أخبار وتقارير..الديبلوماسية النووية في الشرق الأوسط: إيران ليست الوحيدة...تأثيرات «الربيع العربي» في المشهد الشرق الأوسطي...القمة العربية المقبلة وحاجة العرب إلى «الإغاثة»

أردوغان: لا قضية كردية في تركيا...بوتين: روسيا كانت مستعدة لاستنفار قواها النووية لو تدخل الغرب في القرم....بولندا تخشى أن تكون «التالية بعد أوكرانيا».. في أجندة بوتين...عشرات القتلى والجرحى في تفجيرين أمام كنيستين بباكستان.. وطالبان تتبنى العملية

تاريخ الإضافة الإثنين 16 آذار 2015 - 7:18 ص    عدد الزيارات 1851    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أردوغان: لا قضية كردية في تركيا
الحياة...أنقرة - يوسف الشريف
دخلت القضية الكردية والمفاوضات الجارية بين الحكومة التركية وزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، مرحلة حرجة، مع اقتراب عيد النوروز، ورفع الحكومة سقف التوقعات تجاه رسالة سيوجهها أوجلان من سجنه إلى الأكراد والجناح العسكري لـ «الكردستاني». ووصفت الحكومة الرسالة بأنها تاريخية، إذ تتوقع أن يعلن خلالها أوجلان ترك العمل المسلح، في حين ما زالت مصادر في الجناح العسكري تشكك في إمكان تنفيذ ذلك، وتعتبر أنه سيبقى رهن تنفيذ الحكومة «خطوات اتُّفِق عليها مسبقاً».
وقال النائب في حزب الشعوب الديموقراطية الكردي سري سريا أوندار، غداة عودته من زيارة لأوجلان نهاية الأسبوع، أن الأخير يعكف على صوغ بيان خطي «تاريخي» سيسلمه لوفد من الحزب، لكي يُعلَن في عيد النوروز، من دون أن يكشف تفاصيله. لكن أوندار أضاف أن الأسبوع المقبل سيشهد الاتفاق على تشكيل سكرتارية للعمل مع أوجلان، من خلال نقل عدد من السجناء من عناصر «الكردستاني» إلى سجن أوجلان للعمل معه، وتُدْرَس الآن أسماء عشر شخصيات كردية وتركية ستُشَكّل ما يسمى لجنة المتابعة التي ستعمل لمراقبة تنفيذ كل طرف ما تعهّد به، خصوصاً النقاط العشر التي طرحها أوجلان لوضع ضمانات دستورية لـ «الهوية والمواطَنَة»، في مقابل ترك عناصر «الكردستاني» العمل المسلح.
يأتي ذلك بعد إعلان الحكومة سحب نصف مواد قانون الأمن الداخلي الذي احتجّت عليه المعارضة، واشترط الأكراد سحبه لاستكمال التفاوض مع أوجلان. وبدأت خطوات الحكومة في تنفيذ ما تراه المعارضة «شروطاً من أوجلان» تثير غضب التيار القومي وتنعكس ارتفاعاً في شعبيته، قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل. وخرج الرئيس رجب طيب أردوغان ليخفف قلق الشارع «القومي» من خلال تلمُّس مخاوفه، إذ قال: «عن أي قضية كردية يتحدثون؟ لا توجد قضية بهذا الاسم. أي حقوق تلك التي يُحرم منها المواطن الكردي في تركيا، وأي حقوق يتمتع بها غيره زيادة عنه»؟ وأضاف أن القضية هي قضية ديموقراطية وحرية، وليس لها طابع قومي أو عرقي.
ورداً على تصريحات أردوغان تساءل حزب الشعب الجمهوري المعارض عن سبب التفاوض مع أوجلان، طالما أنه «ليست في تركيا قضية كردية»، وطالب في بيان بمناقشة «القضية» في البرلمان وعبر القنوات السياسية وليس بالتفاوض «السري» مع أوجلان الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بتهمة الإرهاب.
إلى ذلك، قال جميل بايك قائد الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني في حديث إلى صحيفة «جمهوريت» المعارضة، أن رئيس المخابرات هاكان فيدان اعترف – خلال مفاوضاته مع أوجلان - بمسؤولية المخابرات التركية عن مقتل ثلاثة من قادة «الكردستاني» في باريس قبل سنتين، لأنه كان يخشى عرقلتهم المفاوضات مع أوجلان.
 
بوتين: روسيا كانت مستعدة لاستنفار قواها النووية لو تدخل الغرب في القرم
بوروشينكو: اتفاق مينسك لا يطبق
موسكو: «الشرق الأوسط»
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وثائقي بث أمس أن روسيا كانت «مستعدة» في مارس (آذار) 2014 لاستنفار قواها النووية لو حصل تدخل عسكري غربي في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو قبل عام.
وقال بوتين الذي نقلت قناة «روسيا 1» التلفزيونية العامة تصريحاته قبيل عرض الوثائقي مساء أمس «كنا مستعدين للقيام بذلك»، مضيفا أن القيادة الروسية كانت مستعدة لمواجهة «المنعطف الأسوأ الذي كان يمكن أن تتخذه الأحداث».
وأوضح أن الجيش الروسي كان نشر في القرم بطاريات صواريخ دفاع ساحلية من طراز «باستيون» وأسلحة من شأنها ردع أي بارجة أميركية كانت آنذاك في البحر الأسود عن التدخل.
وأضاف «أنها بطارية الدفاع الساحلي الأكثر فاعلية حتى الآن. وفي مرحلة معينة، ولإفهام الجميع أن الدفاع عن القرم مؤمن، نقلنا هذه البطاريات إلى هناك».
وتابع بوتين في تصريحاته «كنا نجهل يومها» ما إذا كان الغرب سيتدخل عسكريا، «لذا، كنت ملزما بإعطاء التعليمات الواجبة لقواتنا المسلحة، إصدار أوامر تتعلق بموقف روسيا وقواتنا المسلحة في كل الظروف».
وروى الرئيس الروسي «تحدثت إلى زملائنا (الغربيين) وأبلغتهم أنها أراضينا التاريخية، وأن روسا يقيمون هناك، إنهم في خطر وإننا لا نستطيع التخلي عنهم».
وقال أيضا «كان موقفا صريحا وواضحا. ولهذا السبب، لا أعتقد أن أحدا ما كان يرغب في إشعال نزاع عالمي».
وفي السياق نفسه، أكد بوتين أن إرسال جنود روس إلى القرم أتاح تجنب «سقوط دماء» خلال الاستفتاء الذي شهدته شبه الجزيرة في مارس (آذار) من العام الفائت.وقال «كنا مجبرين على اتخاذ التدابير الضرورية للتأكد من قدرة سكان القرم على التعبير عن إرادتهم بحرية».
وأضاف «كان علينا أن نعزز وجودنا العسكري في القرم ليسمح عدد جنودنا بتأمين الظروف الملائمة لتنظيم استفتاء، استفتاء من دون سقوط دماء».
وفي كييف أكد الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو أن اتفاق مينسك للسلام «لا يطبق» في شرق أوكرانيا الانفصالي حيث قتل مقاتل أوكراني الأحد مع انتهاكات يومية لوقف إطلاق النار.
وقال بوروشينكو الذي وصل إلى ألمانيا أمس في مقابلة مع صحيفة «بيلد» «كل يوم هناك إطلاق نار من الجانب الروسي، وفي المحصلة تم انتهاك وقف إطلاق النار 1100 مرة». وأضاف «الواقع أن اتفاق (مينسك) لا يطبق. مينسك هي أمل بالنسبة إلينا وليست حقيقة».
وكان بوروشينكو لاحظ الجمعة «تراجعا للتوتر» في شرق أوكرانيا حيث أسفر النزاع عن أكثر من 6 آلاف قتيل في 11 شهرا».
 
بولندا تخشى أن تكون «التالية بعد أوكرانيا».. في أجندة بوتين
مخاوف الحرب تخيم على الجميع.. والصغار كما الكبار يسجلون أنفسهم للتدرب على السلاح
كاليش (بولندا): ريك ليمان... * خدمة «نيويورك تايمز»..الشرق الأوسط...
لمعرفة مدى التوتر والقلق اللذين أثارهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محيط أوروبا الشرقية، يكفي الإنسان متابعة التدريبات التي أجريت خلال أحد الأيام الماضية من قبل رابطة الرماة في بولندا، وهي مجموعة شبه عسكرية، شهدت، على شاكلة 100 مجموعة مماثلة في البلد نفسه، ارتفاعا كبيرا في طلبات العضوية منذ أن بدأت قوات بوتين بالتدخل في أوكرانيا المجاورة العام الماضي.
أدى 30 طالبا القسم للدفاع عن بولندا مهما كان الثمن، حيث انضموا إلى نحو مائتي عضو محليين آخرين بالرابطة (تضم الرجال والنساء والفتيان والفتيات) يسيرون في تشكيلات حول محيط الساحة المتربة للمدرسة الثانوية هناك، عبر شارع الجيش البولندي وإلى وسط المدينة، منتشرين في أربعة صفوف طويلة عبر طرف ساحة سانت جوزيف.
كان بارتوش واليزياك (16 عاما) أحد الذين أدوا القسم في مدينة كاليش، ويقول إنه كان مهتما بالحياة العسكرية منذ أن كان طفلا يلعب بالدمى، لكنه تحفز للانضمام إلى رابطة الرماة بعد الدخول الروسي إلى شبه جزيرة القرم. ويقول «أعتقد أن بوتين يسعى للمزيد. ليتوانيا واستونيا ولاتفيا تستعد جميعها لمثل ذلك السيناريو، وكذلك ينبغي على بولندا فعل الشيء نفسه».
مع استمرار الأزمة، ما كان حدوثه مستبعدا مع نهاية الحرب الباردة لم يعد كذلك الآن بالنسبة للعديد من مواطني بولندا؛ فالوحش الروسي الضخم لن تسد أوكرانيا جوعه وسوف ينطلق، برأيهم، مرة أخرى نحو الغرب. وتعكر تلك الأفكار من المزاج العام في البلاد حيث تنتشر عبر جميع أرجاء المنطقة بطريقة تعكس الخوف المتأصل من روسيا «العدوانية».
يقول مارسين زابوروسكي، مدير المعهد البولندي للشؤون الدولية «أعتقد أن تأثير ذلك على الحياة اليومية صار سيئا. وفي كثير من الأحيان الآن يأتيني الناس، من الجيران ومصففي الشعر، يسألون هل ستندلع الحرب. وفي يوم آخر، اتصلت بي والدتي لتسأل السؤال نفسه».
تتحول حفلات العشاء في العاصمة وارسو في الكثير من المرات هذه الأيام إلى طرق هذا الموضوع، والسيناريوهات التي كانت تبدو بعيدة المنال صار يفكر الناس بشأنها بجدية الآن. وحتى النكات صارت مفعمة بالقلق.
في يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت وزارة الدفاع البولندية أنها ستوفر التدريب العسكري لأي مواطن مدني يرغب في ذلك، مع بدء التسجيل في الأول من مارس (آذار). وجاء نحو ألف شخص في أول يوم للتسجيل، حسبما صرح العقيد توماش شوليجكو، المتحدث الرسمي باسم هيئة الأركان العامة البولندية. وأضاف «هذا العدد يبشر بمستقبل جيد بكل تأكيد».
يفكر وزير الدفاع البولندي توماش سيمونياك في اقتراح بإنشاء قوة للدفاع الإقليمي، تضم أفضل العناصر من أعضاء الجمعيات شبه العسكرية وغيرهم من المتطوعين. ويوم الثلاثاء الماضي، عدّلت رئيسة الوزراء البولندية إيوا كوباش من قانون حول من يمكن استدعاؤهم للخدمة في حالة قيام «المناورات العسكرية». وفي السابق، كان يمكن للقوات المسلحة استدعاء الجنود العاملين والاحتياطي، فقط، أي أولئك الذين حصلوا على التدريبات العسكرية. أما الآن، وإذا اقتضت الضرورة، فإنه يمكن استدعاء أي رجل قادر على حمل السلاح في طول البلاد وعرضها.
وفي دولة ليتوانيا المجاورة، قالت رئيسة الوزراء داليا غريباوسكايتي إن حكومتها تعزم إعادة التجنيد العسكري الإجباري نظرا «للبيئة الجيوسياسية الراهنة». وفي يناير الماضي، أصدرت الحكومة الليتوانية كتيبا من 98 صفحة بعنوان «كيف تتصرف في المواقف العصبية أو الحالات الحربية»، يتضمن إرشادات حول ما يمكن للمواطنين فعله إذا ظهر جنود أجانب على أبواب منازلهم، وكيف يمكنهم ممارسة المقاومة أمام القوة المحتلة.
تتزايد المخاوف في بولندا، لكنها لم تصل بعد إلى حد الخوف الشامل، كما قال توماش شلينداك، أحد علماء الاجتماع لدى جامعة كوبرنيكوس في مدينة تورون وكان عمل على دراسة تأثيرات الأزمة الأوكرانية على بولندا. وقال شلينداك في حفل أقيم مؤخرا لزملائه الأكاديميين، إن أحد الضباط العسكريين المتقاعدين أعلن أنه سينضم إلى إحدى المجموعات شبه العسكرية في حال غزو الروس للبلاد. كما أعلن أستاذ جامعي آخر أنه سيرسل زوجته وابنته على متن طائرة إلى خارج بولندا برفقة حقيبة من المال ثم ينضم إلى إحدى الجماعات شبه العسكرية. ويقول شلينداك «إن تلك التعليقات، بطبيعة الحال، ليست سوى مزاح، لكنها تستند إلى خوف حقيقي. إنها لا تثير الضحك قط، مجرد نكات بائسة».
لم يصل الوضع في بولندا إلى حد تخزين الناس للطعام والذخائر في أقبية المنازل، على حد وصف زابوروسكي من المعهد البولندي للشؤون الدولية، ولكن حدة القلق تتزايد بوتيرة سريعة. كذلك، يقول باول كوالن، وهو عضو سابق بالبرلمان البولندي وخبير في الشؤون الخارجية، إن الدولة كانت تتلقى رسائل متوازية من قادتها، تفيد بأن روسيا الحديثة ذات النزعة العدوانية باتت تشكل تهديدا حقيقيا في حين تتم طمأنتهم بأن عضوية البلاد داخل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ستوفر لهم حماية كافية. وأضاف كوال «هناك شعور بأن الحدود بين حلف شمال الأطلسي وبين روسيا عبارة عن ستار حديدي، ولكن على أدنى تقدير هذه المرة فإن بولندا على الجانب الصحيح من ذلك الستار».
ويعتبر تزايد الالتحاق بالمجموعات شبه العسكرية واحدا من مظاهر المناخ المتغير في البلاد. ويقول الجنرال باشيك إن عدد المنضمين إلى تلك المجموعات في ازدياد مستمر. ولا تعود تلك الزيادة في مجموعها إلى الأزمة الأوكرانية، ولكن الوطنية والخدمة النظامية صارت ذات شعبية كبرى بين البولنديين صغار السن، كما توفر المؤسسة العسكرية حياة مهنية مستقرة، غير أن ظلال بوتين سببت تسارعا في تلك الوتيرة.
في ساحة سانت جوزيف، انتظر الأعضاء الجدد في رابطة الرماة الأمر قبل اتخاذ أربع خطوات أمامية ثم رفعوا أياديهم اليمنى. وكرروا جميعهم في صوت واحد «أقسم بأن أضع مصلحة الجمهورية البولندية قبل كل شيء. كما أقسم بأن أكون مستعدا للدفاع عن استقلال البلاد حتى آخر نفس من أنفاسي». كان أصغر أولئك الطلاب هو غرزيغورز زوريك (11 عاما) يجد صعوبة في المتابعة، غير أنه كان مصمما. ومع وصولهم إلى أقصى الجانب الآخر من الميدان، تحول الطلاب للتعبير عن سعادتهم بوجود غرزيغورز بينهم.
وقال غرزيغورز في وقت لاحق «أعتقد أنه من المحتمل أن يفعل بوتين شيئا ما ضد بولندا. تعلمت من التاريخ أن روسيا كانت دائما دولة شمولية، وهي تحاول الآن استعادة الأقاليم التي خسرتها مع نهاية الحرب الباردة». وأضاف وهو يضع بندقيته المغلفة بالمطاط على العشب اللين «إذا غزت روسيا بولندا، فلن أتردد ثانية واحدة في قتالهم».
 
عشرات القتلى والجرحى في تفجيرين أمام كنيستين بباكستان.. وطالبان تتبنى العملية
شريف أدان في بيان الهجوم بمعقله الانتخابي.. والبابا عبر عن حزنه والسكان الغاضبون رموا الشرطة بالحجارة
لاهور - لندن: «الشرق الأوسط»
لقي 14 شخصا مصرعهم وأصيب قرابة 80 آخرين، في تفجيرين وقعا أمام كنيستين بمدينة لاهور الباكستانية أثناء قداس الأحد أمس، وأعلنت «جماعة الأحرار» المرتبطة بحركة طالبان الباكستانية مسؤوليتها عن التفجيرين.
ولم تفصل سوى دقائق بين التفجيرين اللذين نفذا في ضاحية تقطنها أغلبية مسيحية بالمدينة الواقعة شرق باكستان. وأكد شهود أن تصرف أحد حراس الأمن السريع حال دون سقوط مزيد من القتلى. ويتهم كثيرون الحكومة بأنها لم تبذل جهدا يذكر لحمايتهم، ويقولون إن «الساسة يسارعون بتقديم التعازي بعد الهجمات لكن اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الأمن يتم بوتيرة بطيئة». وأعلنت الشرطة أن «التفجيرين استهدفا كنيستين فيما تبدو إحداهما كاثوليكية والأخرى بروتستانتية»، وتفصل بين الكنيستين مسافة قصيرة. وأضافت الشرطة الباكستانية أن «سكانا غاضبين قتلوا شخصين اشتبهوا فيهما بعد التفجيرين».
وأعرب البابا فرنسيس أنه يشعر بحزن بالغ بسبب تفجيرين وقعا أمام كنيستين في باكستان، وخرج البابا عن نص خطابه المعتاد ليشجب «اضطهاد المسيحيين». وقال البابا بعد الخطاب: «هاتان كنيستان مسيحيتان. المسيحيون مضطهدون.. يسفك دم أشقائنا ببساطة لأنهم مسيحيون». وقال شاهد يدعى أمير مسيح: «كنت أجلس في محل قريب من الكنيسة عندما هز انفجار المنطقة. هرعت باتجاه المكان ورأيت حارس الأمن يشتبك مع رجل كان يحاول دخول الكنيسة وبعدما لم يستطع الرجل ذلك فجر نفسه»، وأضاف: «رأيت أشلاء جسده تتطاير في الهواء».
وأكد أن الحارس قتل أيضا وأنه من غير الواضح إن كان الانفجار الآخر انتحاريا أيضا. وقال زاهد بيرفايز مدير الصحة العامة بالإقليم إن «14 شخصا قتلوا وأصيب 78 في التفجيرين». وقال سجاد حسين المتحدث باسم خدمات الإنقاذ: «عملية الإنقاذ لا تزال مستمرة، وقد يرتفع عدد القتلى».
وذكر مسؤول بالشرطة أن سكانا غاضبين قتلوا رجلين اشتبهوا في أنهما ضالعان في الهجومين. وقال صحافي يدعى رياض أحمد إنه رأى الجثتين المحترقتين عند مفترق طرق.
وبعد التفجيرين ألقى مئات المسيحيين الغاضبين حجارة على عناصر الشرطة الذين يتهمونهم بعدم حمايتهم. كما استهدفوا سيارات بالعصي فيما كان آخرون يبكون على أقربائهم وسط الزجاج المحطم المتناثر وبرك الدماء والأحذية. وقد استقبل المستشفى العام في لاهور الذي نقل إليه الضحايا، 10 جثث على الأقل ونحو 50 جريحا، كما أكد الطبيب محمد سعيد صبحين، المسؤول عن هذه المؤسسة. وتبنى المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية إحسان الله إحسان على الفور «الهجومين الانتحاريين» على كنيستين في لاهور. ويكثف مقاتلو طالبان باكستان منذ 2007 الهجمات على قوات الأمن الباكستانية التي يتهمونها بدعم الحرب الأميركية «على الإرهاب»، وعلى الأقليات الدينية في باكستان.
وفي سبتمبر (أيلول) 2013 أعلن فصيل طالباني مسؤوليته عن اعتداء مماثل لدى خروج مصلين من قداس الأحد في كنيسة في مدينة بيشاور (شمالي غرب). وأسفر الهجوم الذي اعتبر الأكثر دموية في تاريخ باكستان ضد الأقلية المسيحية التي تمثل نحو 2 في المائة من التعداد السكاني للبلاد، عن أكثر من 80 قتيلا. ويأتي هذا الهجوم بعد بضعة أيام فقط من إعلان فصائل منشقة عن طالبان تجمعهم في وقت تكثف فيه القوات الباكستانية هجماتها على معاقل المتطرفين في المناطق القبلية بشمال غربي البلاد بالقرب من الحدود الأفغانية.
وقد أدان رئيس الوزراء نواز شريف في بيان هذا الهجوم الذي وقع في لاهور؛ معقله الانتخابي، وأمر السلطات في ولاية البنجاب التي يتولى شقيقه شاهباز رئاسة وزرائها، بحماية السكان المحليين. ولاهور هي عاصمة إقليم البنجاب أغنى الأقاليم الباكستانية وأكبرها من حيث عدد السكان والمعقل السياسي لرئيس الوزراء نواز شريف. وتعتبر المدينة هادئة بشكل عام مقارنة بمناطق أخرى في باكستان، لكن العنف يتصاعد فيها بعد محاولات فاشلة من جانب الحكومة لإجراء محادثات سلام مع طالبان العام الماضي.
وبعد فشل المحادثات شن الجيش هجوما في منطقة وزيرستان الشمالية النائية الواقعة بشمال غربي باكستان على طول الحدود مع أفغانستان لإخراج طالبان من آخر منطقة رئيسية تسيطر عليها. ويسيطر الجيش الآن على المراكز الحضرية الكبرى في المنطقة لكن سكانا يقولون إن كثيرا من المتشددين فروا قبل بدء الهجوم وإن آخرين لا يزالون في المناطق الريفية. وأكد مسؤولون في الجيش الباكستاني أمس أن رعاة عثروا على 13 جثة عليها آثار رصاص في شمال غربي باكستان، فيما قال اثنان من سكان المنطقة إن القتلى كانوا معتقلين لدى الجيش منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال مسؤولان في المخابرات إن «القتلى الذين عثر على جثثهم قرب قرية مانداو في مدينة شاكتوي بوزيرستان الجنوبية كانوا مقاتلين في حركة طالبان»، وامتنع متحدث باسم الجيش عن التعليق. لكن سكانا تعرفوا على الجثث التي عثر عليها قبل أمس، وقالوا إنها «لقرويين محليين، والحادث يثير مزيدا من التساؤلات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الأمن الباكستانية في حربها مع طالبان». يذكر أن الجيش الباكستاني يتلقى تمويلا خارجيا بمليارات الدولارات.
 
القمة العربية المقبلة وحاجة العرب إلى «الإغاثة»
طوني فرنسيس .. * صحافي لبناني من أسرة «الحياة»
وكأنها مصادفة مدروسة أن ينعقد مؤتمر دولي لإغاثة الشعب السوري فور انتهاء أعمال القمة العربية الـ 26.
سيجتمع الملوك والأمراء والرؤساء العرب يومي 28 و29 آذار (مارس) الحالي في شرم الشيخ في إطار لقائهم الدوري السنوي ليبحثوا في 28 بنداً، بعضها بات صحناً يومياً في مطعم القمم وبعضها الآخر يسقط كالنيزك على طاولة الاجتماع، وفي الحالتين لا يتوقع الشيء الكثير بحيث صارت اللازمة التي تتردد في أعقاب انتهاء الاجتماعات أن المكسب الذي حققه العرب هو مجرد اجتماعهم.
كان عنوان القمة السابقة التي استضافتها الكويت العام الماضي: « قمة التضامن من أجل مستقبل أفضل» عنواناً متواضعاً ينطلق من واقع الحال ليضمن عدم الانزلاق إلى مزيد من الانهيارات. لم يكن العراق دخل يومها في المرحلة الداعشية وإن كانت سياسات المالكي تواصل التأجيج المذهبي، واليمن كان يعيش مناخات الحوار بالاستناد إلى المبادرة الخليجية، فيما توطّد مجموعة دول مجلس التعاون نظرة متقاربة إلى الأوضاع العربية والإقليمية.
كانت سورية وأزمتها القضية الأبرز قبل عام إلى جانب البنود «التاريخية» مثل تطوير جامعة الدول العربية وجديد القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي... وفي نهاية هذا الشهر ستبقى تلك المسائل «التاريخية» مطروحة والأزمة السورية ستكون أكثر إلحاحاً والمناخ الإقليمي العام أكثر ضغطاً.
سيجد القادة العرب أنفسهم أمام مزيد من التأزم والانهيار في المشهد العربي العام: إيران تعلن أمبراطوريتها وعاصمتها بغداد في وقت تقود الهجوم على تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، وتصرّح أنها حرّرت 85 في المئة من الأراضي السورية، وتعقد الاتفاقات مع الحوثيين في اليمن وكأنهم سلطة شرعية، وتفخر بأنها نجحت في تصدير ثورتها إلى المشرق العربي وشمال أفريقيا.
وسيلمس القادة حصيلة المواقف الدولية المعادية والملتبسة. من روسيا المنخرطة في دعم النظام في سورية إلى الولايات المتحدة التي تنصح بـ «الصبر الإستراتيجي» في مواجهة «داعش» وتعلن أن دعمها ومشروع تدريبها للمعارضة «المعتدلة» في سورية لا يستهدف مقاتلة الأسد... لتترك قيادة ساحة المعركة في العراق للإيرانيين ثم تتخوّف من الانعكاسات المذهبية الخطيرة على نسيج العراق.
سيجد القادة أن ما يحصل يتمّ تحت مظلّة التفاهم الواقعي العميق الأميركي (الغربي) مع إيران فيما تنتظر تركيا فرصتها للانقضاض ويبتعد اللاعب الإقليمي الآخر، إسرائيل، عن أي التزام كلامي سابق تجاه الشعب الفلسطيني، إلى حد غياب كلمة السلام عن برامج الكتل الإسرائيلية المتنافسة في الانتخابات.
لن تغيب تلك الوقائع عن جدول أعمال القمة التي وضع لها معدو جدول الأعمال عنواناً ملفتاً: «صيانة الأمن القومي». سيغلب هذا العنوان على البنود كافة، كما يقول مسؤولو جامعة الدول العربية وأمانتها العامة، فهم إذ ينطلقون من أن صيانة الأمن القومي هي ركيزة أساسية للأمن الإقليمي سيسعون إلى تعزيز التعاون في ما بينهم لمواجهة التحديات، وأبرزها على قول أحمد بن حلي مساعد الأمين العام «التفشي السرطاني للكيانات الإرهابية واحتلالها مناطق جغرافية وإزالتها الحدود بين الدول الأمر الذي بات يهدّد الكيانات الوطنية». في السياق سيكون الاقتراح المصري بتشكيل قوة عربية مشتركة في صدارة جدول الأعمال وربما يشكل الحدث الأبرز في حال تمّ إقراره والسير في تنفيذه.
كان على مثل هذه القوة أن تنشأ منذ زمن طويل، مع ذلك من الأفضل أن تأتي متأخرة من أن لا تقوم أبداً.
ويفهم مما قيل في سياق تبرير قيامها إنها قوة ستحارب الأرهاب وتحمي الأمن القومي العربي، هذا يعني أنها قوّة تدخل في وقت اجتاحت فيه التدخلات أنحاء العالم العربي شرقاً وغرباً، وشغلت قواه الرئيسة بمناوشات على تخومها نضجت كمشكلات تهدّدها في الصميم: ليبيا مثار اضطراب لمصر، واليمن للمملكة العربية السعودية ولدول الخليج، والعراق وسورية للمجموعة الخليجية ولمصر على حد سواء. وسيكون بالغ الدلالة أن الدول التي تعاني الإرهاب و»تصدير الثورة» ستحضر ضعيفة التمثيل أو بتمثيل شكلي في أرفع اجتماع عربي: لبنان من دون رئيس. اليمن برئيس نجا في اللحظة الأخيرة. العراق بحكومة «يقودها الحشد الشعبي». ليبيا بحكومة لا تقيم في عاصمتها... وسورية من دون تمثيل.
في الأثناء ستحتدم المعارك في العراق وتزداد وتيرة القتل والتهجير في سورية وتزداد ضغوط اللجوء السوري على بلدان الجوار بعد أن أصبح أكثر من نصف السوريين نازحاً في وطنه أو لاجئاً إلى الخارج، ولن تضيف القمة العربية شيئاً، إذا وفقت في إقرار بعض ما تطمح إليه، يغير في الوقائع المأساوية سوى الذهاب في اليوم التالي إلى الكويت للمشاركة في القمة الدولية الثالثة للمانحين ودفع ما يترتب لإغاثة ضحايا انهيار الأمن القومي واستبداد دعاته السابقين وبدلائهم من مذهبيين وطائفيين ومنتجات الثورات المصادرة والمصدّرة.
 
تأثيرات «الربيع العربي» في المشهد الشرق الأوسطي
الحياة...محمد سيد رصاص... * كاتب سوري
عندما قتل أسامة بن لادن في أيار(مايو)2011، سادت الإعلام المرئي والمقروء العربي مقولة أن «الربيع العربي» سيقود إلى انتهاء أو إضعاف التطرف الإسلامي بما فيه تنظيم القاعدة: في سورية ومع نهاية2011 ولد فرع «القاعدة» المتمثل في «جبهة النصرة» عبر تناسل تنظيمي امتد من جبال أفغانستان حيث يوجد خليفة بن لادن، أيمن الظواهري، وعبوراً بأمير «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر البغدادي، الذي أرسل أبو محمد الجولاني لسورية لتأسيس «النصرة» بناء على نصيحة الظواهري في استغلال الاضطراب السوري.
بعد تنامي قوة «النصرة» في التربة السورية رأى البغدادي مصلحته في تأسيس «دولة الإسلام في العراق والشام: داعش» يوم 9 نيسان (إبريل) 2013 وإلحاق «النصرة» به ضد إرادة الظواهري ثم تأسيس، بناء على تلك النواة، «دولة الخلافة الإسلامية» في أول رمضان عام 2014 التي امتدت على الفرات من الفلوجة إلى جرابلس ومن ديالى إلى أطراف حلب ومن الموصل إلى أطراف الحسكة والقامشلي ليشكل البغدادي تنظيماً أخطر من «القاعدة» أصبحت له امتدادات ومبايعات في سيناء وليبيا أيضاً.
من خلال تنامي «داعش» وصولاً إلى سقوط الموصل بيد البغدادي يوم 10 حزيران (يونيو) 2014، نشأ مشهد عراقي جديد أعاد جمع واشنطن وطهران بعد فراق استغرق تسع سنوات منذ تباعدهما إثر استئناف الإيرانيين لبرنامج تخصيب اليورانيوم الذي أدى إلى كسر تحالفهما الثنائي المقام في غزو العراق واحتلاله، ثم تجسد هذا التحالف في «مجلس حكم» بول بريمر الذي تم تأسيسه في تموز (يوليو) 2003 بعد ثلاثة أشهر من احتلال بغداد. كان انتهاء مهلة الستة أشهر في 24 أيار2014 من دون اتفاق، التي أعقبت توقيع (الاتفاق الموقت) لمجموعة (5+1) مع إيران في شأن البرنامج النووي، قد أعطى مؤشرات على توترات أميركية- إيرانية جديدة كان يمكن، لولا سقوط الموصل بيد البغدادي بعد أسبوعين، أن تقلب المشهد الإقليمي رأساً على عقب، كما حصل من توليد لمشهد إقليمي جديد في مرحلة ما بعد استئناف طهران لبرنامج تخصيب اليورانيوم في آب (أغسطس)2005 عندما قادت التوترات الأميركية الإيرانية إلى حرب 2006، التي كانت حرباً بالوكالة، وإلى تعويم أميركي لأنقرة من أجل مجابهة التمدد الإيراني.
صحيح أن طهران قد ضحت بالمالكي بعد شهرين (من الموصل) ولكن من أجل الاتفاق على شراكة أميركية – إيرانية جديدة في بغداد شبيهة بما كان في فترة 2003-2005 وأيضاً من أجل تقاربات بين واشنطن وطهران أنتجها تمدد «داعش» في ما يخص الملف السوري باتجاه تخفيف واشنطن من تشددها تجاه السلطة السورية وباتجاه تقاربات في (الملف النووي الإيراني) ظهرت في اتفاق 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 الموقت ومهلته التفاوضية المحدد انتهاؤها في 30 حزيران2015، ومراهنات إيرانية على أن هذا سيقود إلى تباعدات أميركية- تركية ظهرت جلية في خريف 2014 أثناء (معركة عين العرب).
من دون هذه التقاربات الأميركية - الإيرانية لا يمكن تفسير سقوط صنعاء بيد (الحوثيين) أتباع طهران في خريف 2014، في استغلال إيراني لتنامي القلق الأميركي من «القاعدة» في اليمن وللتناقض السعودي – الإخواني حيث كان إسلاميو (التجمع اليمني للإصلاح) هم الركيزة السياسية الكبرى للرئيس منصور هادي. أنتج التقارب الأميركي – الإيراني توترات بين واشنطن وتل أبيب. أيضاً قاد سقوط صنعاء، الذي يعادل استراتيجياً بأهميته سقوط الموصل بيد البغدادي، إلى مراجعة سعودية تظهر معالمها الآن مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو ما يمكن أن تكون له تأثيرات على المشهد المصري في المدى المنظور وأيضاً على المشهدين اللبناني والسوري.
في ظل هذا الوضع المستجد تحاول أنقرة تقوية نفسها من جديد عبر إمساكها ببعض أوراق الملف السوري، مثل سيطرتها على (الائتلاف السوري) منذ انتخابات 5 كانون ثاني (يناير) 2015 بعد أن فقدت السيطرة عليه منذ توسعة أواخر أيار2013، وهي تستعد لإنضاج طبخة كبرى تعد لها منذ سنوات وهي مصالحة واتفاق مع عبدالله أوجلان، ربما ظهرت ملامحها الأولى من خلال تعاون قوات حزب (ب .ي .د) السوري الموالي لأوجلان مع القوات التركية في «عملية ضريح سليمان شاه»، التي ستكون لها تأثيرات باتجاه استتباع تركي لأكراد تركية وسورية والعراق وإيران وهو ما سيكون له تأثيرات كبرى على عموم المشهد الشرق أوسطي.
كما قاد هجوم «داعش» إلى تقوية طهران إقليمياً، بعد أن آلت تأثيرات «الربيع العربي» إلى تنامي قوة سنة غرب العراق مما دفعهم للتحرك منذ الشهر الأخير لعام 2012 وهو ما أدى إلى إضعاف المالكي الذي كان رجل طهران في بغداد منذ أيار2006، فإن الأزمة السورية قد أعطت موسكو فرصة لكسر الأحادية القطبية الأميركية في فترة ما بعد الحرب الباردة في أزمة بلد أصبح ساحة مكثفة للصراعات الإقليمية وليصبح منذ فيتو 4 تشرين أول (اكتوبر) 2011 الروسي- الصيني في نيويورك ساحة لمجابهة روسية – أميركية أيضاً.
في اتفاق 14 أيلول (سبتمبر) 2013 حول (الكيماوي السوري) ظهرت ثنائية جديدة في العلاقات الدولية قادت إلى القرار2118 بمجلس الأمن الذي رسم خريطة طريق (نزع الكيماوي السوري) وإلى (جنيف2) قبل أن تقود الأزمة الأوكرانية، منذ 21 شباط 2014،إلى موت (جنيف2) السوري وإلى مجابهة روسية – أميركية من الواضح فيها ترابط كييف ودمشق.
على الأصعدة الداخلية قاد «الربيع العربي» إلى تنامي قوة القوى النابذة في مجتمعات عربية عديدة: الحوثيون والحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة باليمن، أكراد سورية، القوى الجهوية في ليبيا، و «داعش» في سورية ومن خلالها العراق، وعبر تنامي قوة «داعش» زادت بالمقابل قوة أكراد العراق فيما ضعفت القوى غير النابذة أي شيعة وسنة العراق العرب حيث أتت قوة الأكراد و « داعش « من خلال الصراع العراقي السني- الشيعي وبسببه في مرحلة ما بعد 9 نيسان 2003. قاد هذا الصراع إلى أن يلقي بتأثيراته منذ 2004 في لبنان ممتداً من بلاد الرافدين وهو ما بدأ في العام نفسه أيضاً في اليمن مع بداية التمرد الحوثي على سلطة صنعاء.
عموماً، «الربيع العربي» لم يقد إلى تنامي قوة المجتمعات أمام السلطات الحاكمة، أو إلى تقوية قوة العرب في عموم الإقليم الشرق أوسطي، ولم يؤد إلى زيادة قوة دول عربية محددة منفردة أو مجتمعة في الإقليم. زاد من قوة الدول الكبرى الخارجية، ودول إقليمية مثل إيران وتركيا، في الدواخل العربية. زاد من القوى الداخلية النابذة في مجتمعات عربية عديدة وقلقل الوحدة الداخلية التي كانت قائمة في دول عربية محددة.
 
الديبلوماسية النووية في الشرق الأوسط: إيران ليست الوحيدة
الحياة...محمد سعد أبوعامود.. * أكاديمي مصري
تشهد منطقة الشرق الأوسط حركة نشطة لما يمكن أن نطلق عليه الديبلوماسية النووية وذلك على خلفية ما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، ويمكن تحديد أهم مسارات الديبلوماسية النووية في الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة على النحو الآتي:
أولاً - المسار الذي يحاول إعاقة التوصل لاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني، أو تعطيله لأطول مدة زمنية ممكنة، وذلك حتى يتم توفير الضمانات الكافية للحيلولة دون قيام إيران بإنتاج سلاح نووي. وتقدم إسرائيل النموذج الواضح لذلك المسار، فالضغوط الإسرائيلية ظلت متواصلة على إدارة الرئيس أوباما منذ انطلاق عملية التفاوض ووصلت إلى الذروة في الثالث من آذار (مارس) 2015، عندما ألقى نتانياهو كلمة أمام الكونغرس انتقد فيها بشدة الاتفاق الذي تتم بلورته بين إيران والدول الكبرى، واصفاً إياه بالاتفاق السيئ، ومضيفاً أن الحرب ليست بديلاً، لكن البديل يتمثل في اتفاق أفضل لا يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي.
وقلل أوباما مما جاء في خطاب نتانياهو، وذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يقدم أي بديل أمام الكونغرس لخطة الاتفاق الحالي بخصوص الملف النووي الإيراني، وأضاف أن هذا الخطاب «لم يقدم أي جديد»، مشيراً إلى أنه «من المهم أن نبقى مركزين على المشكلة، والسؤال المطروح هنا كيف يمكننا منع إيران من امتلاك سلاح نووي؟»، وأشار إلى أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون أفضل إطار لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
في حين وصف المسؤولون الإيرانيون الخطاب بأنه مجرد هراء، ورأى التيار المتشدد الذي عبر عنه رئيس تحرير صحيفة «كيهان» الإيرانية أن ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي هو مجرد توزيع أدوار مع حليفه الأميركي من أجل الضغط على فريق التفاوض الإيراني لتقديم المزيد من التنازلات، وهو ما لن يحدث.
وحاول أعضاء الكونغرس وضع تشريع يلزم الرئيس بالرجوع إلى الكونغرس قبل التوقيع على أي اتفاق مع إيران، وهو ما رفضه الرئيس باعتباره يمثل انتقاصاً لا مبرر له من سلطاته. والواضح أن الرئيس الأميركي أوباما لديه إصرار شديد للتوصل إلى اتفاق في شأن الملف النووي الإيراني، باعتباره سيمثل الإنجاز الكبير الذي سينسب إليه في الشرق الأوسط في ظل الفشل القائم بالنسبة إلى الملفات الأخرى ويدعم من موقفه أنه لا يملك ما يخسره بعد ولايته الثانية، وهو ما ذكره علناً في حديثه مع أعضاء الكونغرس يوم إلقائه خطابه السنوي عن «حالة الاتحاد» في كانون الثاني (يناير) الماضي، ومن ثم فالتحرك على هذا المسار قد لا يحقق ما هو مستهدف، وإن كان قد يؤثر في شكل جزئي في بعض الجوانب المتعلقة بصياغة الاتفاق في صورته النهائية، وذلك حتى يمكن توفير النصاب المطلوب لتمريره في الكونغرس.
ثانياً – المسار الثاني لتحرك الديبلوماسية النووية، يتمثل في السعي لاكتساب أكبر حصة ممكنة من السوق النووية في المنطقة، بعد تزايد الطلب القائم والمحتمل ارتفاعه بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، على الخدمات النووية بمختلف أنواعها سواء للأغراض السلمية، أو لأغراض تحقيق التوازن الاستراتيجي، والملاحظ أن التحرك الديبلوماسي الروسي هو الأبرز في هذا المجال، حيث إن موسكو ترى أنه سواء تم توقيع الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني أو انهارت المحادثات، فإن هناك فرصاً متزايدة لبناء مفاعلات نووية في الشرق الأوسط، فامتلاك إيران القدرات النووية سيدفع الدول الأخرى إلى السعي للحصول على قدرات مماثلة لتحقيق التوازن. كما أن المنطقة تشهد تزايداً واضحاً في استهلاك الكهرباء والمياه، وهو ما يفرض على دولها الدخول إلى مجال إنتاج الطاقة النووية لتوفير الاحتياجات المتزايدة من الكهرباء وتحلية المياه، والواقع أن موسكو من أنشط اللاعبين في سوق الطاقة النووية في الشرق الأوسط، حيث وقعت اتفاقات تعاون لاستخدام الطاقة النووية في المجالات المدنية مع إيران والجزائر ومصر والأردن وليبيا وعمان والكويت وقطر وسورية وتركيا وغيرها، ما عدا إسرائيل، لأنها لم توقع على اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية.
والملاحظ أن هذه الاتفاقات تشمل الدول الصديقة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول الكبيرة والصغيرة وتلك التي تعاني من العسر المالي، والتي لا تعاني، وكذلك الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، وهو ما يعكس الرؤية الروسية لنطاق واسع من السوق لحركتها.
وتستفيد روسيا من بعض أوجه التشدد الأوروبي والأميركي في الجوانب الإجرائية للتعاون مع الدول الأخرى في المجال النووي، حيث يظهر البديل الروسي بصفته البديل المتاح للكثير من دول الشرق الأوسط.
وتأتي فرنسا لتحتل موقعاً مهماً في السوق النووية الشرق أوسطية، فقد أوضح برتران بزانسنو، السفير الفرنسي لدى السعودية، أن المفاوضات بين الأخيرة وفرنسا، في مجال بناء المفاعلات النووية ما زالت مستمرة. وتدخل كوريا الجنوبية في سياق الديبلوماسية النووية في الشرق الأوسط عبر تحركها النشط في مجال إقامة المفاعلات النووية في دول الخليج العربية، حيث وقعت دولة الإمارات في 2009، عقداً مع ائتلاف تقوده شركة الكهرباء الكورية الجنوبية بقيمة 20.4 بليون دولار لبناء أربعة مفاعلات نووية في موقع «بركة»، غرب إمارة أبو ظبي، وستنتج المفاعلات 1400 ميغاواط، كما وقعت اتفاقات بثلاثة بلايين دولار مع شركات عالمية لتأمين الوقود النووي للمفاعلات لمدة 15 سنة. وأثناء زيارة رئيسة كوريا الجنوبية السعودية في آذار 2015، تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول برامج التعاون النووي لبناء الشراكة الذكية، والبناء المشترك للقدرات البشرية النووية والبحث العلمي، ووفقاً لصحيفة «كوريا هيرالد»، فإن البلدين وافقا على العمل من أجل بناء أكثر من مفاعل نووي صغير ومتوسط في المملكة، لتعزيز التعاون الثنائي في مجال الطاقة النووية بكلفة تزيد على بليوني دولار.
ثالثاً – المسار الثالث للديبلوماسية النووية يدور حول محاولة جذب التأييد للاتفاق النووي الغربي - الإيراني ومحاولة طمأنة الأطراف الإقليمية الأخرى وعلاج الأثار الجانبية التي يمكن أن تنتج منه، ويدخل في هذا الإطار، التحرك الأميركي المتمثل في لقاء وزير الخارجية جون كيري ونظرائه في دول مجلس التعاون في الرياض في الخامس من آذار 2015، ولقائه العاهل السعودي بعد ذلك. وأوضح كيري أهمية التوصل لاتفاق مع إيران في شأن ملفها النووي، حيث يوفر ذلك، على حد قوله، الضمانات الكافية لسلمية برنامجها النووى. وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب في الوصول إلى أي اتفاق وإنما ترغب في اتفاق يحقق الهدف الرئيسي وهو عدم إنتاج إيران السلاح النووي، وأوردت «الحياة»، في 5 آذار، أن وزير الخارجية الأميركي طرح في الرياض، خطة تدرسها الإدارة الأميركية لتأمين مظلة نووية لحلفائها في الخليج، تضمن الدفاع عن المنطقة ضد أي اعتداء نووي تشنّه إيران أو أي جهة أخرى، وستكون هذه المظلة، إذا تُرجمَت واقعاً، مشابهة للتي تؤمنها واشنطن لليابان وكوريا الجنوبية ودول الحلف الأطلسي، لحماية تلك الدول من اعتداء نووي، من دون اضطرارها إلى تطوير قدرات ذرية.
ولم يصدر عن دول مجلس التعاون رد رسمي يعبر عن موقف محدد تجاه هذا العرض الأميركي، خصوصاً أنه ما زال يتصف بالغموض، من حيث كلفته وتمويله والجوانب الإجرائية اللازمة لإقراره والمدى الزمني الذي سيستغرقه لإنشائه وتفعيله، والمعايير التي سيتم الاستناد إليها لتشغيله ومدى توافر الضمانات اللازمة لتشغيله بعيداً من أي توظيف سياسي محتمل من جانب أي إدارة أميركية، خصوصاً أن التجربة العملية أوضحت لجوء واشنطن إلى استخدام الجوانب المتعلقة بالسياسة الدفاعية كأداة للضغط السياسي، الأمر الذي يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مدى توافر الثقة في الوعود والأطروحات الأميركية.
وفي المسار ذاته، يأتي التحرك الديبلوماسي السعودي، والذي يختلف من حيث محتواه وأهدافه عن التحرك الأميركي الذي سبقت الإشارة إليه، ويهدف إلى تحقيق مقدار من التوازن الإقليمي مع إيران والناتج من التطورات التي يشهدها ملف العلاقات الإيرانية - الغربية بعامة، والملف النووي بخاصة، وذلك من خلال إعادة بناء التحالفات الإقليمية، وإدخال باكستان وهي قوة نووية إسلامية مهمة في سياق توازنات المنطقة. وفي هذا الإطار جاءت زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف للرياض في 4 آذار الجاري، حيث أجرى محادثات مهمة مع العاهل السعودي حول المستجدات الإقليمية والدولية وأوضاع المنطقة. والملاحظ أن التفاعلات السعودية الباكستانية لا تتوقف ويؤكد ذلك عدد الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين عن القطاعات الأمنية والاستراتيجية في البلدين خلال العام الماضي على سبيل المثال، والتي توجت بزيارة الملك سلمان إسلام آباد في الفترة التي كان فيها ولياً للعهد في شباط (فبراير) 2014، وتحدثت مصادر باكستانية آنذاك عن مخاوف سعودية مبررة حول الملف النووي الإيراني والدعم الذي تمده هذه الأخيرة للجماعات المسلحة ومنها «حزب الله»، وأنه يمكن باكستان باعتبارها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تملك الطاقة النووية، أن تشكل مظلة نووية للسعودية.
وكانت مصادر غربية تحدثت عن استمرار التمويل السعودي السخي للمشروع النووي الباكستاني، بهدف توظيف القدرات النووية الباكستانية لتحقيق المقدار المناسب من التوازن الإقليمي مع إيران حال دخولها إلى النادي النووي.
 
 

المصدر: مصادر مختلفة


السابق

"حزب الله" لـ "المستقبل": لماذا يستمر الحوار؟ سليمان: من دون عون كنتُ انتخبتُ رئيساً...8 آذار تردّ على "المجلس الوطني": تعبّرون عن أزمة، وأين الشيعة؟..«حزب الله»: إعلان «المجلس الوطني » نعي للحكومة...الإمارات تتهم اللبنانيين المُبعدين بنشاطات تمويلية لمصلحة «حزب الله»..عملية تبادل بين حزب الله والجيش الحر..

التالي

الثورة السورية: «أربع سنين ومكمّلين» ...النزاع المدمّر بعد أربع سنوات: الأسد يتشبث بالسلطة... و «داعش» أولوية الغرب...النظام يدشّن السنة الخامسة بـ ٢٠٠ غارة ومجزرة شرق دمشق

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,954,839

عدد الزوار: 7,049,357

المتواجدون الآن: 86