أخبار وتقارير...معركة الأفكار 2.0: مكافحة أيديولوجية تنظيم «الدولة الإسلامية» في الولايات المتحدة والخارج ...التونسيون يصوتون في جولة الاعادة للانتخابات الرئاسية ..لاريجاني إلى دمشق وبغداد وبيروت للبحث في قضايا أمنية..واشنطن تدّعي تأثير الضربات الجوية على معنويات «داعش» ومسؤولون يؤكدون

أثرياء روسيا يغادرونها الى بريطانيا ...أوباما: بوتين أوصل بلاده إلى انكماش اقتصادي هائل.... أزمة الروبل والتصلّب الروسي المتوقع شرق ـ أوسطياً أيضاً

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 كانون الأول 2014 - 7:56 ص    عدد الزيارات 1878    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

معركة الأفكار 2.0: مكافحة أيديولوجية تنظيم «الدولة الإسلامية» في الولايات المتحدة والخارج
الأمير زيد رعد الحسين, ماثيو ليفيت, و هدية ميراحمادي
أعدت هذا الملخص المقررة كيلسي سيغاوا
"في 16 كانون الأول/ديسمبر، خاطب صاحب السمو الملكي الأمير زيد رعد الحسين من الأردن، وماثيو ليفيت، وهدية ميراحمادي  منتدى سياسي في معهد واشنطن. وصاحب السمو الملكي الأمير زيد هو "المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان". والسيد ليفيت هو زميل فورمان - ويكسلر في المعهد ومدير برنامج ستاين للاستخبارات و مكافحة الإرهاب. والسيدة ميراحمادي هي مديرة "المنظمة العالمية لتنمية الموارد والتعليم" (WORDE)، وهي منظمة غير ربحية تكرس عملها لمنع التطرف. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم."
 صاحب السمو الملكي الأمير زيد رعد الحسين
هزّت الهجمات المروعة التي وقعت في 16 كانون الأول/ديسمبر في مدينة بيشاور العالم مرةً أخرى، حيث لم تكتفِ باستهداف المدنيين بل استهدفت طلاباً صغار أيضاً. وفي حين كانت حركة "طالبان" هي مرتكبة الهجمات هذه المرة، إلاّ أنّه لم يعد يهمّ تقريباً تمييز واحدة من هذه الجماعات المتطرفة عن الأخرى من حيث مفهوم حقوق الإنسان. فسواء تحدثنا عن جماعة «بوكو حرام» أو «جبهة النصرة» أو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية»، تتبع كلها أيديولوجية "تكفيرية" متشابهة.
وعلى دول الغرب أن تدرك النسيج الذي يربط كل هذه الجماعات المتطرفة معاً حيث أنها تبدي القدر عينه من القساوة والاستخفاف بالأرواح والتشويه الكامل لماهية الدين الإسلامي. فحالما تدرك ذلك، سيصبح من الممكن البدء بالعمل على إعداد الإطار الصحيح لمكافحة أيديولوجيتها. بالإضافة إلى ذلك، سيمنع فهم هذه المسألة بشكل أفضل السياسيين الأكثر تمثيلاً لآراء عامة الشعب من تأجيج المشاعر المعادية للإسلام إذ إنّ رد الفعل المبالغ لا يقوم سوى بتغذية القضية "التكفيرية". نرى الآن الإدانات تتدفق من العواصم العربية والإسلامية، لكنّ إظهار الشعب للاشمئزاز والرفض لم يكن كافياً حتى الآن.
لقد استغل تنظيم «الدولة الإسلامية» بشكل ذكي طموح الكثيرين من المسلمين غير "التكفيريين" إلى إقامة خلافة إسلامية وقام، من خلال حبك هذا الطموح بطريقة تفكير متطرفة، بخلق ما يمكن وصفه بقوة هائلة مدمّرة لا يمكن ردعها. فقد احتلت «داعش» قبل عام مدينة الفلوجة التي لا تزال تحت سيطرتها حتى اليوم- ما يبين أن لأيديولوجيتها قدرةً على الصمود. كما أنّها تتعلم حالياً كيف تحكم بدلاً من مجرد الانخراط في نشاطات إرهابية شاملة. بالنسبة للبعض، مثل المسيحيين أو اليزيديين، فالإرهاب هو بالتأكيد شاغلهم الرئيسي، غير أنّ تنظيم «داعش» يستجيب لاحتياجات أجزاءٍ معينة من المجتمع. ذلك يزيد من قدرتها على الصمود، ويدعو إلى اللجوء إلى استجابة متعددة الجوانب لا تقتصر على القنابل والبندقيات والحسابات المصرفية.
ويجدر الذكر أنّ الإعلام يؤدي دوراً هاماً في هذه المعركة إذ يقع على عاتق الإعلاميين إسماع صوت المسلمين العاديين المعتدلين وإعطائهم منصة أوسع. غير أنّ الإعلام غالباً ما يفضل عرض الصواريخ المنهمرة بدلاً من التركيز على الصعيد الأيديولوجي. فلم تغطِ سوى صحيفتان اثنتان أو ثلاثة صحف في دول الغرب كتاباً صدر عن 126 عالماً من العلماء المسلمين استنكروا فيه الخطبة التي ألقاها زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي في تموز/يوليو. من إمكان وسائل الإعلام الكبرى كما ومن واجبها إلقاء المزيد من الضوء على هذا الجانب.
 ومن الواضح أنّ الكثيرين ممن يقصدون مناطق النزاع في سوريا والعراق بالكاد يعرفون القليل عن الأيديولوجية "التكفيرية". فهم يرونها كآلية ومنفذ للاحتجاجات العنيفة، الأمر الذي لم يعد متاحاً في أوروبا. أضف إلى ذلك أن العالم لا يزال يتخذ خطوات متعثّرة في ما يخصّ محاسبة أفظع الجرائم – إذ إنّ الكل يستنكر هذه الجرائم ولكن ما من مجهود موحد يُبذل في سبيل وضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب. يمكن القول يطريقة ما إنّه يتم الإفراط في تعريض الجمهور لأخبار سفك الدماء والقتل وقد أصبح هذا الجمهور بالتالي ميتاً من الداخل ومخدراً تجاهها، تماماً كما يتضايق طلاب الطبّ من رائحة مواد الفورمالدهيد المحنطة عند تشريح الجثة الأولى ومن ثم يعتادون على الرائحة بحلول تشريح الجثة الثانية أو الثالثة. إنّ عدد المرات التي اضطر فيها مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان على إحاطة مجلس الأمن بقضايا انتهاكات هذه الحقوق يثير القلق. نحن نتوجه الآن باندفاع نحو حالة طارئة عالمية لا نعرف ملامحها الواضحة بعد.
ولا يكفي، لوضع حد نهائي للنزاعات، إطلاق مشاريع البناء التنموية أو تدريب الجيش والشرطة والمسؤولين المحليين. فلن نتوصل إلى صيغة تسمح بالمصالحة وبتصفية الحسابات العميقة سوى عند فهم الحالة النفسية الجماعية والتاريخ والروايات المتباينة للشعب. من دون ذلك، جل ما سنفعله هو الجري من أزمة إلى أخرى محاولين معرفة ما الخطأ الذي ارتكبناه وكيف يمكننا تصحيحه.
 ماثيو ليفيت
الوقت الآن هو الأنسب بشكلٍ خاص لإطلاق مناقشات حول مواجهة التطرف العنيف سواء في الولايات المتحدة أو خارجها نظراً إلى تخطيط البيت الأبيض لعقد قمة حول هذا الموضوع. فيتأرجح اهتمام الحكومة في هذا الموضوع هبوطاً ونزولاً لكنه يحظى اليوم بالاهتمام لأنه يشكل واحداً من أصعدة العمل الخمسة في استراتيجية الحكومة الأمريكية لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». غير أنّ العوامل الدافعة للتشدد لا تقتصر على «داعش». فعلى البرامج الأميركية أن تغطي القضية انطلاقاً من الشكاوى الشخصية المحلية وصولاً إلى قضايا السياسة الخارجية مثل وحشية نظام بشار الأسد في سوريا.
أما على صعيد جهود مواجهة التطرف العنيف، فثمة ثلاثة مقالق رئيسة. فتتطلب أولاً جهود مواجهة التطرف العنيف الفعالة كلا إشراك المجتمع والرد على الأسس الأيديولوجية للتطرف، بما فيها الخطابات المضادة. إنّ الحفاظ على علاقات سليمة مع المجتمعات المسلمة أمر هام بشكل استثنائي، سواء للحكومة أو للمجتمعات. كما وأنّ المجتمعات المحلية مؤهلة بشكلٍ فريد لمواجهة المسائل الدينية - إذ يجب على الحكومة ألا تورط نفسها في نقاشات دينية. غير أنّ إشراك المجتمع وحده ليس كافياً. فالبرامج أمثال برنامج "جلسات إحاطة توعية المجتمع المدني" الذي ينفذه المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب والذي يوضح نظرة المركز إلى التهديدات الإرهابية، في غاية الأهمية. ومهما كان موضوع الأيديولوجيات مزعجاً، لا بد من التطرق إليه إذ عندما يكون لدى الشخص فراغ معرفي يمكن ملؤه بهذا التطرف العنيف، على أحدٍ أن يتدخل ليزوده بسيناريوهات وأفكار بديلة.
 لكن تعاني الحكومة الأميركية لسوء الحظ من عجزٍ هيكلي وبرمجي في ما يتعلق بمنع ومكافحة التطرف العنيف. فلا وزارة في الولايات المتحدة للمجتمعات والحكومة المحلية أو لا وزارة داخلية شبيهة للنلك في بريطانيا تعمل الحكومة الفدرالية من خلالها مع المجتمعات المحلية. ولقد تم إدراج مواجهة التطرف العنيف في إنفاذ القانون لعدم توفير أي بديل. يزيد ذلك من خطر إنشاء "شرطة فكر" كما في رواية "1964" لجورج أورويل، غير أنّه لا يمكننا الانتظار إلى أن تُرتكب الأعمال العنيفة إذ علينا أن نحدث نقلةً نوعية في مرحلة أبكر من مراحل عملية التشدد. والخبر السار هنا هو أنّ لدى الولايات المتحدة حالياً ثلاثة برامج تجريبية كبيرة في إطار مواجهة التطرف العنيف في بوسطن ومينيابوليس ولوس أنجلوس. غير أنّه يجب تقييم قيمة هذه البرامج بالاستناد إلى مستويات تمويلها وإلى ما إذا كانت تتصدى إلى الأيديولوجية المتطرفة وتسهّل الوصول إلى المجتمعات المحلية.
وأخيراً، في حين تلعب عوامل محلية هامة دوراً في التشدّد، ثمة أيضاً عنصر كبير متصل بالسياسة. ففي حين أنّ بعض المسلمين ينجذبون إلى فكرة إنشاء خلافة إسلامية، إلاّ أنّ الوحشية التي يرتكبها نظام الأسد ضد المدنيين السوريين، وما يرافقها من انعدام استجابة حكومات دول الغرب تشكل واحداً من أبرز العوامل التي دفعت بالسنّة للانضمام إلى القتال في سوريا. وانخرطت الولايات المتحدة عسكرياً في المسألة أولاً لحماية مواطنيها ومن ثم لحماية الأقليات، ولكن، ليس لحماية السنّة بتاتاً. وساعد التصور الناتج عن ذلك لسياسة الولايات المتحدة على خلق حالة خطرة للغاية حيث يسافر آلاف المنتمين إلى الطائفة السنية إلى سوريا ويؤججون التوترات الطائفية في المنطقة. فما دام بشار الأسد في السلطة، سيبقى عامل جذب للمقاتلين الأجانب الذين يعارضون حكمه.
 هدية ميراحمادي
يؤثر نظام «داعش» كما النزاع في سوريا في المجتمعات المحلية الأميركية إلى درجة تفوق بكثير، بطريقة ما، ما شهدناه في إطار تجنيد «القاعدة» أو غيرها من الجماعات الجهادية للمتطوعين. إذ كان التلقين الأيديولوجي لـ تنظيم «القاعدة» أشد تطرفاً بكثير – حيث سعت الجماعة إلى إقناع مناصريها أنّ الغرب عدو لدود. أما تنظيم «الدولة الإسلامية»، فيدعي أنّه يسعى لبناء مجتمع فاضل وإنقاذ المسلمين من مذابح نظام بشار الأسد. ووفقاً للدعاية التي تنشرها «داعش»، هي جماعة قانونية لها زعماء شرعيين ضمن دولة قائمة ذات سيادة. وهنا يتعين على العلماء المسلمين دحض هذه الادعاءات، كما يمكن للمعتدلين تلقيح الوسط الإسلامي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وذلك يحصل الآن للمرة الأولى قط إذ قال الإمام يوسف القرضاوي ذو النفوذ البالغ إنّ «داعش» لا تستوفي شروط إنشاء دولة إسلامية، لا من الناحية الاجتماعية ولا من الناحية اللاهوتية. وهذه رسائل قوية جداً يجدر أن تذاع بصوت أعلى وأن يتم إيصالها للمزيد من الناس.
بإمكان الشيوخ أنّ يؤثروا في الكثير من الشباب والراشدين الذين يسعون للحصول على مبررات لاهوتية للأنشطة الجهادية. غير أنّه ما زال يصعب الوصول إلى الاطفال الأصغر سناً ما زال. تعمل المنظمة العالمية لتنمية الموارد والتعليم في مقاطعة مونتغومري في ولاية ماريلاند مع الحكومة المحلية لتوجيه الشباب نحو أشكال تعبير أكثر أخلاقية وأقل عنفاً قبل أن يتم تلقينهم أفكاراً متشددة. ويجب تمكين فئة الشباب، فالكثير منهم يواجهون صعوبةً في احترام السلطة، ومن الصعب غرس القيم الهامة من حيث ما من احترام. يعمل العاملون في منظمة المنظمة العالمية لتنمية الموارد والتعليم على مساعدة الشباب على فهم الجذور التي ينبع منها شعورهم بالعجز واليأس.
والأمر هنا ليس عبارة عن برنامج متركز حول الإسلام بل هو يطال المجتمع بأكمله، إذ يتوفير لدى المجتمع ككل الإطار الأنسب لفهم عوامل الخطر المرتبطة بالسلوك المتطرف وكيفية التدخل، من أساتذة المدارس والمسؤولين عن إنفاذ القوانين وصولاً إلى الشخصيات الدينية. وفي الوقت عينه، يُفترض بالعملية أن تصبح أسهل بكثير إذا ساهم المسؤولون الفدراليون بتقديم المزيد من التوجيه. ونموذج مقاطعة مونتغومري ممتاز هنا، ولكن، من دون الحصول على توجيهات من أعلى الإدارة من أجل تنسيق مواجهة التطرف العنيف والتشديد على أهميته، سوف تُضطر كل مقاطعة إلى خلق برنامجها الخاص بمفردها.
 
التونسيون يصوتون في جولة الاعادة للانتخابات الرئاسية
سارة فوير
سارة فوير هي زميلة سوريف في معهد واشنطن.
يعود التونسيون في 21 كانون الأول/ديسمبر إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة في غضون عدة أشهر لاختيار رئيسهم المقبل في جولة ثانية بين المرشحين الاثنين الحاصلين على أعلى نسبة أصوات في الجولة الأولى في 23 تشرين الثاني/نوفمبر. وقد فاز رجل الدولة المتمرّس الباجي قائد السبسي في تلك الجولة بـ 39% من الأصوات، فيما حل الناشط الحقوقي لفترة طويلة والرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ثانياً مع 33% من الأصوات. وإن كان المراقبون متفاجئين بالفارق البسيط بين المرشحين في الشهر الماضي، فالنتيجة ستكون بعد أقرب في انتخابات الأحد، وهي الخطوة الأخيرة قبل تشكيل حكومة جديدة منتظرة منذ وقت طويل.
التطورات الأخيرة
وفيما كان السبسي والمرزوقي في خضم حملتهما الانتخابية، حصلت تطورات هامة في السلطة التشريعية استمرت بتشكيل السياق الذي سيحكم فيه الرئيس الجديد. فبعد الجلسة الختامية للمجلس الوطني التأسيسي – وهو الهيئة المؤقتة التي حكمت البلاد بعد ثورة العام 2011 وأشرفت على إقرار دستور جديد—، اختار مجلس نواب الشعب المنتخب حديثاً رئيساً ونائبي رئيس. وستسيطر خمس كتل على البرلمان حديث العهد: يقود السبسي "نداء تونس" مع 86 مقعداً، أما حزب "النهضة" الإسلامي فيملك 69 مقعداً، فيما حاز حزب "الاتحاد الوطني الحر" الوسطي 16 مقعداً، وفاز حزب "الجبهة الشعبية" اليساري 15 مقعداً، وأخيراً حصل الحزب الليبرالي أفق تونس بثماني مقاعد. وسيشغل المقاعد الـ23 المتبقية المستقلون. وفي تصويت يعكس توزيع الأحزاب، يأتي رئيس مجلس نواب الشعب الجديد محمد الناصر عضو "نداء تونس" فيما يأتي نائبا الرئيس عبد الفتاح المورو وفوزية بن فضة من "النهضة" و "الاتحاد الوطني الحر" على التوالي. وقد بدأ مجلس النواب بتشكيل اللجان الأساسية، وبشكل خاص للمالية والشؤون الداخلية.
في هذا الوقت، ضمن السبسي والمرزوقي عدداً من المؤيدين من أحزاب مختلفة وأفراد بارزين. فقد دعم الاتحاد الوطني وأفق تونس السبسي بالإضافة إلى حاكم البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي والمدير السابق للهيئة الوطنية للانتخابات كمال جندوبي والناشط العمالي عدنان حجي. أما التيار الديمقراطي فيدعم المرزوقي بالإضافة إلى أعضاء بارزين من التكتل الديمقراطي من أجل العمل، وهو حزب مدني حكم في الائتلاف مع حزب المرزوقي "المؤتمر من أجل الجمهورية" و "النهضة" خلال الفترة الانتقالية.
ولعل الأثر الكبير نتج من ضعف التأييد من "النهضة" و "الجبهة الشعبية"، الحزبان الذين يستمران بالتأمل بالانضمام إلى الحكومة قد يقودها "نداء تونس" بعد الجولة الثانية. وقد انعقدت بعد الجولة الأولى هيئة صناعة القرار في "النهضة" مرتين للنقاش حول دعم ممكن لكن التوافق بقي بعيد المنال بعد أن ظهرت انقسامات بين قادة الحزب، الذين يبدون أقرب إلى تقديم الدعم المشروط للسبسي، وبين القاعدة التي تبقى معارضة بقوة لرئيس مع روابط مع النظام السابق. وكذلك انقسمت "الجبهة الشعبية" بين أعضاء يناصرون تأييد السبسي مقابل الدخول في الحكومة وهؤلاء الذين لديهم ميول اقتصادية أكثر لبرالية مما توده القاعدة.
وجهان، أو رؤيتان، لتونس
ويعكس عدم قدرة "النهضة" و "الجبهة الشعبية" على دعم مرشح، بشكل جزئي، نقاش أوسع في تونس حول ما تمثله هذه الانتخابات. فبالنسبة للبعض، التنافس بين السبسي والمرزوقي خيار بين العودة إلى النظام السابق أو الاستمرار بالزخم الثوري الذي انطلق سنة 2011. أما بالنسبة لآخرين، هذا التنافس هو بين الشمال المسيطر على الاقتصاد حيث حقق السبسي نتيجة جيدة في الدورة الأولى، والجنوب المهمل تقليديّاً حيث فاز المرزوقي بدعم قوي. وبالنسبة للبعض، إن تحالف المرزوقي مع "النهضة" في الفترة الانتقالية يجعل الخيار في الانتخابات محصور بين "حداثة" السبسي والإسلام السياسي بالتعاون المتمثل بالمرزوقي. أما بالنسبة للقسم الأكبر من المواطنين، فالأيديولوجية أقل بروزاً من المسائل الأساسية كالحوكمة والعدالة الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي.
كل واحدة من وجهات النظر التفسيرية هذه تضع مسؤوليات المرشحين تحت المجهر حتى لو لم يكن من وجهة نظر واحدة تغطي كافة الديناميات القائمة الآن. فالسبسي البالغ من العمر 88 سنة كان وزيراً خلال حكم حبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وركز خطاب حملته على أفكار الحداثة وهيبة الدولة ما يشير إلى احتمال الوصول إلى حكومة وسطية صارمة، وهو كان قد انتقد الإسلاميين لاسيما حزب "النهضة". أما بالنسبة للمرزوقي فسجله كمدافع عن الديمقراطية ومناهض للنظام السابق قد يكون أكبر أصوله، لكن حكمه كرئيس مؤقت في السنوات الثلاثة الأخيرة – مع أو من دون الإسلاميين – اعتبر غير فعال في معظم الأحوال أو حتى خطر في أسوئها، لاسيما في ما يتعلق بإدارة الاقتصاد وعدم قدرته أو رغبته بقمع بعض المجموعات العنيفة. إن هذه المسؤوليات قد أثارت المخاوف حول مشاركة ضئيلة، لاسيما بين الشباب، مع أن المقترعين المسجلين قد تحدوا هذه التوقعات في المرتين الأخيرتين حيث بلغت نسبة المشاركة 70% كل مرة.
والأهم من ذلك هو أن الأطر التفسيرية المتعددة تطغى على نقطة أساسية بارزو وهي أن السبسي والمرزوقي لا يختلفون كثيراً في ما يتعلق بالمسائل السياسية الرئسية. وعلى الصعيد الاقتصادي مثلاً فإن الاختلاف الأكبر هو بين يساريي الحبهة الشعبية وليبراليي السوق الحرة في "النهضة"، وليس بين السبسي والمرزوقي. كذلك على ساحة الأمن القومي، حيث سيكون للرئيس العتيد نفوذ قوي، ما من مؤشرات ملحوظة إلى المرشحين قد يؤخذان البلاد في اتجاهين مختلفين كليّاً.
هناك استثناء واحد في مجال السياسة الخارجية حيث يمكن للسبسي أن يقرر تعزيز التحالفات التقليدية لتونس مع أوروبا والتخلي عن الروابط مع تركيا وقطر لصالح التقرب من الحكومات المضادة للإخوان المسلمين في مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. من جهته أفاد المرزوقي إلى أنه يعتبر قطر صديقة لتونس وقد صنف العلاقات مع مصر على أنها ليست جيدة وليست سيئة. وفي الواقع واجه الطرفان الصعوبة في التركيز على طموحات تونس بإنشاء علاقات إجابية حول العالم، علاقات يمكن للرئيس العتيد من دون أي شك الاعتماد عليها في السعي وراء الاستثمارات الأجنبية التي يعتبر البلد بأمس الحاجة إليها.
التداعيات على السياسة الأمريكية
ستشكل الانتخابات الناجحة يوم الأحد ثاني عملية انتقال سلمي للسلطة السياسية في تونس منذ ثورة العام 2011، وهو ما يشكل خطوة بارزة نظراً للجلبة التي تحيط بالمنطقة. لكن الاختبارات الأكبر للديمقراطية حديثة العهد في تونس – وأيضاً للمشاركة الأمريكية في مهد الربيع العربي – ستأتي في ما بعد.
وتبقى المهمة الأولى للقيادة السياسية هي تشكيل حكومة سيؤثر تصميمها على الاستقرار وقدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية على الأمد القريب. فالفائز بسباق يوم الأحد سيحدد نقاط انطلاق هامة على عدة أصعدة: في المفاوضات من أجل تشكيل الحكومة، وفي تعيين أعضاء المحكمة الدستورية، وفي المعنى الجديد للعلاقة بين الرئيس ورئيس الوزراء، وهذه ليست سوى مهام قليلة لكن بارزة على الرئيس العتيد مواجهتها. ونظراً إلى احتدام السباق، ليس من المرجح أن يدخل الرئيس الجديد قصر قرطاج بتفويض كبير وسيكون مضطرّاً إلى اعتماد مقاربة الحكم الشامل لجميع الأطراف. ومع أنه من المغري اعتبار تونس قصة نجاح، إلا انه على واشنطن أن تستمر على نهجها بالعمل ضمن الشراكة البناءة التي برزت في السنوات الثلاثة الماضية وتعمل الآن مع رئاسة جديدة للسبسي أو المرزوقي لضمان بقاء الانتقال الهش للبلاد إلى الديمقراطية على الطريق الصحيح.
 
أثرياء روسيا يغادرونها الى بريطانيا
المستقبل...لندن ـ مراد مراد
بينت ارقام وزارة الداخلية البريطانية للعام 2014 ازدياداً لا مثيل له في طلبات «تأشيرات المستثمرين» التي تقدم بها مواطنون روس بنسبة بلغت 69 في المئة اكثر من العام 2013. وتأشيرات المستثمرين هي عبارة عن تأشيرات تبيعها الحكومة البريطانية بمبالغ خيالية لأثرياء يرغبون في الانتقال للاستثمار والعيش في المملكة المتحدة، تشمل تسهيلات خاصة بالهجرة ابرزها تقليص الفترة الزمنية التي تتيح لهم الحصول على الجنسية البريطانية.

ويفرض هذا النوع من التأشيرات ان ينقل طالبها ما لا يقل عن مليوني جنيه استرليني من ثروته الى بريطانيا. وقد منحت وزارة الداخلية البريطانية 162 تأشيرة من هذا النوع لأثرياء روس بين شهري كانون الثاني وايلول 2014 في حين لم يكن هذا العدد اكثر من 96 تأشيرة في 2013. وتشير الارقام الى ان العدد الاكبر من طالبي التأشيرات تقدموا بها في شهر آذار، اي مباشرة بعد اعلان روسيا ضم شبه جزيرة القرم وفرض الدول الغربية اول رزمة عقوبات ضدها.

وتتيح منظومة التأشيرات هذه لهؤلاء الاثرياء القدرة على تسريع مسار حصولهم على الجنسية البريطانية بحسب المبالغ التي يستثمرونها في المملكة. فالحد الادنى هو مليونا جنيه استرليني، وتسمح هذه التأشيرة لصاحبها بالحصول بعد خمس سنوات على اقامة دائمة في بريطانيا ويحق له طلب الجنسية البريطانية في السنة السادسة. ولكن من يستثمر 5 ملايين وما فوق فإن فترة انتظاره لطلب الجنسية تتقلص، مثلا بـ5 ملايين يحصل على الاقامة الدائمة بعد 3 سنوات فقط، اما من يستثمر بـ10 ملايين فيحصل عليها بعد عامين.

ويعتبر شراء المنازل الباهظة الثمن اسرع الوسائل التي تسهل لهؤلاء ضمان الحصول على التأشيرة، وغالبا ما تكون التأشيرات مقدمة باسم زوجات الاثرياء الراغبات في الهجرة مع اولادهن الى المملكة المتحدة تفاديا للفت انظار النظام الروسي قبل المغادرة الفعلية للبلاد، اذ يشعر الاثرياء الروس بأنهم دائما في خطر محدق وتحت تهديد فقدان ثرواتهم في أي لحظة قد يقرر فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع اليد على اموالهم تحت اي عذر او مبرر. ويحبذ هؤلاء بريطانيا على اي دولة اخرى نظرا لنظامها المالي المتين وامنها الداخلي الممتاز بما يجعل منها ملاذاً آمناً لهم ولعائلاتهم من اي خطوات انتقامية مستقبلاً. وبرغم الصيت الامني الذي تتمتع به بريطانيا الا ان هذا لم يمنع بوتين من توجيه ضربات انتقامية لبعض مواطنيه الفارين من موسكو، وتبقى عملية اغتيال الجاسوس الروسي المنشق الكسندر ليتفيننكو بمادة البولونيوم المشعة دليلاً على قدرة الادارة الروسية على الفتك بخصومها في اي زاوية من العالم حلوا.

وتجدر الاشارة الى ان هجرة رؤوس الاموال من روسيا لم تكن كلها بلا عودة، فعلى سبيل المثال قرر الملياردير الروسي - الاوزبكي علي شير عثمانوف نقل الأصول الرئيسية لشركتيه «ميغافون» و»ميتالو إنفست» من قبرص إلى شركات قابضة مسجلة وفقاً للقانون الروسي. وأكدت مجموعته التي تحمل اسم «يو اس ام هولدينغ» في بيانها الانتهاء من عملية إعادة تنظيم هيكل الشركة القابضة بهدف تحويل الحصص المهيمنة للمؤسستين الاستراتيجيتين إلى شركات قابضة روسية.

وجاء في البيان أن «هذه الخطوات تمت بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة لإخراج الاقتصاد الروسي من الملاذات الضريبية ووضع أحكام في قانون الضرائب تتعلق بتحصيل الضرائب من الشركات المسجلة بالخارج». وتعد «ميغافون» من أكبر شركات الاتصالات الروسية ويبلغ عدد مشتركيها أكثر من 71 مليوناً. أما شركة «ميتالو إنفست» فهي أكبر شركة حديد خام في روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.
 
أوباما: بوتين أوصل بلاده إلى انكماش اقتصادي هائل
 (ا ف ب)
ردّ الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلة تلفزيونية بثت أمس على منتقدي سياسته الخارجية، معتبراً أن سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوصلت روسيا إلى انكماش اقتصادي هائل.

ونفى اوباما في مقابلته مع شبكة «سي ان ان» فكرة ان بوتين «هو بطل اللعبة، وأنه تفوق على الغرب واوباما بمناوراته وما الى ذلك»، ولا سيما في الأزمة الأوكرانية.

وقال الرئيس الأميركي ان سياسات بوتين وما اسفرت عنه من عقوبات اقتصادية صارمة فرضها الغرب على بلاده، قادت الى «انكماش اقتصادي هائل» في روسيا. واضاف أنه «في الوقت الحالي، فنحن نشرف على انهيار عملته، وعلى ازمة مالية كبيرة وانكماش اقتصادي هائل».  واضاف ان بوتين «لا يبدو الشخص الذي تفوق عليّ او على الولايات المتحدة بمناوراته». وتعاني روسيا ازمة مالية ادخلت البلاد في انكماش وأدت الى ارتفاع الاسعار وانهيار قيمة الروبل.
 
واشنطن تدّعي تأثير الضربات الجوية على معنويات «داعش» ومسؤولون يؤكدون أن متطرفي التنظيم الإرهابي فقدوا زخمهم في القتال بسبب الأعداد الضخمة للضحايا

واشنطن: «الشرق الأوسط» ... ادّعى مسؤولون أميركيون أن متطرفي «داعش» فقدوا زخمهم في القتال داخل العراق وسوريا، وأن معنوياتهم تراجعت جراء الأعداد الضخمة للضحايا جراء الضربات الجوية الأميركية.
وأضاف المسؤولون أن الضربات الجوية التي بدأت منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) قتلت قيادات عليا ووسطى بالتنظيم علاوة على قرابة ألف مقاتل، خاصة قرب مدينة كوباني الكردية الواقعة على الحدود السورية - التركية التي يدور حولها قتال شديد.
يذكر أن أبرز قيادات «داعش» الذي لقي مصرعه خلال الضربات الأخيرة يدعى حاج معتز، والمعروف كذلك باسم أبو مسلم التركماني، وهو نائب زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وقال متحدث رسمي باسم البنتاغون، لواء بحري جون كيربي، إن عمليات القتل في صفوف القيادات أثرت سلبا على «القيادة والسيطرة» للعمليات الحالية للتنظيم.
وأشار مسؤول أميركي بارز إلى أن «داعش» عانى ارتفاع ضحاياه بصورة خاصة جراء تمسكه بالسيطرة على كوباني، ما دفعه لإرسال أعداد كبيرة من المقاتلين هناك، حيث جرى استهدافهم بسهولة من قبل الطائرات الأميركية. وأوضح المتحدث أنه نتيجة لذلك أصبح هناك تردد متزايد لدى مقاتلي «داعش» تجاه التوجه لكوباني وثار سخط متنامٍ بداخلهم حيال القيادة.
وقال المتحدث: «كان (داعش) يطرح نفسه باعتباره تنظيما يتعذر إيقافه. الآن هذا الزخم المتعذر وقفه تم إبطاؤه على الأقل، لقد قتلنا أكثر من ألف من مقاتليهم، خاصة في كوباني، وهو ما أثر على الرقة لأنهم كانوا راغبين في السيطرة على كوباني وكانوا يعدون أكبر علم صنعوه على الإطلاق كي يرفعوه هناك لأن الأمر بالنسبة لهم حرب أعلام».
وأضاف: «لقد كانوا متمسكين بذلك، وشاهدنا مقاتلين يتدفقون من الرقة، ورأينا في ذلك فرصة لاستنزاف قوتهم. الآن، لا يود المحاربون الذهاب لكوباني. وترد تقارير مشابهة من الموصل، حيث لا يتلقى الأفراد الأجور التي وعدوا بها، ولا يعيشون الحياة التي وعدوا بها، لذا تبدلت الآراء».
واستطرد المسؤول موضحا أنه لا يزال من المبكر القول بما إذا كان معدل الاستنزاف بين مقاتلي «داعش» قد أوقف تدفق المتطوعين الجهاديين القادمين من الخارج. من ناحيتها، تسعى الولايات المتحدة لوقف هذه التدفقات من الدول الأم للمتطوعين وعند نقطة العبور الرئيسة وهي الحدود التركية. جدير بالذكر أنه رغم استخدام واشنطن للقواعد التركية في أغراض جمع الاستخبارات، لا تزال أنقرة مترددة حيال السماح باستخدام قواعدها في شن غارات جوية. ومع ذلك، نجحت واشنطن في إقناعها بالمعاونة في تدريب وتجهيز جماعات المعارضة السورية المعتدلة.
 
لاريجاني إلى دمشق وبغداد وبيروت للبحث في قضايا أمنية
الحياة...طهران – محمد صالح صدقيان
رأی المحلل السياسي الإيراني سعد الله زارعي أن «داعش» خسرت موقعاً استراتيجياً مهماً في العراق بعد تحرير قوات «البيشمركة» و «الحشد الشعبي» والجيش العراقي منطقة سنجار.
وقال زارعي الذي يرأس مركزاً للأبحاث السياسية قريباً من الحرس الثوري إن منطقة سنجار التي تتصل بإقليم كردستان وبالأراضي التركية، أعطت «داعش» فرصة للمناورة وبعد خسارتها خسرت موقعاً استراتيجياً مهماً. وأضاف ان القوات العراقية «ستتمكن من انهاء «داعش» في العراق في غضون ستة اسابيع من دون الحاجة الی قوات أجنبية».
وتحاول ايران، من خلال دعم القوات العراقية الإسراع في طرد «داعش» من الموصل، مستبقة دخول القوات الأميركية أو البريطانية في المعارك. ويری مراقبون عسكريون في طهران ان اخراج التنظيم من الموصل سيوجه ضربة كبيرة إليه في محافظات صلاح الدين وديالی والأنبار، ولا تريد إيران للقوات الاميركية تسجيل انتصار باسمها في العراق سواء بدخولها بشكل مباشر او من خلال مستشارين لتحرير المناطق العراقية، كما انها تحاول استخدام دعمها للقوات العراقية ورقة في مفاوضاتها النووية التي تستأنف في 20 من كانون الثاني (يناير) المقبل.
الی ذلك، قال رئيس مجلس الشوری علي لاريجاني أمس قبل توجهه إلى دمشق في جولة تقوده إلى العراق ولبنان: «اننا ننسق في مواجهة الارهاب مع كل من هذه الدول»، مشيراً الی ان الجولة «تهدف الی تعزيز التعاون والبحث في آلية معالجة القضايا الاقليمية بما في ذالك القضايا الامنية والبرلمانية».
ورأی ان الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة «خطوة شكلية»، معرباً عن اعتقاده بأن «المواجهة الحقيقية لا يمكن ان تكون إلا بواسطة شعوب هذه المنطقة».
 
أزمة الروبل والتصلّب الروسي المتوقع شرق ـ أوسطياً أيضاً
المستقبل...وسام سعادة
هل تؤثّر «أزمة الروبل» في أوضاعنا المحلّية والإقليمية وكيف؟

طبعاً، ليس من بوابة المعزوفة اللبنانية المستهلَكة التي لا تنفك تردّد بأنّ روسيا «ستعطي من هنا لتأخذ من هناك»، فالمناخ الروسي العام، بعد تدخل المصرف المركزي لرفع مرهق للفوائد، ثم كلمة الرئيس فلاديمير بوتين لا يوحي بغير التصلّب على الجبهات كافة.

في موسكو، منطوق الحكم واحد: انها الحرب. هي عسكرياً حرب مواقع، في الشرق الأوكراني. وهي اقتصادياً، حصار اقتصادي ومضاربة نفطية. معادلة المضاربة النفطية أنّ المبادر اليها يلجم وطأتها على نفسه حتى تنفجر الأزمة بغريمه. لموسكو السلاح نفسه لجهة امدادات الغاز للقارة الأوروبية، سوى أنّها تحديداً لم تعد تستطيع استخدامه الآن: اي لم يعد بمستطاعها ان تلجم وطأة تدبير كهذا على نفسها كي يكون هناك متسع من الوقت يستغيث على أعتابها غريمها. الحصار سيشتد. الاستنزاف في الشرق الأوكراني أيضاً. أما في الشرق الأوسط فلا تأثير مستقل للأزمة الروسية، الا من جهة كون إيران هي أيضاً، في سرب الخاسرين من الهبوط الحاد في سعر برميل النفط. سوى أنّ، الفارق بينها وبين روسيا، أن الثانية محكومة بالاندفاع أكثر فأكثر الى التصلّب في مواجهة الحصار الاقتصادي والمضاربات النفطية والمالية، وبالتقاطع مع المواجهة المسلّحة في شرق اوكرانيا، في حين تسعى ايران لرفع كاهل العقوبات عنها، وتبحث بيلوروسيا عن سبيل لإعادة الوصل بأوروبا الشرقية، وقد يكون النموذج الكوبي مثالاً لامكانية تصفير بعض البلدان حساباتها السلبية مع الولايات المتحدة، بالاستفادة من تركيز الأخيرة من جديد على التصدّي لروسيا، والعمل على إحباط نظام الرئيس فلاديمير بوتين.

في الوقت نفسه، نعم. لقد كان للسياسة الروسية الداعمة لنظام بشار الأسد في زمن الثورة والحرب الأهلية دور في إحياء التقاطع بين «الاحتواءين» الغربي والاسلامي لها، وصولاً الى المواقعة الاقتصادية بعد ذلك. لكن أزمة الروبل لن تجعل روسيا «تتوب» على هذا الصعيد. هي الآن ستعمل بما أوتي لها كي تمنع خسارتها لأي ورقة فعلية أو رمزية، ونظام بشار الأسد مسألة «رمزية» في موسكو أكثر منها «واقعية»، مع انه سيتبين لاحقاً، أنّ الغرب لا ينظر أساساً الى سوريا كـ»شيء روسي»، لا «واقعياً»، ولا «رمزياً». وانّه عندما يختار التمدّد الى الحديقة الخلفية لموسكو، فهو يفعل ذلك على أرض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق بالدرجة الأولى.

يبقى أنّنا حيال تداعيات ستتوالى في أعقاب «أزمة الروبل». خروج الاشتعال عن منطقة المواجهة المباشرة في شرق اوكرانيا ليس «كلمة في الفم»، لكن، الأزمة الحالية تخاطر بالسلام العالمي. هبوط سعر برميل النفط فرز الدول المصدّرة له الى فسطاطين، رابح وخاسر، لكن السعر لن يلبث فيرتفع بعد حين. بكل بساطة، نحن ندخل في منطقة من الاضطراب العالمي جديدة، وافضل ما نفعله تنحية الاحكام المسبقة قليلاً، وعدم تفسير المحلي بالاقليمي والدولي «خبط لصق»، وعدم الفصل بين المستويات بشكل فج. فلا هي «الامبراطورية الروسية العائدة» ولا هي «البائدة». انه صراع سيمتد لسنوات طويلة. الأفضل متابعته من دون أوهام سلبية كانت أو ايجابية. في نهاية الأمر، اذا كانت روسيا تلتزم سياسة خاطئة في الوضع السوري، فلا يعني هذا ان تمدد حلف شمالي الاطلسي اليها كان من فرط الوله بالسلام. واذا كانت أزمة الروبل عرّت الكثير من الأمجاد المزعومة لبوتين، الا أنّ صاحبنا لم يعدم الحيلة.
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,413,434

عدد الزوار: 7,067,419

المتواجدون الآن: 67