ما الذي يستثير الإرهاب؟.. مفاهيم إسلامية خاطئة... السياسة الخارجية الأميركية أو

تاريخ الإضافة الأربعاء 14 كانون الأول 2016 - 4:20 ص    عدد الزيارات 1255    التعليقات 0

        

 

ما الذي يستثير الإرهاب؟.. مفاهيم إسلامية خاطئة... السياسة الخارجية الأميركية أو معايير الغرب المزدوجة؟
الراي...تقارير خاصة ..كتب - إيليا ج. مغناير
مشاعر الإحباط موجودة والتظلمات ضد تجاوزات الغرب مشروعة لكنها لا يمكن أن تكون المبرر الوحيد للإرهاب
آن الأوان لتغيير سياسات الغرب الخاطئة من خلال التحديد الدقيق لحقيقة هذه التصرفات والفوضى التي أفرزتها
القيم المهمة والجوهرية يتم انتهاكها باستمرار الأمر الذي يدفع الشباب إلى أحضان التنظيمات الإرهابية واستعداء شعوب بأكملها
الواقع أن المحللين وقادة الرأي الأميركيين الذين يحتلون الجزء الأكبر على منصة التقارير الإعلامية الرئيسية يميلون إلى التركيز على ردود أفعال الإرهابيين، حيث يدرسون ويعدون تقارير عن تصرفاتهم وكيفية غسل ادمغتهم بمفاهيم اسلامية خاطئة لا علاقة لها بجوهر الدين، وخلفياتهم، وأهدافهم، وسلوكياتهم، والعلاقات التي تربط بين التنظيمات الإرهابية المختلفة، كما يحللون خطواتهم المقبلة... لكنهم لا يركزون كثيرا على العامل «الشراري» الحقيقي الذي يقف وراء استثارة الإرهاب. وقد تم تأليف ملايين من الكتب حول الجماعات الإرهابية وخلفياتها. وهناك دول، كالمملكة المتحدة مثلا، تشجع استرتيجية حكومية مناهضة للإرهاب (وتعرف اختصارا بـ«استراتيجية CONTEST»)، وتؤيد فرض رقابة على مجتمعات وجاليات بعينها بذريعة مكافحة ما يسمى اصطلاحا بـ«مكافحة التطرف الأصولي العنيف الذي يقود إلى الإرهاب» (ويعرف اختصارا بـ VERLET).
«الراي» طرحت هذا الأمر أمام البروفيسور ماكس أبرامز، المُنظّر في شؤون الإرهاب وأستاذ العلوم السياسية في جامعة «نورثيسترن»، فقال: «لقد دأبت الولايات المتحدة من دون أن تقصد على الإسهام في استثارة الإرهاب العالمي من خلال سياساتها الفاشلة على صعيد تغيير أنظمة الحكم (العراق وليبيا وسورية وأفغانستان) منذ إعلانها(الحرب على الإرهاب)». فتغيير نظام الحكم في شكل غير مدروس في العراق أدى إلى خلق فراغ في السلطة، وهو الفراغ الذي ملأه تنظيم القاعدة في العراق، ثم تنظيم داعش في نهاية المطاف. وقليلون جدا من الأميركيين يفهمون أن إطاحة معمر القذافي في ليبيا أدت إلى خلق فراغ مشابه في السلطة، وهو الأمر الذي صب إلى درجة كبيرة في مصلحة تنظيم داعش إلى جانب جماعات مسلحة أخرى. كما أن هناك عددا أقل من الأميركيين يفهمون أن تسليح المعارضة السورية أسهم إلى حد بعيد في دعم داعش وجبهة النصرة، كما أدى إلى إطالة أمد الحرب الأهلية هناك. ومن خلال هذه الطرق، فإن الاستراتيجية الأميركية المضادة للإرهاب أتت بنتائج عكسية».
كما أن تقارير، أعدتها وحدة تابعة لقسم مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (اف بي آي) وعددا من عملاء المكتب الخاصين المنخرطين في مجال «الإرهاب العنيف ذو المنشأ المحلي»، خلصت إلى أن السياسات الخارجية الأميركية كانت هي الدافع الرئيسي المحرك للهجمات الإرهابية التي أتت كردود انتقاما لمئات آلاف ممن تم قتلهم في أرجاء منطقة الشرق الأوسط.
المالكي والأسد
ويقول اللواء ويليام غودويل، الناطق العسكري الأميركي الرسمي في العراق، عام 2006 إن سورية كانت واحدة من بين دول شرق أوسطية عدة سمحت بتسهيل دخول مقاتلين أجانب إلى بلاد الرافدين (العراق). كما أن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي هدد بقطع العلاقات مع بشار الأسد، لأنه (المالكي) رأى أن الجهاديين القادمين من سورية نفذوا عمليات قتل كبرى بين صفوف السكان المدنيين (العراقيين) وأنهم بذلوا كل ما في وسعهم من أجل إزكاء نار حرب طائفية بين السنة والشيعة. وفضلا عن ذلك، اتهم المالكي السعودية وقطر بتمويل العنف في دولته. وأيضا، لعبت إيران دورا تكتيكيا في إيواء وتسليح وتوفير الدعم اللوجستي لتنظيم «القاعدة» ولمسلحين آخرين مناهضين للولايات المتحدة طالما كان هدفهم هو مقاتلة قوات الاحتلال في العراق.
وعلى رغم العوامل المحلية التي تراكمت وأدت الى ولادة الثورة السورية وممارسات النظام ومطالبات السوريين بالتغيير، فان هناك من يرى ان قواعد الحرب كان قد تم وضعها في العام 2000 وذلك عندما تم اقتراح مد خط أنابيب لنقل النفط بتكلفة 10 مليارات دولارات وبطول 1500 كيلومتر للربط بين دول خليجية وتركيا، بهدف ضرب قطاعات الغاز والاقتصاد الروسية من خلال توفير بديل للغاز الأوروبي من خلال تركيا. فروسيا تبيع ما نسبته 75 في المئة من غازها إلى دول أوروبا، وكان من شأن خط الأنابيب هذا أن يوجه ضربة إلى مبيعات الرئيس فلاديمير بوتين من الغاز الطبيعي الروسي وخصوصا خارج أوروبا.
وقد كتب روبرت اف كينيدي الابن ما نصه: «هناك برقيات وتقارير سرية أرسلتها وكالات وأجهزة استخبارات أميركية واقليمية، أشارت إلى أن مخططين عسكريين واستخباراتيين توصلوا بسرعة إلى إجماع على تأجيج اي انتفاضة لإسقاط بشار الأسد لرفضه مد خط أنابيب النفط ذلك». ونشر موقع «ويكيليكس»، في العام 2009 وثائق بهذا المعنى.
 باول يهدد
وفي مايو 2003، قام وزير الدفاع الأميركي (آنذاك) كولن باول بزيارة إلى دمشق وهدد الرئيس السوري بشار الأسد. وكان رد سورية على تلك الزيارة هو «نحن نريد حوارا وليس انذارات نهائية من واشنطن». وكان باول طالب الأسد بالتعاون الكامل في إيقاف تدفق الأسلحة إلى «حزب الله» اللبناني، وبإغلاق معسكرات ومكاتب حركة «حماس» الفلسطينية في دمشق.
وعلاوة على ذلك، وفي أعقاب حرب العام 2006 في لبنان، أصبحت سورية مستهدفة بسبب دعمها عسكريا لـ «حزب الله». ففتح الأسد مخازن أسلحته ليقدم صواريخ موجهة مضادة للدبابات وصواريخ استراتيجية طويلة المدى إلى «حزب الله» ليتمكن من إيقاف الغزو الاسرائيلي. ولم تأخذ واشنطن مبادرة التفاوض مع دمشق إلا بعد أحداث 2006 في لبنان، وذلك بهدف فصل سورية عن إيران وعن «محور الممانعة». آنذاك قام توم لانتوس (رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي) بزيارة إلى دمشق وهدد الرئيس الأسد قائلا: «من مصلحة دمشق أن تعرف على أي جانب ينبغي أن تكون».
وفي تصريح صادم، أكد الجنرال الأميركي ويزلي كلارك أن سورية تم ادراج اسمها ضمن قائمة دول يستهدفها الجيش الأميركي بالتدخل على أساس خارطة طريق عسكرية مدتها 5 سنوات، وهي الخارطة التي تمت صياغتها في العام 2001، وذلك بعد التدخل في العراق ثم لبنان ثم ليبيا ثم الصومال ثم السودان وإيران.
وأخيرا، وفي أغسطس 2011، وخلال الأشهر الأولى من الثورة (السورية)، قام زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي بإرسال ملازمه ابو محمد الجولاني مع عدد من القادة والعلماء من دول عدة في المنطقة إلى سورية كي يشجعوا ويجندوا الشباب ثم أمر بتشكيل «جبهة النصرة لأهل الشام» التي اشتهرت بـ«جبهة النصرة».
وفي مقابل هذا، فإن الإسهام الذي قدمته دول المنطقة لمقاومة القوات الأميركية في العراق، ضئيل إذا قورن مع التأثير المدمر الذي نجم عن الحرب الأميركية ذاتها، وعن تغيير نظام الحكم في العراق، والمعايير الأميركية المزدوجة التي استفزت المشاركة من جانب مقاتلين أجانب من شتى أرجاء العالم.
أبو مصعب الزرقاوي، كان في اقليم كردستان قبل العام 2003 مع جماعة «أنصار الإسلام». ولم يصبح للزرقاوي صيتا إلا عندما أبرز وزير الخارجية كولن باول اسمه في فبراير 2003 كي يدعم مبررات احتلال العراق. في ذلك الوقت، لم يكن الزرقاوي حتى قائدا لفرع تنظيم «القاعدة» في العراق. وعلى نحو أحمق، قام الجيش الأميركي بتضخيم حجم وقوة دور الزرقاوي في حركة التمرد، مستخدماً في ذلك الدعاية الإعلامية ومستقطباً بالتالي مزيداً من المقاتلين الأجانب إلى جماعة الزرقاوي. وتعليقا على ذلك قال الكولونيل ديرك هارفي، الذي كان آنذاك ضابط استخبارات أميركيا في العراق: «تركيزنا على الزرقاوي أدى إلى تضخيم صورته، وإن شئت فقل إن ذلك جعله بطريقة أو بأخرى يبدو أكثر أهمية مما كان فعليا».
وهذه الأمور هي من بين نتائج السياسة الخارجية الأميركية، والتدخلات غير القانونية في شؤون منطقة الشرق الأوسط، وهي التدخلات التي دفعت دولا وجماعات إلى الرد والمجابهة التصادمية. لكن هذه الأمور نادرا ما تثار للمناقشة، ويمكن للمرء أن يشتبه في أن هناك تعمدا لعدم الاتيان حتى على ذكرها.
لكن هذا ليس كل شيء. ففي التالي حقائق مهمة يحاول الباحثون أن يتفادوها، وهي غيض من فيض:
1 - التغاضي المستمر عن الانتهاكات الاسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين واحتلال دول في المنطقة وتغيير انظمتها.
2 - الحظر الأميركي الذي تم فرضه في التسعينات على عدد من الدول وهو الحظر الذي اضر بالشعوب لا بالانظمة.
3 - الرئيس الأميركي باراك أوباما هو الشخص الوحيد الذي يملك سلطة إطلاق غارات بطائرات لقتل «نشطاء إرهابيين» في خارج الولايات المتحدة. وخلال العام 2010، أدى 75 هجوما بطائرات في باكستان إلى قتل 650 شخصا. ووفقا لتقديرات وكالة «دون» الباكستانية للأنباء، فإن هناك 123 شخصا مدنيا قتلوا في مقابل كل مسلح تم قتله خلال تلك الغارات. وفي اليمن، كان هناك 170 مسلحا تم قتلهم في مقابل نحو 1800 مدني خلال غارات (أميركية) مشابهة. وتطلق الإدارة الأميركية على ذلك اسم «أضرار جانبية». وأيضا، هناك أكثر من 30 ألف مدني قتلوا خلال الحرب الأميركية في أفغانستان.
والشواهد المذكورة آنفا ليست سوى أمثلة قليلة من أسباب وتأثيرات سياسات الغرب الخارجية باعتبارها «مستثيرات» للإرهاب.
دور وسائل الإعلام
والدور الذي تلعبه وسائل الإعلام هو أيضا دور يجعلها مساهما رئيسيا في نمو الإرهاب والتجنيد له. فنشر صور مؤججة للمشاعر ومنسوبة إلى مصادر زائفة، هي أمور تنطوي في مجملها على تأثير مضلل للجمهور والقراء من خلال تزويدهم ببيانات زائفة بشكل لا يعكس سوى نوع من «التفكير السياسي الحالم» غير المعلن.
ومتابعو وسائل الإعلام ليسوا في حاجة إلى الذهاب ومقابلة جهاديي تنظيم «القاعدة» كي يفهموا رسالتهم أو أن يتواصلوا مع مواقع أو مطبوعات «داعش» الالكترونية ويجازفوا بمواجهة عقوبة السجن في أوطانهم بتهمة الدخول إلى مواد أو دعاية خاصة بجهاديين. فوسائل الإعلام الغربية تعرض فعليا ما يكفي من المواد لترويج دعايات «داعش» و«القاعدة» الهادفة إلى تجنيد متطوعين. فهي دعايات تبين مدى سهولة هزيمة دولة (العراق أو سورية مثلا)! ومدى عدم كفاءة الجيشين العراقي والسوري! وكل هذه الروايات ترسخ الصورة في الأذهان باعتبارهم مسلحين لا يُقهرون، وبالتالي من الممكن استخدام تلك الدعايات من جانب الجهاديين الناشئين في الغرب كي يحاربوا دوله من داخلها، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب تأييد وتنفيذ المنطق الداعي إلى مكافحة الإرهاب.
وليس ضرورياً أن يكون المرء مسلماً راديكالياً أو حتى غير راديكالي (ويعيش في الغرب) كي يتفهم غضب أي شخص عادي يعيش في منطقة الشرق الأوسط، وهو الشخص الذي يرى بأم عينيه أناسا أبرياء يتم تقتيلهم من جانب أولئك الذين يزعمون أنهم يريدون أن يصدّروا وينشروا مجتمعا اشتماليا ذا قيم مشتركة.
حكومات دول الغرب تقول: «احترام القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان ينبغي أن يكون جزءا لا يتجزأ من الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب». وذات مرة تساءل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن قائلا: «لماذا يكرهنا الإرهابيون؟» وأجاب عن تساؤله بالقول: «لأنهم يكرهون حرياتنا، حريتنا الدينية، وحريتنا في التعبير». فهل هذا صحيح؟ هل القيم الغربية مكروهة لأن تلك الحريات مرعية ويتم تطبيقها باحترام (من جانب الغرب) في الشرق الأوسط؟ وكيف تكون كذلك في ظل التسبب في سقوط مئات الآلاف من الابرياء بسبب الحظر، مئات الآلاف من المدنيين في عمليات حربية، وغزو دول ذات سيادة على أساس مزاعم زائفة، وتسبب طائرات في «أضرار جانبية» مهولة؟ وهل حقوق الإنسان يتم احترامها من خلال تعذيب أسرى في السجون أو من خلال التستر على النطاق الواسع للتعذيب بطريقة الإيهام بالإغراق؟
مراجعة السياسة المروعة
وبدلا من أن يكون (الغرب) مسؤولا عن مقتل مليون و170 ألف شخص على الأقل (من بينهم 800 ألف مدني ماتوا كنتيجة غير مباشرة للحروب في أفغانستان وباكستان والعراق)، وبدل إنفاق 4.79 تريليون دولار على الحروب ذاتها وعلى محاولة مكافحة الإرهاب، فلماذا لا ينفق الغرب وقتا كافيا وأموالا أقل من ذلك بكثير في اعادة النظر ومراجعة هذه السياسة الخارجية المروعة التي تؤدي في الواقع إلى دفع الناس - خصوصا الشباب - إلى محاولة «فعل أي شيء» من أجل مناهضة تلك السياسة. ماذا مثلا عن ضبط وتعديل بل وحتى ايقاف هذه الرسالة المشوشة التي يواصل الغرب توجيهها إلى الشرق الأوسط؟ فالقيم المهمة والجوهرية يتم انتهاكها باستمرار، وهو الأمر الذي يدفع الشباب إلى أحضان التنظيمات الإرهابية واستعداء شعوب بأكملها.
إن الغالبية العظمى من الشعوب المسلمة تنظر إلى إضعاف وإنقسام الإسلام باعتباره هدفاً من أهداف الولايات المتحدة. وفي مواجهة هذا، فإن الثقل الأكبر من بين المسلمين يتفق على ضرورة تغيير سلوكيات الولايات المتحدة في العالم الإسلامي، ونشر حوكمة إسلامية، والمحافظة على الهوية الإسلامية وتأكيدها (وفقاً لما أظهرته نتائج استطلاع للرأي أجراه «وورلد ببليك أوبينيون» في العام 2009).
إن مشاعر الاحباط في منطقة الشرق الأوسط موجودة، والتظلمات ضد تجاوزات الغرب مشروعة، لكنها لا يمكن أن تكون المبرر الوحيد للإرهاب. وقد آن الأوان لتغيير سياسات الغرب الخاطئة، من خلال التحديد الدقيق لحقيقة هذه التصرفات والفوضى التي أفرزتها.

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat...

 الجمعة 13 أيلول 2024 - 11:00 ص

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat... An Islamic State branch has a… تتمة »

عدد الزيارات: 170,678,299

عدد الزوار: 7,611,725

المتواجدون الآن: 0