معركة الزبداني حاسمة وذروتها في الجبل الشرقي

تاريخ الإضافة الأربعاء 8 تموز 2015 - 6:21 ص    التعليقات 0

        

 

 معركة الزبداني حاسمة وذروتها في الجبل الشرقي
عمر كايد 
منذ نحو ثمانية أشهر وحزب الله وجيش النظام السوري يعدّان لخوض معركة الزبداني. فالمنطقة استراتيجية جداً بالنسبة إليهما. الحزب يسعى إلى تأمين مستودعات السلاح الموجودة بالقرب من هذه المنطقة، وتحصين القرى والبلدات الموالية له في الجانب اللبناني المحاذي للسلسلة الشرقية. نجح في إبعاد جبهة النصرة وفصائل الجيش الحر عن معظم جرود القلمون، وحاصرها في بقعة ضيقة في جرود عرسال. والآن يستكمل خطته بالسيطرة على الجزء الآخر من هذه التلال والوديان.
الزبداني لا تبعد سوى 13 كيلومتراً عن بلدتي النبي شيت والخريبة إحدى أهم معاقل حزب الله. أما الجيش السوري فيسعى إلى استكمال إخراج المسلحين من الشريط الحدودي، وإقفالِ طرق الإمداد ومعابر التهريب من لبنان، وإبعاد أي خطر قد يهدد الطريق الدولي الذي يربط دمشق ببيروت. والأهم من هذا كله، أن هذه المعركة ضرورية لاستكمال التغييرات الديموغرافية والعسكرية، في حال اضطر النظام للجوء إلى خيار «سورية المفيدة»، التي تمتد من اللاذقية وطرطوس مروراً بحمص وحماه إلى القلمون ودمشق، ولا سيما بعد خساراته المتوالية في الشمال السوري والجنوب، وانحسار نفوذه إلى أقل من ربع مساحة الجغرافية السورية. لذا فإن هذه المعركة تعتبر هامة جداً لوصل المناطق التي يسيطر عليها، وإزالة مربعات المعارضة داخل كيانه المستقبلي. تبلغ مساحة الزبداني حوالى ثلاثِمئة وخمسة وتسعين كيلومتراً مربعاً، تقع بين محافظتي حمص ودمشق، تبعد عن العاصمة نحو 45 كيلومتراً. كانت أول مدينة سورية تسقط بيد المعارضة المسلحة. حاول النظام استعادتها مرات عدة لكنه لم يستطع.
منذ أيام بدأ الجيش السوري وحزب الله هجومهما الواسع على الزبداني. أمطرا المدينة بعشرات الصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة. يقول أحد المواطنين المحاصرين في المدينة: «لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج منذ أكثر من ثلاث سنوات، لا يوجد طعام ولا دواء، لا يكاد يمر يوم من دون أن تقصف المدينة، جرت خلال الفترة الأخيرة مفاوضات مع النظام، استمرت عدة أشهر، لكنها فشلت في النهاية، بسبب إصرار النظام على تسليم السلاح، وبعض القيادات في المعارضة، ورفضه الإفراج عن المعتقلين، فضلاً عن ذلك، لا يوجد أي ضمانات تلزم النظام بتنفيذ ما قد نتفق عليه». يضيف آخر على علاقة مباشرة بالمفاوضات: «هناك بعض الضباط الكبار يعرقلون عمداً أيّ محاولة للتوصل إلى تسوية، لأنهم مستفيدون مادياً من الوضع القائم، كما إنهم يخشون أن يجري نقلهم إلى جبهات أخرى أكثر خطراً، في حال إبرام أي اتفاق». أما في ما يتعلق بالمسلحين الأجانب فينفي أحد الناشطين الإعلاميين كل ما يشاع من قبل إعلام النظام. «كل المقاتلين هنا من أبناء المنطقة، حتى عندما ينشق عناصر وضباط من الجيش، نقوم بتأمينهم وإرسالهم إلى بلداتهم وقراهم، حتى لا يبقى هناك عنصر غريب. فنحن نخشى كثيراً من الاختراقات».
وعن الوضع الميداني الحالي قال: «لم تتعرض المدينة في السابق لما تتعرض له الآن، الزبداني أجمل مناطق سورية تحترق، لا يمكن لأحد أن يخرج من المكان الذي يختبئ فيه، فالبراميل والقذائف تتساقط علينا كالمطر ولا تتوقف، في يوم واحد سقط أكثر من مئة وخمسين برميلاً وصاروخاً، لا نستطيع إسعاف الجرحى، فالتجهيزات الطبية شبه معدومة، ولا يوجد أي طبيب».
لدى تواصلنا مع أحد قادة «أحرار الشام» الفصيل الأقوى والأهم في المنطقة، وسؤاله عن طبيعة المعركة، لفت إلى أن «المواجهات الحقيقية والحاسمة في منطقة الزبداني هي التي ستجري على الجبل الشرقي، وليس ما يحصل الآن داخل المدينة. فالهجوم على البلدة القديمة والسهل، الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة الزبداني، ليس له أهمية عسكرية بالنسبة للنظام سوى رفع الروح المعنوية لعناصره، بعد الهزائم المتتالية التي تكبدها وما زال في حلب وإدلب ودرعا على أيدي المعارضة، وفي الحسكة وتدمر على يد تنظيم «داعش». فالمدينة التي تقع بين سلسلتين جبليتين، هما الجبل الشرقي والجبل الغربي، محاصرة في شكل كامل وساقطة عسكرياً، ومدمرة، وغير صالحة للحياة، ولا تهدد أي طريق استراتيجي للنظام، وخصوصاً طريق دمشق بيروت. فالنظام يسيطر عليها بالنار من أكثر من مئة وخمسين نقطة عسكرية. وأنا أؤكد لك أن عناصر الجيش لا يستطيعون الدخول في مواجهات مباشرة معنا، لأن طرقها ضيّقة جداً؛ ففي مطلع عام 2012 شن الجيش حملتين عسكريتين كبيرتين، لاستعادة المدينة، لكنه لم ينجح، وكبّدناه خسائر فادحة. كما هو واضح حتى الآن، فإنّ النظام سيعمد إلى تدمير المدينة في شكل كامل فوق رؤوس ساكنيها».
أما المعركة التي لا مفرّ منها، كما يتوقع، فستكون على الجبل الشرقي. حيث يسيطر عناصر الحركة على موقع البرج، وهو أعلى نقطة في الجرود وجبال القلمون، وحول هذا الموقع عدد من المواقع والنقاط العسكرية التابعة للمعارضة. يصل ارتفاع البرج إلى نحو 1850 متراً. تستطيع أن ترى منه معظم سهل البقاع الأوسط. يطل على بلدات سورية عدة كسرغايا وبلودان ومضايا والزبداني وهريرة. والأهم من هذا كله، أن وجود مسلحي المعارضة على الجبل الشرقي يؤمّن آخر ممرّ لهم من سورية إلى البقاع اللبناني عبر حام ومعربون.
أفق المعركة غير واضح، ومسارها ستظهره التطورات الميدانية خلال الأيام المقبلة. حزب الله والجيش السوري يصرّان على الحسم مهما بلغت الأكلاف والخسائر؛ أبناء الزبداني يقولون لا خيار أمامهم سوى الدفاع عن مدينتهم حتى الموت، ولا سيما أنهم محاصرون في شكل كامل، ولا طريق أمامهم للانسحاب. على خط الأزمة تدخلت المعارضة في وادي بردى، وأعلنت عن قطع مياه عين الفيجة التي تغذي دمشق، حتى تتوقف الحملة العسكرية على الزبداني. وفي الماضي اضطر النظام للاستجابة لشروطهم حتى يعيدوا فتح شريان المياه الحيوي الأهم إلى العاصمة، فهل يتكرر الأمر؟
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,429,240

عدد الزوار: 6,991,147

المتواجدون الآن: 64