لوائح مطلوبين منذ العام 2011 أهالي السلمية يعتصمون والنظام السوري«يتجاوب» على إيقاع المعارك في ريفها

تاريخ الإضافة الأحد 20 كانون الأول 2015 - 7:00 ص    عدد الزيارات 697    التعليقات 0

        

 

لوائح مطلوبين منذ العام 2011 أهالي السلمية يعتصمون والنظام السوري«يتجاوب» على إيقاع المعارك في ريفها
عبدالله أمين الحلاق 
«أنت متظاهر؟ أهلاً وسهلاً. بعد زمان والله! اشتقنالكم...»، هذه العبارة قالها أحد الضباط على حاجز من حواجز جيش النظام على طريق حماهمصياف، مخاطباً شاباً في العشرينات من عمره من أبناء مدينة السلَمية أوقفه ذلك الحاجز قبل فترة قصيرة، أي في عام 2015 وليس في عام 2011، أيام التظاهرات الكبرى التي خرجت في المدينة، وهو ما توحي به كلمة «اشتقنالكم..».
يصعب تفسير تلك الحادثة في عام 2015، بعد أن قضَت التظاهرات وصارت «صرحاً من خيال فهوى»، في السلَمية وغيرها، خصوصاً أن تلك الحادثة تكررت على حواجز أخرى للجيش النظامي والمخابرات السورية مع متظاهرين سابقين، لم يعرف عنهم اليوم فعلاً ميدانياً في أي من المعارك الدائرة في سوريا، وفي محيط السلَمية تحديداً.
يفسّر البعض وجود لوائح على الحواجز اليوم لمطلوبين بتهمة التظاهر عام 2011 في السلمية، بـ «غياب التنسيق بين الجهات الاستخباراتية السورية»، وآخرون يَعزونها كرسالة وإزعاج وانتقام «محدود» من كل من خرج في تظاهرة في السلَمية ضد النظام، بخاصة أن بعض المتظاهرين قام، وفق اللغة السائدة، بـ «تسوية وضعه» في عامي 2011 و2012، وتم توقيفه مجدداً قبل حوالى شهر على حواجز ونقاط تفتيش تابعة للنظام السوري، بتهمتي «التظاهر والتحريض على التظاهر».
يحاول النظام أن يبدو مُطبقاً ومسيطراً ومتحكماً في كل المناطق الواقعة تحت سيطرته، يتعامل معها بسياسة القمع والمصادرة والتضييق أسوة بما كانت عليه الحال في «سورية الأسد» قبل الثورة. خروج مناطق شاسعة من الأرض السورية عن سلطته وسيطرته، يقتضي منه التعامل مع تلك المناطق بسياسة مختلفة عن المناطق التي بقيت ضمن دائرة نفوذه ونفوذ القوى الإقليمية والميليشيات الداعمة له.
لا يبدو النظام السوري مسلّماً باستحالة سيطرته مجدداً على كامل سورية، وكسره القوى العسكرية التي تسيطر على مناطق كبيرة اليوم، باحثاً عن ثقل بشري عسكري يكون رافداً لمعاركه في وجه قوات المعارضة السورية وفصائل إسلامية ذات أجندة إسلامية سورية وغير سورية. وعليه، يلمس المرء في مناطق سيطرة النظام، تحديداً السلَمية والسويداء والساحل السوري وغيرها، سياسات وإجراءات يومية لـ «تعبئة» الشباب المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية قسراً، وإرسالهم إلى مناطق مشتعلة بالمعارك بين النظام وقوى عسكرية معارضة له. هذه كانت حال مدينة السلمية أخيراً.
فقد صدر، قبل فترة قصيرة، قرار بسحب 600 عسكري من أبناء المدينة يؤدون الخدمة العسكرية في كتيبتين قريبتين من السلَمية، وإرسالهم إلى منطقة «مورك» وفقاً لناشطين، كمؤازرة لقوات النظام التي تتكبد خسائر كبيرة في ريف حماه الغربي والشمالي. وهي ليست المرة الأولى التي يزجّ النظام فيها أبناء المدينة في معارك مع المعارضة المسلّحة أو تنظيم «داعش» وغيره من تنظيمات، وتسجّل صفحات المعارضة والموالاة أسماء القتلى من السلمية الذين يسقطون في جبهات مختلفة يخوض فيها النظام معارك مع مختلف الفصائل العسكرية.
وعليه، نفّذ عدد من الأهالي من أبناء المدينة اعتصاماً أمام مقر «الجيش الشعبي» فيها، مندّدين بقرار سحب أبنائهم من المدينة وإرسالهم إلى مناطق مشتعلة بالمعارك، هاتفين في الاعتصام: «ما بدنا مورك... ما بدنا مورك».
وبعد الاعتصام، نشرت صفحة «كتائب البعث المسلحة – قطاع سلمية»: «وصلنا الخبر من القيادة العسكرية بأن القائد العام للجيش والقوات المسلّحة السيد الرئيس بــشار الأسد، لن يسمح بتحريك عنصر من عناصر الفوج خارج المنطقة التي تواجه الإرهابيين في شكل يومي».
يذكر أن النظام سمح قبل حوالى عام، بـ «تسوية أوضاع» المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية والمتخلّفين عنها مقابل ذهابهم إلى الخدمة في الكتائب والثكنات العسكرية ضمن المحيط القريب من المدينة، قبل أن يلوّح بالانقضاض على تلك «السياسة» عبر قرار سحب العسكريين وإرسالهم إلى «مورك» وغيرها، الأمر الذي يشير إلى أزمة في «الموارد البشرية» لديه، على رغم دخــــول ميليشيات عراقية ولبنانية وإيرانيــــة وغيرها في معركته الدائرة منذ خمس سنوات. وفي هذه الأثناء، يخيم على السلمية قلق وترقب وحذر في التحرك بحرية ضمن شوارع المدينة من جانب بعض شبابها الذين دخلوا سن الخدمة العسكرية أو المتخلّفين عنها، وسط تكثــيف دوريات «الشرطة العسكرية» في الشوارع باحثة عن مطلوبين للخــدمة، بينما تتربّص حواجز النظام بالمتخلّفين، وببعض من خرجوا في تظاهرات قبل حوالى خمس أعوام.
تعيش السلَمية اليوم، حالاً مزرية من نقص الخدمات، وظروفاً اقتصادية وأمنية سيئة يعيشها أهلها. السلَمية اليوم هي نموذج عن «سورية الأسد» التي يريد النظام لسورية أن تكونها في حال حقق نصره المفترَض والمتخيَّل في حربه على السوريين. وبعد أن حاول النظام خلق حالات صدام أهلي وطائفي في المدينة وبين أبنائها على مدى السنوات الماضية من عمر الثورة، ها هو اليوم يستمر في محاولته زج المدينة في حربه على عموم المدن السورية التي هُدمت على رؤوس من لم يغادرها من سكانها، إلى جانب وجود شبيحة من أبناء المدينة كانوا أنصار جيش النظام في قتله السوريين في أماكن مختلفة منذ عام 2011 وحتى اليوم، وغياب قوى عسكرية معارضة للنظام ذات خطاب ثوري في ريف المدينة المحيط، ما يجعلها في حال من الترقب والانتظار بين إحكام النظام قبضته الأمنية عليها، وتطويقها من تكفيريين لم يُعرف أن النظام كان على صدام واسع معهم في المنطقة إلا في الفترات الأخيرة، وتحديداً بعد التدخل العسكري الروسي.
ويرشّح أن الأمور في الفترة المقبلة ستكون أسوأ عما هي اليوم ما لم يتم التوصل إلى تسوية عامة تؤسس لمصالحة سورية – سورية على المدى البعيد، ولشرعة حقوقية وإنسانية بين مكونات الشعب السوري الطائفية والإثنية كافة، بعيداً من الوعود والتسويات والقرارات المحلية المتعلقة بهذه المدينة وتلك البلدة من جانب نظام يقتل السوريين بحجج مختلفة منها «حماية الأقليات». «تسويات وقرارات محلية» لن تؤدي إلا إلى تأجيل انفجارات مستقبلية لا يبدو أن المناطق التي توصف بـ «الهادئة نسبياً»، مثل السلَمية، ستكون في منأى عنها.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,473,413

عدد الزوار: 6,992,907

المتواجدون الآن: 58