لــــبــــنــــان مــــن طــــنــجـــة في قلب الاتحاد في سبيل المتوسط

تاريخ الإضافة الجمعة 5 كانون الأول 2008 - 2:46 م    عدد الزيارات 939    التعليقات 0

        

انطوان مسرّه     

جمع "منتدى الجنوب لمتوسط جديد" الذي عقد في طنجة (المغرب) في 26-28 تشرين الثاني 2008، اكثر من 400 من المشاركين، وزراء ووزراء سابقين، ودبلوماسيين ورجال اعمال وفاعلين في المجتمع المدني واعضاء في اكثر من مئة مؤسسة في 30 دولة اوروبية - متوسطية. يوفر المنتدى تجسيدا لمشروع الاتحاد في سبيل المتوسط من خلال جمع "منتجين وناقلي افكار جديدة". تسعى مؤسسة اماديوس المغربية Amadeus Institut المنظّمة لهذا التجمع مباشرة التنفيذ من خلال برامج واقعية وبناءة تساهم في احياء وتجذر مسار برشلونه الذي ارسي سنة 1995. يقتضي في هذا السياق "تبني المجتمعات كافة لهذه المبادرة وعدم اقتصارها على المستوى الحكومي".
حددت الجلسة الافتتاحية، بخاصة من خلال مداخلات وزير خارجية المغرب طالب فاسي فهري ووزير خارجية اسبانيا ميغال انخل موراتينوس، اهداف هذا المنتدى الذي ينعقد بعد قمة باريس في 13 تموز 2008: "الاندماج الاقليمي وتحويل المتوسط الى مجال سلام واستقرار وتعاون وتنمية".
بعد بضعة اشهر من قمة باريس، دَرَست ورشات العمل مواضيع مختلفة ومترابطة في آن واحد حول السلام الشامل في الشرق الاوسط والتكامل الاقتصادي الاجتماعي والتعاون في مجالات الاستثمار والتربية والبحث العلمي والاعلام والبيئة والمياه ومصادر الطاقة.

دوامة الشرق الاوسط

يستخلص من مداخلات ومناقشات ثلاثة ايام ادراك بالعمق لدوامة العنف في قلب المتوسط بالرغم من انه بعد اكثر من نصف قرن "اصبح اطار الحل السلمي للنزاع العربي - الاسرائيلي معروفا ومختمرا في حين لا شيء يتحرك ايجابا مع دوامة عنف مستدامة". وتم التوضيح ان "المعالجات المجتزأة وسلسلة العنف المتنقلة تغذي الاستدامة وهي مصدر مقاومة مشروعة ومنبع تطرف وتعصب وارهاب في آن واحد قد تمتد عدواها الى كل المجال الاوروبي - المتوسطي". يترافق ختام المنتدى مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في 29 تشرين الثاني 2008، وفي وضع حيث يتفاقم الحصار في غزه.
يسمح تشخيص التباينات الاقتصادية - الاجتماعية وحظوظ الاستثمار والحاجات المستقبلية في تحديد الاشكاليات الكبرى والامكانات. في المجال الاوروبي المتوسطي، الذاكرة مثقلة بالرواسب واصبحت المعرفة تفتقر الى البوصلة والمرجعية. يُستنتج من ذلك اشكاليّتان: ما هي طبيعة المعرفة التي يقتضي نقلها في المجال الاوروبي - المتوسطي؟ ما هي آليات نقل القِيم حيث ان هذه الآليات هي غالبا معطلة في الضفة الشرقية من المتوسط بالرغم من اصالة التراث ولا تتراكم المعرفة فيعيد كل جيل تكراريا اختبارات ماضوية. كان موضوع التربية المحور الفعلي في مختلف ورشات العمل. جاء في كلمة امين عام رئاسة الحكومة الاسبانية، برناردينو ليون Bernardino Leon مكررا "التربية والتربية وايضا التربية". تعود نجاحات آسيا ودول اميركا الشمالية اساسا الى انجازاتها في انظمتها التربوية.


استنهاض متجدد

اقترحت في المنتدى برامج واعمال نابعة من مقرِّرين وفاعلين ومضاعفين. "تجتمع ضفتا المتوسط، حسب قول رئيس معهد اماديوس، ليس للمواجهة بل للالتقاء وتضامنا بين متساوين". وذكر عنوان كتاب قديم للاقتصادي كينز Keynes حول "المفاعيل الاقتصادية للسلام". وذكر وزير خارجية فرنسا السابق ومهندس اتفاقية نيسان في لبنان هرفي دي شارت Hervé de Charette: "ما نشاهده اليوم يُشكل استنهاضا جديدا معبرا عن ارادة سياسية قوية في الشمال والجنوب. نحن الذين ارجلنا في المياه (مياه المتوسط) واجبنا خلق اطر مشتركة لانتاج نخب متوسطية".
تركزت اكثر المداخلات حول استثمار المياه التي هي مسألة متعددة الجانب وتبدأ في المنزل، وحول ادارة الموارد المائية واستهلاكها والتربية على ترشيد الاستهلاك. واقترح "تسلسلية الاستهلاك" (المياه الزراعية والصناعية ومياه الشفة...) وتسعير المياه لتجنب "سلوكيات غير اجتماعية في الهدر في حال مجانية التوزيع".
وجوابا على مخاطر حروب في سبيل المياه تم التوضيح: "ليست المياه معطى سياسياً: لا يحق سرقة مياه الغير، لكن هناك حق في المياه يجب ان يكون عنصرا جامعا وليس عنصر تفرقة".
في خلاصات المنتدى "واعلان طنجة" الذي صدر في ختام التجمع، ورد صراحة ضرورة الخروج من دوّامة العنف في الشرق الاوسط "والالتزام بفاعلية اكبر في سبيل سلام عادل وشامل ودائم" ومقاومة التعصب وتنمية الادارة الديموقراطية لتعدد الانتماءات الثقافية في سبيل "مواطنية متجذرة في تراثها الثقافي".
كل التحديات التي عُرضت مرتبطة بالتربية "حيث يجب ان ينطلق كل عمل وحيث يجب توظيف كل المكتسبات". تم التشديد في هذا السياق على استعادة الانسانيات Humanités في التربية المدرسية والجامعية لان الانسانيات" تُوفر القدرة على التفكير في عمق الامور وترابطها". والحاجة ايضا الى عمل دؤوب في سبيل "التناغم بين الثقافة والتربية".


• • •

كان المنتدى وسيلة فضلى في طرح مواضيع مشتركة مستقبلية وشمولية لمصلحة الدول الـ 43 التي يضمها الاتحاد في سبيل المتوسط. يسمح التجمع ببروز "مواطنية مبادرة" وجماعة معرفية اورو - متوسطية. ويوفر المنتدى حظوظا لادراك شمولية القضايا وخصائصها المحلية مع التركيز على الابعاد المستقبلية وللاجيال المقبلة وعلى خطوات آنية ومتدرجة، اذ يفرض التحدي الاقتصادي - الاجتماعي خلق عشرين مليون فرصة عمل للشباب للسنوات المقبلة. كان تاليا هاجس المنتدى الاجيال الجديدة. وتم التشديد على انه في كل القضايا المطروحة في المجال الاوروبي-المتوسطي المعولم والمترابط "لا يمكن ان تكون الاجوبة الا جماعية".
يشعر اللبناني خلال اللقاءات الدولية على هذا المستوى ان لبنان الدور والرسالة واقعيا في تراجع بسبب هجمات الداخل والخارج، لكن لبنان التراث لا يزال حاضرا في ادراك الشعوب ومن خلال نخبة واعية وداعمة للتجربة اللبنانية في الوحدة والتنوع والتوليف الثقافي الخلاق. ووجهت، بعفوية وصدق، عبارات الاعجاب بانجازات المغرب حضاريا واقتصاديا. اما لبنان المهدد في استمرارية خبرته فكان حاضرا بقوة. قد ينسى لبنانيون لبنان الدور والرسالة، عالميا ومتوسطيا، في حين ان مشاركين مغاربة وفرنسيين ذكروا خلال عدة ورشات عمل ان "رمزية الإلاهة اوروبا انطلقت من شاطئ صور".

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,673,121

عدد الزوار: 6,999,674

المتواجدون الآن: 84