خامنئي ونصر الله و... مخطط ينهار

تاريخ الإضافة الخميس 16 نيسان 2015 - 7:11 ص    التعليقات 0

        

 

خامنئي ونصر الله و... مخطط ينهار
عبدالعزيز التويجري
أغضبت عاصفة الحزم مرشد ايران علي خامنئي وذراعه في لبنان حسن نصر الله وأخرجتهما عن وقارهما المفترض، كونهما سيدين معممين، فتلفظا بعبارات لا تصدر عمن ينتمي الى السيادة والعلم. لكن يبدو ان شعورهما بانهيار مخططهما الطائفي في اليمن، الذي عملا على إحكامه زمناً طويلاً، جعلهما يتوتران ويكيلان الشتائم للسعودية ويتهمانها بالاعتداء على الشعب اليمني، متجاهلين ان عاصفة الحزم جاءت بطلب من الرئيس الشرعي ومن قطاع كبير من الشعب اليمني، وتشارك فيها عشر دول عربية وليس السعودية فقط، وتحظى بدعم دولي واسع، وفي الوقت نفسه متناسين ان قواتهما وميليشياتهما تقاتل في سورية والعراق وتعتدي على قطاع كبير من شعبي هذين البلدين لا ينتمي الى مذهبهما، وأنهما يقفان بقوة الى جانب نظام الأسد الدموي، ويتدخلان في شؤون دول عربية خليجية ذات سيادة.
مشكلة اليمن هي من صنع ايران في المقام الأول، فقد استقطبت بدر الدين الحوثي الذي كان يتبنى العقيدة الجارودية التي ترفضها القيادات الدينية الزيدية، لكونها انحرافاً عن أصول المذهب الزيدي وتماهياً مع المذهب الإثني عشري، الذي ُيكفّر المخالف أياً كان مذهبه، ويرفض خلافة ابي بكر وعمر وعثمان، بل يحكم عليهم وعلى الصحابة بالردة ومخالفة امر الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي قم تمت عملية «تعميد» الحوثي وأبنائه ليكونوا مركز انطلاق التشييع الإيراني في اليمن وأساس الميليشيا التي أصبحت تحمل اسم أنصار الله، والتي تلقت الدعم والتسليح من ايران والتدريب هناك وفي جنوب لبنان وسورية. ومن الواضح ان الهدف الرئيس لإنشاء هذا التنظيم الطائفي وتسليحه هو السطو على الحكم في اليمن، ومن ثم تهديد المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج العربي ووضعها بين كماشتي الطوق الطائفي من الشمال والجنوب.
هذا المخطط بدأ انهياره بعد قيام عاصفة الحزم لوقف تمدد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في بقية المدن اليمنية، بعد استيلائها على صنعاء وإسقاط الدولة وفتح خط جوي وآخر بحري مع ايران لنقل السلاح والخبراء العسكريين. ومهما حاول خامنئي ونصر الله إنكار علاقتهما بالحوثيين فإن الحوثيين أنفسهم يعترفون بهذه العلاقة والتبعية ويفاخرون بهما، وهو الأمر الذي يضع خامنئي ونصر الله في موقف محرج، بخاصة بعد اعتقال عقيد ونقيب من الحرس الثوري الإيراني، ومقتل عنصر من حزب الله في القتال الدائر في اليمن.
نظام ولاية الفقيه في ايران، الذي ينتقد مرشده بعبارات متشنجة السعودية ويتهمها بما لا وجود له في الحقيقة، هو نفسه يقوم بأبشع انواع الاضطهاد ضد مواطنيه السنة الذين لا يُسمح لهم ولو بمسجد واحد في طهران، ويحرمون من شغل اي منصب قيادي في الدولة مدنياً كان او عسكرياً، ولا أعضاء منهم في مجلس تشخيص مصلحة النظام او في مجلس الخبراء، وهم يشكلون ما يزيد عن خمسة وعشرين في المئة من سكان ايران.
نظام طائفي محض مثل هذا يجب ان يشعر بالخجل والخزي قبل ان يوجه سهام حقده واتهاماته الى دول تدافع عن أمنها وسيادتها وسلامة شعوبها وأراضيها. لكن المؤلم والمحزن ان هذا النظام الذي يمتح من فكر طائفي عنصري، استطاع ان يخدع نَفَراً من أبناء العالم الإسلامي بشعارات زائفة أطلقها، ومناورات مضللة أجراها، وشاركه فيها عملاؤه من زعماء الميليشيات الطائفية التي أنشأها. وهذه الروح الطائفية العنصرية هي ما يطبع أفكار مؤسس هذا النظام، آية الله الخميني في شكل صادم. يقول الخميني في كتابه «المكاسب المحرمة»، الجزء الأول، ص 251: «فغيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين ... بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم»، ويقول في «الوصية السياسية»، ص 23: «وأنا أزعم بجرأة ان الشعب الإيراني بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضل من أهل الحجاز في عصر الرسول»، ويقول في كتابه «كشف الأسرار»، ص 193: «ولولا هذه المؤسسات الدينية الكبرى لما كان هناك الآن اي أثر للدين الحقيقي المتمثل في المذهب الشيعي، وكانت هذه المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة وهدفها اجتثاث جذور الدين الحقيقي تحتل الآن مواضع الحق». أضف الى ذلك كله اصراره على بقاء المادة 12 في دستور الجمهورية التي أنشأها، والتي تنص على ان مذهب الدولة هو الجعفري الإثنا عشري، وهذه المادة تبقى الى الأبد غير قابلة للتغيير.
فهل بعد هذا التعصب الطائفي العنصري، والإساءات الكبيرة لتاريخ الأمة ورموزها وتكفير كل المخالفين لعقيدة الحاكمين في ايران، وبعد المشاركة الفعلية في قتل الشعب السوري واضطهاد السنة في العراق، والتحكم بشؤون لبنان وارتهان قراره، ثم غرس شجرة الفتنة والتعصب في اليمن، يمكن لأحد ان يدعي براءة هذا النظام من إحياء الروح الطائفية ونشرها في العالم الإسلامي بكل الوسائل المتاحة له، أو ينكر تدخّله في شكل مباشر في شؤون دول المنطقة، وتحريض بعض من يشاركه الاعتقاد من ابنائها على اثارة الفوضى والإضرار بمصالحها، وتوظيفهم لتنفيذ مخططاته التوسعية التخريبية فيها؟ عاصفة الحزم كشفت كل المستور، ووضعت النقاط على الحروف، ولذلك فشدة الصراخ هي من شدة الألم. فهل يعود حكام ايران الى الرشد ويقطعون مع سياساتهم الطائفية العنصرية التوسعية، ويعملون على التكامل مع دول المنطقة بصدق وشفافية، وبتعاليم الإسلام السمحة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؟
* أكاديمي سعودي
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,438,240

عدد الزوار: 6,991,503

المتواجدون الآن: 64