أزمة العراق وسوريا إلى جانب الوضع الاقتصادي تنتج التطرف الذي يقلق الجميع

تاريخ الإضافة الثلاثاء 9 أيلول 2014 - 12:40 م    عدد الزيارات 638    التعليقات 0

        

تنشر بالتزامن مع مجلة أصفار

 

أزمة العراق وسوريا إلى جانب الوضع الاقتصادي تنتج التطرفالذي يقلق الجميع
بقلم مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات... حسان القطب
لا شك بأن المنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً تعيش مرحلة صعبة وقاسية ومقلقة من تاريخها الحديث خاصةً بعد انهيار المنظومات الحكومية في عدة دول وعلى رأسها سوريا والعراق نتيجة سياساتها الخاطئة وممارساتها التي دفعت المواطنين للإنتفاض والثورة.. ومن المفيد الإشارة إلى أن تلكؤ المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في التدخل والعمل سريعاً على معالجة ازمات المنطقة والضغط على سلطاتها لتحقيق مكاسب مهمة وذات دلالات ايجابية بالنسبة لجمهور المواطنين في تلك الدول، قد زاد من حدة التطرف بين جمهور الشباب في هذه المنطقة وحتى في الدول المجاورة.. لذلك من الضروري بل من المهم التوقف عند الأسباب الأساسية والجوهرية التي دفعت بالمنطقة وجمهورها نحو التطرف حتى تتم معالجتها بما يتناسب لأن الحل العسكري وحده لم يثبت جدواه ولا بد من ان يواكبه مجموعة اخرى من الحلول التي تشكل حافزاً ودافعاً لشعوب المنطقة لرفض التطرف وطرد المتطرفين:
- إن سياسة القمع والتهميش والاعتقال التي طالت مواطني هذه الدول طوال سنوات وبعضها لعقود خلت، قد عزز من قناعة المواطنين بأن المواجهة والصراع المسلح هو الحل بل هو السبيل الوحيد لتحقيق التغيير والوصول إلى بناء دول حديثة ديمقراطية ومتعددة الأحزاب والقوى وتحتضن كافة مكونات المنطقة من اديان وأعراق... ولكن عدم تجاوب المجتمع الدولي وعدم وقوفه مع طموحات وتطلعات هذه الشعوب بل أنه مع الأسف وقف مع دعم حكومات طائفية ومذهبية كما في العراق التي قادها نوري المالكي ليصل بالعراق بعد ثماني سنوات نحو الكارثة الأمنية والسياسية والاقتصادية مما ادى إلى تفكك الدولة ومؤسساتها ونشوء الميليشيات الطائفية برعاية الدولة وعنايتها ودعمها وأخر خطأ مدمر ارتكبه المالكي قبل ان يغادر السلطة هو تبنيه الالتزام بفتوى الجهاد الكفائي الذي اصدرته المرجعيات الدينية مما ادى إلى بروز منطق شرعية الميليشيات الطائفية، وقانونية سلاحها ووقوفها إلى جانب القوات الحكومية مما جعل من ممارساتها المجحفة وغير القانونية تحظى بحماية الدولة وتغطيتها وأخرها كانت مجزرة المسجد في ديالى... إلى جانب انتظار التغيير على الأرض كما جرى في سوريا ومن ثم تأييد من يمسك بزمام المبادرة حت لو كان النظام الديكتاتوري نفسه...
- إن الحرب التي شنتها انظمة هذ الدول على مواطنيها دون ان تضع افقاً واضحاً للحل او للتسوية او على الأقل بلورة معالم تسوية ممكنة قد جعل من الصعوبة بمكان العمل على ايجاد حل سلمي مما فتح الباب واسعاً امام تطور الصراع وتمدده، ودفع المواطنين للتطرف بل وفي الرغبة والقدرة على استقدام مجموعات خارجية للمشاركة في هذا الصراع من مختلف الدول سواء المؤيدة لهذه الأنظمة او لتأييد القوى والمجموعات المعارضة...
- إن حضور المقاتلين الاجانب إلى ساحة الصراع قد أظهر مدى تطرفهم وقدرتهم على تجاوز الأعراف والقوانين المحلية والدولية، وحتى على تجاوز المشاعر الإنسانية والمباديء والثوابت الدينية، خاصةً وانهم يقاتلون على ارضٍ ليست أرضهم، وفي بيئةٍ ليست لهم او تعنيهم في شيء مهما رفعوا من شعارات وعناوين دينية او سياسية... والبعض منهم قد حضر لأسباب دينية ولكن حالة الفلتان والتحريض الديني والسياسي والفكري قد دفعتهم لممارسة اقصى ما يمكن من ممارسات التطرف والارهاب على ابناء وطنٍ لا يمت إليهم بصلة... وهذا ما شجع بعضهم على إعلان إمارات وولايات وخلافة إسلامية، أو ربط دوره بحماية اماكن مقدسة وخدمة مشروع ديني تتطلب حمايته ونجاحه اقصى ما يمكن ممارسته من العنف والممارسات الشاذة... ومشاهد الفيديو التي تنشر من كافة المجموعات تعبر عن هذا الواقع وتزرع الرعب والخوف في قلوب كافة من يشاهدها او يتسنى له مراقبتها...
- الوضع الاقتصادي المتردي والمتدهور في المنطقة العربية والذي يعيشه سكان بعض هذه الدول قد زاد من حدة التوتر ومن تأمين بيئة حاضنة للتطرف ومن يريد ممارسته او قيادة حملته، فقد ورد في احد التقارير الأميركية الذي نشره معهد واشنطن... (انه قد فاجأ الرئيس الأمريكي أوباما الكثيرين مؤخراً حين شخّص الأزمة التي تعصف بالعراق بأنها جزء من محنة اقتصادية مشيراً إلى أن السنة العراقيين كانوا "منفصلين عن الاقتصاد العالمي" ولهذا أخفقوا في تحقيق طموحاتهم. ومع أن حالة الاضطراب والفوضى في العراق تأتي من عدة مصادر، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يخطئ، فليس السنة العراقيون وحدهم هم المعزولين عن الاقتصاد العالمي، بل الشرق الأوسط بأكمله. وتنفرد المنطقة بنسبة واردات تزيد بقليل عن 4 في المئة من الواردات العالمية، وهي نسبة أقل من تلك المسجلة في عام 1983؛ علماً بأن ألمانيا وحدها تسجل نسبة 6.4 في المئة. ويبرز ركود المنطقة الاقتصادي بشكل واضح عند مقارنتها بالاقتصادات الآسيوية. فوفقاً لتقارير "البنك الدولي"، بلغ نصيب الفرد المصري من "الناتج المحلي الإجمالي" 406 دولاراً في عام 1965 بينما كان نصيب الفرد في الصين 110 دولارات فقط. واليوم (باستخدام السعر الثابت للدوﻻر)، ارتفع نصيب الفرد المصري من "الناتج المحلي الإجمالي" أربعة أضعاف ليصل إلى 1566 دولاراً، بينما زاد نصيب الفرد في الصين ثلاثين ضعفًاً ليبلغ 3583 دولاراً. وكذلك الأمر بالنسبة لإيران وكوريا الجنوبية حيث كان نصيب الفرد من "الناتج المحلي الإجمالي" هو نفسه تقريباً في كلا الدولتين في عام 1965، أما اليوم فارتفع نصيب الفرد في كوريا الجنوبية إلى 24 ألف دولار، في حين أصبح مثيله في إيران 3000 دولار فقط. ولا تعاني دول منطقة الشرق الأوسط من انفصال اقتصادها عن العالم فحسب، بل هي معزولة عن بعضها البعض أيضاً. فمعظم الصادرات في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا تبقى في تلك المناطق، وثلثا الصادرات إلى أوروبا تأتي أيضاً من أوروبا. ولكن في الشرق الأوسط، تأتي نسبة 16% فقط من صادرات دول المنطقة ككل من دول أخرى في الشرق الأوسط. وفي حين يركز المراقبون الغربيون على القضايا السياسية في الشرق الأوسط، ينشغل أهل المنطقة أنفسهم بالشؤون الاقتصادية. ووفقاً لاستطلاع للرأي أجري مؤخراً، ترغب غالبية سكان قطاع غزة بالهدوء مع إسرائيل وبفرصة البحث عن عمل هناك. وفي استطلاع رأي آخر، يضع الإيرانيون "تعزيز فرص العمل" على رأس أولويتهم السياسية، وهي نسبة أعلى بكثير من "استمرار برنامجنا للتخصيب النووي." ولكن في حين يأمل سكان غزة بإنهاء الحصار المفروض عليهم ويتطلع الإيرانيون إلى رفع العقوبات، لن توفر أيٌّ من هاتين الخطوتين حلاً سحرياً للمشكلة. فالضيق الاقتصادي متوطّن في المنطقة، حتى في المناطق التي لا تعاني من الحصار أو العقوبات. ولا بد لصانعي السياسات الغربيين أن يهتموا لهذا الأمر. فالفصل بين المشاكل الاقتصادية والسياسية غير صحيح. إذ يرتبط الاقتصاد بالسياسة ارتباطاً وثيقاً، ويعتبر التقدم الاقتصادي العامل الرئيسي للحد من انعدام الاستقرار المزمن الذي يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة)....
إن الخوف اليوم هو من ان يصبح تنظيم الدولة الإسلامية او (داعش) كما يتم التعريف به وعنه، هو صوت جماعة اهل السنة في المنطقة العربية إذ ان المنطقة التي يسيطر عليها تمتد واسعاً وعميقاً في اراضي سوريا والعراق واصبح هذا التنظيم يتحكم بقدرات مالية ضخمة نتيجة سيطرته على منابع نفطية وآبار غاز في كلٍ من البلدين، وهذا ما يعطيه القدرة على تمويل حملته العسكرية وتجنيد مسلحين واستقطاب مقاتلين من خارج الحدود ومن الدول الغربية لتعزيز قدراته وإمكانياته البشرية مع استطاعته الآن تجنيد عناصر مسلحة من الشبان القاطنين في اماكن سيطرته الممتدة واسعاً، خاصةً وان هؤلاء الشباب بحاجة لفرص عمل وتامين قوت عيالهم وهذا ما يقدمه لهم هذا التنظيم، والقدرة على تنظيم الشباب واستقطابهم تصبح متاحة اكثر بل ممكنة مع الفكر المتطرف الذي يطرحه والذي يحمل في طياته مفاهيم الانتقام ممن كان سبب التدهور والتراجع والتخلف في المنطقة إلى جانب التركيز على تأييد الغرب لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين والتي تعتبر القضية المركزية للأمة الإسلامية، وإلى جانب ما يتم إطلاقه للأنظمة العربية من اتهامات بالتقصير والتقاعس..وتشكل محور العداء مع الغرب.. تشكل حافزاً موضوعياً للقتال والانتفاض على هذه الانظمة...
لذلك على الدول العربية المعنية العمل سريعاً لاستيعاب طبيعة الأزمة الحالية وضرورة العمل الجاد على التعامل مع هذه الأزمات والتحديات، على نحو يحفظ للدول العربية أمنها واستقرارها،. بما في ذلك نمو الفكر الإرهابي المتطرف.. والاضطرابات التي تشهدها بعض الدول العربية، وانعكاساتها الخطرة على دول المنطقة وتهديدها للأمن والسلم الدوليين... على المستويين القريب والبعيد... 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,729,829

عدد الزوار: 7,001,735

المتواجدون الآن: 70