العملية الأميركية في بوكمال أوقفت اجتياحاً سورياً محدوداً للبنان

تاريخ الإضافة الجمعة 31 تشرين الأول 2008 - 1:37 م    عدد الزيارات 8006    التعليقات 0    القسم عربية

        


إيلي الحاج - بيروت:

قال دبلوماسي عربي في بيروت لـ" إيلاف " إن معلومات تقاطعت لدى بلاده فحواها أن الغارة الأميركية على منطقة بوكمال قرب حدود سورية مع العراق كان القصد منها أبعد من ضرب مركز حلقة إرهابية تنشط في العراق، ويشمل تحديدًا توجيه رسالة واضحة إلى دمشق تختصر بأن المرحلة الحالية "لا فراغ فيها".

وأوضح أن واشنطن وعواصم دول أخرى تلقت بالتواتر معلومات عن أن دمشق بنت في المرحلة القريبة الماضية حسابات ترتكز على أن الإدارة الأميركية في هذه الحقبة الإنتخابية بامتياز على مستوى رئاستها باتت في حالة شبه غيبوبة ، وأن إسرائيل في المقابل في حالة شبه فراغ في الحكم بعد عجز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني عن تشكيل حكومة واللجوء إلى انتخابات مبكرة في شباط / فبراير المقبل، وبالتالي أن المرحلة والظروف مثالية لتوجيه ضربة قاصمة إلى خصوم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في لبنان ممثلين بقوى 14 آذار/ مارس من خلال عملية عسكرية خاطفة تحت ستار ضرب أوكار للإرهاب في شمال لبنان تتحرك في سورية، ومن أعمالها التفجير الأخير في دمشق.

ولفت إلى ان النظام السوري كان- وفق المعلومات التي لا يدري مدى دقتها- سيدرج العملية في إطار ملاحقة إرهابيين خارج الحدود، تمامًا كما تفعل تركيا مع العناصر الكردية المسلحة في شمال العراق، والجيش الأميركي مع مسلحي "طالبان" وتنظيم "القاعدة" على حدود باكستان مع أفغانستان تحت شعار "تجفيف منابع الإرهاب"، وكذلك ما فعل الجيش الروسي في جورجيا أخيرًا، نظرًا إلى مصالح روسيا الإستراتيجية في ذاك البلد، والتي دافع عنها الأسد الإبن قائلاً إن لبلاده مصالح ووضعًا مماثلاً مع لبنان.

واستنتج أن دمشق إذا كانت قد فكرت فعلاً في سيناريو من هذا النوع فتكون تمارس سياستين متناقضتين حيال بيروت، فمن جهة تعلن قيام العلاقات الدبلوماسية مع لبنان للمرة الأولى في تاريخ البلدين الحديث، ومن جهة تعد لإعادة سيطرة مقنعة عليه. وأوضح الدبلوماسي أن المعلومات عن العملية العسكرية السورية الخاطفة والتي أعدت لها منذ أسابيع الحشود اللازمة، تفيد أنها كانت ستصل إلى طرابلس في شمال لبنان، وفي البقاع إلى بلدة شتورا التي تتحكم بموقعها في بقعة واسعة من البلاد ، على أن تستمر أياماً عدة تخرج بعدها دمشق قواتها ومعها عدد ممن تعتبرهم إرهابيين محتملين، ولا تفرج عنهم إلا بعد أشهر ومفاوضات وفرض شروط سياسية يفيد منها حلفاؤها.

وقال إن ما يجعل دمشق مستعدة لمثل هذه المجازفة الخطرة هو اعتبارها أن حلفاءها في لبنان بقيادة "حزب الله" باتوا في موقع المنتصر عملياً بعد حوادث أيار / مايو الماضي في بيروت وبعض الجبل، ولكن ينبغي تثبيت إنتصارهم وترجمته في مجلس النواب المقبل من خلال الإنتخابات التي ستجري في ايار / مايو المقبل. وتريد دمشق بأي طريقة أن تكون لحلفائها الأكثرية في البرلمان لتضمن قيام حكومة حكومة موالية لها إلى حد كبير تساهم بفاعلية مع الحكومة السورية في عملية سياسية ودبلوماسية واسعة ودؤوبة تقودها دمشق بهدف التوصل إلى الإسقاط النهائي لطوق العزلة الذي فرض عليها بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري قي 14 شباط / فبراير2005.

في سياق موازٍ نقل الدبلوماسي العربي لـ"إيلاف" عن زملاء له في بعثات عربية وغربية في دمشق قولهم إن الجو العام للنظام والحكومة في سورية يوحي استياء كبيراً ولكن مكبوتاً حيال دول خليجية، لا سيما منها المملكة العربية السعودية، التي لم تستنكر بل لزمت الصمت الرسمي بعد العملية العسكرية الأميركية في البوكمال، تماما كما فعلت بعد انفجار السيارة المفخخة في دمشق أخيراً. وأضاف أن القيادة السورية تعتبر إهمال المملكة ذكرها لا سلباً ولا إيجاباً على أنه موقف شديد السلبية والقسوة، خصوصاً في الظروف التي تتعرض فيها لضربات.

وكانت هذه القيادة أملت في ملامح إيجابية تجاهها بعد كلام وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الأسيوع الماضي على أن لا لزوم لوساطات بين الرياض ودمشق، وارادت أن تفسر هذه العبارة على أنها مقدمة لإعادة فتح ابواب السعودية أمامها ، ولكن سرعان ما اتضح لديها أن كلام الوزير السعودي يعني فعلاً أن لا مجال لانفتاح عليها ما دامت مقيمة على سياساتها ومواقفها ، سواء في التحالف مع إيران أو في الإستمرار بالتدخل في شؤون لبنان، فضلاً عن العلاقات مع تنظيمات متطرفة في العراق وفلسطين.

وقال الدبلوماسي إن بيان مجلس الوزراء السعودي الإثنين المقبل قد يتضمن، على سبيل اللياقات، استنكاراً للغارة الأميركية على منطقة البوكمال، لكن المسألة ليست في الإستنكار أم عدمه . والخشية كل الخشية أن تكون دمشق تبني فعلاً مرة أخرى حسابات أقل ما يقال فيها إنها غير عقلانية تؤدي بها وبلبنان إلى مهالك غير محسوبة ولا يمكن التكهن بأخطارها الشديدة وتداعياتها ، تماما كما حصل في المرحلة من منتصف عام 2004 وأوصلت إلى اغتيال الرئيس الحريري وما تلاه من تداعيات . ودعا إلى مراقبة إنعكاسات هذه الأوضاع على الإقتصاد السوري محذراً من انعكاسات هائلة عليه بعدما قرّ الرأي في دوائر عالمية مؤثرة على أن النظام السوري لا يسير إلا بأسلوب الزجر.

واستشهد بقرار سوري في إحدى المراحل قبل أكثر من سنة بفرض حصار بري على لبنان من خلال تشديد الإجراءات على المعابر البرية إليه مما قطع حركة العبور تقريباً بينهما ، فما كان من الأميركيين إلا أن طبقوا إجراءات مماثلة على الحدود العراقية مع سورية التي بادر نظامها بسرعة على الأثر إلى رفع القيود عن حرية الحركة على المعابر مع لبنان. وقال الدبلوماسي إن الوضع مشابه اليوم لما كان بالأمس.


المصدر: جريدة إيلاف الإلكترونية - العدد 2719

ملف فلسطين وغزة..في ذكرى 7 أكتوبر..

 الإثنين 7 تشرين الأول 2024 - 5:03 ص

الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة.. لا يهمهم مَن يحكم القطاع بعد وقف القتال..والهجر… تتمة »

عدد الزيارات: 172,986,748

عدد الزوار: 7,720,361

المتواجدون الآن: 0