نزع السلاح الفلسطيني
الخميس 15 كانون الثاني 2009 - 1:22 م 6052 0 عربية |
ساطع نور الدين
هي البداية فقط لما يبدو انه مسعى حثيث لارساء قواعد لعبة جديدة ـ قديمة على الحدود اللبنانية الجنوبية، يمكن ان تساهم في تنفيس الاحتقان اللبناني والفلسطيني إزاء ما يتعرض له قطاع غزة من عمليات قتل جماعية اسرائيلية، لكنها يمكن ان تقود الى ما لا يحمد عقباه، ليس في الجنوب فقط، بل في الداخل اللبناني ايضا.
الصواريخ التي انطلقت امس من محيط بلدة الهبارية واستهدفت فلاء مستعمرة كريات شمونة، التي لا يمكن لاي مبتدئ في رمي الكاتيوشا ان يخطئها، كانت مشبوهة اكثر من تلك التي اطلقت الاسبوع الماضي على مستعمرة نهاريا، وقد سبقها كما يبدو بساعات بلاغ من الجهة المخططة لتلك العملية الى الاسرائيليين الذين وضعوا وحداتهم العسكرية على الحدود في حالة استنفار وانتظار لتلقي الهجوم الاستعراضي.. وتعاملوا معها ببرود ظاهر، مكتفين بالرد التلقائي المحدود الذي تولت الرادارات المنصوبة على طول الجبهة اصدار الامر به من دون الحاجة للعودة الى القيادة.
حتى الان، الانضباط شديد على جانبي الحدود، ولعله يجوز القول ان التواطؤ متبادل. لم يكن احد يتوقع ان تظل الجبهة اللبنانية المعززة من قبل محور الممانعة بمختلف انواع الصواريخ، هادئة بينهما تحرق غزة ويسفك دم اهلها على هذا النحو المخيف. فتم التفاهم على ان يسمح لبعض المجموعات الفلسطينية بان تعبر عن تضامنها وتعاطفها مع اشقائها، وجرى التوافق على ان يكون التعبير رمزيا لا اكثر.. ولا مانع من احاطة الاسرائيليين علما بذلك، لكي لا يظنوا ان جبهة جديدة قد فتحت معهم .
الالتزام بالخطة كان دقيقا، والتنفيذ كان محكما، مما يشجع على الجزم في ان اطلاق الكاتيوشا من جنوب لبنان سيتواصل حتى التوصل الى وقف اطلاق النار في قطاع غزة، وبمعدل ثلاثة او اربعة صواريخ كل اسبوع ، تعقبها سبع او ثماني قذائف اسرائيلية لا تصيب افراد المجموعة التي نصبت الصواريخ الموقوتة وفرت الى جهة معلومة، بعد ان ادت واجبا قوميا لم تتح الفرصة لاي من سكان غزة ان يسمعوا به، او حتى ان يتقبلوه كتعبير عن التعاطف مع مأساتهم المروعة.
لكن العيب الوحيد في هذه الخطة هو انها لا تأخذ في الاعتبار ان اسرائيل التي تتسامح اليوم مع هذا النوع من الهجمات الاستعراضية، لاسباب تتصل بتركيزها على الجبهة المفتوحة مع قطاع غزة، ربما تنصب كمينا لكل من يمتلك الصواريخ في لبنان، ويستخدمها او يسمح باستخدامها ، بطريقة تحتمل الخطأ ، او تفترض سلفا ان اطلاقها يمكن ان يؤدي في ما بعد الى تغيير قواعد اللعبة الجديدة ـ القديمة، بحيث تصبح كل المخيمات والتجمعات والمواقع الفلسطينية على الاراضي اللبنانية هدفا للرد العسكري الاسرائيلي.
وفي هذه الحالة لا يمكن لاحد ان يفترض ان اسرائيل ستلتزم بمقررات الحوار الوطني اللبناني وتنفذ بنفسها البند الاول منها الخاص بنزع السلاح الفلسطيني..
المصدر: جريدة السفير - العدد 11196