تركيا الجديدة

تاريخ الإضافة الجمعة 18 نيسان 2014 - 7:22 ص    عدد الزيارات 628    التعليقات 0

        

 

تركيا الجديدة
"حرييت" التركية ترجمة نسرين ناضر... سميح إيديز
نجاح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المحلية، على الرغم من الخطوات غير الديموقراطية التي اتّخذها لحماية حكومته في مواجهة اتهامات الفساد، سيجعل من الأصعب على تركيا الإبقاء على تطلّعها نحو الاتحاد الأوروبي، مع كل ما يترتّب عن ذلك من تداعيات.
الحقيقة البسيطة هي أن نسبة الـ43 في المئة من الناخبين الذين صوّتوا لـ"حزب العدالة والتنمية" في الانتخابات لا تأبه للاتحاد الأوروبي وقيمه الليبرالية والحداثة التي يمثّلها. يريد هؤلاء أن تبنى تركيا على قيم إسلامية محافظة ويتطلّعون إلى أردوغان لتحقيق ذلك.
تخسر تركيا في عهد أردوغان بسرعة توجّهها الأوروبي وتبتعد عن المبادئ الديموقراطية التي يمثّلها هذا التوجّه. لا شك في أن أنصار "حزب العدالة والتنمية" الذين يتحدّثون كثيراً عن الديموقراطية، ويندّدون بالمصير الذي لقيه الرئيس السابق المنتخب في مصر، محمد مرسي، ينفون ذلك. بيد أن الديموقراطية التي يدافعون عنها لا علاقة لها بالديموقراطية على الطريقة الأوروبية، تماماً كما أنه لم تكن لسياسات مرسي خلال الفترة الوجيزة التي أمضاها في السلطة أي علاقة بالديموقراطية الحقيقية، حتى ولو أنه انتُخِب بطريقة ديموقراطية.
لكن بالنظر الى الوراء، صحيح ايضاً ان الحكومات المتعاقبة التي وصلت الى السلطة بعد تأسيس الجمهورية التركية لم تفعل الكثير لتحويل تركيا عضواً محترماً في مجتمع الدول الاوروبية الديموقراطية.
ولا بد من أن نتذكّر أيضاً أن المؤسسة التي أدارت هذه البلاد طوال عقود قبل أن يتسلّم "حزب العدالة والتنمية" الحكم اعتبرت دائماً أن المواطنين الذين يدافعون عن الديموقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان ينتمون إلى طابور خامس في خدمة الغرب.
بعبارة أخرى، لطالما قامت الأطراف التي تدّعي الحداثة والتي حكمت تركيا طوال عقود، بمحاكاة الأوروبيين بطريقة سطحية إلا أنها لم تؤمن قط بالقيم التي بنيت عليها أوروبا المعاصرة.
ففي معظم الأحيان، اعتبر هؤلاء أن هذه القيم تُهدّد الوحدة الوطنية والرموز الدينية التي آمنوا بها للحفاظ على هذه الوحدة.
يتصرّف أردوغان وأنصاره على الأقل بحسب معتقداتهم الحقيقية، حتى لو تعرّضوا للمعارضة باسم الديموقراطية. إلا أنه ينبغي على كثر ممّن ينتقدون "حزب العدالة والتنمية" معتبرين أنه يكشف أكثر فأكثر عن نزعته الرجعية، أن يعملوا أولاً على تصحيح العيوب التي يعانون منها في مجال الديموقراطية قبل أن يدّعوا تمثيل الحداثة الحقيقية.
"تركيا الجديدة" كما يريدها أردوغان ليست مكاناً مستحبّاً للديموقراطيين الحقيقيين، لكن "تركيا القديمة" التي لا يزال البعض يتوقون إليها لم تكن كذلك أيضاً. نريد تركيا جديدة وديموقراطية بكل معنى الكلمة، حيث لا يشعر أحد بالإقصاء بسبب نتائج صناديق الاقتراع وحيث يؤمن الجميع بسيادة القانون.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,741,947

عدد الزوار: 7,002,115

المتواجدون الآن: 78