موقفه يذكّر بمطالبة ريمون إده بالبوليس الدولي
صفير يرى السلاح غير الشرعي من علو شاهق
الأحد 1 تشرين الثاني 2009 - 5:45 ص 4644 0 محلية |
يطل بطريرك الموارنة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير على الأحداث ليس من بكركي بل من شاهق زمني يصنع الفارق بينه وبين سائر القادة. لعله يرى بعيداً الى الأمام لأنه رأى وشهد ما حصل في الزمن السابق وما كانت النتائج. ولكم يذكّر بمواقفه بالعميد الراحل ريمون إده الذي ظل يصرخ سنوات بدءاً من 1968: "البوليس الدولي. البوليس الدولي"، هاجساً بحماية للجنوب ولبنان كله من عدوانية إسرائيل. وليت الزعماء والقادة اكتفوا بتجاهل مطلبه الذي كاد أن يكون نبوئياً، تلك الأيام، فكثيرون بينهم سخروا منهم، اعتقدوه يحلم.
كان يجب أن يمر 38 عاماً وموت ودمار لا يوصفان على اللبنانيين والفلسطينيين، وكل من غرق في وحل حرب لبنان ليأتي البوليس الدولي حقاً وفقاً للقرار الدولي 1701 عام 2006 وليتحقق مطلب العميد الذي أدرك باكراً أن سلاح المقاومة يجتذب إسرائيل إلى لبنان أكثر مما يحميه منها، خصوصا إذا كانت أهدافه أبعد من حدود لبنان بقليل أو كثير.
مرة سألت البطريرك صفير، وكان في الديمان، ماذا يريد السوريون من لبنان؟ وكانوا في عز سطوة وصايتهم . ابتسم وكاد ألاّ يرد، قبل أن يجيب - يا لعفويته! - بعبارة ولا أبسط: "إنهم يريدون لبنان".
وماذا نفعل في هذه الحال؟ إلى متى نستطيع الصمود والممانعة وحدنا؟ تطلع إلى الوادي وقال: "يا ابني، أجدادنا عاشوا في هذا الوادي 500 سنة، ولم يرضخوا".
لا مشكلة في الزمن عند البطريرك. فليمر الزمن بهدوء، أما هو فدوره أن يشهد لما يرى ويؤمن بأنه حق. وهو شاهد قادة رعيته الزمنيين يقبلون - خلافاً لرأي العميد ريمون إده أيضاً - باتفاق القاهرة الذي شرّع السلاح الفلسطيني، على أمل أن ينالوا في المقابل سلاماً واستقراراً، لكنه أوصل إلى حرب 1975. شاهدهم يقبلون بدخول الجيش السوري لبنان عام 1976 ويكسبون انتصاراً وهميا وموقتاً من خلاله على التنظيمات الفلسطينية و"الحركة الوطنية"، لكن النتيجة كانت كارثة عليهم مرة أخرى. شاهدهم لاحقاً يقبلون بالسلاح الإسرائيلي الذي جر إلى اجتياح كانت الكارثة معه وبعده أكبر. وشاهدهم يأتون بالسلاح العراقي ليقاتلوا السلاح السوري ثم ليتقاتلوا في ما بينهم، ثم اكتسحهم السلاح السوري وظل سنوات طويلة يمارس عليهم وعلى اللبنانيين جميعاً ابتزازا مخيفاً: "إذا خرجنا من لبنان فستقع حرب أهلية في ما بينكم، فاقبلوا بنا لنحميكم". كثيرون يئسوا وقبلوا وقتها بهذا العرض. لكن الرجل الذي رأى بعيداً أطلق نداءه الشهير عام 2000 ليخرج السلاح السوري. وخرج فعلاً بعد خمس سنوات إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وانضمام فئات واسعة من أبناء لبنان إلى المطالبة بلبنان حر سيّد. لبنان أولاً.
اليوم يقولون لرعيته إذا قبلتم بسلاح "حزب الله"، المعروف مصدره وعقيدته وهدفه، فستنعمون بالحماية، وفوقها المشاركة في الدولة. وتكون وزارة الاتصالات لكم.
ماذا كنتم تتوقعون أن يقول غير ما قال؟
إيلي الحاج
المصدر: جريدة النهار