الثورة السورية بعد عامها الأول، تحولت من معركة تغيير إلى صراع وجود ..؟؟

تاريخ الإضافة الإثنين 12 آذار 2012 - 3:37 م    عدد الزيارات 868    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز... حسان القطب

 

مع اقتراب بداية السنة الثانية من عمر الثورة السورية المباركة، لم يجد نظام الأسد الديكتاتوري من وسيلة مناسبة لإثبات حضوره وسلطته ودمويته وبطشه أمام راعييه الإيراني والروسي، إلا باستهداف الآمنين من النساء والأطفال، اغتصاباً وقتلاً وتعذيباً في مدينة حمص مدينة خالد بن الوليد وعاصمة الثورة والصمود والتغيير والانتصار وغيرها من المدن والقرى السورية. والقتل الجماعي هذا ليس له هدف سوى تثبيط العزائم وترهيب الأحرار، ودب الرعب في قلوب المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.. وللتذكير فإنه عندما انطلقت الثورة السورية قبل عام، لم تتجاوز شعاراتها حينذاك المطالبة بالإصلاح وإعطاء المواطن السوري بعض الحريات السياسية والإعلامية، وهي الحد الأدنى المطلوب للتهدئة ولتجاوز مخاطر الصراع وتداعيات الثورة، ولكن النظام الديكتاتوري الذي لا يعرف للسلطة طريقاً سوى إتباع وسلوك سياسة البطش والقتل والتعذيب والاعتقال والنفي والتهجير، أبى إلا أن ينتقل بالواقع السوري من حالة المطالبة السلمية بالحقوق، إلى السعي لانتزاع هذه الحقوق والعمل على تغيير السلطة، سلمياً إذا كان ذلك ممكناً أو بالقوة إن لم يعد هناك من خيار بديل..ومنذ انطلاقة الثورة الشعبية لم يترك إعلام النظام السوري وأعوانه في لبنان من مناسبة إلا وتم استغلالها للتحذير من تغيير السلطة في سوريا، وما قد يؤدي إليه هذا الأمر من فتنة طائفية وتداعيات التبديل وخطورة تسلّم الإسلاميين أو غيرهم السلطة في سوريا أو غيرها من الدول، لأن نظام عائلة الأسد هو الضمانة. وبعد أن كان الثورة انجازاً في تونس ومصر وليبيا بحسب هذه الوسائل الإعلامية والأبواق السياسية في المرحلة الأولى، أصبحت لاحقاً مؤامرة خيطت تفاصيلها بعناية في أروقة السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة لضرب دول الممانعة والقضية الفلسطينية؟؟
لماذا يحذر نظام الأسد وإعلام حلفائه العالم اجمع من فتنة طائفية في حال تم سقوط بشار..؟؟ لأن تركيبة هذا النظام وسلطة هذا الطاغية قائمة على التلاعب بالحضور الديني والمذهبي وتغليب فريق على فريق في سوريا ومحيطها..؟ وحلفاء بشار لا يختلفون عنه أبداً، فالنظام الحاكم في طهران نظام ديني قمعي لا يقيم وزناً ولا احتراماً للأقليات والمذاهب والأعراق المختلفة.. وحزب الله وحركة أمل في لبنان عبارة عن صناعة إيرانية سورية، ودورهما لا يتعدى حماية خاصرة النظام السوري في لبنان، وأن يشكلا رأس حربة للنظام الإيراني في مواجهة المجتمع الدولي عند الطلب، ولذلك فقد وصف السفير الإيراني لدى لبنان، غضنفر ركن آبادي، التهديدات الإسرائيلية بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، بأنها «مجرد كلام»، وقال آبادي، في ندوة أقيمت بدعوة من مؤسسة الإمام الحكيم تحت عنوان «قراءة في دور إيران المستقبلي في المنطقة» في بيروت، إن الجمهورية الإسلامية «لن تقصّر في الرد على أي عمل عسكري قد يقوم به الكيان الصهيوني (إسرائيل)، وإن هناك 11 ألف صاروخ موجه إلى أهداف محددة، وإن إيران لن تتوانى عن ضرب كل المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة والعالم، إذا هاجموا المنشآت الإيرانية، وبعد أن شدد على سياسة بلاده في «دعم المقاومة ومواجهة المشروع الصهيوني ولاسيما المقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية»). لماذا اختار أبادي مدينة بيروت ليطلق منها تصريحاته وتهديداته، لأن له فيها أعوان يلتزمون التوجيهات والإرشادات، وأية مقاومة عراقية هذه هي التي يتحدث عنها أبادي وقد خرج المحتل الأميركي من العراق..!! ثم إن دعم المقاومة الفلسطينية بالصيغة التي وردت في سياق التصريح تفيد أنه ليس سوى وسيلة لحماية المشروع النووي الإيراني وليس لتحرير فلسطين واستعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني..
الجرائم المرتكبة وتلك التي لا زالت ترتكب على يد جلاوزة النظام وأعوانه وحلفائه الهدف منها هو جر بلاد الشام إلى صراع طائفي مذهبي، بهدف وأد الانتفاضة وإفشال الثورة، ووضع المنطقة العربية في خضم صراعات داخلية تتوزع بين العرقية والطائفية والمذهبية تمتد من سوريا إلى سائر البلاد العربية وإعلام حزب الله مع الأسف يشارك بشكل حثيث في هذا الأمر حين يفرد فترات مطولة للحديث عن ثورة مزعومة في البحرين ومؤامرة مفترضة في سوريا..؟؟؟ هذا الواقع الذي قد يستجد من المأمول أن يسمح لكافة دول العالم بالتدخل وبسط هيمنتها والعبث بمقدرات شعبنا ودولنا وامتنا، ولو كان النظام الحاكم في سوريا اليوم، حريص على أمن سوريا ومستقبل أبنائها لاستجاب لنتائج الاستفتاء الذي أجراه بنفسه وكانت نتيجته 89% من الناخبين مؤيدة لإزالة البند الثامن الذي نص على أن حزب البعث هو السلطة الوحيدة في البلاد، فعندما يصوت هذا العدد مع إلغاء هذه المادة الدستورية المرفوضة أصلاً، كيف يمكن أن يؤتمن هذا البعث ورئيسه بشار الأسد، على تطبيق الإصلاحات التي نصت على إلغاء تفرده وحكمه للبلاد.. باسم القومية والاشتراكية..؟؟ ولا يخفى على احد أن حزب البعث هو واجهة النظام في سوريا منذ تسلم حافظ الأسد السلطة، ويتحكم بإدارة البلاد من حينها مجموعة طائفية مذهبية تستثمر السلطة في جمع الثروات وخدمة المؤامرات والتجارة بالقضية الفلسطينية والحديث عن مواجهة المؤامرة الأميركية التي فضحت زيفها وثائق (ويكيليكس).. إذاً الهدف الذي يسعى نظام عائلة الأسد لتحقيقه في سوريا من خلال التهويل بالحرب الطائفية وتسعيرها بعد جرائم حمص وغيرها من مدن سوريا هو:
-         ربط مصير ومستقبل الطائفة العلوية في سوريا بمصير العائلة الحاكمة، ومحاولة جمع أقليات ومجموعات أخرى من النفعيين والوصوليين والانتهازيين أمثال (فاروق الشرع ووليد المعلم) وغيرهم من حولها، ليؤمنوا لها الحماية وإعطائها الشرعية أمام المجتمع العربي والدولي، والصورة التي جمعت المبعوث الأممي (كوفي انان) مع مفتي نظام سوريا وبعض رجال الإكليروس المسيحي، هي لذر الرماد في العيون، ولو كان النظام علمانياً قومياً كما يدعّي الأسد لما كان من ضرورة لهذا الصورة الهزلية التي لا تخفي الجرائم ولا تعالج الأزمة الداخلية.
-        تشجيع الهجرة الداخلية بعد انعدام الثقة وتعزيز الانقسام العامودي بين مختلف مكونات المجتمع السوري بما يسمح بطرح معالجات مختلفة عن تلك التي تطرح اليوم لتغيير النظام والانتقال إلى بناء دولة عصرية ديمقراطية.
-        وضع المجتمع الدولي والعربي أمام خطر اندلاع حرب طائفية في المنطقة بين مختلف الطوائف مما يستدعي الجلوس أمام طاولة حوار تضم مختلف الأطراف برعاية دولية لوضع اتفاقات جديدة يتم بموجبها تقسيم السلطة بين الطوائف على الطريقة اللبنانية (اتفاق الطائف) أو الطريقة العراقية التي يرعاها النظام الإيراني وتؤيدها الولايات المتحدة الأميركية..
-        زعزعة الثقة بين الأكثرية الشعبية في المنطقة العربية والإسلامية وبين بعض الأقليات التي شاركت الأسد جرائمه سواء بتأييدها الإعلامي والسياسي له، أو بالمشاركة المباشرة إلى جانبه كما يتردد في بعض وسائل الإعلام..
-        طلب حماية دولية للأقلية العلوية التي تتجمع بحسب بعض المصادر في شمال سوريا لحمايتها من تداعيات جرائم وممارسات نظام الأسد.. كما جرى في إقليم كوسوفو في البلقان..
لذلك فإن من الواضح اليوم وبناءً على ما نراه من حدة المعارك وبشاعة الجرائم التي ترتكبها قوات وكتائب الأسد وتلك الحليفة له فإن الصراع في سوريا اليوم ونحن على أبواب العام الثاني للثورة التي لا بد منتصرة،  لم يعد بهدف تغيير السلطة والانتقال من ديكتاتورية مذهبية إلى دولة مدنية، بقدر ما أصبح صراع وجود تخوضه القوى الحية في المجتمع السوري في الداخل والخارج في مواجهة التآمر الروسي والإيراني والعراقي وبعض القوى اللبنانية على الشعب السوري إلى جانب الأسد، وذلك سواء بخوض المواجهة المسلحة غير المتكافئة أمام صمت العالم وتلكؤه عن نصرة هذا الشعب المظلوم، أو بالمقارعة سياسياً وإعلامياً، لمواجهة وفضح هذه الجرائم التي ترتكبها هذه العصابات لتثبيت سلطتها على دماء وأشلاء وجماجم الشعب السوري وإبقاء محور الظلم والتسلط مهيمناً وممتداً من طهران إلى حارة حريك عبر بغداد ودمشق..

[email protected]

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,593,336

عدد الزوار: 6,997,170

المتواجدون الآن: 62