هل تريد واشنطن إعداد غزة لاستقبال صفقة القرن؟...

تاريخ الإضافة الجمعة 16 آذار 2018 - 4:05 ص    عدد الزيارات 758    التعليقات 0

        

هل تريد واشنطن إعداد غزة لاستقبال صفقة القرن؟...

محرر القبس الإلكتروني .. القدس – أحمد عبدالفتاح.....

شاءت الاقدار ان يقع حدثان هامان مرتبطان بقطاع غزة في وقت واحد، وسيكون لهما تداعيات تحدد مصير القطاع ومآلاته، كذلك موقعه على خارطة التطورات اللاحقة، التي تستعد الساحة الفلسطينية لاستقبالها بكثير من التوجس والقلق. ويتمثل الحدث الاول باستهدف موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله ورئيس المخابرات اللواء ماجد فرج على بعد مئات الامتار من حاجز بيت حانون «ايرز»، بينما الحدث الثاني كان عقد مؤتمر البيت الابيض لوضع حلول للمشاكل الانسانية لقطاع غزة. واذا نظرنا عن كثب للحدث الأول، نرى أن خضوع المنطقة التي وقع فيها الانفجار بموكب الحمدالله، لاجراءات امنية صارمة ومشددة من قبل اجهزة أمن حركة حماس التي تسيطر على القطاع، لا تحيل تلقائياً الى اتهامها بالوقوف وراء هذه العملية، حيث اجمعت معظم التقديرات السياسية ومن جميع الافرقاء على مختلف مواقعهم على امرين، أولهما: ان الانفجار، كان بمنزلة رسالة اعتراض ساخنة على المصالحة بقصد تخريبها، وليس اغتيال الحمدالله وفرج، ولو كان المقصود ارتكاب مثل هذه الجريمة لاستخدمت وسائل اكثر فتكاً واقدر على تحقيق هذا الهدف. أما الثاني ركز على ان المتضرر الاول من وقوع الانفجار هي «حماس»، بغض النظر عن سيل الاتهامات التي وجهت لها من قبل «فتح» والسلطة الفلسطينية، فور وقوع الانفجار وتراجعت حدتها لاحقاً، فوقوع الانفجار في منطقة حساسة امنياً وتخضع لسيطرتها، يعزز مطالبة حكومة الوفاق الوطني بتمكينها من الملف الامني، ويشكك بقدرتها على ضبط الوضع الامني، ويضعها قبل غيرها في دائرة الاتهام، ناهيك عما يسببه لها من حرج سياسي.

تسلل بين الشقوق

هناك شبه اجماع على تبرئة «حماس» الرسمية من مقارفة جريمة الانقجار، لكنه لم يخل مسؤوليتها باعتبارها قوة الامر الواقع التي تدير القطاع، والمسؤولة عن استتباب الامن فيه بما في ذلك تأمين الحماية اللازمة والضرورية لموكب رئيس الوزراء، كما لم يستثن هذا الاجماع من قائمة المنفذين المحتملين بعض تيارات «حماس»، التي تجاهر برفض المصالحة، كما لا تستبعد هذه القائمة اسرائيل بصفتها احد اهم المستفيدين من استمرار الانقسام، او المجموعات السلفية المتشددة، اضافة الى قوى اخرى تتغذى على الخلاف بين الحركتين، وتراهن على التسلل من بين شقوقه لتعزيز مواقعها في القطاع بانتظار الدور، واليوم الموعود لطرح «صفقة القرن». في المقابل، كثرة الاطراف والجهات المعنية بالاطاحة بالمصالحة تضع برسم «حماس» اجراء تحقيق جدي، وبمشاركة الاجهزة الامنية التابعة للسلطة في رام الله في جريمة الانفجار، دون ابطاء او تسويف، لقطع دابر الشك بأعظم يقين بكشف هوية مرتكبيه، وتقديمهم للعدالة، ليس لتبرئة ساحتها فقط، بل ولإنقاذ المصالحة التي استهدفت بالانفجار، والرد عليه باستئناف المساعي لتذليل العقبات التي تعترض طريقها، وتفويت الفرصة على مناهضيها، والراغبين بسلخ القطاع عن الجسد الفلسطيني.

عصف ذهني

وفي هذا السياق، كان لافتاً وهاماً، ملاحظة الرئيس محمود عباس التي ربطت بين وقوع الانفجار بقصد «افشال المصالحة، وتقاطع اهداف من نفذوه مع الأهداف المشبوهة لتدمير المشروع الوطني بعزل غزة عن الضفة الغربية، لإقامة دولة مشبوهة في القطاع». هذه الملاحظة تقود الى الحدث الثاني، الذي تصادف وقوعه متزامناً مع الانفجار، حيث حشد طاقم البيت الابيض لعملية السلام 20 دولة من بينها اسرائيل و3 منظمات دولية، واستبعد وكالة غوث اللاجئين (اونروا) التي تشرف على حياة ثلثي عدد سكان قطاع غزة، في اجتماع «عصف ذهني» لبحث فرص ايجاد حلول للمشاكل الانسانية التي يعاني منها القطاع، وهو ما يثير شتى انواع الشبهات حول الاهتمام المستجد للادارة الاميركية بهذه المعاناة. فهوية المستبب، والفاعل الاول بمعاناة قطاع غزة واهله ليست مجهولة. انها اسرائيل التي فرضت حصاراً مشدداً ومتعدداً عليه، وحولته الى اكبر سجن في العالم، وشنت عليه ثلاثة حروب مدمرة ما زال يعيش اكثر من مليوني غزي تحت وطأة نتائجها المروعة. كم أن التلطي خلف الاسباب الانسانية الكاذبة لحل ازمات غزة، لا يحتاج الى مؤتمرات وحشود دولية، بل الى اصدار امر للسجان الاسرائيلي الذي يحمل في يده مفتاح السجن ان يفتح ابوابه كي يعاد وصله بالعالم وينهي مأساته الممتدة منذ اكثر من 11 عاماً. بيد ان الحل الانساني المضلل الذي يقترحه مبعوث الرئيس ترامب لعملية السلام جيسون غرينبلات لازمات قطاع غزة يضمر نوايا مغايرة تماماً. فبيت قصيد المؤتمر يتمحور حول اعداد القطاع كي يكون صالحاً لاستقبال «صفقة القرن» وملائمته مع الاحتياجات الامنية الاسرائيلية كما اعلن غرينبلات خلال المؤتمر، وهو ما فهمته السلطة الفلسطينية وافصح عنه الحمدالله غداة وقوع الانفجار، حيث وجه رسالة واضحة للمجتمعين في واشنطن قائلاً: «إن استهدافات هذا الاجتماع لن تمر، وإنقاذ قطاع غزة مسألة سياسية بالدرجة الأولى، وأن أي جهود لإنقاذه يجب أن تمر عبر حكومة الوفاق الوطني». فجميع التسريبات التي بثت في الايام الاخيرة تؤكد ان «الصفقة» باتت جاهزة، ويجري حالياً وضع الرتوش الاخيرة عليها بانتظار اعلانها خلال الشهر الجاري، ويقع في القلب منها نقل مركز السلطة الفلسطينية رغماً عنها من الضفة الغربية الى قطاع غزة، حيث من المقرر بموجب «الصفقة» ان يكون مهد ولادة الكيان الفلسطيني ومكان اقامته الدائمة، برعاية ورقابة امنية اسرائيلية، مقابل مصادرة معظم الضفة الغربية لمصلحة الاستيطان، والشواهد في هذا المجال اكثر من تحصى وكان آخرها اقتراح الرئيس الاسرائيلي رؤوبين ريفلين (المعتدل جدا!) بضم الضفة كاملة لاسرائيل، ومن قبله نتانياهو الذي اعلن في المؤتمر السنوي لأكبر لوبي يهودي في اميركا (إيباك» ان جل ما يمكن ان يمنحه للفلسطينيين «حكم ذاتي» لادارة شؤونهم، ولن تكون هناك اي سيطرة لأي دولة غير اسرائيل بين النهر والبحر. واذا ما اضيف الى ما سلف حذف القدس من جدول اعمال المفاوضات من خلال اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل، وتجفيف موارد «الاونروا» وصولاً الى اغلاقها وشطب ملف اللاجئين، يصبح الاستنتاج، ان الصفقة ليست مطروحة للبحث، بل للتطبيق الفوري، ومؤتمر واشنطن محاولة لهندسة الوضع في غزة بعد هندسته في الضفة لهذا الغرض. والمفارقة هنا، ان الذين استهدفوا المصالحة بانفجار غزة، وما يضمره مؤتمر واشنطن من نوايا حيال غزة يتقاطعان عند نقطة منع اعادة وصل ما انقطع مع الضفة الغربية، والحيلولة دون استعادة وحدة الجغرافيا الفلسطينية وفصل مصيرهما مرة واحدة والى الابد.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,668,986

عدد الزوار: 6,999,449

المتواجدون الآن: 69