أخبار وتقارير..«حزب الله» السوري وسيناريوات ما بعد الأسد....«إخوان» الأردن لم يعودوا «إخواناً»....4 أعوام وحمم البركان السوري تلهب المنطقة...وهذه فرص التسوية ....ماذا وراء الكلام الأميركي الإيجابي تجاه إيران؟

التلفزيون الروسي يبثّ لقطات لبوتين لا اتفاق أوروبياً على تجديد العقوبات....تونس: نجاح الإصلاح رهن بمحاربة الفساد ..

تاريخ الإضافة السبت 14 آذار 2015 - 7:28 ص    عدد الزيارات 2104    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

ماذا وراء الكلام الأميركي الإيجابي تجاه إيران؟
المستقبل...عبدالزهرة الركابي
تواصلت التصريحات الأميركية في الآونة الأخيرة حيال إيران، وهي تصريحات عدّها المراقبون (تصريحات غزلية)، بل أن بعضهم ذهب بعيداً في التحليل عندما أشار الى أن هناك تبلوراً لتحالف أميركي إيراني في العراق، وربما يمتد هذا التحالف الى بلدان أخرى، ينشط فيها الدور الإيراني، ولا سيما في سوريا واليمن ولبنان، خصوصاً وأن هؤلاء المراقبين باتوا أكثر ميلاً الى الإعتقاد بأن واشنطن وطهران، ستتوصلان الى إتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، يتمثل في تعليق إيران نشاطها النووي لمدة عشر سنوات، كما أن الكونغرس الأميركي قام بتأجيل مناقشة قانون يتعلق بفرض عقوبات إضافية على إيران.

هذه المؤشرات إزدادت وضوحاً حيال التعليقات والتصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولين الأميركيين، سواء كانوا ساسة أو عسكريين، بشأن الوضع في العراق ولا سيما التي تتعلق بمعركة تحرير محافظة صلاح الدين من هيمنة (داعش)، بعدما راح الجنرال قاسم سليماني قائد فرقة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، يشرف على إدارة هذه المعركة، وبنسبة 80%، من واقع أن أكثر القوات التي تشارك في هذه المعركة، تتألف من الميليشيات الشيعية التي أنشأتها إيران أصلاً، بالإضافة الى مشاركة فعلية وميدانية من قوات الحرس الثوري الإيراني، بينما تتوزع النسبة الباقية 20% على الجيش العراقي عبر الفرقة الخامسة، وبضعة مئات من العشائر السنية في المحافظة.

يُذكر أن عملية تحرير محافظة صلاح الدين والتي لا تزال مستمرة، بدأت بهجوم في اليوم الأول من الشهر الجاري، على قوات (داعش) المتموضعة في مدن تكريت (مركز المحافظة) والدور والعلم، وبقوات يناهز عديدها الثلاثين ألفاً، يشكل الجيش العراقي (الفرقة الخامسة) جزءاً من هذه القوات، ويبقى العديد الأكبر من حصة الميليشيات (الحشد الشعبي).

وتشعر القوى السنية بالخشية من عملية تصفية الحسابات، ربما تلجأ إليها الميليشيات الشيعية، ضد عشيرتي آلبو ناصر (عشيرة رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين) وآلبو عجيل، حيث أن هذه الميليشيات تتهم أفراداً منهما بالوقوف وراء مذبحة قاعدة سبايكر التي راح ضحيتها 1700 تلميذا متدرباً، جلهم من الطائفة الشيعية، حتى ان المتحدث باسم ميليشيا (أهل الحق) جواد الطليباوي، هدد العشيرتين المذكورتين في بيان وزع على وسائل الإعلام العراقية بالقول، (أن الخيار الوحيد أمام عشيرتي البو عجيل والبو ناصر تسليم القتلة ومن ساعدهم على تنفيذ المجزرة لنا، وإلا ستكون العواقب وخيمة). لافتاً إلى (امتلاك ميليشياه أسماء وصور المجرمين الذين قتلوا أبناء القوات الأمنية في سبايكر).

وسبق للقوى السنية ان أتهمت وبإصرار، ميليشيات شيعية (خارجة عن القانون)، في حادثة اختطاف النائب عن جبهة الحوار السنية زيد الجنابي ومقتل عمه الوجيه قاسم سويدان الجنابي ونجله وعناصر الحماية، الأمر الذي جعل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يعلن عن تجميد ميليشياته (لواء اليوم الموعود وسرايا السلام) حتى إشعار آخر.

وأبدى الصدر إستعداده للتعاون مع الجهات المختصة، للعمل على كشف المتورطين في حادثة الإغتيال، وقال في بيان تلقته وسائل الإعلام العراقية في هذا الجانب، (ألم اقل لكم إن العراق لا يعاني من شذاذ الافاق فحسب بل انه سيعاني من المليشيات الوقحة ايضاً ؟، ألم أقل لكم إنه يجب تسليم الجيش العراقي زمام الامور ؟، ألم أقل لكم إن الحقبة السابقة قد افاءت على العراق بازدياد نفوذ الميليشيات وشذاذ الافاق وتسلطهم على رقاب الشعب المظلوم ؟).

وفي المقابل ترفض الكثير من الاحزاب الشيعية، اي اشارة من قريب او بعيد الى أن يكون (الحشد الشعبي) الميلشيات، بصفته العامة، متورطاً في عمليات قتل او اختطاف، وتعتبر ان الحديث بهذا الاتجاه مستفز، وان هناك من يحاول خلط الاوراق ويشوه صورة الميليشيات التي تقاتل لاستعادة الاراضي وبينها مناطق السنة.

وعلى المنحى نفسه وصفَ الجنرال مارتن ديمبسي رئيس أركان الجيوش الأميركية التدخل الإيراني في العراق بأنه قد يكون (إيجابياً) عندما قال بالحرف، (إن دور إيران والميليشيات الشيعية في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم الدولة الإسلامية يمكن ان يكون إيجابياً إذا لم يؤد إلى توترات طائفية مع أصحاب الأرض العرب السنة).

هذا وأعلنت السفارة الاميركية في العراق أن السفير ستيوارت جونز زار خلال وجوده في النجف أخيراً، مرقد الامام علي، في أول زيارة لمسؤول أميركي للمقام بعد احتلال العراق في العام 2003، وقد أشار جونز خلال زيارته هذه إلى أن الحكومة العراقية لم تطلب مساعدة التحالف الدولي في العمليات العسكرية الجارية في صلاح الدين، لافتاً إلى أن القوات الأميركية كانت حاضرة في معارك تحرير ناحية البغدادي في الأنبار من خلال الضربات الجوية ووحدة (المارينز).

وأوضح السفير الأميركي أن (بلاده تعتمد على القوات العراقية في التنسيق مع الحشد الشعبي والمجموعات الأخرى التي تحارب التنظيم ونتج عنها نتائج جيدة).

وعلى كل حال، فإن هذا (الغزل) الأميركي حيال إيران، أثار قلقاً لدى دول المنطقة، على الرغم من (التطمينات) التي حملها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لهذه الدول في جولته الأخيرة، والتي صرح خلالها بالقول، (بأن الاتفاق الوشيك مع إيران بشأن ملفها النووي لن يكون مقايضة كبيرة حيال ملفات أخرى).
 
تونس: نجاح الإصلاح رهن بمحاربة الفساد
المستقبل..توفيق المديني
حين تشكلت الحكومة الجديدة ما بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية بزعامة السيد الحبيب الصيد لم يكن لديها برنامج حقيقي لمحاربة الفساد، وبالتالي لبلورة نموذج جديد للتنمية، قادر على إنقاذ تونس من أزمتها البنيوية العميقة. ومن الواضح أن الحكومة الجديدة المتشكلة من حزبين كبيرين: «النداء» و»النهضة»، ومن حزبين آخرين صغيرين: «الاتحاد الوطني الحر» و»آفاق تونس»، هذه الأحزاب جميعها التي تتبنى خيار الليبرالية، وبعض منها يدافع عن الليبرالية المتطرفة كما هو حال حزب «آفاق تونس»، لديها نفس البرامج والتصورات فيما يتعلق بالاقتصاد، أسقطت من برنامجها مسألة مقاومة الفساد كبند من بنود خارطة الطريق للمرحلة المقبلة، لا سيما أن رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد تجنب الإشارة من قريب أو من بعيد لمقاومة الفساد في تركيبته الحكومية عندما لم يخصص هيكلاً لا في شكل وزارة ولا كتابة دولة ولا حتى مستشاراً للاهتمام بملف الفساد.

ويعتبر ملف محاربة الفساد ملفاً مفصلياً في نجاح أي حكومة ما بعد الثورة. فالمراقب للوضع السياسي التونسي يلمس بوضوح أن الحكومات المتعاقبة سواء في عهد الترويكا السابقة بقيادة حركة النهضة، أم في عهد رئيس الحكومة المتخلى مهدي جمعة، لم تبلور خطة حقيقية لمقاومة الفساد، وإقرار الحوكمة الرشيدة، بل إن جميعها همشت ملف الفساد.

فقد تدحرجت تونس في مؤشر الفساد في 2014 لتحتل المترتبة 79 من مجموع 175 دولة في مؤشرات مدركات الفساد بتراجع نقطتين عن ترتيب 2013 وبعشرين نقطة كاملة عن ترتيب 2010 حيث كانت تونس تحتل المرتبة 59 حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية. وتؤكد التقارير التي ترفعها بعض منظمات المجتمع المدني المعنية بمحاربة الفساد، أن آفة الفساد اليوم، استفحلت و»تغولت» وضربت كل القطاعات عموديا وأفقيا، ولم يعد للفساد عنواناً واحداً بل تعددت عناوينه واختلفت مسمياته ولكن النتيجة واحدة نخر الاقتصاد وخلخلة أسس الدولة. وفضلاً عن ذلك، فالفساد اليوم لا يقتصر على من يملك النفوذ السياسي أو الجاه او السلطة في صنع القرار ووظائف الدولة العليا، بل إن صغار الفاسدين والمرتشين هم أبرز روافد منظومة الفساد، وبخاصة ذاك الفساد «الصغير» الذي نستهين بتأثيراته وانعكاساته السلبية ومن تجلياته الرشوة، المحسوبية، العمولات والولاءات..

إن الفساد آفة من الآفات التي تنخر المنظومة العدلية والقانونية والتجارية والمالية وتنهك الاقتصاد الوطني .وكان الفساد قبل الثورة مرتبطاً بمجموعة معينة ومعلومة من الجميع، واعتقد الجميع انه بسقوط النظام الفاسد وتوابعه وحاشيته، يمكن أن يتم تدارك الاخلالات وتطويق الظاهرة ولكن ما راعنا ان هذه الظاهرة نمت واستفحلت بشكل لافت، واتخذت عدة عناوين كالاقتصاد الموازي وتهريب السلع والتحيل.. عناوين استفادت من مناخ الحريات والديمقراطية في غياب سلطة الدولة الرقابية واجراءات الردع والتصدي .. لنقف جراء ذلك على ارقام مفزعة وصادمة حيث ان آفة الفساد ووفق تقارير ذات مصداقية تحتكر نسبة مهمة من الناتج المحلي الخام اي ما يعادل 2.7 مليار دينار أو 2700 مليون دينار، أي 1.9مليار دولار.

وتبدو الحكومة الجديدة منذ تشكلها برئاسة السيد الحبيب الصيد فاقدة لكل إرادة سياسية لمحاربة الفساد، لأن الأحزاب الموجودة في صلبها تتجنب الإحراج في طرح ملف محاربة الفساد، نظرا لعلاقة هذه الأحزاب السياسية الحاكمة بالمال السياسي وأيضا في علاقة هذه الأحزاب برجال الأعمال لا سيما المتورطين منهم في قضايا فساد.وكان ملف رجال الأعمال المتورطين في قضايا الفساد النقطة السوداء في سجل الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة، وها هي حكومة السيد الحبيب الصيد تلغي تماماً من قاموسها السياسي مسألة محاربة الفساد، الأمر الذي يقودنا إلى أن تونس عادت إلى المربع الأول، لجهة اعتبار موضوع محاربة الفساد من المواضيع المحرمة.

إن السؤال المطروح تونسياً ن كيف يمكن لحكومة السيد الحبيب الصيد التي تفتقد للبرنامج الحقيقي لمحاربة الفساد، والعاجزة عن إحداث خلايا للحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد صلب المؤسسات العمومية وإدراج مكافحة الفساد في الهياكل التنظيمية للإدارات وكل مرافق الدولة، أن تقوم بالإصلاحات الكبيرة ذات الطابع الاستراتيجي في جل القطاعات والمجالات على غرار الديوانة ( الجمارك)، والصحة، والطاقة، والمناجم، لبناء اقتصاد وطني منتج قادر أن يحقق نمواً حقيقياً، وأن يقضي على جيوب الفقر في المحافظات المحرومة والمهمشة والفقيرة داخل تونس العميقة، وجزء كبير من العلات والاخلالات المطروحة تعود أسبابها إلى تفشي الفساد وتغلغله في صلب الهياكل وفي الممارسات، وفي ظل الحصانة الكاملة من معاقبة الفاسدين، وبالتالي في ظل انعدام استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد؟

إن مكافحة الفساد، تتطلب توافر الإرادة السياسية، ومشاركة المجتمع المدني، وتقوية المؤسسات، فضلاً عن دور التعاون الدولي. ثم أن القضاء على التداعيات السلبية للفساد على عملية التنمية ومسيرة التقدم في تونس، يتطلب التحرك على المحاور الرئيسية التالية:

1-محور توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة: ويقتضي ذلك توسيع دائرة الرقابة والمساءلة من جانب المجالس التشريعية والنيابية، والأجهزة الرقابية، ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق درجة أكبر من «الشفافية» في العقود الدولية والعطاءات واتفاقيات المعونة، للقضاء على ما يسمى بـ»الفساد الكبير». وليس هناك من شك في أن الضمان الحقيقي لحل «مشكلة الفساد» حلاً جذرياً يكمن في تداولية السلطة، حتى لا يعشش الفساد طويلاً ويتم توارثه والتستر عليه. وهنا يبرز دور مهم منوط بالإعلام والصحافة في تسليط الضوء على «الفساد الكبير» في أعلى المواقع، مع توافر الضمانات القضائية اللازمة لحصانة الصحفي ورجل الإعلام.

2 - محور الإصلاح الإداري والمالي: لا بد من وضع القواعد والضوابط اللازمة لمنع «التداخل» بين الوظيفة العامة وممارسة النشاط التجاري والمالي (بالأصالة أو بالوكالة ) لمنع اختلاط المال العام والمال الخاص. وهذا يقتضي بدوره إعادة النظر في اللوائح المالية والإدارية، وتشديد القيود والضوابط والقضاء التدريجي على مفهوم «الدولة - المزرعة».

3 - محور إصلاح هيكل الأجور والرواتب: ولكي يمكن محاصرة الفساد عند أدنى المستويات، لابد من تحسين أوضاع صغار الموظفين وكبارهم في الخدمة المدنية، من حيث مستوى الأجور والمرتبات وبما يتمتعون به من مزايا، حتى تصبح تلك الأجور والمرتبات أداة لـ»العيش الكريم» (Living wages)، مما يساعد على زيادة درجة حصانة «صغار الموظفين» و»كبارهم» إزاء الفساد والمفسدين، وبما يساعد على القضاء على «الفساد الصغير» بأشكاله المختلفة.

إن مكافحة الفساد في تونس، مسؤولية كل المواطنين وأحزاب وقوى المجتمع المدني الحديث، وهي تتطلب ثورة اجتماعية شاملة معطوفة على تأسيس قيم وممارسة الديمقراطية والحفاظ عليها في المجتمع، وآليات واضحة لتأصيل الشفافية والمراقبة الفعالة. إلا أن هذا الإصلاح لا يبدو سهلاً نتيجة انعدام المشروع الإصلاحي الجذري لدى الحكومة الجديدة، ونتيجة ضعف أو انعدام الضوابط وإجراءات الرقابة التي يمارسها المجتمع عن طريق مختلف مؤسساته، وبسبب الروابط والعلاقات الشخصية داخل عوالم المال والسياسة، والتي تعود جذورها إلى قرون من الممارسات الاستبدادية والتقاليد الاقطاعية.
 
4 أعوام وحمم البركان السوري تلهب المنطقة...وهذه فرص التسوية (خاص)
المصدر: "النهار"... محمد نمر
من السهل إحصاء سنوات الأزمة السورية أو الحديث عن بدايات الثورة العذرية وايام "السلمية" لكنه من المستحيل التنبؤ بموعد نهاية الأزمة في سوريا، حيث تدور حربٌ عالمية ثالثة تشارك فيها كل جنسيات العالم وطوائفه لا رحمة فيها لا للبشر ولا الحجر.
المشهد الحالي: نظام سوري يحاول البقاء على قيد الحياة، أقله في المناطق التي لا يزال يسيطر عليها، عبر "حزب الله" وقوات ايرانية وعراقية. معارضة تنتظر المساعدة الأميركية والعربية الحقيقية لتحقيق أهداف الثورة. تنظيمات إرهابية لا هم لها اسقاط النظام من عدمه، بل تريد تغيير معالم المنطقة بأكملها وكانت المعارضة الخاسر الأكبر من وجودها. وبعد اربعة اعوام على انطلاق الثورة، بات أكيداً أن عدم حصول أي خرق يكسر جناح أحد الأطراف (النظام، المعارضة، الارهاب)، وان أجيال المستقبل ستشهد المعركة وربما يرثها أحفادهم.
استطاع تنظيم "الدولة الاسلامية" في السنة الرابعة من الأزمة أن يغيّر من معالم الأزمة، وجمع الأميركي والايراني في خندق واحد، فيما كانت المعارضة ترتب بيتها الداخلي بعدما أدركت ان شكلها المتشرذم لن يبقيها إلا في دائرة مغلقة، وتراهن على الوعود الأميركية بتدريب المعارضة العسكرية المعتدلة في الوقت الذي تواصل فيه ضغطها على الرئيس السوري بشار الأسد عسكرياً عله يفهم ان موعد الرحيل فاته بأشواط.
"النهار" تواصلت مع أطراف من المعارضة. عسكريون و"ائتلافيون" وشخصيات محسوبة على "معارضة الداخل"، أكدت حجم الفجوة الكبيرة بين الأطراف، التي لم يعد حلها سورياً، إذ يرى حسين العودات الذي طلّق "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي" وبقي معروفاً من بين شخصيات "معارضة الداخل" أن "التسوية المحتملة للأزمة أصبحت خارج الحدود السورية ولم يعد لا للسلطة ولا المعارضة دور حقيقي فيها، بل بات يتعلق الأمر بدول أخرى اقليمية ودولية، ومهما كانت مطالب المعارضة او السلطة متطرفة فهي لا تزيد او تنقص كثيراً في التسوية وعندما تتفق الدول الكبرى ستضع بنودها وتمررها للطرفين عبر اصدقائهما"، فيما نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض هشام مروة الذي لديه تحفظ على مصطلح "معارضة الداخل"، خصوصا في ظل وجود مناطق محررة ودخول وخروج اكثر من نصف اعضاء الائتلاف من والى سوريا، يعتبر في حديث لـ"النهار" ان "الضغط الداخلي والخارجي على بشار الأسد هو الطريق إلى الحل"، ويؤكد أن "أي حل ستطرحه الدول وفيه بشار الأسد لن تقبل به المعارضة، ولا يمكن تنفيذ أي تسوية تتقاطع مع مشاريع ومخططات الثورة، فهناك 10 ملايين مشرد و400 ألف شهيد و300 ألف مفقود وثلاثة ملايين منزل مهدم".
العودات الذي حدثنا من منزله في دمشق يرجح أن "تحصل التسوية هذا العام، لأن الأزمة السورية باتت تؤذي دول الجوار والوضع في الشرق الأوسط والوضع العالمي، ولم يعد في الامكان ان تنتظر المنطقة اكثر من ذلك، كما ان الاطراف اقتنعت بالحد الاقصى الذي ستحصل عليه سواء كانت اسرائيل او أميركا أو اوروبا او روسيا او ايران". ويؤكد نظريته بان "السلطة السياسية في سوريا ترفض أي تسوية حقيقية بمعنى حل وسطي بينها وبين المعارضة ولا تقبل إلا باستسلام كامل للمعارضة وأن تلقي سلاحها مقابل بعض الوزارات أو غيرها، فيما هذه المطالب بعيدة جداً عن المعارضة التي لا تزال مصرة على اسقاط النظام وتشكيل آخر جديد ديموقراطي واخراج المعتقلين، لهذا السبب لا يمكنهما ان يصلا إلى حل بل هناك تسوية دولية".
العام الرابع من الأزمة
وبحسب مروة، فإن السنة الرابعة للثورة بدأت بتقدم سياسي وعسكري، "وذلك عندما دخلت في جنيف وأثبتت أن النظام غير حريص على الحل وانه يعتمد على الحل العسكري، فيما أصرّت المعارضة على اتفاق هيئة حكم انتقالي متبادل من الطرفين وتعيين ادارة جديدة للبلد نتوافق فيها مع النظام لكن الأخير وعبر مستشارته بثينة شعبان ردت بأن حال الأرض تحدد حركة المفاوضات، واستقال الأخضر الابرهيمي، أما عسكرياً فاستطاع حينها الجيش السوري الحر أن يدفع "داعش" إلى التراجع حتى حدود الحسكة".
المرحلة الثاني لهذه السنة شهدت تراجعاً للمعارضة ويقول مروة: "يبدو أنه كانت هناك محاولة لاعادة انتاج الارهاب خصوصاً عندما سقطت الموصل بيد داعش، ولم يعد حينها التنظيم نمراً من ورق بل باتت لديه مخالب، واعطيت فرصة له للحياة ولم يتعرض له النظام او حلفاؤه او ايران، وبدأ يسلب المعارضة مناطقها المحررة، وصار وحشاً فاضطر المجتمع الدولي تشكيل تحالف لمواجهته واستغل النظام الأمر لتسويق نفسه كشريك لعملية مكافحة الارهاب". نهاية السنة الرابعة من الأزمة في رأي مروة كانت لصالح المعارضة حيث شهدنا "إدارة جديدة للائتلاف، وتوجهاً جديداً، لاقى نوعاً من القبول الدولي والاقليمي، وهناك مخططات كثيرة تحتاج فقط إلى التنفيذ"، ليخلص إلى أن "الثورة موجودة ولم يستطع النظام اخمادها" وأن "عدم الوقوف الى جانبها حول الازمة الى اقليمية وبات هناك تخوف من مشروع ايراني".
التقارب الايراني - الاميركي
أهم ما شهدته السنة الرابعة من الأزمة هو التقارب الايراني – الاميركي في الملف النووي من جهة ووجودهما على أرض واحدة في العراق لمحاربة "داعش"، ويقول حسين العودات: "نحن اليوم مقبلون على اتفاق او عدم اتفاق اميركي - ايراني في نهاية حزيران واظن أن هناك حدوداً لا يمكن ان يتراجع عنها الاميركي بأن الاعتراف بالمصالح الايرانية يجب الا تكون بناء على سياسة طائفية او هيمنة كما يريد الايراني، بل اقتصار الامر على مصالح معينة اقتصادية ممكن تجاوزها، وفي حال اختلفا ولم يتفقا فاظن ان الاميركي سيراهن على السلاح والحروب والضغوط العسكرية والاقتصادية".
كما يتفق مروة مع العودات على أن "حلحلة الملف الايراني – الأميركي ينعكس على المنطقة، وهذا أمر طبيعي، لكن للأسف الدور الايراني في الملف السوري لم يكن كما هو منتظر من أفكار الثورة الايرانية بالوقوف الى جانب المستضعفين بل الى جانب المستكبرين والمستبدين والقتلة، وساهموا في نشر ثقافة حماية المناطق المقدسة وجندوا الناس، وبات هناك علانية في وجود ايران في سوريا وبانها تقود العمليات العسكرية، لكن ثبات الثورة رغم اجرام النظام وحلفائه، يؤكد ان الثورة لن تنتهي بحل إلا سياسي".
العنصر الارهابي
في حال دخلت التسوية إلى المطبخ ما الحل للتنظيمات الارهابية؟ يجيب العودات: "كل الاطراف ضد هذه التنظيمات الارهابية ولا طرف وطنياً مسانداً لها وهذه واحدة من امكانيات استعجال الحل لأن استمرار وجودها مع الحرب قد يدفع الشباب إلى تأييدها"، اما مروة فيشدد على أن "الجيش الحر والشعب السوري قادران على مواجهة "داعش"، لكن كيف سيواجه الشعب داعش والبراميل المتفجرة تسقط فوق رأسه؟".
أميركا والورقة السورية
من جهته، يعتبر العميد الركن في الجيش الحر أحمد رحال، والمحلل العسكري الاستراتيجي في حديث لـ"النهار" أنه "مع نهاية العام الرابع من عمر الثورة يبرز أمر هام، ان الثورة وحتى نتيجة الضغوط والارادات والاجندات الخارجية لم تستطع أن تقدم نخبها السياسية والعسكرية الحقيقية ولا يزال تجار السياسة وخدم الأجندات الخارجية يتربعون على سدة زعامة قيادة الثورة من دون أي وجه حق وأي شرعية فهم ساقطون كما هو بشار الأسد لأنهم جميعاً مستفيدون من إطالة عمر الثورة، فبشار يبقى في سدة الحكم وهؤلاء يتابعون اختلاساتهم وامتيازاتهم ومناصبهم".
ويضيف: "رغم كل هذا الواقع المأساوي فإن الحراك المسلح والنخب السياسية الوطنية في الداخل تعمل وتجد للوصول الى أهداف الشعب السوري بعيداً عن الطفيليات التي تعيش في الفنادق وتسيطر على مقدرات الثورة"، وختم: "الثورة بخير وهي ستنظف نفسها من أدرانها لتعود نقية كما انطلقت".
أما في شأن التقارب الاميركي - الايراني، فيقول: "المفاوض الاميركي اعتبر الورقة السورية وسيلة للضغط على ايران وورقة مساومة على حساب الدماء السورية ويبدو ان كل معاناة السوريين اصبحت خارج الحسابات امام الاتفاق الاميركي مع ايران وظهر ذلك واضحا من خلال رسالة الرئيس اوباما لخامنئي والذي تعهد بها بعدم المساس بحليفه الأسد". وتابع: "النظام سقط نهائيا سياسيا وعسكريا لكن ايران والدعم المالي والعسكري هو من ابقى النظام واقفا حتى الآن والايام المقبلة اعتقد انها ستحمل الكثير من المتغيرات نأمل ان تكون لصالح الشعب السوري".
الطائفة العجوز
من المعارضة العسكرية، يرى العقيد عبد الجبار عكيدي، أحد أبرز القيادات في الشمال السوري والقائد السابق للمجلس العسكري الثوري في حلب و ريفها ان "السنة الرابعة هي سنة احتلال إيراني لسوريا، بعد تكبد النظام الأسدي المجرم خسائر كبيرة فاستقدم الميليشيات والمرتزقة الطائفيين من ايران والعراق وافغانستان وحزب الله لمساعدته على وأد الثورة واقتلاع جذورها، لكن الثورة تزداد وتيرتها ويقوى لهيبها ليحرق كل من يساند هذا النظام المجرم"، وأضاف في حديث لـ"النهار": "في هذا العام تكبد النظام خسائر كبيرة في الجنوب والشمال، وعدد قتلاه في هذا العام كان كبيراً جداً، ما أدى الى تململ الطائفة العلوية المساندة له نتيجة مقتل عدد كبير من شبابها حيث أصبحت الطائفة العجوز" .
 
التلفزيون الروسي يبثّ لقطات لبوتين لا اتفاق أوروبياً على تجديد العقوبات
النهار...المصدر: (و ص ف، رويترز، أ ب)
بث التلفزيون الرسمي الروسي أمس لقطات قال إنها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يعمل في مقر إقامته خارج العاصمة موسكو، في أول ظهور له منذ غاب عن الأنظار قبل أيام، الامر الذي أثار شائعات عن مرضه أو وجود صراع داخلي.
وأفاد الكرملين أن بوتين سيلتقي الاثنين الرئيس القرغيزي ألمازبيك أتامباييف في بطرسبرج ليبحث معه في انضمام قرغيزستان الى الاتحاد الاقتصادي الاوراسي الذي يضم بيلاروسيا وقازاقستان وأرمينيا.
ويظهر بوتين في التقرير التلفزيوني القصير في مقر إقامته بمنطقة نوفو أوغاريوفو حيث يعقد الكثير من الاجتماعات، وهو يجلس وراء مكتبه مواجهاً رئيس المحكمة العليا فياتشيسلاف ليبيديف ويبحث معه في خطط إصلاح النظام القضائي.
ولم يبد بوتين مختلفاً عن المعتاد، وكان يومئ برأسه موافقاً ومبتسماً على كلام ليبيديف، كما أمكن سماعه وهو يتفوه ببضع كلمات عن القضاء.
وألغيت زيارة لبوتين لقازاقستان هذا الأسبوع من غير ايضاح السبب رسمياً الى اجتماع في موسكو مع وفد من منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا.
عقوبات
في غضون ذلك، أفاد مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي أن حكومات الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد لم تتوصل إلى اتفاق على تجديد العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي ينتهي أجلها في تموز.
ومن المقرر أن يناقش الزعماء الاوروبيون العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا خلال قمة تعقد الأسبوع المقبل. وتدعو بعض الدول الأعضاء في الاتحاد إلى اتخاذ قرار بتمديد العقوبات الاقتصادية.
وقال المسؤول الاوروبي للصحافيين: "سنرى في المجلس ما سينتهي إليه الأمر، لكن لا أعتقد أن هناك إجماعا على تمديد العقوبات التي ينتهي أجلها في تموز"، مشيراً الى أن معظم الدول الأعضاء قد تقول إنه يجب الانتظار حتى تموز لمناقشة تجديد العقوبات الاقتصادية.
وفي كييف، أعلنت وزارة المال الاوكرانية ان كييف بدأت تسلم الدفعة الاولى البالغة خمسة مليارات دولار من القرض الذي منحه اياها صندوق النقد الدولي في اطار برنامج مساعدات بقيمة 17,5 مليار دولار على اربع سنوات. وقالت ان "الاموال بدأت تصل الى حسابات المصرف المركزي"، وان "المبلغ باكمله سيصل بحلول نهاية نهار أمس".
ووسط تصاعد حدة التوتر مع روسيا في شأن الازمة في أوكرانيا، قالت وزارة الدفاع ان بلغاريا والولايات المتحدة العضوين في حلف شمال الاطلسي، ستجريان سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة خلال الاشهر الثلاثة ونصف الشهر المقبلة .
وسيصل نحو 350 ضابطاً من الجيش الاميركي الى بلغاريا للمشاركة في التدريبات المشتركة التي تبدأ غداً في ميدان نوفو سيلو بجنوب شرق بلغاريا. وتشارك في التدريبات ناقلات جند مدرعة أميركية وطائرات هليكوبتر ودبابات.
 
«إخوان» الأردن لم يعودوا «إخواناً»
الحياة..نبيل غيشان ...* كاتب وصحافي أردني
بات الصراع اليوم مكشوفاً في المنطقة العربية حول دور الإسلام السياسي وطبيعة مشاركته في السلطة، مع إمكان استمراره في الخلط بين الدعوي والسياسي وفرض نموذجه المحدود في مجتمعات عربية أقرب إلى تفسير الدين في إطاره الحضاري الأخلاقي وليس كمنصة للوصول إلى السلطة.
شكل هذا الصراع حراكاً داخلياً في معظم الأقطار العربية وبالتحـــديد لدى الجماعات الإسلامية المعتدلة وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين»، التي قدمت مراجعات ومقاربات في السنوات الأربع الماضية أدت إلى وصولها إلى الحكم في غير دولة عربية، إضافة إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة المصلحية المتبادلة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
في الأردن كانت جماعة «الإخوان» الأقرب إلى النموذج التنظيمي التقليدي الذي يصر على مفاهيمه القديمة ورفض أفكار التجديد والبقاء في حال التكتم والتعاطي الملتبس مع القضايا الوطنية، وهذا ما قادها خلال سنوات الربيع العربي إلى انفراط عقدها التحالفي التاريخي مع النظام الأردني الذي وفّر لها الحماية منذ أربعينيات القرن الماضي.
انقلبت العلاقة مع الدولة الأردنية إذاً إلى حال من التوجس والتأزم، خصوصاً أن أطرافاً من «الجماعة» كانت تطرح خطاباً استفزازياً للنظام السياسي وصل في بعض الحالات إلى هتافات شبابية في الشوارع والساحات تدور حول شعار إسقاط النظام وتوجه انتقادات مباشرة للملك، على رغم أن قيادات إخوانية كانت تخرج فوراً لترفض تلك الشعارات، وتصر على مطلب «إصلاح» النظام وليس «إسقاطه»، لكن اللعبة كانت مكشوفة.
وأدت هذه الحال الملتبسة إلى حراك داخل الجماعة الأردنية نجم عنه أخيراً ظهور «جماعتين» يتولاهما «مراقبان»، الأولى برئاسة المراقب العام همام سعيد الذي تنتهي ولايته القانونية في نيسان (ابريل) المقبل، والثانية يرأسها المراقب العام الأسبق عبدالمجيد الذنيبات الذي حصل على ترخيص رسمي أخيراً باسم جمعية «جماعة الإخوان المسلمين». فهل ما جرى هو انقلاب أم تصحيح أوضاع كما يتنازع الطرفان؟
يتقاذف الطرفان الاتهامات، فالجماعة الأولى تعتبر أن الجماعة الثانية التي يرأسها الذنيبات من صنع الدولة الأردنية وأجهزتها، وهي ترفض بشدة فكرة الحاجة إلى الترخيص إذ يقول الناطق الإعلامي باسمها مراد العضايلة إن «الجماعة دعوة لله لا تتوقف على ترخيص».
بينما استند الذنيبات في إصراره على تقديم طلب لنيل الترخيص الرسمي إلى أن آخر ترخيص للجماعة صدر عام 1953 نص صراحة على أن جماعة «عمان» هي فرع من جماعة «القاهرة»، وما دام «الأصل» فقد ترخيصه المصري وأصبح «جماعة إرهابية محظورة» فإن الفرع يتبع الأصل، ما يعني أن جماعة «عمان» فقدت ترخيصها وهي بحاجة إلى تجديده.
ولا شك في أن الفكرة راقت للحكومة الأردنية التي تحاول خفض الجرعة الدينية في العملية السياسية والتعليمية، مع أنها قاومت على مدار السنوات الماضية ضغوطاً من أجل حل جماعة «الإخوان» واعتبارها إرهابية. كان الموقف الأردني واضحاً بأن أي محاسبة للجماعة ستكون وفق تصرفاتها ومواقفها على الساحة الأردنية وليس خارجها، وهي نقطة لم تقدرها قيادة الجماعة للحكومة.
الحكومة تقول على لسان وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالده «لا علاقة لنا بما يجري والقضاء هو الفيصل بينهما»، في إشارة إلى طلب حسم مسألة أي من الجماعتين يحمل «عصا الشرعية» ولمن ستؤول الأموال المنقولة وغير المنقولة المسجلة باسم الجماعة الأم؟ ويبدو أن كفة الذنيبات ترجح قانونياً، لكن، هل يمتلك القدرة على ملء فراغ قيادة هــمام سعــيد والانــطلاق بجماعة قوية وجديدة؟
المسالة تعقّدت والحلول لم تعد متاحة على رغم أن «الحكماء» داخل الجماعة يطرحون حلاً يستند إلى ضرورة الترخيص واختيار قيادة توافقية برئاسة عبداللطيف عربيات، مع إجراء انتخابات جديدة لاختيار مجلس شورى ومكتب تنفيذي ومراقب عام جديد، لكنهم لا يعترفون بشرعية الذنيبات.
والجماعة المرخّصة تهدّد بسيف القانون وبأنها تمتلك السند القانوني بشرعيتها، لكن الواقع يقول أيضاً أن الجماعة التي تمتلك الترخيص الرسمي بموجب القانون لن تستطيع أن تحظى بسطوة الجماعة الأم وشعبيتها وقوتها الــسياسية والانتخابية التي أعطتها السرية والتراتبية التنظيمية والبيعة القائمة على السمع والطاعة هالة ووهجاً خاصاً.
في المقابل، تهدد الجماعة التي فقدت الترخيص باللجوء إلى العمل السري والعودة إلى البدايات وتغليب العمل الدعوي الاجتماعي على السياسي، وحتى لو ذهبت هذه الجماعة إلى الترخيص ونالته، فإنها ستكون جماعة جديدة لا تشكل امتداداً للتراث التاريخي المتراكم، لكن الجماعة القديمة هذه لن تستطيع العيش بعيداً من حضن الدولة التي نشأت وترعرعت في دفئه، وتهديداتها بالعمل السري لن تجدي نفعاً لأنها بالأصل مكشوفة والقانون يطاول كل اجتماعاتها وفاعلياتها.
الأمور تتحدد خلال ستين يوماً (مدة الاعتراض على منح الترخيص الجديد)، والحكومة الأردنية باتت مرتاحة لأن جماعة «الإخوان المسلمين» فقدت الكثير من قوتها وتأثيرها، وبات هناك خط واضح بعدم جواز ممارسة العمل الديني والسياسي معاً، وهو هدف تم الوصول إليه من دون كلفة سياسية.
 
«حزب الله» السوري وسيناريوات ما بعد الأسد
الحياة...أحمد دياب .. * كاتب مصري
في أيار (مايو) الماضي، نشرت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء، على موقعها على «الإنترنت»، تصريحاً للقائد السابق للحرس الثوري الإيراني حسين همداني- قبل أن تعود وتحذفه بعد دقائق - قال فيه: «مستعدون لإرسال 130 ألفاً من عناصر الباسيج إلى سورية، لتشكيل حزب الله السوري»، الذي وصفه بـ «حزب الله الثاني» بعد «حزب الله اللبناني»، قائلاً: «بعون الله استطاع الإيرانيون تكوين حزب الله الثاني في سورية». وبينما لم يُعرف متى بدأ الحزب عمله على الأراضي السورية، أوضح همداني أن عناصره كانت تعمل تحت مسمى «القوات الشعبية» التي انضوت تحت لواء الحزب وتقاتل باسمه الآن، لاسيما في حلب.
وفي الآونة الأخيرة، كان لافتاً تأكيد فصائل سورية معارضة أنها اكتشفت عناصر تنتمي إلى ما يسمى «حزب الله السوري» من بين القتلى الذين سقطوا للنظام على جبهات درعا والقنيطرة وحلب، وقد حملوا بطاقات ومهمات قتالية تشير إلى ذلك، ونشر بعض المواقع الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تتضمن اعترافات لعناصر قبض عليهم «الجيش الحر» في أكثر من موقع، بأنهم ينتمون إلى «حزب الله السوري»، وتم تجنيدهم خلال الشهرين الأخيرين.
ورغم تواجد عناصر الحزب على الجبهات المشتعلة في سورية، وتوليه حراسة الكثير من المواقع الإستراتيجية للنظام في دمشق ومحيطها، فإنه لم يتم الإعلان عن تشكيله رسمياً، ويتوقع مراقبون أن يتم ذلك قريباً في احتفال رسمي تحضره قيادات لبنانية وعراقية وإيرانية، بعدما استكمل الإعداد له لوجيستياً وعملياً بنسبة 70 في المئة على مستوى الانتشار والترتيبات، وهو بانتظار الضوء الأخضر الإيراني.
ويقدر بعضهم أن عدد عناصر الحزب في سورية تجاوز 15 ألف مقاتل، يعملون مقابل رواتب تتراوح بين مئة ومئتي دولار شهرياً، وهم يتمركزون على الجبهات الحساسة لاسيما القنيطرة وفي مناطق توزع الشيعة في سورية، فهناك ما بين 3 آلاف و3500 مقاتل شيعي مدرّبون من «حزب الله» ويتلقون رواتب منه مباشرة، فيما هناك فئة أخرى يتراوح عدد عناصرها بين 10 و12 ألف مقاتل يتلقون أوامر من الحزب ويحصلون على رواتبهم من النظام السوري. فـ «حزب الله اللبناني» وبالتنسيق مع «الحرس الثوري» الإيراني يُنشئ خلايا له في منطقة الساحل، ويشكّل «حزاماً عسكرياً» مؤلفاً من آلاف المقاتلين الذين يسيطرون إلى جانب عناصر من «حزب الله اللبناني» على المناطق العلوية والشيعية في منطقة الفوعة في ريف إدلب ونبل والزهراء في ريف حلب والسيدة زينب قرب دمشق وبعض القرى في ريف حمص. وما كان يعرف بـ «قوات الدفاع الوطني» المؤلفة من عناصر سوريين شيعة؛ بعضُهم تدرب في إيران والآخرون على يد قياديين من «حزب الله»، يشكلون النواة الأساسية لـ «حزب الله السوري».
و «حزب الله السوري» لا يقبل عناصر من غير أتباع المذهب الشيعي، وغالبية عناصره من الشيعة السوريين، ويرفض الحزب حتى قبول أبناء الطائفة العلويّة فيه، معللاً ذلك بعدم ثقته بهم، واستعدادهم للتخلي عن كل شيء مقابل النهب والسلب في المناطق السُنّية التي يدخلونها، وتشارك في الحزب أيضاً عناصر شيعية من العراق وإيران ولبنان، وقيادة العمليات على الأرض حتى ضمن جناح الحزب السوري، تبقى لقوات «الحرس الثوري» الإيراني وعناصر «حزب الله» اللبناني، ويتولى قيادته والإشراف عليه سمير قنطار وضباط من الحرس الثوري الإيراني. إذ أشارت تقارير صحافية في 23 شباط (فبراير) الماضي إلى وجود جسر جوي إيراني يتولى نقل مقاتلين شيعة من العراق واليمن وأفغانستان، ولافتاً إلى أنه في معركة ريف حلب عثر على جثتين لمقاتلين اثنين من الحوثيين في اليمن.
الهدف من إنشاء هذا الفرع هو تأسيس كيان عسكري في حزب سياسي شبيه بوضع «حزب الله» في لبنان، إذ يسعى الحزب، والقائمون عليه، لإقامة كتلة عسكرية - سياسية، تتمدد سياسياً نحو دمشق، وتعطل أي شكل من أشكال الحياة السياسية مستقبلاً، في حال تمّت تسوية بين النظام والمعارضة، أو سقط النظام نهائياً. ولعل هذا هو الهدف الحقيقي للهجمة الشرسة التي تشنها قوات النظام السوري لاستعادة السيطرة على ريف درعا والقنيطرة بقيادة إيرانية مباشرة يتولاها قاسم سليماني. وهذه خطوة «حزب الله» للسيطرة على الشريط الحدودي مع إسرائيل تحضيراً لما بعد سقوط بشار الأسد، فإيران تعمل بالتنسيق مع «حزب الله» والنظام السوري على إنتاج منطقة جغرافية أقرب للجنوب اللبناني، من حيث التركيبة الطائفية والحزبية المسلحة بشعار المقاومة. ولهذا الأمر أهمية حدودية مع الجولان المحتل، على أن تدّعي تلك القوة احتكار العمل المقاوم للاحتلال الإسرائيلي للجولان، مستغلّة مشاعر الشعب السوري التاريخية، المعادية لإسرائيل، من أجل تنفيذ أهداف إستراتيجية تخدم النظام السوري والسياسة الإيرانية في الشرق الأوسط.
وتؤكد مصادر محلية في محافظة القنيطرة، أن تلك الفكرة ليست جديدة، لكنها تُقدّم اليوم بصياغة مختلفة، فإيران سعت عبر النظام السوري منذ عام 2010، إلى الاجتماع مع مشايخ القرى الواقعة على حدود الجولان، من أجل تجنيد شبابها في حزب مسلّح مقاوم للوجود الإسرائيلي. وبعد اندلاع الثورة السورية وخسارة النظام السوري المساحة الأكبر من القنيطرة لمصلحة كتائب المعارضة المسلحة، عمدت قوات النظام إلى تشكيل نواة في تلك المنطقة، عبر تجنيد أبناء القرى، تحديداً في قريتي خان أرنبة وحضر، وإمدادهم بالسلاح والذخيرة الكاملة.
والأهداف القريبة لهذا المشروع تتجلى أولاً، في جعل مقاتلي «الجيش الحر» في الجنوب السوري بوضعٍ حرجٍ، أمام تلك الكتلة العسكرية الجديدة، ما سيؤدي إلى انقسام الحاضنة الشعبية للثورة، نتيجة إظهار «الجيش الحر» وكأنه يدافع عن إسرائيل، تبعاً للتسمية التي يطلقها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على «الجيش الحر» بـ «جيش لحد السوري»، بالإشارة إلى عملاء إسرائيل في الجنوب اللبناني بقيادة أنطوان لحد قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2000.


 
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,334,297

عدد الزوار: 7,064,188

المتواجدون الآن: 55