المهندس الإسلامي الذي احتل القصر في القاهرة

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 تموز 2012 - 6:10 ص    عدد الزيارات 722    التعليقات 0

        

المهندس الإسلامي الذي احتل القصر في القاهرة

بقلم تسيفي بارئيل

 

مرسي ليس رجل دين مخولاً بالفتوى، وهو ليس رجل اعمال مثل زميله خيرت الشاطر، وليس سياسياً مجرّباً، ولكنه سياسي يعرف كيف يربط الأطراف.

في بداية نيسان الماضي اجتمع مجلس الشورى للاخوان المسلمين في مصر في تشاور عاجل. فقد تبين لاعضاء المجلس، أن ترشيح رجل الاعمال خيرت الشاطر قد يشطب. واقترح المجلس تعيين مرشح بديل فوقع الاختيار على الدكتور محمد مرسي. وبعد شهرين ونصف حظي مرسي بنصف اصوات الناخبين وشق طريقه نحو قصر الرئاسة.
مرسي يظهر الآن كمفاوض ناجع، سبق أن جرب حل الازمات. صحيح أن خطاباته مثيرة للشفقة، صوته جاف وليس له حضور جارف، الا انه في المداولات الداخلية يعرف على ما يبدو كيف يستخدم سحره الشخصي. منذ البداية لم يرغب في الرئاسة. عندما بحث مجلس الشورى اذا كان سيدفع مرشحا عن الاخوان للرئاسة، بعد أن كان موقفه المبدئي حتى ذلك الحين ضد رئيس منهم، صوت 56 عضوا لمصلحة القرار مقابل 52 عارضوه. بين المعارضين كان محمد مرسي والشاطر اللذين اعتقدا بأن على الاخوان ان يؤيدوا مرشحا من خارج الحركة. ولكن، على خلفية الخلاف مع الجيش، اتخذ أخيرا القرار بغالبية ضئيلة. المرشحان، الشاطر ومرسي التزما بحكم الحركة.

 

يعرف كيف يربط الاطراف
 

مرسي ليس رجل دين مخولا بالفتوى، وهو ليس رجل أعمال مثل زميله الشاطر وليس سياسيا مجربا، وذلك لانه لم تتوافر للاخوان المسلمين ابدا اي فرصة لان يكونوا سياسيين. ولكنه سياسي يعرف كيف يربط الاطراف. وهكذا مثلا أسس في العام 2004 الجبهة الوطنية للتغيير الى جانب عزيز صدقي الذي كان في حينه ابن 88، وشغل منصب رئيس وزراء في عهد السادات. كما أسس الجمعية الوطنية للتغيير مع محمد البرادعي الذي اعتبر مرشحا للرئاسة وممثلا للتيار العلماني الليبرالي. في 2011، عندما كان رئيس حزب الحرية والعدالة للاخوان المسلمين اقام الائتلاف الديمقراطي من أجل مصر، والذي ضم 40 حركة وتيارا الكثير منها علماني. كل ذلك عندما كان في بعض وقته عضوا في لجنة مكافحة الصهيونية والتطبيع.
كما أنه عرف كيف يدير أزمات شديدة نشبت في الحركة بينها التمرد الداخلي للجيل الشاب الذي طالب باصلاح اساليب عملها. كانت هذه ازمة شديدة اندلعت في 2007 حين بدأ مدونون من الحركة ينتقدون علنا "الديكتاتورية الداخلية"، وقد ارسل مرسي في حينه بتكليف من المرشد العام لاجراء حوار مع المتمردين بل حظي بتقدير شديد من جانبهم. صحيح أن الازمة لم تحل، ولكن يبدو أن مرسي يحظى الان بتأييد كل فصائل الحركة. ليس هم فقط، بل جزء من زعماء الحركات العلمانية وحركات الشباب مثل وائل غنيم، "زعيم ثورة الانترنت"، والكاتب علاء الاسواني، ومثقفون ليبراليون آخرون يؤيدون مرسي ويرون في انتصاره انتصارا للثورة على النظام القديم.
السؤال الذي يقلق الان القيادة السياسية الجديدة هو كيفية المناورة بين المجلس العسكري الاعلى الذي يعمل بنشاط للحفاظ على احتكار القرارات في المواضيع الامنية، والسياسية وتطلع الاخوان المسلمين لان تكون يدهم حرة في ادارة الدولة. الشائعات عن "عقد حلف" بين الجيش والاخوان المسلمين وعن "تفاهمات" حول توزيع الصلاحيات بين الحكم السياسي والعسكري تعكس على ما يبدو حقيقة جزئية للغاية فقط. من تقارير في وسائل الاعلام المصرية يتبين أن الاخوان اتخذوا منذ الان قرارا استراتيجيا بموجبه شؤون الجيش، والسياسة الخارجية تنقل الى وزراء ليسوا من الاخوان، الذين يريدون الاحتفاظ لانفسهم بحقائب الاقتصاد والرفاه والتعليم كي يتمكنوا من اعادة تصميم طابع الدولة.
مرسي مواقفه تجاه سياسة اسرائيل في المناطق [الضفة الغربية وغزة] ليست سرا، يتخذ الان خطا ديبلوماسيا معتدلا بموجبه "مصر تتمسك باتفاقات كمب ديفيد والعلاقات بينها وبين اسرائيل ستكون على اساس التبادلية والمساواة". وهو يدعو اسرائيل باسمها وليس "الكيان الصهيوني" ويتحدث عن اعادة الحقوق للفلسطينيين، دون ان يذكر القدس كعاصمة فلسطين او يقرر حق العودة بانه خالد. مرسي حذر في موضوع استئناف العلاقات مع ايران، وبعد نشر مقابلة معه في وكالة "فارس" الايرانية والتي جاء فيها ان "اعادة بناء العلاقات مع ايران هو أمر حيوي لبناء ميزان استراتيجي جديد" خرج عن طوره كي ينفي ذلك. مصر، التي تلقت حتى الان القروض والودائع السعودية بحجم يقترب من 3 مليارات  دولار وتتلقى مساعدة سنوية من الولايات المتحدة، لا يمكنها الان ان تعانق ايران.
ولاية مرسي تبدأ دون ان يعرف بعد ما هي صلاحياته، بلا برلمان يشرع القوانين التي ستترجم سياسته، ومع مناكفة لليّ الأذرع مع الجيش. وبعد بضعة اشهر، بعد أن يصاغ الدستور، وبعد انتخاب 166 مقعدا رفضت للبرلمان، ستبدأ ولايته الحقيقية.

"هأرتس" – ترجمة "المصدر"

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,508,511

عدد الزوار: 6,993,903

المتواجدون الآن: 62