استراتيجية فلسطينية

تاريخ الإضافة الأحد 13 آذار 2011 - 6:29 ص    عدد الزيارات 705    التعليقات 0

        

استراتيجية فلسطينية
ذات مرة سخرنا بنتنياهو على أن <السلام من تحت> هو مجرد استم مستعار لرفضه التنازل للفلسطينيين· وها هم الفلسطينيون في الضفة، بروح سلام فياض، تبنوا هذه السياسة بحرارة· فهم انتقلوا، إن شئتم، من طريقة بيغن إلى طريقة بن غوريون· ليس الإرهاب· بل بناء اقتصاد ومؤسسات·

ذات مرة قلنا عنهم أنهم يقومون بايماءات فارغة لمكافحة الإرهاب، اما عملياًفهم يديرون سياسة البوابة المستديرة

: يعتقلون المشبوهين بالإرهاب في النهار، ويفرجون عنهم مع حلول الظلام· وها هم الآن في الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن بوابة مستديرة معاكسة: السلطة تعتقل المطلوبين· بعضهم تضطر إلى الافراج عنهم، لأن السلطات القضائية التي يبنونها خاضعة للرقابة الدولية، والمساعدات الخارجية التي يتلقونها منوطة بهذه الرقابة· وعندها فانهم يطلقون سراحهم في النهار، ولكن مع هبوط الظلام يسارعون إلى اعتقالهم من جديد· ذات مرة اعتقدنا بأن التنسيق الأمني يصمد بصعوبة على مستوى الميدان· وها هو الآن يجري بشكل مرتب مع القيادة الأعلى للجيش الإسرائيلي·

هذا لا يعني أنهم وقعوا في حب إسرائيل، بل أنه لا يعني أنهم سلموا بالضرورة بحق وجودها كوطن قومي للشعب اليهودي· ولكنهم تعلموا عدة امور هامة· اولا، فهموا ما لم نفهمه نحن: بأن الساحة الاهم اليوم هي ساحة العلاقات العامة· الحرب هي على الشرعية، والإرهاب مس بالدعم الدولي لتطلعاتهم الوطنية وزاد العطف لإسرائيل· وقف الإرهاب تبين كالاداة الأكثر نجاعة ضد إسرائيل· شرعية مجرد وجود إسرائيل موضع شك طالما تقيم نظام احتلال· كل ما كان ينبغي هو التوقف عن قتل مدنيين يهود، والزمن سيقوم بالعمل نيابة عنهم·

ثانياً، رجال فتح نظروا إلى غزة برعب، رأوا كيف يطلق رجال حماس النار على أرجل اخوانهم أو يلقونهم من على أسطح المباني، وهم يخافون حماس أكثر مما يخافونا· علينا يمكنهم بالحد الاقصى أن يطلقوا الصواريخ· اما هم بالمقابل، فسيذبحون·

لهذا التغيير الإستراتيجي يوجد أيضاً وجه اقتصادي· التعاون مع إسرائيل ووقف الإرهاب يسمحان للاقتصاد بأن ينمو بوتيرة مثيرة للانطباع· من دون إرهاب يوجد حواجز اقل وتوجد مساعدات أجنبية أكثر· التحسن الاقتصادي يضعف تعلق الضعفاء بالمؤسسات الخيرية لحماس ويساعد السلطة على كسب شرعية داخلية· طالما يوجد خبز، لن يكون ميدان تحرير·

هل كل هذا يعني أن وجهتهم نحو السلام والتقسيم؟ ليس مؤكدا· يحتمل أن تكون سياسة نتنياهو بالذاته مريحة لهم· <السلام من تحت> دون <السلام من فوق>· إذا لم تكن وجهتهم نحو تقسيم البلاد فإن حكومة إسرائيل الحالية هي الشريك الكامل بالنسبة لهم· إذ ها هم يبنون قوتهم، يعززون حكمهم، يثبتون اقتصادهم ويجترفون مكاسب سياسية في شكل شرعية، في الوقت الذي تتحول فيه إسرائيل إلى المنبوذة في العالم·

وفضلا عن ذلك، إذا كانوا لا يزالون يحلمون بفلسطين الكاملة، فإن المستوطنين وحكومة اليمين تساعد فقط هذا الحلم على التجسد· فماذا يهم الفلسطينيون أن في إسرائيل يسمون حلمهم <بلاد إسرائيل الكاملة>، بدلا من <بلاد فلسطين الكاملة>؟ فهذه في النهاية هي ذات البلاد وذات السكان· تحت الاسمين سنصل إلى ذات الدولة، مع أغلبية عربية·

من هنا يتعين على إسرائيل أن تفكر جيداً إذا كانت كل هذه التطورات الايجابية تعمل في صالحها على المدى البعيد· إذا وجدت إسرائيل السبيل إلى تقسيم البلاد، مع أو من دون تقسيم، فإن الاستقرار النسبي في الضفة سيعمل في صالحنا· اما، من جهة أخرى إذا ما واصلت إسرائيل التملص من هذا الحسم المصيري، فإن <السلام من تحت> سيتبين كـ <حرب من تحت>· حرب بالتأكيد من شأنها أن تنجح·

غادي طؤوب يديعوت احرونوت


 

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,667,613

عدد الزوار: 6,999,385

المتواجدون الآن: 70