سيناريو «إحراق المنطقة»: لبنان أبرز الفتائل!.. وجريح بلُغم سوريّ على الحدود

بيروت وطرابلس بين مؤيّدي الأسد ومعارضيه...وجنبلاط «المتردد» يُبقي على «شعرة معاوية» مع دمشق

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 تشرين الثاني 2011 - 5:12 ص    عدد الزيارات 2144    القسم محلية

        


 

 
بيروت وطرابلس بين مؤيّدي الأسد ومعارضيه
أنطوان عامرية - وكالات
نظّمت «الجماعة الإسلاميّة» أمس مهرجانا تضامنيّا مع الشعب السوري في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، تحت عنوان «لعيونك يا شام». فيما تجمّع عشرات السوريين المؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد أمام سفارة بلادهم في بيروت، منددين بالتدخل الأجنبي في سوريا، بينما نظم عدد من معارضي النظام تجمّعا مماثلا على بعد عشرات الأمتار، وذلك وسط تدابير أمنية مشدّدة.
طرابلس
شهدت قاعة المؤتمرات في معرض رشيد كرامي الدولي مهرجانا حاشدا دعت اليه «الجماعة الإسلامية»، وشارك فيه الى النواب خالد الضاهر، ومعين المرعبي، وخالد زهرمان، وعضو «المجلس الوطني السوري» محمد سرميني، وممثلون عن عدد من نواب طرابلس، والمسوؤل السياسي لـ»الجماعة» في لبنان عزّام الايوبي، وفاعليات دينية، واجتماعية وتربوية.
وردد المشاركون في المهرجان صيحات التنديد بـ»صمت الجامعة العربية والمجتمع الدولي على المجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه»، ورفعوا رايات شعوب ربيع الثورات العربية وأعلام «الجماعة الإسلامية» واللافتات التي تؤكد ان «ما يؤلم الشعب السوري يؤلم الشعب اللبناني»الى لافتات مؤيدة لـ»المجلس الوطني السوري».
وقال سرميني في كلمته:» نحن وإيّاكم عشنا ونعيش ظلم النظام السوري واستبداده وقمعه، وآن الأوان لأن نسترد حقنا بالعيش بكرامة وحرية ونحن ثابتون ولن نستسلم حتى سقوط النظام...إننا سنفعل كل ما بأيدينا لإسقاط النظام، ونعلمكم أن نظام الاستبداد في دمشق في مراحله الأخيرة».
وبدوره قال الأيوبي:»دعم المقاومة له قيمة عندنا ووزن، ولكن نسألكم هل الممانعة تعني اعطاء الحق بقتل الشعب وحرق المدن وتدمير المساجد واعلاء فرعون جديد؟... آلة التدمير والقتل كانت اللغة السائدة حتى اليوم، وأضاف:» أصدر «الإخوان المسلمون» في سوريا ابان عدوان عام 2008 على غزة بيانهم الشهير بوقف مهاجمتهم للنظام لوقوفه الى جانب المقاومة في فلسطين، فما كانت ردة فعل هذا النظام؟ هل عفى عن الإخوان المسليمن ورفع القانون الجائر في حقهم؟». وأضاف:» لأننا لا زلنا محافظين على شراكتنا مع الآخرين في لبنان، نقول لمن يحب النظام في سوريا أن لك الحق في توجهك السياسي، ولكن لمن هو محسوب على ساحتنا الإسلامية نوجه اليه دعوة الى أن يستحي على الأقل من الأرواح والدماء التي تزهق».
وتوجه الأيوبي الى الحاضرين قائلاً:» اننا على موعد مع الحرية وسنستمر حتى تُخلع أنظمة الفساد والرشوى والطغيان ونتحد لتكون النواة التي ستحرر الأقصى من كيان دولة اسرائيل».
وكان قد تخلل المهرجان عرض مصوّر بعنوان: «لن نسامح ولن ننسى».
سفارة سوريا
وكما هي الحال في كل يوم أحد بات محيط السفارة السورية في بيروت محطة لتظاهر مؤيدي الرئيس السوري ومعارضيه، فتجمّع أمس عشرات السوريين الموالين للأسد مطلقين هتافات مؤيدة له، ورافضين التدخل الاجنبي في بلادهم، وارتدى عدد كبير منهم قمصانا تحمل صورة الأسد وكتب عليها «لجنة الدفاع العربي السوري في لبنان»، و»اسود سوريا في لبنان».
كذلك، ركنت سيارة «بيك اب» كبيرة عند باب السفارة وضع عليها مكبر للصوت وراح يبثّ اناشيد مؤيدة للرئيس السوري، وأُلصقت على مقدم السيارة صورتان ضخمتان للأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
وعلق المتظاهرون علماً سورياً ضخما تجاوز طوله المئة متر على مبنى قيد الانشاء، ورُفعت خلال التجمع اعلام حزب الله وحركة «أمل». كذلك، ألصق المتظاهرون لافتات ولوحات على باب السفارة وابواب المحال التجارية المجاورة، كتب عليها :»لا للحوار مع طلبة السلاح»، و»لا للتدخّل الخارجي»، «شكرا روسيا، شكرا الصين».
في مقابل ذلك، وعلى بعد نحو خمسين مترا، حاول عدد من المعارضين السوريين تنظيم تجمع مضاد، وسط مخاوف من إحتمال اعتقال المشاركين فيه أو التعرض لهم على يد مؤيدي النظام السوري أو أطراف متورّطة في أعمال الخطف التي طاولت معارضين سوريين في الآونة الأخيرة.
ونشرت قوى الامن الداخلي وقوات مكافحة الشغب الحواجز الحديدية في محيط السفارة، فيما إنتشر قوّة من الجيش على بعد بضعة امتار، وعند المفترقات المؤدية الى المكان.
 
 
جنبلاط «المتردد» يُبقي على «شعرة معاوية» مع دمشق
طارق ترشيشي
على رغم من التردد الذي طبع المواقف التي أعلنها رئيس "جبهة النضال الوطني" رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في الجمعية العمومية لحزبه أمس، فإن كثيرين ممَّن تابعوا وقائع هذا الخطاب تكوّن لديهم انطباع مفاده ان الرؤية لدى الرجل "ما تزال مشوشة"، ولهذا جاءت مواقفه "مشوشة" ايضاً.
ولكن هؤلاء المتابعين تقاطعوا، في المحصلة، على التأكيد أن هذا الخطاب الجنبلاطي جاء متوازناً بين كل الاعتبارات، حتى على المستوى الداخلي، إذ انتقل به جنبلاط من تلك الشخصية المعروفة باندفاعها في مواقفها الى أبعد الحدود خلال العقود الثلاثة الماضية من بداية عمله السياسي، الى الإندفاع الى أبعد الحدود في سياسات التوازن ومسك العصا من وسطها، في إنتظار جلاء الصورة بكاملها محلياً واقليمياً ودولياً.
غير أن النقطة الرئيسية التي يرتكز جنبلاط عليها في حساباته هي مستقبل الأوضاع في سوريا، فهو يخشى من أن يغادر مواقفه الحالية في الأكثرية فيصمُد النظام السوري ويدفع الثمن السياسي غالياً، وهو في المقابل يخشى أيضا من أن ينتصر خصوم النظام السوري في معركتهم ضد الرئيس بشار الأسد فيخرج من "المولد بلا حُمُّص"، أو وفق ما يقول المثل الشامي "لا عيّدنا في الشام، ولا بدُمّر لحقنا العيد".
وطبعاً، فإن جنبلاط ايضاً، ومن خلال إمساكه العصا من وسطها يجري حسابات لبنانية في ظل إرتباك في واقع ما يسمى الاكثرية الموزعة بين صقور "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وبين حمائم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبينهما "المايسترو" رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولجنبلاط ايضا حساباته الانتخابية، فهو يُدرك ان إنعطافته السياسية التي أعلنها في 2 آب 2010 وإستدارته نحو قوى 8 آذار وسوريا، لم تجد ارتياحا لدى قطاعات واسعة من ابناء طائفته المشدودين الى محطات النزاع مع النظام السوري منذ الصدام الشهير مع الزعيم الراحل كمال جنبلاط في أواسط السبعينات من القرن الماضي. كما أن جنبلاط يحسب حسابا كبيرا لقوة الناخبين من أبناء الطائفة الإسلامية السنية في منطقة اقليم الخروب، والذين كانوا دائما داعمين لوالده وله في المعارك الانتخابية السابقة على قاعدة "الاقليم في اليد خير من الأكثرية على الشجرة".
ويعتقد بعض السياسيين المطلعين ان موقف جنبلاط المتردد نابع من انزعاجه من كلمات ينقلها إليه بعض زوار دمشق عن لسان بعض المسؤولين السوريين الذين تزداد شكوكهم في موقفه الحقيقي، وخصوصا أنهم يعلمون ان جنبلاط "هو آخر مَن يحق له الحديث عن التعددية والديموقراطية ورفض الإقصاء والإستبعاد". وبعض هؤلاء المسؤولين السوريين يقول "أن نصائح جنبلاط في الإصلاح والديموقراطية شبيهة بنصائح بعض دول الخليج التي لا يُشتَهَر عن أنظمتها بأنها ذات سمعة ديموقراطية واصلاحية عالية"، على حد تعبيرهم.
ويرى السياسيون أنفسهم، أن ليس من قبيل المصادفات، ربما، أن يحتشد عشرات الآلاف في "ساحة الشهداء" في مدينة السويداء عاصمة "جبل العرب" تأييداً للأسد في الوقت الذي كان جنبلاط يذيع فيه "بيانه الرئاسي" في الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي في عاليه.
وقد حرص السوريون أيضا على ان يُشركوا في مسيرة السويداء أصوات مشايخ من الجولان المحتل ليعلنوا تأييدهم للإصلاح بقيادة الأسد، وذلك من اجل ابلاغ جنبلاط ومؤيديه أن الدروز في "جبل العرب" والجولان هم سوريون أولاً واخيراً، وأن إحترامهم للبيت الجنبلاطي في الموقع السياسي والروحي لديهم، لا يعني ابداً التزامهم دائما بمواقفه السياسية.
غير أن جنبلاط، وعلى رغم من كل شيء، حرص في خطابه على إبقاء "شعرة معاوية" مع دمشق عاصمة الامويين في عصور سابقة، وذلك من خلال تشديده على الحوار (وهو ما يرفضه المجلس الوطني السوري المعارض) وعلى رفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية (الذي تسعى أطرافٌ عدة الى إستدراجه تحت مسميات مختلفة) وعلى إدانة قتل العسكريين في الجيش السوري (وهو قتلٌ تمارسه عناصر مسلحة تلقى دعم ورعاية معارضي الخارج دولاً واحزاباً).
ومن هنا، يقول السياسيون المطلعون، ان القيادة السورية ستُبقي على قرارها بمعالجة مواقف جنبلاط للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهو الأدرى بـ"شِعَاب" زعيم المختارة، بالإضافة طبعا، الى مساندة الرئيس بري الخلفية والفاعلة، والذي طالما وصف جنبلاط بـ"الحليف اللدود".
وفي أي حال، فإن الأيام والأسابيع المقبلة ستُظهر على أي من "الجنبين" سينام جنبلاط، وبالتالي أين سيكون موقفه الحاسم وفي اي إتجاه، وذلك في ضوء ما ستسفر عنه التطورات المتسارعة على الساحة السورية خصوصاً، وفي المنطقة عموماً. فجنبلاط القارئ الجيد في "فنجان" التطورات الأقليمية والدولية يُدرك في وضوح أن العالم ما بعد "الفيتو" المزدوج الروسي ـ الصيني، هو غيره قبل هذا "الفيتو"، وأن الاقليم الذي يشمل العرب ودول الجوار يتجه نحو تحولات سيكون لقوى "المقاومة والممانعة" القول الفصل فيها، وذلك على حد توقعات السياسيين المطلعين اياهم.
 
جريح بلُغم سوريّ على الحدود
قالت مصادر شمالية مطّلعة لـ"الجمهورية"، إن إحدى مستشفيات عكار استضافت السبت الماضي أولى ضحايا الألغام السورية التي زُرعت على الحدود اللبنانية - السورية لوَقف عمليات التسرّب من عناصر الجيش السوري المنشقّين، ونقل عائلاتهم الى القرى اللبنانية الشمالية. والجريح الذي بُترَت ساقه جرّاء اللغم نقل الى عكار، في وقت نقل 3 جرحى سوريين آخرين عبر معابر غير شرعية، من ضواحي بلدة القصير السورية القريبة من مزارع وادي خالد الى إحدى مستشفيات المنطقة.
 
الأميركيون في مصرف لبنان: لا تراهنوا على صبرنا وتسامحنا
أنطوان فرح
لماذا تحرّكت الولايات المتحدة الاميركية بهذا الزخم لابلاغ المسؤولين اللبنانيين، ومن يعنيهم الامر، ان لبنان سيتعرّض لعقوبات مؤكدة اذا لم ينفّذ التزاماته بتمويل المحكمة الدولية؟
الرسائل الأميركية حملتها في البداية السفيرة مورا كونيللي الى رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، وتحدثت عن "عواقب جدية". ومن ثم استكمل مهمة نقل الرسائل نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى، جايك والاس الذي زار لبنان خصيصا لهذه المهمة، في حين كان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان في الجزائر في مهمة من نوع آخر.
والتقى والاس كلا من رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، رئيس مجلس النواب وحاكم مصرف لبنان بالاضافة الى الوزير السابق محمد شطح، المقرب من رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.
الرسائل الاميركية جاءت في توقيت لافت، على اعتبار ان كمية من المعلومات كان يجري نشرها في البلد، مفادها ان لبنان محصّن ضد العقوبات الدولية لمجموعة اعتبارات من اهمها:
اولا- ان لا مصلحة للاميركيين او الغرب في توجيه ضربة الى الاقتصاد اللبناني، وتعريض الامن الاجتماعي فيه للخطر، وهو البلد الديموقراطي الوحيد في المنطقة وموطن ثورة الارز التي تفاخر بها واشنطن.
ثانيا- ان الاكثرية التي شكّلت الحكومة اكثرية هشّة يمكن ان تفرط في اية لحظة، وتفسح المجال امام اكثرية جديدة موقفها داعم للمحكمة ولكل القرارات الدولية.
ثالثا- ليس من مصلحة أميركا إسقاط حكومة ميقاتي من خلال الضغط عليه، اذا لم تضمن مجيء حكومة بديلة ذات توجهات سياسية مختلفة، وبالتالي فان اميركا لا ترغب برؤية حكومة بديلة من فريق 8 آذار خالية من الوسطيين.
رابعا- ان أميركا عاجزة عن اتخاذ عقوبات ضد لبنان على مستوى الامم المتحدة، لان الفيتو الروسي والصيني جاهز لاحباط اية محاولة من هذا النوع.
هذه الاعتبارات التي كان يستخدمها البعض للترويج لفكرة ان لبنان لن يتعرض لعقوبات اقتصادية بدت هشة وغير واقعية، بعد تبلغ بيروت الرسائل الاميركية الواضحة. وكان لزيارة والاس مقر المصرف المركزي والاجتماع الى الحاكم رياض سلامة، التأثير الاكبر في تأكيد جدية التهديدات الاميركية، والتصويب في الاتجاه الذي ستسلكه العقوبات في حال فرضها.
وما زاد الطين بلة، دخول الروس على الخط، وتأكيدهم على لسان سفيرهم في بيروت ان لبنان سيتعرض لعقوبات اذا اخلّ بالتزاماته الدولية ومن بينها المحكمة الدولية.
وفي هذا الاطار، يبدو ان واشنطن أرادت ان تتأكد ان المسؤولين السياسيين يعرفون ماذا تعني العقوبات الاقتصادية وما سيكون تأثيرها على لبنان. ومن هنا بدا ان والاس أراد ان يتولى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة مهمة توضيح خطورة العقوبات للمسؤولين السياسيين الذين يُظهرون نوعا من الاستخفاف غير المفهوم تجاه هذا الملف. ولا يستطيع حاكم مصرف لبنان القيام بالكثير حيال هذه المشكلة ذات الطابع السياسي البحت، والتي سيدفع ثمنها الاقتصاد الوطني، وتنعكس على معيشة كل اللبنانيين. وكل ما يستطيعه سلامة في هذا الموضوع هو ان يكرّر ما سبق وتحدث به امام المسؤولين في شأن ضرورة ابعاد كأس العقوبات عن لبنان، وعن قطاعه المالي والمصرفي تحديدا، لأن هذا القطاع هو الرئة التي لا يزال يتنفّس منها الاقتصاد الذي يتعرّض لهزات داخلية وخارجية متتالية. ويرى سلامة ان لبنان كان يستطيع الافادة من الأزمات القريبة والبعيدة منه، على غرار العام 2008 لو كانت اوضاعه الداخلية محصّنة، كما كانت في تلك الحقبة، لكن الفرص الضائعة تقابلها اليوم مخاوف مبرّرة من أزمة اكبر قد تعصف بالبلد عبر العقوبات.
هذا المناخ أقلق الاوساط المصرفية التي تجد نفسها عاجزة عن ممارسة ضغوطات حقيقية على الطبقة السياسية لدفعها الى تنفيذ التزامات لبنان الدولية، ذلك ان حزب الله هو من يمسك عملياً بهذه الورقة، ومن الصعب التأثير عليه بواسطة لوبي ضغط مالي واقتصادي، فهو يتصرّف على اساس عقائدي، ويخوض مواجهة مفتوحة مع الأميركيين وحلفائهم الغربيين.
هذا الواقع دفع الأميركيين الى التحرُّك باتجاه عون تحديدا على اعتبار انه، وان كان متحالفا مع حزب الله، لديه مصالح تختلف عن مصالح الحزب. وهناك قياديون وكادرات في تياره، على صلة في مصالحهم مع الاميركيين والغرب، وبالتالي، فان هيكلية التيار الوطني الحر، بتركيبته البشرية لا تسمح بالذهاب بعيدا في المواجهة مع المجتمع الدولي. خصوصا ان العقوبات الاقتصادية التي قد تفرض على القطاع المالي قد تتدرج لتشمل اسماء اشخاص ينتمون الى احزاب وتيارات داعمة لفكرة التمرّد على القرارات الدولية. ومن هنا، يبدو عون وتياره الحلقة الاضعف في مواجهة من هذا النوع، وقد يجدون أنفسهم امام خيارات صعبة في هذا السياق.
الجانب الآخر من الأزمة يكمن في ان الاوساط الاقتصادية تتوقع الاسوأ، بصرف النظر عن القرار الذي ستتخذه الحكومة في شأن تمويل المحكمة، ذلك ان رفض التمويل واستمرارية الحكومة يؤدي الى فرض عقوبات مالية ستكون نتائجها كارثية على لبنان. في حين ان وقوف ميقاتي في وجه منع التمويل، وذهابه الى الاستقالة، اذا لم يستطع الوفاء بالتزامات لبنان الدولية، كما سبق وتعهد امام اللبنانيين والعالم، ستدخل البلد في مرحلة مضطربة وصعبة. هذا الوضع سينعكس بدوره على الاقتصاد بشكل عام الذي يعاني اليوم من ضغوطات متعددة الاطراف، وتسجل مؤشراته تراجعا في معظم القطاعات الانتاجية والخدماتية. كما أظهرت نتائج المصارف الكبرى للأشهر التسعة الاولى من العام الجاري، تراجعا ملحوظا، مقارنة مع نتائج العام الماضي، وعكست الارقام المعلنة التأثير السلبي على القطاع من جراء الاضطرابات في المنطقة، خصوصا في مصر وسوريا. ومع ان ادارات هذه المصارف حاولت الادعاء في السابق، ان لا تأثيرات تُذكر من جراء ما يجري في سوريا، فقد تبيّن من حجم المؤونات التي تمّ حجزها لتغطية مخاطر القروض في سوريا، ان المشكلة ليست بسيطة، وان الخسائر قد تكون اكبر بكثير من الادعاءات حتى نهاية العام الجاري. في هذا المناخ، وفي ظل هذا الواقع ماذا سيحصل في مفاوضات الاجور بين العمال وارباب العمل، وهل يمكن الوصول الى تسويات في ظل الخوف السائد من تراجع الوضع الاقتصادي والمالي، الى اسوأ حالاته؟
الأكيد، ان فوز مغارة جعيتا بلقب عجيبة من عجائب الدنيا السبع، لن يساعدنا كثيرا على مواجهة هذه الأزمة.
 
سيناريو «إحراق المنطقة»: لبنان أبرز الفتائل!
طوني عيسى
قالها الرئيس بشّار الأسد عَلناً: "التدخّل العسكري الغربي سيُحدث زلزالاً يحرق الشرق الأوسط بكامله، وسيخلق أفغانستان أخرى. فسوريا مختلفة عن مصر وتونس واليمن. ومخطّط تقسيمها يعني تقسيم المنطقة بأسرها". وبهذا الموقف لصحيفة "صنداي تلغراف" حضّر الأسد أرضيّة ردّه على طروحات الجامعة العربية، قبيل الاجتماع الثاني والحاسم لوفدها في دمشق، والذي لم يكن أيّ مصدر ديبلوماسيّ متفائلاً به.
هذا الموقف ليس الأوّل للرئيس الأسد. فقبل أسابيع، استقبل وزير الخارجيّة التركي أحمد داود أوغلو في مهمّة وساطة، بدت وكأنّها المحاولة الأخيرة. وقد عاد الى بلاده متوتّراً نتيجة الردّ السوريّ.
سيناريو "أبوكاليبسي"
يومذاك، نُقل عن مسؤول عربيّ أنّ الأسد أطلق التحذير عينه أمام الضيف التركي الذي أصيب بصدمة: "في رأيك لماذا تتردّد قوى كبرى في تكرار النموذج الليبي في سوريا؟ إنّها تدرك أنّه مع أوّل صاروخ يسقط فوق دمشق لأيّ سبب كان، فإنّه بعد ستّ ساعات أكون قد أشعلت الشرق الأوسط بكامله، وأسقطت أنظمة، وأشعتُ الفوضى والحرائق قرب حقول النفط الخليجيّة، وأستطيع أن أغلق المضائق المائيّة العالميّة". وأضاف: "تعرف أميركا كيف ساعدناها على إسقاط صدّام حسين لأنّنا كنّا نريد ذلك، وتعرف إدارات أميركيّة أنّ سبب ورطتها الآن في العراق هو سوريا". ثمّ تحدّث عن سيناريو لنقل مئات الصواريخ الى الجولان لإطلاقها على إسرائيل، فيما يفتح "حزب الله" كوّة نيرانيّة في الجنوب اللبناني. بعد ذلك، تقوم إيران بضرب بوارج أميركيّة في الخليج، ويتحرّك الشيعة الخليجيّون، وتنطلق عمليّات إرهابيّة للشيعة في العالم.
هذا الكلام "الأبوكاليبسي" نقلته في حينه وسائل إعلام عربية، وذكرت أنّ الرئيس التركي عبد الله غول نقله في اليوم التالي الى السعودية، وتولّى مسؤول أمنيّ تركي نقله الى واشنطن.
لم يأخذ الكلام المنقول حينذاك الحيّز المناسب من الاهتمام، خشية المبالغة في التعويل على دقّته. لكنّ كلام الأسد الواضح أمس، والذي يكاد يشكّل عنواناً ينطبق مع السيناريو المنقول، من شأنه تسليط الضوء عليه، ولو من باب الاستئناس. فهو هدّد بـ"الحرائق" و"أفغانستان".
التعريب... للتدويل
الأزمة في سوريا بعد حسم الوضع في ليبيا تختلف عمّا كانت قبله. والجامعة العربية خاضت أمس تجربتها الثانية، بعد تجربة أولى عبّر عن فشلها يومُ الجمعة الدامي. ويتوقّع مصدر ديبلوماسيّ عربيّ أن يكون فشل الجامعة مدخلاً طبيعيّاً للبدء في مبادرة دوليّة، تستكمل مسار العقوبات الاقتصادية والسياسيّة على النظام، لكنّها مرشّحة للتطوّر الى المنحى العسكريّ، إذا استمرّ هدر الدماء الى ما لا نهاية في الشارع، على رغم الحرص الشديد الذي تبديه المجموعة الدوليّة في عدم الوصول الى مرحلة الحلّ العسكري. فالقوى العظمى تدرك أنّ الوضع في سوريا لا يشبه الأوضاع التي عاشتها الدول الأخرى التي تمّ فيها تبديل الأنظمة. وهذا أمر ينطبق على ما يقوله الرئيس الأسد، لكنّ الأحداث قد تتخطّى أحياناً أيّ منطق، وتفرض مستتبعات قد لا يكون أحد في صدد التخطيط لها.
ويراقب المصدر في اهتمام مجموعة تطوّرات تشهدها دول المنطقة، ربّما تكون جزءاً من مؤشّرات المرحلة المقبلة، وأبرزها ثلاثة:
1 - الاهتزازات الخطرة في الوضع العراقي قبل شهرين من الموعد المفترض لإنهاء الوجود العسكري الأميركي. فحكومة نوري المالكي تواجه أخطر استحقاقاتها بإعلان محافظتين سُنّيتين، هما صلاح الدين والأنبار، رغبتهما في التحوّل إلى إقليمين يتمتّعان بالحكم الفدراليّ، على غرار كردستان. وينصّ الدستور العراقي على إمكان حصول ذلك، بعد استكمال الخطوات باستفتاء شعبيّ. وكانت محافظات شيعية أبدت ميلاً الى خيار مماثل في ظروف سابقة، بعد سقوط صدّام حسين في العام 2003.
2 - نموّ "حماس" في مقابل ضعف سلطة الرئيس محمود عبّاس. ويضطلع اليمين الإسرائيلي بدور في ذلك، من خلال الحملة التي شنّها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على عبّاس، واصفاً إيّاه بأنّه عقبة في طريق السلام، عشيّة استئناف اللجنة الرباعيّة مهمّتها. وكان الإسرائيليّون قدّموا إلى "حماس" هديّة مجّانية في ملفّ الأسرى، وبه عاقبوا "أبو مازن" على "عناده" في الأمم المتّحدة في أيلول الفائت.
3 - الملفّ اللبنانيّ المفتوح على كلّ الاحتمالات، من بوّابات الأمن والمحكمة والاضطراب السياسيّ. فمن شأن لبنان أن يكون في آن معاً أبرز فتائل التفجير وساحة مثاليّة لخوض الصراعات بالواسطة.
لذلك، يبدو الملفّ السوريّ ملائماً للدخول في اضطراب شرق أوسطيّ واسع. فالنظام لا يخفي أنّه سيلعب كلّ أوراقه، التي هي أيضاً أوراق لا يمكن تعويضها لكلّ حلفائه في طهران وبغداد وغزّة ولبنان. وسرعة الوصول الى إنهاء الملفّ أساسيّة في ضبط دائرة الحرائق وحصر أضرارها وتداعياتها.
 
إستعدادات عسكرية فلسطينية «لأن التسوية وصلت الى طريق مسدود»
علي داود
تتبعت الأوساط الفلسطينية واللبنانية المعلومات حول قيام قائد "المقرّ العام" لحركة "فتح" في لبنان اللواء منير المقدح بإجراء تدريبات لنحو 150 ضابطا من هذه الحركة في مخيم عين الحلوة.
وعُلم أن هذه التدريبات التي تحصل بعيدا من الأنظار تسبق تخريج المتدرّبين في 26 تشرين الثاني لمناسبة الذكرى السنوية لغياب الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات.
وأشارت مصادر فلسطينية لـ"الجمهورية"، الى أنها "المرة الاولى التي تجرى فيها هذه الاستعدادات والتحضيرات منذ الإجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982، وإنتهاء سيطرة المنظّمات الفلسطينية المسلّحة على الجنوب. ولفتت الى "أن هذا الأمر يؤكد أن التسوية الفلسطينية السلمية وصلت إلى طريق مسدود".
واكّد المقدح لـ"الجمهورية"، صحة هذه المعلومات وقال :"إنها لتأكيد ديمومة الثورة والكفاح المسلح الفلسطيني حتى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم".
لافتا إلى "أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "سيعلن عن مفاجئات منها عدم الترشح لولاية ثانية ،ثم حل السلطة الفلسطنية، ونتمنى ذلك للتفلت من القيود والتريبات الامنية مع الاحتلال الاسرائيلي، ما يعني عودة المقاومة التي ستشهدها فلسطين بانتفاضات جديدة من خلال "كتائب شهداء الاقصى" والتي ستكون انتفاضة مسلحة هذه المرة وتُدخل الرعب إلى الكيان الصهيوني".
من جهة ثانية، رعى قائد مؤسسة "الكفاح المسلح الفلسطيني"، في لبنان العقيد محمود عيسى الملقّب "اللينو" في مخيم عين الحلوة مصالحة شعبية بين عائلتي الصالح والصياح من جهة وعائلة عزام من جهة أخرى. وإعتبر "أن هذا العمل هو جزء من مسيرة عمله في قيادة الكفاح المسلح".
وعلمت "الجمهورية"، أن المصالحة تمّت بالتعاون مع "لجنة المتابعة الفلسطينية" التي تضم ممثلين عن كل القوى في عين الحلوة.
وشدد "اللينو"، على أن "هذه الأجواء الإيجابية تحظى بدعم القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس"، وقال: "إن الصمود الفلسطيني في جو من الحرية يساهم في تصويب أنظارنا نحو فلسطين للعودة إلى دولتنا وعاصمتها القدس".
 
حزب الله سحب كيبلاته الهاتفية من ترشيش
اكدت مصادر متابعة لصحيفة "الأنباء" الكويتية ان حزب الله سحب معداته الهاتفية والكيبلات من بلدة ترشيش المتنية بناء على نصيحة قيادة الجيش التي ابلغت المعنيين في الحزب ان هذه المسألة قد تقود الى ضرب السلام الاهلي، فيما لو اصر الحزب على قراره، خصوصا بعد دخول حزب الكتائب على الخط مباشرة وعقد اجتماعا لمجلسه المركزي على ارض ترشيش البلدة المارونية في جرود قضاء المتن الشمالي، وفي ضوء هذه المعطيات قرر حزب الله صرف النظر عن تمديد كيبلاته الهاتفية عبر هذه البلدة في المرحلة الراهنة على الاقل.
 
"عقدة ترقية الحسن تمتد إلى بيسري... وتعلّق ترقية المصري"
مليار و136 مليونًا كلفة استقالة 338 ضابطًا ومرسوم سليمان "رسالة برسم من يعنيهم الأمر"(ناو ليبانون)
في ضوء ارتفاع منسوب الحوادث الخارجة عن القانون قتلاً وسلبًا وخطفًا، تبدو الساحة اللبنانية مشرّعة على مزيد من الفلتان الأمني المتنقل بين المناطق، وسط أداء رسمي هزيل ممعن في تهشيم هيبة الدولة وصورتها في المنظارين المحلي والدولي، ربطًا بسياسة "النأي" بالشرعية ومفاعيلها عن كل ما يتصل بأولي الأمر في قيادة دفة الحكم اللبناني الحالي، سواءً لجهة استقالة السلطات اللبنانية عن واجباتها حيال الحوادث الميدانية المرتبطة بالوضع السوري، أو لناحية تقييد الدولة وأجهزتها وقراراتها بالإطار المتاح أمنيًا وسياسيًا من جانب الأكثرية المستجدة بقيادة "حزب الله".. وفي هذا السياق لفتت إشارة قناة "المنار" بُعيد توقيع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مرسوم ترقية ضباط المؤسسات العسكرية والأمنية إلى أنّ اقتصار هذا المرسوم على مَن هم "برتبة عقيد وما دون"، ما يعني أنّ "الضابط محل الإشكال وسام الحسن إستُبعد عن الترقية وفي ذلك "موقف ورسالة" برسم من يعنيهم الأمر"، بحسب تعبير "المنار" في تأكيد على كونها "رسالة" ممهورة بتوقيع رئيس الجمهورية إلى الرئيس سعد الحريري.
مصادر مطلعة على حيثيات مرسوم الترقيات أوضحت من جهتها لموقع "NOW Lebanon" أنّ توقيع مرسوم ترقية الضباط حتى رتبة عقيد، في مقابل إبقاء مرسوم ترقيات العقداء عالقًا، مرده إلى مراعاة رئيس الجمهورية رفض "حزب الله" وحلفائه في قوى 8 آذار ترقية العقيد وسام الحسن إلى رتبة عميد"، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ "عقدة ترقية الحسن التي تفرض تعليق مرسوم ترقية العقداء، تمتد إلى تعليق ترقية إثنين من كبار الضباط هما العقيد الياس بيسري الذي نجا من محاولة الإغتيال التي استهدفت الوزير السابق الياس المر، والعقيد ناجي المصري قائد وحدة الشرطة القضائية الذي بقي أدنى الضباط رتبة في مجلس القيادة الجديد لقوى الأمن الداخلي، علما أن المجلس يرتقي إليه من هم في رتبة عميد".
في الملف العسكري أيضًا، وفي متابعة لما كان قد أورده موقع "NOW Lebanon" عن استقالات طوعية من المؤسسة العسكرية شملت عددًا من الضباط رفيعي الرتب (بين عقيد وعميد) عمدوا إلى تقديم استقالاتهم بموجب الخطة الهادفة إلى تخفيف فائض عديد الضباط من هذه الرتب عبر فتح باب الإستقالة أمامهم في مقابل تقاضيهم تعويضات مالية بعد منحهم رتبة مع درجتين.. أفادت مصادر متابعة لهذا الملف موقع "NOW Lebanon" أنّ "ثلاثمئة وثمانية وثلاثين ضابطًا قدّموا بالفعل استقالاتهم وتقاضوا تعويضاتهم عن ذلك، في حين رُفضت إستقالة ثلاثة وثلاثين ضابطًا مسيحيًا لأسباب متصلة بالتركيبة الطائفية في عديد المؤسسة العسكرية".
وإذ لفتت إلى أنّ "هذه العملية ستشكل عبئًا ثقيلاً جدًا على خزينة الدولة، خصوصًا وأنّ مجموع هذه التعويضات بلغ نحو مليار ومئة وستة ثلاثين مليونًا"، أشارت المصادر عينها إلى "اتخاذ سلسلة إجراءات جديدة في محاولة لتخفيف الأعباء المالية في المؤسسة العسكرية"، موضحةَ أنّ من من بين هذه الإجراءات "وقف بونات البنزين عن الضباط الممنوحين سيارات عسكرية موضوعة بتصرفهم الشخصي، وخفض البونات عن البعض منهم إلى 6 بونات بنزين، في حين تقرر خفض البونات التي كان يتقاضها الضباط غير الممنوحين سيارات عسكرية من 20 إلى 12 بون بنزين شهريًا، بالإضافة إلى أنّ كل ضابط متقاعد من رتبة عميد لم يعد متاحًا من ضمن المخصصات الممنوحة له الإبقاء على سائق عسكري يتقاضى راتبه من المؤسسة العسكرية، ولكن مع الإبقاء على إمكانية تزويد كل من يرغب من العمداء المتقاعدين بسائق شخصي على أن يقع البدل الذي يتقاضاه هذا السائق على نفقة العميد المتقاعد الراغب بذلك وفق ما يرسمه الحد الأدنى للأجور".
 
 

المصدر: جريدة الجمهورية اللبنانية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,787,630

عدد الزوار: 6,966,067

المتواجدون الآن: 77