حزب الله يراقب وينتظر الانتفاضات العربية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 آذار 2011 - 7:45 ص    عدد الزيارات 824    التعليقات 0

        

حزب الله يراقب وينتظر الانتفاضات العربية

بيروت - لزيارة مسؤولي حزب الله، عليك التوجه يسارا من طريق المطار، مرورا بلافتة تحمل صورة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يلوح بيديه بخجل لسائقي السيارات المارة على الطريق. ومن ثم تصل إلى منطقة تعرف باسم «الضاحية الجنوبية» التي تعد معقل الجماعة المسلحة الشيعية.

هناك يوجد مقر الجماعة التي تشكل أقوى كتلة في البرلمان اللبناني. إن هذا الموقف أكبر من أن يصاغ على نحو معتدل، وهو أن الجماعة التي تصفها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بأنها «إرهابية» تسيطر على الحكومة اللبنانية. والأكثر من ذلك هو أن هذه السطوة منحت رعاتها في طهران ما يرقى إلى مستوى رأس جسر ساحلي على البحر المتوسط، تقع مياهه المتألقة غرب معقل الجماعة المسلحة.

يبدو فهم حزب الله مثل مشاهدة مسرحية خيال الظل، فأفعاله الحقيقية غير معلنة. يهوى هذا التنظيم السلطة ويعد جناحها العسكري، الذي تصر على اعتباره قوة «المقاومة» الوحيدة المناوئة للقوات الإسرائيلية في الجنوب، أقوى من الجيش اللبناني. لكنها لا تريد أن تكون مسؤولية صنع القرار مكافئة لسلطتها، كما اكتشفت في محادثاتي مع عدة مسؤولين في حزب الله.

فقد تقابلت الأسبوع الماضي مع عمار الموسوي، «الدبلوماسي» رفيع المستوى في حزب الله وعدد من معاونيه في القسم الدولي بحزب الله. لقد كانت زيارة «غير رسمية»، لذا لا أستطيع أن أنقل قول موسوي أو معاونيه مباشرة. لكن أوضحت تلك المناقشة تفكير أقسى لاعب في أصعب الكيانات السياسية مراسا. يبدو أن حزب الله أدرك أن الثورات التي تجتاح الشرق الأوسط قد غيرت موازين اللعبة لصالحهم. ويرى مسؤولون أن العالم العربي يتجه نحو المزيد من الديمقراطية والتعددية السياسية مع سقوط النظام الحاكم في مصر وتونس وربما ليبيا. في هذه البيئة الجديدة، لا يريد حزب الله أن ينظر إليه كجماعة مسلحة طائفية أو هدامة، لكن كشريك ديمقراطي، وإن كان تنظيما قويا يمتلك آلافا من الصواريخ الموجهة إلى إسرائيل. ونظرا لأن تونس ومصر وليبيا دول سنية، فإنه يمكن رؤية الأحداث الأخيرة في إطار عودة سياسية سنية، على حزب الله احترامها.

أولى مهام الحكومة اللبنانية التي يهيمن عليها حزب الله ستكون التعامل مع قضية اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، عام 2005. وتحقق المحكمة الدولية الخاصة في هذه القضية وتتوقع التقارير الإخبارية إصدار قرار اتهام قريبا يشمل أسماء لعناصر تابعة لحزب الله. واستباقا لقرار المحكمة، أجبر حزب الله في يناير (كانون الثاني) سعد الحريري، ابن رفيق الحريري، على الاستقالة من منصب رئيس الوزراء. وسيحل محل الحريري نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء الأسبق وأحد أنجح رجال الأعمال في لبنان والمقرب من الرئيس السوري بشار الأسد. وقال ميقاتي إنه سيدعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي تتم المحاكمة في نطاق سلطته. لكن يبدو أن حزب الله متأكد من تخفيف التأثير الفعلي للاتهامات وعدم حسم الأمر كما يحدث عادة في لبنان.

من المفاجئ رؤية مسؤولي حزب الله يتخذون موقفا معتدلا من المحاكمة الأسبوع الماضي، حيث قالوا إن هناك توافقا على الحاجة إلى القصاص في قضية قتل الحريري، لكن الخلاف يتمحور حول آلية فعل ذلك. لقد كان هذا مثل رمي الكرة في ملعب ميقاتي، وحتى لا تكون لحزب الله أي علاقة بإحكام الخناق على المحاكمة.

توضح قضية المحاكمة مدى إحباط السياسة اللبنانية، فلا يوجد أي تحديد للمسؤوليات، لكن لا يتحمل أحد المسؤولية. ربما يستطيع ميقاتي، بخلفيته في مجال الأعمال، أن يتعامل مع مشكلة المساءلة. يسعى حزب الله إلى تجنب تحمل المسؤولية عن القرارات التي لا تتمتع بقبول شعبي لذا يرفض مسؤولوه وصف الحكومة الجديدة بأنها تحت سيطرته. ورفضوا دعم خطوات مرحلية لشريك حزب الله في التحالف، الجنرال اللبناني المتقاعد ميشال عون، الذي ينافس الرئيس الحالي ميشال سليمان على قيادة المسيحيين في الدولة.

هل يرى حزب الله أي انفتاح على الغرب في حقبة ما بعد ميدان التحرير؟ هل من الممكن أن تسمح «بداية جديدة» للشرق الأوسط بانخراط تدريجي مع الولايات المتحدة على سبيل المثال؟ لا أرى تحمسا كبيرا لهذه الفكرة، لكن حزب الله لا يعارض استمرار التعاون العسكري بين لبنان والولايات المتحدة. من المستفز أن يقول حزب الله إنه على الجيش اللبناني الحصول على مزيد من الأسلحة الأميركية مع العلم بأن الولايات المتحدة لن تزوده بالسلاح، ما دام حزب الله هو أقوى كيان سياسي في البلاد.

حزب الله لاعب سياسي قاس، لكن من الخطأ التقليل من شأن صحة خطواته المرحلية. يصر مسؤولون على أن منهج الجماعة الشيعية المسلحة في السياسة منطقي. ويبدو أن حزب الله الذي يتبع نهجا منطقيا مدرك لأهمية إدخال تغييرات على «المقاومة» التي تحدد ذاتيا خلال هذه الفترة التي تشهد غضبا عربيا عارما.

* خدمة «واشنطن بوست»

ديفيد إغناتيوس

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,680,344

عدد الزوار: 6,999,989

المتواجدون الآن: 78