قطع الطرق يستعيد الصراع المتفجّر داخل السلطة
 

سليمان إلى أنقرة اليوم وملف المخطوفين في الصدارة

لعل أسوأ ما واكب التطور المفاجئ الذي أعاد الشارع وقطع الطرق الى صدارة المشهد اللبناني أمس، تمثل في رفع شعار نصرة الجيش ورفض المسّ بهيبته بالانتقام من الناس واسترهانهم.
ذلك أن ما شهده أوتوستراد جونية منذ السابعة مساء، عندما قطعته مجموعات من المتظاهرين باسم "أصدقاء الجيش" قرب ثكنة صربا في الاتجاهين، تسبب بمأساة حقيقية حوصر معها ألوف المواطنين في زحمة خانقة الى ما بعد منتصف الليل، وامتدت معها ارتال السيارات الى بيروت وجبيل في ظاهرة غير مسبوقة. حتى ان الطرق الفرعية سدت بدورها وبدا واضحاً أن الخطوة لم تكن بنت ساعتها.
وبمعزل عن مطلب إطلاق الضباط الثلاثة الذين أعيد توقيفهم في ملف حادث الكويخات، تجاوزت عملية قطع الأوتوستراد ساعات طويلة الالتباس الحاد الذي تسبب به قرار مجلس الوزراء اعادة التوسع في التحقيق في ملف الكويخات لتوحي بانفجارات كانت مكتومة بين السلطة السياسية والسلطة العسكرية، على رغم أن الجيش نأى بنفسه عن حركة "أصدقائه" وداعميه وتمنى عليهم فتح الطريق ثم عاد وساهم ليلاً في فتحها.
واذا كان اندفاع انصار "التيار الوطني الحر" وحضورهم اللافت بين المجموعات التي قطعت الطريق، وكذلك تصريحات نوابهم المشجعة للتحرك لوّنت هذا التطور بقرار عوني واضح بالنزول الى الشارع، وواكبه نزول مجموعات عونية لمواجهة "التمرد" الذي تطور أمس في قضية المياومين وحصول مواجهة بينهم وبين تلك المجموعات، فان ذلك رسم معالم مرحلة جديدة من الصراع داخل السلطة السياسية والحكومة يرتقب ان تترك انعكاسات فورية على المسار السياسي والحكومي.
لكن الجانب السلبي الذي برز بقوة مع قطع الأوتوستراد في الاتجاهين زهاء اربع ساعات، على نحو فاق بأثره الثقيل قطع طريق المطار قبل أسابيع، تمثل في مبارزة مكشوفة بين "الشوارع" واستعادة هذه الظاهرة على خلفية صراع حول الجيش سيأخذ مداه اليوم أيضاً مع الدعوة التي وجهها "التيار الوطني الحر" الى التظاهر في السادسة مساء من محلة المتحف في اتجاه المحكمة العسكرية "دعماً للجيش ودفاعاً عنه ورفضاً للحملات التي تشن على أفراده ضباطاً وجنوداً".
وقد اقترن قطع أوتوستراد جونية مع ما تسبب به من خنق لحركة السير واسترهان لألوف المواطنين على هذا الشريان الرئيسي، بقطع طرق أخرى في الدكوانة وسن الفيل ومستديرة جعيتا. وأفيد ليلاً عن قطع الاوتوستراد الساحلي في البترون باطارات مشتعلة في الاتجاهين وتحطيم سيارة أحد المارة مما أدى الى توقف الحركة في الاتجاهين. ولم تنجح الجهود الكثيفة في فتح مسلكي الاوتوستراد قرب صربا إلا قرابة الحادية عشرة والثلث ليلاً بعد مساع ومفاوضات تدخلت على اثرها القوى الأمنية والعسكرية وفتحت المسلكين.
 

هذا المشهد المأزوم لم يقتصر على قطع أوتوستراد جونية، بل تزامن مع صدام عنيف حصل أمام مبنى مؤسسة كهرباء لبنان بين مجموعات من ابناء بيروت تقدمها ممثلون لـ"التيار الوطني الحر" والمياومين المعتصمين في المبنى. وقد تظاهرت المجموعات رفضاً لاحتلال المؤسسة، فما كان من المياومين إلا أن صعّدوا تحرّكهم بنصب خيمة داخل مبنى المؤسسة. وحصل تراشق بالحجار بين الفريقين سرعان ما تطور الى عراك وتضارب بين المتظاهرين خارج المؤسسة وقوى الأمن الداخلي مما أدى الى وقوع اصابات من الفريقين. وهدد ممثلو "التيار الوطني الحر" بالعودة مرة أخرى وبدخول المؤسسة ما لم ينه "احتلال المؤسسة".
وسبق هذا التطور خروج مجلس ادارة المؤسسة عن صمته ودقه نافوس الخطر أمام الانهيار الذي تواجهه من جراء اعتصام المياومين في مبناها. وتقرر عقد اجتماع اليوم يضم وزراء الطاقة والداخلية والعدل للنظر في هذه الأزمة وطرق انهائها. وقال رئيس مجلس الادارة المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك لـ"النهار" لن نبقى متفرجين على المؤسسة وهي تنهار بفعل الاعتصام والتداعيات التي يخلفها على عمل المرفق العام الذي يمنع القانون تعطيله أو اقفاله". وحذر من أن المؤسسة "على شفير الانهيار في حال استمرار الاعتصام". وسيعقد مجلس ادارة الكهرباء اجتماعاً غداً أو الخميس لاتخاذ الاجراءات المناسبة بغية انقاذ المؤسسة التي علم انها قد تعجز عن دفع رواتب الموظفين لشهر آب المقبل. وأوضح الحايك لـ"النهار" ان "خسارتنا من الجباية غير المحصلة بفعل الاضراب راوحت بين 250 ملياراً و300 مليار ليرة"، لافتاً الى ان تراكم الفواتير "سيرتب فوضى ادارية في اعادة تحصيلها فضلاً عما ستشكله من ضغط على المواطنين وسنحتاج الى سنة كاملة لاعادة تنظيم تلك الفوضى".
وأعربت أوساط معنية بأزمة الكهرباء عن اعتقادها أن ما جرى أمس حول مؤسسة كهرباء لبنان يعكس انفجار الصراع مجدداً بين العماد ميشال عون وبعض الافرقاء الحكوميين ولا سيما منهم حركة "أمل" في ملف المياومين.

 

أما في موضوع الحركة الداعمة للجيش، فقال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد لـ"النهار" إن "تيارات سياسية في مقدمها النائب العماد ميشال عون قررت القيام بحركة تعويضية لخسارتها الشعبية في الكورة من خلال محاولة إظهار أن هناك طائفة مع الجيش وطائفة ضده، طائفة مع الظالم وطائفة مع المظلوم". ودعا قيادة الجيش الى "التنبه الى ان هذا الفريق يريد الزج بالمؤسسة العسكرية على خط انزلاق خطير، فالاعتصامات المتنقلة ليل أمس لا يمكن أن تكون حصلت من دون دعم بعض الأجهزة الأمنية التابعة للمؤسسة العسكرية وهنا تكمن الخطورة". وطالب قيادة الجيش "الذي نحترم ونجل بألا تسمح لبعض المكونات المفلسة سياسياً باستخدام الجيش غطاء لخسارتها". وأكد "أننا قوى 14 آذار مع الجيش اللبناني والمؤسسات الشرعية والدولة اللبنانية وأن ما يحصل من فلتان أمني مفبرك يضرب وحدة المؤسسات وينذر بفتنة كبيرة في البلاد".

 

على صعيدآخر، يزور رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنقرة صباح اليوم حيث يلتقي نظيره التركي عبدالله غول بناء على موعد سابق ويجري معه محادثات تتناول العلاقات الثنائية. وفيما تستمر الزيارة بضع ساعات ابلغت مصادر الرئيس سليمان "النهار" انه سيسأل عن مصير المخطوفين اللبنانيين الـ 11 الذين احتجزوا في سوريا والمعطيات المتوافرة عند الجانب التركي، آملاً في أن تكون هناك نتائج ايجابية تساهم في عودة المخطوفين الى لبنان قبل شهر رمضان. لكن الزيارة التي كان موعدها محدداً سابقاً لم تقترن بمعلومات محددة عند الجانب التركي تتصل بموضوع المخطوفين.
وأفادت مصادر مواكبة لملف المخطوفين انه ليس ثمة معطى جديد لدى الجانب التركي وليس متوقعاً أن يتبلغ الرئيس سليمان شيئاً جديداً اليوم إلا اذا حدثت مفاجأة وقرر المسؤولون الاتراك ابلاغها لرئيس الجمهورية.

 

ويعقد مجلس الوزراء جلسته العادية بعد ظهر غد في قصر بعبدا وعلى جدول اعماله 61 بنداً من أبرزها بنود تتعلق ببعض التعيينات الادارية.
وعلمت "النهار" ان ثمة اسماء مقترحة لتعيين احدها مديراً عاماً لوزارة الثقافة وهي: ندى حلمي الخطيب (مراقب أول في مجلس الخدمة المدنية)، وعلي محمد ياسين (رئيس مصلحة في وزارة الزراعة) وفيصل نور الدين طالب (مفتش في ادارة التفتيش المركزي). كما ينتظر صدور قرار باعادة لويس لحود الى منصبه مديراً عاماً لوزارة الزراعة.

بعد اكثر من 23 عاما على وضع اتفاق الطائف، لم يستطع النموذج اللبناني المعمول به لتقاسم السلطة توفير استقرار لفترات طويلة الامد. ورغم انجازات  الاعوام الاخيرة، ولاسيما على مستوى اعادة الاعمار واجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها واستئناف الحوار، فان تحديات عدة ما زالت تحول دون الوصول الى سلام طويل الامد او متوازن.
انطلاقا من هذه المعطيات وغيرها، دخلت الحالة اللبنانية "على خط" اهتمام المنظمات والهيئات الدولية المعنية ببناء السلام وحل النزاعات عبر العالم. فشكلت عبر تقرير اعدته "موارد للوفاق" ومقرها لندن بالتعاون مع "المركز اللبناني للدراسات" موضع معالجة عبر3 محاور رئيسية تتعلق بالواقع اللبناني ركزت على المصالحة، والاصلاح السياسي والمؤسساتي وتقرير المصير.
طبعاً، لا تبدو تجربة النزاع اللبناني وتداعياتها "فريدة من نوعها" من وجهة النظر الغربية عموما والاوروبية تحديدا. فثمة 18 تحليلا لـ18 حالة نزاع قائمة حول العالم تنكب عليها المنظمات الدولية بغية استخلاص العبر، ويبقى الهدف منها تحقيق "ربط" بين عواصم القرار ومناقشي السياسات في بروكسيل ونيويورك من جهة والتجربة المحلية الميدانية للشعوب من جهة اخرى، على قول مدير "موارد للوفاق" ديفيد نيوتن. من هنا، حمل الاصدار اللبناني الذي حظي بتمويل من الاتحاد الاوروبي الرقم 24، ضمن سلسلة اصدارات تناولت النزاعات في مناطق كالقوقاز وكولومبيا والكونغو وفيجي وليبيريا وباكستان وجنوب السودان، فيما مثلت المساهمة الاوروبية في المبادرة "جزءا من جهد يروج له الاتحاد بغية زيادة قدرة اللبنانيين على تحليل الصراع ومنع الانتكاسات" و"ابراز وجهات نظر الشعوب في بناء السلام" بتعبير ممثل البعثة الاوروبية دوتشيو بانديني.
ولأن السعي الى "تدويل" الدروس المستقاة من النزاعات يترافق مع اعتراف غربي مفاده ان اي تعميم في هذا الشأن يبقى غير دقيق اذا لم يأخذ في الاعتبار العناصر المحلية والميدانية الخاصة بالواقع اللبناني، فقد ارتكز التقرير اللبناني على لقاءات ومقابلات اجريت مع 30 شخصية محلية واجنبية ومن كل الانتماءات على صلة بالحالة اللبنانية. وافضت، كما قال ناشر الدراسات الكسندر رامسبوتام، الى تشخيص مجموعة اولويات من شأنها المساهمة في تحقيق التغيير. يأتي ضمنها تعامل لبنان  مع ماضيه، وتحقيق مشاركة فاعلة للفئات والشروع في الاصلاح كانشاء مجلس شيوخ من المذاهب لاتخاذ تدابير الغاء الطائفية من البرلمان وتطبيق اللامركزية.
ما هي ابرز الاستنتاجات التي خلص اليها التقرير عن "السلام الايجابي" في لبنان والذي اطلق امس في فندق "مونرو" في بيروت؟
لحظ التقرير انه، تم حل الميليشيات ونزع سلاحها واعادة دمجها في المجتمع بطريقة تدريجية وانتقائية، و"حزب الله" خير دليل على ذلك. ورغم اعادة تنظيم القوات المسلحة، الا ان التوترات الطائفية والاولويات المتضاربة اضعفت دورها بشدة.
تشير التظاهرات ضد الطائفية عام 2011 وبإلهام من "الربيع العربي" الى الاستياء الشعبي من الوضع السياسي. الا ان قدرة تحالفي 8 و14 آذار على قَسْم المتظاهرين كشف النقاب عن ضعف المجتمع المدني. من الضروري ارساء عقد اجتماعي يحمل اللبنانيين على الثقة بالدولة، فيعولون بدرجة اقل على الجماعات الطائفية والمذهبية في لبنان او خارجه.
يعتبر الاصلاح السياسي الشامل ضروريا لتغيير الديموقراطية اللبنانية والتي اكتشف كثر انها سطحية لاسيما لجهة نكران حقوق الانسان وخصوصا اللاجئين الفلسطينيين وعدم المساواة بين الجنسين. ويفتقر النظام السياسي وعلى رأسه "الترويكا"  الى فعالية ويمكن ان يكون حافزاً للصراع.
ثمة اجماع على ان معادلة تقاسم النفوذ بين الطوائف عبر اتفاق الطائف ترسخ تمثيلا غير عادل ويسهل على القادة الراغبين في حماية امتيازاتهم اعاقة الاصلاحات. من هنا، تبرز 3 مجالات اصلاح اساسية  لبناء شرعية الدولة هي: الحد من التوترات بسبب عدم المساواة الاقتصادية وضمان وصول عادل الى الخدمات وتحقيق اللامركزية السياسية. لا بد من تنفيذ الاصلاحات في اسرع وقت، كجزء من الانتخابات النيابية المقررة سنة 2013، وتتمثل نقطة الانطلاق في اصلاحات "لجنة فؤاد بطرس".
يدفع الضعف في قدرة المؤسسات على ادارة الصراع القادة الى الالتفات الى الدول المجاورة طلبا للحماية. وتصف الجماعات الروابط والعلاقات الخارجية على انها غير قابلة للتفاوض، كما هي الحال بالنسبة الى تحالف 8 آذار وارتباط "حزب الله" بسوريا وايران او معاداة 14 آذار لسوريا وتمسكه بالغرب.
يمثل الوجود المتوازي لجيش وطني كبير الحجم انما ضعيف مع ميليشيا "حزب الله" الصغيرة الحجم لكنها شديدة التسلح تحديا في وجه السيادة، في وقت يشهد لبنان تهديدات لامنه القومي بسبب الاضطرابات الاقليمية والمقاتلين الاسلاميين والتدخلات الاسرائيلية والاملاءات السورية.
ويبدو سلاح "حزب الله" مشكلة اساسية تشل التغيير وحلها مرتبط بالانفراج على الجبهة السورية - الاسرائيلية والفلسطينية - الاسرائيلية. كما ان الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها والسهلة الاختراق يمكن ان تشعل العنف السياسي. وتوفر حدود لبنان مع سوريا قناة لنقل السلاح غير الشرعي في الاتجاهين، فيما يبقى خطر امتداد النزاع السوري الى المناطق الشمالية قائماً لاسيما في احياء طرابلس السنية - العلوية واجزاء من بيروت.
لقد عملت المحكمة الخاصة بلبنان وفقا للاولويات الدولية بقدر ما تقيدت بالحاجات والوقائع المحلية. وهي عجزت عن الفصل بين التحديات الداخلية والخارجية المحيطة بالاغتيال. وتواجه المحكمة خطر التحول محورا لعدم الاستقرار ولاسيما ان تحالفي 8 و14 آذار يستخدمانها لتقويض شرعية الآخر في الحكم. وختاما، ينبغي على الشركاء الدوليين والاقليميين دعم السيادة اللبنانية عبر السعي الى التوصل الى حل عادل للصراعين الاسرائيلي - الفلسطيني والاسرائيلي - السوري  ومساعدة لبنان على بسط سلطته على اراضيه. ويعني ذلك العمل مع اسرائيل وسوريا لتسوية النزاعات على الحدود عبر العمل الديبلوماسي المنسق وتوفير الدعم الفني في ترسيم الحدود.
ومن شأن تبدل السلطة في دمشق - رغم انطوائه على اخطار وعدم القدرة على توقعه - ان يحقق على المدى الطويل تحرير مساحة للاحزاب ولاسيما "حزب الله"، فتركز اكثر على الاولويات الداخلية.

أشاد تقرير "الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات" بما وصفه "الحياة والروح الديموقراطية التي ميّزت العملية الانتخابية في الكورة"، وهو ما يحيي الأمل بالقدرة على تجاوز المحن من خلال تعزيز هذه الممارسات.
وأورد التقرير نقاطاً ايجابية تشبه "براءة ذمة" لانتخابات الكورة لجهة تقديم صورة ايجابية او وردية عن لبنان في مسائل اساسية، مثل: المنافسة الديموقراطية، وانفتاح القوى واطراف على الحوار وقدرة اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم. في حين لم تلحظ "الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد" مخالفات كبيرة في رصد محاولات افساد الانتخابات، لكنها اعترفت "باستحالة اثبات الرشوة لجهة ضبط الراشين بالجرم المشهود او اقرار المرتشين".
ومما جاء في تقرير "جمعية ديموقراطية الانتخابات" ان "المشاركة الكثيفة نسبيا في الانتخابات فاقت الـ 45 في المئة، مما يعزز روح المنافسة الديموقراطية ويساهم في انفتاح القوى والاطراف على الحوار والتبادل ويحض المواطنين على المشاركة من خلال الادلاء بآرائهم في الانتخابات، وكذلك قدرة اللبنانيّين على تجاوز كل محاولات التفرقة والانقسام والتعالي فوق التشنّج السائد والذي عبّر عنه الخطاب السياسي الخشبي الذي يثير النعرات ولا يخلو من التخوين والتهويل والتهديد. وخلص الى ان "اللبنانيين يتفوقون بادائهم يوم الاقتراع على القيادات السياسية غير القادرة على تجاوز الانقسامات والتعالي فوق مصالحها الفئوية والضيقة".
وفي الاطار القانوني، أورد التقرير ملاحظات، منها ان "مهمة مراجعة الاختلالات في قوائم الناخبين وتقويم الاخطاء يوم الاقتراع نيطت بلجان القيد الابتدائية والتي تتشكل في اطار الاليات التنظيمية التي تنظمها وزارة الداخلية والبلديات. لقد سمّت الوزارة هذه اللجان، الا انّها لم تتمّ دعوتها الى بتّ في الاخطاء في قوائم الناخبين والتي برزت يوم الاقتراع. كما أجريت الانتخابات في ظل عدم اعتماد القسائم المعدّة سلفا والتي تضمن سرّية العملية".
وكرّر التقرير الاشادة باداء الناخبين، ونسبة المشاركة التي قاربت 47 في المئة. واستنكر عدم اتاحة الفرصة امام المغتربين للمشاركة اضافة الى ذوي الاعاقة والحاجات الاضافية. واشار الى اجواء التشنج في الخطاب السياسي وشكاوى من رشاوى لم يتم توثيقها، وحالات تهديد تعرض لها مناصرو المرشح فادي كرم في بلدة اميون خصوصاً". ولاحظت الجمعية غياباً شبه كلي لمندوبي كرم في أميون – حارة الفوقا وبتعبورة وضهور الهوا". واستنكر التقرير اداء الاعلام واتهمه بعدم احترام فترة الصمت الانتخابي والاستمرار في عرض حوارات مع المرشحين كرم والعازار.
وفي المخالفات، سجل مراقبو الجمعية جواً هادئاً نسبياً اذ غابت المخالفات الجسيمة التي تؤثّر على مسار العمليّة الانتخابيّة، رغم الوتيرة المرتفعة من الخطاب السياسي، الى غياب عدد من مندوبي المرشحين وخصوصاً المستقلين منهم، وبعض حالات الانتخاب خارج العازل وخصوصاً في أميون، وحضور قوى الامن داخل عدد من  اقلام الاقتراع من دون تسجيل تدخل في العملية الانتخابية أو حصول دعاية انتخابية داخل عدد من مراكز الاقتراع".
بدورها، سجلت "الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية" ملاحظات في تقرير اعدته على اسلوب الدعوة الى الانتخابات، والدعاية الانتخابية للمرشحين، اضافة الى استعمال مرافق الدولة وتخطي السقف الانتخابي، والأهم ان ثمة وجوداً كثيفاً "لمصاريف غير واضحة للعيان".

أعلن وزير الداخلية والبلديات مروان شربل فوز فادي كرم بالمقعد الارثوذكسي في الانتخاب الفرعي الذي أجري الاحد في دائرة قضاء الكورة.
عقد شربل مؤتمرا صحافيا في الوزارة امس، أعلن فيه النتائج النهائية الرسمية للانتخاب الفرعي على النحو الآتي:
فادي عبدالله كرم 12412 صوتا، وليد جرجس العازار 11141 صوتا، جون جبر مفرج نال 311 صوتا، نعيم موسى العجيمي نال 94 صوتا، يوسف اسعد اسكاف نال صوتا واحدا، وجورج وليم مطر لا شيء. واعلن انه وجه كتابين الى كل من رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الدستوري أودعهما النتائج بعدد الاصوات التي نالها كل مرشح، كما وردت من لجنة القيد العليا، واسم الفائز كرم الذي نال 12412 صوتا.
وكشف انه لم يتلق "اي مستند رسمي عن الرشوة". واعتبر "ان يوم الاحد كان مفخرة للجميع خصوصا من الناحية الامنية". وهنأ القوى الامنية ولجان القيد ورؤساء الاقلام ومعاونيهم والمندوبين من كل الاطراف وشكر الاعلاميين على جهودهم.
وأمل "أن تنسحب هذه الاجواء، وخصوصا الامنية وتعاون الافرقاء السياسيين، على انتخابات 2013 لتكون من أفضل الانتخابات التي سيشهدها لبنان".
وأكد انه "لولا الشهر الامني لما كشفت هوية من خطفوا المواطن العراقي، وانا لست ممن يحبون العرض الاعلامي"، لافتا الى "ان الوطن اعرج ونتمنى ان يسير على رجليه".
وعن اعتصام صيدا، قال: "نمر في ظروف صعبة ونتعامل مع مسألة صيدا بحكمة". وأكد انه متفائل بالنسبة الى المخطوفين اللبنانيين في سوريا، مشددا على "ضرورة ابقاء الموضوع بعيدا عن الاعلام".

طربيه
وكان شربل استقبل رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، وبحث معه الاوضاع العامة والتدابير التي اتخذت على صعيد أمن المصارف، بعدما تعرض بعض فروعها لعمليات سلب عدة".
ونقل طربيه طمأنة شربل الى ان "هذا الموضوع اصبح تحت السيطرة وان لديه خيوطا ستساعد على كشف الذين قاموا بها، وان التدابير التي اتخذتها الاجهزة الامنية في الايام القليلة الماضية أعطت نتائجها وستعطي نتائج اكثر مع بعض التعاون الذي طلب من المصارف لجهة اتخاذ بعض الاجراءات".

... وفي اليوم الـ55 دخل قلوب أهالي المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا بصيص أمل راح يكبر رويداً رويداً، الى أن أعلن عن زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لتركيا اليوم (تفردت "النهار" بكشف أمر الزيارة قبل أسبوع)، لمتابعة الملف.
وأفادت معلومات "النهار" ان جهة رسمية طلبت امس من أهالي المخطوفين لوائح باسماء اللبنانيين الـ11 وهوياتهم الكاملة.
هذه المعلومات تتقاطع مع اجواء ايجابية سادت الضاحية الجنوبية لبيروت وخصوصاً في أوساط عائلات المخطوفين والمسؤولين عن حملة "بدر الكبرى"، و"الامام موسى الصدر". وتجمعت معطيات تفيد عن حسن معاملة المخطوفين وتأمين الدواء للمرضى وتوفير الظروف الجيدة لإقامتهم على خلاف ما أشيع سابقاً".
"النهار" قصدت امس منطقتي بئر العبد وحي السلم حيث لمست ارتفاعاً لمنسوب التفاؤل في أوساط المسؤولين عن حملتي "بدر الكبرى" و"الامام الصدر" اللتين نظمتا رحلة الى العتبات المقدسة في إيران، وأثناء عودة الزوار كمنت لهم مجموعة مسلحة قرب الحدود التركية السورية في 22 أيار الفائت.
أما أهالي المخطوفين فتمنوا ان يصوموا شهر رمضان مع ذويهم واقربائهم، وهذه كانت أمنية السفير التركي اينان اوزيلديز خلال لقائه الأخير مع أهالي المخطوفين الاسبوع الفائت.
هذه المؤشرات، وان تكن تدل على قرب اطلاق المخطوفين فإن اوساط الرئيس سليمان لا تجزم ان الحلف بات منتهياً، وتحرص على عدم تأكيد أي معلومة او نفيها، في انتظار حصيلة محادثات رئيس الجمهورية مع نظيره التركي اليوم.

ليست موفّقة هذه الحملة من اللافتات التي تدّعي الدفاع عن الجيش اللبناني، وتشهر إحتكار محبته. كما لم تكن موفقة الدعوة إلى تظاهرة إعلان التضامن معه. وفي الحالتين عمل سياسي رخيص يفتعل إنقساماً، يذكر بتظاهرة مهدت، مع غيرها من الأحداث، عام 1975، لشق الجيش وجعله طرفاً في حرب تعددت وجوهها وتراكبت.
يعرف المعنيون أن اللبنانيين قد يختلفون على كل الأمور، لكنهم يصابون جميعاً بالوجل والقلق إذا ما بلغ النقاش موقع الجيش، لإيمانهم بأنه ركن أساسي في وجود الدولة ووحدة مصيرهم. وهم يميزون بين القرار السياسي الذي يقوده، والدور الذي هو مؤهل له. وإذا داخل الشك البعض في الأول، فإنه ينأى عنه في الثاني.  وإذا كانت الوقائع الدموية للحرب اللبنانية ألغت، بالإجتياح الإسرائيلي عام 1982، معادلة أن الجيش اللبناني هو لحماية المسيحيين، بينما المقاومة الفلسطينية هي لحماية المسلمين، فإنّ اللبنانيين إستخلصوا أن أفدح أمائر تهاوي الدولة هو في اهتزاز الثقة الإجماعية في المؤسسة العسكرية قبل غيرها، فلم يتأخروا في الإتحاد حولها فور إعادة بنائها، ورفض جلهم أن يشرك في سلطتها ودورها أي طرف آخر، ويريدونها مؤسسة تحترم القانون وتعلو على أثلام الطائفية والمذهبية والمناطقية، وآثام الانقسامات، ويكذّبون، حتى ذواتهم، حين تلمح شبهة انحراف فيها في اتجاه واحدة من هذه العلل.
واللبنانيون يرون هيبة جيشهم  في تقديسه سلطة القانون والدستور، وهو ما تجلى في 14 آذار 2005، يوم كسر سطوة الوصاية واحترم حريتهم في التعبير عن توقهم إلى الاستقلال والسيادة الوطنية، ثم أتم هيبته في تصديه لخروق اسرائيل السيادة اللبنانية. وهو إجماع لا يخفّف وهجه سعي بعضهم إلى فرض شريك له خارج قرار الدولة اللبنانية، في استراتيجية إقليمية لا إجماع وطنيا على تأييدها، ولا مصلحة.
عرف الجيش بـ"الصامت الأكبر" منذ ولادة الجمهورية، فأضاف إلى هيبته تقديرا لم يهتز إلا يوم تحول طرفا في اللعبة السياسية إثر فشل الإنقلاب الذي خطط له الحزب السوري القومي الإجتماعي في الأول من كانون الثاني 1962. يومها خرجت اللافتات في شوارع بيروت وكل المدن والقرى، في دفاع ساذج عمن لم يكن في حاجة إلى من يدافع عنه، كما ظهرت "مفاتيح" الأحياء من عسس وقبضايات، فتهشمت صورة المنقذ لتحل محلها صورة المستتبَع والزعيم، وزاد في الإساءة تعامل بعض اللبنانيين معه على أنه جيشهم وحدهم دون الآخرين.
اليوم، وفي ظروف مغايرة تماما، تثبت لافتات التأييد للجيش، وإن حسنت نيات أصحابها، أن البعض قاصر عن استيعاب عبر الماضي، أو متآمر يريد استغلال الانفعالات التي تبدت في الشمال وذوت في مكانها، حين استعاد العقل موقعه في منطقة ينذر أولادها للجيش قبل أن يولدوا، ومن دون حاجة إلى لافتات.

حذر حزب الكتائب من "اصرار النظام السوري وأدواته على توسيع دائرة استباحته السيادة اللبنانية من خلال توسيع رقعة المناطق التي استهدفها القصف المدفعي والصاروخي"، ودعا السلطة الى "التشدد في حماية المواطنين وتجنيب لبنان انعكاسات الازمة السورية". وهنأ الكتائب أهالي الكورة وقوى 14 اذار و"القوات اللبنانية" ومحازبي الكتائب والمناصرين بالانتخابات التي "شكّلت استفتاء جديداً على الخيارات الوطنية والسياسية لثورة الارز".
عقد الحزب الاجتماع الاسبوعي لمكتبه السياسي برئاسة الرئيس امين الجميّل، وأصدر بياناً دعا السلطة الى "مواكبة سياسية كاملة لخطة انتشار الجيش على الحدود الشمالية والشرقية، وعدم تركه مكشوفاً لتجاذبات سياسية وعسكرية تحدّ من معنوياته وتكسر هيبته". واعرب عن أسفه "لاصدار الحكومة بعد أشهر طويلة على انقضاء الموعد الدستوري، موازنة بحدود تشغيلية فقط، بعدما غابت عنها البنود التي شكلت مادة سجالية وخلافية بين اهل السلطة".
ودعا الحزب رئيس الحكومة ووزير المال الى "التعامل بشفافية مطلقة مع موارد الدولة ونفقاتها". واشاد "بالاجراء الذي اتخذه رئيس الحكومة لجهة سداد حصة لبنان للمحكمة الدولية، مبدياً تحفظه عن الطريقة المعتمدة للايفاء.
كذلك هنأ أهالي المتن وجل الديب على "قرار اللحظة الاخيرة الذي اتخذته الحكومة باعتماد نفق مروري في المنطقة، داعياً الى اتخاذ الاجراءات السريعة لمباشرة التنفيذ واراحة منطقة جل الديب المنكوبة مرورياً".

نفذ مواطنون اعتصاما مساء امس وقطعوا المسلكين الشرقي والغربي لأوتوستراد صربا – جونيه استنكارا لاعادة توقيف الضباط الثلاثة والعسكريين في مقتل الشيخ احمد عبد الواحد ورفيقه محمد مرعب في حادث الكويخات في الشمال.
وامتدت ارتال السيارات في الاتجاهين كيلومترات عدة. واطلق المعتصمون هتافات مؤيدة للمؤسسة العسكرية وبثوا اناشيد وطنية ورفعوا لافتات طالبت باطلاق الضباط والعسكريين، داعين الى عدم تسييس قضيتهم.
وعبروا عن استيائهم من "القرار المجحف القاضي باعادة توقيفهم".
وزاد غضب الاهالي عند سماعهم تصريحا للنائب خالد الضاهر انتقد فيه تحركهم. وافاد المشاركون انهم من "انصار الجيش" و"اصدقاء الجيش" وتزامن ذلك مع تصريحات لنواب في "التيار الوطني الحر" تبنوا التحرك وشجعوا عليه.
ووزع المشاركون وبعضهم من اقرباء الموقوفين وعائلاتهم، ومن بينهم ايضا مجموعة من العسكريين المتقاعدين، الاعلام وشعارات الجيش على السائقين والاهالي. ونصبوا خيمة واطلقوا هتافات على وقع موسيقى الجيش.
ودعا  هؤلاء المواطنين الذين علقوا في سياراتهم وهم في طريق عودتهم الى منازلهم الى "التحمل والوقوف صفا واحدا حيال هذه القضية وعدم التلاعب بها، واخضاع العسكريين لمحاكمة عادلة وعدم التجني عليهم او النيل من هيبة المؤسسة العسكرية".
وعمدت القوى الامنية مرارا الى فتح الطريق، الامر الذي قوبل برفض المشاركين. وبعيد العاشرة ليلا جرى فتح المسلك المؤدي الى الشمال.

أخبــار أمنيــة وقضائية

دقت مؤسسة كهرباء لبنان ناقوس الخطر: استمرار اعتصام المياومين يفضي الى انهيار المؤسسة وتاليا حلول العتمة بدل التغذية. فالشلل الذي يفرضه التحرك يصيب الجباية والتصليح واوامر القبض والدفع، وصولا الى ارتفاع التعليق على الشبكة بين 10 الى 15%. التغذية الواقعة في عجز اساسا بمقدار 1340 ميغاواط يوميا، باتت عاجزة عن استجرار الـ150 ميغاواط التي عرضت سوريا بيعها الى لبنان بما كان يرفع التغذية ساعتين. المؤسسة قالت كلمتها مهنيا بعيدا من الجانب السياسي للموضوع، لان استمرار الاعتصام رتّب فوضى كبيرة تحتاج ربما الى سنة كاملة لاعادة التنظيم. هذا الواقع دفع مجلس ادارة المؤسسة الى طلب لقاء طارئ مع وزير الطاقة امس لاطلاعه على الواقع، وتقرر دعوة وزيري الداخلية والعدل الى اجتماع اليوم "لاننا لن نبقى متفرجين على المؤسسة وهي تنهار بفعل الاعتصام والتداعيات التي يخلفها على عمل المرفق العام الذي يمنع القانون اللبناني تعطيله او اقفاله"، قال الحايك لـ"النهار".
وسيعقد مجلس ادارة الكهرباء اجتماعا غدا او بعد غد الخميس لاتخاذ الاجراءات المناسبة بغية انقاذ المؤسسة التي قد تعجز عن دفع رواتب الموظفين لشهر آب المقبل، "اذ ان خسارتنا من الجباية غير المحصّلة بفعل الاضراب راوحت بين 250 الى 300 مليار ليرة بما زاد العجز. علما ان تراكم الفواتير سيرتب فوضى ادارية في اعادة تحصيلها فضلا عما ستشكله من ضغط على المواطنين، وسنحتاج الى سنة كاملة لاعادة تنظيم تلك الفوضى".
واكد الحايك ان الصرخة اطلقت لان الاعتصام تحوّل من سلمي "كنا نؤيده لان موقفنا مهني منه" الى اقفال قسري مرفوض للمؤسسة، بدليل ان اعطال الزهراني والحمرا والاشرفية فرضت تعتيما "نعجز عن رفعه بسبب منع الموظفين بالقوة من اخراج قطع الغيار من المخازن للتصليح والصيانة". ولفت الى ان العجز يقدّر حاليا بنحو 1340 ميغاواط يوميا، "اذ لا يتجاوز الانتاج حدود الـ1350-1360 ميغاواط مقابل طلب بنحو 2700 ميغاواط".

 

وفي مؤتمر صحافي اعقب لقاء وزير الطاقة جبران باسيل امس، اطلق الحايك انذارا كهربائيا قبل بلوغ العتمة، محذرا من عواقب كارثية تبدأ بخفض التغطية الى حدّ التعتيم، "اذ باتت المؤسسة على شفير الانهيار في حال استمر الاعتصام". وعدّد سلبيات كثيرة للاعتصام، "منها مزاجية في اقفال الصناديق والبوابات، توقف الجباية كليا مما يرتب مبالغ كبيرة على المواطن عندما تعود الامور الى طبيعتها، توقف الاستجرار من سوريا التي ابدت استعدادا لمساعدتنا مما يؤدي الى ضعف التغذية، توقف شراء قطع الغيار والمعدات الضرورية، استحالة القيام بأي تصليحات، زيادة التعليق على الشبكة، تأخير صيانة معدات الانتاج وعدم امكان دفع رواتب موظفي مؤسسة كهرباء لبنان في آب المقبل".
ويتجه مجلس ادارة كهرباء لبنان الى اتخاذ اجراءات بحسب القرارات التي ستصدر عن الاجتماع الوزاري اليوم، "علما ان ما يحصل لم يعد مقبولا لانه بات يمس كرامة المستخدمين"، موضحا ان ما ستتخذه المؤسسة من اجراءات تقني محض. وقال "لو كان الاعتصام سلميا، لكنا دعمناه ووقفنا الى جانبه. لكنه استخدم القوة، علما ان اقفال البوابات ومنع الموظفين وغيرهما، امر تخطى الخطوط الحمر، ويجب ان تقوم الدولة بواجبها، لان كرامة المؤسسة وكرامتنا من كرامة الدولة".

 

وفيما تتجه كهرباء لبنان ووزير الطاقة الى الادعاء على جباة الاكراء "ممن اعتدوا على منشآت المؤسسة"، وفق المكتب الاعلامي للعماد ميشال عون، نفّذ عمال غب الطلب وجباة الاكراء تهديدهم بتصعيد التحرك، فأعلنوا امس بدء اضراب عن الطعام "على ان تليه خطوات أخرى ستكون أشد ظلامة على المواطنين".
وقال امين سر لجنة المتابعة لعمال المتعهد وجباة الاكراء جاد الرمح لـ"النهار"، أن 10 عمال مياومين بدأوا أمس اضرابا مفتوحا عن الطعام "على ان ينضم اليهم تباعا مياومون من مناطق اخرى". وتعليقا على التلويح باستخدام القضاء للحد من تحركهم، قال ان المياومين سيعتمدون الاسلوب عينه، "اذ سنفتح ملفات بعض الموظفين وملفات شركات مقدمي الخدمات، ولدينا وثائق سنرفعها الى القضاء"، مشيرا الى ان ثمة مديرين احيلوا على التقاعد واعيد توظيفهم بصفة مستشارين وعمال متعهد.
وماذا بعد الاعتصام المفتوح؟
قال ان المياومين في معامل الانتاج ومحطات التحويل لم يتحركوا بعد، "لأننا نأخذ في الاعتبار مصلحة المواطنين. ولكن اذا استمروا في تجاهل مطالبنا ومعاملتنا على نحو غير انساني، سندافع عن حقوقنا بشتى الوسائل، وليتحمل الجميع مسؤوليته".
واوردت "الوكالة الوطنية للاعلام" ان المياومين نقلوا خيمة الاعتصام من امام مؤسسة كهرباء لبنان - النهر، من الباحة الخارجية الى الصالة الداخلية، واعلنوا اضرابا عن الطعام.
وتعليقا على اعتصام المياومين والتظاهر امام مبنى دائرة جونيه امس، اكد النائب نعمة الله ابي نصر ان جميع عمال المتعهد قبضوا رواتبهم المستحقة الجمعة والسبت الماضيين، "وتمّ تسليم الاموال المجباة من جباة الاكراء ليصار الى دفع عائداتهم المستحقة اليوم، علما ان كل الاعمال باستثناء الجباية، تسير طبيعيا في دائرة جونيه حيث يعمل الموظفون في دائرتي جونيه وعشقوت على نحو طبيعي ومنتظم".

 

وكان صدر بيان عن مكتب رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، اورد انه "بعد تفاقم "احتلال" عمال المتعهد وجباة الإكراء للمبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان، وما رافقه من اعتداء على ممتلكات المؤسسة ومنع مستخدميها من ممارسة مهماتهم، وبعدما امتدت أعمال الشغب التي يمارسها المحتلون وتهديدهم بتوسيعها إلى مراكز أخرى للمؤسسة، وبعدما هدد بعض المشاغبين علانية وزير الطاقة والمياه والمدير العام للمؤسسة والموظفين، واحتجز جباة الإكراء منهم أموال المؤسسة التي أوكل إليهم أمر جبايتها، لا بد من التذكير بأحكام قانون العقوبات التي تتناول هذه الحالات، ولا سيما أحكام المواد 342 و343 و359 و383، للاشارة إلى أن المعنيين سيعمدون إلى إقامة الدعوى على المعتدين على المؤسسة ومنشآتها وأموالها، وإلى تحميل كل منهم مسؤولية أعماله حفاظا على دولة القانون والمؤسسات".

"يفترض الازدهار الاقتصادي استقرارا امنيا، بما من شأنه ان يعيد الثقة الى مشاعر المستثمرين اللبنانيين والعرب والاجانب، فيساعد تاليا في تحريك عجلة الاقتصاد، وخصوصا ان لبنان يشكل قاعدة صالحة للمستثمرين في ظل الاوضاع السائدة في المنطقة العربية ولاسيما في سوريا". الاوضاع المضطربة دفعت الهيئات الاقتصادية الى ابقاء اجتماعاتها مفتوحة.

الى هذه الخلاصة، انتهى الاجتماع الطارئ للهيئات الذي عقد امس برئاسة رئيس الهيئات الوزير السابق عدنان القصار لعرض الاوضاع الامنية "عقب تكرار عمليات السطو المسلحة على المصارف، والغموض الذي يكتنف مشروع الموازنة حيال زيادة الضرائب على الكماليات في ظل ما يعانيه الاقتصاد من جمود".
وأسفت الهيئات "لما آلت اليه الظروف الامنية في البلاد، في ضوء ارتفاع معدلات الجرائم والقتل والخطف والسطو المسلح على المصارف، وقطع الطرق من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب وما بينهما طريق المطار التي تشكل الشريان الحيوي للبنان، الامر الذي بات يبعث على القلق والخوف، وخصوصا في ظل الارتدادات السلبية لهذا المشهد الامني المتفلت على الصعيد الاقتصادي".
واذ دانت "عمليات السطو المتزايدة التي تقوم بها العصابات المنظمة في الآونة الاخيرة على المصارف"، طالبت الاجهزة الامنية بـ"تعزيز الاجراءات الامنية والتحرك فورا لجبه هذه الموجة من السرقات المنظمة وانزال العقاب القاسي في حق الفاعلين ليكونوا عبرة لمن تسول لهم انفسهم العبث بالامن".
ورأت "ان اي ازدهار اقتصادي ينبغي ان يتلازم مع الاستقرار الامني". لذا، اكدت ضرورة توفير الحد الادنى من الاستقرار الامني، "بما من شأنه اعادة الثقة لدى المستثمرين اللبنانيين والعرب والاجانب للاستثمار في لبنان، وتاليا يساعد في تحريك العجلة الاقتصادية، وخصوصا ان لبنان في ظل الاوضاع السائدة في المنطقة العربية ولاسيما في سوريا يشكل الارض الملائمة للمستثمرين".
وفيما عبرت عن ارتياحها لاقرار مشروع قانون الموازنة في مجلس الوزراء، ابدت في المقابل خشيتها من "اي زيادات ضريبية التفافية" تحاول الحكومة فرضها على المؤسسات التجارية وعلى اللبنانيين بعنوان الضريبة على الكماليات او على الطابع المالي، "ولاسيما ان مثل هذه الضرائب من شأنها ضرب الاستثمار والبنية الاقتصادية".
واعتبرت "ان الحل الوقائي للمعضلة التي تعانيها الدولة على صعيد الدين العام، يكمن في الدرجة الاولى في خفض النفقات ووقف الاهدار وصولاً الى تحسين الجباية، واصلاح الخلل المستشري في ادارات الدولة وزيادة الانتاج والنمو". وكررت اصرارها على ضرورة احياء المجلس الاقتصادي الاجتماعي ليكون مركز الحوار بين افرقاء الانتاج. وقررت الهيئات ابقاء اجتماعاتها مفتوحة "لمراقبة ما يجري من تطورات واتخاذ المواقف المناسبة في شأنها".