الانتفاضة الفلسطينية وإيديولوجيا الاحتلال الدموية

تاريخ الإضافة الإثنين 18 نيسان 2016 - 5:46 ص    عدد الزيارات 295    التعليقات 0

        

 

الانتفاضة الفلسطينية وإيديولوجيا الاحتلال الدموية
سليمان الشيخ
لا يكف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن وصم كل من يعارض تحويل إسرائيل إلى دولة يهودية، بأنه يمارس الارهاب ولا يريد السلام، وتصل به الكراهية والحقد إلى إطلاق نعت إرهابي على كل من يعارض مشاريعه الاستيطانية والعقابية تجاه الفلسطينيين، وهو لم يكتف بذلك، بل أصدر وتصدر حكومته عشرات القوانين والإجراءات التي تشدد من إنزال الاعتقال والسجن بحق من يرمي حجرا تجاه أي مستوطن، أو يطلق نداء (الله أكبر) في حرم المسجد الأقصى ضد غزوات المستوطنين، ويوالي نسف بيوت الفلسطينيين في القدس والضفة والجليل والمثلث والنقب، بحجة البناء غير المرخص، أو تنفيذ عمليات ضد الاحتلال من قبل أبناء شاغلي تلك المساكن، كما ويستمر في طرد المواطن الفلسطيني من بيته وقريته وبلدته، بحجة أنه يحرض ضد الاحتلال.

بل إن حكومته سعت وتسعى إلى توسيع المستوطنات وبناء وحدات سكنية جديدة للمستوطنين في أراضي القدس والضفة الغربية وفي غيرها من الأراضي الفلسطينية، بل و»تشرعن» مصادرة أراضٍ جديدة وتصادرها لمصلحة بناء مستوطنات صهيونية جديدة، وبناء طرق التفافية خاصة بها، كما وأنها لم تتوان عن بناء الجدار العنصري على أراضي الفلسطينيين (صادر نحو 10% من الأراضي الفلسطينية) والذي خرّب مصالح كثيرة للفلسطينيين، ومنع تواصلاً مهما بين الحواضر الفلسطينية، كما وأن الجيش أقام مئات الحواجز (نحو 500 حاجز دائم ومتنقل) كي يعطل المصالح والحياة والتواصل بين الفلسطينيين.

جرى ويجري كل ذلك وحصل منذ سنوات الاحتلال الأول، وما زال نتنياهو يوالي احتلاله ويزرع المآسي البشعة التي وطنها في قلب الحياة الفلسطينية، وكان اللافت في آخر مؤتمر صحافي عقده نتنياهو في 25/3/2016 قوله بأن «الإرهاب ينبع من أيديولوجيا دموية وليس من الاحتلال، وليس من اليأس وإنما من الأمل بإقامة خلافة إسلامية»!

هكذا يمارس رئيس الوزراء الإسرائيلي التمويه والإنكار وعدم قول الحقيقة في تعامله مع كل مترتبات القضية الفلسطينية. ومن المعلومات التي أوردتها الصحافة الإسرائيلية عن الهبة الانتفاضية الحالية وعن أسباب حدوثها، فإنها لم تبتعد عن ما ذهب إليه نتنياهو، إذ ذكرت في 29/3/2016 «ان هناك لدى الفلسطينيين خيبة أمل وغياب أفق، وأن 90% من العمليات نفذت من قبل أفراد (تم تنفيذ 250 عملية).

كما وذكرت الصحافة الإسرائيلية أن منفذي العمليات لم ترسلهم أي منظمة، وللكثيرين منهم قصة شخصية تشمل عنصر الضائقة وخيبة أمل، إضافة إلى ذلك تبين من التحقيقات مع المنفذين الذين بقوا على قيد الحياة، أنهم جميعا حصلوا على الإلهام في تنفيذ عملياتهم من مشاهدة وسيلة إعلام، الانترنت والتلفاز والصحف. وأكدت الصحافة الإسرائيلية أن هناك إجحافاً إسرائيلياً بحق الفلسطينيين، الأمر الذي دفعهم للقيام بتنفيذ عمل ما، ويوجد للكثيرين منهم صلة قرابة أو معرفة بأحد المنفذين السابقين للعمليات. وذكرت الصحافة أيضاً أن 71% من منفذي العمليات تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة، وأغلبهم غير متزوجين ولا يعملون»؟

أثر الاحتلال

إن المقاومة الفلسطينية لم تنطلق إلا بعد أن سد الاحتلال الإسرائيلي أفق حياة الفلسطينيين، وزرع مرارات ومآسي عديدة في تلك الحياة. نعم إن الاحتلال هو سبب المآسي، كما أن ممارساته اليومية هي التي تستفز حتى الأحجار كي تقاوم المحتل، وإذا ما كانت الصحف الإسرائيلية لم تترك تفصيلاً إلا وأوردته عن ظاهرة المقاومة للاحتلال، إلا أنها أغفلت دراسة اتجاهات وتوجهات الشبان المنفذين للعمليات، أو من بقي منهم على قيد الحياة.

إن نتنياهو يطرح أضاليل كثيرة، حين يوصم المنفذين بأن لديهم أحلاماً لإقامة خلافة إسلامية، بل هم بكل بساطة ضد الاحتلال الصهيوني الذي حرم حياتهم من أبسط مقوماتها، وهم في أغلبيتهم الساحقة شبان يافعون، لم يغادروا مقاعد الدراسة المتوسطة والثانوية والسنوات الأولى الجامعية، ولم يتأدلجوا قط، ولا يحلمون إلا بالحرية والاستقلال، وأن يكون لهم وجودهم المستقل كباقي شعوب وبلدان العالم.

أما كلام الصحافة الإسرائيلية، فإنه لم يحمل إلا كلاماً تهويمياً غير محدد، ولا يسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، كأن الانسان الفلسطيني يعيش خارج سياق وجوده الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، إنه وفي كل مراحل حياته يواجه بتحديات كبرى لوجوده ولكيانه الشخصي والجماعي. لذا فإن الاستجابة تكون من التحديات المفروضة عليه والملازمة له طيلة حياته، إذ إن لكل تحدٍ استجابته، والاستجابة المقابلة لتحدي الاحتلال هي المقاومة والانتفاض والمطالبة بالحقوق ورفع الظلم التاريخي.

إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي المتكررة، وغيره من المسؤولين الإسرائيليين تحاول إلقاء قنابل الدخان التضليلية لإبعاد الأنظار عن الاحتلال الذي هو سبب كل المآسي التي يعاني منها الفلسطينيون، وهي أيضا أي التصريحات تهدف إلى إقناع الذات وتضليل الجمهور الإسرائيلي وغيره، وذلك بإيجاد فزاعات وهمية والابتعاد عن الأسباب الحقيقية للانتفاضة الفلسطينية الحالية، والمعادلة هي بكل بساطة:؛ هناك احتلال، لذا فإنه يوجد مقاومة لهذا الاحتلال وتحمل أشكالاً وألواناً وصفات ومواصفات ووقائع مختلفة.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,717,267

عدد الزوار: 7,001,331

المتواجدون الآن: 75