إسرائيل تستعد لحالة عدم الاستقرار مع تدهور الأوضاع في سوريا

تاريخ الإضافة الثلاثاء 5 شباط 2013 - 6:50 ص    عدد الزيارات 738    التعليقات 0

        

 

إسرائيل تستعد لحالة عدم الاستقرار مع تدهور الأوضاع في سوريا
مهد واشنطن.....مايكل هيرتسوغ
"هذا المرصد السياسي هو جزء من من سلسلة من المقالات بعنوان "عدوى انتقال العنف السوري: وجهات نظر من الدول المجاورة"، حول الكيفية التي يؤثر فيها الصراع على تركيا والعراق وإسرائيل والأردن ولبنان."
كانت إسرائيل الأقل تأثراً بالعاصفة الهوجاء في سوريا الواقعة إلى الشمال منها وذلك بالمقارنة مع الدول المجاورة الأخرى. ويمكن رؤية القتال بين النظام وقوى المعارضة من مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل، ولكن الحدود نفسها هادئة، وكانت الأحداث القليلة التي شملت إطلاق النار باتجاه إسرائيل في أواخر عام 2012 غير مقصودة على الأرجح. ورغم ذلك فإن إسرائيل غير راضية عن الأوضاع -- ويأتي هجومها الجوي بالقرب من دمشق، الذي أوردته التقارير في الثلاثين من كانون الثاني/يناير، ليؤكد مخاوفها بشأن انفجار الأوضاع على الساحة السورية، وخاصة انتشار الأسلحة الاستراتيجية. وعلى نطاق أوسع، تتوقع إسرائيل أن تنتهي فترة الهدوء التي دامت ما يقرب من أربعين عاماً على طول الحدود السورية بمجرد سقوط بشار الأسد، أو حتى قبل ذلك.
من الذي سيملأ الفراغ؟
يتشكك المسؤولون الإسرائيليون في قدرة الأسد على الاستمرار في إحكام قبضته على السلطة إلى ما بعد هذا العام. بيد أنهم يدركون أيضاً أن الحرب الأهلية قد تستمر في إنهاك البلاد بعد الإطاحة به. ورغم أن الاضطرابات تُحد من احتمالية الدخول في خطر حرب تقليدية مع الجيش السوري، إلا أنها تُبرز مخاطر المواجهة مع الفاعلين المعادين من غير الدول.
وعلى النقيض من الإحساس العام في المنطقة، فإن إسرائيل لن تترحم على رحيل الأسد. فهو العامل الحيوي في محور إيران- «حزب الله» المتطرف ومنافس قوي لإسرائيل. ومن ثم سوف يكون سقوطه بمثابة صفعة قوية لطهران، ويضعف بشكل كبير «حزب الله»، ويفكك المحور الثلاثي -- ومن غير المحتمل أن تسعى القوى التي قد تهيمن على سوريا في المستقبل إلى التحالف مع أطراف فاعلة ساعدت الأسد على ذبح شعبه.
وفي الوقت ذاته، ينتاب إسرائيل الشك والخوف بشأن من يستطيع أن يملأ الفراغ الذي سيعقب الأسد. وهي منزعجة بصفة خاصة من ازدياد أهمية الإسلاميين ووزنهم في المعارضة، وتزايد أعداد الجهاديين الأجانب (الذين أصبحوا أقوى قوة قتالية على أرض المعركة)، واستمرار سلبية الغرب بشأن دعم قوى المعارضة غير الإسلامية. وفي النهاية، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة إسلاميين معادين في جارتيها العربيتين الأكثر أهمية، وهما مصر وسوريا -- وهو واقع قد يكون له خطر آثار متتابعة على المنطقة.
صامتة علناً، لكن يساورها القلق سراً
لقد اختارت إسرائيل طوال الأزمة السورية أن تظل وراء الكواليس، إدراكاً منها أنها غير قادرة على التأثير بشكل كبير على مسار الأحداث. وعلاوة على ذلك، وفي ضوء المشاعر المعادية لإسرائيل المنتشرة على نطاق واسع في المنطقة، فإن أي تعبير عن التعاطف مع الثوار قد يكون بمثابة قبلة النهاية التي تقوضهم داخلياً وإقليمياً.
ومع ذلك، وجّه المسؤولون الإسرائيليون انتقادات في السر (والعلن أحياناً) إلى الغرب بسبب دوره السلبي في الأزمة بينما يحصل النظام السوري على دعم إيران و «حزب الله» وحتى روسيا بكل نشاط وفاعلية. فهم يرون أن تلك السلبية ساعدت على تعضيض وضع الإسلاميين والجهاديين وتمكينهم من إضفاء طابع راديكالي على الصراع. ويستخدم بعض المسؤولين أيضاً هذه الحجة للتأكيد على ضرورة اعتماد إسرائيل على نفسها فقط عند التعامل مع مسائل تمثل أهمية حيوية للأمن القومي، ويشمل ذلك الحفاظ على خيار عسكري مستقل ضد برنامج إيران النووي.
متابعة المنطقة عن كثب
تتابع إسرائيل عن كثب تأثير الصراع على جيران سوريا الآخرين. أولاً، ينتابها قلق بالغ من أن يعمل الاضطراب على توليد حالة خطيرة من عدم الاستقرار في الأردن، وهي بلد ذات أهمية استراتيجية لإسرائيل والغرب. وفي كانون الأول/ ديسمبر، ذكرت إحدى الصحف العربية أن الملك عبد الله التقى سراً مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في عمان لمناقشة الوضع في سوريا، وقد أكدت مصادر حكومية إسرائيلية هذا التقرير بشكل غير رسمي.
أما على صعيد لبنان، فإسرائيل سعيدة بالضغط الذي وضعته الأزمة على «حزب الله». غير أنها تراقب الأوضاع عن كثب أيضاً، حيث تتبع أي مؤشرات عن ارتكاب الجماعة لأعمال عنف مفاجئة رداً على هذا الضغط أو سعيها للحصول على أسلحة استراتيجية من سوريا.
لقد دفعت الحرب إسرائيل إلى إعادة التفكير في علاقاتها المضطربة مع تركيا. فالبلدان لديهما مصالح عديدة متقاربة في سوريا -- وهذه الحقيقة سوف تُحفز إسرائيل على الأرجح على القيام بمحاولة مجددة لتطبيع علاقاتها مع أنقرة، في ضوء الخلفية الإقليمية المشحونة بالمخاطر.
التحضير لحالات الطوارئ
تركز إسرائيل حالياً على الأحداث الطارئة التي تُحدث تأثيراً مباشراً على أمنها.
الأسلحة الاستراتيجية. يمثل مصير ترسانة الأسد الضخمة من الصواريخ والقذائف والأسلحة الكيميائية مصدر قلق رئيسي لإسرائيل حيث قد تقع تلك الترسانة بين أيدي الجهاديين في سوريا أو «حزب الله» في لبنان. وكلاهما يستطيع أن يستخدم تلك الأسلحة لتهديد إسرائيل.
وبينما يركز المجتمع الدولي على مخزون الأسلحة الكيميائية، فإن إسرائيل ليست أقل تركيزاً على الأسلحة الاستراتيجية الأخرى التي لدى النظام وفرة منها، بما في ذلك رادارات، وصواريخ أرض- أرض، وقذائف، وصواريخ أرض- جو وأرض- بحر متطورة. ومن الواضح أن الهجوم الجوي التي شنته إسرائيل في سوريا في ليلة 29-30 كانون الثاني/يناير كان يستهدف على ما يبدو مقاومة تلك التهديدات -- ووفقاً لبعض التقارير الإعلامية، استهدفت العملية قافلة تحمل أسلحة إلى «حزب الله» في لبنان. لقد التزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت حول الحادث، ويُرجح أن الغرض من ذلك هو أن ألا يشعر المستهدفون بالاضطرار إلى الرد بعنف. وربما تحتاج إسرائيل أيضاً إلى شن هجمات أخرى في المستقبل.
وفيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، انضمت إسرائيل بالفعل إلى واشنطن وأطراف أخرى في الحوار الاستخباراتي والسياسي المكثف حول الموضوع. كما أنها أعدت خططها العسكرية الخاصة، التي تركز على الهجمات الجوية الدقيقة. وفي أوائل كانون الأول/ديسمبر، أفاد كاتب العمود في صحيفة "ذي أتلنتيك" الأمريكية جيفري غولدبرغ بأن إسرائيل قد طلبت بهدوء موافقة الأردن -- التي لم تمنح -- على خطة طوارئ لتدمير مواقع الأسلحة الكيميائية السورية. وكان السبب الذي ذُكر بشأن هذا الطلب هو التبعات المحتملة لمثل ذلك الهجوم على الأردن.
زعزعة الاستقرار على طول الحدود. ترى المخابرات الإسرائيلية أنه بمجرد سقوط نظام الأسد سوف يتدهور الوضع الأمني تدريجياً على طول الحدود. ويقوم هذا التقييم على العدد المتزايد من الجهاديين في المناطق القريبة من الحدود، فضلاً عن مؤشرات بأنهم يجمعون مخازن أسلحة هناك. ويُغذي تلك الجماعات عداء أيديولوجي عميق ولذا فمن المرجح أنها ستستهدف إسرائيل بمجرد انهيار النظام. وفضلاً عن ذلك، لم تستبعد قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" السيناريو الأقل احتمالاً المتمثل في شن قوات الأسد عملاً نهائياً عدائياً عبر الحدود بدافع اليأس.
وبغض النظر عما سيحدث، فإن مؤسسة الدفاع مقتنعة بأن إسرائيل على وشك دخول عهد جديد من عدم الاستقرار يجتمع فيه تحدي الجهاديين الحالي على طول حدود سيناء مع تحدي مماثل يمثله الجهاديون من سوريا -- وربما يكون هناك تنسيق فيما بينهما في المستقبل. وإذا تفاقمت الأوضاع فمن غير الواضح ما الذي سيحدث مع "قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك" ("أوندوف") المتمركزة في المنطقة الحدودية منذ عام 1974. وطوال فترة الحرب، استخدمت إسرائيل ("أوندوف") لنقل رسائل رادعة في الغالب إلى النظام والجيش السوري. ولا يتضح كذلك مصير محطة استخبارات الإشارة التي تديرها إيران في مرتفعات الجولان لجمع معلومات عن إسرائيل.
واستجابة منها للتهديدات الحدودية، شرعت إسرائيل مؤخراً في بناء سور أمني متطور في الجولان على غرار السور الذي أكملته للتو في الجنوب. وعلاوة على ذلك، تم نشر قوات وقدرات استخباراتية إضافية في المنطقة ورفع مستوى التأهب ووضع خطط عملياتية للتدخل المحتمل عبر الحدود.
ما بعد سقوط الأسد مباشرة. من وجهة نظر إسرائيل إن السيناريو الأكثر احتمالاً عقب سقوط الأسد هو ظهور سوريا مجزأة، ولا مركزية، وعاجزة عن أداء وظائفها، وبقاء طهران نشطة في بعض من أنحاء البلاد. ورغم أن تجدد عملية السلام بين البلدين الآن يبدو أمراً يتعذر فهمه، فقد أثار البعض في دوائر الحكومة الإسرائيلية احتمالية السعي إلى إحداث مواءمة مع جماعات الأقلية غير المسلمة في سوريا وخاصة في المناطق الحدودية. وتلك الأفكار تُعيد إلى الأذهان المواءمات التاريخية مع الأقليات الإقليمية.
يرى الإسرائيليون أيضاً أن تداعي نظام الأسد قد يصب في صالحهم في وقت يواجهون فيه قرارات حاسمة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وكما ذُكر سابقاً، فإن خسارة حليف استراتيجي هام قد تمثل صفعة قوية لطهران -- ولو قررت إسرائيل أو الولايات المتحدة لاحقاً الهجوم على إيران، فستكون سوريا عاجزة عن تقديم إسهامات جادة في رد إيران، كما سيفتقد «حزب الله» قناة حيوية لدعمه وإعادة إمداده بالأسلحة أثناء المواجهات وبعدها.
الخاتمة
إن المخاوف بشأن الفوضى المتنامية إلى الشمال تحدث دوياً قوياً بين قادة إسرائيل أكثر من أي وقت آخر منذ بدء الانتفاضة ضد الأسد. وبناءً عليه، ينبغي على الولايات المتحدة، وقوى غربية أخرى، والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية أن تستمر في التحاور الوثيق جداً مع إسرائيل بشأن المخاطر وحالات الطوارئ التي سيخلّفها سقوط النظام السوري.
مايكل هيرتسوغ هو عميد (احتياط) في جيش الدفاع الإسرائيلي وزميل ميلتون فاين في معهد واشنطن مقره في إسرائيل. وقد شغل سابقاً منصب رئيس هيئة موظفي مكاتب أربعة وزراء دفاع وشارك في مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,563,973

عدد الزوار: 6,996,149

المتواجدون الآن: 57