القانون الجديد للجولان والقدس: حبل نجاة لنتانياهو... قد يلتف على عنقه

تاريخ الإضافة السبت 27 تشرين الثاني 2010 - 5:58 ص    عدد الزيارات 3651    التعليقات 0    القسم دولية

        


القانون الجديد للجولان والقدس: حبل نجاة لنتانياهو... قد يلتف على عنقه
الجمعة, 26 نوفمبر 2010
القدس المحتلة - امال شحادة

لم تكن موافقة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، على تقديم مشروع قانون الجولان الى الكنيست للمصادقة عليه، في هذا الوقت بالذات، مصادفة. فقد وجد نتانياهو في هذا المشروع «حبل نجاة» في المعركة الداخلية التي يخوضها مع رفاقه في معسكر اليمين الإسرائيلي بشكل عام وداخل حزبه «ليكود» بشكل خاص، فمأزقه يتصاعد كلما ازداد الضغط الأميركي والدولي للمصادقة على الصفقة الأميركية لتجميد البناء الاستيطاني واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وبدعمه لهذا القانون، الذي يكرس الاحتلال ويصعب امكانات التخلي عنه، يرمي نتانياهو للدفاع عن نفسه والظهور كما انه ما زال على المسافة القريبة نفسها من ذلك اليميني المتطرف المشبع بمواقف الأحزاب الصهيونية التقليدية التي تضع في رأس اولوياتها تخليد الاحتـلال حتـى لو كان ثمن ذلك احباط عملية السلام.

ان ابرز ما يظهر في هذا القانون هو انه يكرس مجدداً خرق اسرائيل للقانون الدولي، الذي يحرم تغيير الواقع السيادي للأراضي المحتلة. ويعطي للشعب الإسرائيلي، الذي يمثل هذا الاحتلال، حق تقرير مصير هذه الأراضي وسكانها من دون الأخذ في الاعتبار موقفهم وإرادتهم. وهذا التصرف الاستفزازي بحد ذاته يكفي لإظهار النوايا الاحتلالية التي تجعل من جهود السلام مهمة شبه مستحيلة. فهي استفزاز وتحد لكل من سورية، صاحبة الجولان، وفلسطين، صاحبة القدس. إلا ان نتانياهو لم ير هذه الصورة، واعتبر ان القانون يضمن الأخذ برأي الشعب وعدم تغييبه وأنه يمنع التوصل الى اية اتفاقية سياسية «غير مسؤولة» وسيضمن المصالح القومية للدولة العبرية.

لكن البحوث التي أجريت في الكنيست الإسرائيلي حول القانون، كشفت ان «حبل النجاة» الذي يمسك به نتانياهو، قد يلتف على عنقه، إن لم يكن اليوم ففي يوم آخر قريب. أحد المقربين جداً منه ، دان مريدور، وهو وزير شؤون الاستخبارات وأحد الوزراء السبعة الذين يديرون الحكومة الإسرائيلية في القضايا الكبرى والمصيرية، والذي وقف ضد القانون وعارضه بشكل علني، حذر من ابعاد هذا القانون، ليس فقط من الناحية السياسية وتأثيره على المسيرة السلمية انما من الناحية القانونية ايضاً. وبحسب مريدور فإن توقيت ارسال الاقتراح الى الكنيست غير مناسب والمصادقة عليه تعكس صورة في غير مصلحة اسرائيل. ولفت الى ان هناك قوانين عدة أقرتها اسرائيل في الماضي ضمت بموجبها القدس وهضبة الجولان الى حدود اسرائيل وقال: «لا يجوز ان تفرض اسرائيل سيادتها على مناطق وفق قانون معين ثم يتم الانسحاب منها وفق قانون آخر يحكمه استفتاء شعبي».

وعبر وزير الدفاع، ايهود باراك، زعيم حزب العمل عن خشيته من ان قانوناً كهذا سيظهر اسرائيل دولة رافضة للسلام وسيحبط الجهود التي بذلت على مدار أشهر طويلة لتغيير صورتها في المجتمع الدولي. ويتخوف باراك من ان يضع القانون الحكومة الإسرائيلية في حال التوصل الى اتفاق سلام في مواجهة هيئات دولية لحسم الموضوع. اضاف باراك: « لست متأكداً من انه لن يستغله عدد من اعدائنا كمحاولة للحضّ او الادعاء بأن اسرائيل تكبل نفسها او انها تكبل ايدي الحكومة لدى بحثها تسويات سياسية».

وأما رئيس الكنيست، روبي رفلين، وهو من حزب نتانياهو، فقال ان القانون يشكل مساساً بمكانة الكنيست ويجردها من صلاحيتها.

ومع ان الولايات المتحدة ترفض قرار اسرائيل ضم الجولان والقدس، إلا ان رد فعلها على القانون المذكور كان ليناً جداً ومستهجناً، اذ اعتبرت ان القانون مسألة اسرائيلية داخلية. وإزاء هذا الموقف، تشجع نتانياهو واعتبر الموقف الأميركي انجازاً له، ما جعله يستخف بالموقف الأوروبي الناقد للقانون.

ولكن، هناك أيضاً من أشار إلى أخطار أخرى للقانون لم يحسبها نتانياهو، أو انه لم يعطها الاهتمام اللازم عندما سارع الى تقديمه الى الكنيست، تتمثل في الأمور الآتية:

الأول – إن مجرد طرح القانون على الكنيست اليوم، يعيد الى الأذهان الإسرائيلية ما هو غائب عنها. ففي اسرائيل يتعاملون مع القدس الشرقية والجولان على انهما جزء لا يتجزأ من اسرائيل. أجيال عديدة من الإسرائيليين ولدت بعد أن أقرت القوانين التي تم ضم الجولان والقدس بموجبها الى اسرائيل، ولا تعرف انهما منطقتان محتلتان. وطرح القانون مع هذه الضجة الإعلامية أحيا واقع أن المنطقتين ليستا اسرائيليتين وإنهما في يوم من الأيام ستطرحان على جدول البحث للانسحاب الإسرائيلي منهما وإعادتهما الى أصحابهما.

الثاني – إن الاستفتاء الشعبي في اسرائيل سيعطي لمواطنيها العرب (فلسطينيي 48)، الحق في الحسم في قضايا اسرائيلية مصيرية. فهؤلاء العرب ممثلون اليوم في الكنيست بواسطة عشرة نواب من مجموع 120 (أي ان تأثيرهم يعادل ما نسبته 9 في المئة من البرلمان). ولكن في حال اللجوء الى استفتاء شعبي، تكون نسبتهم 15 في المئة، اذ ان أصحاب حق الاقتراع العرب في اسرائيل يشكلون نسبة 15 في المئة من المصوتين. فإذا افترضنا ان المصوتين اليهود انقسموا على أنفسهم الى نصفين، نصف يؤيد الانسحاب من القدس وقسم يرفض الانسحاب، فإن المصوتين العرب سيحسمون هذا النقاش لمصلحة الانسحاب.

والأمر نفسه ينطبق على الجولان. فالعرب في اسرائيل بغالبيتهم الساحقة يصوتون لأحزاب معارضة، ولا يعقل ان يؤيدوا تخليد الاحتلال.

الثالث - خطة نتانياهو المتمثلة بإرضاء اليمين من طريق طرح هذا الاستفتاء حول الانسحاب من الجولان والقدس، لم ولن تكفي قوى اليمين والمستوطنين، بل ستزيد من مطالبهم في المزيد من القوانين والقرارات التي تصب في مصلحة المشاريع الاستيطانية التوسعية.

وقد أعلن أحد مؤيدي القانون، النائب داني دنون، من الليكود انه يرى ان نتانياهو يسير حالياً في الاتجاه الصحيح وأنه ورفاقه في اليمين يعدون لسلسلة قوانين وإجراءات تضع حداً لنظام اليسار الإسرائيلي وتعيد للمواطنين اليهود في اسرائيل آمالهم في التشبث بأراضي الضفة الغربية وإجهاض فكرة قيام الدولة الفلسطينية. بينما قال موشيه أرنز، وهو الذي شغل منصب وزير الدفاع في حكومة مناحيم بيغن ويعتبر أستاذ نتانياهو في أيام شبابه، ان سن القانون الجديد يعيد الأمل في أن يستيقظ نتانياهو ويتوقف عن الرضوخ للضغوط الأميركية. وأضاف ان الإدارة الأميركية في زمن الرئيس رونالد ريغان اتخذت موقفاً شديد اللهجة ضد قرار اسرائيل ضم الجولان في عام 1981، ولكن مناحيم بيغن سافر الى واشنطن وأوضح هناك ان «اسرائيل دولة مستقلة، لها نظامها الديموقراطي وليست دولة موز تابعة للولايات المتحدة». وقد رضخ ريغان لهذا الموقف، وأشاد ببيغن وقال عنه انه «قائد قوي». ونصح أرنز تلميذه نتانياهو بأن يصمد في وجه الضغوط الأميركية على طريقة بيغن.



القدس والجولان في تاريخ الاحتلال

بعد ثلاثة اسابيع من الاحتلال، سنت سلطاته قانوناً خاصاً بضم مدينة القدس الشرقية الى اسرائيل، وكان ذلك في يوم 27 حزيران (يونيو) 1967. وفي اليوم التالي سنّ الكنيست قانوناً ثانياً يفرض على القدس صلاحيات القضاء الإسرائيلي. وفي اليوم الثالث (29 ) سنّ قانوناً ثالثاً يقضي بحل «مجلس أمانة القدس» الذي كان الأردن قد أقامه لإدارة شؤون المدينة وطرد رئيسه، روحي الخطيب، وألغى كل القوانين الأردنية السارية. وخلال السنوات التالية تم سن 15 قانوناً آخر لتثبيت الاحتلال وتهويد المدينة وجعلها جزءاً من عاصمة اسرائيل.

أما الجولان السوري المحتل، فقد جاء دوره في الرابع عشر نتانياهو وكلينتون.jpg من كانون الأول (ديسمبر) 1981، حيث عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغن، على الكنيست «قانون الجولان» الذي بموجبه ضمت اسرائيل هضبة الجولان إلى منطقة نفوذها. وقد جاء في مادته الأولى «يسري قانون الدولة وقضاؤها وإدارتها على منطقة مرتفعات الجولان». و حاز المشروع، بعد مناقشة قصيرة وسريعة في الكنيست، تأييد 63 عضواً ومعارضة 21 نائباً. وقدم بيغن المشروع بخطاب زيّف فيه التاريخ وقال: «لن نجد في بلدنا أو خارجه رجلاً جاداً درس تاريخ أرض إسرائيل في وسعه أن يحاول إنكار أن هضبة الجولان كانت على مر أجيال كثيرة جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل. لقد كان من الواجب إذن أن يمر خط الحدود الشمالية لأرض إسرائيل التي دعيت باللغة الأجنبية باسم فلسطين، في تصريح بلفور وفي الانتداب الدولي، بهضبة الجولان».
 


المصدر: جريدة الحياة

ملف فلسطين وغزة..في ذكرى 7 أكتوبر..

 الإثنين 7 تشرين الأول 2024 - 5:03 ص

الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة.. لا يهمهم مَن يحكم القطاع بعد وقف القتال..والهجر… تتمة »

عدد الزيارات: 172,893,351

عدد الزوار: 7,716,512

المتواجدون الآن: 0