تقارير....جماعة «الإخوان المسلمين» لا تستطيع إنقاذ مرسي الآن....الشارع الكردي أمام تحدٍّ جديد... من يوقف الفتنة؟.....بريطانيا: أزمة سوريا قرّبت «القاعدة» من أوروبا

انتشار ورم الصراع في سورية......لبنان يقف منتظراً أفول حقبة الإسلاميين

تاريخ الإضافة الجمعة 5 تموز 2013 - 7:19 ص    عدد الزيارات 1856    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

انتشار ورم الصراع في سورية
مجموعة الأزمات الدولية...
Middle East Report N°143 27 يونيو 2013
الملخص التنفيذي
عامان من الزمن، وعشرات آلاف القتلى، وحرب إقليمية تزداد انتشاراً، وملايين اللاجئين والمهجرين داخلياً، والحرب السورية تَلفُّ حول المجتمع الدولي عُقَداً من صنعه هو نفسه. الحلفاء الأجانب للمعارضة السورية، الذين كانوا واثقين ذات يوم من تحقيق نصر سريع، تحولوا إلى نمط من السلوك منفصل بشكل خطير عن الواقع. ويتمثل هذا في الاعتقاد بأن الضغط العسكري سيجبر النظام على تغيير حساباته بحيث إما يلجأ إلى التفاوض على نهايته أو يتعرض لانقسامات داخلية تفضي إلى انهياره. تجاهلت هذه الفرضية تصميم إيران، وحزب الله وروسيا على فعل كل ما هو ضروري للمحافظة على بقاء النظام وإركاع المعارضة المسلحة. واعتمدت على معارضة متقلبة في المنفى تتصارع على حصة من سلطة لم تحصل عليها بعد. وافترضت أن نظام الأسد يستند إلى "حسابات" قابلة للتغيير، وليس إلى نزعة قتالية مصمَمَة كي تدوم. لقد آن الأوان لتنحية الآمال الزائفة جانباً ومواجهة الحقيقة الفجة. إن الخيارات التي تهيمن على النقاش الدائر بشأن السياسات ستعمّق الأزمة، بدلاً من أن تنتج مخرجاً ذا مصداقية منها.
إذا كان الهدف هو وقف هذه الحرب المرعبة، فإن الخيار هو بين التدخل العسكري الكاسح ـ مع ما يترتب عليه من مخاطر وانعدام يقين ـ لتغيير توازن القوى على الأرض بشكل حاسم؛ والقبول بانتصار النظام مع ما ينطوي عليه ذلك من ثمن أخلاقي وسياسي؛ وحل دبلوماسي ترعاه بشكل مشترك الولايات المتحدة وروسيا. الخيار الأخير هو الخيار الأمثل، لكنه بات اليوم خياراً مخادعاً، بحيث يقبل النظام والمعارضة بالتوصل إلى اتفاق أقل من مرضٍ لتقاسم السلطة، ويقبل فيه المعسكران الإقليميان الرئيسيان المتنافسان (اللذان تقودهما إيران والسعودية على التوالي) بسورية غير متحالفة مع أي من هذين المعسكرين. ثمة خيار رابع يتمثل في منح الحلفاء كلا الطرفين ما يكفيهما للبقاء لكن ليس لتحقيق الانتصار، وهو خيار من شأنه أن يديم حرباً بالوكالة يكون فيها السوريون هم الضحايا الرئيسيين. هذا هو الحال في المرحلة الراهنة وهو الحال الأكثر رجحاناً في المستقبل المنظور.
في الوقت الراهن، ينبغي أن ينصب التركيز على الخطوات المباشرة لعكس مسار التصعيد في الصراع ووضع خطة أكثر تفصيلاً لتسوية يمكن أن تشكل أساساً لحل دبلوماسي. وهذا يتطلب الإجابة على أسئلة محورية: ما هو شكل الحل الذي يمكن أن يحمي مصالح النظام والمعارضة على حد سواء؟ ما هو شكل الدولة التي يمكن أن تنشأ عن عملية سياسية وتشكل أساساً لحل دائم؟ كيف يمكن تغيير المؤسسات القائمة بشكل يكسب هذه الرؤية محتوىً حقيقياً؟ هل هناك طريقة للاستجابة لمخاوف اللاعبين الإقليميين المتنافسين؟ وهنا يمكن أن يوجد أكبر قدرٍ من الاتفاق بين السوريين وهنا يمكن معالجة مخاوف حلفائهم. يقترح هذا التقرير أفكاراً يمكن البناء عليها لمزيد من النقاش.
إن كون الخيارات غير مقبولة، أو غير واقعية أو كلا الأمرين يعود في جزء كبير منه إلى ديناميكيات حرب لم تحظَ في كثير من الأحيان بالتشخيص السليم. إنها ليست صراعاً تعني فيه مكاسب أحد الطرفين بالضرورة خسارة للطرف الآخر. يمكن للنظام والمعارضة أن يكونا قويين على بعض الجبهات، وضعيفين على جبهات أخرى. لقد مر كلاهما بعمليات رص صفوف وتعزيز قوى ويتمتعان بقدر كافٍ من الدعم المحلي والأجنبي بحيث يستطيعان الاستمرار. النظام، الذي اكتسب مقاتلوه تجربة وخبرة في معارك زادتهم صلابة، والذي يشارك حلفاؤه بشكل فعالٍ ومباشر إلى جانبه، حقق انتصارات عسكرية تكتيكية هامة. لدى النظام قواعد موالية له؛ والبعض الذي كان حيادياً في مرحلة ما نظراً لمعرفته بالفظاعات التي ارتكبها الأسد لكن الذين أرعبهم السجل البائس لحكم المعارضة وميولها الإسلامية والطائفية المتزايدة، يتغاضون عن هذه الفظاعات ويميلون نحو نظام يزعم بأنه يقاتل نيابة عن شريحة واسعة من مواطنيه. الأهم من ذلك، أن النظام تطور بشكل يجعله إلى حد كبير منيعاً ولا يتأثر بنقاط خلله الكثيرة.
وهذا أحد الأسباب الجيدة للتخلي بسرعة عن نظرية الوصول إلى نقطة الانهيار، والفكرة الخيالية القائلة بأنه حالما تصل المعارضة إلى كتلة حرجة (الاستيلاء على حلب؛ أو الانتقال إلى دمشق؛ أو استمالة طبقة الأعمال إلى جانبها، بين فرضيات أخرى) فإنها ستكتسح النظام. كما ينبغي التخلي عن فكرة أنه تحت الضغوط المتنامية، فإن هيكلية السلطة ستتحول ضد نفسها، من خلال انقلاب عسكري أو انشقاق شخصيات هامة. النظام يأتي كرزمة متكاملة ـ كل لا يتجزأ، ولا يمكن فصل الأجزاء المقبولة فيه عن الأجزاء التي يصعب القبول بها دون تهديم الصرح بأكمله. أنصار الأسد، وهم في كثير من الأحيان من أقسى منتقديه، لا يزالون مقتنعين بأن ما تبقى من الدولة سينهار إذا تنحى.
للمعارضة شكلها وبنيتها المختلفة، لكن هي أيضاً من المستحيل القضاء عليها. ثمة اختلافات بالطبع؛ فهي تعددية ومنقسمة بعمق، وهيكلياتها ارتجالية ومتغيرة، وداعموها الأجانب أقل ثباتاً وتنسيقاً فيما بينهم. رغم ذلك، وكحال النظام، فإنها حققت كتلة هامة ومثابِرة من الدعم وباتت محصنة جزئياً على الأقل ضد آثار أدائها المتفاوت. الطبقة المسحوقة والواسعة التي تشكل العمود الفقري لجمهور المعارضة عانت من العنف المفرط للنظام بحيث يُتوقع أن تقاتل حتى النهاية.
لم يكن الدعم الدولي ثابتاً ومتسقاً في أفضل الأحوال، بل كان غير فعالٍ في العديد من الحالات. إلاّ أن حتى أكثر داعمي المعارضة الخارجيين تردداً من غير المحتمل أن يغيروا موقفهم ويتخذوا مساراً معاكساً؛ وتشير القرارات الأخيرة التي اتخذتها واشنطن بتقديم بعض الأسلحة والتي اتخذتها دول أخرى بزيادة مساعداتها بشكل كبير، إلى أن من المرجح أن يفعلوا العكس تماماً. لقد تم استثمار الكثير في شيطنة النظام، واستُثمر الكثير في ركوب موجة الخلاف مع إيران وحزب الله بحيث لا يمكن توقع غير ذلك. بالنسبة لأولئك الذين ينظرون إلى الصراع بوصفه حرباً بالوكالة مع طهران، فإن بقاء الأسد سيشكل ضربة استراتيجية قوية.
باختصار، فإن تطور النظام والمعارضة على حد سواء جعل الحلول العسكرية والتفاوضية أكثر مخاتلة، في حين أن تحولات السياق الاستراتيجي الأوسع جعلت احتمالات التصعيد أكثر رجحاناً. على حد تعبير مسؤول أمريكي سابق، فما كان عند نقطة معينة صراعاً سورياً ذا تداعيات إقليمية أصبح حرباً إقليمية مركزها سورية. وهذا أمر مخيف.
تتسع الحرب بطريقة تجتذب إليها لاعبين إقليميين ودوليين، وتمحي الحدود بين الدول وتشيد قوساً واحداً عابراً للبلدان من الأزمات. باتت المعارضة تشبه بشكل متزايد تحالفاً سنياً يلعب فيه الشارع السني الذي أصبح أكثر راديكالية، والشبكات الإسلامية، والإخوان المسلمين السوريين، ودول الخليج وتركيا أدوراً بارزة. معسكر النظام، الذي يضم إيران، وحزب الله، والمجموعات العراقية الشيعية المتشددة، باتوا أيضاً يشكّلون تحالفاً شبه طائفي.
باعترافه هو، فإن حزب الله ضالع بشكل مباشر في معركة واسعة النطاق ضد أولئك الذين يشجبهم بوصفهم أصوليين سنة (تكفيريين) متحالفين مع إسرائيل، ويجد بذلك مبرراً لانخراط طويل الأمد. وتتزايد أعداد المقاتلين العراقيين الشيعة، وتتوسع مشاركة إيران. رجال الدين السنة في سائر أنحاء المنطقة يستعملون لغة طائفية صريحة لحث أتباعهم على الانضمام إلى المعركة. لقد أعاد الصراع إثارة التوترات عند أكثر جيران سورية هشاشة ـ العراق ولبنان ـ اللذان عانيا في الماضي القريب من حروب أهلية أيضاً.
لقد ارتفعت الرهانات بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل أيضاً. بالنسبة لواشنطن، فإن القبول بنجاح النظام اكتسب أهمية مقلقة أكثر من العيش مع نظام ضعيف يحكم دولة مارقة ومجتمعاً محطماً. يشبّه بعضهم ذلك بتقوية محور مقاومة أصبح أكثر اندماجاً بقيادة إيران، ومنح موسكو نصراً في إعادة لمجريات الحرب الباردة. إن اندماج القوى العسكرية لإيران، وحزب الله وسورية يمكن أن يغيّر من موقف إسرائيل الحذر، ما يجعل التحقق من أية أنظمة أسلحة يتم نقلها وإلى من أمراً غير مؤكد وبالتالي يجعل القرار باستعمال القوة أكثر احتمالاً.
ما العمل؟ الأمر الذي كان ينبغي القيام به منذ أمد بعيد هو زيادة المساعدات الإنسانية داخل سورية، سواء في الأراضي التي يسيطر عليها النظام أو التي تسيطر عليها المعارضة. كما أنه ثمة حاجة لاستراتيجية "ملحقة" لتجنب عدم الاستقرار في البلدان المجاورة الهشة: منح المساعدات الاقتصادية للأردن ولبنان وللاجئين الذين يستضيفهما البلدان؛ والضغط على البلدان الإقليمية وحثها على عدم إثارة التوترات الطائفية في لبنان، والضغط على رئيس الوزراء العراقي، المالكي، لتبنّي سياسة أكثر تشميلاً حيال معارضته السنية.
الأصعب من كل ذلك هو ما الذي ينبغي فعله حيال سورية. ينبغي أن تكون الأولوية لوقف الحرب؛ وليس هناك خيارات سهلة، لكن هناك على الأقل ضرورة لمواجهة هذه الخيارات بشكل مباشر:
    يتمثل أحد الخيارات في أن يقوم الغرب بترجيح كفة الميزان العسكري بشكل حاسم. وهذا ما يستطيع فعله بالتأكيد ـ رغم أن ذلك يمكن أن يتحقق فقط بتدخل أوسع نطاقاً مما يتم التفكير به حالياً أو مما يمكن القبول به سياسياً. حتى في تلك الحالة، من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى "هزيمة" النظام، أو أنه سيحوّله إلى سلسلة من الميليشيات، والأقل وضوحاً هو ما إذا كان سيتم إنهاء الحرب أو مجرّد إعادة تعريفها فقط. ستستمر إيران، وحزب الله، وربما حتى روسيا بالاحتفاظ بالنفوذ، وفي تغذية عدم الاستقرار وضمان عملية انتقالية فوضوية (وقد أثبتت طهران والحركة الشيعية في أمكنة أخرى أنهما تتقنان هذه اللعبة)، وستستمر الحرب الباردة الإقليمية/الطائفية.
    يمكن المجادلة بأن أسرع الطرق لتخفيف حدة العنف هي بحرمان المتمردين من الموارد، والقبول بانتصار للنظام بحكم الأمر الواقع والسعي إلى تسوية مع بشار. ستكون التكاليف الأخلاقية، والسياسية والاستراتيجية هائلة، وربما أكبر مما يمكن تحمّله، كما أنه قد لا ينهي المأساة؛ فالسوريون الثائرون الساخطون لن يستسلموا على الأرجح؛ وسيسعى النظام الذي سيكون قد اكتسب جرأة أكبر إلى الانتقام؛ ومن شبه المؤكد أن دمشق ستمتنع عن تقديم التنازلات الضرورية في السياستين الداخلية والخارجية بشكل يسمح لأعدائها الخارجيين بحفظ ماء الوجه.
    الحل الأمثل، والمتمثل بتسوية دبلوماسية تفاوضية، ينتمي، في المرحلة الحالية، إلى عالم الخيال. سيتوجب على القوى الخارجية ـ بداية بروسيا والولايات المتحدة ـ إجراء تغيير جوهري في مقاربتها للحل. بالنسبة لموسكو، فإن هذا يعني القبول، ومن ثم الدفع نحو تغيير في بنية السلطة في سورية. وبالنسبة لواشنطن، فإن ذلك ينطوي على التحوّل من السعي ضمناً لتغيير النظام إلى السعي علناً لتقاسم السلطة. إن أي حصيلة تفاوضية سياسية ينبغي أن تقوّي وتطمئن مختلف مكونات المجتمع السوري. اللاعبون الإقليميون، الذين سيدعمون التسوية فقط إذا اعتقدوا بأن الإطار السياسي الجديد يمنحهم نفوذاً كافياً للمحافظة على مصالحهم الجوهرية، سيكونون بحاجة إلى ضمانات. إن تصميم الغرب الظاهري على إقصاء إيران (وقد يكون هذا الأمر موضع مراجعة في أعقاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية) قصير النظر؛ حيث أن إقصاء طهران عن جنيف لن يقلل من دورها في دمشق.
كما يشكّل المسار الحالي الذي يتخذه الغرب، والمتمثل في الحث على التوصل إلى حل دبلوماسي واللجوء في الآن ذاته إلى إجراءات وسطية مثل تسليح المعارضة أو، ربما في المستقبل، توجيه ضربات جوية لأهداف معينة وفرض حظر طيران محدود، خياراً أيضاً؛ وهو خيار قد ينتج مزايا إضافية كبيرة، مثل تقليص القدرات العسكرية للنظام، وتعزيز نفوذ الغرب على المتمردين؛ وإعادة معايرة ميزان القوى بين مجموعات المتمردين. لكنه لن يُنتج ما يزعم الداعون إليه أنه سيحققه، كمبرر لتبنّيه، وهو دفع النظام إلى التفاوض بجدية على مرحلة انتقالية حقيقية. ثم، ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه سيوقف الاستقطاب الطائفي، ويحتوي العنف، ويحدّ من قوة المجموعات الجهادية أو يقنع حلفاء سورية بالتراجع. في المحصلة، فإنه سيعني الضلوع على نحو خطير في صراع إقليمي بشع ومتصاعد بين السنة والشيعة، وسيواجه الغرب مخاطر بانحيازه إلى أحد الطرفين.
إذا رغبت روسيا والولايات المتحدة بإظهار الجدية، فإن عليهما أن تطلقا جهوداً لعكس المسيرة المتصاعدة للصراع. على موسكو أن تضغط على النظام لوقف أشكال العنف غير المبرر التي يمارسها (وخصوصاً المجازر بحق المدنيين بحضور أفراد الجيش واستعمال الصواريخ البالستية ضد المدنيين) ووضع حد لاستعمال المقاتلين الأجانب (خصوصاً ذوي الصبغة الطائفية). كما أن على واشنطن أن تدفع المعارضة إلى اتخاذ إجراءات ضد أكثر الجماعات المسلحة تطرفاً فيها وتنفيذ وقف إطلاق نار على جبهات محددة. إن أياً من هذا لن يغير بشكل جوهري مسار الصراع أو يدفع نحو تسويته. لكنه على الأقل سيكون بداية، وهو أفضل بكثير مما يمكن أن يُقال أنه تحقق في هذه المرحلة المؤسفة.
دمشق/القاهرة/بروكسل، 27 حزيران/يونيو 2013
 
جماعة «الإخوان المسلمين» لا تستطيع إنقاذ مرسي الآن
اريك تراجر
إريك تراجر هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.
3 تموز/يوليو 2013
يبدو من غير المنطقي أن تدفع الاحتجاجات الجماهيرية برئيس منتخب إلى خارج السلطة، لا سيما بعد مرور عام واحد فقط من تسلمه إياها لفترة ولاية أمدها أربع سنوات. إلا أنه لم يتم بعد إضفاء الطابع المؤسسي للديمقراطية في مصر، كتلك القائمة حالياً، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى فشل الرئيس محمد مرسي في الحكم عن طريق توافق الآراء. فإعلانه الدستوري من 22 تشرين الثاني/نوفمبر -- الذي منح لنفسه بمقتضاه صلاحيات مطلقة -- ومن ثم سحبه لذلك الإعلان لاحقاً، والذي استخدمه في تمرير دستور إسلامي والتصديق عليه، عمل على تنفير الجماهير غير الإسلامية في مصر بشكل دائم، وهم يقاتلون الآن ضد الأساليب الأوتوقراطية التي اتبعها لكن ليس عبر صناديق الاقتراع، بل في الشوارع.
ومع ذلك، فإن انعدام الثقة الشعبية في المؤسسات السياسية لن تكون عادة سبباً كافياً لعزل رئيس منتخب من منصبه. والتاريخ المصري الحديث يشير إلى الكثير في هذا السياق: فقد اندلعت الاحتجاجات الجماهيرية بشكل متكرر منذ الإطاحة بحسني مبارك قبل عامين ونصف، ولم يترتب على تلك الاحتجاجات مطلقاً تغيير النظام. وكان سبب ذلك يعود إلى حد كبير إلى أن الشرطة والجيش غالباً ما كانوا يردون على تلك الاحتجاجات باستخدام القوة القاتلة، الأمر الذي كان يعمل على تفريغ الطاقة الاحتجاجية وإبعاد الجمهور غير المشارك، الذي لم يكن يرغب في شيء سوى العودة إلى الاستقرار ومن ثم كان يلقي بلائمة العنف على المحتجين.
ولكن الآن، وللمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة المصرية في كانون الثاني/يناير 2011، لا توجد فعلياً أية فرصة لتتدخل السلطات الرسمية لإخماد الاحتجاجات التي كانت تناهض مرسي [وأدت إلى الإطاحة به]. وفي الواقع يبدو أن قوات الأمن تشجع تلك الاحتجاجات بصورة نشطة. فقد شاركت الشرطة منذ اليوم الأول، حيث خرج ضباطها في زيهم الرسمي للتضامن ضد الرئيس بالذات الذي يُفترض أن يأتمروا بأمره، وحظوا بتهليل الحشود على طول الطريق. وفي غضون ذلك، أسقطت طائرة هليكوبتر عسكرية أعلاماً مصرية من الجو على أماكن الاحتجاجات المناهضة لمرسي. كما جاء بيان الجنرالات يوم الاثنين بأن أمام مرسي 48 ساعة لوضع خارطة طريق للخروج من الأزمة الحالية ليشجع المحتجين، الذين ساد لدى أغلبيتهم الساحقة شعوراً بأن الجيش سوف ينحاز لصالحهم ضد الرئيس المنتخب.
ومع مضي الجيش قدماً في إنذاره، فإن عزل مرسي من السلطة كان أمراً مؤكداً. وهناك أمران فقط يمكنهما دفع هؤلاء المتظاهرين المبتهجين إلى ترك الميادين.
أولاً، الإجهاد الذي يصيبهم جراء الاحتجاجات. لكن هذا الأمر يبدو غير محتمل في الوقت الراهن. فقد وقف الطقس إلى جانب معارضي مرسي حيث إن الظروف الجوية تبدو جيدة على نحو غير معتاد وفقاً للمعايير المصرية -- حيث تصل درجات الحرارة العظمى ما بين 90 – 95 درجة بدلاً من المعدلات المعتادة التي تتجاوز حاجز الـ 100. وقد كان المحتجون في الماضي ينتظرون عادة حتى المساء لممارسة فعالياتهم الكبرى. ولهذا السبب يمكن استمرار الاحتجاجات حتى خلال شهر رمضان الذي يوافق عطلة تستمر شهراً بدءً من الأسبوع المقبل: وبإمكان استمرار المظاهرات بعد الفطور، في أعقاب غروب الشمس وفقاً للشعائر الإسلامية.
ثانياً، يستطيع «الإخوان المسلمون» وحلفاؤهم -- لا سيما "الجماعة الإسلامية" المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة -- الرد على الاحتجاجات باستخدام العنف، ومن ثم القيام بما رفضت الشرطة القيام به، لكن بمزيد من الوحشية والقمع. وهذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً: فقد نشر «الإخوان» كوادرهم ضد المحتجين المناهضين لمرسي في 5 كانون الأول/ديسمبر، وأسفرت تلك العملية عن مقتل سبعة أشخاص وقيام أعضاء «الجماعة» بتعذيب خصومهم. وفي الأيام الأخيرة، أشار «الإخوان» إلى أنهم قد ينظمون كوادرهم في تشكيلات ويقومون بتسليحهم بالهراوات والخوذات. وفي يوم الثلاثاء، فرضت تلك الوحدات المتنقلة طوقاً حول موقع الاحتجاجات الرئيسي لـ «الإخوان» في ميدان "رابعة العدوية" ورددوا هتافات "قوة، عزيمة، إيمان، رجال مرسي في كل مكان!".
إلا أنه بعيداً عن استعراض القوة، فإن وجود هذه الوحدات عزز العجز المطلق لمرسي. وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن بعض من سيصبحون مقاتلين، والذين سيكونون مسلحين بأغصان الأشجار تجعل العملية برمتها وكأنها رواية "أمير الذباب" [وهي قصة رمزية تناقش كيفية فشل الثقافة التي أنشأها الإنسان، وذلك باستخدام مثال على ذلك مجموعة من تلاميذ المدارس البريطانيين علقوا على جزيرة مهجورة ويحاولون أن يحكموا أنفسهم، ولكن تحدث نتائج كارثية]؛ أو بمعنى آخر انعدام القانون والفوضى الأمر الذي جعل مرسي يبدو كمن تقطعت به السبل. لكن الأهم من ذلك أن هذه الوحدات -- واحتجاجات «الإخوان» بشكل أوسع نطاقاً -- تفوقها بكثير حشود جماهير المعارضة المتدفقة. لذا ففي حين أن العنف أصبح أمراً حتمياً في ضوء المخاطر التي تواجهها «الجماعة»، إلا أنه سيكون من الصعب على حلفاء مرسي اللجوء إلى عنف ينهي الاحتجاجات.
ولهذا السبب كانت تبدو ساعات مرسي في السلطة معدودة بشكل لا يصدق.
 
 
 
لبنان يقف منتظراً أفول حقبة الإسلاميين
الجمهورية..جوني منيّر..
ما من شك في أنّ الأحداث التي تسود ساحات مصر تُعتبر مصيرية، ليس فقط على مستوى اللعبة الداخلية، بل على مستوى المنطقة بأسرها والساحات الملتهبة فيها، وفي طليعتها الساحة السورية.
وكما أدّى سقوط حسني مبارك ووصول الأخوان المسلمين الى السلطة إلى تزخيم حركة الأخوان المسلمين في العالم العربي وإعطائها دفعاً معنويّاً هائلاً، وأحدث تبديلات كبيرة على مستوى الخارطة السياسية في المنطقة، بدءاً من إعادة تموضع حركة "حماس"، ومروراً بضخّ الحيوية في شرايين الجسم السوري المعارض للنظام، وأخيراً وليس آخراً بانتعاش الشعور الاسلامي في الاردن وفي بلدان كانت لا تزال ساحاتها مقفلة عليه مثل الامارات وغيرها، فإنّ سقوط تجربة الأخوان في مصر سيكون أشدّ وطأة في آثاره على الساحات العربية التي ما فتئت تهتزّ شوارعها منذ ثورة تونس.
طبعاً، لم يبدأ التغيير في المشهد مع الثورة المضادة في مصر، بل سبقه من خلال صدامات ساحة "تقسيم" في إسطنبول التي أشعلت صراعاً تركياً داخليّاً عنيفاً جعل حكومة رجب طيب اردوغان الإسلامية محاصرة بالخلافات الداخلية العميقة.
وجاء التوريث القطري ليلاقي المشهد الجديد من الباب الإقليمي العريض. والواضح في الصورة أنّ واشنطن التي نصّبت نفسها راعياً لصعود "الإسلام المعتدل" من خلال الأخوان المسلمين، تقف اليوم في الجهة المقابلة لتزيد من عزلة الفريق الإسلامي.
هكذا ظهرت بصمات واشنطن، ومعها العواصم الأوروبية بوضوح في تركيا، وهي حضرت في موقع العراب في نقل السلطة في قطر، وخاطبت مرسي في مصر عبر قيادة الجيش.
أمّا لماذا هذا التبدّل السريع في المزاج الأميركي، فلأنّ شهوة التيارات الإسلامية للسلطة بدت كبيرة لا بل إنّها تخطّت الخطوط الحمر التي لا يجب المساس بها.
ففي مصر كانت المصادر العسكرية واضحة حين ذكرت بأنّ موقف الجيش تبدّل مع اعلان مرسي عن تأييده حصول تدخّل عسكري خارجي في سوريا، وهي ربّما أرادت التلميح إلى دور "اخوان مصر" في تأمين وصول أسلحة نوعية الى المعارضة السورية، بالتعاون مع إسلاميي ليبيا وبعيداً عن الرقابة الاميركية. وهذا يعتبر خطأً جسيماً في أصول اللعبة الاقليمية حيث المفاوضات الاميركية - الروسية كبيرة ومتشعّبة وحدودها بعيدة.
وفي تركيا بدت الشهية السياسية كبيرة مع الطموح ببسط النفوذ الى بلدان بعيدة من أفريقيا الى الحدود الباكستانية، وفي قطر خزائن المال المفتوحة وصلت الى دعم التنظيمات الاسلامية في مالي.
كلّ ذلك في وقت بدا فيه النقاش داخل أروقة القرار الاميركية يميل إلى وجهة نظر الأمنيين والعسكريين الذين ما برحوا يكرّرون تحذيراتهم من تنامي سلطة الاسلاميين، كونها ستعرّض مصالح الولايات المتحدة الاميركية مستقبلاً للخطر. وجاءت سلسلة احداث امنية لتعزّز وجهة نظر هذا الفريق، والتي بلغت الذروة مع اعتداء ليبيا.
صحيح أن لا عودة الى الوراء، أي إلى الديكتاتوريات العسكرية والحاكم المطلق الصلاحية، ولكن وفي الوقت نفسه لا يجب ترك مقدّرات السلطة في يد الاسلاميين لوحدهم، وهو ما يعني إيجاد صيغة تجمع ما بين صرامة وعصب العسكر وألوان غير فاقعة لشخصيات إسلامية مضافاً إليها شخصيات مدنية علمانية يشكّل نموّها ضمانة مستقبلية للجميع.
كما أنّ هذه الخارطة السياسية الجديدة قد تكون جاءت بناءً لتفاهم ما مع روسيا المرتابة جدّاً من صعود نجم الاسلاميين، ما يهدّد أمنها الحيوي مباشرة. إضافة الى أنّ هذا الترتيب الجديد يسمح لها بحماية بعض مصالحها في المنطقة.
فالورقة الإصلاحية التي يحملها الجيش المصري تبدو أشبه باختبار مبكر سيجري العمل على تطبيقه على النموذج المصري، بحيث يصبح قابلاً للتطبيق في خطوطه العريضة في سوريا، في حال نجح: مرحلة انتقالية مع مجلس رئاسي وإشراف للجيش الخ...من هنا ربّما يمكن فهم أسباب التأجيل تِلو التأجيل لمؤتمر "جنيف - 2، حيث إنّ أحدث موعد له هو مطلع الخريف.
صحيح أنّ ايران جهّزت نفسها لهذه المرحلة مع ايصال الشيخ حسن روحاني المعتدل أو بالأحرى المحاور الى سدّة الرئاسة، إلّا أنّه لا بدّ من إحداث التغيير المطلوب على الخارطة الجغرافية قبل الولوج الى الملف السوري الصعب.
وقد قال روحاني بوضوح إنّ الرئيس بشّار الأسد باقٍ حتى سنة 2014، لكنّه لم يعطِ إضافات أكثر. ووزير الخارجية الاميركي جون كيري عاد من جولته الشرق أوسطية المخصّصة للملف الفلسطيني - الاسرائيلي بتقويم مبهم يستند الى تحقيق تقدّم وليس إلى خرق، لكنّ الأكيد أنّ فقدان حركة "حماس" الدعم الأخواني في مصر سيجعلها أكثر مرونة، خصوصاً أنّ علاقاتها مع العالم الاسلامي الآخر بات يشوبها عقبات كثيرة نتيجة تراكمات المراحل الأخيرة بسبب الحرب في سوريا. والمعروف أنّ كيري يأخذ باب التسوية الإسرائيلية - الفلسطينية مدخلاً إلزاميّاً للدخول في مفاوضات جدّية مع إيران.
ولكن ماذا يعني كلّ ذلك بالنسبة إلى لبنان؟
الواضح أنّ لبنان عالق في المرحلة الرمادية، أي مرحلة المراوحة والانتظار، طالما إنّ الحلّ السوري لم يتحقق بعد.ففي انتظار التغيير على المستوى الاقليمي وخفض مستوى نفوذ الاسلاميين الى الحدّ الادنى المطلوب، تمهيداً للوصول الى محطة حزيران 2014 الحاسمة على مستوى استحقاق الرئاسة السورية، فإنّ لبنان باقٍ على الوتيرة نفسها، أي خضّات امنية متنقّلة بين منطقة وأخرى، إلّا إذا تطلّب الوضع حسماً على طريقة صيدا بسبب تجاوز الخط الأحمر الأمني المسموح به.
كذلك، سيبقى منطق التمديد سائداً، تماشياً مع الجلوس في غرفة الانتظار، وهو ما ينسحب أيضاً على الوضع الحكومي، حيث يُمدّد عمر حكومة تصريف الاعمال لأنّ ولادة حكومة جديدة لا بدّ أن تحمل مهمة جديدة ووظيفة سياسية لم تظهرها بعد الظروف الجديدة الجاري تحضيرها في المنطقة.
لكنّ الأكيد أنّ نجم الإسلاميين أو الحقبة الإسلامية إلى أفول سريع، بعد مرحلة قصيرة كانت غنيّة بالتجارب المقلقة والمخيّبة، وأدّت إلى نموّ الحركات والتنظيمات المتطرّفة والتكفيرية.
 

 

الشارع الكردي أمام تحدٍّ جديد... من يوقف الفتنة؟
السفير...طارق العبد
ليست المرة الأولى، التي تشهد فيها المناطق الكردية اضطرابات، ولكن من الممكن القول الاضطرابات الأخيرة كانت الأكثر دموية، خصوصاً أنها ناتجة عن صراعات بين الأكراد أنفسهم، وليس بين كتائب كردية وأخرى من «الجيش السوري الحر»، الأمر الذي يعيد طرح علامات الاستفهام حول علاقة القوى الكردية ببعضها، وعلاقتها بالحراك الشعبي السوري بشقيه السياسي والمسلح.
وكما هي العادة، تتجه أصابع الاتهام إلى حزب «الاتحاد الديموقراطي الكردي» (أو ما يعرف بـPYD) من قبل أنصار المعارضة، فيما يصر الأكراد على أن ما يجري ليس سوى فتنة لن يُجر إليها أي من القيادات أو الشارع الكردي.
الشرارة في عامودا
مثل غالبية المناطق الكردية في سوريا، يسيطر «الاتحاد الديموقراطي» على مدينة عامودا في محافظة الحسكة في غرب مدينة القامشلي. وهو يسيطر على كافة المقار الحكومية، ويدير المنطقة الخالية من كتائب «الجيش الحر».
يذكر أنه سبق وأن عقدت الأخيرة مع الحزب الكردي أكثر من اتفاق، إلا أنها سقطت جميعها خلال فترة قصيرة.
وفي المقابل، تنتشر حواجز تابعة للجيش السوري خارج المدينة، التي تضم 40 ألف نسمة، بالإضافة إلى النازحين من مختلف المناطق.
وبحسب مصادر في المدينة، فإنّ قصة التوتر الأخير تعود إلى قبل أسبوعين حين تم اعتقال ثلاثة نشطاء سياسيين.
ويوضح الناشط الإعلامي وعضو «تنسيقية عامودا» إيفان الكردي، في حديثه إلى «السفير»، أنه تم اعتقال النشطاء الثلاثة من قبل مقاتلي «الاتحاد الديموقراطي» بتهمة الاتجار بالحشيش والمخدرات، الأمر الذي أثار استياءً في الشارع، فما كان إلا أن خرجت التظاهرات يومياً للمطالبة بالإفراج عنهم. وتطورت المسألة لتصل إلى إضراب عام قاده حوالي 25 ناشطاً.
تم الإفراج عن واحد فقط من النشطاء الثلاثة، وبالتالي تجدد الاعتصام والإضراب، فردت عناصر «الاتحاد الديموقراطي» بإطلاق النار لإجبار المتظاهرين على فتح الطريق وإنهاء تحركهم، بحسب الناشط الإعلامي.
وترافق ذلك، وفقاً للكردي، مع عمليات قنص ودهس، تزامناً مع إغلاق الطرق الأساسية لمنع نقل الجرحى إلى القامشلي، فتم نقلهم إلى المستشفيات القريبة في الجانب التركي.
كذلك، شنّ عناصر الحزب حملة اعتقالات طالت أعضاء في «المجلس الوطني الكردي» وعدة أحزاب كردية أخرى، تزامناً مع فرض حظر للتجوال ودفن ضحايا الاعتداء بصمت، وعددهم سبعة.
وانتهت الأيام الدموية بإعلان الحزب «تطهير» المنطقة، بحسب الناشط، الذي أكد أن المسألة ستتكرر إذا لم يوضع حد لهذه الظاهرة. وأشار إلى أن المعارضة المسلحة تحاول، من جهتها، إبرام الاتفاقيات لتفادي الحرب، التي ستنتج عن خسارة لكافة الأطراف.
وللحزب الكردي رواية أخرى
يعتبر «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» أن ما حصل ليس سوى أزمة مفتعلة تم تضخيمها والترويج لها على أنها اعتداء على حريات الأفراد والسياسيين من قبل قوات الحزب أو «الاسايش»، وهي وحدات الحماية التابعة للحزب. وهو يرى أن «هذه الأفعال ناتجة عن نية كل الجهات (في إشارة إلى النظام والمعارضة المسلحة) للنيل من إرادة الشعب الكردي وابتزازه كي يرضخ لمخططاتهم ومآربهم»، والكلام لعضو «الاتحاد الديموقراطي» خلف داهود.
ويروي داهود لـ«السفير» أن حزبه «التزم بسلمية الثورة منذ بداياتها وعمل مع العديد من أنصار الحركة الكردية للإبقاء على سلمية الحراك»، ويضاف إلى ذلك أنه عمل جاهداً على المستويين السياسي والدبلوماسي بالتعريف بالقضية الكردية في سوريا.
و«الحزب يؤمن بسوريا دولة ديموقراطية مدنية»، وعمل على ترسيخ نظام الإدارة الذاتية الديموقراطية للشعب الكردي في سوريا، إلا أنه، بحسب داهود، «هناك محاولات جادة لإقصاء الأكراد من أي عملية سياسية قادمة على المستويين الدولي والمحلي، يعمل من خلالها شخصيات مرتبطة بأجهزة استخبارات إقليمية ودولية».
ويتابع داهود أن «ما حصل في الآونة الأخيرة في مدينة عامودا يهدف إلى زعزعة الاستقرار في المناطق الكردية، وقد تم التخطيط له منذ البدايات، إلا أن معالمه توضحت خلال اللقاء الأخير بين الروس والأميركيين في جنيف في 25 حزيران الماضي، حيث أنه وبرغبة تركية وافق الأميركيون على أن يكون الصوت الكردي ممثلاً داخل الائتلاف، الأمر الذي عارضه الروس، كون أعضاء الائتلاف يمثلون أنفسهم، بينما الممثل الشرعي والوحيد للشعب الكردي هو الهيئة الكردية العليا، والمؤلفة من عشرة أعضاء، من بينهم خمسة يمثلون مجلس شعب غربي كردستان، وحزب الاتحاد الديموقراطي عضو فيه».
ويشرح داهود أن «رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم، وخلال لقائه الأخير في جنيف مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف اعتبر أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق دولي للأزمة السورية من دون أن تكون الهيئة الكردية جزءا فيه، فإن الأخيرة لن تكون ملزمة بأي قرارات صادرة عنه».
وبحسب داهود، تتعرض المناطق الكردية وحزب «الاتحاد الديموقراطي» تحديداً للعديد من الهجمات، وتدار هذه السياسات من منبع واحد وتتقاطع معها أطراف أخرى. وهو يقول إنه «لتأزيم الوضع في المناطق الكردية بدأت تركيا بفتح حدودها أمام المجموعات الأصولية المتشددة، وجندت عصابات مسلحة لزعزعة الاستقرار في المناطق الكردية».
وبالنتيجة تعرضت المناطق الكردية إلى هجمات من قبل مجموعات مرتزقة تعمل تحت راية «الجيش الحر»، الذي يحاصر عفرين. كما أن المناطق الكردية في الجزيرة محاصرة من قبل حكومة إقليم كردستان العراق، لتتقاطع بذلك مصالح قوى كردية عراقية مع مصالح حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، يختصر داهود.
وبالنسبة لعضو «الاتحاد الديموقراطي»، فإن هذه القوى تعمل على الدفع بالمنطقة الكردية إلى عدم الاستقرار، كونها تجد في الحزب القوى الأكثر شعبية وتنظيماً. ويشرح أن «سياسة الحصار التي مارستها قوى إقليم كردستان العراق تهدف إلى فرض أجندات معينة، وإلى تجويع الشعب للوصول بهم إلى حالة النفور من حزب الاتحاد الديموقراطي»، مشيراً إلى «وجود شخصيات مرتبطة مباشرة بأجهزة الاستخبارات التركية، وهي تسعى إلى نشر السلاح والمخدرات بين المدنيين، ومن هنا ظهرت الحملات الكبيرة التي أطلقها عناصر الأسايش لمكافحة ظاهرة زراعة الحشيش والاتجار».
ويخلص إلى القول: «يكفيك أن تضع اسم أي من المناطق أو المدن الكردية في محرك غوغل لترى ما قامت بها هذه القوات لمكافحة هذه الظاهرة».
 
بريطانيا: أزمة سوريا قرّبت «القاعدة» من أوروبا
(«سانا»، «روسيا اليوم»، رويترز، ا ب)
حذر المدير العام لمكتب الأمن ومكافحة الإرهاب في بريطانيا تشارلز فار، امس، الدول الأوروبية من أن الصراع في سوريا قرّب مقاتلي تنظيم «القاعدة» أكثر فأكثر من أوروبا، وبأعداد أكبر من أي وقت مضى و«هو ما يغير طبيعة التهديد الإرهابي جذريا». وفيما كان الجيش السوري يحرز المزيد من التقدم في عملياته، خاصة في ريف دمشق ومدينة حمص، ألقت طوافات حربية سورية مناشير فوق مدينة إدلب دعت فيها المسلحين إلى الاستسلام.
وقال فار، أمام مؤتمر أمني في لندن، إن «المئات وربما الآلاف من المرتبطين بالقاعدة انضموا للانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد». وأضاف «سوريا غيّرت طبيعة الأمر جذرياً. الحقيقة المجردة هي أن عدد المرتبطين بالقاعدة وبالمنظمات المتصلة بها الذين ينشطون حاليا في سوريا أكبر مما كان على الإطلاق بهذا القرب من أوروبا».
وتابع فار «يعملون بكثافة لا تضاهى منذ أحداث العراق بين العامين 2005 و2006. إنهم أقرب إلينا بكثير، وبأعداد أكبر بكثير ويقاتلون بقوة لم نشهدها من قبل».
وقال فار إن «المئات وربما الآلاف ينشطون في سوريا»، لكنه نبه إلى أنه «ليس بالضرورة أن كل من يذهب الى سوريا هو متطرف، حيث يسعى البعض للانضمام للمقاتلين المدعومين من الغرب بينما ينضم آخرون إلى جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة لأنها واحدة من أشد القوات المقاتلة فاعلية». وأضاف «تتطلع جماعات في سوريا لمهاجمة أوروبا، ومن الواضح أنها تملك في هذه البيئة التي تعمها الفوضى القدرة والوسائل التي تمكنها من القيام بذلك باستخدام المقاتلين الأجانب العائدين إلى أوروبا وآخرين. إن الطبيعة الطائفية المتزايدة للحرب الأهلية في سوريا تجعل شخصيات سنية وشيعية بارزة تقول إن القتال واجب ديني».
وذكرت قناة «روسيا اليوم» أن المناطق الجنوبية والغربية لدمشق شهدت اشتباكات عنيفة بين المسلحين والجيش السوري، استطاع بعدها الجيش السيطرة على بعض المناطق هناك. وأضافت أن «الجيش تمكن من استرجاع عدد من الكتل المهمة والاستراتيجية التي كان يسيطر عليها المسلحون في حي القابون بعد سلسلة من الاشتباكات العنيفة».
وفي حمص، أشار ناشطون إلى «تعرض الأحياء القديمة لقصف عنيف من قبل الجيش لليوم الرابع على التــــوالي، وسط اشتباكات عنيفة في محـــيط حــــــي الخـــــالدية بـــــين المسلحين والجـــــيش الذي يحـــــاول اقتحــــام الحـــي والسيــــطرة عليه».
وألقت طوافات الجيش السوري مناشير فوق ادلب تطالب المسلحين بالاستسلام. وكتب على أحدها «اتركوا السلاح وعودوا إلى عائلاتكم». وتتواصل المعارك الضارية بين الطرفين للسيطرة على طريق رئيسي يؤدي إلى مدينة اللاذقية. وقال معارض إن المسلحين فجروا جسراً قرب قرية جسر الشغور ودمروا جزءا من الطريق السريع، فيما قصفت القوات السورية المنطقة.
 
البحرين: «الحوار» في إجازة
السفير.. 
في ظل تأجيل جلسات الحوار البحريني التمهيدية، المخصصة للبحث في آليات وفي مبادئ الحوار قبل الشروع فيه، حتى نهاية شهر آب المقبل، يرفع الشارع البحريني المعارض دعوات إلى قوى المعارضة للتخلي عن هذا الحوار، الذي لا يبدو أن السلطة جادة فيه وليس لديها نية لتقديم أي مبادرات أو خطوات أو إجراءات لحل الأزمة في البلاد.
وفي هذا السياق، رأى الأمين العام لـ«جمعية التجمع القومي الديموقراطي» الدكتور حسن العالي في حديثه لـ«السفير» أنّ «من حق الجماهير المحتجة التي ضحّت وقدمت الكثير خلال العامين الماضيين أن تعبر عن سخطها ورفضها لما يدور في الحوار وأن تبدي خشيتها من المماطلة فيه وعدم جدية الطرف الحكومي في حل الأزمة الراهنة». وتابع «باعتقادي، فإن المعارضة على وعي بهذا الجانب، وهي تدرك تماما خطورة دفع الجماهير للكفر بأي حل سياسي ممكن، وجره إلى العنف الذي تستغله السلطة في تشويه الحراك وممارسة المزيد من القمع والاعتقالات».
وأضاف أنّ «وجودنا في الحوار هو من منطلق إيماننا بأن معالجة الأزمة في البحرين تأتي عبر الحل السياسي، ولا يوجد بديل عن ذلك، ولكن الحل السياسي القائم على تلبية المطالب الوطنية المشروعة».
في الواقع، فإنّ سؤالاً يفرض نفسه حول استمرار مشاركة المعارضة في الجلسات في الفترة المقبلة، خصوصاً بعدما أعلنت قواها أنّ نتائج الأربعة أشهر الماضية تساوي صفرا.
يعلّق العالي على هذا التساؤل قائلاً «في الوقت الحالي لا تفكر المعارضة في عدم العودة إلى طاولة الحوار، حيث أننا نعتبر أن دخولنا الحوار كان بهدف إنقاذ البلاد من أزمة سياسية مستفحلة، ولا زلنا في مرحلة السعي لإعادة ترتيب طاولة الحوار من حيث التمثيل المتكافئ لكافة الأطراف وضرورة وجود ممثل للحكم على طاولة الحوار، علاوة على توفير ضمانات أكيدة لتنفيذ مخرجات الحوار مثل أن تتكون في صيغة تعديلات دستورية محددة تخضع للاستفتاء الشعبي، وسوف نواصل جهودنا هذه بعد استئناف الحوار».
وفي هذا الصدد، اعتبر الأمين العام لـ«جمعية التجمع القومي الديموقراطي» أنه «من الواضح أن هناك الكثير من الأطراف المحلية والخارجية داخلة على خط الحوار كما رأينا أثناء وبعد زيارة ولي العهد (الأمير سلمان بن حمد آل خليفة) إلى بريطانيا وإلى الولايات المتحدة، حيث تكرر الحديث عن ضرورة التوصل لحل سياسي قريب. وبطبيعة الحال نحن تعويلنا الأول على صمود وتضحيات شعبنا وتمسكه بمطالبه الوطنية المشروعة، كما نرفض من حيث المبدأ فتح أبواب البحرين للتدخلات الخارجية». وأضاف «لذلك فنحن نشدد على ضرورة قيام الحكم بطرح مشروع حقيقي للإصلاح السياسي ينقذ البلد من أزمته الراهنة، وبغير ذلك، فإن الحوار سوف يظل يراوح في مكانه».
واختتم العالي حديثه لـ«السفير» قائلا «في الوقت الحاضر لا يوجد بصيص أمل في الحوار وفقا لتراتبيته وتركيبيته الراهنة، والمطلوب تغييره وفقا للرؤى التي طرحناها ليكون حوارا بناء ومثمرا وذي جدوى».
يذكر أنّ عضو «جمعية الوفاق الوطني» جميل كاظم أوضح في وقت سابق أن «ممثلي الحكومة على طاولة الحوار (ثلاثة وزراء) لم يقدموا رؤية الحكومة، التي حاولت أن توصل رسالة أنها ليست معنية بحل الأزمة وإنما هي متواجدة للإشراف على الحوار بين طرفين (المعارضة والموالاة)»، مضيفاً «نحن نرفض هذه المعادلة التي تنتقص من مطالب الشعب، فليس لدينا مطالب من الموالاة وإنما مطالب مشروعة وعادلة من الحكم تحديداً، ويجب عليه أن يضطلع بهذه المهمة للخروج بالبلد من الأزمة».

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,704,331

عدد الزوار: 6,962,096

المتواجدون الآن: 75