إردوغان: تركيا لا تعد اليونان عدواً..
إردوغان: تركيا لا تعد اليونان عدواً..
عشية زيارته لأثينا لحضور اجتماعات «مجلس التعاون الاستراتيجي»..
الشرق الاوسط..أنقرة: سعيد عبد الرازق.. أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده لم تنظر إطلاقا إلى جارتها اليونان على أنها عدو أو خصم، على الرغم من وجود خلافات بينهما. وكرر إردوغان أن هناك الكثير من القضايا العالقة بين تركيا واليونان، وأن البلدين يدركان ذلك، وعد أن «السماح أو عدم السماح لهذه المشكلات بإثارة التوتر بين الحكومتين والشعبين هو بيد البلدين أيضا». جاءت تصريحات الرئيس التركي في إطار مقابلة مع صحيفة «كاثيميريني» اليونانية، عشية زيارته لأثينا لحضور اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى الذي يعقد برئاسته ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
نهج الحوار
وأشار إردوغان إلى حديثه أخيرا عن فتح صفحة جديدة، وعن مبدأ «رابح - رابح» في العلاقات بين البلدين الجارين. كما عبّر في تصريحات، السبت الماضي، عن أمله في أن تفتح اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي الباب أمام «عهد جديد في العلاقات والتعاون بين البلدين». وقال: «بالطبع لدينا اختلافات في الرأي، وهناك قضايا عميقة لا يمكن حلها دفعة واحدة، لكننا سنذهب إلى أثينا بمنهج رابح للجانبين. هناك، سنناقش علاقاتنا الثنائية والعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ قرارات تليق بروح العهد الجديد». واتهم إردوغان أطرافا أخرى، لا سيما الولايات المتحدة، بمحاولة تأجيج الخلافات بين تركيا واليونان. وقال: «ما يغضبنا هو أن بعض الأطراف، خاصة الولايات المتحدة، تحاول تأليبنا ضد بعضنا بعضا، وتأجيج الخلافات... على سبيل المثال، في حين أننا لا نحصل على طائرات (إف 16) الأميركية، على الرغم من أننا دفعنا ثمنها، لا تزال اليونان تحصل عليها. وأميركا ترسل قواتها وذخيرتها إلى اليونان... أعتقد أننا لسنا في موقف أن نتراجع لمجرد أن أميركا تفعل ذلك، يمكننا زيارة جارتنا والجلوس والتحدث معا». وقال إردوغان، في تصريحاته للصحيفة اليونانية التي نشرت الأربعاء، إن مبدأ «رابح - رابح» هو أصلا يكمن في جوهر النهج الذي تتبعه تركيا في العلاقات الدولية والدبلوماسية. ولفت إلى أن معالجة الخلافات (بين تركيا واليونان) من خلال الحوار، والالتقاء على أرضية مشتركة، سيعود بالفائدة على الجميع، لافتا إلى أن البلدين اكتسبا مؤخرا زخما جيدا بشأن تشكيل علاقاتهما في إطار هذا النهج. وأضاف أن «قنوات الحوار بيننا مفتوحة وتعمل على جميع المستويات، وحركة زياراتنا المتبادلة مكثفة كذلك، ونمتلك الرغبة في تطوير تعاوننا في كثير من المجالات المهمة لبلدينا ومنطقتنا على أساس الثقة المتبادلة». وتابع: «الآن، تقع على عاتق كلا الطرفين مسؤولية تعزيز هذا النهج وإضفاء الطابع المؤسسي عليه والارتقاء به أكثر»، معرباً عن اعتقاده بأن رئيس الوزراء اليوناني لديه أيضا الإرادة ذاتها». وقال إردوغان إن هذه النية المشتركة ستسجل بكل وضوح بفضل الإعلان المتعلق بالعلاقات الودية وحسن الجوار المزمع توقيعه في أثينا الخميس.
تقارب بعد الزلزال
وتأتي زيارة إردوغان لليونان في وقت شهدت فيه العلاقات بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، استئنافا لاجتماعات بناء الثقة، والمشاورات السياسية حول القضايا والملفات العالقة بينهما، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بعدما توترت بشكل كبير بسبب عمليات التنقيب التركية عن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، وارتفاع وتيرة التوتر على الجزر المتنازع عليها في بحر إيجه. ودفع تضامن اليونان مع تركيا في كارثة زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي، باتجاه التقارب بينهما، والتقى إردوغان وميتسوتاكيس على هامش قمة الناتو في يوليو (تموز)، وبعدها استؤنفت المشاورات السياسية بين البلدين، ثم التقيا مجددا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي حيث اتفقا على عقد اجتماع مجلس التعاون التركي اليوناني رفيع المستوى، بعدما أعلن إردوغان قبل أشهر تجميد المجلس بسبب تصاعد التوتر في جزر متنازع عليها في بحر إيجه؛ هدد باجتياحها عسكرياً.
ارتياح أوروبي
من جانبه، عبّر الاتحاد الأوروبي، في تقرير صدر عن المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي حول «حالة العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا»، عن ارتياحه للهدوء في منطقة شرق البحر المتوسط بعد التوتر الذي ساد مع تركيا عامي 2019 و2020 بسبب التنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة. وبشأن قضية المهاجرين غير الشرعيين، التي تثير توترا من وقت لآخر بين تركيا واليونان، لفت إردوغان إلى ازدياد حركة الهجرة في العالم لأسباب عدة، أبرزها عدم الاستقرار السياسي، ما أدى إلى زيادة انتشار الشبكات الإجرامية التي تستغل ذلك وتحقق مكاسب عالية جدا من الهجرة غير القانونية. وأكد أنه لا يمكن لدولة مكافحة الهجرة غير القانونية بمفردها، واصفا المشكلة بأنها «امتحان مشترك» للدول يستدعي جهودا مشتركة. وشدد إردوغان على ضرورة دعم الاتحاد الأوروبي لتركيا في هذا الشأن، وضرورة تقاسم الأعباء والمسؤوليات واتخاذ خطوات مشتركة لمنع الهجرة من مصدرها. وأوضح أن مكافحة الهجرة يجب ألا تقتصر على التعاون بين تركيا واليونان في بحر إيجه، إنما هناك حاجة إلى كفاح واسع النطاق، يتطلب مشاركة المجتمع الدولي بأكمله. وتتهم تركيا الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بتعهداته بموجب اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بينهما في 18 مارس (آذار) 2016، ويطالب بتحديثها، وتؤيد اليونان المطلب التركي في هذا الشأن.
إردوغان ينتقد «المنطقة العازلة» في غزة ويحذّر إسرائيل من اغتيالات على أرضه
أكد استعداد تركيا لاستضافة مؤتمر دولي للسلام ولعب «دور الضامن»
الشرق الاوسط..أنقرة: سعيد عبد الرازق.. عاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مسألة إقامة منطقة عازلة في غزة، وعدّها أمراً خارج المناقشة، ويعكس عدم الاحترام للفلسطينيين. وجدد استعداد بلاده للقيام بدور الضامن واستضافة مؤتمر دولي للسلام أيضاً، بشرط توفر إرادة حقيقية للسلام. ورفض إردوغان ما تروّجه إسرائيل بشأن عزمها إقامة منطقة عازلة في غزة، قائلاً: «أرى مناقشة هذا الأمر قلة احترام لإخوتي الفلسطينيين؛ فهي خطة ليست للمناقشة». وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من الدوحة، حيث شارك في قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي واجتماعات المجلس الاستراتيجي القطري - التركي، أن «غزة مِلك للفلسطينيين، والشعب الفلسطيني هو الذي يقرر ما سيحدث هناك ومَن سيحكمها، ونحن لا نعترف بأي شخص يرى أنه يقرر هناك نيابة عن الفلسطينيين». وواصل إردوغان انتقاداته للدعم الغربي لإسرائيل، قائلاً إنه «لولا دعم جميع الدول الغربية لإسرائيل، خصوصاً الولايات المتحدة، لما كنا نواجه مثل هذا المشهد في منطقتنا حالياً». وجدَّد استعداد تركيا للقيام بدور الضامن في قطاع غزة، قائلاً: «نحن في تركيا على استعداد لتولي دور الضامن واستضافة مؤتمر دولي للسلام أيضاً، شريطة توفر إرادة حقيقية للسلام». ولفت إردوغان إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أصبح في وضع يواجه فيه الإفلاس السياسي، وقد يرفع «راية الإفلاس» في أي لحظة، مضيفاً: «وجهة النظر الغربية بدأت تتغير منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، إسرائيل بدأت تفقد أوروبا ودعمها، وضمير الشعوب الأوروبية الرافضة المجازر الإسرائيلية سيسرّع هذا الأمر». وتابع: «أصوات بعض الدول بدأت تظهر، وهذا يعطي أملاً، والأمم المتحدة تشاهد ما يحدث وأيديها مكبّلة ولا تفعل شيئاً». وأكد الرئيس التركي، مجدداً، أن نتنياهو لن يستطيع التملص مما يفعله في قطاع غزة الفلسطيني، وسيُحاكم على جرائمه، وسيدفع ثمن جرائم الحرب التي ارتكبها في غزة إن عاجلاً أم آجلاً. وقال إن «تركيا تعمل من أجل محاكمة نتنياهو وقادة إسرائيل المشاركين بالمجازر في غزة أمام المحاكم الدولية، ويعمل بهذا الملف نحو 3 آلاف محامٍ من أنحاء العالم. وتطرق إردوغان إلى الخطط التي أعلنتها تل أبيب بشأن اغتيال أعضاء حركة «حماس» خارج فلسطين، في كل من تركيا ولبنان وقطر، قائلاً: «إذا تجرأت إسرائيل على اتخاذ خطوة كهذه في تركيا، فإنهم سيدفعون الثمن باهظاً، بحيث إنهم لن يتمكنوا من رفع ظهورهم مرة أخرى». وأضاف: «لا يوجد أحد في العالم لا يعرف مدى التقدم والشوط الذي قطعته تركيا في مجالي الاستخبارات والأمن، ولا ينبغي لأحد أن ينسى ذلك». وجاء تحذير إردوغان رداً على إعلان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، بأن إسرائيل ستلاحق قادة حركة «حماس» في قطر وتركيا ولبنان، حتى لو استغرق الأمر سنوات. وقال إردوغان إن حركة «حماس» حركة مقاومة وتحرُّر تكافح من أجل الحفاظ على أراضيها وشعبها، ولا يمكن بالنسبة لتركيا عدّها منظمة إرهابية.
تهديد وزير الخارجية
في السياق ذاته، أكد وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أن بلاده لن تسمح لأحد بتنفيذ عمل غير قانوني على أراضيها. وعلَّق يرلي كايا، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة ليل الثلاثاء - الأربعاء على ما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن استعداد جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) لاغتيال أعضاء حركة «حماس» خارج فلسطين، بما في ذلك تركيا ولبنان وقطر، قائلاً: «لا نسمح لأحد بالقدوم والقيام بأي شيء غير قانوني في بلدنا... منع وقوع ذلك هو مهمتنا الكبرى. وزارة الداخلية تتشاور وتتعاون مع الوزارات المعنية وجهاز المخابرات في هذا الشأن».
لتجنب العزل... البرلمان الأوروبي يدعو تركيا لتلطيف نبرتها
بروكسل-إسطنبول: «الشرق الأوسط».. صرح مسؤول أوروبي كبير اليوم (الأربعاء) في إسطنبول بأن تركيا «معزولة» على الساحة الدولية ويتعين عليها «التخلي عن نبرة عدائية» إذا أرادت الحصول على تنازلات مهمة من الاتحاد الأوروبي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقال مقرر البرلمان الأوروبي حول تركيا ناتشو سانشيز أمور خلال مؤتمر صحافي إن لهجة أنقرة الحادة في المسائل الخارجية هي من العقبات الرئيسية أمام تحسن علاقاتها مع بروكسل. وتطالب تركيا بتسهيل إجراءات منح تأشيرة دخول أوروبية لمواطنيها وتحديث الاتفاقية الجمركية الموقعة مع التكتل الأوروبي عام 1995 بما يسمح بتعزيز صادراتها. واقترح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأسبوع الماضي منح تركيا الطلبين مقابل عدد من التنازلات. وتتضمن تلك التنازلات منع روسيا من الالتفاف على العقوبات، وإحراز تقدم في مسألة جزيرة قبرص المقسومة والتي تحتل تركيا ثلثها الشمالي. وأضاف سانشيز أمور شرطا آخر في اليوم الأخير من مهمته في تركيا، والتي تضمنت لقاءات مع مجموعات معارضة. وأوضح لصحافيين في إسطنبول إن ذلك الشرط يتعلق بـ«الامتناع عن استخدام لهجة عدائية، لهجة تهديد، أمر مجاني وسهل». وقال سانشيز أمور: «أنتِ (تركيا) معزولة تماما. صديقك الحقيقي الوحيد هو أذربيجان». وتركيا عضو مرشح للانضمام للاتحاد الأوروبي منذ 1999. غير أن التقدم في الملف مجمد منذ 2018 على خلفية مخاوف أوروبية من سجل تركيا في حقوق الإنسان وسياساتها الخارجية.
«طفلة الغرب المدللة»
يقوم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الخميس بزيارة نادرة إلى اليونان سعيا لتحسين العلاقات بين الخصمين التاريخيين. لكنه انتقد دول الغرب مرارا خلال حملة إعادة انتخابه في مايو (أيار)، واغتنم زيارة إلى ألمانيا الشهر الماضي لإدانة دعم برلين لإسرائيل في حربها ضد «حماس» في قطاع غزة. وكرر إردوغان انتقاداته تلك في تصريحات صحافية لدى عودته من قطر، أحد أكبر حلفاء تركيا في الشرق الأوسط. وقال: «لولا دعم جميع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لإسرائيل، لما كنا نواجه مثل هذا الوضع في منطقتنا الآن». وأضاف: «الدعم غير المحدود الذي تقدمه هذه الدول، سواء الأموال أو أسلحة أو ذخيرة أو معدات، حوّل إسرائيل إلى طفلة الغرب المدللة». وقال سانشيز بهذا الصدد: «أعلم أن الكثير من قرارات السياسة الخارجية التركية لها نهج داخلي»، إذ يتجاوب معها الرأي العام التركي. وتابع: «لتكون جارا متعاونا جيدا أو عضوا، هناك مسارات وشروط مختلفة».