إيران تطلب من حلفائها «العض على الجرح» والالتزام بـ «الصبر الاستراتيجي»..
إيران تطلب من حلفائها «العض على الجرح» والالتزام بـ «الصبر الاستراتيجي»..
انقسام في طهران وتمرد بين «الوكلاء» حول سبل الرد على الاغتيالات ...
الجريدة..طهران - فرزاد قاسمي و منير الربيع ...ارتفع منسوب التباينات بين أطراف «جبهة المقاومة» التي تضم إيران ووكلاءها في المنطقة، بعد ردّ الولايات المتحدة «متعدد الأشكال» على مقتل 3 من جنودها في الأردن، والانتكاسة الجزئية في جهود التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الفلسطيني، مع إصرار إسرائيل على إطالة أمد الحرب ومهاجمة رفح. وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية لـ «الجريدة»، إن زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان للبنان وسورية تهدف إلى جمع آراء قادة «جبهة المقاومة» حول المرحلة المقبلة لرفعها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي أرسل عبداللهيان بهذه المهمة على ضوء خلافات شديدة داخل المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وأجهزة القرار الإيرانية حول الخطوة التي يجب اتخاذها تجاه الهجمات الأميركية والإسرائيلية، خصوصاً الاغتيالات التي شملت قادة عسكريين وكوادر إيرانيين ولبنانيين وعراقيين. وبحسب المصدر، يصر الحرس الثوري، بما في ذلك قائد «فيلق القدس» اللواء إسماعيل قآني، على ضرورة عدم السكوت عن الاغتيالات، والرد عليها بطريقة «تجعل إسرائيل والولايات المتحدة تصرخ من الألم»، في حين يقتنع السلك الدبلوماسي بأن الاستمرار في سياسة الصبر الاستراتيجي، أياً كانت الكلفة، هو الموقف الأكثر إفادة لطهران، لأن هناك تغييراً إيجابياً رسمياً وشعبياً ملموساً في المنطقة تجاه إيران وحلفائها على خلفية الموقف من حرب غزة. وفي حين لم تتأكد زيارة عبداللهيان لبغداد، كشف المصدر أن قآني قدم تقريراً لخامنئي بعد زيارته للعاصمة العراقية، اعتبر فيه أنه إذا استمرت إيران في كبح حلفائها على أساس «الصبر الاستراتيجي»، فمن الممكن جداً أن تخرج الأمور عن سيطرتها، لأن قسماً من الحلفاء بدأ يتذمر «سراً وعلناً» من هذه السياسة، ويمكن في أي لحظة أن يلجأ أحدهم إلى خطوات غير منسقة، تماماً كما حصل بالنسبة للهجوم على «البرج 22» في الأردن. وأضاف أن قآني أبلغ المرشد أنه بعد الاغتيالات الأميركية في العراق، «لا صوت يعلو فوق صوت الثأر»، وأن بعض حلفاء طهران واجهوه بغضب عندما زار العاصمة العراقية عقب هجوم الأردن، ورفضوا طلبه بضبط النفس. ولفت إلى أن الأمين العام لـ «الأعلى للأمن القومي» علي أكبر أحمديان، الذي أجرى بدوره زيارة لبغداد، استمع باهتمام إلى آراء المسؤولين العراقيين السياسيين، الذين طالبوه بضرورة تعاون طهران مع الحكومة العراقية لخفض التوتر بين الأميركيين والفصائل العراقية، مضيفاً أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أبلغ أحمديان أنه إذا أوقفت الفصائل هجماتها ولم تقم الولايات المتحدة بالمثل، فإن حكومته ستعلن انتهاء حاجتها لقوات التحالف الدولي، وتبدأ المطالبة بخروجهم من العراق فوراً دون انتظار نتيجة المفاوضات التي انطلقت بالفعل حول تحديد جدول زمني للانسحاب. من ناحية أخرى، وبينما أجرى عبداللهيان زيارة لقطر، كشف المصدر أن دولاً عربية طرحت أن تلعب دور الوساطة بين إيران والولايات المتحدة للتهدئة، وأن طهران كررت لهذه الدول عدم رغبتها في التصعيد بالمنطقة، وأكدت أن الهدف من جولة عبداللهيان هو الطلب من قادة «جبهة المقاومة» الاستمرار والالتزام بسياسة الصبر الاستراتيجي، والتأكد من أنهم يستمرون بالعمل في إطار التنسيق المشترك. وفي بيروت، أكدت مصادر دبلوماسية لـ «الجريدة»، أن عبداللهيان شدد خلال زيارته للبنان، التي التقى خلالها الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله على ضرورة التهدئة. وبحسب هذه المصادر، لا تنفصل جولة عبداللهيان وزيارة أحمديان لبغداد عن المفاوضات القائمة بين طهران وواشنطن في سلطنة عُمان، والتي تناقش ملفات متعددة، أبرزها الهدنة في غزة، ومستقبل الساحات في اليمن وسورية والعراق ولبنان. وتعتقد هذه المصادر أن ما يريده الجانب الإيراني هو تحقيق انسحاب أميركي من سورية والعراق كقوات قتالية، لا بالمعنى السياسي، فتكون نتيجة ذلك الاعتراف الأميركي بالدور الإيراني في المنطقة. ولفت خبراء إلى أن مصالح «حزب الله» اللبناني متسقة تماماً مع هذا الخط الإيراني رغم التصعيد الإسرائيلي المتواصل، الذي كان آخر محطاته أمس عندما قتلت مسيّرة إسرائيلية المسؤول الأمني في الحزب خليل فارس، ونجا منها القيادي في حركة حماس باسل الصالح في منطقة جدرا شمال مدينة صيدا (60 كلم من الحدود الجنوبية) في ثاني أعمق نقطة تستهدفها إسرائيل حتى الآن بعد اغتيال القائد في «حماس» صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية. وبحسب هؤلاء لا يشكل الحوثيون في اليمن خطراً حقيقياً لناحية إمكانية التسبب في صدام أميركي ــ إيراني، في حين يكمن التحدي الكبير أمام إيران في العراق. وكانت «كتائب حزب الله ــ العراق» أعلنت أمس الأول، انتهاء تعليق العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية بعد اغتيال القيادي الرفيع في «الكتائب» أبوباقر الساعدي بغارة أميركية. وكانت «الكتائب» علقت عملياتها بعد هجوم الأردن الذي حمّلتها واشنطن مسؤوليته.