أخبار مصر وإفريقيا..هجمات البحر الأحمر تثير مخاوف بشأن عائدات قناة السويس المصرية..ترقب مصري عقب إعلان إثيوبيا دخول «سد النهضة» مرحلته النهائية..لماذا أثار تملك الأجانب للأراضي الصحراوية في مصر جدلاً؟..البرهان: لا مصالحة مع قوات الدعم السريع..مَن هو «الداعشي» أبو سدرة الذي أوقفته سلطات طرابلس؟..«الاتحاد الدولي للصحافيين» يدين «ترهيب صحافيي تونس»..موريتانيون يلجأون إلى العمل في خدمة التوصيل هرباً من البطالة..تحديات فرنسا لترميم نفوذها المتهالك في بلدان الساحل..
السبت 6 كانون الثاني 2024 - 7:45 ص 600 0 عربية |
هجمات البحر الأحمر تثير مخاوف بشأن عائدات قناة السويس المصرية..
بعد إعلان «ميرسك» الدنماركية تحويل مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح..
الشرق الاوسط..القاهرة: فتحية الدخاخني.. جدد إعلان شركة الشحن الدنماركية «ميرسك» وقف رحلاتها عبر قناة السويس المصرية، المخاوف بشأن تأثير الهجمات في البحر الأحمر على قناة السويس، التي تعدّ مصدراً رئيسياً للدخل في مصر، فضلاً عن تأثير الهجمات على حركة التجارة العالمية في «ظل زيادة زمن وتكلفة الشحن؛ ما ينذر بزيادات في الأسعار». وقالت «ميرسك» في بيان صحافي، الجمعة: إن «جميع سفن الشركة التي كان من المقرر أن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن ستتحول جنوباً لتدور حول طريق رأس الرجاء الصالح في المستقبل القريب». وأضافت أن «الوضع يتطور باستمرار وما زال (هشاً جداً)، وجميع المعلومات المتوافرة تؤكد أن المخاطر الأمنية ما زالت مرتفعة المستوى جداً». وأعربت «ميرسك» في بيانها عن «أملها في التوصل إلى حل مستدام في المستقبل القريب». وقالت إنها «تبذل كل ما في وسعها للمساهمة في تحقيقه». وحثت الشركة عملاءها «على الاستعداد لاستمرار التعقيدات في المنطقة وحدوث اضطراب كبير في شبكة الشحن العالمية». ووفق مراقبين، «جاء قرار (ميرسك) الدنماركية ليقلص الآمال بعودة الأمور إلى طبيعتها والتي تزامنت مع إعلان الشركة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحديد مواعيد لمرور سفن الحاويات التابعة لها عبر قناة السويس المصرية خلال الأسابيع القليلة المقبلة». لكن هجوماً على إحدى سفنها الأحد الماضي دفعها للعودة عن ذلك القرار. وقال خبير الأمن القومي والشؤون الأفريقية المصري، محمد عبد الواحد، لـ«الشرق الأوسط»: إن هجمات «جماعة الحوثي» في البحر الأحمر وإن كانت «رمزية»، فإنها «أربكت المنطقة بالكامل، ليس فقط منطقة البحر الأحمر جغرافياً، بل النطاق الجيو - سياسي للدول المستفيدة منه». وأضاف عبد الواحد، أن التهديدات الأمنية في البحر الأحمر «كان لها تداعيات كارثية على حركة الملاحة والتجارة الدولية، وتسببت في ارتفاع تكلفة الشحن وزيادة مدة الرحلات بعد تغيير مسار الحاويات للدوران حول أفريقيا»، إضافة إلى «تعطل حركة ناقلات النفط المتجهة إلى أوروبا؛ ما ينذر بأزمة كبرى»، لافتاً إلى أن «قناة السويس المصرية بدأت تتأثر تدريجياً بتلك التهديدات مع تراجع معدلات السفن المارة عبرها». وهو ما أكده أمين عام اتحاد الموانئ البحرية العربية، عصام الدين بدوي، بقوله لـ«الشرق الأوسط»: إن استمرار الهجمات في البحر الأحمر «سيكون له تأثير كبير على الملاحة في قناة السويس»، مشيراً إلى أنه «حتى منتصف ديسمبر الماضي لم تتأثر القناة كثيراً، لكن معدلات العبور تراجعت في الأسبوعين الماضيين». وانخفض معدل مرور حاويات الشحن عبر قناة السويس خلال الفترة من 24 ديسمبر وحتى 2 يناير (كانون الثاني) الحالي بنسبة 28 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حسب تقرير أعدته منصة «بورت ووتش» التابعة لصندوق النقد الدولي بالتعاون مع جامعة أكسفورد. وذكرت المنصة، أن «هذا يتوافق مع تحويل مسار 3.1 من المائة من التجارة العالمية بعيداً عن البحر الأحمر». ووصفت «بورت ووتش» البحر الأحمر بأنه «ممر مهم»، حيث «تعبره أكثر من 19 ألف سفينة سنوياً». لكن بدوي يرى أن «التراجع الأخير ربما يعود لنهاية عام وبداية آخر، حيث تتم مراجعة تعاقدات النقل»، مشيراً إلى أن «التقييم الفعلي لتأثير تلك التهديدات الأمنية سيكون بحلول منتصف الشهر الحالي»، مؤكداً أن «تحقيق السلام في المنطقة، هو مفتاح الحل لوقف أي هجمات وتهديدات أمنية». ويمر عبر قناة السويس ما يقرب من ثلث شحنات سفن الحاويات عالمياً، وقد «يكلف إعادة توجيه السفن حول أفريقيا وقوداً إضافياً بما يصل إلى مليون دولار للرحلة الواحدة ذهاباً وإياباً بين آسيا وشمال أوروبا»، بحسب المراقبين. وكانت شركات شحن كبرى أصدرت تعليمات لسفنها بتغيير مسارها، وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار شحن الحاويات بين آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، حيث ذكر موقع «فريتوس دوت كوم»، وهو منصة متخصصة في حجز البضائع ودفع ثمنها، الأربعاء الماضي، أن «السعر الفوري لشحن البضائع في حاوية طولها 40 قدماً من آسيا إلى شمال أوروبا تجاوز 4 آلاف دولار»، في ارتفاع بنسبة 173 في المائة عما كان عليه قبل منتصف ديسمبر الماضي. وأشار إلى أن «بعض شركات الشحن أعلنت عن أسعار تتجاوز 6 آلاف دولار بداية من منتصف يناير الحالي». وذكرت «ميرسك» الشهر الماضي، أنها فرضت رسوماً إضافية للنقل في وقت الاضطرابات ورسوماً إضافية لموسم الذروة؛ ما يضيف 700 دولار في المجمل على تكلفة سفر حاوية قياسية بطول 20 قدماً من الصين إلى شمال أوروبا. وكان رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، قد أعلن في وقت سابق الشهر الماضي، أن «55 سفينة حولت مسارها بالفعل للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح خلال الفترة من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحتى منتصف ديسمبر الماضي»، لكنه أكد أن «هذه نسبة ضئيلة مقارنة بعبور 2128 سفينة قناة السويس خلال هذه الفترة نفسها». ورداً على هجمات «الحوثي»، أطلقت الولايات المتحدة في 1 ديسمبر الماضي عملية «حارس الازدهار» متعددة الجنسيات بهدف حماية حركة التجارة في البحر الأحمر، لكن الكثير من شركات الشحن ما زالت تحول سفنها حول أفريقيا بسبب استمرار الهجمات. وهنا أشار عبد الواحد إلى أن التحالف العسكري الذي شكّلته الولايات المتحدة «له أهداف أخرى، بخلاف حماية الملاحة في البحر الأحمر، وهو مع جعل عدد من الدول تبدي تحفظات بشأن الانضمام فيه من بينها مصر»، موضحاً أن «التحالف يأتي رغبة من واشنطن ودول أخرى في السيطرة على أهم الممرات المائية في العالم، في إطار الصراع الجيو - سياسي بين أميركا والغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى»، إضافة إلى «رغبة أميركية في إعادة ترتيب الأوضاع في اليمن». وأشار إلى أن «(عسكرة) البحر الأحمر لن تكون مجدية في ردع هجمات (الحوثي)». ومنذ 18 نوفمبر الماضي، تعرّضت نحو 25 سفينة تجارية كان تبحر في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن إلى هجمات. ودعت 12 دولة «جماعة الحوثي» الأربعاء الماضي، إلى «الوقف الفوري لهجماتهم غير القانونية «على السفن في البحر الأحمر، محذّرة من عواقب ذلك. وتؤكد «جماعة الحوثي»، أنها «ستواصل استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو تلك المتّجهة إلى موانئ إسرائيلية، رداً على الحرب المستمرة على قطاع غزة».
ترقب مصري عقب إعلان إثيوبيا دخول «سد النهضة» مرحلته النهائية
بعد أسبوعين من تأكيد القاهرة «انتهاء مسار المفاوضات»
الشرق الاوسط..القاهرة: محمد عجم.. تترقب الأوساط المصرية «السيناريوهات المحتملة» في ملف «سد النهضة» الإثيوبي، وذلك عقب إعلان إثيوبيا، الجمعة، دخول «سد النهضة» مرحلته النهائية. في حين رفض برلمانيون وخبراء مصريون الإعلان الإثيوبي بشأن «السد»، وما زعمته أديس أبابا بشأن أن «موقفها هو إجراء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق». وسبق أن أكدت مصر قبل أسبوعين «انتهاء مسار المفاوضات» بعد «فشل» جولة أخيرة من المفاوضات جرت في أديس أبابا بين مصر والسودان وإثيوبيا، الشهر الماضي. ونقلت اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الإثيوبي لـ«سد النهضة» عن وزير الخارجية الإثيوبي، دمقي مكونن، الجمعة، قوله: إن «الإثيوبيين نقلوا (السد) إلى مرحلته النهائية»، مشيراً إلى أن «بناء (السد) وصل حالياً إلى 94.6 في المائة»، وفق ما أعلنته هيئة البث الإثيوبية (فانا). وأكد مكونن، أنه جرى عقد أربع جولات من المحادثات الثلاثية التي ضمت إثيوبيا ومصر والسودان في الأشهر الماضية، «لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة». وأضاف أن «موقف إثيوبيا الثابت هو إجراء المفاوضات على أساس المبادئ والتوصل إلى اتفاق». وكانت مصر، ممثلة في وزارة الري والموارد المائية، أعلنت في التاسع عشر من الشهر الماضي انتهاء الاجتماع الرابع والأخير من مفاوضات «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا، والذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، دون تحقيق أي نتائج. وقالت: إنه في ضوء المواقف الإثيوبية «تكون المسارات التفاوضية قد انتهت». كما أكدت «الري المصرية» أن «مصر ستراقب من كثب عملية ملء وتشغيل (سد النهضة)، وتحتفظ بحقها في الدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر». وردت الخارجية الإثيوبية، حينها، قائلة في بيان: إنها «بذلت جهوداً، وتعاونت بشكل نشط مع دولتي المصب لحل نقاط الخلاف الرئيسية، والتوصل إلى اتفاق ودي». وتخشى مصر أن يلحق «السد» ضرراً بحصتها من المياه، والتي تحصل على أغلبها من النيل الأزرق، في حين تتزايد مخاوف السودان من تضرر منشآته المائية، وتناقص حصته من المياه. ورأى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، التصريحات الإثيوبية الأخيرة بشأن إجراء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق، أنها «نوع من المماطلة، ومحاولة لكسب الوقت»، مؤكداً أن مصر طوال السنوات الماضية «لم تلحق ضرراً بإثيوبيا، ولم تحمل أي ضغينة تجاهها»، لافتاً إلى أن «ما تطالب به مصر وتتفاوض عليه، هو الكيفية التي سيتعامل بها الأطراف الثلاثة في سنوات العجز المائي والجفاف». وأضاف إمام لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضرر الأكبر من هذه المماطلة يقع على الجانب الإثيوبي، فـ(سد النهضة) لن يكفي وحده لتوليد الكهرباء، وبالتالي ستلجأ إلى إنشاء سدود أخرى، وهو الأمر الذي لن تسمح به مصر مستقبلاً، ما دام لم يتم الاتفاق بشأن (السد) الحالي، وبالتالي تضع إثيوبيا نفسها في مأزق مستقبلاً». وبدأت إثيوبيا في تشييد «سد النهضة» على نهر النيل الأزرق عام 2011؛ بهدف توليد الكهرباء. واستبعد إمام «دخول مصر في مفاوضات جديدة بشأن (سد النهضة)؛ إلا إذا كان هناك تعهد وإبداء (نية حقيقية) من الجانب الإثيوبي»، لافتاً «لكن حال تكرار المواقف نفسها من دون حدوث تقدم ملحوظ، فلن يكون هناك أي داعٍ لجولات جديدة». من جانبه، قال أستاذ القانون الدولي بمصر، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، محمد محمود مهران، لـ«الشرق الأوسط»: إن «إعلان إثيوبيا دخول (سد النهضة) مرحلته النهائية، يأتي في سياق التصعيد والمناورات السياسية من جانب إثيوبيا، خاصة بعد فشل جولات المفاوضات الأخيرة بشأن آلية ملء وتشغيل (السد)». وحذر من أن «مواصلة إثيوبيا سياساتها (الأحادية) بشأن (السد) يهدد المنطقة ككل، في ظل تمسك مصر والسودان بحقوقهما المائية». وعدّ مهران أن إصرار إثيوبيا على المضي قُدماً في ملء «السد» من جانب واحد «ينتهك مبادئ القانون الدولي المياه»، مشدداً على «ضرورة التوصل إلى حل وسط يراعي مصالح الدول الثلاث». وتحدث مهران عن احتمالات تطور الملف خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى وجود «سيناريوهات محتملة» عدة، من بينها «لجوء مصر والسودان لمجلس الأمن الدولي مجدداً»، أو «عودة الأطراف لطاولة التفاوض والاستجابة لمبادرات الوساطة الدولية لإنقاذ المفاوضات والتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وهو السيناريو المرجح والمطلوب»، فضلاً عن سيناريو أخير، وهو «استمرار الوضع الراهن كما هو وغياب أي أفق لتسوية الأزمة، مع كسب إثيوبيا الوقت لإتمام ملء (السد) وبدء عمليات توليد الكهرباء».
لماذا أثار تملك الأجانب للأراضي الصحراوية في مصر جدلاً؟
بعد موافقة البرلمان على تعديل قانون حكومي
الشرق الاوسط..القاهرة : أحمد عدلي.. أثار التعديل التشريعي الذي أقره مجلس النواب المصري (البرلمان) على قانون حكومي «يمنح الأجانب حق تملك الأراضي الصحراوية»، جدلاً في بعض الأوساط السياسية المصرية، خشية من «تملك الأجانب قطع أراضٍ بمساحات كبيرة بربوع البلاد، خصوصاً في سيناء»، «ما يُعد تهديداً للأمن القومي المصري»، حسب بعض المراقبين. وبموجب التعديلات التي أدخلت على قانون «الأراضي الصحراوية» الصادر عام 1981 بشأن الأراضي الصحراوية، واعتمدها مجلس النواب في الجلسة العامة، الأربعاء الماضي، فإن المستثمر الأجنبي أصبح من حقه «الحصول على الأراضي اللازمة لمزاولة نشاطه أو التوسع فيه وفقاً لأحكام قانون الاستثمار من دون التقيد بشرط ألا تقل ملكية المصريين عن 51 في المائة من رأس مال الشركة ومن اقتصار التملك على المصريين فقط». وتعمل مصر على استهداف تنمية المناطق الصحراوية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة من خلال التوسع في إنشاء المدن الجديدة، وزيادة الرقعة الزراعية مع «وجود أكثر من 80 في المائة أرض صحراوية في البلاد»، حسب الإحصائيات الرسمية. وأكد رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، النائب محمد عطية الفيومي، لـ«الشرق الأوسط» أن «التعديل التشريعي الجديد يضمن حماية الأمن القومي المصري جيداً، والتعديلات التي أدخلت على القانون لا تنطبق على تملك الأراضي في سيناء، باعتبار أن سيناء تخضع لقانون آخر (يضع ضوابط مختلفة للتملك ويحظر تملك الأجانب)». ووفق القانون رقم 14 الصادر في عام 2012 بشأن «التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء» في مادته الثانية، فإنه يحظر «تملك الأراضي والعقارات المبنية بمناطق التنمية؛ إلا للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية وحدها من دون غيرها من أي جنسيات أخرى، ومن أبوين مصريين والأشخاص الاعتبارية المصرية (الشركات) المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين». وحدد القانون «ضوابط أخرى تفصيلية ودقيقة بشأن تملك المصريين أراضي في سيناء». وحسب الفيومي، فإن الحديث عن تعارض التعديل الجديد مع الأمن القومي المصري «خلط غير صحيح»، في ظل وجود «تناقض تشريعي» بين قانون «الاستثمار» وتعديلاته، وقانون «الأراضي الصحراوية»، الأمر الذي تطلب اعتماد التعديلات المقدمة من الحكومة المصرية لإنهاء التناقض وتسهيل جذب الاستثمارات الأجنبية. وتتضمن المادة السادسة من قانون «الاستثمار» المعدل عام 2017 النص على أحقية المستثمر في «إنشاء وإقامة المشروع الاستثماري وتوسيعه، وتمويله من الخارج من دون قيود، وبالعملة الأجنبية، كما يكون من حقه تملكه وإدارته». لكن عضو مجلس النواب المصري، النائب ضياء الدين داود، حذر من تداعيات إقرار القانون على المدى المتوسط والبعيد، خصوصاً مع «وجود ضغوط - لم يحددها - خلال العقود الماضية جرت ممارستها على الدولة المصرية من أجل السماح بتملك الأجانب للأراضي». وانتقد «تمرير تعديلات القانون، في وقت لا تزال فيه العديد من الأراضي الصناعية والمناطق الاستثمارية لم تنفد فيها قطع الأراضي المتاحة بالفعل». وتحدث داود عن تمرير التعديلات «من دون وضع قيود كافية ترتبط بالحصص التي يُمكن أن يحصل عليها المستثمرون الأجانب أو الشركات في المناطق الصحراوية، الأمر الذي قد يُهدد في المستقبل بامتلاك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والصناعية للأجانب». لكن الفيومي أكد أن «الحصول على الأراضي للاستثمار يخضع لمراجعات ودراسات من الجهات المعنية قبل الموافقة على استصدار أي قرار بالتخصيص للمستثمرين». بُعد آخر أشار إليه داود، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة ليست في «سيناء فقط التي لا تختص بها التعديلات الأخيرة بالفعل»، لكن في جميع المدن المصرية بما فيها المدن الحدودية مثل أسوان ومرسى مطروح، وهي «لا تقل أهميتها عن سيناء»، بالتالي لا يُمكن التعامل مع الأمر بشكل «متهاون»، لافتاً إلى أن «معارضة بعض النواب للحكومة لمنع تمرير تعديلات القانون لم تكن من باب (المناكفة السياسية)». ودلل على ذلك بأن «المعارضة وافقت من قبل على قوانين تُشجع الاستثمار على غرار قانون (المنطقة الاقتصادية لقناة السويس)، وغيرها من التشريعات الجاذبة للاستثمار». وخلال جلسة مناقشة مجلس النواب المصري لتعديلات القانون قبل تمريره، أكد وزير شؤون المجالس النيابية في مصر، علاء الدين فؤاد، أن «التعديلات القانونية هدفها جذب الاستثمارات الأجنبية لتوفير العملة الصعبة»، مشيراً إلى «عدم وجود ما يمس الأمن القومي المصري». وتستهدف مصر «تحقيق 12 مليار دولار استثمارات أجنبية في العام المالي الذي ينتهي 30 يونيو (حزيران) المقبل»، حسب تصريحات حكومية، في وقت يفترض أن تسدد فيه مصر نحو «42.3 مليار دولار خلال العام الحالي»، وفق بيانات البنك المركزي المصري، الشهر الماضي. وهنا أكد أستاذ الاقتصاد السياسي في مصر، كريم العمدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة المصرية تسعى لجذب مزيد من العملة الصعبة خلال الفترة الحالية، نظراً لعدم توفر الدولار» والدولار يساوي 30.8 جنيه مصري. لكنه أشار إلى أن العائد الاقتصادي من تعديل قانون بيع الأراضي الصحراوية «لا يمكن التنبؤ به في ظل عدم توافر معلومات كاملة عن المستثمرين الراغبين في شراء الأراضي والمساحات التي ستخصص لهم». عودة إلى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، الذي أكد أن الحكومة والبرلمان يسعيان لـ«تسريع وتيرة استهداف 100 مليار دولار استثمارات أجنبية بحلول عام 2030، وهو ما يتطلب تقديم كافة الحوافز للمستثمرين»، في «ظل وجود منافسة شديدة في المنطقة على جذب الاستثمارات الأجنبية»، لافتاً إلى أن تعديل القانون «خطوة من ضمن خطوات متعددة يجري تنفيذها». من جانبه، يشير العمدة إلى تحرك الحكومة المصرية بمسارين متوازيين، «الأول عبر تمرير تشريعات تستهدف خلق مصادر دائمة للعملة الصعبة على غرار تعديلات قانون (الأراضي الصحراوية)»، والثاني «مرتبط بالمبادرات المؤقتة التي تنفذها الحكومة على غرار مبادرة (استيراد سيارات المصريين بالخارج) مقابل ودائع دولارية تسترد بالجنيه المصري بعد 5 سنوات مع الحصول على إعفاء كامل من الجمارك والرسوم».
البرهان: لا مصالحة مع قوات الدعم السريع
الراي.. رفض قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان اتفاقا تم توقيعه بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية وجماعات سياسية، وتعهد بمواصلة الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر، وذلك في خطاب ألقاه أمام القوات اليوم الجمعة.
حميدتي في كيغالي... والخرطوم تستدعي سفراء احتجاجاً على استقباله
الطيران يقصف ود مدني بالبراميل المتفجرة ويصيب مدنيين ويدمر منازل
الشرق الاوسط..أديس أبابا: أحمد يونس بورتسودان: وجدان طلحة.. تواصلت زيارات قائد قوات «الدعم السريع» إلى دول أفريقية، لتحط طائرته في العاصمة الرواندية كيغالي، قادماً من جنوب أفريقيا. وهي سادس محطة أفريقية له بعد كمبالا (أوغندا) وأديس أبابا (إثيوبيا) ونيروبي (كينيا) وجيبوتي، ما دفع الخارجية السودانية إلى استدعاء سفيريها في كل من كمبالا ونيروبي، احتجاجاً على استقبال رؤساء تلك الدول لقائد «الدعم السريع» رسمياً. ويتوقع أن تمتد جولة حميدتي إلى بلدان أفريقية وعربية أخرى. من جهتها، استدعت الخارجية السودانية، يومي الخميس والجمعة، سفيريها في كل من نيروبي وكمبالا، احتجاجاً على الاستقبال الرسمي لقائد قوات «الدعم السريع» في البلدين. وقالت الخارجية في بيانين منفصلين إن استقبال حميدتي في العاصمتين كان استقبالاً رسمياً. ونقل البيانان عن وزير الخارجية المكلف علي الصادق، أنه استدعى سفيري السودان في نيروبي وكمبالا للتشاور، احتجاجاً على الاستقبال الرسمي لقائد «الميليشيا». وقال الصادق إن نيروبي وكمبالا تناسيتا ما أطلق عليه «الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها قواته المحلولة، والدمار الذي ألحقته بالبنى التحتية ومقدرات البلاد وممتلكات المواطنين»، وإن المشاورات مع السفير السوداني في نيروبي ستتناول «كلّ الاحتمالات لمآلات علاقات السودان مع كينيا، التي ظلّت منذ اندلاع الحرب الغادرة في البلاد، توالي التمرد وتستضيف قادته وداعميه، فضلاً عن التآمر مع القوى الإقليمية المعادية ضد السودان». واستقبل حميدتي استقبالات رسمية في كل من كمبالا وأديس أبابا ونيروبي وبريتوريا. وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي السودانية أن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، استقبل حميدتي استقبالاً رسمياً. ونقلت صفحة الرئاسة في جنوب أفريقيا عن رامافوزا أنه استقبل حميدتي بصفته «الرئيس محمد حمدان دقلو»، قبل أن تعود وتعدلها إلى قائد قوات «الدعم السريع».
اشتباكات ونهب وبراميل متفجرة
وفي ود مدني، عززت قوات «الدعم السريع» قواتها حول «الفرقة الأولى - مشاة» وقصر الضيافة وأمانة الحكومة، بينما انسحبت أعداد كبيرة من القوات من الأحياء السكنية في المدينة إلى خارجها، في اتجاه حدود ولاية الجزيرة مع ولاية سنار، وذلك وفقاً لشهود عيان، وقال سكان في قرى شرق ولاية الجزيرة إن قوات من «الدعم السريع» حاولت لليوم الثالث على التوالي الدخول إلى القرى ليلاً، لكن المواطنين تصدوا لها وصدوها، بعد أن تجمهروا في الطرقات ومداخل القرى والبلدات، فيما هاجم رجال سيارات ودراجات بخارية في قرى أم عليلة ومدينة رفاعة، ونهبوا سيارات بعض المواطنين. وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن الطيران الحربي شن هجمات عنيفة على مدينة ود مدني، وألقى عدداً من البراميل المتفجرة، سقط ثلاثة منها في حي الدباغة، شمال مدينة ود مدني، في منزل أحد المواطنين، ومبنى بالقرب من نادي الشعلة، وآخر قرب فندق إمبريال، وسقطت براميل متفجرة أخرى في أحياء المدينة، ما أدى لمقتل شخص واحد وإصابة امرأة على الأقل، ولم تصدر إحصائيات دقيقة عن حجم الإصابات. وتسيطر قوات «الدعم السريع» على ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني، منذ منتصف الشهر الماضي، بعد انسحاب الجيش من مقر «الفرقة الأولى - مشاة». وقال الجيش إنه يجري تحقيقاً مع قائد الفرقة اللواء أحمد الطيب لمعرفة ملابسات انسحاب قواته وتسليم المدينة لـ«الدعم السريع». ولم يتم الإعلان عن نتائج هذا التحقيق بعد.
كر وفر في أمدرمان
وفي العاصمة الخرطوم، حلق الطيران الحربي في مدن الولاية الثلاث، خصوصاً وسط الخرطوم. وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش أحرز تقدماً على الأرض في مناطق بأمدرمان، فيما نقل شهود للصحيفة أن مناطق «أم بدة» غرب أمدرمان، ومناطق الحارات الغربية في شمال أمدرمان، شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع»، منذ مساء أمس وحتى ظهر اليوم الجمعة، فيما قال مواطنون إنهم سمعوا أصوات اشتباكات متقطعة حول قيادة سلاح المدرعات جنوب الخرطوم. وتشهد مناطق عدة في أمدرمان انقطاع المياه منذ ثلاثة أشهر، وعدم استقرار التيار الكهربائي، وشكا مواطنون من ندرة السلع الغذائية والخضار، وبات مئات الآلاف مهددين بالجوع. وقال شاهد للصحيفة إن منطقة شمال أمدرمان المعروفة بمحلية كرري تعيش أوضاعاً سيئة منذ 5 أيام، واستمر تبادل القصف حولها بين الجيش المتمركز في شمال منطقة كرري العسكرية، وقوات «الدعم السريع» المتمركزة في جنوبها، ما أدى لانقطاع المياه، الأمر الذي يضطر المواطنين للمخاطرة بجلبها من النيل مباشرة وسط القصف. وظل الجيش يسيطر على المناطق الشمالية من أمدرمان، التي لم يغادرها معظم سكانها، وزادت كثافتها السكانية أخيراً بفرار المواطنين من المناطق الأخرى إليها، وتزايدت عمليات النزوح إلى المنطقة بعودة بعض النازحين إليها، لا سيما بعد سيطرة «الدعم السريع» على مدينة ود مدني وولاية الجزيرة.
مَن هو «الداعشي» أبو سدرة الذي أوقفته سلطات طرابلس؟
مصدر أمني قال إن اعتقاله «ضربة قاصمة للتنظيم الإرهابي»
الشرق الاوسط..القاهرة: جمال جوهر.. أعاد توقيف القيادي في تنظيم «داعش» الإرهابي، هاشم أبو سدرة، من قبل السلطات في العاصمة الليبية طرابلس، مأساة المصريين الأقباط العشرين، الذين ذبحهم التنظيم في مدينة سرت الساحلية عام 2015 إلى واجهة الأحداث. وأعلن «جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، مساء الخميس، توقيف «أبو سدرة»، والي تنظيم «داعش» في ليبيا، وقال إنه تكتم على كشف تاريخ اعتقاله في حينه لأن اقتلاع جذور التشدد والإرهاب كافة، ومكافحة كل منابعه في ليبيا، والظروف المعقدة التي واجهتهم في العمل لاصطياد الذئاب المنفردة... «تحتاج الحذر والهدوء». كما رحب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبد الحميد الدبيبة، الجمعة، باعتقال أبو سدرة، مؤكداً العزم على ملاحقة كل المتورطين في أعمال «الإرهاب». وقال الدبيبة في صفحته على «فيسبوك» إن «محاسبة المتغولين في دماء أبنائنا وملاحقة ناشري الإرهاب في أرضنا واجب وطني لن نحيد عنه». و«أبو سدرة» الملقب بـ«خبيب»، ليبي الجنسية، عُيّنَ مسؤولاً في التنظيم أميراً للحدود، كما يتولى بشكل مباشر بحسب «جهاز الردع» تسهيل دخول الإرهابيين إلى ليبيا وتنقلهم بين المدن، قبل أن يُكلّف أميراً للتنظيم على ما يُعرف بولاية ليبيا. وقال مصدر أمني بغرب ليبيا إن توقيف «أبو سدرة» يعد «ضربة قاصمة للتنظيم الإرهابي»، الذي تحدث عن «انحصاره في البلاد»، باستثناء «بعض الجيوب على أطراف جنوب ليبيا». وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له التحدث إلى وسائل الإعلام، أن عمليات تمشيط واسعة تجري على الحدود لتعقب أي من عناصر التنظيم. وسبق أن أعلنت السلطات الليبية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2017 العثور على رفات 20 مصرياً من الأقباط الذين ذبحهم «داعش». وروى شاهد عيان تفاصيل «تصوير وإخراج» عملية ذبحهم ودفنهم جنوب المدينة، تحت إشراف ما يسمى بـ«والي شمال أفريقيا» أبو معاذ التكريتي. ووفق ما نقله المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، التابعة لسلطات طرابلس، فإن التحقيقات حينها مع عناصر «داعش»، الذين قُبض عليهم، دلت على المقبرة الجماعية التي دُفنت فيها جثامين المصريين الأقباط. وقد روى أحد عناصر «داعش» للمركز أنه كان شاهد عيان على الجريمة المروعة؛ إذ كان جالساً خلف كاميرات التصوير ساعة الذبح، كما كان حاضراً ساعة دفنهم بجنوب سرت، وقال إنه في أواخر ديسمبر (كانون الأول) عام 2014 «كنت نائماً بمقر ديوان الهجرة والحدود بمنطقة السبعة بسرت، فأيقظني أمير الديوان هاشم أبو سدرة، وطلب مني تجهيز سيارته وتوفير معدّات حفر». وتابع «الداعشي» لقوات «البنيان المرصوص»: «توجه كلانا إلى شاطئ البحر خلف فندق (المهاري) بسرت، وعند وصولنا للمكان شاهدت عدداً من أفراد التنظيم يرتدون زياً أسود موحداً، و21 شخصاً آخرين بزي برتقالي، اتضح أنهم من الجنسية المصرية، ما عدا واحداً منهم أفريقياً». وفي نهاية عام 2016 أعلن رئيس حكومة «الوفاق» السابقة، فائز السراج، «تحرير» مدينة سرت من تنظيم «داعش»، لكنه أكد أن «الحرب على الإرهاب في ليبيا لم تنتهِ بعد». وفي أعقاب ذلك كشف النائب العام الليبي عن أسماء قادة تنظيم «داعش»، وفق التقسيمات الإدارية التي اعتمدوها آنذاك. وقال إن «التنظيم حدد أربعة دواوين مركزية للتنظيم في ليبيا؛ من بينها ديوان الهجرة والحدود، بإمرة هاشم حسين أبو سدرة، وهو ليبي الجنسية ومطلوب للعدالة». وأوضح «جهاز الرّدع» أنه «اكتشف نية أبو سدرة التوجّه من الجنوب نحو طرابلس؛ إذ بدأت عملية استجلاء الأماكن، التي قد يُشتبه بوجوده بها، وما إن حُدد مكانه بالضبط حتى تحرك عناصر الجهاز ليتم القبض عليه في عملية دقيقة ودون أي خسائر». وذهب الجهاز، وهو ميليشيا تابعة للدبيبة، إلى أن «كل قيادات التنظيم الإرهابي في ليبيا ممن أفسدوا الحرث والنسل، وطال أذاهم شتّى أصقاع الأرض، أُردوا اليوم بين قتيل وسجينٍ لينطق القضاء بحكمه، وارتاحت الخلائق من شره»، منوهاً بأنه «سينشر اعترافات المتهم خلال المدة القريبة المقبلة». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن خطف المصريين الأقباط من مدينة سرت، ونشر في أعقاب ذلك صوراً لهم، وهدد بإعدامهم ذبحاً. وأظهرت الصور العمال وهم يرتدون ملابس برتقالية ويقفون مكتوفي الأيدي، في حين يتم اقتيادهم نحو شاطئ البحر، ثم يظهرون في صور أخرى وقد وُضعت أسلحة بيضاء على رقابهم في وضعية الذبح. وفي السابع من سبتمبر (أيلول) 2022 أعلن «الجيش الوطني» عن مقتل قيادي في «داعش» يدعى مهدي دنقو، عدّه «العقل المدبر» لعدد من العمليات الإرهابية في ليبيا، أبرزها قتل المصريين الأقباط في سرت. وقال الجيش في بيان حينها إن «قوة من عمليات اللواء طارق بن زياد تمكنت من القضاء على دنقو في الجنوب الليبي، بعد سلسلة من التحريات والمتابعة والتدقيق».
«الاتحاد الدولي للصحافيين» يدين «ترهيب صحافيي تونس»
ناشد الرئيس سعيد «إنهاء التعسف في إجراءات متابعة الإعلاميين»
تونس: «الشرق الأوسط».. لاحظ «الاتحاد الدولي للصحافيين» أن السلطات التونسية «تعتمد تطويعاً ممنهجاً للإجراءات القانونية والقضاء لترهيب الصحافيين على نحو مخالف للدستور». وقال الاتحاد، الذي يوجد مقره في العاصمة البلجيكية بروكسل، في رسالة توجه بها إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، عبر موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت، إن الوضع «يهدد بأن تتحول تونس من نموذج عربي ودولي لحماية الحريات، ممارسةً وتشريعاً، إلى سجن كبير للصحافيين». وتأتي ملاحظة الاتحاد في أعقاب توقيف الصحافي البارز زياد الهاني، الذي كثيراً ما وجّه انتقادات للسلطة والحكومة. وقد أوقفته الشرطة في مقر سكنه قبل أسبوع، وجرى إيداعه السجن بقرار من النيابة العامة، تمهيداً لمحاكمته بتهمة «الإساءة للغير»، بعد أن انتقد وزيرة التجارة كلثوم بن رجب في برنامج إذاعي، بسبب ما وصفه بـ«البيروقراطية المعطلة لمشاريع التنمية»، وطالب بتنحيها عن منصبها. وأشار الاتحاد إلى متابعة السلطات لأكثر من 30 صحافياً في سنة 2023 وحدها، وفق المرسوم «54» الذي أصدره الرئيس سعيد، ومجلة الاتصالات، وقانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، موضحاً أن ذلك لا يجعل من حالة زياد الهاني «حالة معزولة وفردية، وتشير بشكل صريح إلى وجود سياسة ممنهجة». وأصدر القضاء عقوبة سجنية بخمس سنوات ضد الصحافي خليفة القاسمي، وهي الأثقل في تاريخ الصحافة بتونس، وذلك لنشره أخباراً حساسة على علاقة بعملية إرهابية. كما لا تزال الصحافية شذى الحاج مبارك قيد الإيقاف في قضية «التآمر على أمن الدولة». ولفت الاتحاد إلى أنه في كلتا الحالتين جرى «خرق فظيع للإجراءات القانونية». من جهتها، قالت نقابة الصحافيين التونسيين، أمس (الخميس)، إن قوات الأمن أوقفت صحافياً يعمل في مكتب قناة أجنبية، وصادرت حاسوبه وهاتفه الجوال وهواتف أفراد عائلته، للتحقيق في قضية إرهابية. وطالب «الاتحاد الدولي للصحافيين» في رسالته، الرئيس سعيد، بـ«فرض احترام الدستور وحماية الحريات الصحافية، والعمل على إطلاق سراح الصحافيين، وإنهاء التعسف في تطويع قوانين ومراسيم مخالفة لإجراءات التتبع ضد الصحافيين»، علماً أن الرئيس الذي أطاح بالنظام السياسي في 2021، تعهد في أكثر من مناسبة باحترام حرية التعبير والصحافة، لكن منظمات حقوقية ونقابة الصحافيين تتهم السلطة بشكل مستمر بتقويض حرية الرأي والتعددية. بدوره، كشف زياد دبار، نقيب الصحافيين التونسيين، عن صدور أحكام قضائية ضد عدد من الصحافيين التونسيين، أبرزهم خليفة القاسمي وسجنه لمدة خمس سنوات «دون وجه حق»، وتواصل اعتقال الصحافية شذى الحاج مبارك، هذا بالإضافة إلى القضية الجارية ضد الصحافي زياد الهاني، والتي قد تفضي إلى سجنه لفترة تتراوح بين سنة وسنتين، وفق هذا المرسوم الرئاسي الذي يحد من حرية التعبير، على حد تعبيره. على صعيد آخر، قرر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، تمديد قرار الاعتقال التحفظي لمدة 4 أشهر إضافية في حق كل من البشير العكرمي، وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس، والحبيب اللوز، القيادي السابق بحركة «النهضة». وكان القضاء التونسي قد أصدر أمراً بالسجن بحق الحبيب اللوز والعكرمي من أجل تهم تتعلق بالاشتباه في الانضمام إلى تنظيم إرهابي، والتدليس وإخفاء وثائق في قضية إرهابية تمس أمن الدولة التونسية.
تونس: السجن لـ5 مسؤولين حكوميين متهمين بـ«الفساد»
تسببوا بخسارة منشأة عمومية تساهم الدولة في كامل رأسمالها
(الشرق الأوسط).. تونس: المنجي السعيداني.. أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، مساء أمس (الخميس)، خمسة أحكام بالسجن في حق مدير عام شركة مقاولات عمومية كبرى، ومدير عام مساعد، وإطارين آخرين، ومستثمر، وذلك من أجل تهم تتعلق بالفساد، مع مواصلة الأبحاث وإجراء الاختبارات الفنية اللازمة لتحديد قيمة الخسائر المالية، التي تكبدتها شركة المقاولات العمومية موضوع هذا الملف القضائي. وكانت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية ذاتها قد أذنت منذ أسابيع لفرقة أمنية مختصة بتعميق الأبحاث والتحريات حول شبهات فساد مالي وإداري تتعلق بمنشأة عمومية، تساهم الدولة في كامل رأسمالها، وهي شركة مختصة في مجال المقاولات. وكشفت التحريات الأمنية عن منح امتيازات لأحد رجال الأعمال خارج الإجراءات القانونية المتبعة في هذا المجال، وتمتيعه بأسعار تفضيلية دون غيره من المستثمرين المنافسين. على صعيد آخر، كشفت المحكمة الإدارية التونسية، اليوم (الجمعة)، عن مآل الطّعون المقدمة بشأن نزاعات النتائج الأولية للدورة الأولى من انتخابات المجالس المحليّة، التي جرت في 24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مؤكدة تلقيها 34 قضيّة طعن في نتائج تلك الانتخابات التي عرفت تنافس أكثر من سبعة آلاف مترشح. وأشارت المحكمة إلى قرار هيئة الانتخابات إلغاء ثلاثة ملفات فحسب، وبالتالي تعديل النّتائج الأولية بالتصريح بفوز الطاعن بالمقعد الوحيد المخصّص للدائرة الانتخابية المحليّة، بعد حصوله على الأغلبيّة المطلقة للأصوات المصرّح بها، في حين أعلنت في المقابل عن رفض 29 ملفاً، إضافة إلى شطب قضيتين، وإدراج وثائقهما في قضيّة أخرى. كما أكدت المحكمة الإداريّة التي تنظر في قضايا خرق القانون والتعسف في استعماله، أنها شرعت في تبليغ نسخ الأحكام إلى الأطراف المعنيّة، تمهيداً لانطلاق الطور الثاني من التقاضي أمام الجلسة العامة القضائية، طبقاً للصيغ والآجال المقررة في القانون الانتخابي التونسي. ومن المنتظر أن تعلن هيئة الانتخابات التونسية عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات في 27 من يناير (كانون الثاني) الحالي، على أن يجري الدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية في 781 دائرة انتخابية خلال النصف الثاني من شهر فبراير (شباط) المقبل، وستفضي هذه العملية الانتخابية إلى إرساء المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية).
موريتانيون يلجأون إلى العمل في خدمة التوصيل هرباً من البطالة
السلطات قالت إنها وفّرت 110163 وظيفة غير دائمة حتى الآن
يعاني غالبية الشباب في موريتانيا قلة فرص العمل
نواكشوط: «الشرق الأوسط».. لم يدُرْ بخلد الشاب الموريتاني محمد محمود ولد أجدود يوماً ما أنه سيعمل سائقاً لسيارة أجرة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، إذ كان يعتقد أن دراسته للهندسة ستكون درعاً واقياً له من البطالة. وبعد سنوات من البحث عن فرصة عمل، اصطدم ولد أجدود بواقع مرير يتمثل في أنه لا يمكنه الحصول على وظيفة دون وساطة. لكن ولد أجدود هو واحد من آلاف الموريتانيين الذين يرزحون تحت وطأة بطالة تفاقمت في فترة الجائحة، ووصلت في 2022 و2023 إلى معدلات قياسية، وفق بيانات الحكومة الموريتانية. ظروف صعبة عاشها ولد أجدود جعلته يبحث عن عمل لا علاقة له بدراسته، ويقول إنه اضطر للعمل سائق سيارة أجرة، بعد أن أُغلقت جميع الأبواب التي طَرَقها من أجل الحصول على وظيفة. وقال ولد أجدود، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «درست واجتهدت من أجل تأمين مستقبل أفضل، لكن قلة الفرص في سوق العمل وغلاء المعيشة جعلاني أفكر جدياً في العمل سائق سيارة أجرة»، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي الهش في موريتانيا، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، دفعا الشباب الذين تخرّجوا في الجامعات إلى العمل سائقين لسيارات الأجرة. وأضاف ولد أجدود قائلاً: «اخترت العمل سائق تاكسي لما يُدرّه هذا العمل على صاحبه من مال، أو على الأقل يضمن له تحصيل قُوت يومه. وبفضله أصبح لديّ دخل يومي يكفي لتغطية مصاريف أسرتي، جمعته بعد يوم طويل من الكفاح والتعب». وفي ظل قلة فرص العمل في موريتانيا، أصبح العمل في مجال النقل وخدمات التوصيل وجهة مفضّلة للشباب الموريتانيين خلال السنوات الأخيرة. ومن بين هؤلاء سيدي محمد ولد أمود، الذي قرر في 2020 شراء دراجة نارية، والعمل في خدمة توصيل كان يحتكرها الأجانب. ونجح ولد أمود، بعد سنوات من العمل في هذا المجال، في تأسيس شركة خاصة بخدمة التوصيل وفّرت فرص عمل لعشرات الموريتانيين. يقول ولد أمود إن تطور التكنولوجيا وانتشار التسوق الإلكتروني «أتاحا فرص عمل للشباب»، مؤكداً أن خدمة التوصيل من بين المجالات التي انتعشت، ويمكن الاعتماد عليها بوصفها مصدر دخل ثابت، ومشدداً على أن متعة العمل «تكمن حين أعود وأنام قرير العين، ومحفظتي فيها أوراق جمعتها من عرق جبيني». ويشير ولد أمود، في مقابلة مع «وكالة أنباء العالم العربي»، إلى أن زيادة تكاليف المعيشة وقلة فرص العمل جعلتاه يتجه إلى مجال خدمة التوصيل، على الرغم من أنها كانت من الأعمال التي لا تغري الشباب الطامح إلى مستقبل أَفضل، على حد قوله. وأطلقت الحكومة الموريتانية، في السنوات القليلة الماضية، برامج تهدف إلى توفير فرص عمل للشباب، وتمويل مشاريع لهم ضمن خطة توفير 100 ألف فرصة عمل بحلول عام 2024، وقالت إنها وفرت 48718 وظيفة دائمة، و110163 وظيفة غير دائمة حتى الآن.
تحديات فرنسا لترميم نفوذها المتهالك في بلدان الساحل
الإخفاقات الفرنسية المتلاحقة في بلدان الساحل الأفريقي تفرض على باريس إعادة النظر بسياساتها
الشرق الاوسط..باريس: ميشال أبونجم.. قبيل احتفالات عيد الميلاد، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استبدال السفير برنار إيميه الذي كان يدير المديرية العامة للأمن الخارجي «المخابرات الفرنسية الخارجية» منذ عام 2017، وأتى بزميله نيكولا ليرنير الذي كان من جانبه يدير المخابرات الداخلية. وقيل الكثير في العمل المتميز الذي قام به إيميه على رأس المخابرات الخارجية، وآخرها جاء على لسان وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو الذي نوّه بما قام به إيميه «من حماية الفرنسيين في الظل». لكن ثمة من ربط بين إقصاء إيميه الذي يبلغ من العمر 65 عاماً والفشل الذي أصاب المخابرات الخارجية الفرنسية التي لم تنجح في اكتشاف واستباق وتدارك الانقلابات المتلاحقة التي شهدتها بلدان الساحل الثلاثة «مالي، بوركينا فاسو والنيجر» في الأعوام الأربعة المنصرمة والتي أفضت في نهاية المطاف إلى خروج فرنسا منها وإلى انحسار نفوذها في المنطقة. وستكون إحدى المهام المطلوبة من مدير المخابرات الخارجية الجديد أن يوفر للحكومة المعلومات والتحليلات التي تساعدها، بداية، على فهم ما حصل، والعمل بعد ذلك على استعادة بعض ما فقدته في منطقة بالغة الأهمية الاستراتيجية لباريس. وبالنظر إلى مجريات الأعوام الأخيرة، فإن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة الفرنسية في 2024، في أفريقيا، تكمن في ترميم نفوذ باريس المفقود في منطقة كان معقوداً فيها اللواء لها رغم حصولها على الاستقلال في ستينات وسبعينات القرن الماضي. وما سيفاقم صعوباتها أنها ستجد بمواجهتها دولاً منافسة جديدة أخذت تثبت حضورها في بلدان الساحل وفي أفريقيا بشكل عام، ومنها على الأخص روسيا والصين وتركيا. ولعل من أبرز علامات الإخفاق الفرنسي أن باريس التي نشرت، في أوج حضورها في منطقة الساحل، قوة «برخان» التي وصل عددها إلى 5500 رجل متمتعة بدعم لوجيستي وجوي ومخابراتي، ومنتشرة في الدول الثلاث المشار إليها، أرغمت تباعاً على الخروج من مالي ثم من بوركينا فاسو، وأخيراً من النيجر، حيث رحل آخر جندي فرنسي يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كذلك، فإن باريس قررت إغلاق سفارتها في نيامي، وبررت الخارجية ذلك بالإشارة إلى «العقبات الخطيرة التي جعلت من المستحيل قيامها بمهامها مثل ضرب طوق حول مقر السفارة، وفرض قيود على تنقل الموظفين...». لم يتبق للقوة الفرنسية السابقة في الساحل من ملجأ سوى تشاد التي سحبت القيادة الفرنسية غالبية القوة التي كانت منتشرة في النيجر «1500 رجل مع أسلحتهم ومعداتهم» إلى قاعدتها الرئيسية في نجامينا القريبة من مطار العاصمة التشادية. والمشكلة الحقيقية لباريس التي غضت الطرف عن الشكل غير الدستوري لانتقال السلطة الذي جرى في نجامينا بعد مقتل الرئيس أدريس ديبي، وتسلم ابنه الكولونيل محمد الرئاسة، أنها تواجه هناك أيضاً معارضة شعبية، ومن الصعب استجلاء ما ستكون عليه هذه المعارضة في الأشهر المقبلة. وليس سراً أن سهام الانتقاد وجهت لفرنسا بقوة بسبب ما عدّ «ازدواجية المعايير» في التعاطي مع الحركات الانقلابية التي حدثت في بلدان الساحل، حيث رفضتها بقوة كما حدث في النيجر، بينما غضت الطرف عنها في مكان آخر كما في تشاد. حقيقة الأمر، كما يقول دبلوماسي فرنسي سابق في أفريقيا، أن الخطاب الرسمي الفرنسي الذي يتحدث عن عهد جديد في العلاقة مع القارة السمراء بقي في الحيز الخطابي، ولم يُترجم إلى واقع ملموس؛ فالانقلابات التي جرت في البلدان الثلاثة ما كان لها أن تحدث لو لم تكن تعاني من مشكلات متداخلة وثلاثية الأبعاد: عسكرية وسياسية واقتصادية. في السياق الأول، تجدر الإشارة إلى أن حصول الدول الأفريقية على استقلالها لم يترافق مع انعدام التدخل العسكري فيها؛ فالقوات الفرنسية تدخلت عسكرياً في كثير من البلدان الأفريقية ومنها موريتانيا وليبيا وتشاد وتوغو والكاميرون وجمهورية وسط أفريقيا وزائير ورواندا وجزر القمر... بالإضافة إلى البلدان الأربعة في منطقة الساحل المذكورة سابقاً. وما يميز العمليات العسكرية التي جرت منذ 10 سنوات والتي انطلقت في مالي عام 2013، وامتدت في العام الذي تلاه إلى بوركينا فاسو والنيجر وتشاد، أنها كانت تركز على محاربة الإرهاب، بينما العمليات الأولى كان هدف غالبيتها مساعدة أنظمة صديقة لفرنسا والحيلولة دون سقوطها. والحال، أن عملية «سيرفال» في مالي عام 2013 «التي تحولت لاحقاً إلى (برخان)، وشملت دول الساحل الأربع» عُدت ناجحة؛ لأنها حمت العاصمة باماكو، وأجبرت المتمردين على الانكفاء إلى أقصى شمال البلاد. والدليل على ذلك أن الرئيس السابق فرنسوا هولند، الذي أمر بإرسال الجيش إلى مالي، استُقبل لاحقاً في العاصمة باماكو استقبال الأبطال المحررين. لكن بعد مرور 10 سنوات على إطلاق «سيرفال» ثم «برخان»، لا يبدو أن مهمة محاربة الإرهاب قد تُوجت بالنجاح، رغم أن القوة الفرنسية نجحت في القضاء على عدد من قادة التنظيمات الجهادية والإرهابية. فبعد شمال ووسط مالي، فإن هذه التنظيمات أخذت تهدد بوركينا فاسو والنيجر، بل إنها تمددت نحو بلدان خليج غينيا ومنها شاطئ كوت ديفوار وبنين وتوغو. ويرى الباحث في العلاقات الدولية أيلي تينينبوم، في تفسير الفشل الفرنسي، أن «برخان» كان يُفترض بها «أن ترافق مساراً سياسياً، واجتماعياً واقتصادياً، وأن توفر المهلة الزمنية الكافية للسلطات المحلية حتى تسوي المشكلات التي تتغذى منها المنظمات الإرهابية والجهادية». والحال، أن هذا المسار إما لم ير النور مطلقاً، وإما أن مفاعيله كانت محدودة. وقد فتح ذلك الباب أمام الدعاية المعادية لفرنسا والتي ذهبت إلى حد اتهام باريس بـ«التواطؤ» مع هذه التنظيمات. أما السبب الآخر فهو عسكري محض أساسه أن عدد القوة الفرنسية الذي تأرجح ما بين 4 و5 آلاف عنصر لم يكن قط كافياً لتغطية 3 بلدان تبلغ مساحتها الإجمالية 2754 مليون كيلومتر مربع، لكن كثيراً من سكان الساحل كان يتساءل، وفق الباحث الأفريقي باب داكومو، كيف أن جيشاً مثل الجيش الفرنسي المجهز بأحدث الأسلحة، يعجز عن القضاء على مئات عدة من العناصر المتمردة. بيد أن خروج القوة الفرنسية من البلدان الثلاثة المذكورة لم يعن أبداً تراجع الهجمات الإرهابية. ففي بوركينا فاسو، تتواصل الهجمات التي تقوم بها جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» ضد قواعد الجيش النيجري. وفي الأسبوع الماضي وحده، قُتل العشرات من أفراده في 4 هجمات متلاحقة قامت بها الجماعة المذكورة. ويتستر المجلس العسكري على الخسائر في صفوف قواته. وما يحدث في واغادوغو يحدث مثله في النيجر. أما في مالي، فإن سلطاتها التي استدعت ميليشيا «فاغنر» لتحل محل القوة الفرنسية، فإنها تعاني بدورها من استمرار الهجمات الإرهابية. ويعبر الدبلوماسي المشار إليه سابقاً أن أنظمة الساحل «ليست قادرة بقدراتها الذاتية على وضع حد لتمدد الهجمات الإرهابية من غير مساعدة غربية متعددة الأشكال»، رغم أنها عمدت إلى «تشكيل تحالف» في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بعنوان «تحالف بلدان الساحل» ذات الأنظمة العسكرية، وهدفه مكافحة الإرهاب والإيفاء بـ«واجب المساعدة والإغاثة» ضد أي اعتداء. أما بالنسبة لـ مالي تحديداً، فإن انسحاب القوة الفرنسية «برخان» ترافق مع انسحاب قوة «الكوماندوز» الأوروبية المسماة «تاكوبا» وانسحاب جزء كبير من القوة الدولية التي كانت ترابط في مالي لتمكين الحكومة من بسط سلطاتها. ورغم أن خروج القوة الفرنسية من النيجر لم يستتبعه خروج قوة أكثر تواضعاً إيطالية ــ ألمانية، مع بقاء القوة الجوية الأميركية في قاعدتيها في النيجر، فإنه لا أحد يبدو في الأفق من الغربيين للحلول ميدانياً محل الفرنسيين في الساحل ما يترك الباب مفتوحاً لاستقواء نفوذ الدول المنافسة للغربيين. ومن الأدلة على ذلك أن موسكو سارعت إلى إعادة تنظيم صفوف «فاغنر» وإعطائها تسمية جديدة «أفريكا كوربس أو القوة الأفريقية»، ما يدل على رغبتها في الاستفادة من الفراغ الفرنسي في المنطقة وعزمها على تعزيز حضورها رغم غياب قائدها التاريخي يفغيني بريغوجين. ومنذ اليوم يبدو الحضور الروسي ظاهراً في مالي، وأيضاً في بوركينا فاسو.