القومي يدعم القانون بشكل كامل، بينما كان المعسكر الليبرالي أكثر تردداً بشأنه. والنقطة الأخرى محل الخلاف هي فكرة المصالحة مع جماعة «الإخوان»، والتي يرفضها المعسكر القومي كلية، في تناقض حاد مع المعسكر الليبرالي. وقد أخفق رئيس الوزراء في جسر الفجوة بين هذين المعسكرين، الأمر الذي أفقد مجلس الوزراء فعاليته في الحكم.
ومن الناحية السياسية، تركز الحكومة على ثلاث ملفات رئيسية في الوقت الراهن: الأمن والاقتصاد وخارطة الطريق الانتقالية. ورغم أن الجهاز الأمني يتعامل مع الملف الأول، إلا أن مجلس الوزراء ومكتب الرئيس لا يزالان منخرطين في جميع القرارات الأمنية الرئيسية بدرجة أو بأخرى، ويشمل ذلك فض اعتصام المحتجين من أنصار مرسي في "ميدان رابعة العدوية" و "ميدان النهضة". ويتولى مجلس الوزراء والرئيس منصور نفسه التعامل مع الملف الاقتصادي وخارطة الطريق الانتقالية. وفي حين يشغل وزير الدفاع السيسي منصب النائب الأول بين نواب رئيس الوزراء الثلاث، إلا أنه لم يستغل منصبه للتدخل في القضايا غير الأمنية في حكومة الببلاوي. وبالتالي، فإن "السيطرة العسكرية الكاملة" ليست وصفاً دقيقاً للعملية السياسية أو عملية صنع القرارات الحالية في مصر.
الخاتمة                     
منذ سقوط مبارك، حدث تحول نموذجي في هيكل القوة المعقد في مصر، حيث يؤثر العديد من الفاعلين الرئيسيين حالياً على بعضهم البعض. وبطبيعة الحال يشكل الجيش أحد الركائز الأساسية في هذا الهيكل، لكن هناك العديد من القوى الهامة الأخرى المحيطة به والتي تساعد على صياغة القرارات السياسية في الدولة. إن فهم القيود على مراكز القوة المنقسمة داخلياً يشير إلى أنه لا الجيش ولا أي مؤسسة واحدة أخرى في مصر يتحمل المسؤولية بمفرده.
 
 العراق في حاجة إلى المعونة الأمريكية الآن
مايكل نايتس
مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن، وقد عمل في جميع المحافظات العراقية كمستشار للحكومة والهيئات الصناعية وقوات الأمن الوطني
"يو إس أي تودَي"
في 31 كانون الأول/ديسمبر استطاع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» [«داعش»]- الذي يدور في فلك تنظيم «القاعدة في العراق وسوريا» - تولي السلطة على مركزي الرمادي والفلوجة، وهما أكبر مدينتين في محافظة الأنبار العراقية. وحتى كتابة هذه السطور، لا تزال تلك الحركة الإرهابية تحكم سيطرتها على الفلوجة - وهي المدينة التي دارت فيها معارك الشوارع الضارية بين مشاة البحرية الأمريكية و تنظيم «القاعدة» في عام 2004؛ هذا ولا يبعد مركز الخلافة الذي أعلنت عنه هذه الجماعة لنفسها سوى 35 ميلاً عن السفارة الأمريكية في بغداد و 25 ميلاً فقط عن مدرج هبوط الطائرات في العاصمة العراقية.
وللفلوجة رمزية من حيث الموقع لعدة أسباب أخرى. ففي عام 2004، قُتل فيها 122 جندياً أمريكياً وأصيب أكثر من 650 آخرين بجروح في المعركة التي جرت لطرد «القاعدة» من المدينة. غير أن الفلوجة قد تصبح الآن مرة أخرى رمزاً للعودة من جديد لـ تنظيم «القاعدة في العراق» في الوقت الذي تجد فيه الحكومة العراقية نفسها مضطرة إلى تطهير المدينة دون الاستعانة بالقوات الأمريكية.
وتخيم على الفلوجة ثلاثة سيناريوهات تصطبغ جميعها بالسوء. فإذا تسبب الجيش في سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين، فقد يصبح العرب السنّة في العراق أكثر نفوراً من الحكومة العراقية التي يرأسها الشيعة وهو ما سيؤدي إلى تأجج روح التمرد بداخلهم بصورة كبيرة. وفي ظل غياب القوات الأمريكية على قرب من الجيش العراقي، فقد يؤدي ذلك إلى انكسار الجيش تحت وطأة معارك الشوارع حامية الوطيس الأمر الذي يعرضهم إلى هزيمة مخزية على أعتاب العاصمة العراقية. أو قد تنجح «القاعدة» في الفرار وتروج لنفسها انتصاراً واهياً مع احتفاظها بالقدرة على إعادة إحكام سيطرتها على الفلوجة مرة أخرى. وستضر أي من تلك السيناريوهات بالمصالح الأمريكية، الأمر الذي سيمنح ذلك الذراع التابع لـ تنظيم «القاعدة» مزيداً من القوة في سعيه لإقامة دولة إسلامية تمتد من الخليج الفارسي إلى البحر الأبيض المتوسط.
والأمر الجيد في ذلك أيضاً هو أن الوقت يمثل الآن فرصة سانحة لتحسين الوضع في العراق. فقد تسبب نهوض «القاعدة» إلى عودة مسلحي «التنظيم» مرة أخرى إلى ممارساتهم السابقة - المتمثلة بإرهاب المسلمين السنة وفرض الضرائب عليهم وتطبيق قوانين إسلامية صارمة على المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وكانت هذه الممارسات قد أشعلت العداوة بينهم وبين القبائل في عام 2006، وهاهي الآن تتحقق مرة ثانية. وفي الرمادي قام المتمردون الذين يقاتلون الحكومة العراقية بتوجيه أسلحتهم نحو «داعش» في غضون ساعات من سيطرة «القاعدة» على شوارع المدينة. وفي خضم هذا البحر الهائج في الفلوجة يلجأ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» إلى القتال في المناطق المفتوحة وهو ما يعرضه إلى خطر مواجهة هزيمة عسكرية.
[وبالعودة بالذاكرة] إلى عام 2006 الذي كان آخر مرة تسود فيها ظروف مماثلة لما يحدث الآن، نجد أن الولايات المتحدة كانت قد أجبرت الحكومة العراقية على اقتناص الفرصة بكلتا يديها. فكانت النتيجة تعاون القبائل مع الجيش، الأمر الذي مزق أوصال تنظيم «القاعدة في العراق» في الفترة ما بين 2006 و 2008 في واحدة من أنجح حملات مكافحة الإرهاب في التاريخ. ولكن مع انسحاب الولايات المتحدة تحقيقاً لتعهدها للعراق بدءاً من عام 2009 وما تلاه، تراخت الحكومة العراقية وتراجعت عن تعهداتها بحماية حلفائها من القبائل وتركتهم فريسة سهلة تُلتهم واحدة تلو الأخرى.
ولم تدخر الحكومة الأمريكية جهداً في حث المالكي على تكرار صيغة ذلك التعاون المفقود بين القبائل والجيش، وهذا ما قامت به في الأسبوع الثاني من كانون الثاني/يناير الحالي. جاء ذلك في سلسلة من المكالمات الهاتفية التي أجراها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من مسؤولي الإدارة الأمريكية. ويتم نقل المعلومات الاستخباراتية الأمريكية والذخائر ذات التوجيه الدقيق بسرعة إلى العراق من أجل تعزيز قدراتها العسكرية على المدى القصير. وعلى الرغم من أن تلك الجهود تستحق ذلك العناء المتكبد، إلا أنها لا تؤدي سوى إلى تسليط الضوء على قدرة الولايات المتحدة المحدودة على مساعدة العراق الذي يحارب مرة أخرى على أرض الفلوجة المقدسة.
وثمة مشكلة رئيسية تكمن في أن العراق له وضعه الخاص المؤسف في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ففي ظل إدارة أوباما، بدأ الانسحاب العسكري الأمريكي الكامل أول ما بدأ كوعود انتخابية، ولكن انتهى به المطاف كبديل عن الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل. إن وضع الانسحاب الكامل الهدف الاستراتيجي في العراق جعل من المستحيل تقريباً تزويد العراق بنفس الشكل من الدعم الذي قد تمنحه واشنطن لأي حليف رئيسي آخر للولايات المتحدة تمتد به أحد أذرع تنظيم «القاعدة» على أعتاب عاصمته. ولا تزال الولايات المتحدة تقاوم بشدة نشر أي قوات خاصة بها أو استعمال مروحيات مسلحة بدون طيار أو طائرات هجومية في العراق، وهي الوسائل التي تستعين بها الولايات المتحدة بشكل معتاد في ملاحقة الإرهابيين في أماكن أخرى من العالم، من الصومال وإلى باكستان.
لقد حان الوقت لوضع نهاية لهذه الوضعية الخاصة للعراق. فتوفير مستشارين لمكافحة الإرهاب ودعم جوي أثناء الأزمات - كالأزمة الحالية - لن يمثل أي خرق لما يقوله الرئيس الأمريكي أوباما بأنه أنهى الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق. كما لا يجب الوصول بشعار "خلو العراق من القوات" إلى أقصى حالات التشدد. وإذا لم يكن بإمكان العراق ما بعد الاحتلال أن يطلب المساعدة علناً من محتله الأخير، فلا يجب أن يقف ذلك عائقاً أمام الولايات المتحدة في مطاردتها للإرهابيين من وقت لآخر في العراق إذا ما أصبحت البلاد عرضة للخطر. وعلى أية حال، هل يُعَد تنظيم «القاعدة في العراق» أقل تهديداً من منظري «القاعدة» في باكستان، التي خاطرت فيها أمريكا بتقويض حكومة تلك الدولة الإسلامية التي تمتلك أسلحة نووية من أجل تصفية أسامة بن لادن دون استئذان الحكومة التي تمت العملية على أراضيها؟
إن إنهاء الحروب في العراق وأفغانستان لهو هدف له قيمته الكبيرة، ولكن الحروب لا تنتهي بالضرورة بمغادرة الجيش الأمريكي. وفي الواقع، من غير المرجح بشكل خاص انتهاء تلك الحروب حال انسحاب الجيش الأمريكي الكامل مع عدم تمتعه بالمرونة الكافية لدعم شريكه السابق من الناحية العملياتية في المستقبل. هذه عوامل كان ينبغي أن توضع على رأس الأولويات في خطط الإدارة الأمريكية لإعادة التواجد مرة أخرى على الأرض في العراق وبشأن تخفيض حجم القوات في أفغانستان.
 
الطائفة الشيعية في المغرب أصبحت أكثر جرأة
ڤيش سكثيفيل
ڤيش سكثيفيل هي زميلة الجيل القادم في معهد واشنطن.
في الوقت الذي كانت تدق فيه طبول الحرب الأمريكية في فترة الاستعداد للضربة العسكرية على سوريا التي لم تحدث على الإطلاق، أصدر "الاتحاد الشيعي المغربي" ("الخط الرسالي بالمغرب") بياناً أدان فيه التدخل المقترح. وفي تبرير موقفه، أكد "الاتحاد" أن مصير سوريا يجب أن يحدَّده السوريون وليس القوى الخارجية، ومن شأن التدخل الأمريكي أن يقوي شوكة تنظيم «القاعدة»، وأن رد فعل الرئيس السوري بشار الأسد على شن ضربة عسكرية ضد نظام حكمه سيكون من شبه المؤكد زيادة العنف الذي يرتكبه ضد مواطنيه.          
وبالذهاب أبعد من ذلك، تناول "الاتحاد" - الذي يمثل الطائفة الشيعية الصغيرة جداً في المغرب - الموقف المغربي بشأن هذه القضية ذاكراً أن أي تعاون أو مشاركة في هذه الضربة سيكون "غير شرعي وغير مبرر" إلا إذا كان يستند على قرار صادر عن الأمم المتحدة؛ وأضاف أنه حتى الحديث فقط عن شن هجوم على سوريا كان ينبغي تأجيله حتى صدور تقرير الأمم المتحدة بشأن الهجمات الكيماوية في الغوطة. ووفقاً لما ذكره أعضاء "الاتحاد"، فمن "المفارقة" أن الموقف الأمريكي قد تغير كثيراً بحيث يمكن أن يكون إلى جانب الجهاديين السنة والتكفيريين المسلحين.
ويُعد هذا الفصيل الجديد من الناشطين السياسيين الشيعة ظاهرة جديدة نسبياً في المغرب، وأولئك الشيعة كانوا ينزعون إلى اعتناق ذلك المذهب عقب عودتهم من التعليم أو من العمل كمهاجرين في بلاد الشام. وفي شتى أنحاء بلاد المغرب العربي، استمر أتباع الطائفة الشيعية في إخفاء ديانتهم لوقت طويل، لذا من الصعب جمع إحصائيات موثوق بها عن أعدادهم رغم التقديرات بأنها تصل إلى سبعة آلاف فرد في المغرب. لكن من الواضح أنهم يواجهون ضغوطاً لأجل مواصلة إخفاء هويتهم الدينية في ضوء مشاعر الكراهية للشيعة التي تزداد يوماً بعد يوم. كما أقلقهم بشكل واضح انضمام عدد من المغربيين للقتال في صفوف الثوار السوريين. وعلى الجانب الآخر، تتجه الحكومة المغربية إلى التمييز بين الشيعة الذي اعتنقوا المذهب الشيعي بدافع الشعور بقناعة دينية وأولئك الشيعة الذين (في نظر الحكومة) يعتنقون هذا المذهب دعماً لقضايا الشيعة الدولية. وقد تجلى ذلك في حجم المساحة النسبية الممنوحة للقادة الشيعة البارزين في المغرب، ومن بينهم إدريس هاني، مقارنة بالرقابة القريبة للمغربيين العاديين الذين يبدون اهتماماً بالمذهب الشيعي.
وفي مقابلة مع صحيفة مغربية تصدر باللغة الفرنسية جرت في حزيران/يونيو الماضي، قال هاني إنه إذا كان رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران و "إخوانه"، فضلاً عن قادة "التوحيد والإصلاح" (الحركة الدينية والاجتماعية السنية التابعة لـ "حزب العدالة والتنمية" الحاكم) صادقين في إدانتهم لنظام الأسد، فإن عليهم عندئذ أن يرسلوا أبناءهم للمشاركة في "الجهاد" في سوريا. وفي دفاعه عن مصالح «حزب الله» في سوريا، عزا هاني رغبات الولايات المتحدة في التدخل إلى ما أسماه بـ "المشروع الأمريكي الصهيوني". وبخلاف طريقته المعهودة وكلامه المنمق والمعسول، ذهب هاني بعيداً هذه المرة إلى درجة أنه شبّه الأوصاف السلبية التي أطلقتها "حركة التوحيد والإصلاح" على زعيم «حزب الله» حسن نصر الله بـ "نهيق حمار".
إن الآراء السياسية التي تتزايد صخباً يوماً بعد يوم والتي يطلقها القادة الدينيون الشيعة قد بدأت في إحداث حالة من الضبابية واللبس في التمييز المشار إليه أعلاه بين الشيعة المتدينين - الذين تميل الدولة بصورة أكثر إلى التغاضي عنهم - وأولئك الذي يدعمون «حزب الله» أو إيران. بل أكثر من ذلك، إن التحول من الهدوء النسبي إلى معارضة أكثر جرأة لسياسات الدولة يمثل تغييراً في علاقة الشيعة بالمجتمع المدني الأكبر في المغرب، بما في ذلك السلطات الحاكمة. وسوف يكون التحدي التالي لعلاقات الدولة المغربية بمواطنيها الشيعة، هو السعي إلى تقويض هذه النزعة السياسية المتزايدة.
وفي الواقع، أن الشيعة في المغرب لم يكونوا الأقلية الدينية الأولى في العالم العربي التي عارضت التدخل العسكري الخارجي في سوريا، ولا الجماعة الوحيدة في شمال أفريقيا التي تشعر بالقلق إزاء ارتفاع عدد القتلى في الحرب الدائرة في سوريا. فموقفهم يكمن في أن هذه القضايا مرتبطة بمشاكل أوسع نطاقاً وهي: التوسع البطيء لـ "الهلال الشيعي"، انتشار «حزب الله»، والتهديد المحتمل لإسرائيل. ويؤكد الشيعة المغربيون أن علاقة بلادهم التي تزداد فتوراً يوماً بعد يوم مع إيران تنبع من تحالفها مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة فضلاً عن الخوف من تكوين طائفة شيعية موحدة ومتماسكة في المغرب، لاسيما في الدار البيضاء وطنجة. وفي الواقع، قطعت المغرب علاقاتها مع إيران في عام 2009 عندما اتهمت الجمهورية الإسلامية بنشر التشيع داخل المغرب في محاولة منها لزعزعة استقرار وحدتها الدينية الداخلية. كما كان ذلك رد فعل على النزاع الحدودي الإيراني البحريني، رغم ما يقوله بعض النقاد بأن ذلك مجرد ذريعة للمواقف الصريحة التي اتُخذت.
ويتشارك الشيعة الجزائريون والتونسيون - المحدودون في العدد كما هو الحال مع شيعة المغرب - في مأزق مماثل. ففي حالة الجزائر، تخشى الدولة من نشر التشيع، كما يتضح من تحذيرات العلماء والأئمة الجزائريين من إرسال الجزائريين للدراسة في بلاد الشام أو إيران لأنهم قد يعودوا معتنقين الأفكار الشيعية. ومع ذلك، فإن سياسة الجزائر الخارجية القائمة على عدم التدخل ومعارضتها لدعم أي شيء يبدو وكأنه خرقاً للسيادة السورية جعل مصالح البلاد المتعلقة بسوريا لا تختلف كثيراً عن مصالح الأقلية الدينية التي تأمل في احتوائها. وفي حالة تونس يبدو أن معظم الشيعة التونسيين يرون أن الدولة قد غضت الطرف عمداً عن التيار السلفي المتزايد في محاولة منها لمواجهة المد الشيعي، فضلاً عن أن ما يزيد عن 800 تونسي من التيار الإسلامي منخرطون في صفوف "الجيش السوري الحر"، وهو عدد آخذ في الازدياد.
وأخيراً، لا تزال الأقلية الشيعية المغربية على هامش المجتمع ولديها تأثير شعبي قليل وتمثيل سياسي أقل. ويقيناً أنهم لا يمثلون دائرة انتخابية كبيرة. ومع ذلك، فإن الشيعة يزدادون عدداً ويؤسسون منظمات ويحشدون جهودهم لمساندة مجموعة من القضايا في منطقة يعتقد أنها ذات أغلبية سنية متجانسة. ويثير ذلك مخاوف لدى حكومات المغرب العربي من تزايد أهميتهم وقدرتهم على تشكيل سياسات هذه الدول والرأي العام فيها تجاه سوريا وإيران. والأكثر من ذلك، من الواضح أن هذا الاتجاه يدحض الاعتقاد الشائع بأن المغرب في معزل عن ديناميات الخليج وبلاد الشام.
 
أكراد اعتنقوا الراديكالية الاسلامية قبل حرب سوريا
الحركات الجهادية تهدد استقرار كردستان العراق
إيلاف..ترجمة عبدالاله مجيد
يواجه إقليم كردستان العراق خطر الجهادية الاسلامية بسبب قربه من الحرب السورية، وبسبب تغلغل القاعدة في بعض الجماعات الكردية.
حرصت حكومة إقليم كردستان العراق منذ سنوات على تقديم الاقليم إلى العالم بوصفه ملاذًا آمنًا في منطقة تغلي بالأزمات والنزاعات، ومؤئلًا لرؤوس الأموال حيث حوافز الاستثمار مغرية على النقيض من مناطق العراق الأخرى.
أكراد داعش
لا شك في أن حكومة الاقليم نجحت في تحقيق استقرار نسبي يسود كردستان العراق. لكن هذا الاستقرار مهدد الآن بسبب قرب الاقليم جغرافيًا من سوريا، وحربها المستعرة منذ نحو ثلاثة اعوام. ورغم الجهود التي بذلتها حكومة الاقليم لتأمينه في منطقة مضطربة، فإن قوى عابرة للحدود وتهديدات داخلية تطرح على حكومة الاقليم تحديات أمنية كبيرة.
وعانى اقليم كردستان خلال الأشهر الماضية من تصاعد العمليات الارهابية لجماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في البلدين. وتمكنت داعش من تجنيد عراقيين وسوريين، بعضهم اكراد ضمتهم إلى صفوفها من محافظتي كركوك ونينوى في العراق وشمال سوريا، لتنفيذ هجمات ضد أهداف داخل اقليم كردستان العراق.
واستهدفت عمليات تفجير اواخر ايلول (سبتمبر) الماضي مقر قوات الأمن – الأسايش، في اربيل عاصمة الاقليم، أعقبتها محاولة مماثلة ضد مقر الأسايش في قضاء عقرة في تشرين الثاني (نوفمبر) لكنها باءت بالفشل. وفي 2 كانون الأول (ديسمبر) انفجرت عبوات ناسفة قرب عربات تابعة لقوات البشمركة الكردية في السليمانية. وتشير التكتيكات المستخدمة في هذه الهجمات وغياب جماعات أخرى لها مثل هذه القدرات إلى أن داعش هي المسؤولة.
تهديد بالعودة
ولا شك في أن الأكراد وجهوا ضربة إلى تنظيم القاعدة بمحاربة وجوده في مناطقهم شمالي سوريا. لكن ما يثير قلق حكومة اقليم كردستان بصفة خاصة هو قدرة القاعدة لا على تجنيد عرب فحسب بل واكراد ايضا. وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، بثت داعش شريط فيديو ظهر فيه القيادي العراقي في داعش ابو حارث الكردي مهددًا بالعودة إلى كردستان، واستهداف الحزبين الرئيسيين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
وتواجه حكومة اقليم كردستان مشكلة ذات رأسين هما وصول ذراع داعش إلى عمق الاقليم وتزايد عدد الأكراد الذين يعبرون الحدود السورية من كردستان للانضمام إلى جماعات ترتبط بتنظيم القاعدة.
ونقلت مجلة جين للدراسات الأمنية عن رئيس جهاز الاستخبارات في اقليم كردستان لاهور جنغي قوله: "إن 240 رجلا من كردستان العراق سافروا إلى سوريا للقتال مع جهاديين ضد قوات بشار الأسد، وكذلك ضد الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية". وقُتل تسعة جهاديين من اكراد العراق في سوريا، لكن عددًا أكبر بكثير هددوا بالعودة وضرب اهداف داخل كردستان العراق.
حلقة ضعيفة
استهدفت جهود السلطات الكردية الخلايا الارهابية في المنطقة، فيما تركزت جهود الأسايش على قطع خطوط حركة الأفراد عبر الحدود ومنعهم من العمل داخل حدود الاقليم. وإلى جانب اعتقال كل من يعود إلى الاقليم بعد القتال مع جماعات جهادية في سوريا، فإن سلطات الاقليم قررت منع الذين يُقتلون في سوريا حتى من دفنهم في كردستان العراق.
ويبدو أن الحلقة الضعيفة في هذه الاجراءات هي منظومة نقاط التفتيش والحواجز التي تحيط بالمدن الرئيسية في إقليم كردستان والسيطرة على المنافذ التي تربط محافظاته الثلاثة دهوك واربيل والسليمانية.
واعترف رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الاقليم فلاح مصطفى لمجلة جين بأن ضعف الاجراءات الخاصة بنقاط السيطرة وحواجز التفتيش ربما أسهم في تزايد الهجمات أخيرًا. وتساءلت الباحثة دنيس ناتالي في صحيفة المونتر الالكترونية، بعد الهجوم على مقر الأسايش اواخر ايلول (سبتمبر) الماضي: "كيف يمكن لسيارة اسعاف مفخخة بالمتفجرات أن تعبر حاجز تفتيش على ابواب اربيل، إذا كان يقودها عربي أو أجنبي، كما يقول البعض؟".
فرض عين
ورغم الأبعاد الخطيرة التي اكتسبتها ظاهرة الجهاديين الأكراد بالارتباط مع النزاع في سوريا، فإن التطرف ليس جديدًا على اقليم كردستان، خصوصًا في مدينة حلبجة القريبة من الحدود الايرانية وحولها. واشار ايمن جواد التميمي، الباحث في جامعة اوكسفورد ومنتدى الشرق الأوسط، إلى الجذور العميقة للفكر الجهادي في كردستان. ونقلت مجلة جين عن التميمي أن اصول الجهاديين الأكراد تشير إلى انهم اعتنقوا ايديولوجيا راديكالية قبل اندلاع النزاع في سوريا.
وكان رجل الدين الكردي المتشدد ملا كريكار بادر في منتصف التسعينات إلى تأسيس جماعة انصار الاسلام السلفية المتطرفة بعد انشقاقه عن الحركة الاسلامية في كردستان، معلنًا أن الجهاد في العراق فرض عين على كل مسلم. وبحلول واخر التسعينات، سيطر انصار الاسلام على حدود حلبجة مع ايران.
وظهر اتجاه مثير للقلق في العام 2013 بتصاعد نشاط الاسلاميين إلى جهادية نشيطة لم تتمكن حكومة اقليم كردستان من السيطرة عليها. ورغم أن الاقليم ظل بعيدًا من فوضى الفلوجة وبغداد، فإنه يواجه تحديًا كبيرا من آتيًا من خارج الحدود.
 
دستور الاستقرار والعودة إلى حضن النيل
أحمد زايد * * أستاذ في جامعة القاهرة
خرج المصريون منذ 25 كانون الثاني (يناير) 2011 غير مرة؛ وكان لخروجهم في كل مرة دلالات خاصة. أما الخروج الكبير، من أجل الاستفتاء على الدستور الجديد، فكانت له معان ودلالات كثيرة يجب الالتفات إليها، فلقد خرج أكثر من ثلث الذين لهم حق الانتخاب، أي نحو 21 مليون ناخب، للإدلاء بأصواتهم. وكانت نسبة الموافقة بنعم على الدستور 98.1 في المئة.
والمتأمل سيجد أنه لم يكن خروجاً كبيراً فحسب، بل كان نوعياً شاركت فيه المرأة بالنصيب الأكبر. ولن ألتفت هنا إلى ما هو متكرر من القول إن هذا الخروج أكد للعالم صدق المصريين في ثورتهم الأخيرة (أقصد ثورة 30 يونيو 2013)، أو القول إن في خروجهم دليلاً على أن الثورة الأخيرة لم تكن انقلاباً بحال، أو القول إن مكانة الأخوان المسلمين في الحقل السياسي ليست على مستوى الضجة التي يحدثونها؛ وإن كانت هذه الأقوال سليمة وحقيقية.
في مقابل ذلك سألتفت إلى معان ودلالات أخرى ذات طبيعة سياسية واجتماعية وثقافية، فمن الناحية السياسية فإن الدلالة الأكثر بروزاً لهذا الخروج الكبير هي أن المصريين أكدوا وجود زعيمهم الذي كانوا يبحثون عنه: قائد الجيش الذي حمى ثورتهم، ووجّه ذواتهم صوب الهدف الأسمى وهو الوطن، وأبعدهم عن الانقسام والعنف والعيش خارج ذلك الوطن، وأبعدهم عن المؤامرات الخارجية التي ترنو إلى تفكيكه. إن اللافتات التي حملت صورة القائد الجديد، والعبارات التي وصفته، والأغاني التي عبرت عن فرحة الناس به وسط الجنود الذين تناثروا كالورود أمام اللجان، كان لكل ذلك إشارة إلى أن الشعب قال كلمته التي تكاد تصل إلى اختيار الرئيس. وإزاء هذا الحسم وهذا الحضور قد تظهر دلالة ثانية تتعلق بتأكيد التيار الرئيسي الجديد؛ الذي يتسم بأنه شعبي وغير إيديولوجي ولا ينتمي إلى فصيل معين؛ تيار يتعالى على النخب المتنافسة والمتشظية، وعلى فكرة سيطرة فصيل بعينه أو فكر بعينه على الموقف
والدلالة الأعمق لكل هذا هي رفض احتكار السلطة والاستحواذ عليها، ورفض توجيه النظام السياسي إلى إنتاج القوة من أجل سيطرة فئة قليلة العدد من الناس على مقدرات الشعب (ويدخل في ذلك بطبيعة الحال الطريقة التي يستخدم بها الدين لإنتاج القوة لمصلحة فئة معينة، تفترض أنها تحتكر التدين والفضيلة والأخلاق، الأمر الذي قد يخولها سلطة التسلط على البشر باسم المقدس). ويمكن أن نطلق على هذا التيار تيار الاستقرار، أي التيار الذي يريد لهذا البلد أن يستقر في معاشه بصرف النظر عن المنازع الإيديولوجية التي لا تشغل تفكير الشعوب. كما أظهر الخروج كثافة غير مسبوقة لمشاركة المرأة المصرية، من الأعمار والطبقات كافة. وقد نكتشف هنا دلالة ثالثة تشتق منها دلالات فرعية عدة؛ فمشاركة المرأة تؤشر إلى أن المجتمع تغير؛ فلم نعد إزاء تلك المرأة التي ترابط هناك؛ كحارسة للأسرة، أو ساعية نحو كسب معاشها بجهد مضنٍ، أو كعاملة تذهب إلى عملها كل صباح لتعود لرعاية أسرتها في المساء. لم تعد المرأة المصرية هي تلك المرأة فقط، بل أصبحت صاحبة الصوت والرأي، وأكدت أنها يمكن أن تتقدم الصفوف في صناعة القرار، كما تقدمت الصفوف في طابور الاستفتاء. وفي ذلك رسالة إلى كل من يسدون الطريق أمامها وهي تسعي تحو هذا الهدف.
وإلى جانب هذه الدلالة الرئيسة، ثمة دلالة فرعية تتعلق بطبيعة الوعي الذي بات يتشكل في جسد المجتمع المصري، أقصد الوعي برفض عمليات الإقصاء والاستبعاد حتى وإن كانت باسم الدين، فقد تشكل هذا الوعي لدى المرأة بخاصة إزاء خوفها من أن تحرمها هذه التفسيرات المغلوطة للدين من حقوقها، أو أن تسلبها النجاحات التي حققتها أو أن تنزعها من مكانتها التاريخية التي أكدت فيها أنها تعمل إلى جانب الرجل (تزرع الأرض وترويها وتحصدها في الزمنين القديم والحديث، وتدير الآلة، وتؤدي المهن التخصصية في الزمن الحديث، وترعى الأسرة في الأحوال كافة). لقد أطلّت هذه التفسيرات المغلوطة برأسها في نصوص غامضة في الدستور الإخواني، كما ظهرت بوضوح - وفي شكل مباشر - في خطابات عدة تقوقعت في الماضي، ودعت إلى إعادة المرأة إلى البيت، من دون حتى أن تعترف بأن المرأة المصرية لم تكن ربيبة البيت قط في أي وقت من التاريخ. وأخيراً فإن الخروج الانتخابي الكبير شهد خروج قطاعات من الناس لم يشاركوا من قبل بهذه الطريقة؛ أقصد هنا بسطاء النساء من سكان الأحياء الشعبية الحضرية وكبار السن. قد يكون في هذا الخروج دلالة على شمول الثورة، وعلى دحض الرأي القائل إن الأحياء الشعبية هي قنابل موقوتة، تحمل من العنف أكثر مما تحمل من الثورة. ولكن الدلالة الأقوى هنا هي أن هذه الفئات تود تأكيد مشاركتها ليس في الاستفتاء فقط، بل في الثورة أيضاً. ومن ثم دحض القول إنهم مخازن للعنف والفوضى. فهذه المناطق تضم بشراً مصريين يرغبون في العدل والاستقرار بعد أن تحملوا الكثير من الظلم والإهمال والوصم. وأخيراً وليس آخراً فإن لنا أن نتأمل كل هذا الابتهاج وكل هذه الفرحة التي رأيناها على وجوه الناس. فثمة دلالات هنا يمكن استنباطها. وأكبر الظن أن هذه الدلالات لا ترتبط فقط بالرغبة في الفرح والابتهاج بعد ثلاث سنوات من القسوة والجفوة، أو استشعار مواطن استقرار أكثر ومعاش أرغد؛ ولكنها قد ترتبط بدلالة عميقة أقرب إلى استشعار العودة إلى حضن الوطن، وإلى حضن هذه الثقافة المصرية ذات الطابع الديني المتسامح، والعودة إلى الأرض الخضراء التي تعطي الثمار، وتحتضن النيل بوجهه العذب المتدفق. لقد أوشكت هذه الثقافة أن تختفي أو تتوارى أمام ثقافة خشنة غليظة لا تحب البهجة والبسمة وتعاند الفن والإبداع، وتقف ضد انبساط الأرض وسماحتها. وأظن أن جانباً كبيراً من هذه البهجة التي عبر عنها الناس - خصوصاً المرأة - ساعة الخروج الانتخابي الأخير، هي بهجة بانقشاع هذه الثقافة الغليظة، والعودة إلى الثقافة الأم حيث الاستقرار والأريحية. فهل تكون رغبة في العودة إلى حضن النيل؟
وقد أكون جاوزت الحد في التأويل، لكنني أختتم بالقول إن هذا المقال قد كتب كجزء من هذا الابتهاج باستشعار قدوم الاستقرار وهزيمة الثقافة الغليظة الخشنة، فما أنا إلا واحد من هذه الجماهير التي تعشق العودة إلى حضن الأرض السمحة ومياه النيل العذب، بروحها التي لا تعرف إلا الوسطية والتسامح.
 
تركيا: تدخّل المركزي لا يوقف تدهّور الليرة ومحكمة رفضت إعادة محاكمة جنرالات
النهار. (و ص ف، أ ش أ)
واصل سعر صرف الليرة التركية أمس تراجعه مسجلاً مستويات تاريخية ازاء الدولار والأورو، على رغم تدخل عاجل وواسع للمصرف المركزي الخميس.
وقبيل ظهر الجمعة، بلغ سعر الدولار 2,3054 ليرتين تركيتين والاورو 3,1518 ليرات، وهما مستويان متدنيان جداً بينما يواصل ابرز مؤشر في بورصة اسطنبول هو أيضاً تراجعه الى 64345,85 نقطة.
وصباح الخميس، تدخل المصرف المركزي التركي مباشرة للمرة الاولى منذ سنتين في الاسواق وأنفق ملياري دولار على الاقل لدعم العملة الوطنية. لكن سعر صرف الليرة التركية استمر في التراجع بعد الظهر.
والعملة التركية التي تأثرت منذ الصيف بتشديد السياسة النقدية للاحتياط الفيديرالي الاميركي، تعرضت مجدداً منذ أكثر من شهر لآثار العاصفة السياسية التي اثارتها قضية فساد تهز رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان. وهكذا فقدت الليرة التركية أكثر من 10 في المئة من قيمتها منذ 17 كانون الاول.
والثلثاء، أبقى المصرف المركزي التركي خلافا لتوقعات الاسواق، معدلات فوائده من دون تغيير تحت ضغط الحكومة التي تريد تفادي اي انعكاس سلبي على النمو وزيادة قيمة العجز العام المرتفع أصلاً (اكثر من 7 في المئة).
ويتوقع محللون وأوساط اقتصادية استمرار تدهور سعر صرف الليرة التركية وباتوا يتحدثون عن خفض توقعات الحكومة للنمو والتي قدرت بنسبة 4 في المئة لسنة 2014.
على صعيد آخر، رفضت محكمة الجزاء العاشرة في اسطنبول طلب إعادة محاكمة المدانين من الجنرالات وضباط الجيش في قضية "المطرقة" الخاصة بمحاولة انقلاب على الحكومة التركية المنتخبة.
وأوردت وسائل الإعلام التركية أن الحكومة التركية كانت قد لوحت بإمكان إعادة محاكمة المتهمين من الجنرالات والعسكريين وغيرهم في قضية المطرقة وكذلك قضية "آرغينيكون" على خلفية تصريحات يالجين آقدوغان كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن تدبير ما سماه "الدولة الموازية" مؤامرة على الجيش التركي لإيداع أفراده السجن بعد ظهور فضيحة الفساد والرشى التي هزت البلاد أخيراً.
 
نظرية مؤامرة بامتياز
صحيفة "تودايز زمان" التركية.. شاهين ألباي... ترجمة نسرين ناضر
النهار..
استفقتُ على واقع أن نظريات المؤامرة تسمّم عقولاً كثيرة في تركيا وبلدان أخرى، وذلك خلال عملية تصفية الحسابات في النصف الأخير من سبعينات القرن العشرين مع النموذج الماركسي الذي استحوذ على عقلي وشوّه الجزء الأكبر من الحقائق في نظري.
بدأ نضالي المتواضع ضد نظريات المؤامرة في تركيا فور عودتي إلى دياري بعد إقامة طويلة في السويد حيث كنت لاجئاً سياسياً وتابعت دراساتي العليا. وفي خطوة أولى، بادرت عام 1982 إلى ترجمة البحث الذي وضعه فيلسوف العلوم العظيم كارل ر. بوبر بعنوان "التوقّع والتنبّؤ في العلوم الاجتماعية" إلى اللغة التركية، والذي كشف في نظري طبيعة نظريات المؤامرة. ومنذ ذلك الوقت، أي منذ أكثر من 30 عاماً، غالباً ما كتبت وتكلّمت ضد هذه النظريات.
حاولت أن أشرح، عبر الاستناد إلى كتابات بوبر، أن نظريات المؤامرة هي نتاج علمنة المعتقدات الدينية؛ وأن الكائنات البشرية كانت تفسّر كل شيء في البداية بأنه عمل الله، واستُبدِل ذلك لاحقاً بقوانين الطبيعة والتاريخ؛ وأن نظريات المؤامرة هي الشكل الأكثر بدائية لعلمنة المعتقدات الدينية فهي تحمّل الرأسماليين والإمبرياليين والشيوعيين والفاشيين والماسونيين الأحرار والصهاينة، إلخ. مسؤولية كل ما يحصل في العالم؛ وأن نظريات المؤامرة تتعارض مع العلوم الاجتماعية التي تسعى إلى تحديد أسباب الظواهر الاجتماعية عبر دراسة النتائج غير المقصودة للعمل الاجتماعي المقصود.
يبدو أن تحذيراتي وتحذيرات سواي من مخاطر نظريات المؤامرة فشلت فشلاً ذريعاً. اليوم تتبنّى شريحة واسعة من الأتراك نسخة جديدة من نظرية المؤامرة، ولا تقتصر هذه الشريحة على الأصوليين الإسلاميين أو العلمانيين بل تشمل أيضاً الأشخاص الذين تتوقّع منهم أن يتحلّوا بالمنطق. يبدو أن تلك الشريحة الواسعة من الأشخاص مقتنعة بأن الباحث الإسلامي فتح الله غولن الذي وضع تفسيراً للإسلام يتماشى مع الحداثة الليبرالية، والحركة الاجتماعية المستندة إلى الإيمان التي كان وراء انطلاقها، يتحمّل مسؤولية كل الأخطاء والجرائم التي تُرتكَب الآن في تركيا.
بحسب هذه النظرية التي يمكن وصفها بأنها نظرية مؤامرة بامتياز، أتباع غولن في القضاء والشرطة هم الذين سجنوا، عبر استخدام أدلّة مزوّرة، المتّهمين بالضلوع في مخططات الانقلاب العسكري، ولفّقوا القضايا القانونية ضد من يُلاحَقون بتهمة الانتماء إلى "حزب العمال الكردستاني"، وحاولوا اعتقال رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية لتقويض عملية السلام مع "حزب العمال الكردستاني"، واستخدموا أشرطة إباحية جرى تصويرها بطريقة غير قانونية لتشويه سمعة السياسيين، وتنصّتوا على عشرات آلاف الأشخاص، ولفّقوا دعوى قضائية ضد رئيس أحد النوادي الرياضية والذي حُكِم عليه بالسجن بتهمة التلاعب بنتائج المباريات، ونصبوا (في إطار مؤامرة عالمية تشارك فيها الولايات المتحدة وإسرائيل) فخاً لإطاحة حكومة رجب طيب أردوغان من خلال قضية الفساد الأخيرة، وقتلوا ثلاث نساء ناشطات في "حزب العمال الكردستاني" في باريس، وحاولوا وقف الشاحنة التي كانت تنقل، بناءً على أوامر من جهاز الاستخبارات الوطنية، إمدادات إلى التركمان في سوريا، إلخ.
يتبنّى كثرٌ بكل سرور هذه "النظرية" انطلاقاً من أحكامهم المسبقة الأصولية العلمانية أو الإسلامية، لكن من يروّجونها يعتبرون بلا شك أنها أداة مناسبة لتغطية الكثير من الأخطاء والجرائم.
 
يانوكوفيتش يتعهّد تعديلاً وزاريّاً المحتجون احتلّوا مبان عامة
النهار.. (و ص ف، رويترز)
تعهد الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش اجراء تعديل وزاري وتغييرات في القوانين المثيرة للجدل المتعلقة بمنع التظاهر، الى الافراج عن ناشطين وتنازلات أخرى في جلسة خاصة للبرلمان الاسبوع المقبل.
وقال يانوكوفيتش خلال اجتماع مع المفوض الاوروبي للتوسيع والسياسة الأوروبية للجوار ستيفان فولي إنه سيستخدم كل الوسائل القانونية المتاحة له إذا تعذّر التوصل الى حل للأزمة مع المعارضة.
وكان المتظاهرون الاوكرانيون المؤيدون للشركة مع اوروبا انتقلوا الى الهجوم أمس باحتلالهم مباني عامة في اربع مناطق بغرب البلاد ووزارة في كييف حيث أقاموا حاجزاً جديداً في وسط المدينة، بعد مفاوضات بين يانوكوفيتش وزعماء المعارضة الذين اعتبروا المحادثات مخيبة للآمال.
وهاجم ناشطون من حركة "قضية مشتركة" (سبيلنا سبرافا) المعارضة ليل الخميس- الجمعة مبنى وزارة الزراعة في جادة كريشتشاتيك على مسافة نحو مئة متر من ساحة الاستقلال التي سميت "الميدان" والتي تشكل مركز الاحتجاج على النظام منذ اكثر من شهرين.
وكتب زعيم الحركة اولكسندر دانيليوك في صفحته بموقع "فايسبوك" ليل الخميس - الجمعة أن المفاوضات بين الرئيس وزعماء المعارضة ادت الى تنازلات متواضعة "وصار واضحاً ان علينا ان نعد بانفسنا الهجوم الموعود"، مضيفاً: "لقد بدأنا واحتل ناشطو قضية مشتركة مبنى وزارة الزراعة".
كذلك، احتل متظاهرو المعارضة مباني الادارة المحلية في اربع مناطق بغرب البلاد، وهم ينفذون هجمات في محاولة لاقتحام مقار في منطقتين اخريين، هما ايفانو فرانكيفسك وتشيرنيفتسي.
وفي لفوف، معقل القوميين المؤيدين لاوروبا في غرب أوكرانيا، احتل المتظاهرون الخميس مقر المجلس المحلي واجبروا الحاكم أوليغ سالو الذي عينه الرئيس يانوكوفيتش، على الاستقالة. وأمس، أقاموا حواجز من الاطارات واكياس الرمل في هذه المدينة.
وأكد حاكم لفوف ان استقالته التي وقعها تحت الضغط ليست صالحة، وعاد الى المبنى قبل أن يضطر الى أن يعود أدراجه بعد منعه من الدخول.
وتشهد كييف التي يحتل متظاهرون موالون لاوروبا منذ نهاية تشرين الثاني وسطها بعد تراجع السلطة عن توقيع اتفاق شركة مع الاتحاد الاوروبي، صدامات عنيفة منذ الاحد بين المتظاهرين المتشددين وقوى الامن أوقعت خمسة قتلى.
واحتل المتظاهرون إدارات في ريفني وتيرنوبيل وخميلنيتسكي. اما في تشيركاسي، فقد تمكنت الشرطة من طردهم واعتقال نحو 50 منهم.
واعترفت المعارضة بخيبتها بعد مفاوضاتها مع الرئيس الخميس، ودعت المتظاهرين الى بذل كل جهد لتجنب اعمال عنف جديدة.
وبدعوة من زعمائهم، سعى المتظاهرون ليلا الى توسيع حدود مكان اعتصامهم الذي أُقيم حول الساحة منذ شهرين. وخلال عشرات الدقائق، نصبوا حاجزاً جديدا يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار على شارع اينستيتوسكا بواسطة اكياس من الثلج.
وكان بطل الملاكمة فيتالي كليتشكو، أحد زعماء المعارضة، دعا المتظاهرين في كييف ليلاً الى "توسيع أرض الميدان ما دامت السلطة لا تصغي الينا"، موضحاً ان التنازل الوحيد الذي وعد به يانوكوفيتش الخميس هو "وعد بالافراج عن جميع الناشطين ووقف الضغط الذي يتعرضون له".
 
استخدام دراجات نارية لتخطي زحمة السير في طهران
الحياة...طهران – محمد صالح صدقيان
تشهد طهران ومدن إيرانية كبرى، مثل مشهد وتبريز وأصفهان، ظاهرة استخدام دراجات نارية لنقل المسافرين والطرود، بوصفها حلاً اجتماعياً ابتدعه العقل الإيراني لمعالجة الازدحام المروري في مدينة يتجاوز عدد سكانها 12 مليوناً، مثل العاصمة.
وتفيــــد معلومــــات رسمية بوجود أكثر من 4 ملاييـــن سيــــارة في طهران، فيما تُظهر سجلات دائـــرة المرور منح ألفي رقم سيارة يومياً في العاصمة فقط، ما أحدث إرباكاً مرورياً يؤثر في نسب تلوّث البيئة، ويفاقم اختناقات المرور.
ولم تنجح تدابير السير التي منعت دخول السيارات وسط المدينة، سوى في إطار نظام خاص ونظام الأرقام الزوجية والفردية، في حلّ مشكلة الاختناق المروري، بسبب كثرة عدد السيارات ومحدودية الطرق.
وأمام هذا الوضع الذي يجعل التنقل في طهران أمراً شديد الصعوبة، ابتكر الإيرانيون طريقة لتجاوزه، من خلال نقل الركاب والطرود والمراسلات عبر دراجات نارية يمكنها عبور الطرق والأزقة، خصوصاً وسط العاصمة، في سهولة أكبر من سيارات الأجرة.
وبات طبيعياً أن تجد أماكن مخصصة لوقوف أصحاب الدراجات النارية لنقل الركاب في الساحات العامة، مثل ساحة الإمام الخميني وسط طهران، والبازار، وساحات «انقلاب» و «هفت تير» و «فردوسي» و «تجريش». وحدا الأمر ببلدية العاصمة إلى منح تراخيص لمكاتب خاصة لنقل الركاب والطرود، لتنظيم عملها والحفاظ على مصالح المواطنين، إذ ثمة أكثر من 450 مكتباً في طهران، ما يتيح للشركات وأصحاب المصالح والأعمال الاتصال بها هاتفياً من اجل الحصول على دراجة نارية لنقل الطرود، في أسرع وقت وبأرخص الأسعار.
وكان لافتاً أن عمـــل هــــذه المكاتب مؤمّن لدى شركـــات التــأمين، للحفاظ على الطرد المرسل والتأمين عليه من التلف والضياع والسرقة.
وأشار صاحب أحد أبرز مكاتب النقل الخاص بالدراجات النارية في ساحة «هفت تير»، إلى أن هذه الخدمة تلقى إقبالاً واسعاً من المواطنين، بسبب سرعة النقل والتوصيل، خصوصاً في الصيف. وأضاف: «تتسع خدماتنا لتشمل مراجعة الدوائر الحكومية والأماكن العامة وإنجاز هذه الخدمات بأسرع وقت، من دون تكليف الزبائن الخروج من عملهم أو منازلهم».
وتفرض هذه المكاتب شروطاً على صاحب الدراجة النارية الطالب للعمل، أهمها ألا يكون محكوماً عليه بجنحة أو من أصحاب السوابق أو المدمنين على المخدرات، إذ يتقاسم المكتب الأجرة مع صاحب الدراجة النارية، بنسبة 25 في المئة لصاحب المكتب و75 في المئة لمالك الدراجة، علماً أن القانون في إيران يمنع سوق الدراجة النارية من دون إجازة سوق خاصة تُمنح لمالكيها.
ظاهرة العمل على الدراجات النارية تسوّي مشكلات اجتماعية، إذ تتيح وظيفة لعاطلين عن العمل، خصوصاً الشباب، بينهم حاملو شهادات جامعية، بسبب نسبة البطالة المرتفعة وغلاء المعيشة وإمكان شراء دراجة نارية للعمل وكسب العيش.
يذكر مالك دراجة نارية لنقل الركاب والطرود أنه يكسب من هذه المهنة مئة ألف تومان يومياً، أي 33 دولاراً تقريباً، وهذا مبلغ جيد بالنسبة إلى الرواتب في المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة. لكنه يشكو من أن الأمر لا يخلو من مخاطر مرورية وصحية، مستدركاً: «لكنها في النهاية تعالج مشكلة البطالة ولو موقتاً».
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,878,683

عدد الزوار: 6,969,851

المتواجدون الآن: 95