أوباما يستكمل الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني
الجمعة 23 كانون الثاني 2009 - 10:15 م 5628 0 دولية |
إنها الحرب الاسرائيلية تستمر وتتخذ أشكالا أخرى، بل هي تتسع لتتخطى حدود قطاع غزة الذي تعرض سكانه لحملة ابادة جماعية، لتشمل الشعب الفلسطيني كله، بأمر العمليات الاول الذي اصدره الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما، واستعاد فيه اسوأ مواقف ومصطلحات سلفه جورج بوش، واعلن فيه انحيازا مطلقا لاسرائيل والتزاما شديدا بسياساتها، قبل ان يحدد جدول اعمال اميركي للمرحلة المقبلة، يتضمن تفويض مصر برعاية القضية الفلسطينية، وتكليف الاردن بتشكيل الاجهزة الامنية الفلسطينية، واعتبار السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس شريكا وحيدا للمؤسسات الدولية في اعادة اعمار ما هدمته اسرائيل في قطاع غزة.
وجاء خطاب اوباما المفاجئ في اليوم الثاني من ولايته الرئاسية، في وزارة الخارجية الاميركية حيث اعلن عن اسم السيناتور السابق جورج ميتشل كمبعوث اميركي خاص يعمل لتحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، وكذلك »بين اسرائيل وجيرانها العرب« الذين لم يذكرهم بالاسم، ويبني على رؤية الدولتين التي اطلقها سلفه، استراتيجية تجعل الدولة الفلسطينية حلما بعيد المنال، حسب الذريعة الاسرائيلية الدائمة التي تقول انه ليس هناك شريك فلسطيني.
وبدا ان موقف اوباما المخيب لامال كثيرة علقت على توازنه واعتداله ازاء الصراع العربي الاسرائيلي، يستكمل ما بدأته اسرائيل في حربها الاخيرة على قطاع غزة، ويؤسس لحرب اهلية فلسطينية، ويمهد الطريق لوصول اليمين الاسرائيلي الاشد تطرفا الى السلطة بزعامة بنيامين نتنياهو في انتخابات العاشر من شباط المقبل.
واللافت للانتباه في خطاب اوباما انه احجم عن ذكر ايران، ولم يعلن كما كان متوقعا اسم مبعوثه الخاص للتعامل مع الملف الايراني، أي دنيس روس الذي طلب ان يتولى هذا المنصب وتعهد في مجالسه الخاصة بان يقدم من خلاله خدمة اخيرة لاسرائيل تقضي بانهاء البرنامج النووي الايراني، بالوسائل الدبلوماسية اولا، والا فان الحرب هي الخيار الاميركي التالي.
اما تعيين الدبلوماسي المحنك ريتشارد هولبروك مبعوثا خاصا لافغانستان وباكستان، فانه لا يخفي نوايا اوباما المعلنة بنقل الحرب من الجبهة العراقية الى الجبهة الافغانية الباكستانية التي تثير اكثر من علامة استفهام حول ذلك الدمج بين بلد يخضع للاحتلال وآخر يخضع للوصاية، ويتنقل بينهما تنظيم القاعدة.
وفي الآتي النص الحرفي لما قاله اوباما حول الشرق الاوسط:
»سياسة إدارتي ستقوم على البحث بنشاط وقوة عن سلام دائم بين اسرائيل والفلسطينيين، كما بين اسرائيل وجيرانها العرب. ولمساعدتنا على بلوغ هذه الأهداف، طلبتُ والوزيرة كلينتون من جورج ميتشل ليخدم في منصب المبعوث الخاص للسلام في الشرق الاوسط.
جورج (ميتشل) معروف في هذه البلاد وحول العالم لقدرته على التفاوض. انه يحمل معه صورته الدولية وخدمته الطويلة. سنوات عمله في مجلس الشيوخ كانت مطبوعة بالقيادة القوية والانجازات المشتركة. وجهوده للسلام في ايرلندا الشمالية كانت ضرورية في معالجة صراع مؤلم.
في الحياة الخاصة والخدمة العامة، لقد تصرف بمهنية وقدرة. موقفه سيكون معززا على طاولة المفاوضات، وهو سيحمل تركيزنا على هدف السلام. لا احد يشك في صعوبة الطريق أمامنا، وجورج أوضح بعض هذه الصعوبات. العنف المأساوي في غزة وجنوب اسرائيل يمثل تذكيرا بالتحديات التي بين أيدينا وبالنكسات التي ستظهر حتما.
لا بد ان يبقى فينا، مع ذلك، حس الإلحاح، مثلما يعلمنا التاريخ بان التدخل الاميركي القوي والمستمر يستطيع معالجة الاختلافات وبناء القدرة التي تدعم التقدم. ولهذا السبب سنرسل جورج الى المنطقة في أسرع وقت ممكن لمساعدة الأطراف على التأكد من ان وقف إطلاق النار الذي تم التوصل اليه سيكون دائما ومستمرا.
سأكون واضحا. اميركا ملتزمة بأمن اسرائيل. ونحن سندعم دائما حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات الحقيقية.
لسنوات، أطلقت حماس آلاف الصواريخ على مدنيين إسرائيليين أبرياء. لا توجد ديموقراطية تسمح بخطر مماثل على شعبها، ويجب الا يسمح بذلك المجتمع الدولي، وحتى الشعب الفلسطيني نفسه، الذي تتراجع مصالحه بفعل التحركات الإرهابية.
لتكون طرفا حقيقيا في السلام، أوضحت اللجنة الرباعية ان على حماس ان تلبي شروطا واضحة: الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، ونبذ العنف، والاعتراف بالاتفاقات السابقة.
لتحقيق التقدم، فان إطار وقف النار الدائم واضح: على حماس ان توقف إطلاق الصواريخ؛ اسرائيل ستستكمل سحب قواتها من غزة؛ الولايات المتحدة وشركاؤنا سيدعمون نظام منع تهريب جدير بالثقة، حتى لا تعيد حماس تسليح نفسها.
تحدثت بالأمس الى الرئيس (المصري حسني) مبارك وعبرت عن امتناني للدور المهم الذي أدته مصر في التوصل الى وقف لإطلاق النار. ونحن نتطلع الى قيادة وشراكة مصرية مستمرة في ما يتعلق في وقع أسس اتفاق سلام اشمل من خلال الالتزام بمنع التهريب عبر حدودها.
الآن، ان إرهاب الصواريخ الموجهة نحو الإسرائيليين الأبرياء غير مسموح به، كذلك المستقبل بلا امل للفلسطينيين. لقد شعرت بالقلق العميق للخسائر في أرواح الفلسطينيين والاسرائيليين في الأيام الماضية وللمعاناة الحقيقية والاحتياجات الإنسانية في غزة. قلوبنا مع الفلسطينيين المدنيين الذين هم بحاجة فورية الى الغذاء والماء النظيف والرعاية الطبية، ومع هؤلاء الذي واجهوا فقرا خانقا لمدة طويلة جدا.
الآن يجب ان نمد يد الفرصة الى الذين يسعون الى السلام. وكجزء من وقف دائم لإطلاق النار، يجب ان تفتح المعابر مع غزة من اجل السماح بتدفق المساعدات والتجارة، وذلك من خلال نظام مراقبة بمشاركة السلطة الفلسطينية والدولية.
جهود الإنقاذ يجب ان تكون قادرة على الوصول الى الفلسطينيين الأبرياء الذي يعتمدون عليها. الولايات المتحدة ستدعم بشكل كامل مؤتمرا دوليا للمانحين يسعى الى تقديم مساعدة إنسانية قصيرة الأمد وإعادة بناء طويلة الأمد للاقتصاد الفلسطيني. هذه المساعدة ستقدم الى السلطة الفلسطينية التي ستشرف عليها.
السلام الدائم يتطلب اكثر من وقف إطلاق نار طويل، ولهذا سأتبنى التزاما ناشطا للتوصل الى دولتين تعيشان جنبا الى جنب. السيناتور ميتشل سيحمل هذا الالتزام، وكذلك الجهود لمساعدة اسرائيل على التوصل الى سلام اشمل مع عالم عربي يعترف بحق تواجدها بين مجموعة الامم.
عليّ ان أضيف ان المبادرة العربية للسلام تحتوي على عناصر بناءة قد تساعد على تنشيط هذه الجهود. الوقت حان للدول العربية للتصرف بحسب وعود المبادرة من خلال دعم الحكومة الفلسطينية بقيادة الرئيس (محمود) عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، واتخاذ خطوات باتجاه تطبيع العلاقات مع اسرائيل، ومن خلال مواجهة التطرف الذي يهددنا جميعا.
دور الاردن البناء في تدريب قوات الأمن الفلسطينية ورعاية علاقاته مع اسرائيل يوفر مثالا لهذه الجهود. وفي موازاة التقدم، لا بد ان نوضح لكل الدول في المنطقة ان الدعم الخارجي للمنظمات الإرهابية يجب ان يتوقف«.
ميتشل وكلينتون
وبحضور وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جوزيف بايدن، قال ميتشل »لقد كان التقدم غير موجود في غالبية الوقت، او كان بطيئا. لهذا فانا أتفهم شعور اولئك الذين قد يكونون غير متشجعين في الشرق الأوسط«. واضاف »اعتقد انه لا يوجد أي نزاع لا يمكن إيقافه. ان البشر يخلقون الصراعات ويديرونها ويغذوها، ويمكن ان ينهوها. اعتقد أنه بالالتزام والمثابرة والدبلوماسية يمكن أن نحقق ذلك في الشرق الأوسط«.
وأعرب عن اعتقاده بأن »هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى التشاؤم حيال إمكانية النجاح. إن النزاع مستمر منذ فترة طويلة وكانت له تأثيرات مدمرة حتى أصبح كثيرون يعتقدون انه لا يمكن تغييره، ولكن الرئيس ووزيرة الخارجية لا يعتقدان ذلك. انهما يعتقدان، وكذلك انا، ان مواصلة (جهود) السلام مهمة جدا لدرجة انها تتطلب بذل أقصى جهودنا، بغض النظر عن الصعوبات او العقبات. ان المفتاح الرئيسي هو التعهد المتبادل من قبل الأطراف ومشاركة الإدارة الاميركية بشكل فعال، ودعم العديد من الحكومات الأخرى والمؤسسات التي تريد المساعدة«.
وتابع »لقد تحدثت وزيرة الخارجية عن هدفنا البعيد المدى، والرئيس قال إن إدارته واقتبس: ستدفع بشكل مستمر، والعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين، لتحقيق هدف إقامة الدولتين، دولة يهودية في إسرائيل ودولة فلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن«. وشدد على انه »بناء على سياسة الرئيس، أتعهد ببذل كامل جهدي في البحث عن السلام والاستقرار في الشرق الاوسط«.
وكانت كلينتون أجرت اتصالات بعباس ووزير الخارجية المصرية احمد ابو الغيط ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، التي طلبت منها »عدم إضفاء أي شرعية على حماس«، واقترحت ان تشارك اسرائيل »في المجهود الدولي لمساعدة المدنيين« في غزة.
من جهة اخرى، أمر اوباما، الذي أدى اليمين مرة ثانية، بإغلاق معتقل غوانتانامو خلال عام وحظر استخدام العنف في التحقيقات مع المشتبه بضلوعهم في الإرهاب. كما أمر اوباما بإغلاق كافة مراكز الاعتقال التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية »سي اي ايه« خارج الولايات المتحدة والمخصصة لاحتجاز المشتبه بضلوعهم في الإرهاب.
من جهته، قال رئيس وكالات الاستخبارات الاميركية القومية الأميرال المتقاعد دينيس بلير، ان على الوكالة ان تبحث عن طرق للعمل مع ايران بشأن قضايا المصالح المشتركة. »في حين يحتاج صناع السياسة الى فهم الزعماء والسياسات والتصرفات المناهضة للأميركيين في ايران، يمكن لمجتمع الاستخبارات ايضا ان يساعد صناع السياسة في التعرف على الزعماء والقوى السياسية الأخرى وفهمها كي يصبح ممكنا العمل تجاه مستقبل في مصلحة بلدينا«. كما اعتبر ان على أميركا السعي لفهم القادة العرب والمسلمين.
المصدر: جريدة السفير - العدد 11203