أخبار وتقارير...11 مرشحا لخلافة كرزاي يبدأون حملاتهم غدا وسط تصاعد العنف...القوى الدولية تبحث في ميونيخ اليوم دعم جهود كيري في اتفاق السلام ,إنديك أبلغ زعماء اليهود...البنتاغون يدرس اربعة مواقع محتملة للدفاع الصاروخي على الساحل الشرقي لأميركا...واشنطن تعزز ضغطها على الرئيس الأوكراني بلقاء بين كيري والمعارضة

مالي بعد عملية سيرفال وكيفية تفادي أزمة جديدة...هل بدأت حقبة الجهاديات الفرنسيات في سورية؟.... كيفية حل المعضلة الإيرانية التي يواجهها أوباما...الربيع العربي وحتمية التوافق بعد تراجع مفهوم الوطن..الاستثمار في الإعلام وتحديات المسؤولية الاجتماعية: بحث في سراديب السلطة الرابعة....أزمة المواطنة الإعلامية في العالم العربي

تاريخ الإضافة السبت 1 شباط 2014 - 8:12 ص    عدد الزيارات 1887    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أزمة المواطنة الإعلامية في العالم العربي
الحياة...عواطف عبدالرحمن ** أستاذة في كلية الإعلام – جامعة القاهرة
إذا كان العالم العربي قد شهد زخماً إعلامياً تعددياً غير مسبوق خلال حقبة النضال الوطني ضد الاستعمار شاركت فيه صحف الأفراد والأحزاب وسائر التيارات الفكرية والاجتماعية، إلا أن هذا الزخم التعددي توارى واختفى خلال فترة الحكم الوطني بعد حصول الدول العربية على استقلالها، وذلك بسبب سيطرة الاتجاهات الأحادية لدى نظم الحكم وتغييب قوى المعارضة الوطنية وحرمانها من حقوقها في حرية الرأي والتعبير والمشاركة في صنع القرارات الوطنية. واستمر هذا الوضع سائداً حتى تسعينات القرن الماضي، عندما نجحت قوى العولمة ومؤسساتها في إجبار معظم الدول العربية على التخلي عن كثير من وظائفها الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الإعلام العربي ظل في أغلبه حكومياً مع السماح بهامش محسوب للأحزاب والمستثمرين ورجال الأعمال. ومع انطلاق موجات الديموقراطية وتصاعدها في مختلف أنحاء العالم في ظل ثورة الاتصال والمعلومات، شهد العالم العربي موجة جديدة من التعددية السياسية الشكلية التي ظهرت في صورة فوقية وأثمرت صوراً مختلفة من التعددية الإعلامية، إذ اتسع نسبياً الهامش المسموح به لحرية الرأي والتعبير مع احتفاظ السلطة السياسية بترسانة القيود التشريعية المعادية للحريات.
وفي إطار التعددية الإعلامية الراهنة التي يشهدها العالم العربي، برز العديد من الإشكاليات المهنية التي كانت سائدة وازدادت وطأتها في ظل التطورات التكنولوجية والضغوط الأجنبية من أجل الإصلاح الديموقراطي واستمرار قبضة الحكومات تشريعياً وأمنياً ومعلوماتياً مع ظهور مخاطر جديدة هددت حرية الرأي والتعبير في وسائل الإعلام تمثلت في النفوذ المتصاعد لرجال الأعمال والمستثمرين واختراقاتهم المتواصلة للإعلام العربي من خلال الإعلانات وإنشاء قنوات فضائية خاصة، علاوة على محاولات شراء سكوت العديد من الإعلاميين.
ولا شك في أن استنهاض الإرادة الجماعية للإعلاميين والصحافيين العرب من أجل تطوير الإعلام العربي حتى يصبح قادراً على مواكبة التطورات العالمية من خلال الكفاءة المهنية والالتزام الأخلاقي والوعي بثقافة حقوق الإنسان، يستلزم طرح بعض البدائل على النحو التالي: أولاً: البدائل التشريعية: سعياً لإزالة التناقض بين منظومة التشريعات والقوانين التي تتحكم في الإعلام والصحافة العربية التي ترتكز على تعظيم هيمنة السلطة وبين تجليات الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال والمعلومات التي تدعم قيمة الحرية، يمكن بلورة منظومة من البدائل التشريعية والإعلامية التي اقترحها فقهاء التشريع والقانون المستنيرين ونخبة من علماء وأساتذة الإعلام، على النحو التالي:
أولاً:حرية إصدار الصحف والبث الإعلامي: وتعتبر هي المقدمة الأولى التي تستند اليها الحريات الأخرى المرتبطة بحرية الرأي والتعبير في المجال الإعلامي. إذ أنه على رغم مشروعية المخاوف التي تجعل المشرع العربي متردداً إزاء إطلاق حرية تملك وإصدار الصحف استناداً إلى الخوف من سيطرة رأس المال الأجنبي ومصالح المتحكمين في السوق العالمية، إلا أن ثورة الاتصالات والتدفق اللامحدود للمعلومات عبر قارات العالم، أفقد المنظومة التشريعية المقيدة للحريات مبررات وجودها. وإزاء تلك الحقيقة الساطعة لا بديل أمام الحكومات العربية إلا أن تسعى بجدية إلى تصفية ترسانة القيود التشريعية وتنقية القوانين المنظمة للعمل الإعلامي والصحافي من النصوص السالبة للحريات، وذلك في إطار الاستجابة للتحديات التي تواجه الإعلام والصحافة العربية في ظل التحولات الدولية المعاصرة.
ثانياً:تفعيل التشريعات التي تنص على حق الصحافي في الحصول على المعلومات، خصوصاً أن هذه التشريعات تفتقر إلى تحديد الآليات الضرورية لتفعيل هذا الحق، فضلاً عن عدم تحديدها لنطاق ومفهوم سرية المعلومات التي لا يجوز نشرها أو بثها في الصحافة والإعلام العربي. الأمر الذي أدى إلى توسع السلطة التنفيذية في فرض السرية على قطاع هائل من المعلومات تحت مسميات مطاطة تتعلق بالحفاظ على الأمن القومي والأمن العسكري. وهي في الحقيقة تستهدف تأمين مصالح النظم الحاكمة، علاوة على أن هذه المحظورات لم تعد صالحة للتطبيق في ظل التقدم التكنولوجي الهائل في وسائل الرصد والمراقبة وآليات الاختراق المعاصرة.
ثالثاً:إذا كان من غير المقبول دستورياً وأخلاقياً عدم التصدي للانحرافات المهنية التي تصدر من بعض الإعلاميين والصحافيين خصوصاً في ما يتعلق بجرائم السب والقذف المقترنة بسوء القصد، إلا أنه من غير المقبول أيضاً المبالغة في تجريم الممارسات الإعلامية التي تسعى لتفعيل حرية الرأي والتعبير والتي تشكل جوهر مهنة الصحافة والإعلام باعتبارها مهنة رأي. وهنا تبرز الاشكالية الخاصة بقضايا جرائم السب والقذف، سواء من طريق النشر في الصحف أو البث في وسائل الإعلام المرئي والمسموع. إذ يستلزم الأمر ضرورة تعديل مواقف المشرع العربي من جرائم النشر وذلك بالسعي الجاد من أجل إلغاء عقوبة الحبس للصحافيين والاكتفاء بعقوبة الغرامة مع التعويض المدني وإلقاء عبء إثبات سوء نية الصحافي على سلطة الاتهام.
ومن هنا يأتي التشديد على ضرورة مواصلة الجهود من أجل إلغاء النصوص القانونية السالبة للحريات وضمان حماية الحقوق المهنية للصحافيين، ليس لأهمية ذلك في حد ذاته ولكن لارتباط ذلك في الأساس بجوهر العملية الديموقراطية وكفالة تحقيقها في ضوء ما أقرته المواثيق العالمية في شأن ضمان حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
البدائل المهنية: أولاً:السعي الجاد لتحديث بيئة العمل الإعلامي في العالم العربي والتي تشمل تطوير البنية البشرية للإعلاميين والصحافيين العرب تأهيلاً وتدريباً وتسليحهم بالوعي بالقوانين المنظمة للعمل الإعلامي وتشجيعهم على ممارسة النقد البناء الملتزم السياسات والممارسات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. فضلاً عن ضرورة السعي الدؤوب لدمقرطة العلاقات المهنية داخل المؤسسات الإعلامية بين الإعلاميين ورؤسائهم وزملائهم وتدريبهم على مقاومة الإغراءات والضغوط من جانب المصادر، بتأمين حقوقهم الاقتصادية والمهنية، ويتصدرها حقهم الأصيل في حرية الرأي والتعبير والمشاركة في صنع القرارات الإعلامية.
ثانياً:تحديث البنية التكنولوجية للمؤسسات الإعلامية، إذ أدت التغيرات الهيكلية الناتجة من استخدام التكنولوجيا الحديثة إلى ظهور أنماط جديدة للعمل الصحافي والإعلامي الذي يقوم على الجهد الجماعي. كذلك سيؤدي استخدام التكنولوجيا الرقمية إلى تغيير الشروط المهنية الواجب توافرها في الأجيال الجديدة من الإعلاميين، إذ ستصبح اليد العليا للقيم والمعايير المؤسسية التي لا تكتفي بالكفاءة المهنية بل تتطلب أيضاً القدرة على المواجهة التنافسية في السوق الإعلامية المعاصرة.
ثالثاً:تنشيط دور النقابات والاتحادات الصحافية في العالم العربي والسعي لتحريرها من النفوذ الحكومي والاختراق المالي من جانب رجال الأعمال والمستثمرين وحض الصحافيين على مواصلة الجهد من أجل تفعيل مواثيق الشرف الصحافي التــــي تستهدف حماية حقوق الصحافيين وضمانات ممارسة المهنة والحفاظ على كرامتها وتراثها العريق في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير والكشف عن الفساد ومساوئ الإدارة والظلم الاجتماعي والسعي لإعداد خطة قومية متعددة المستويات لتثقيف وتدريب الصحافيين تحت إشراف اتحاد الصحافيين العرب والنقابات الوطنية...
 
الاستثمار في الإعلام وتحديات المسؤولية الاجتماعية: بحث في سراديب السلطة الرابعة
الحياة...سوسن جميل حسن ** كاتبة سورية
يطرح كتاب «الاستثمار في الإعلام وتحديات المسؤولية الاجتماعية» الذي يتناول الإعلام اللبناني نموذجاً، (نهوند القادري عيسى، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية)، قضية عصرية مهمة وإشكالية، وذلك لما وصل إليه الإعلام من مكانة مؤثرة في الحياة البشرية بمجمل مجالاتها، فالعصر الذين نعيش فيه هو عصر الوسائط المتعددة التي باتت تتدخل في صياغة الواقع وتساهم في تغيير الشروط السياسية والاجتماعية للشعوب. وانطلاقاً من هذه الأهمية والحضور الراسخ للإعلام في حياة الشعوب فإن السؤال يعتبر مهماً حول الاستثمار في هذا القطاع، لكن بالنظر إلى التعقيدات المحيطة بهذا الموضوع فقد كان لابد من أمرين كما تقول الكاتبة في خلاصة الكتاب: أولهما البحث في خصوصية العمل الإعلامي بغية فهم أعمق لهذا القطاع وإقبال رجال المال والأعمال والسياسة على المغامرة والاستثمار في قطاع ينتج سلعاً رمزية، وثانيهما تتبع خلفيات ومنطلقات المدارس الفكرية التي توقفت ملياً أمام إشكالية التلقي.
وذكرني هذا الكتاب البحثي بموضوع الإشهار (النشر والإعلان) الذي عرفه الكاتب برنار كاتولا في كتابه «الإشهار والمجتمع» (ترجمة الكاتب المغربي سعيد بنكراد) حيث يقول: «هو مجموعة من الوسائل والتقنيات الموضوعة في خدمة مقاولة تجارية، خاصة أو عمومية، وغايته التأثير في أكبر عدد ممكن من الأفراد عن بعد». فالإشهار قد أصبح حقيقة اجتماعية وثقافية قبل أن يكون آلية اقتصادية تدفع إلى البيع، وهو جزء من الفضاء الاجتماعي وجزء من الفضاء الجغرافي وجزء من وجدان كل المواطنين في كل البلدان، وآلياته لا تقتصر على البيع، بل هي خالقة ثقافة تشمل كل أشكال السلوك الإنساني. فالإعلام من وجهة النظر هذه هو الحامل والمحمول في الوقت عينه، وهو يسوّق لسلعه الخاصة مستثمراً نوعين من رأس المال كما تقول الباحثة نهوند القادري في كتابها.
الكتاب حصيلة عمل موسع استهدف العملية الإعلامية في كل أدواتها، فالإنتاج الإعلامي، كما تقول المؤلفة، هو نشاط يشمل شرائح عدة، من مستثمرين ورؤساء مجالس إدارة وإعلاميين وممثلين عن وكالات الإعلان ومواطنين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، لذلك فإن البحث توجه إلى كل هذه الشرائح ليستقرئ الواقع ويستنبط الإجابة عن سؤال المسؤولية الاجتماعية للإعلام. الأسئلة المطروحة من أجل الوصول إلى أهداف البحث عديدة، ووفق العنوان فإنها تنطلق من ركيزة أساسية هي العلاقة أو الارتباط بين رسالة الإعلام وبين الأخلاق، والدور التنموي الذي تناط به هذه المؤسسات الإعلامية باعتبار أن عليها مسؤوليات تجاه المجتمع.
وإذا كان رأس المال المستثمر في الإعلام يتمتع بخصوصية عن بقية الاستثمارات لكونه ينقسم إلى جزءين: اقتصادي ورمزي، يتداخلان بشكل يصعب معرفة نسب تأثير أحدهما في الآخر ، فالإعلام هو سلعة رمزية، كما تقول الباحثة، إنتاجها يفترض شيئاً من العمل الفكري، لكن يجب أن يكون مربحاً اقتصادياً، أي قابلاً للبيع، فهو ينتج سلعاً قابلة باستمرار للتجربة، وهي سلع اقتصادية يجب أن تباع، ورمزية على المؤسسات أن تؤكد الحاجة إليها. وإذا كان رأس المال الإعلامي رمزياً في جزء منه فإن الوسيلة الإعلامية هي التي عليها أن تنجح في مراكمته عبر صدقيتها وسمعتها وشهرتها في المجال الإعلامي.
وبالنظر إلى وظيفة العملية الاتصالية الإعلامية فلا بد من طرح سؤالين: أولهما ما هي غائية العملية الإعلامية، والثاني حول المستهدفين منها أي الجمهور «ذلك الجسم الهلامي الذي تصعب الإحاطة به». يدفعنا هذان السؤالان إلى الوقوف عند ظاهرة الاستثمار المتنامي في الإعلام العربي في الآونة الأخيرة وتتبع منطلقاتها الفكرية والمفاهيمية وغائيتها ونقاط تمركزها ومجالات اهتمامها بخاصة إذا اعتمدنا على الإحصائيات والأرقام التي تفيد بالعدد الكبير للقنوات والصحف في المنطقة حيث وصل عدد القنوات التلفزيونية في عام 2011 إلى 1069 قناة بين قطاع عام وقطاع خاص، وترى الباحثة أن الحاجة ملحة إلى البحث في دوافع هذه الاستثمارات وفي وجهتها والتي بدورها تفتح المجال على تساؤلات متعددة تفضي إلى العديد من الافتراضات.
جاء البحث موزعاً على ثلاثة أقسام وسبعة فصول، القسم الأول يشرح الاستثمار في الإعلام، أهميته، منطلقاته، أبعاده. القسم الثاني يضع الإعلام اللبناني على محك المسؤولية الاجتماعية في ضوء السياقات المحلية، أما القسم الثالث فهو يبحث في المسؤولية الاجتماعية المترتبة على الاستثمار في الإعلام، ويأخذ الإعلام اللبناني نموذجاً.
ففي «هذا المشهد الفضائي العربي المتنوع والصاخب كان للبنان شبكتان فقط تضمان تسع قنوات، تعاني الالتباس على مستوى الهوية الوطنية، لكونها دخلت في شراكات غير متكافئة مع رأسمال خليجي، بطريقة علنية أو مضمرة» هذا هو الإعلام اللبناني الذي «انتقل من موقع الريادة إلى موقع الشريك الضعيف غير القادر على المنافسة» هذا عدا عن الصحافة المكتوبة المرتبكة في أدائها، كما يستنتج البحث. ولهذا التراجع أسباب كثيرة منها تقاسم محطات التلفزة بين القوى السياسية وتهميش الإعلام العمومي، والاستنسابية في تطبيق القانون، وضعف العمل النقابي وإشكالية الرقابة في ضوء التطور التقني، والصراع على الملكية والأزمات المالية كما الأزمات التي تعود إلى أخلاقيات ممارسة المهنة، والتنافس المحموم وقلة الاكتراث بأخلاقيات المهنة، وهي تقول إن البحث في شروط تحقُّق أخلاقيات الممارسة المهنية يستدعي البحث في مدى تحقق الحرية الإعلامية في المشهد الإعلامي اللبناني والتي تتطلب شروطاً لتحققها من توافر مؤسسات إعلامية تعتمد العمل التفاعلي بين العاملين فيها بعيداً من الشخصنة، كما وجود صحافيين يحملون فكراً حراً وجدلياً ونقدياً، مع وجود إعلام متحرر من التبعية السياسية والتبعية لمنتجي المعاني والمفردات وآليات العمل الإعلامي.
وبعد عرض نتيجة التمحيص في كواليس وسراديب وظواهر المشهد الإعلامي اللبناني وما يحوي من «استثمارات لها امتداداتها الإقليمية والعالمية والمهجرية، تتشابك فيها السياسة بالدين والاقتصاد، وتحوي كتلة تناقضات وصراعات»، تصل الباحثة إلى خلاصة تبعد التشاؤم: يمكن القول في عصر العولمة، ليس مطلوباً تعجيز الاستثمار في الإعلام تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية، بل المطلوب مقاربة الاستثمار بشكل مختلف، وليس المطلوب مراقبة وسائل الإعلام والضغط عليها والحد من حرياتها تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية، إنما المطلوب إدارتها بشكل مغاير بما يحقق التوازن بين الاقتصادي والإنساني، وبين المعياري والوظيفي، وليس المطلوب نقد الإعلام جزافاً والحد من الربح والمنافسة، بل المطلوب استهلاك واعٍ لا يخلط بين الأولويات والكماليات ولا يمارس العنف الرمزي على غير المقتدرين.
كتاب بحثي يتمتع بحس عالٍ بالمسؤولية، ويفتح الباب على تساؤلات كثيرة في موسم الأعاصير التي تجتاح المنطقة العربية ومدى تحقق أي مستوى من المسؤولية تجاه الشعوب والمجتمعات العربية من قبل الإعلام المشتغل بنشاط دؤوب على هذه القضية، وما هو الربح المتحقق لبعض تلك الوسائل لقاء استثمارها منتجات رمزية اختلفت ألوانها ومراميها بين منطقة وأخرى؟
 
الربيع العربي وحتمية التوافق بعد تراجع مفهوم الوطن
الحياة...أحمد محمود عجاج ** كاتب لبناني مقيم في لندن
أثبت الربيع العربي مدى هشاشة مفهوم الوطن، وبالمقدار ذاته ضعف مفهوم الأمة. فالوطن بمفهومه (الترابي) المستند إلى قطعة أرض محددة، ومجموعة من البشر تستوطنه، ومقدرات وموارد كافية، يتضارب تماماً مع مفهوم الأمة القائم على الولاء لفكرة وليس لقطعة أرض محددة، بل الولاء لأمة تدين بالإسلام، وأن كل من يؤمن بهذه الفكرة ويمحضها ولاءه فهو جزء من هذه الأمة. المفهومان متضاربان وعليه، فإن المواطن تتنازعه إما حالة الإيمان بالوطن أو الانتماء إلى الأمة. وبالرجوع إلى مصطلح «الوطن» في الواقع العربي نجد أن الاستعمار حمله إلى أرض العرب والمسلمين، وأنه فرض على تلك البلاد مادياً وفكرياً من خلال سلطات الانتداب والنخب المتشربة من نبع الثقافة الغربية. ولكي لا نستفيض في التاريخ، فإن المتفق عليه الآن هو أن الدولة الوطنية في المنظومة العربية، على رغم المظهر الخادع، لم تعد قادرة على الصمود في وجه المتغيرات الدولية الكثيرة، سواء كانت فكرية أو اقتصادية وحتى اجتماعية.
مع دخول العالم عصر العولمة وانفتاح الناس على الأفكار والمعتقدات وشيوع مفهوم النسبية المخالف للعقلانية التي نادى بها مفكرو عصر التنوير في القرنين السابع عشر والثامن عشر، أصبح مفهوم الوطن أقل مناعة وقدرة على الصمود في عالمنا العربي. في عصر العولمة الذي يوصف بأنه عصر ما بعد الحداثة، أصبحت النسبية والاستثناء هما القاعدة (الخصوصية) وهي بدورها ترفض فكرة عصر التنوير بوجود نظام عقلاني شامل متحكم وقادر، فعالم ما بعد الحداثة يرى أن الاستثناء هو محرك الإبداع وعلى نمطه يتطور النظام العالمي القائم: في هذا العالم لا يوجد ثابت على الإطلاق ودائماً هي (الحداثة) في لهاث نحو الجديد على صعيد المادة والفكر.
فتح عالم ما بعد الحداثة ثغرات كبيرة في جسد مفهوم الوطن بعدما تبين أن الحدود الفاصلة التي على أساسها تبنى شرعية الوطن، أصبحت هشة ومخترقة واضطرت الحكومة الوطنية إلى الخضوع أكثر فأكثر لرغبات الاقتصاد العالمي، ولنداءات الشركات العابرة، واضطرت إلى أن تفصل القوانين على مقاس المستثمرين ومن دون نظر في تداعيات ذلك على سلامة المواطن والوطن. قزّم الاقتصاد المادي في عالم ما بعد الحداثة مفهوم الوطن وجعله رهينة في يد مقررات تعقد خارج حدوده الوطنية تصوغها دول وتكتلات اقتصادية عدة.
ساهم التغير الفكري (التحول من الثابت إلى النسبي) هو الآخر في إعادة التشكل الاجتماعي لأن الانماط الاقتصادية والفكرية، كما هو معروف لدى علماء الاجتماع، هي التي تصوغ المجتمعات والقيم والأخلاق. فالدولة الوطنية لم تعد هي المقررة وحدها لتشكل المجتمع، بل أصبح الفكر العابر (الخارجي) له يد طولى في هذا التغير، ونظرة فاحصة على مجتمع العالم العربي ستظهر كم تغير هذا المجتمع. لقد أصبحت الدولة غير قادرة على تسيير المجتمع، لا على حمايته، فعالم ما بعد الحداثة، حمل المواطن خارج الحدود الترابية وربطه بآخرين وقيم وأخلاق ومعتقدات ورغبات ومنتجات لا تشارك الدولة الترابية فيها. هذا المواطن لم يعد يصيخ السمع إلى ما تقوله دولته، بل أصبح أوسع منها إدراكاً، وأكثر تواصلاً، ولم يعد عملياً محصوراً في دائرة الوطن الترابية، بل تجاوزها إلى دائرة إنسانية أبعد. هذا الخروج من دائرة الوطن جعله يشعر في كثير من الأحيان بأنه مادي في وطن ترابي وفكري واقتصادي واجتماعي في دائرة شعورية أخرى.
هذه الحال الشعورية تجسدها فكرة «الأمة» التي نادى بها الإسلام التي هي في صميمها حقيقة ثابتة بسند النص القرآني والأحاديث النبوية الداعية إلى الاعتصام بحبل الله، وتكوين المجتمع الإسلامي الشامل. فالمسلم المؤمن بمفهوم الأمة لا يحده وطن، ولا تربطه رابطة سوى الولاء للدين. وعليه، فإن أمة الإسلام أمة واحدة، وإن الإثنيات، والأعراق، والطبقية، والحدود، كلها مصطلحات لا وجود لها في مفهوم الأمة، بل إن الثابت هو أن المؤمنين إخوة في الدين، وأن المسلم أخ للمسلم مهما بعدت الحدود، وتباينت الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. وعلى عكس الوطن المعروفة حدوده، فإن مفهوم الأمة بلا حدود بمعنى أنه حالة عضوية متجددة، تزيد حدوده ولا تنقص بحجة أن الأرض كلها لله، ولا يحق لأحد أن يحتكرها.
هكذا، تحول مفهوم الأمة إلى خشبة خلاص، وضرورة حتمية في عالم التحول النسبي، وأصبح حاجة ماسة للمواجهة في عالم ما بعد الحداثة.
تبين أن المواطنين بعد انتفاضة الربيع العربي داخل كل وطن تقريباً، لا يتفقون على مفهوم الوطن، وإن اتفقوا فإن التشكيك بينهما هو السائد. فما حدث في سورية من تنازع طائفي، وما وقع في ليبيا من تناحر وتشتت قبلي، وما تجلى في مصر من صراع بين الإسلاميين والعلمانيين، يشير إلى أن المسؤول الأول عن هذا التناحر هو احتضار فكرة الوطن ككيان ترابي جامع لكل المواطنين. فالأحزاب الإسلامية الداعية إلى تطبيق الإسلام والمتحمسة للسلطة قبلت بمفهوم الوطن (بلا تأصيل شرعي) لكنها لم تجد سوى التشكيك من التيارات العلمانية، وبالتالي تعذر الاتفاق، كما تجلى في مصر، على المرحلة المستقبلية. فالصراع الدائر في بعض البلدان، يبدو في مظهره الخادع صراعاً على السلطة لكنه في حقيقته صراع على صوغ الوطن وتشكيل السلطة.
هذا الخلاف متوقع منذ البداية، لأن مفهوم الوطن الوافد من أوروبا هو مفهوم غريب على البيئة العربية والإسلامية، زرعته في الوطن العربي سلطات الانتداب، وبررته نخب (متغربة). مفهوم الوطن هذا لم يستطع الصمود في وجه المتغيرات المستقبلية وبالذات في عالم ما بعد الحداثة، فالثورة التكنولوجية، وما حملته من أفكار، أيقظت من جديد الشعور بالخصوصية كرد فعل على النمطية السائدة عالمياً. المقصود بالخصوصية أن الفرد العربي بدا في عالم العولمة كأنه بلا ذات أمام موجة العمومية المتمثلة بتوحد المقاييس والرغبات، والسلع، والقوانين، والعادات، وحتى القيم. شجعت العولمة (وفق مبدأ النسبية) الأفراد على إظهار الخصوصية والتفرد، واعتبرت ذلك ظاهرة إنسانية لها الحق بأن تظهر وتعبر عن ذاتها، هذا الخصوصية والتشديد عليها في عالم العولمة تنطلق من الاعتقاد أنه لا توجد حقيقة مطلقة، كما يقول الفيلسوف دريدا، وأن كل ما نراه هو نسبي، وعليه فإنه يحق لكل فرد أن يؤمن بما يريد، وأن واجب السلطة الحاكمة أن تسمح بذلك وتشجعه، ومن هنا نشأ ما يعرف بالتعددية الثقافية داخل الوطن الواحد. في عالم العولمة هذا شعر الفرد العربي بأنه يقتلع من ذاته، وأنه مهدد في إنسانيته، فهو لا يمكن أن يعبر عن خصوصيته في ظل مفهوم الوطن وقوة قمع السلطة، ولذلك كان يرى في مواجهة العالم الخارجي ضرورة الرجوع إلى خصوصيته المتمثلة بمعتقداته، وشعائره، ومنها مفهوم الأمة.
في الغرب الحامل للعولمة استطاع مواطنوه التعامل مع عالم ما بعد الحداثة، لأن هذا الفرد هو ناتج طبيعي لبيئة حملت هذا الفكر، ولم يجد المواطن تضارباً بين الوطن والانتماء الإنساني، والتعاطف العالمي، بل تزايد لديه الشعور بالانتماء للوطن، واشتدت الرغبة به إلى البقاء فيه إنما مع الارتباط عاطفياً وإنسانياً مع بقية العالم. المواطن العربي على عكس نظيره الغربي لم يستطع مسايرة هذا التطور، وهذا الانتقال، لأنه كان في الأساس مُسيَّراً، ومع كل انتقال كان عليه أن يتصارع مع مكوناته الفكرية، وكان عليه أن يقبل بما فرض عليه من أيديولوجية فكرية بسلطة الحديد والنار. ومع انهيار سلطة القمع في العالم العربي، فإننا نشاهد اختباراً حياً على تمزق الوطن، وانهياره أمام أعيننا في كثير من بلدان الربيع العربي التي لها باع طويل في التجربة الوطنية. ففي العالم العربي، انحصر دائماً الخلاف قبل ولادة الوطن الترابي، وخلال سيرته، وبعد الربيع العربي، بين فئتين لا غير: فئة تريد إقامة مفهوم الأمة، وفئة تصر على الوطن الترابي. لم تستطع فئة الوطن منذ الاستقلال تجسيد مفهوم الوطن فكرياً واجتماعياً واقتصادياً بمعنى إقامة التناغم بين الفكر والتطبيق، بل أسست وطناً تحتكره فئة، أو طائفة، وأقامت نظاماً على أيديولوجية لم تقبلها الجماهير طوعاً، بل فرضت عليها بقهر العصا، ولذلك كانت النهاية ما نشاهده اليوم. في المقابل لم تستطع كذلك فئة الأمة، وعلى رغم فترتها القصيرة في السلطة في أعقاب الربيع العربي، أن تنشئ أمة يجتمع حولها حتى المؤمنون، بل شاهدنا تناحراً فكرياً، واستخداماً للعنف، وإغفالاً تاماً للعنصر الاقتصادي في السياق السياسي، وشهدنا تبعًا لذلك تراجعاً محزناً في الأوضاع العامة للناس. وبهذا الفشل المزدوج لكلا الفئتين لا يمكن الركون مجدداً إلى منطق تكرار الماضي والتجربة، بل لا بد من حتمية التوافق والقبول بأن يحكم العقل ويغلب منطق المسامحة لكي يتوصل الفريقان إلى قاسم مشترك ، على ضوئه لا يبنى فقط مدماك الوطن، بل صرح الأمة.
 
 كيفية حل المعضلة الإيرانية التي يواجهها أوباما
دينيس روس
السفير دينيس روس، مساعد خاص سابق للرئيس أوباما، هو مستشار وزميل ويليام دافيدسون المتميز في معهد واشنطن.
بوليتيكو
بدأت أخيراً عقارب الستة أشهر المقررة لإبرام اتفاق نووي مع إيران في الدوران لكن لا أحد يبدو متفائلاً. ويطرح الرئيس أوباما إمكانية تحويل هذا الاتفاق المؤقت إلى اتفاق شامل يضمن عدم قدرة إيران على تطوير سلاح نووي بنسبة تقل عن 50 في المائة. في حين يرى نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي أن هذه النسبة قد تكون مرتفعة مشيراً إلى أن الأمور التي أقرها الإيرانيون لا رجعة فيها. وفي الواقع، يقول إن بمقدورهم التراجع عن الخطوات التي اتخذوها بما في ذلك تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المائة خلال يوم واحد. وفي الوقت نفسه، تقول الحكومة الأمريكية إن أول خطوة في هذا الاتفاق تقدم لإيران تخفيفاً محدوداً جداً للعقوبات. وفي ضوء عدم تأثر بنية العقوبات الحالية، بإمكان الولايات المتحدة زيادة وتيرة الضغوط على الجمهورية الإسلامية في حال انتهاك الاتفاق أو إذا ثبت بالدليل عدم وجود أية إمكانية للتوصل إلى اتفاق شامل.
ولكن يبقى السؤال، لماذا يحيط التشاؤم بكلا الطرفين؟ وما هي الأمور التي ستمنح واشنطن الفرصة الأفضل للتوصل إلى اتفاق دائم؟
بادئ ذي بدء، سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق شامل على وجه التحديد لأنه يتعلق بالتراجع عن قدرات قائمة بالفعل. وكان الاتفاق المؤقت في الأساس، والذي أطلق عليه رسمياً "خطة العمل المشتركة"، عبارة عن وضع "سقف مقابل سقف". فالإيرانيون يضعون سقفاً لبرنامجهم بمعني أنهم يوافقون على عدم زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي أو المخزون الإجمالي لليورانيوم المخصب الذي يملكونه عند مستوى 5 في المائة (رغم أنه يتعين عليهم أن يخفضوا المادة المخصبة بنسبة 20 في المائة والتي قاموا بتجميعها بالفعل إلى صفر). ومع ذلك، يُسمح للإيرانيين بتطوير أجهزة طرد مركزي جديدة تحل محل الأجهزة المتضررة أو المتعطلة وربما يستمرون في أبحاثهم على أجهزة طرد مركزي أكثر حداثة وفعالية. وفي المقابل، وعدت الولايات المتحدة بعدم تبنّي أي عقوبات جديدة في الستة أشهر المقبلة مع تخفيض العقوبات التي تتعلق بالبتروكيماويات والمعادن الكريمة وصناعة السيارات الإيرانية والسماح لإيران بالحصول على 4.2 مليار دولار من الأموال المجمدة سابقاً.
إن تبني منهجية "سقف مقابل سقف" لم يكن أمراً سهلاً ولكنه أقل صعوبة إلى حد كبير من تبني منهجية "التراجع مقابل التراجع". وهذا الأمر هو ما ترتكز عليه المفاوضات الآن: هل يمكن للولايات المتحدة وحلفائها حمل الإيرانيين على التراجع عن برنامجهم وبنيتهم التحتية النووية مقابل التراجع عن العقوبات التي فُرضت على المصارف والتجارة والشحن والتأمين التي ثبت أنها مرهقة جداً للاقتصاد الإيراني؟
ينبغي أن يكون ذلك قابلاً للتنفيذ من الناحية النظرية. وعلى كل حال، يتلخص موقف الولايات المتحدة - وهو الأمر بالنسبة لموقف شركاء أمريكا في هذه المفاوضات، مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا [P5+1]- في إمكانية حيازة إيران على الطاقة النووية المدنية طالما لا تجعلها في وضعية تسمح لها بالتحول سريعاً في البدء في امتلاك قدرات أسلحة نووية. وهذا ما يدعي الإيرانيون القيام به: فهم يصرون على أنهم لا يسعون سوى إلى امتلاك طاقة نووية تستخدم لأغراض مدنية ولا يرغبون في امتلاك أسلحة نووية. وحتى رئيسهم حسن روحاني ذكر أن الجمهورية الإسلامية مستعدة لتبنّي إجراءات شفافية لطمأنة بقية العالم حول نوايا إيران. ولكن في الممارسة العملية، فإن ما يبدو من الناحية النظرية قابلاً للتجاوز ربما لا يكون بهذه البساطة، لاسيما نظراً لإرث عدم الثقة القائم بين الجانبين ونطاق البرنامج النووي الإيراني.
لنضع في الاعتبار عنصرين - كحد أدنى - من هذا الإرث من وجهة نظر أمريكية. فالإيرانيون لم يردوا بعد على أسئلة "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" عن "الأبعاد العسكرية المحتملة" لبرنامجهم النووي والذي يشمل من بين عدة أشياء أخرى إجراء تجارب على أجهزة مزودة بأسلحة نووية؛ وبالإضافة إلى ذلك فقد طوروا حتى الآن ما يقرب من 20,000 جهاز طرد مركزي وخصبوا كمية من اليورانيوم تكفي لـ 5-6 قنابل نووية. كما يمكن للمرء إيراد عنصر ثالث تثار حوله الشكوك ألا وهو: أن البنية التحتية الإيرانية تشمل أيضاً تطوير محطة مياه ثقيلة معروفة بعدم فعاليتها بشكل إجمالي في إنتاج الكهرباء، ولكنها ليست كذلك من ناحية توليد البلوتونيوم المستخدم في الأسلحة النووية.
وفي ضوء ادعاءات الإيرانيين أن بنيتهم التحتية النووية هي مسألة تخص كرامتهم واستقلاليتهم - وأن المطالب الدولية تتعلق بحرمانهم من كل منها - يستطيع المرء أن يفترض أنهم سيعارضون أي خفض واسع النطاق في برنامجهم. ومع ذلك، فإنهم لن يحصلوا على التراجع الكبير في العقوبات الذي يسعون إليه دون تخفيض هائل في بنيتهم النووية. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية لا تطالب بوقف التخصيب تماماً والتفكيك الكامل لمنشآت التخصيب الإيرانية - كما يطالب بعض أعضاء الكونغرس - إلا أنها ليست على استعداد لقبول إيران كدولة تقف على العتبة النووية. وبعبارة أخرى، لا يتعين ترك إيران ببنية تحتية نووية قوية ومتقدمة بشكل فعال لدرجة أنها تستطيع أن تبدأ بسرعة في صناعة أسلحة نووية في الوقت الذي تختاره.
إلى أي مدى يكون التراجع كافياً؟ لقد صرح الرئيس أوباما علناً بأنه لا يحق لإيران امتلاك محطة للماء للثقيل أو منشأة لتخصيب اليورانيوم في فوردو، وأنه يتوجب عليها أيضاً تقليل عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها - رغم أنه آثر الغموض بشأن العدد المسموح به. إنني أحد الذين يرون أن بإمكان الولايات المتحدة أن توافق على برنامج تخصيب محدود لإيران، ولكنني أعتقد أنه يتعين أن يكون عدد أجهزة الطرد المركزي أقل من ذلك، وبالتحديد أقل من 10 في المائة من عددها الآن (الذي يبلغ 20,000 جهاز تقريباً). علاوة على ذلك، فإن العدد لا يمكن أن يشمل بطبيعة الحال الجيل القادم من أجهزة الطرد المركزي التي، حتى في الوقت الراهن، يحاول الإيرانيون تطويرها بوسائل متقدمة جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يتعين ألا يكون لدى إيران كمية من اليورانيوم المخصب الذي تم جمعه في البلاد تكفي لصنع قنبلة نووية. كل هذا سيكون بمثابة الدواء المر بالنسبة للجمهورية الإسلامية.
وفي الواقع، لا شيء فيما يقوله المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أو الرئيس روحاني أو وزير الخارجية جواد ظريف الذي يشير إلى أنهم يرون أنهم سيضطرون إلى خفض برنامجهم في ضوء هذه الخطوط. والمفهوم المتكون لديهم في هذه المرحلة سيجعلهم من دون شك دولة تقف على العتبة النووية. ويرى العديد من المراقبين، ومن بينهم كاتب هذه السطور، أن هذا هو هدفهم على طول الطريق.
إذن، كيف يمكن لأوباما الخروج من هذا المأزق؟ إن الفرصة الوحيدة التي تجعل إيران تتخلى عن هذا الهدف هي أن يكون لديها اعتقاد جازم بأن تكلفة مواصلة هذا البرنامج ستكون باهظة. فرغبة الرئيس روحاني في وضع نهاية للعزلة الإيرانية والعقوبات التي تسببت في كل هذه الخسائر لاقتصادها قد أوقف إلى حد كبير عقارب الساعة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وبشكل واضح، وافق آية الله خامنئي إلى حد مقبول بمنطق روحاني وقدم له الدعم حتى هذه اللحظة على الأقل. ولم يكن هذا نتاجاً للإغراءات المقدمة للجانب الإيراني التي أدت إلى الوصول إلى هذه النقطة، بل نتيجة لضغط العقوبات.
إن ذلك يسلط الضوء على الفجوة الواضحة بين البيت الأبيض والكونغرس. فأعضاء مجلس الشيوخ مثل روبرت مننديز (ديمقراطي من ولاية نيوجرسي) ومارك كيرك (جمهوري من ولاية إيلينوي) هم على قناعة بأنه يتعين على الولايات المتحدة مواصلة الضغط إذا أرادت أن تكون لها أي فرصة لحمل الإيرانيين على الموافقة على التراجع عن برنامجهم النووي. بينما يرى أوباما ووزير الخارجية جون كيري أن ممارسة ضغوط إضافية الآن - على الأقل في شكل مشروع قانون جديد - من شأنها أن تقوض روحاني، وتمكّن المتشددين في دائرة المرشد الأعلى، وتعطي الإيرانيين مبرر للانسحاب من المفاوضات. في حين ذهب بعض المسؤولين في البيت الأبيض إلى حد القول أن أولئك الذين يدعمون إقرار العقوبات الآن يختارون مسار الحرب. ولم يكن مفاجئاً أن هذا الخطاب لم يكسب المزيد من الأنصار للبيت الأبيض.
أرى أن وجهة النظر التي تقول بأن فرض عقوبات الآن سينهي الدبلوماسية وسيجعل الحرب الخيار الوحيد مثيرة للسخرية. إن التهكم هنا ليس لأنني أوافق بالضرورة على أن الخيار في هذه المرحلة هو في الواقع بين مسارين أو لأنني مقتنع بأن العقوبات الإضافية التي يتم إقرارها الآن ستضع نهاية للدبلوماسية. لكن، تكمن السخرية هنا في أن معظم منتقدي السياسات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية - وبالتأكيد السعوديين والإماراتيين والإسرائيليين - مقتنعون جميعاً بأن الرئيس أوباما لن يستخدم القوة ضد البرنامج النووي الإيراني تحت أي ظرف من الظروف.
بيد أن هذا لا يعبّر عن وجهة نظر إدارة أوباما. فهذه الإدارة تقول: إذا ما قمتم بتقويض جهودنا الدبلوماسية - وأن تشريع عقوبات الآن سيؤدي إلى ذلك - فأنتم تجعلون الحرب الخيار الوحيد. وهذا لا يوحي على الإطلاق بتراجع الرئيس أوباما عن تصريحه الذي كرره في مناسبات كثيرة وهو أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة. صحيح أنه لا يريد أن تكون القوة هي الخيار الوحيد في هذا الصراع. ومن الذي يريد ذلك؟ ولكن موقف البيت الأبيض لا ينبغي أن يعطي الإيرانيين أي مهلة لالتقاط الأنفاس. وفي الواقع، يقول البيت الأبيض إذا فشلت الدبلوماسية، فستكون القوة أمراً لا مفر منه لأن إيران لا يحق لها أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية.
وما يزيد من السخرية بالنسبة لي هو أن الطريقة الأكثر احتمالاً لكي يعمل المرشد الأعلى على دعم الرئيس روحاني هي أن يرى بنفسه عواقب عدم القيام بذلك. فلدى روحاني فرصة ضئيلة في أن تكون له الكلمة العليا في السياسة الإيرانية إذا اعتقد المرشد الأعلى أن بإمكان إيران امتلاك كعكة اليورانيوم الصفراء واستخدامها أيضاً. وإذا ما رأى خامنئي أن العقوبات سوف تنهار من تلقاء نفسها أو أنه لا توجد أية احتمالية لاستخدام القوة أو أن الولايات المتحدة في حاجة ماسة إلى التوصل إلى اتفاق، فليس هناك احتمال لقبول الإيرانيين بأنه يجب عليهم التراجع عن برنامجهم إلى الحد الذي لا تصبح فيه إيران دولة تقف على العتبة النووية.
ويرى البعض بأن الولايات المتحدة يجب أن تصر على عدم السماح لإيران بتخصيب [اليورانيوم] وتفكيك المنشآت المساعدة لها في هذا الشأن. ومن ناحية تقوية نظام حظر انتشار الأسلحة النووية العالمي، فإن هذه ستكون النتيجة الأفضل. ولكنني أتفق مع معارضة إدارة أوباما لهذا الموقف لسببين: أولهما: أشك أن هناك مرحلة ما سيرى فيها المرشد الأعلى أن عدم التوصل إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه - مثل قبول الولايات المتحدة بأن لدى إيران الحق في التخصيب المحدود - سيكون بمثابة تنازل يهدد الجمهورية الإسلامية. كما أنه رفض مراراً وتكراراً تقديم تنازلات لما يسمّيها بـ "القوى المتغطرسة" لأن هذه لن تتوقف عن مواصلة الضغط لتقديم المزيد من التنازلات إلى أن تحقق هدفها بتغيير النظام كلية. ثانياً، إذا فشلت الدبلوماسية، ستحظى الولايات المتحدة بمصداقية أكبر في تعزيز العقوبات أو استخدام القوة - أو كليهما - إذا طَرحت على الطاولة خياراً يجده باقي المجتمع الدولي جاداً ومقنعاً. إن استثناء مسألة التخصيب المحدود سيحرم واشنطن من هذه القناعة الدولية؛ كما أنه سيسمح لها بكشف نوايا إيران الحقيقية في حال فشل الحل الدبلوماسي: إنهم يريدون تطوير أسلحة نووية وليس طاقة نووية مدنية فقط.
ويبقى السؤال، هل من الممكن التوفيق بين اعتقاد الكونغرس أنه يتحتم على واشنطن تبني سياسة العقوبات ووجهة نظر الإدارة الأمريكية بأنها ستقوض الحل الدبلوماسي؟ أعتقد ذلك. بيد سيتطلب ذلك مشرعين قانونيين يوافقون على الرأي القائل بأن تبني عقوبات جديدة حالياً سيعطي فرصة للإيرانيين للانسحاب من المحادثات في الوقت الذي سيوجه فيه شركاء واشنطن في مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» اللوم إلى الولايات المتحدة بدلاً منهم. وحتى الفرنسيين الذين يتبنون الخط الأكثر تشدداً بين أعضاء مجموعة الـ P5+1 مقتنعون الآن بهذا المنطق. فالدبلوماسية هي إبعاد المبررات وليس إعطائها.
إذا كان يتعين على الكونغرس الإقرار بهذا المبدأ، فعلى الإدارة الأمريكية أيضاً الإقرار بأهمية الاستعداد لفرض المزيد من الضغوط والعمل مع الكونغرس تحقيقاً لهذه الغاية. على سبيل المثال، إذا تمكن الإيرانيون من تأسيس بعض الحقائق على أرض الواقع تحسباً لفشل الدبلوماسية فعلى واشنطن أيضاً القيام بذلك. فإذا كان الإيرانيون يعملون الآن على تطوير أجهزة طرد مركزي جديدة وأكثر تقدماً - والتي تعتبر أكثر قوة من أجهزة الطرد المركزي الحالية من طراز IR-2s التي بحوزتهم وتعتبر بالفعل أكثر فعالية وكفاءة من الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي التي يملكونها بحوالي 4-5 مرات - فهم يرسلون إشارة إلى الولايات المتحدة حول ما سيفعلونه في حال فشل الحل الدبلوماسي. من الممكن للإدارة أن تتعاطى مع هذا الأمر بالاتفاق مع أعضاء الكونغرس الرئيسيين على تجهيز حزمة من العقوبات الجديدة لإقرارها في حال عدم التوصل إلى اتفاق منبثق من "خطة العمل المشتركة".
وهذا حل رائع. فالكونغرس لن يتبنى العقوبات الجديدة خلال فترة سريان "خطة العمل المشتركة"، إلا أنه سيعرف أن الإدارة تمهد الطريق لزيادة الضغط بطريقة جادة - وهذا ما سيعرفه الإيرانيون وشركاء الولايات المتحدة والقطاع الخاص الدولي الذين يستكشفون المناخ التجاري الجديد في طهران. وسوف تعطي واشنطن فرصة للمسار التفاوضي في الوقت الذي ترفض فيه قبول أي مبرر يقدمه الإيرانيون.
إن التوصل إلى اتفاق مع إيران قد يكون ممكناً أو غير ممكن، لكن هل يمكن التوصل إلى اتفاق مع الكونغرس؟ ينبغي أن يكون هذا أسهل بكثير.
 
 هل بدأت حقبة الجهاديات الفرنسيات في سورية؟
دمشق ـ أ ف ب، "الحياة"
غادرت مراهقة فرنسية لم تتجاوز الـ15 عاماً من العمر منذ ثمانية أيام منزل ذويها في أفينيون جنوب شرق فرنسا، وسط شبهات بأن تكون توجّهت "للجهاد" في سورية، بعد أيام فقط على عودة مراهقين فرنسيين من تركيا التي توجها إليها للالتحاق بجماعات جهادية للقتال في سورية.
ولم تعد المراهقة وهي فرنسية من أصل مغربي إلى المنزل منذ مساء 23 كانون الثاني (يناير) الجاري من دون أن تترك أي رسالة وراءها أو إشارة تدل على المكان الذي ذهبت إليه، وقام شقيقها على الفور بإبلاغ شرطة أفينيون باختفائها.
وبحسب العناصر الأولية للتحقيق، فإن الفتاة توجهت بالقطار إلى باريس قبل أن تستقل طائرة إلى اسنطنبول في تركيا وطائرة أخرى إلى الحدود السورية.
وقال مصدر مقرّب من التحقيق بأن الفتاة عبّرت عن نواياها بشكل واضح لمحيطها، وأن شقيقها "علم بأنها ذهبت إلى هناك (سورية) من أصدقائها ورفاقها". وأضاف: "نعتقد أنها في تركيا على الحدود".
وشرح المدعي العام في أفينيون، برنار مارشال لـ"فرانس برس" بأن الشقيق "أشار إلى أنه منذ شهر أيلول (سبتمبر) بدأت (المراهقة) تظهر سلوكاً أصولياً مع تغيّب كبير عن المدرسة وكانت على علاقة عبر الإنترنت مع أشخاص من منطقة في باريس مقربين من الحركات الجهادية".
وأصبحت القضية في عهدة شرطة مكافحة الإرهاب في باريس منذ مطلع الأسبوع الجاري.
مراهقان آخران عادا من تركيا
ويأتي الكشف عن قصة التلميذة بالتزامن مع توجيه قاض فرنسي تهمة "تشكيل عصابة على علاقة بمخطط إرهابي"إلى مراهقين آخرين (15 و16 سنة) عادا من تركيا التي سافرا إليها في السادس من كانون الثاني (يناير) رغبة منهما بالالتحاق بجماعات جهادية متشددة للقتال في سورية ضد نظام بشار الأسد.
وقام فرع تولوز في الإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية الفرنسية باستجواب الطالبين الفرنسيين، لفهم مسارهما الى التطرف وخصوصاً من خلال التدقيق في مواقع الانترنت التي كانا يطلعان عليها ومعرفة هل مارس التأثير عليهما شخص واحد او بضعة اشخاص.
ورحيل الفتيين الذي كشف بعد عشرة أيام من ذهابهما، يسلط الضوء على ظاهرة تنامي عدد الأوروبيين الراغبين في "الجهاد"، من فرنسيين وأيضاً بلجيكيين او بريطانيين. لكن ما يلفت النظر ويثير الصدمة هو سن هذين التلميذين.
وبحسب والد أحدهما فإنه نشأ في عائلة مسلمة تحترم الآخرين، ووصف بأنه تلميذ لا يثير المشاكل بل انه بالأحرى تلميذ جيد، لكنه تعرض للتغرير به خلال بضعة اسابيع عبر الانترنت، وتحدث عن "غسل دماغ" حقيقية، حملت الرئيس فرنسوا هولاند على التأكيد على ضرورة "تأمين حماية أفضل" للشبان في فرنسا.
ولم تلاحظ عائلته ولا المدرسة اي شيء مريب بشأنه، فيما وصف الآخر بأنه تلميذ صاحب متاعب معروف من الشرطة في تولوز.
وبحسب مصدر مقرب من التحقيق، فإن الفتيين كانا على اتصال مع رجل في تركيا اكد هو أيضاً أنه يريد الالتحاق بالجهاديين في سورية، وان السلطات التركية كانت تراقبهم.
وعندما تم اخطار الشرطة التركية حاولت توقيف الفرنسيين في السابع من كانون الثاني (يناير)، لكنهما تمكنا من الذهاب جوا الى هاتاي (انطاكيا) على الحدود التركية السورية.
وفي 19 كانون الثاني اي بعد اسبوعين تقريبا من مغادرتهما فرنسا، قال وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس ان الفتيين موجودان على الارجح في تركيا. ولم تعرف بعد الظروف التي تم بها العثور عليهما واستعادتهما.
جهاديون فرنسيون في سورية
وتقول السلطات ان مئات من الاشخاص بينهم عشرة من القاصرين شاركوا في القتال الى جانب الجهاديين في سورية او تعرضوا للتغرير بهم منذ بداية الحركة الاحتجاجية في 2011 التي تحولت الى حرب دامية.
واعتبر وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس أن تدفق الجهاديين الفرنسيين الى سورية الذي لم يشهد مثيلاً له في أفغانستان وفي البلقان او مالي، يشكل "أكبر خطر سنواجهه في السنوات المقبلة". والخوف الكبير يكمن في عودة هؤلاء الاشخاص الى فرنسا بعد تمرسهم على القتال.
ويقدر عدد الفرنسيين او الاجانب المقيمين في فرنسا الذين يذهبون للقتال في سورية بنحو 250، نحو مئة منهم في ترانزيت للتوجه اليها، و150 ابدوا رغبتهم في الذهاب و76 عادوا منها. وقتل منهم 21، بينهمأخان غير شقيقينيبلغان الثلاثين والثانية والعشرين من العمر قتلا بفارق زمني من اربعة اشهر.
وكانت الحكومة الفرنسية تحدثت عن نحو 700 فرنسي يقاتلون في صفوف الجهاديين في سورية حالياً. وفاجأ هذا الرقم أكثر من خبير في شؤون الأمن والإرهاب. وبين هؤلاء اثنا عشر قاصرا ذهبوا الى سورية أو ابدوا رغبتهم في الذهاب.
وفرنسا ليست البلد الوحيد المعني. فهذه الظاهرة تشمل كل بلدان اوروبا، وايضا استراليا وكندا والولايات المتحدة، وبشكل اكبر بلدان المغرب العربي.
وفي حديث لصحيفة "لوموند" كشف أحد كبار المسؤولين في مديرية الاستخبارات الداخلية الفرنسية، أن حركة السفر بين فرنسا وسورية، بما فيها الأشخاص الذين أبدوا رغبة في السفر أو هؤلاء الذين سافروا وعادوا تشمل 450 إلى 500 شخص. وهذا الرقم في ارتفاع مقارنة بالأرقام التي سجلت في ايلول (سبتمبر) 2013.
وتتزايد في فرنسا شهادات العائلات التي يقلقها ذهاب ابنائها الى "الجهاد" في سورية، وغالباً ما تروي قصصاً عن شبان حصلوا على تربية صالحة ولم يتعرضوا للانحراف.
وفي شهادة مؤثرة، قال زوجان في بداية كانون الثاني (يناير) انهما تبلغا عبر رسالة نصية مقتل ابنهما نيكولا (30 عاما) في عملية انتحارية في سورية بعد أشهر على مقتل شقيقه في الظروف نفسها.
وظهر الشقيقان مطلع تموز (يوليو) في شريط فيديو دعائي اعرب فيه نيكولا الذي كان يحمل بندقية كلاشنيكوف ونسخة من القرآن بيده، عن سروره لاقناع شقيقه الاصغر باعتناق الاسلام.
والمتطوعون الى الجهاد هم فرنسيون او مقيمون في فرنسا ويتحدرون من عائلة مسلمة كالشابين اللذين يتحدران من تولوز او الذين اعتنقوا الاسلام أخيرا كما هي حالة فريدريك الذي توجه من نيس (جنوب شرق) الى سورية وهو في الثامنة عشرة من عمره بعد قضاء ليلة عيد الميلاد مع عائلته.
 
مالي بعد عملية سيرفال وكيفية تفادي أزمة جديدة
الحياة...جان هرفي جيزيكيل ** المحلل الرئيسي لمنطقة الساحل لدى "مجموعة الأزمات الدولية"
انطوت عمليّة سرفال التي أُطلقت في كانون الثاني (يناير) 2013، على تداعيات مهمّة في مالي. ففيما كان البلد على وشك الانهيار، أتاح له التدخّل الفرنسي استعادة سلامة أراضيه. وقد اجتازت دولة مالي مراحل مهمّة بعد العودة إلى النظام المؤسساتي، وتعزيز السلطة التنفيذيّة التي لطالما كانت موقّتة. وأدّى اتفاق واغادوغو الأوليّ الذي وقع في 18 حزيران (يونيو) 2013، إلى فرض وقف إطلاق نار، ومن ثمّ إجراء انتخابات فاز فيها الرئيس ابراهيم أبو بكر كيتا غالبية الأصوات في آب (أغسطس) 2013. وبالمقارنة مع الأحداث التي شهدتها مالي منذ أكثر من عام تقريباً، لا بدّ من القول إنّ الوضع تحسّن. إلاّ أنّ البلد ما زال يعاني من أزمة عميق.
ومن الواضح أنّه يجب قبل كلّ شيء إيجاد حلّ طارئ لقضيّة الشمال، فهي التي تسبّبت باندلاع الأزمة، ولا تزال تشكّل تهديداً رئيسيّاً للنظام الحاليّ. والجدير ذكره أنّ استئناف الاغتيالات في المدن الشمالية منذ الخريف الفائت، وازدياد حدّة التوترات بين الفئات السكانية التي تعيش في الشمال، فضلاً عن انتشار جماعات مســــلّحة وطائفية، وصعوبة تفعيل الدولة في الشمال من جديد، تشكّل كلّها تحدّيات من الواجب رفعها. وقد شارك الرئيس ابراهيم أبو بكر كيتا بكامل إرادته في إحياء الحوار الوطني، الذي يشكّل عنصراً أساسيّاً للمصالحة بين الشمال والجنوب. واهتّمت الحكومة بتنظيم مجالس عامّة تعنى باللامركزية، ومؤتمرات وطنية للشمال في باماكو، ومؤتمرات إقليمية في غاو. وشكّلت هذه الخطوات محاولة مثيرة للاهتمام للشروع في حوار لا يضع، كما في السابق، الحكومة وجهاً لوجه، مع الجماعات المسلّحة. ويُشار إلى أنّ منظّمات من المجتمع المدني، خصوصاً في الشمال، اشتركت في المناقشات في باماكو وغاو.
مع ذلك، لم تنجح هذه المبادرات بعد في ايجاد حلول حاسمة لقضيّة الشمال، فقد سبق أن تمّ تنظيم مؤتمرات مماثلة على نطاق وطني مرّات عدّة في مالي، لكّنها لم تخلص إلى أي نتائج على الأرض بسبب نقص المتابعة السياسية. علاوةً على ذلك، دفعت رغبة الحكومة بإيجاد حلّ سريع لملفّ الشمال إلى فرض سيطرة كاملة على عملية باماكو. ونظراً إلى أنّ السلطات في مالي أرادت فرض قوانينها الخاصّة، لم تظهر أي استعداد لمناقشات فعليّة مع الجماعات التي تحمل مطالب لا تتماشى مع مصالحها الخاصّة. وبالتالي، رفضت غالبية الجماعات المسلّحة في الشمال المشاركة في هذه اللقاءات، متّهمةً الحكومة بالتحكّم بأسلوب إجراء هذه المحادثات، وإغلاق أي مجال أمام الشروع في حوار حقيقيّ.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه اللقاءات لا يجب أن تكون بديلاً عن محادثات فعليّة يشارك فيها جميع ممثّلي الشمال، بمن فيهم الجماعات المسلّحة. ووفق اتّفاق واغادوغو، ينبغي إطلاق محادثات السلام بعد 60 يوماً من تشكيل الحكومة، إلا أنّ هذه المهلة انقضت في بداية تشرين الثاني (نوفمبر)، علماً أنّ لجنة متابعة هذا الاتفاق وتقييمه، التي تمّ تشكيلها من أجل بناء إطار للمناقشات يفرض اجتماع الأطراف المعنية ومختلف المراقبين الدوليين كلّ شهر، لم تجتمع منذ تشرين الأوّل (أكتوبر) 2013. أمّا تنفيذ اتفاق واغادوغو، والامتثال لأحكامه الرئيسية، فيجب أن يندرجا في أهمّ أولويّات الحكومة في مالي.
والحقّ أنّ التواصل بين الحكومة والجماعات المسلحة استمرّ، ولكن خارج الإطار القانوني لاتّفاق واغادوغو. إلى ذلك، جدّدت السلطة علاقاتها مع جزء من قادة الطوارق والقادة العرب فقط بهدف توسيع قاعدتها الشعبية. وخلال الانتخابات النيابية الأخيرة، دعم حزب الرئيس ابراهيم أبو بكر كيتا عدد من المرشّحين الذين ينتمون إلى الجماعات المسلحة أو المقرّبين منها، الأمر الذي سمح للرئيس استعادة جزء من نفوذه في الشمال، آملاً تفكيك الجماعات المسلّحة وإضعافها. غير أنّ هذه الاستراتيجية، وإن ساهمت في إعادة إحلال نوع من الاستقرار بشكل فوريّ، تشكّل في المدى الطويل عائقاً أمام الإصلاحات الضرورية للحكم في الشمال، وتتسبّب بزيادة حدّة التوترات داخل الجماعات المسلّحة. وبعد أن استُبعد بعض الأفراد المنتمين إلى هذه الجماعات عن العلاقات التي تعود بالمنفعة إلى السلطات، شعروا بأنّهم تعرضّوا للغشّ، فما كان منهم إلا أن حاولوا التسلّح من جديد. أمّا الوساطة الأخيرة التي أطلقتها الجزائر، فمن الممكن أن تنجح في إطلاق الحوار بين باماكو والجماعات المسلّحة، إلا أنّ أعضاء الجماعات المسلّحة يرفضون مشاركة المفاوضين غير الموثوق بهم في الاجتماع، لأنّ مواقفهم تشبه مواقف الحكومة.
والجدير ذكره أن قضيّة الشمال ليست القضية الوحيدة التي يجب طرحها في مالي. وفي هذا الصدد، تعهّد فريق الإدارة الجديد بدعم من شركائه الدوليين تطبيق برنامج عامّ وطموح لإجراء إصلاحات في الحكم. وفي الماضي، اعتاد المسؤولون في الدولة إلقاء خطابات حول ضرورة التغيير، لإخفاء فشلهم في تحقيق أي تغيّر فعليّ. وقد يتكرّر هذا الأمر مجدّداً في حال لم يتّخذ الرئيس سريعاً خطوات جريئة لا تقتصر على التنازلات الرمزية التي قدّمها لمناصريه. ولا شكّ في أنّ جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق مناصري الرئيس، بسبب انجرافهم وراء هذه النزعة في مالي، لذا لا مفرّ من إجراء تقييم دقيق لما حصل بعدما أدرك شركاء مالي أنّ «النموذج المالي» مبني على أسس خاطئة.
ولا بدّ في النهاية من ذكر بعض الأمور الإيجابية في مالي. إذ إنّ العودة إلى النظام المؤسساتي إنجاز مهم. إلا أنّه يجب اجتياز طريق طويل لتفادي حصول تداعيات جديدة. لذا، على جميع الأطراف المعنية أن تعي أنّ تطبيق عملية عسكرية خارجية وإجراء انتخابات وحدها لا يكفلان تطبيق إصلاحات وتحقيق مصالحة وطنية في البلاد في المدى الطويل. وعلى الرئيس المالي أن يدرك أنّ شرعيّته الانتخابية المهمّة تعطيه فرصةً لا مثيل لها إنمّا قصيرة جدّاً لاتّخاذ قرارات جريئة وصادقة تساعد البلاد على النهوض مجدّداً.
 
واشنطن تعزز ضغطها على الرئيس الأوكراني بلقاء بين كيري والمعارضة وموسكو تدعو حليفها يانوكوفيتش تلميحا إلى «قمع التمرد من أجل الحفاظ على الدولة»

كييف - واشنطن - موسكو: «الشرق الأوسط» ... في خطوة هدفها التعبير عن دعم واشنطن للمحتجين الذين يتظاهرون منذ شهرين ضد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، أعلن مسؤولون أميركيون عن لقاء سيعقده وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع المعارضة الأوكرانية اليوم السبت. ومن الشخصيات التي سيلتقيها كيري على هامش مؤتمر الأمن في مدينة ميونيخ الألمانية، بطل الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو الذي يقود أحد أحزاب المعارضة والمعارض السياسي ارسيني ياتسينيوك، والنجمة الأوكرانية روسلانا الحائزة جائزة اليوروفيجن في 2004 والتي شجعت المتظاهرين في كييف من خلال أغانيها خلال الأسابيع الماضية.
ووصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين أمس اللقاء المقرر بين كيري وبعض قادة المعارضة الأوكرانية «بالمهزلة». وكتب روغوزين على حسابه بشبكة تويتر «في ميونيخ سيتباحث الوزير الأميركي كيري حول الوضع في أوكرانيا مع الملاكم كليتشكو والمغنية روسلان، هذه مهزلة»، متسائلا «لماذا لم يدع النازي تياغنيبوك؟» في إشارة إلى أولغ تياغنيبوك، زعيم حزب سفوبودا القومي المعارض.
وجاء إعلان المسؤولين الأميركيين عن اللقاء بين كيري والمعارضة، بينما وقع يانوكوفيتش أمس القانون الذي ينص على العفو عن المتظاهرين المعتقلين وكذلك إلغاء تعديلات أقرت الشهر الماضي وتسمح فعليا بقمع أي شكل من المظاهرات. وكان البرلمان صوت على هذه النصوص التي تشكل تنازلات للمعارضة التي تتظاهر منذ شهرين، لكنه أرفقه بطلب إخلاء الأماكن العامة والمباني التي يحتلها المحتجون، خلال 15 يوما. ورفضت المعارضة ذلك. وهذا العفو الذي طالبت به المعارضة لعشرات المتظاهرين الموقوفين شكل نقطة محورية من أجل حل الأزمة السياسية لكن لم تصوت عليها المعارضة النيابية بسبب الشروط المرفقة بتطبيقه. وينص القانون على ضرورة إخلاء الشوارع والساحات «باستثناء تلك التي تشهد تحركات سلمية».
وعلق وزير الخارجية الأميركي كيري الموجود في ألمانيا أمس على الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأوكراني لاحتواء المظاهرات في بلاده بأنها غير كافية. وصرح كيري للصحافيين عقب محادثات في برلين مع نظيره الألماني فرانك - والتر شتاينماير أن «العروض لم تصل بعد إلى مستوى كاف من الإصلاح». وأكد أن على الرئيس الأوكراني أن يتخذ خطوات إضافية أخرى عدا قانون العفو عن المحتجين وإلغاء قوانين منع التظاهر. وأضاف كيري أنه في حال ظهرت مؤشرات لتقدم حقيقي في إشراك المعارضة في السلطة، فإن الولايات المتحدة ستشجع المتظاهرين على التعاون من أجل «الوحدة» والسلام «لأن زيادة العنف وخروجه عن السيطرة ليس في مصلحة أحد».
في غضون ذلك، دعا الجيش الرئيس يانوكوفيتش أمس إلى اتخاذ «تدابير عاجلة لإرساء الاستقرار» في البلاد، مثيرا بذلك مخاوف بعد خروجه عن صمته في أوج أزمة سياسية تشهدها البلاد بعد أكثر من شهرين من حركة احتجاجية لا سابق لها. وكان العسكريون أكدوا من قبل أنهم لن يتدخلوا في هذه الأزمة التي تسبب انقساما في البلاد ويرى بعض المحللين أنها يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية.
ويواجه يانوكوفيتش حركة احتجاج غير مسبوقة منذ تخليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن توقيع اتفاق تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي والتفاته إلى روسيا. وهو يلقى تأييد غالبية سكان شرق البلاد وجنوبها الناطقين بالروسية بينما تلقى المعارضة دعم المناطق القومية الواقعة غرب البلاد حيث يحتل المتظاهرون إدارات في عدد منها. ولم يعرف ما هي الإجراءات التي يطالب بها الجيش مع رفض السلطات حتى الآن إعلان حالة الطوارئ. وقال فاديم كاراسيف الذي يدير معهد الاستراتيجيات الدولية في كييف إن هذا البيان يبرهن على ولاء الجيش للرئيس لكنه «لا يعني أنه سيجري تفريق المتظاهرين أو أنه سيجري إعلان حالة الطوارئ».
وفي موسكو، قال مستشار للكرملين في مقابلة نشرت أمس إن الرئيس الأوكراني سيخسر السلطة إذا لم يقمع «التمرد»، مؤكدا أن الولايات المتحدة تقف وراء الاضطرابات التي تشهدها الجمهورية السوفياتية السابقة. وتابع سيرغي غلازييف في مقابلة لنشرة «غازبروم» التابعة لشركة الغاز الروسية العملاقة «إما أن يدافع (يانوكوفيتش) عن الدولة الأوكرانية ويقمع التمرد الذي تحرض عليه وتموله قوى خارجية، أو يجازف بخسارة السلطة، وبالتالي سيتحول الأمر إلى فوضى مستمرة ونزاع داخلي في أوكرانيا». واتهم غلازييف الولايات المتحدة «وحلفاءها في الحلف الأطلسي» بالتخطيط لهذه الأحداث عبر توزيع «مليارات الدولارات» من خلال تمويل منظمات لديها «مشاعر العداء لروسيا» في المجتمع الأوكراني. وبرر اتهاماته هذه بأوراق العملة بالدولار الجديد التي «تغص بها كييف» بحسبه. وتابع أن السلطة الأوكرانية وجدت نفسها أمام «ماكينة دعاية سبق أن انتصرت على أكثر من دولة حول العالم وهي وراء الوضع المتفجر» في البلاد.
 
البنتاغون يدرس اربعة مواقع محتملة للدفاع الصاروخي على الساحل الشرقي لأميركا
واشنطن - رويترز
قالت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) امس الجمعة انها ستقوم بدراسات لبحث التأثير البيئي لاقامة اربعة مواقع دفاعية صاروخية محتملة في شرق الولايات المتحدة، لكنها شددت على انها لم تقرر بعد المضي قدما في بناء هذه المواقع.
ويحث الكونغرس، الذي يشعر بقلق من جهود ايران لصنع صواريخ باليستية عابرة للقارات، البنتاغون على اقامة موقع على الساحل الشرقي. ويقول مسؤولون دفاعيون ان الصواريخ الاعتراضية الحالية على الساحل الغربي يمكن ان تدافع عن البلاد ضد الهجمات الصاروخية المحتملة وأن اقامة اي موقع اضافي للصواريخ الاعتراضية ستضيف تكاليف ضخمة على ميزانية القوات المسلحة التي تواجه ضغوطا بالفعل.
ومع ذلك يمضي مسؤولو البنتاغون قدما في دراسة التأثير البيئي. والمطلوبة وفقا لبند في ميزانية الترخيص الدفاعي لسنة 2013. وقال البنتاغون في بيان صدر امس الجمعة ان استكمال اجراء دراسة شاملة للتأثير البيئي سيتطلب عامين تقريبا. وستتضمن هذه الدراسة التأثيرات المحتملة على استغلال الارض والموارد المائية وجودة الهواء ووسائل النقل والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعوامل اخرى.
وتم استبعاد موقع خامس في فيرمونت كان قد تم تحديده في ايلول/ سبتمبر من قائمة المواقع التي سيتم اجراء مزيد من الدراسات عليها. ولم يعرف على الفور سبب استبعاد هذا الموقع.
 
القوى الدولية تبحث في ميونيخ اليوم دعم جهود كيري في اتفاق السلام ,إنديك أبلغ زعماء اليهود بأن اتفاق الإطار يتضمن تعويضا للعائلات اليهودية التي غادرت بلدانا عربية وبقاء ثلثي مستوطني الضفة

ميونيخ ـ واشنطن: «الشرق الأوسط» .. قال الاتحاد الأوروبي أمس إن كبار المسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي سيجتمعون اليوم في ميونيخ لمناقشة كيفية مساعدة جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط. جاء ذلك بينما تكشفت بعض التفاصيل عن اتفاق الإطار الذي تسعى واشنطن لوضعه خلال أسابيع بين الفلسطينيين والإسرائيليين كأساس لاتفاق نهائي، وبين التفاصيل بقاء نحو ثلثي المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وتقديم تعويضات مالية لليهود الذين أجبروا على مغادرة البلاد العربية التي كانوا يعيشون فيها بعد حرب عام 1948.
وسيعقد اجتماع اللجنة الرباعية الدولية للوساطة في محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في ميونيخ على هامش المؤتمر الأمني السنوي هناك. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إنها سترأس الاجتماع مع كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومبعوث اللجنة الرباعية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وقالت أشتون في بيان «يأتي الاجتماع في لحظة تحتاج لاتخاذ قرارات صعبة وجريئة. ثمار السلام للإسرائيليين والفلسطينيين هائلة». وأضافت «نأمل أن نتمكن معا من المساعدة لتصبح تلك القرارات واقعا لمواصلة العمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام عن طريق التفاوض ووضع حد للصراع وتحقيق التطلعات المشروعة للجانبين».
ويسعى كيري منذ ستة أشهر لدفع الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق سلام صعب المنال لإنهاء الصراع القائم منذ عقود. ولا تزال مجموعة من الدبلوماسيين يحدوها الأمل في أن يتحدى كيري المتشائمين ويتوصل إلى اتفاق إطار للسلام في الأسابيع المقبلة للسماح بإجراء محادثات مفصلة تستمر إلى ما بعد الموعد النهائي الأصلي المحدد بتسعة أشهر والذي ينتهي في 29 أبريل (نيسان).
لكن في ظل اختلاف الجانبين بشأن العديد من القضايا الجوهرية بما في ذلك الحدود والأمن وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس في المستقبل، يعتقد كثير من الفلسطينيين والإسرائيليين أن المحادثات تسير على غير هدى.
في غضون ذلك، نسب إلى مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية، في مؤتمر هاتفي مع الزعماء اليهود يوم الخميس الماضي، قوله إن إدارة الرئيس باراك أوباما تأمل في إكمال «اتفاق الإطار»، في إطار سعيها لدفع عملية مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غضون أسابيع قليلة، بحيث يجري إرساء الشروط والبنود للمفاوضات النهائية.
ووفقا لما ذكره أحد المشاركين في المؤتمر، فمن بين الأمور الأخرى التي تخضع للدراسة مناقشة مخطط لتعويض العائلات اليهودية التي أُجبرت على ترك البلاد العربية بعد تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. ومن الممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تحفيز الإسرائيليين بشكل كبير لدعم وجود دولة فلسطينية جديدة.
ونسب إلى مارتن إنديك، المبعوث الخاص بشأن المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، قوله للزعماء اليهود إنه في حال قبول الطرفين لاتفاق الإطار فمن الممكن تمديد مباحثات السلام لمدة تزيد عن الإطار الزمني البالغ تسعة أشهر والذي حدده وزير الخارجية جون كيري في الصيف الماضي. وأضاف أن الهدف الجديد سيكون توقيع اتفاق بحلول نهاية عام 2014.
ورفض إنديك التعقيب لـ«نيويورك تايمز» على المؤتمر الهاتفي الذي قالت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي إنه مناقشاته كانت مغلقة وغير رسمية للجماعات اليهودية. وأوضحت بساكي «مع الوضع في الاعتبار استمرار هذه العملية وهذه القرارات التي لم تُتخذ بعد، لن يتنبأ لإنديك بشأن المحتوى النهائي لاتفاق الإطار».
وحذر مسؤولو وزارة الخارجية من إمكانية استغراق هذا العملية لفترة أطول قد تصل لأسابيع قليلة، وقالوا إن قضية كيفية معاملة عائلات اللاجئين اليهود لم يجر تقريرها بعد.
ومع ذلك، يشير هذا المؤتمر الهاتفي إلى أن إدارة أوباما تمهد الطريق عن طريق أنصاره المؤثرين (اللوبي اليهودي في أميركا) قبل تقديم الوثيقة بصورة رسمية. وبوصفه وزيرا للخارجية، زار كيري المنطقة 10 زيارات لبقاء استمرار المفاوضات. ولم يضع كيري إسرائيل على قائمة رحلاته بسبب رحلته الأخيرة إلى مؤتمر أمني في ميونيخ.
وكانت المرة الأولى التي أثارت فيها الولايات المتحدة فكرة اتفاق إطار للمفاوضات في الخريف الماضي، كطريقة لتضييق هوة الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإقناعهم بالتحرك للتوصل إلى اتفاق نهائي. ومن جانبهم، وصف النقاد هذه الجهود بأنها محاولة لكسب الوقت. وفي حين أن المسؤولين الأميركيين لم يفصحوا سوى عن القليل بشأن اتفاق الإطار، فإن هناك جدلا كبيرا بشأن نقاط الاتفاق في إسرائيل، حيث من الممكن أن تؤثر على قدرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الحفاظ على تماسك ائتلاف حكومته. ودخل نتنياهو في صدام عنيف هذا الأسبوع مع نفتالي بينيت، أحد أعضاء التيار اليميني، بسبب بعض الاقتراحات الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء بشأن احتمالية أن يخضع اليهود الذين يعيشون في المستوطنات النائية للسيادة الفلسطينية. وأشار نتنياهو إلى أنه لن يوقع على كل البنود الواردة في الوثيقة.
وخلال المؤتمر الهاتفي، قال إنديك إنه يمكن لكلا الطرفين «إبداء التحفظات» على بعض النقاط من اتفاق الإطار مع الموافقة عليه لاستخدامه كأساس للمباحثات. وستتعامل الوثيقة مع القضايا الأساسية التي أنهكت المفاوضين لفترة طويلة، مثل مسألة الحدود وأمن إسرائيل وقضية القدس والاعتراف المتبادل وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وقال إنديك للأطراف المشاركة في المؤتمر حسب «نيويورك تايمز» إنه سيجري التعامل مع بعض من هذه القضايا بتفاصيل أكثر من أي القضايا الأخرى. وقال أحد المشاركين في المؤتمر الهاتفي إن أحد الأمثلة على ذلك هو اتفاق الإطار الذي يتنبأ بإنشاء منطقة أمنية على طول غور الأردن، مع تحصينها بأسوار من خلال استخدام تكنولوجيا عالية ومراقبة إلكترونية وطائرات من دون طيار بهدف حماية إسرائيل من الهجمات.
ولم يناقش إنديك عدد السنوات التي سيقوم خلالها الجنود الإسرائيليون بدوريات في المنطقة، حيث يعد هذا الأمر أيضا من الأمور التي أحدثت انقساما بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ومن جانبه، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هذا الأسبوع إنه يمكن أن يقبل الوجود الإسرائيلي العسكري في الضفة الغربية لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.
من جانبها، أوردت «واشنطن بوست» تفاصيل أخرى عن اتفاق الإطار، مشيرة إلى أن إنديك أبلغ الزعماء اليهود بأن ثلثي المستوطنين الإسرائيليين سيبقون في الضفة الغربية في اتفاق نهائي في إطار إعادة رسم للحدود الإسرائيلية، وأن الهدف من عملية التعويضات المالية إلى عائلات اليهود الذين أجبروا على مغادرة البلدان العربية هو أن يكون لديهم حافز مالي في أي اتفاق سلام بما يؤدي إلى دعمهم له. ويعيش نحو 350 ألف إسرائيلي في مستوطنات في الضفة الغربية، وحسبما نقل عن إنديك فإنه شدد في مباحثاته مع الزعماء اليهود على الموقف الأميركي الرسمي، وهو أن أي اتفاق نهائي يعتمد على حدود ما قبل حرب 1967، إضافة إلى ما يجري تبادله بين الجانبين من الأراضي. كما أنه أكد أن تفاصيل اتفاق الإطار ستعلن فور قبول الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لها.
 
11 مرشحا لخلافة كرزاي يبدأون حملاتهم غدا وسط تصاعد العنف ,السباق الرئاسي الأفغاني غير محسوم.. وصعوبات كبيرة تواجه تنظيم التجمعات الدعائية

كابل: «الشرق الأوسط»
... يبدأ المتسابقون الأحد عشر المرشحون لخلافة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، اعتبارا من يوم غد، حملاتهم الانتخابية، في حين ما زالت بلادهم تشهد أعمال عنف وتدخل مرحلة من الغموض مع اقتراب انسحاب قوات الحلف الأطلسي.
وستدشن هذه الانتخابات غير المحسومة نتائجها التي تجري جولتها الأولى في الخامس من أبريل (نيسان) المقبل، صفحة جديدة في تاريخ أفغانستان مع نهاية عهد كرزاي الحاكم منذ الإطاحة بنظام طالبان في 2001 والذي منعه الدستور من الترشح لولاية ثالثة.
وتستمر الحملة الانتخابية شهرين وسط اضطرابات أمنية بعد تصاعد الهجمات على كابل خلال الشهر الماضي. وعلى الرغم من أن قائد حركة طالبان الملا عمر لم يهدد مباشرة الاقتراع، فإن قياديين كبارا في الحركة لمحوا إلى عزمهم استهداف الاقتراع. وذكر وحيد وفاء الخبير في جامعة كابل أنه «سيكون من المستحيل أن ينظم المرشحون حملة عادية»، مشيرا إلى أن الأجواء الحالية أكثر توترا من حملة الانتخابات الرئاسية في 2009 التي تخللتها أعمال عنف وعمليات تزوير، مؤكدا أنه «في 2009 كان بإمكان المرشحين لقاء الناخبين لأن مسلحي طالبان لم يكونوا قادرين على التحرك بسهولة كما يفعلون اليوم». وخلافا لسنة 2009 التي كان فيها كرزاي يعد الأوفر حظا، تبدو الانتخابات غير محسومة تماما ويتوقع أن تنتهي بجولة ثانية في نهاية مايو (أيار).
ومن بين المرشحين الأحد عشر يبدو المعارض عبد الله عبد الله، وزير الخارجية السابق الذي كان من رفقاء سلاح القائد الراحل أحمد شاه مسعود الذي قاتل طالبان، الأوفر حظا للفوز بالانتخابات. وقد يثأر لنفسه من نتيجة انتخابات 2009 عندما انسحب من الدورة الثانية بدلا من التنافس مع كرزاي احتجاجا على عملية تزوير مكثفة.
ويتنافس أيضا في هذه الانتخابات أشرف غاني وزير المالية السابق وقيوم كرزاي شقيق كرزاي الأكبر وزلماي رسول وزير الخارجية السابق وعبد رب الرسول سياف وهو أحد قادة المجاهدين البارزين ضد السوفيات في الثمانينات.
وتعد هذه الانتخابات اختبارا لاستقرار البلاد ومستقبلها والتدخل الأجنبي الذي أنفقت خلاله طيلة 12 سنة مليارات الدولارات من المساعدات، لكن المباحثات الحالية حول الاتفاق الأمني الثنائي بين واشنطن وكابل قد تحجب النقاش السياسي. وقد يفتح هذا الاتفاق الذي كان موضع نقاش صعب طيلة أشهر بين الحليفين، المجال أمام إبقاء عشرة آلاف جندي أميركي في أفغانستان، بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي (58 ألف جندي) المقرر نهاية السنة الجارية. وفاجأ الرئيس كرزاي واشنطن في نهاية 2013 بإعلانه أن التوقيع على الاتفاق الأمني الثنائي لن يجري قبل الانتخابات الرئاسية وبشروط.
وتهدد الولايات المتحدة التي تقول إن صبرها نفد إزاء هذا الرجاء، بعدم نشر أي جندي في البلاد بعد 2014 وترك القوات الأفغانية وحدها في مكافحة المتمردين. وتضم القوات الأفغانية 350 ألف عنصر لكنها لا تزال ضعيفة. وأعرب عبد الله عبد الله مؤخرا عن الأسف، مؤكدا أن «هذه المسألة تقلق الأفغان في حين أن ما يريدونه هو انتخابات سليمة». وأضاف «من مصلحة أفغانستان التوقيع على الاتفاق الأمني الثنائي».
وسيتابع المجتمع الدولي عن كثب هذه الانتخابات الرئاسية، إذ جعل حسن تنظيم الاقتراع من شروط استمرار مساعدته إلى أفغانستان أحد البلدان الأكثر فقرا في العالم. وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، شدد رئيس وفد الأمم المتحدة في أفغانستان يان كوبيس على ضرورة تنظيم انتخابات شفافة و«مكافحة التزوير» كي يتمتع الرئيس المقبل بالشرعية الضرورية لممارسة الحكم.
* أبرز المرشحين لانتخابات الرئاسة الأفغانية
* عبد الله عبد الله: ولد من أم طاجيكية وأب بشتوني، أي أهم عرقين في أفغانستان، وكان قد حل ثانيا إثر حملة ناجحة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 2009 بأكثر من 30 في المائة من الأصوات. إلا أنه انسحب من الجولة الثانية احتجاجا، على غرار معظم المراقبين، على عملية تزوير مكثفة، مما مهد لإعادة انتخاب كرزاي تلقائيا. وعبد الله عبد الله (53 سنة) طبيب عيون، ومن أبرز شخصيات المعارضة، وكان ناطقا باسم القائد الراحل أحمد شاه مسعود الذي قاوم الاحتلال السوفياتي ثم نظام طالبان واغتيل في من سبتمبر (أيلول) 2001. تولى منصب وزير الخارجية في حكومة كرزاي.
* أشرف غاني: جامعي واقتصادي محترم دوليا، استقال من مهامه كرئيس اللجنة الانتقالية وهي هيئة حكومية مكلفة الإشراف على العملية الانتقالية الديمقراطية في أفغانستان للمشاركة في الانتخابات الرئاسية. لا يعد من زعماء الحرب السابقين ولم يمتهن السياسة. ويعرف هذا البشتوني (64 سنة) بأنه متصلب الرأي وقد حل رابعا في الجولة الأولى من انتخابات 2009 بنسبة 2.94 في المائة من الأصوات.
تولى هذا الكادر السابق في البنك الدولي، الحائز دكتوراه من جامعة كولومبيا الشهيرة في نيويورك، منصب وزير المالية في حكومة كرزاي بين 2002 و2004.
* عبد القيوم كرزاي: شقيق الرئيس حميد كرزاي الأكبر، رجل أعمال نبيه أدار شبكة مطاعم عائلية في الولايات المتحدة (بالتيمور وسان فرانسيسكو وبوستن). لكن عبد القيوم كرزاي (66 سنة) المتخرج في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، لا يتمتع بالشعبية السياسية التي يتمتع بها شقيقه.
* عبد رب الرسول سياف: بشتوني يعد من أبرز قادة المجاهدين ضد السوفيات في الثمانيات (1979 - 1989)، قبل أن ينضم إلى تحالف الشمال الذي كان يقوده القائد أحمد شاه مسعود خلال الحرب الأهلية (1992 - 1996). كان سياف (70 سنة) يقود ميليشيا اتهمت بارتكاب مجزرة بحق مئات الهزارة الشيعة في كابل في 1993، وفق ما جاء في تقرير أعدته الأمم المتحدة. كما ورد اسم سياف في تقرير لجنة التحقيق الأميركية حول 11 سبتمبر 2001 بأنه «عراب» خالد شيخ محمد العقل المدبر لتلك الاعتداءات والذي يبدو أنه وفر له «تدريبا عسكريا»، وانتخب نائبا في البرلمان في 2005.
* زلماي رسول: يعد زلماي رسول مقربا من الرئيس كرزاي، وهو وزير خارجية سابق متخرج من كلية الطب بباريس ويتحدث الفرنسية بطلاقة وكذا الإنجليزية والعربية والإيطالية. كان زلماي رسول (70 سنة) من أنصار النظام الملكي وسكرتير آخر عاهل في أفغانستان محمد ظاهر شاه في منفاه بروما. وقد يظهر زلماي الذي كان مستشارا للأمن القومي للرئيس كرزاي بين 2003 و2010، بمظهر مرشح التوافق في هذه الانتخابات غير المحسومة.
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,546,762

عدد الزوار: 6,995,390

المتواجدون الآن: 68