البابا أكد تمسكه بالمحكمة وأشاد بدور بكركي وسيدها: قلبي مع لبنان وأصلّي من أجله

تاريخ الإضافة الأحد 21 شباط 2010 - 6:25 ص    عدد الزيارات 4274    التعليقات 0    القسم دولية

        


رئيس الوزراء التقى وعائلته الحبر الأعظم وأجرى محادثات مع برتوني ومامبرتي
البابا أكد تمسكه بالمحكمة وأشاد بدور بكركي وسيدها: قلبي مع لبنان وأصلّي من أجله
الحريري: تطبيق القرار 1701 يحمي لبنان والحبر الأعظم وعد بتلبية الدعوة إلى زيارته

لم تكن الصورة بين البابا بينيديكتوس السادس عشر ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس الا استعادة لصورة لا تزال في اذهان اللبنانيين للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني والرئيس الأسبق للوزراء رفيق الحريري، واستكمالاً للعلاقات المميزة التي سبق للراحلين ان ارسياها وعملا من اجلها انطلاقا من اقتناع مشترك بالدور والنموذج الذي يمثله لبنان في الشرق للتعدد والتعايش السلمي والحوار بين الاديان.
ورغم الصورة الباردة التي قد ترتسم عن البابا بينيديكتوس فان حرارة الاستقبال والتعاطف اللذين أبداهما حيال الرئيس الحريري وعائلته عكسا المحبة التي يخصها للبنان وشعبه، كما أبرزا عاطفة تختبىء وراء تلك الملامح الباردة. وامكن "النهار" تلمس تلك العاطفة من خلال تأكيد الحبر الاعظم "ان لبنان في قلبي، وصلواتي ترتفع دائما الى الله من أجله".
ولاقت زيارة الرئيس الحريري حفاوة وصلت الى حد خرق للبروتوكول تمثل في ايفاد السفير البابوي غبريال غاتشا الى بيروت لوداع رئيس الوزراء قبل سفره الى الفاتيكان وايفاد ممثل للكرسي الرسولي الى القاعدة العسكرية في روما لاستقباله، كما تجاوز عدد اعضاء الوفد المرافق الحد الاقصى المسوح بدخوله واستغرق اللقاء الخاص نصف ساعة وهو الوقت الذي يخصص لرؤساء الدول.
وافادت مصادر الوفد اللبناني ان رئيس مجلس الوزراء حمل الى الحبر الاعظم رسالة اعتدال شخصية ولبنانية وتأكيداً لأهمية الحضور المسيحي في لبنان ودوره وتمسك الحكومة اللبنانية بمبدأ التعايش والمناصفة التي اقرها اتفاق الطائف والدستور، ومد يده  الى ما يمثل الكرسي الرسولي كقيادة روحية ومعنوية، مؤكدا اهمية استمرار التواصل والتعاون من اجل القضايا التي تهم العالم وفي مقدمها مفهوم الأمن والعدل والعدالة والدور الذي يمكن لبنان من خلال عضويته غير الدائمة في مجلس الامن الدولي الاضطلاع به، على قاعدة أن الأمن أصبح اليوم اكثر ارتباطاً بتفاهم الحضارات. وكان الحريري يتحدث انطلاقاً من التجربة اللبنانية وموقع لبنان على خطوط تماس حضارية ودينية ليؤكد فرادة التجربة اللبنانية في التفاعل الاسلامي المسيحي، مشدداً على "رسالة الانفتاح والاعتدال والحوار ونموذج التعايش الإسلامي - المسيحي وحوار الأديان".
في المقابل، علمت "النهار" ان الحبر الاعظم اكد تمسكه واهتمامه باستمرار الحوار الاسلامي المسيحي واشاد بالقرار الاخير لمجلس الوزراء باعتماد يوم عيد البشارة عيدا وطنيا لما له من دلالات على هذا التوجه المعتدل والمنفتح.
ورحب بكلام الحريري على اهمية السياحة الدينية وضرورة تفعيلها مبدياً تشجيعه. وتسلم من رئيس الوزراء الى جانب الهدية الرمزية شريطا بالاغنيات التي انشدت أخيرا في ذكرى 14 شباط وفيها التزاوج بين قرع اجراس الكنائس وآذان المساجد في تعبير عن حال التفاعل التي يعيشها المسيحيون والمسلمون في لبنان.
وعلمت "النهار" ايضاً ان الحبر الاعظم اشاد بالدور الرئيسي للبطريركية المارونية والبطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، مشيراً الى الاستعدادات القائمة لانعقاد سينودس كنائس الشرق في تشرين الاول المقبل.
ولم يغب الرئيس رفيق الحريري عن اجواء لقاء البابا برئيس الوزراء، اذ نقلت اوساط قريبة من رئيس مجلس الوزراء لـ"النهار" ان الحبر الاعظم اعرب عن دعمه للمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، متمنياً وصولها الى كشف المنفذين وتحقيق  العدالة التي ينتظرها اللبنانيون.  
من جهة اخرى علمت "النهار" ان الحريري الذي حرص على حصر زيارته بالفاتيكان سيزور روما منتصف نيسان المقبل في اطار جولته على الدول الاوروبية.
وكان رئيس الوزراء قد وجه دعوة الى قداسة البابا لزيارة لبنان، "نظراً الى المحبة والمكانة الخاصة اللتين يتمتع بهما قداسته في قلوب اللبنانيين. وأبدى  الحبر الاعظم سروره بالدعوة واعداً بتلبيتها عندما تسمح له  الظروف".
وخلال تلبيته الدعوة الرسمية الى الفاتيكان التقى الحريري امين سر الدولة الكاردينال ترشيسيو برتوني ووزير الخارجية دومينيك مامبيتي. وتناول البحث خلال اللقاءين العلاقات التي تربط لبنان بالفاتيكان والاوضاع في لبنان والتطورات في منطقة الشرق الاوسط عموما.
وكان الحريري وصل الى الفاتيكان عند الحادية عشرة قبل الظهر بتوقيت روما، ترافقه زوجته السيدة لارا واولاده حسام ولولوا وعبد العزيز، واستقبله البابا في مكتبه. وعقد معه خلوة استمرت ثلاثين دقيقة، ثم استقبل افراد عائلة الرئيس الحريري وصافحهم والتقط معهم الصور وقدم اليهم هدايا تذكارية. وبعد ذلك استقبل الحبر الاعظم اعضاء الوفد الرسمي المرافق للرئيس الحريري وضم كلا من سفير لبنان في الفاتيكان جورج خوري والسيد نادر الحريري والمستشارين محمد شطح وداود الصايغ وهاني حمود.
وفي نهاية اللقاء تبودلت الهدايا التذكارية. فقدم الرئيس الحريري الى البابا مخطوطة تاريخية هي كتاب افخولجيون الصلوات ترجمه من اليونانية الى العربية بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك مالاتيوس كرمة ويعود تاريخه الى عام 1636 وهو من 906 صفحات، وبادله البابا قلما منحوتا على شكل أحد الاعمدة الاربعة لكاتدرائية القديس بطرس.
بعد ذلك عقد الرئيس الحريري اجتماعا مع امين سر دولة الفاتيكان ووزير الخارجية دام ساعة وربع الساعة، حضره السفير خوري والمستشاران الصايغ وحمود.

 

 تصريح للحريري

وبعد انتهاء المحادثات، تحدث الرئيس الحريري الى الصحافيين، قال: "التقيت قداسة البابا وتحدثنا عن المنطقة وأهمية السلام والحوار فيها واهمية العيش المشترك خصوصاً في لبنان، كما تطرقنا الى مسألة السياحة الدينية التي نطلقها في لبنان ونريد ان يشجع قداسة البابا  المسيحيين على المجيء الى لبنان لأن فيه مناطق دينية مهمة كثيراً بالنسبة الى السياحة الدينية".
و تطرقنا الى اعلان عيد البشارة عيداً وطنياً، يجمع المسلمين والمسيحيين، واهمية هذا اليوم للبنان ولقداسة البابا ولي شخصياً، لأنني أرى اننا نتحدث كثيراً عن الحوار والتلاقي وعلينا ان نقوم بخطوات جدية لاجراء مناقشات وصلوات اسلامية مسيحية لنقول للناس اننا لا نكتفي بالكلام، بل نقوم بخطوات عملية تقدم صورة حقيقية عن طبيعة عيشنا في لبنان.
وكان قداسة البابا مهتماً كثيراً بلبنان ووضع المنطقة والمسيحيين والمسلمين والحوار فيها ، وشجع على استمرار التواصل الدائم بيننا وبين الفاتيكان وطرح الامور من خلال القيام بمبادرات تمكننا من التقدم من خلال الحوار توصلاً الى السلام في المنطقة.
ان لبنان عضو في مجلس الامن، وهذا لا يعني الامن بالمعنى الذي نعرفه فحسب، فتلاقي الحضارات هو أمن أيضاً، والحوار هو امن  والعيش المشترك كذلك، وهذه هي الرسالة التي نريد ان ننقلها بكل وضوح من لبنان، وكان هناك تفهم من قداسة البابا".
اضاف: "التقيت امين سر دولة الفاتيكان وزير الخارجية وناقشنا الامور بتفصيل اكثر حول  سبل جعل لبنان منطقة سياحية للاديان. وشرحت له مخاوفنا من التهديدات الاسرائيلية الدائمة التي تؤثر سلباً في المنطقة، وطلبت منه ممارسة كل الضغوط الممكنة على  كل الدول المعنية لتجنب أي خطأ في هذه المرحلة او أي مرحلة قادمة في لبنان او في الشرق الاوسط."
وسئل: هل لمستم أي مخاوف او هواجس لدى قداسة البابا حيال صيغة العيش المشترك في لبنان والوضع المسيحي تحديدا؟
اجاب: "على النقيض والمهم هو الطريقة التي نكرس بها هذا الموضوع، وفي رأيي ان ما قمنا به في مجلس الوزراء منذ بضعة ايام هو تكريس للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين. المناصفة موجودة في لبنان في دستورنا وطريقة عملنا وكلامنا الواضح والصريح في ما يتعلق بالمناصفة في الدولة. هذا أمر موجود في دستورنا ومهما تكلمنا على الحقوق اذا لم تكن موجودة في الدستور فهي لا تعني شيئا. المناصفة نص عليها الدستور ومجلس النواب نصف اعضائه من المسلمين ونصفه الاخر من المسيحيين وهذا أمر رئيسي في لبنان مع التشجيع على العيش المشترك والاعتدال والحوار وان بخطوات رئيسية كالتي قمنا بها بتكريس 25 آذار (عيد بشارة السيدة العذراء)، هي الاساس لكي نقول اننا لا نتكلم على الحوار فحسب بل نقوم بخطوات جدية في لبنان، وهذا موضوع يشجع دول اخرى على القيام بخطوات مماثلة كي يكون هناك عيش مشترك بين المسلمين والمسيحيين في كل انحاء العالم العربي".
سئل:  كيف يمكن في رأيك استثمار هذه الزيارة لدعم لبنان وسط الاجواء التي تعيشها المنطقة والتهديدات الاسرائيلية اليومية؟
اجاب: "التهديدات الاسرائيلية هي تهديدات اسرائيلية، والأهم هو التركيز على العيش المشترك وعدم الانخراط في انقسام في البلاد، لأن الانقسام  يضعفنا اكثر من أي حرب. ومن هذا المنطلق جاءت زيارتي  لقداسة البابا والفاتيكان، وعلى أي رئيس وزراء في لبنان ان يقوم بهذه الزيارة  مرة او مرتين في السنة، فهذا جزء من واجب أي رئيس وزراء واي رئيس جمهورية ان يكون هناك تواصل مع الفاتيكان  وتكون هناك صراحة لنرى ما هي الهواجس. هناك سينودس للشرق سيعقد في شهر ايلول او تشرين المقبل في الفاتيكان، وسيبحث وضع المسيحيين في الشرق الاوسط، ونحن معنيون بذلك لأننا حكومة ويجب ان نعرف كيف يمكننا ان نحافظ على هذه الصيغة الاساسية للبنان".
سئل: هناك تهديدات اسرائيلية للبنان ودعوة من الرئيس الايراني للمقاومة الى محو اسرائيل اذا بادرت الى شن هجوم على لبنان، هل بحثتم في هذا الوضع؟ وهل هناك تطمينات من الفاتيكان او مخاوف من هذا الموضوع؟
اجاب: "لا شك في أن لبنان سيد نفسه وهو يتخذ قراره كدولة ومؤسسات وحكومة، وهذا أمر يخص الحكومة. لا شك في ان هناك تهديدات اسرائيلية ضد كل المنطقة والاتصالات التي جرت اخيراً مع الرئيس احمدي نجاد اوالسيد حسن نصرالله او فخامة الرئيس كانت للرد على التهديدات التي أطلقتها اسرائيل ضد لبنان. نحن كدولة لبنانية مسؤولون عن كل الاراضي اللبنانية، ومن هذا المنطلق نحن واضحون. اننا نريد القرار 1701 وهو قرار دولي يحمي لبنان من أي هجوم او تهديد اسرائيلي. ونقوم باتصالات دائمة مع كل الدول الصديقة، كفرنسا والولايات المتحدة الاميركية وايطاليا والمانيا، وهي الدول التي تربطها علاقات خاصة باسرائيل، وكنا واضحين في ما يتعلق بالتهديدات الاسرائيلية، فهي تهديدات ونحن لسنا خائفين من الحرب، واقول لكم صراحة، علينا ألا نعيش هاجس ان الحرب واقعة و لا مهرب منها. هذه تهديدات نتعامل معها في الشكل الذي يجب ان نتعامل معه كدولة ولكن لا نستطيع القول ان الحرب ستقع بعد اسبوع او بعد شهر، علينا ان نقوم بواجباتنا كدولة وفي رأيي ان هذه التهديدات هي مجرد تهديدات.
واخيرا اود القول انني وجهت دعوة الى قداسة البابا ليزور لبنان كما فعل البابا يوحنا بولس الثاني الذي كرم لبنان بزيارته وهذه ايضا تندرج في اطار الخطوات لتكريس العيش المشترك ودور لبنان الرسالة والشراكة الاسلامية، المسيحية والتي تشكل قدوة وجسراً ورسالة للعالم العربي".
سئل: هل وعدك قداسته بتلبية الزيارة؟
اجاب: نحن نأمل كثيراً في قداسة البابا وفي مجيئه الى لبنان، ولقد شعرت فعلياً ان هم قداسته الرئيسي هو الاستقرار والسلام والطريقة الوحيدة للتقدم في المنطقة هي من خلال سلام عادل وشامل".
                      
 

كلينتون

الى ذلك، تلقى الحريري اتصالا هاتفيا من وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تناول الجهود المبذولة لاعادة اطلاق عملية السلام وضرورة تطبيق القرار 1701، وحماية لبنان من الاخطار الاقليمية المحيطة به.
 

الفاتيكان - من سابين عويس     


المصدر: جريدة النهار

ملف فلسطين وغزة..في ذكرى 7 أكتوبر..

 الإثنين 7 تشرين الأول 2024 - 5:03 ص

الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة.. لا يهمهم مَن يحكم القطاع بعد وقف القتال..والهجر… تتمة »

عدد الزيارات: 172,890,065

عدد الزوار: 7,716,392

المتواجدون الآن: 0