أخبار لبنان..أكسيوس: إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان..4 ملايين إسرائيلي في الملاجئ..ووقف النار مرجح نهاية الشهر؟..هوكشتاين يلوّح بوقف وساطته..والاحتلال يهدّد بقصف مؤسسات الدولة..الراعي يشكّك في المفاوض اللبناني: المطلوب استمرار الحرب؟..مَخاوف في لبنان من «إعصار نارٍ» مجنون قبل بلوغ الحلّ..باسيل: إذا لم تنته الحرب هل نبقى بلا رئيس للجمهورية في لبنان؟..4 أسابيع حاسمة في لبنان إسرائيل تريد إما اتفاق سلام أو «وصاية أميركية»..نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان..أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية..هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً..إلى أي مدى يمكن أن يستمرّ «استقرار» سعر الصرف؟..
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024 - 4:04 ص 386 محلية |
أكسيوس: إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان..
الراي.. قال موقع «أكسيوس» الأميركي نقلا عن مسؤول إسرائيلي «كبير»، إن إسرائيل تتجه صوب إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان مع حزب الله. وذكر تقرير منفصل من هيئة البث العامة الإسرائيلية نقلا عن مسؤول إسرائيلي أنه لم يتم إعطاء أي ضوء أخضر لإبرام اتفاق في لبنان، مضيفا أن ثمة قضايا لا تزال في حاجة إلى حل. ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن المبعوث الأميركي آموس هوكستين قوله، إن ما نقل عن أن إسرائيل أعطت الضوء الأخضر، للمضي قدما نحو الاتفاق مع لبنان، «ليس دقيقا». وأفاد موقع «أكسيوس» في وقت سابق، مساء الأحد، بأن هوكستين أبلغ السفير الإسرائيلي لدى واشنطن أنه في حال لم ترد إسرائيل بشكل إيجابي في الأيام المقبلة على اقتراح وقف إطلاق النار مع لبنان، فإنه سينسحب من جهود الوساطة. وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد قالت الأحد، إن الاتفاق مع لبنان «تم»، بينما يدرس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كيفية إعلانه.
4 ملايين إسرائيلي في الملاجئ..ووقف النار مرجح نهاية الشهر؟..
هوكشتاين يلوّح بوقف وساطته.. والاحتلال يهدّد بقصف مؤسسات الدولة
اللواء....يوم الغضب على اسرائيل: 4 ملايين في الملاجئ، أو بين الأرض وتحتها، ما يقرب من 340 صاروخاً على مستوطنات الحافة الى وسط دولة الاحتلال، دبابات (ميركافا) مدمرة بين البياضة ومثلث ديرميماس- القليقة- مرجعيون، وجلسة للمجلس الأمني- العسكري المصغر (الكابينت) برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي يصر على مواصلة الحرب، مع معاوني وزير الدفاع كاتس ورئيس الأركان هاليفي.. وأدت هذه الهجمات الصاروخية، بالاضافة الى عشرات المسيّرات، كرد على استهداف اسرائيل بالصواريخ الارتجاجية مبنى من عدة طوابق في البسطة الفوقا، ما تزال عمليات الدفاع المدني والصليب الاحمر جارية لرفع الانقاض وانتشال الجثث والجرحى، بعدما احصي اكثر من 30 شهيداً وجرح67 آخرين. وقالت وسائل اعلام اسرائيلية ان صواريخ حزب الله، خرجت عن السيطرة منذ صباح امس. وعزت القناة 13 الى سوء الاحوال الجوية صعَّب على سلاح الجو الاسرائيلي رصد منصات اطلاق الصواريخ التي استخدمها حزب الله. ونقلت القناة 14 عن مسؤول اسرائيلي كبير قوله: سنوقف القتال في لبنان، ربما في الايام القليلة المقبلة. ونقلت القناة 13 عن مصادر لم تكشف هويتها، ان آموس هوكشتاين هدد بترك الوساطة، ان لم يتم التوصل الى اتفاق، عبر السفير الاسرائيلي في واشنطن. وكانت اسرائيل ابلغت هوكشتاين بعيد وصوله الى واشنطن اعتراضها على وجود فرنسا للجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف النار بحجة دعمها لقرار المدعي العام الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية، مع التأكيد على التزام لبنان بالحضور الفرنسي. وذكرت هيئة البث الاسرائيلية ان اسرائيل اعطت الضوء الاخضر للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، للمضي قدماً نحو الاتفاق مع لبنان. لكن هوكشتاين اكد ان ما نسب في هذا الاطار ليس دقيقا، لجهة المضي قدماً للاتفاق مع لبنان. وذكرت هيئة البث الاسرائيلية ان نتنياهو استعرض مع مقربين منه سبل ابلاغ الجمهور باتفاق التسوية المرتقب مع لبنان.
شروط نتنياهو
بالمقابل، خلال الاربع وعشرين ساعة الماضية، ابلغت الادارة الاميركية جهات مهمة في لبنان ان رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نتنياهو ليس مستعدا لايقاف العدوان على لبنان حاليا، وغير موافق على الطرح الاميركي لوقف اطلاق النار بصيغته الحالية ايضا، مطالبا بتعديل القرار ١٧٠١ بشكل جذري، وارفاقه بقرار جديد يتضمن كل المطالب غير المدرجة في القرار القديم، واشارت مصادر مطلعة ان نتنياهو طلب مهلة لا تقل عن اربعة إسابيع لاتمام مهمته كما يزعم للقضاء على حزب لله واعادة المستوطنين إلى الشمال. وفقا لما قالته المصادر، فان النقاط التي يريد العدو تعديلها تشمل ما يشبه اعادة ترسيم الحدود البرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، بحيث تصبح الحدود بين البلدين ارض ميتة، ويمنع تواجد اي مدني عليها بإستثناء القوات الدولية واللجنة المعنية بتطبيق القرار ١٧٠١ المعدل. إذاً، حسب ما تسرّب، يكون نتنياهو بكل ما تسرّب من الإعلام العبري والأميركي عن تقدّم في المفاوضات وقُرب التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، ولم يعد ممكناً تصديق الكلام الأميركي عن اتصالات من وزير الدفاع لويد اوستن وقائد المنطقة الوسطى للجيش الأميركي بالقيادة السيإسية والعسكرية الإسرائيلية، لطلب عدم إستهداف جيش العدو للجيش اللبناني، إذ ان ثمرة هذه الاتصالات كانت أمس قصف حاجز الجيش في العامرية على طريق صور - الناقورة وإستشهاد عسكري وإصابة 18 بجروح وأضرار مادية كبيرة، وقبل ذلك إستشهاد وإصابة العشرات من الجنود. وظهر من الوقائع الميدانية خلال اليومين الماضيين ان قيادة الإحتلال ماضية في حربها المجنونة ضد لبنان على كامل مساحته، سواء بالغارات على بيروت (غارة البسطة أدّت إلى ارتقاء 29 شهيداً وجرح 70 شخصاً) والضاحية وقرى الجنوب والبقاع حيث ارتقى عشرات الشهداء، أو بتوسيع العملية البرية في محاور القطاع الغربي من الناقورة إلى شيحين وطير حرفا والجبين وشمع، وفي مدينة الخيام بشكل خاص في محاولة جديدة للوصول إلى مجرى نهر الليطاني بما يُمكّن إسرائيل من تسجيل «انتصار» ولو محدود على لبنان ومقاومته وفرض الشروط التي يريدها. هذا التصعيد اوحى لبعض الجهات السياسية المتابعة بأن الكيان الاسرائيلي ذاهب الى ابعد من مجرد مطالب وشروط امنية وسياسية لضمان حدوده الشمالية واعادة المهجرين من المستوطنات الحدودية. فظهر من كلام نتنياهو في الاسابيع الاخيرة ان هدف الحرب هو تغيير خريطة الشرق الاوسط وواقعه السياسي، وصولا الى ما يخطط له من استكمال التطبيع مع بعض الدول العربية واقامة سلام في الشرق الاوسط وفق رؤيته لهذا «السلام». وبالعودة الى وعود الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب بأنه سيعمل فور تسلمه منصبه رسمياً على «تحقيق السلام في الشرق الاوسط بما يعيد الازدهار والاستقرار والامان الى شعوبه»، ويتضح ان السلام الذي يريده ترامب لا يختلف عن الذي يريده نتياهو بل يتماهي معه الى حد التوافق التام. وفي اطار الضغوطات الجارية، كشفت هيئة البث الاسرائيلي ان العدو ابلغ لبنان انه اذا لم يحصل اتفاق فسيقصف الجيش الاسرائيلي اهدافا لبنانية لا تقتصر على استهداف الضاحية الجنوبية، كاستهداف بيروت والمجلس النيابي.
حراك دولي
ومع ذلك استمر الحراك الدولي لوقف لحرب فبدأت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت زيارة إلى إسرائيل امس، ومن المقرر أن تلتقي خلالها بكبار المسؤولين الإسرائيليين لمناقشة الأزمة الحالية، وأهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى تنفيذ القرار 1701 بشكل شامل. كما وسائل إعلام إسرائيلية: مبعوث البيت الأبيض دان شابيرو يجتمع غدا مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لبحث الملف اللبناني
حذر فرنسي
من جانبه، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الأحد، اللبنانيين والإسرائيليين إلى اغتنام «فرصة» سانحة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله.وقال بارو لقناة «فرانس 3»: هناك فرصة سانحة وأدعو جميع الأطراف إلى اغتنامها. وإذ أعرب عن «حذره»، قال: أنه من خلال الدبلوماسية والعمل مع الأطراف المعنية بشأن المعايير التي تتيح ضمان أمن إسرائيل وسلامة الأراضي اللبنانية، أعتقد أننا بصدد التوصل إلى حل قد يكون مقبولاً من جميع الأطراف الذين ينبغي عليهم اغتنامه للتوصل إلى وقف النيران ووقف الكارثة الإنسانية أيضاً.
بوريل للإسراع بانتخاب رئيس
ودعا منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل بعد لقاء كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون الى وقف النار في لبنان واحترام سيادة هذا البلد. واكد بوريل على دعم الجيش اللبناني، وتخصيص 200 مليون دولار لدعمه. ودعا بوريل قادة لبنان لتحمل مسؤولياتهم وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. سياسياً، قالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أن التصعيد الذي حصل في إطار المواجهات بين حزب لله والعدو الأسرائيلي لا يعني أنه حاسم قبل تنفيذ وقف إطلاق النار ما دامت المواقف النهائية من المعنيين لم تصدر ، وأشارت في المقابل إلى أنه يمكن أن يؤدي إلى مواصلة التفاوض بالنار للوصول إلى حل يتوافق عليه الجانبان اللبناني الإسرائيلي بواسطة أميركية، معتبرة أن الأمور في خواتيمها. إلى ذلك تتحدث المصادر عن التواصل الجديد بين رئيس الحزب التقدمي الأشتراكي السابق وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الدكتور سمير جعجع يندرج في إطار فتح النقاش حول المرحلة الراهنة كما المرحلة المقبلة وإمكانية إنجاز تفاهمات أو خارطة طريق للعمل بين الفريقين . واعتبر الرئيس نجيب ميقاتي ان استهداف الجيش اللبناني يمثل رسالة دموية برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل الى وقف النار وتنفيذ القرار 1701. وتساءل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: من يفاوض لوقف اطلاق النار، وباسم مَنْ، ولصالح مَنْ؟ وهي اولى صلاحيات رئيس الجمهورية المغيب قصراً.. وأكد: ما لم ينتخب المجلس النيابي رئيساً للجمهورية، لن يتمتع مجلس النواب والحكومة بصلاحياتهما، ويبقى كل عملها منقوصاً وغير ميثاقي. وتوقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عند موقف الثنائي الشيعي، الذي يرفع شعار لا انتخاب رئيس للجمهورية من دون وقف النار، وقال: اذا لم تنته الحرب، هل نبقى بلا رئيس للجمهورية. وسأل باسيل: عادة عند وضع شرط لوقف النار يكون للضغط على العدو، ولكن على من تضعون هذا الشرط؟ على لبنان ولبنانيين.
لا تدريس حضوري اليوم
وإزاء هذا التطورات، علق وزير التربية والتعليم العالي التدريس الحضوري في المدارس والمعاهد المهنية والتقنية والرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة، والاستعانة بالتعليم عن بُعد.
الوضع الميداني: تل ابيب مقابل بيروت
شهد اليومان الماضيان تصعيداً عسكريا خطيرا وواسعا تمثل اولا بالغارة التدميرية الكبيرة على شارع فتح الله في البسطة بقلب بيروت استهدفت عددا من المباني بحجة اغتيال القيادي الكبير في حزب لله النائب السابق محمد حيدر الذي تتهمه اسرائيل بانه مسؤول عمليات المقاومة في الجنوب وفي خارج لبنان، لكنها اقرت بان العملية فشلت إذ تأكد ان حيدر لم يكن في المنطقة. بل سقط 29 مدنيا بينهم 13 شخصا من عائلة واحدة من الجنوب نزحت من حي السلم. وردت المقاومة مساء السبت ونهار ومساء امس بسيل كبير من الصواريخ على تل ابيب وحيفا وعكا ونهاريا وصفد وجبل ميرون وقواعد عسكرية بعمق 150 كيلومترا وعلى المستعمرات الشمالية، ما اوقع بإعتراق اعلام العدو اصابات بشرية وتدمير ابنية واشتعال حرائق. ما كرّس لدى المقاومة معادلة تل ابيب مقابل بيروت. ونشر الاعلام الحربي للمقاومة صورة للدمار والحرائق في تل ابيب تحت عبارة:بيروت تقابلها تل ابيب. ومساء الاحد اطلقت صفارات الانذار بعد السادسة مساء في تل ابيب وسقطت الصواريخ في ضواحي المدينة لا سيما بمنطقة «غوش دان». واعلنت القناة 14 الاسرائيلية: انه ردًا على إطلاق الصواريخ بشكل واسع اليوم (إطلاق 340 صاروخًا من لبنان تجاه إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان منذ صباح اليوم). من المتوقع أن يوسّع الجيش الإسرائيلي هجماته خلال الساعات المقبلة في عمق لبنان. وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلاً عن مصدر عسكري: قرابة 4 مليون شخص دخلوا إلى الغرف المحصنة في إسرائيل منذ صباح اليوم وصفارات الإنذار دوت أكثر من 500 مرة. واستمرت المواجهات البرية خلال اليومين الماضيين في محاور القطاع الغربي ومدينة الخيام – ديرميماس حيث ركزت المقاومة على ضرب دبابات العدو وتجمعات جنوده، ما اضطره مساء امس الى سحب نحو 30 آلية من محور البياضة بإتجاه شمع وطيرحرفا، والتراجع من بعض اطراف الخيام نتيجة القصف الذي استخدمت فيه يوم السبت نحو 28 مسيرة لضرب تجمعات جنود الاحتلال عدا القصف الصاروخي والمدفعي. والى ذلك واصل العدو غاراته على قرى الجنوب البقاع موقعا يوم السبت فقط 84 شهيدا و 213 جريحا بمن فيهم اء البسطة حسب مركز طوارىء وزارة الصحة.هذا عدا شهداء امس الاحد. وفي منطقة العامرية في صور.. ادى القصف على مركز للجيش اللبناني الى استشهاد جندي واصابة 18 آخرين بجروح، اصابات بعضهم بليغة. وبعيد السابعة، واثر انذار من الناطق الاسرائيلي، شنت الطائرات المعادية 7 غارات على مناطق عدة في الغبيري، وحارة حريك والعمروسية- الشويفات. وتحدث حزب الله عن تدمير 6 دبابات واسقاط مسيرة، واستهداف مواقع لتجمعات الجيش الاسرائيلي في شمع ودير ميماس والخيام، واحياء معادلة تل ابيب مقابل بيروت. واعترف الجيش الاسرائيلي سقوط 340 صاروخاً على مستعمرات الجليل والوسط وصولاً الى تل ابيب وصفد ونهاريا وعكا وحيفا وغيرها.. كما استهدفت الغارات الاسرائيلية مبنى في منطقة الطيونة.
تسريبات أميركية وإسرائيلية حول اتفاق وشيك: لبنان يرفض التكهنات وينتظر الجواب الرسمي
الأخبار.... تتأرجح تسوية وقف إطلاق النار بين «هبّة» باردة وأخرى ساخنة، وتسريبات متناقضة، تارة حول قرب التوصل إلى اتفاق، وأخرى حول عراقيل لا تزال تعترضه، وهو ما دفع المسؤولين اللبنانيين إلى التعاطي بحذر مع كل هذه التسريبات، نظراً إلى «سوابق» كل من رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو و«الوسيط» الأميركي عاموس هوكشتين. وهو ما دفع الرئيس نجيب ميقاتي، أمس، إلى الذهاب إلى حافة نعي التسوية، معتبراً أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب، وسقوط شهداء وجرحى، يمثّل رسالة دمويّة مباشرة برفض كلّ المساعي والاتصالات الجارية للتّوصّل إلى وقف لإطلاق النّار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدّولي الرّقم 1701»، مذكّراً بـ«انقلاب العدو على النّداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النّار في أيلول الفائت». مصادر رسمية قالت إن التخوف اللبناني من انهيار مهمة هوكشتين يعود إلى أن الأخير الذي اتصل بعد زيارته إلى تل أبيب متحدثاً عن إيجابيات لم يعد بـ«ورقة الملاحظات» التي كان قد أشار إليها. وأضافت أن إصرار العدو على توجيه ضربات مباشرة إلى الجيش اللبناني والقوات الدولية، وتوسيع دائرة التدمير، لا يوحي بأنه راغب بالوصول إلى حل. ولفتت المصادر إلى أن هوكشتين سمع خلال زيارته الأخيرة لبيروت «هواجس لبنان حيال سلوك إسرائيل»، كما سمع تحذيراً مسبقاً بأن ما وافق عليه لبنان هو «الحد الأقصى من التنازلات، وفشل الولايات المتحدة في الوصول إلى تسوية سيقفل باب التفاوض، ويُترك الأمر كاملاً للميدان». وأضافت أن مسؤولاً لبنانياً بارزاً كان صريحاً مع هوكشتين بالقول: «لدينا خبرة طويلة في التعامل مع إسرائيل، سواء في الميدان العسكري أو التفاوضي، وهم يعرفون أننا خبراء بهم، وبالتالي، ليس عليهم توقّع أي تنازل من لبنان مهما بلغت حدة العدوان». ورغم التصعيد الكبير الذي شهده يوم أمس، وسجّلت خلاله المقاومة أكبر عدد من العمليات وتوجيه أكبر عدد من الصواريخ إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في يوم واحد، في مقابل قصف عنيف تعرّضت له الضاحية الجنوبية لبيروت ليلاً، أصرّت الأوساط الأميركية على تسريبات تؤكد أن «الأجواء إيجابية». فبعدما أسهبت وسائل إعلام عبرية في الحديث عن توجيه هوكشتين «تهديداً» إلى الإسرائيليين بالانسحاب من الوساطة «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام»، حرصت مصادر أميركية على التسريب عبر قناة «الجديد» ليلاً بـ«أننا دخلنا ربع الساعة الأخير وأن اتفاق وقف إطلاق النار أصبح شبه مكتمل وإعلانه ربما خلال أيام أو أسبوعين كأقصى حد»، نافية أن يكون هوكشتين انسحب من الوساطة أو هدّد بالانسحاب. ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن «اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يقترب ولا يزال هناك بعض العمل يتعيّن القيام به». وأُعلن عن توجّه مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دانيال شابيرو إلى إسرائيل اليوم لإنهاء تفاصيل التسوية. وفي كيان العدو، جارت وسائل الإعلام «الإيجابية» الأميركية، إذ نقلت القناة 14 عن مصدر إسرائيلي رفيع «أننا نتجه إلى إنهاء الحرب على لبنان، ربما خلال أيام»، موضحاً «أننا سنوقّع الاتفاق مع الولايات المتحدة وسيكون مؤقتاً قبل الانتقال إلى اتفاق دائم مع لبنان». وليلاً، نقل المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» نداف أيال عن «مصادر في لبنان والولايات المتحدة وإسرائيل» أن «إسرائيل أعطت ضوءاً أخضر انسجاماً مع قرار نهائي للمجلس الوزاري المصغّر، للتوقيع على اتفاق مع لبنان. وأبلغ هوكشتين لبنان بذلك هذا المساء». كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية أن «إسرائيل أعطت الضوء الأخضر لهوكشتين للمضي قدماً نحو الاتفاق مع لبنان».
لبنان أبلغ هوكشتين أن ما قدّمه هو الحد الأقصى والفشل في الوصول إلى تسوية سيقفل باب التفاوض
غير أن هيئة البث الإسرائيلية عادت لتنقل عن مصدر مطّلع «نفيه بشدة إعطاء الضوء الأخضر للتوصل إلى تسوية»، مشيراً إلى أن «واشنطن تنتظر إجابات وتحديثات من الأطراف وحل قضايا صغيرة تحتاج إلى تسوية». وفي بيروت، وضعت مصادر مطّلعة التصعيد الإسرائيلي في إطار سعي رئيس حكومة العدو إلى الاستفادة القصوى من «فترة السماح» التي طلبها في محاولة لتحقيق تقدم يضمن له اتفاقاً بشروطه. ورغم أنه منذ عودة هوكشتين إلى واشنطن، قبل يومين، لم تتلقَّ بيروت منه أي اتصال، إلا أن «آخر ما نقله إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو أننا ذاهبون إلى توقيع الاتفاق قريباً، لكن إسرائيل طلبت بعض الوقت من دون تحديد مهلة» وفق ما أكّدت مصادر بارزة، مؤكداً أن «الأجواء إيجابية، رغم إصرار تل أبيب على استبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار». وقالت المصادر إن «موقف إسرائيل من الفرنسيين مرتبط بملف المحكمة الجنائية، لكن ما يُطمئن في هذا الإطار هو أن الولايات المتحدة تُصر على إشراك باريس باعتبارها الطرف الأوروبي الوحيد الذي يتواصل مع حزب الله». ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنه لا تزال هناك نقطتان خلافيتان رئيسيتان تعيقان التسوية، الأولى تتعلق بمشاركة فرنسا في آلية الإشراف على تنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أن «إسرائيل تعارض منح الفرنسيين دوراً على خلفية تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون ضد إسرائيل، ورد فعل فرنسا على أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغانتس». ونقلت الصحيفة عن مصادر أن «إسرائيل مستعدة لإدخال جنود فرنسيين في مرحلة التنفيذ فقط، بينما يطالب لبنان بمشاركة أكبر، لكن الحل المتوقّع هو آلية إشراف مشتركة بين الولايات المتحدة ودولة عربية لم يتم اختيارها بعد». أما النقطة الخلافية الثانية، فتتعلق بالمطالبة الأميركية - اللبنانية بإدراج بند في الاتفاق يلزم بإجراء مناقشة فورية بشأن 13 نقطة خلافية على الحدود البرية، فيما تفضّل إسرائيل صياغة غامضة تسمح لها بتحديد توقيت بدء المناقشات. وتوقّعت الصحيفة أن «تستمر المحادثات هذا الأسبوع في محاولة لتقليص الفجوات، وسط حديث عن تقدّم بشكل إيجابي نحو حسم نقاط الخلاف، وصولاً إلى الاتفاق». وأضافت أن هوكشتين «سينقل قريباً إلى لبنان التحفظات الإسرائيلية، وسط ترجيح إسرائيلي، بالتوصل إلى اتفاق في غضون أسابيع قليلة، وربما أقل»، مشيرة إلى أنه «يُفترض أن تصل قوة أميركية إلى لبنان قريباً للإشراف على تنفيذ الاتفاق»، وأن «انسحاب الجيش الإسرائيلي سيحصل خلال 60 يوماً مع انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود». وفي السياق، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، من بيروت، من أن لبنان بات «على شفير الانهيار»، بعد شهرين من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. وحثّ على «وقف فوري» لإطلاق النار. وقالت مصادر مطّلعة إن «زيارة بوريل كانت زيارة وداعية قبل انتهاء ولايته ولم تحمِل أي جديد باستثناء تكرار الدعوة لوقف إطلاق النار». أما في الداخل، فعادت الحملة المعترضة على تولي رئيس مجلس النواب نبيه بري ملف التفاوض منفرداً، حيث قال البطريرك بشارة الراعي خلال ترؤسه قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركيّ، في بكركي: «ما لم ينتخب المجلس النيابيّ رئيساً للجمهوريّة، لن يتمتّع مجلس النواب والحكومة بصلاحيّاتهما، ويبقى كلّ عملهما منقوصاً وغير ميثاقيّ». وردّت مصادر حكومية على كلام الراعي بالقول إن «التنسيق عادَ بين بري وميقاتي أخيراً، وهناك تأكيد من قبل بري أن أي اتفاق يجب أن يحظى بموافقة الحكومة مجتمعة بكل وزرائها». في هذه الأثناء، يتحضّر مجلس النواب لإقرار التمديد الثاني لقائد الجيش العماد جوزف عون في جلسة قد تُعقد الخميس المقبل، سيدعو إليها بري بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم.
الراعي يشكّك في المفاوض اللبناني: المطلوب استمرار الحرب؟
الاخبار..تقرير رلى إبراهيم ... ثلاثة عناوين يسمعها زائر بكركي هذه الأيام تتمحور حول انتخاب رئيس للجمهورية، تطبيق القرارات الدولية والعودة إلى «الحياد الفاعل». في الواقع، ليست هذه عناوين جديدة، إذ دأب البطريرك بشارة الراعي على تردادها منذ أكثر من عامين وأعاد التأكيد عليها في عظته أمس، مضْفياً بعضَ التعديلات المتعلقة بالمفاوضات التي يجريها رئيس مجلس النواب نبيه بري مكلّفاً من قبل حزب الله مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين بالنيابة عن العدو الإسرائيلي. فقد عبّر الراعي بوضوح عن تململه من تلك المفاوضات عبر تشكيكه في الجهة اللبنانية التي تتولاها، أي بري بشكل خاص ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللذين اعتبرهما جهتين فاقدتين للصلاحيات الشرعية والدستورية، معتبراً أن تلك المَهام هي من صلب صلاحيات رئيس الجمهورية، وأن هناك تعمّداً بعدم الدعوة إلى جلسة لانتخابه ليبقى مستبعداً عن المشهد.
وفيما يُقرأ من كلام الراعي انزعاجه من حركة بري وسلوك ميقاتي، يبدي البطريرك أمام زواره استياء من عدم زيارة هوكشتين له في إطار الجولة التي قام بها على بعض المسؤولين اللبنانيين إضافة إلى عدم الأخذ برأيه حول الوضع المسيحي الحالي ورؤيته لتطبيق القرارات الدولية. والواقع أن الراعي يحرص في كل اللقاءات على تكرار تمسكه ليس بالقرار 1701 فحسب، بل بكل القرارات الدولية بما فيها القراران 1559 و1680 كمقدمة لإعلان «حياد لبنان» في الخطوة التالية، إذ ترى بكركي، وفقاً لأحد الأساقفة، أن «الحياد الفاعل» هو «خشبة خلاص لبنان بشرط أن يُطبق برعاية مجلس الأمن الدولي وتوافق عليه كل المكوّنات اللبنانية». والحياد هنا، على ما تؤكد المصادر، «لا يعني الابتعاد عن المحيط العربي أو عدم مساندة القضية الفلسطينية، بل يشمل فقط عدم المشاركة بالأعمال الحربية». لذلك لا بدّ من دور أساسي لرئيس الجمهورية في تبنّي «نظام الحياد» والسعي لتطبيقه صوناً للوحدة الوطنية ولمصلحة البلد. وبحسب ما يقوله الراعي، فإن هذا الحياد «يمكن أن يؤمّن مخرجاً مُشرّفاً لحزب الله حتى يسلّم سلاحه من دون أن يشكّل ذلك أي إحراج أمام جمهوره. فعندما يصبح لبنان محايداً سيمتلك الحزب التبرير التقني للتخلي عن السلاح طالما أن مجلس الأمن سيطلب من العدو الإسرائيلي وسوريا الاعتراف بحياد لبنان واستعادة أراضيه المحتلة إن ثبتت ملكيته لها». وبالتالي، «ستنعم الدولة بالازدهار كما كان الوضع عليه أيام الاستقلال الأولى وستعود المكوّنات اللبنانية إلى العيش معاً تحت سقف القانون والشرعية الدولية».
كيف يوفّق الراعي بين اعتبار المجلس هيئة ناخبة ودعوته المجلس إلى التمديد لقائد الجيش؟
من هذا المنطلق، يرى الراعي في ما يجري من مفاوضات «مسعى جديداً لإغراق لبنان أكثر فأكثر ودفعه نحو الهاوية»، معتبراً أن صيغة التفاوض «لا تخدم الدولة وليست لصالحها»، فضلاً عن «عدم ثقته بالمفاوض الذي يقفل أبواب المجلس النيابي الفاقد لهيئته التشريعية بعدما أصبح هيئة ناخبة لا تؤدّي دورها منذ سنتين». غير أن ثمة من يسأل في هذا الإطار عن الازدواجية في كلام البطريرك الذي دعا منذ أقل من أسبوعين إلى التمديد لقائد الجيش في ظل هذا الوضع من جهة ولا يعترف بشرعية مجلس النواب من جهة أخرى. فكيف إذاً يطلب من هذا المجلس الذي تحوّل إلى هيئة ناخبة عقد جلسة تشريعية للتمديد لقائد الجيش؟ أمّا القضية الأخرى فتتعلق بالمفاوضات التي اعتبرها البطريرك بمثابة تعدّ على صلاحيات رئيس الجمهورية من دون أن يشير إلى رؤيته للحلّ في ظل الظروف الحالية أي في غياب الرئيس. فمن هو الطرف الذي تثق به بكركي للقيام بهذه المفاوضات لفرض وقف لإطلاق النار والعمل لإيقاف المجازر الإسرائيلية بحق اللبنانيين إذا كان من المتعذّر انتخاب رئيس، إضافة إلى كون الطرف الأول المعنيّ بهذا الاتفاق هو حزب الله من جهة والعدو من جهة أخرى. وتسأل المصادر: «إذا كان الراعي يعتبر أن رئيس مجلس النواب غير مؤهّل شرعياً ودستورياً للقيام بهذه المهمة، وأن المجلس النيابي هو هيئة ناخبة فقط، كما أن رئيس الحكومة فاقد للصلاحيات والحكومة مشلولة، فلمن تُجيّر إذاً تلك المهمة؟ هل المطلوب الامتناع عن التفاوض مع الموفد الأميركي - الإسرائيلي الذي اختار بنفسه التفاوض مع بري، وإسقاط فرصة إيقاف المجازر والجرائم الإسرائيلية عبر إبلاغ المعنيين بتعذّر الأمر في غياب رئيس للجمهورية؟».
مَخاوف في لبنان من «إعصار نارٍ» مجنون قبل بلوغ الحلّ
الراي.... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |
- «حزب الله» يمطر العمق الإسرائيلي بأكثر من 300 صاروخ ومسيّرة
-غانتس يهدد الدولة اللبنانية و«أصولها»... ومسؤول أمني «بيروت ستهتزّ»..
بين الرقم القياسي من الصواريخ التي أَطْلَقَها «حزب الله أمس على إسرائيل وتكريسه معادلة«بيروت مقابل تل أبيب»، وتَوَعُّدِ الأخيرة بلسانِ مسؤولٍ أمني بأن«العاصمةَ اللبنانيةَ ستهتزّ»، بدت الأرضُ وكأنّها تتهيّأ لـ«إعصارِ نارٍ» هو الأعنف منذ انفجار«حرب لبنان الثالثة» قبل شهرين خصوصاً في ضوء التعقيدات التي ما زالت تعترض بلوغَ اتفاقٍ برعايةٍ أميركيةٍ والتي فاقَمَتْها ارتداداتُ أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يواف غالانت. وفي وقت كان «عَدّادُ» الصواريخ والمسيّرات التي أطلقها «حزب الله» على شمال اسرائيل وصولاً الى تل ابيب، والتي أدخلتْ أكثر من مليون اسرائيلي إلى الملاجئ والأماكن الآمنة، يتجاوز 300 في نحو 15 ساعة، في موازاة غاراتٍ تدميرية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت واشتداد المواجهاتِ البرية مع اقتراب الجيش الاسرائيلي من بلوغ «البحر والنهر (الليطاني)» في القطاعيْن الغربي والشرقي، تَعاظَمَتْ المخاوف من موجة تصعيد قد تكون الأعتى:
- سواء كـ«صدى» لفشلٍ غير معلَن لمهمةِ الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في بلوغ وقف نار في الفترة الفاصلة عن دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.
- أو كَمحاولةٍ لتحصيل ما أمكن من مكاسب في الميدان يمكن أن تشكّل أوراقَ قوة في «لي الأذرع» الدبلوماسي وصولاً لاتفاقٍ يراوح بين أنه عالِق في آخِر «10 أمتار»، هي الأكثر صعوبة ولكن يمكن تَجاوُزها في فترة قريبة، وبين أنه بات في حُكْمِ المؤجَّل لِما بعد 20 يناير من دون إعلانٍ رسمي بذلك، لا من اسرائيل التي لطالما تفيأت جولات تفاوض مع «حماس» للإمعان في ضربات من«خارج كل نص»، ولا من واشنطن التي يَصعب تَصَوُّر أن إدارتها التي تستعدّ لحزم حقائبها ستوقّع على «وثيقةِ فشلٍ» فتُهْدي ترامب - الذي قد يكون نتنياهو يتعمّد فعلاً ترْك وقف حرْب لبنان كإنجازٍ ينطلق به عهدُه -«هديّتان».
ولم يكن عابراً أمس، وفي ضوء استهداف اسرائيل مجدداً الجيش اللبناني وتحديداً مركزاً له في العامرية على طريق القليلة – صور ما أدى الى «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة»، أن يقوم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بما يشبه «إعلان الفشل» أو الإفشال الضمني لمهمة هوكشتاين من قِبل تل ابيب، وذلك بكلامه عن أن «هذا الاستهداف المباشر لمركز للجيش في الجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفْض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار وتعزيز حضور الجيش في الجنوب وتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701». وقال «إن رسائل العدو الاسرائيلي الرافض لأي حلّ مستمرة، وكما انقلب على النداء الاميركي - الفرنسي لوقف النار في سبتمبر الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه». وفي حين أكد ميقاتي «أن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق الـ 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية الى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد»، كانت قناة «ال بي سي آي» اللبنانية تنقل عن مصادر متابعة لملف التفاوض «ان اسرائيل ابلغت إلى هوكشاتين بعد وصوله الى واشنطن اعتراضها على وجود فرنسا في لجنة مراقبة تطبيق اتفاقِ وقف النار بحجة دعمها لقرار المدعي العام الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية، ولبنان متمسّك بالحضور الفرنسي وما من عقبات أخرى لإعلان الاتفاق».
نقاط الخلاف
وفيما شكّكت أوساط سياسية في أن يكون هذه هي نقطة الخلاف الوحيدة، مذكّرة بإعلان تل أبيب تكراراً أنها تتمسك بحرية الحركة والتصرف في لبنان بإزاء أي تهديد وشيك أو في طور التشكُّل، سواء في ما يتعلق بدخول أسلحة الى «حزب الله» عبر المعابر والمرافق اللبنانية، أو إقامته بنية عسكريةٍ، وذلك بحال تلكأت لجنة الرقابة على تنفيذ الاتفاق في معالجة هذه الخروق، أوردت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنه ما زالت هناك نقطتان خلافيتان رئيسيتان، الأولى تتعلق بمشاركة فرنسا في آلية الإشراف في ضوء معارضة تل ابيب منح الفرنسيين دوراً مركزياً، على خلفية تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون ضدّ إسرائيل، وكذلك ردّ فعل باريس على أوامر الاعتقال التي صدرت ضد نتنياهو وغانتس، والثانية تتعلق «بالمطالبة الأميركية اللبنانية بإدراج بند في الاتفاق يلزم بإجراء مناقشة فورية في شأن 13 نقطة خلافية على الحدود البرية، لكن إسرائيل تفضل صياغة غامضة تسمح لها بتحديد توقيت بدء المناقشات». وشددت الصحيفة على أن هوكشتاين، من المتوقع أن ينقل قريباً إلى لبنان التحفظات الإسرائيلية، وسط ترجيح إسرائيلي، أنه يمكن التوصل إلى اتفاقات في غضون أسابيع قليلة، وربما أقلّ. وإذ كان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يدعو اللبنانيين والإسرائيليين إلى اغتنام «فرصة»سانحة من أجل التوصل إلى وقف النار، معرباً عن «حذره» في هذا الإطار، ولافتاً الى أنه «من خلال الدبلوماسية والعمل مع الأطراف المعنية في شأن المعايير التي تتيح ضمان أمن إسرائيل وسلامة الأراضي اللبنانية، أعتقد أننا بصدد التوصل إلى حل قد يكون مقبولاً من جميع الأطراف»، استوقف الأوساط السياسية، الى جانب زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايك كوريلا لتل أبيب حيث بحث القضايا الأمنية الإستراتيجية والوضع في لبنان، ما كُشف بعد ضربات «حزب الله» المكثفة والتي تَسَبَّبَتْ بسقوط 10 جرحى في نهاريا وحيفا ومحيطهما، عن أن نتنياهو دعا الى مشاورات «سياسية وأمنية محدودة»، وأن المشاورات «ستكون في شأن مقترح التسوية مع لبنان وتأتي في أعقاب الرشقات الصاروخية الواسعة من لبنان». وترافق ذلك، مع كلامٍ لزعيم حزب «معسكر الدولة» الوزير السابق بيني غانتس قال فيه إن «الحكومة اللبنانية تطلق يد حزب الله»، مضيفاً «حان الوقت للعمل بقوة ضد أصولها». وفي وقت كانت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينس بلاسخارت تبدأ زيارة لإسرائيل «لمناقشة الأزمة الحالية وأهمية التوصل إلى وقف النار، إضافة إلى تنفيذ القرار 1701 بشكل شامل»، أعلن ممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل من بيروت «مواصلة الاتحاد دعم الجيش اللبناني عبر تقديم 40 مليون يورو لمصلحة المؤسّسة العسكرية». وأكد بوريل، الذي اختار «أن أختم تفويضي ومهمتي هنا في لبنان»، بعد لقائه الرئيس نبيه بري ضرورة بلوغ «وقف نار فوري وتطبيق القرار 1701 تطبيقاً فورياً ومباشراً من جميع الأفرقاء»، و«انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني وانسحاب مقاتلي حزب الله وانسحاب أيضاً القوات الاسرائيلية واعادة نشر السيادة اللبنانية الكاملة جواً وبحراً وبراً». وأعلن «أننا مستعدون لتكريس 200 مليون يورو للجيش اللبناني وقد أبلغت رئيس الحكومة اللبنانية عن كيفية وطريقة دعم الجيش ليس فقط مالياً بل أيضاً تقنياً (...)». في موازاة ذلك، كان الميدان يشتعل في شكلٍ هستيري، ولا سيما من جانب «حزب الله» الذي ردّ بقوةٍ على استهداف قلب بيروت فجر السبت (سقط ما لا يقل عن 29 شخصاً وأصيب 67 في غارة البسطا) فاستهدف بأكثر من 300 صاروخ، اسرائيل، وصولاً الى قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) في ضواحي تل أبيب، وقاعدة بلماخيم (قاعدة أساسية لسلاح الجوّ، تحتوي على أسراب من الطائرات غير المأهولة والمروحيات العسكرية، ومركز أبحاث عسكري، ومنظومة حيتس) التي تبعد عن الحدود 140 كلم، جنوب تل أبيب. كما هاجم بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة قاعدة أشدود البحريّة التي تبعد عن الحدود 150 كلم. في المقابل، كثفت اسرائيل غاراتها جنوباً وسط مواجهات طاحنة في بلدة الخيام ومحيطها (القطاع الشرقي) بعدما لامس جيشُها نهر الليطاني من ناحية بلدة ديرميماس، في وقت واجه تقدّمه في بلدة البياضة (القطاع الغربي) مقاومةً شرسة اضطرته للتراجع إلى شمع، وسط تقارير (موقع لبنان 24) نقلت عن مرجع عسكري سابق «إنَّ الوقائع القتالية في منطقة البياضة - الناقورة تُوحي بأنّ اسرائيل تسعى لتنفيذ تقدّم إضافيّ لا ينحصر فقط بالسيطرة على تلة البياضة المُشرفة على البحر، بل أيضاً في التحضير لتقدّم على خط الساحل قد يُسفر عن الوصول إلى خطّ عميق جداً ينتهي باحتلال مشارف مدينة صور أو التقدّم بعدها نحو القاسمية».
غالبية الإسرائيليين تؤيد وقف إطلاق النار
| القدس - «الراي» | ....أظهر استطلاع للرأي نشرته القناة 12، أن 54 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار مع لبنان، فيما يعارض 24 في المئة فقط. كما أفادت جمعية «أحرار في بلادنا» بأن 76 في المئة من الإسرائيليين فقدوا ثقتهم بحكومة بنيامين نتنياهو. وكشف الاستطلاع أيضاً عن تأييد 64 في المئة لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى المحتجزين في غزة، بينما أيّد 93 في المئة تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر 2023.
الراعي يتساءل «مَن يفاوض وقف إطلاق النار وباسم مَن ولصالح مَن»؟..
باسيل: إذا لم تنته الحرب هل نبقى بلا رئيس للجمهورية في لبنان؟..
| بيروت - «الراي» |.. في ظل الحرب التدميرية الإسرائيلية على لبنان، لم يكن عابراً أن ملف الانتخابات الرئاسية كان أيضاً محور موقفين بارزين من كل من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. فالراعي أطلّ في عظة الأحد على الملف الرئاسي غامزاً من قناة تفرُّدٍ في إدارة التفاوض حول وقف الحرب الذي يتولاه خصوصاً رئيس البرلمان نبيه بري مفوّضاً من «حزب الله». وقال: «نتطلّع إلى واقعنا المؤلم: حرب بالأسلحة القتّالة، قتْل مدنيّين وأطفال ونساء عزّل، دمار منازل ومؤسّسات لا يقدّر ثمنها، مليون ونصف المليون من النازحين من دون مأوى. وفوق ذلك دولة من دون رئيس منذ سنتين كاملتين، بشكل مقصود ومتعمّد، ومجلس نيابيّ فاقد هيئته التشريعية، كونه أصبح هيئة ناخبة لا تنتخب منذ سنتين، ومجلس وزراء لتصريف الأعمال منذ أكثر من سنتين، وفاقد كامل الصلاحيات ومنقسم على ذاته. لماذا كلّ هذا الخراب على مستوى الشعب والمؤسّسات والدولة؟ مَن يفاوض وقف إطلاق النار، وباسم مَن، ولصالح مَن؟ وهي أولى صلاحيّات رئيس الجمهوريّة المغيّب قصداً. وما لم ينتخب المجلس النيابي رئيساً للجمهوريّة، لن يتمتّع مجلس النواب والحكومة بصلاحيّاتهما، ويبقى كلّ عملهما منقوصاً وغير ميثاقيّ». أما باسيل فقارب الأزمة الرئاسية من باب ربْط بري و«حزب الله» انتخاب رئيس بوقف النار أولاً، فأكد أن «لا جمهورية من دون رئيس»، داعياً في هذا الإطار إلى أن «تكون المقاومة في خدمة البلد وليس العكس». وقال «مررنا بمرحلة رفع فيها الثنائي الشيعي عنوان ألا وقف لاطلاق النار في لبنان من دون وقفه بغزة. نحن لم نقتنع ولم نوافق على هذا الأمر (...) وها لبنان طالب بشكل متأخر بوقف النار وإسرائيل ترفض». أضاف: «الثنائي الشيعي وفي المرحلة الثانية التي نمرّ بها يرفع شعار لا انتخاب لرئيس جمهورية في لبنان من دون وقف النار. وعادة عند وضع شرط لوقف النار يكون للضغط على العدو، ولكن على مَن تضعون هذا الشرط؟ على لبنان واللبنانيين». وتابع «هذا الانتخاب هو لمصلحة لبنان، أتهدّدون به اسرائيل؟ لو كنتم تقولون لإسرائيل إنه يمنع عليها أن تنتخب رئيس بلادها من دون أن توقف عدوانها على لبنان لكنا فهمنا ذلك (...)». ودعا إلى «الكف عن ربط لبنان ومصالحه بأمور خارجة عن إرادته». وسأل «واذا لم تنته الحرب هل نبقى بلا رئيس للجمهورية»؟....
4 أسابيع حاسمة في لبنان إسرائيل تريد إما اتفاق سلام أو «وصاية أميركية»
الجريدة - بيروت ...على الرغم من جميع الكلام الإيجابي عن مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان، فإن أجواء دولية أخرى تشير إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستند إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لتحقيق مشروعه في المنطقة، ما يعني أن الحرب الإسرائيلية قابلة للاستمرار حتى الربيع المقبل، فيأخذ الإسرائيليون كل هذه المدة كمحاولة لتغيير الوقائع العسكرية، وبعدها يكون ترامب قد دخل البيت الأبيض وعمل على تشكيل إدارته وبدأ بالسعي لوقف الحرب بما يتلاءم مع مصلحة إسرائيل، وهو الذي قال إنه يريد «زرع السلام» في المنطقة، وبناءً على ذلك سيشتد الضغط الأميركي سياسياً، فضلاً عن الضغط الإسرائيلي عسكرياً، في محاولة لفرض اتفاق سلام مع لبنان وسورية، في سياق إعادة إحياء «معادلة تلازم المسار والمصير». فما يتردد دولياً هو أن إسرائيل لن تقبل بإعادة الوضع إلى ما كان عليه، وأنها تريد تكريس مرحلة جديدة وفق مصلحتها مستندة إلى دعم دولي كبير ومطلق، ومن خلاله تريد فرض «اتفاق» سلام أو إذعان على لبنان، الذي لا يزال يؤكد أنه لا يمكن أن يوافق على هذا المسار، ولذلك يتمسك لبنان باتفاق الهدنة الصادر عام 1949، من دون فتح حدود أو سفارات أو علاقات، مع التشديد والمطالبة بخروج الإسرائيليين من المناطق التي احتلوها. دون ذلك تحاول إسرائيل فرض أمر واقع مختلف من خلال إدخال الأميركيين بشكل مباشر إلى جنوب لبنان. وبحسب المصادر يمكن اعتبار أن المقترح الأميركي المقدّم لوقف إطلاق النار من شأنه أن يفتح مساراً جدياً لأي اتفاق، لكن الأساس أن وقته لم يحن بعد بالنسبة إلى الإسرائيليين. اقرأ أيضا إسرائيل تضغط براً بجنوب لبنان وحزب الله يصعّد صاروخياً 25-11-2024 إذ بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية، فإن تل أبيب تريد كسب المزيد من الوقت لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية، وفرض أمر واقع عسكري، وأن الحدّ الأدنى الذي تطالب به هو أربعة أسابيع، لتغيير بعض الوقائع ودفع لبنان إلى القبول بشروطها، على قاعدة أن ما هو مرفوض حالياً يجب أن يُقبل بقوة الدفع العسكري، فيما يراهن «حزب الله» على كسر هذه المعادلة. في سياق وضع المزيد من العراقيل في طريق الوصول إلى اتفاق، كسباً للوقت، سرّب الإسرائيليون أنهم يرفضون أي مشاركة لفرنسا في عمل لجنة المراقبة لآلية تطبيق القرار 1701. هذا الرفض له أكثر من هدف إسرائيلي، أولاً، الردّ على رفض لبنان أي دور لبريطانيا وألمانيا، ثانياً، ما يسعى الإسرائيليون إلى تسويقه حول عدم ثقتهم بقوات اليونيفيل التي لم تتعامل كما يريدون مع «حزب الله» بين عامي 2006 و2023، وأن تغاضي قوات الطوارئ الدولية سمح للحزب بتعزيز قدراته العسكرية إلى حدود بعيدة. لذا، تطالب تل أبيب بتغيير آلية عمل «اليونيفيل»، وتصرّ على أن يترأس لجنة المراقبة جنرال أميركي، وأن تتمتع اللجنة بصلاحيات واسعة لاتخاذ قرارات منع الحزب من إعادة بناء قدراته العسكرية. الإصرار الإسرائيلي على دخول جنرال أميركي إلى جنوب لبنان له أهداف بعيدة المدى، خصوصاً أن هذا الجنرال لن يكون وحيداً في الجنوب، بل سيرافقه عدد كبير من الجنود، وسط مطالب إسرائيلية بأن يشرف الأميركيون بقواتهم العسكرية على حسن تطبيق القرار والاتفاقات الملحقة به، ما يعني الحاجة إلى وجود حوالي 200 جندي أميركي أو أكثر. ويسعى الإسرائيليون من وراء ذلك إلى تغيير كل الوقائع في جنوب لبنان، من خلال إدخال الأميركيين الذين غادروا لبنان عسكرياً عام 1983 بعد تفجيرات المارينز والسفارة الأميركية.
إسرائيل تضغط براً بجنوب لبنان وحزب الله يصعّد صاروخياً مقتل جندي لبناني في قصف إسرائيلي
• بوريل يحثّ على قبول المقترح الأميركي لوقف النار
الجريدة.....أطلق «حزب الله» أمس، أكثر من 160 صاروخاً باتجاه وسط إسرائيل وشمالها، في وقت تسارعت وتيرة العملية البرية الإسرائيلية جنوب لبنان، في تصعيد قد يعقّد المساعي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في وقت سريع. بات مصير اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان تحت التشكيك، بعدما تسارعت وتيرة العملية العسكرية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، على المحاور الثلاثة الشرقي والأوسط والغربي، في وقت صعّد «حزب الله» قصفه الصاروخي مستهدفاً مدن تل أبيب وحيفا ونهاريا ومناطق في شمال ووسط إسرائيل بأكثر من 160 صاورخاً. وكتبت صحيفة «النهار» اللبنانية أن القوات الإسرائيلية تندفع خلافاً للتوقعات مع تساقط الأمطار إلى مزيد من التوغلات، مضيفة أن الساعات المقبلة قد تكشف مساحات توغل واسعة. ففي القطاع الغربي اشتدت وتيرة الاشتباكات بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية التي تحاول أن تتقدم باتجاه البياضة القريبة من الطريق الساحلي إلى مدينة صور، مما سيعزل مساحات واسعة من منطقة الناقورة. في المقابل، قالت وسائل إعلام مقربة من حزب الله، إن الحزب هاجم القوات الإسرائيلية على محور شمع ـ طيرحرفا الذي يقع خلف مقدمة القوات الإسرائيلية المتقدمة إلى البياضة. على المحور الشرقي، تسارعت وتيرة الهجمات الإسرائيلية البرية على مدينة الخيام على وقع الغارات والتفجيرات والقذائف. وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن الخيام شهدت ليل السبت ـ الأحد واحدة من أصعب الليالي وأعنفها منذ بدء الاجتياح البري ضدها، مضيفة أن «جيش الاحتلال استمر بعملية توغله في الخيام تحت غطاء ناري كثيف، إذ قصفت مدفعيته مختلف أحيائها وشن طيرانه الحربي أكثر من غارة مسبباً دماراً هائلاً في الأحياء والممتلكات، كما فخّخ المنازل والمحال التجارية وفجّر حياً كاملاً في الجهة الغربية من البلدة». وكانت القوات الإسرائيلية قد أعادت قطع طريق الخردلي بالكامل، الذي يوصل النبطية بمرجعيون، من خلال الإغارة عليه والتسبب بفجوة كبيرة، لمنع مرور أي من السيارات والآليات. وبوتيرة أقل، كثف الجيش الإسرائيلي غاراته وقصفه لمدينة بنت جبيل في القطاع الأوسط. وأعلن الجيش اللبناني أمس، مقتل عسكري وإصابة 18 آخرين بجروح جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مركزاً له في منطقة العامرية التابعة لمدينة صور جنوبي البلاد. وقالت مصادر أمنية لبنانية لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية، إن الحادث وقع عندما أطلقت المدفعية الإسرائيلية عدة قذائف مدفعية عيار 155 ملليمتراً على حاجز الجيش، مشيرة إلى أن الحاجز استهدف مباشرة مما أدى إلى إصابة العسكريين واندلاع حريق في مخزن تابع للحاجز. في المقابل، أعلن حزب الله أمس، قصف عشرات المواقع العسكرية الإسرائيلية بما فيها قاعدة غليلوت للاستخبارات العسكرية في ضواحي تل أبيب وقاعدة أشدود البحرية جنوب إسرائيل التي تبعد 150 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية. وأظهرت أشرطة مصورة تصاعد أعمدة الدخان من مبان في تل أبيب وحيفا وغيرها. وكتب خليل نصرالله المحلل السياسي المقرب من حزب الله على موقع «اكس»، إن «الضربة الصاروخية الأخيرة من لبنان، كان منسوبها أعلى من سابقاتها من حيث التنوع والمساحة. الضربة أثبتت أن قدرات حزب الله عالية، وأنه قادر على رفع المنسوب بما يشكل أذى كبيراً». وكان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم هدد بقصف تل أبيب رداً على قصف بيروت، في محاولة من الحزب لتثبيت معادلة ميدانية، رغم الفارق الكبير في الدمار التي تحدثه إسرائيل في بيروت مقارنة بصواريخ حزب الله. وفيما دعا بيني غانتس الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلية إلى قصف أصول الحكومة اللبنانية رداً على صواريخ حزب الله متحدثاً عن «تواطؤ» بين الحكومة والحزب، نقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر أمني قوله إن «حزب الله» يعمل على إطلاق أكبر عدد من الصواريخ قبل الاتفاق ويفرغ مستودعاته تمهيدًا لاتفاق وقف النار. على شفير الانهيار إلى ذلك، حثّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت أمس، على «وقف فوري» لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل. ودعا بوريل، خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى «تطبيق كامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701» الذي أرسى وقفاً لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006. وحذّر المسؤول الأوروبي من أن لبنان بات «على شفير الانهيار»، مضيفاً: «ندعم لبنان شعباً وجيشاً ومؤسسات وجاهزون لتقديم مئتي مليون يورو للقوات المسلحة اللبنانية»، كما دعا إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل والحزب لقبول المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار. الراعي وبري وبعد انتقادات لتفرد بري وحزب الله بالتفاوض باسم لبنان، في ظل شغور منصب رئاسة الجمهورية والغموض الذي يحيط بموقع الحكومة من هذه المفاوضات، سأل البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد: «من يفاوض على وقف إطلاق النار؟ وباسم من ولصالح من؟ وهذه هي أولى صلاحيات رئيس الجمهورية غير الموجود عن عمد، وبالتالي يبقى عملهم ناقصًا وغير شرعي»....
نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان..
إسرائيل تعارض مشاركة فرنسية بـ«لجنة المراقبة» رداً على مذكرة التوقيف
الشرق الاوسط...كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة فرنسا في لجنة المراقبة على تنفيذ اتفاق الهدنة المتبلور مع لبنان، يعود إلى سلسلة ممارسات فرنسية أزعجت إسرائيل في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها انضمام القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى بقية القضاة ليصدروا بالإجماع قرارهم إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. وقالت هذه المصادر إن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق الدور الفرنسي في محكمة لاهاي. وتشير إلى قيام المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز بقيادة فريق من 300 محامٍ دولي من مختلف الجنسيات تطوعوا لتقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، ثم جاء قرار المحكمة قبول طلب المدعي العام بإصدار مذكرة الاعتقال. وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنهم «في إسرائيل يقدرون أن القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي وقّع على أمر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما كان ليتجرأ على فعل ذلك دون أن يكون تلقى ضوءاً أخضر وإسناداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه». وتضيف المصادر الإسرائيلية أسباباً أخرى للغضب على فرنسا، مثل قرار الحكومة الفرنسية إقصاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية عن المشاركة في معارض السلاح الفرنسية، في مطلع الشهر الجاري. ومع أن فرنسا كانت قد وقفت إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وساندتها بقوة في الحرب الانتقامية على قطاع غزة، واستجابت لطلب إسرائيل وامتنعت حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي. وتريد لفرنسا أن تسلك طريق الولايات المتحدة وتقدم دعماً أعمى لها في حربها. وهي تشعر بثقة غير عادية بالنفس، أن «تعاقب» فرنسا، فتقرر ألا تسمح لها بالمشاركة في التسوية في لبنان، مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية نفسها كانت قد توجهت عدة مرات إلى باريس تتوسل تدخلها، خصوصاً خلال الحرب على لبنان. يُذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بتفاؤل إلى جهود المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، لوقف النار في لبنان. وينتظرون قراراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يحسم فيه موقفه النهائي. فهو ما زال يدير محادثات مع رفاقه وحلفائه في اليمين المتطرف الرافضين للاتفاق والذين يطالبون بألا يسمح بعودة المواطنين اللبنانيين إلى قراهم على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الحزام الأمني إلى منطقة خالية من السكان إلى الأبد وزرعها بالألغام.
محادثات هوكستين
ومع ذلك، فإن مصادر سياسية ادعت أن ما يعوق الاتفاق حتى الآن هو لبنان. ووفقاً لما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن هوكستين أبدى «موقفاً حازماً وغير متهاون» خلال محادثاته مع الجانب اللبناني؛ إذ قدّم شروطاً واضحة نُقلت إلى «حزب الله»، وهو ما قالت القناة إنه «أدى إلى إحراز تقدم ملحوظ» في المحادثات. وتوقعت جهات إسرائيلية أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام. وأفادت القناة بأن هوكستين قال في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب التي وصل إليها قادماً من بيروت بعد محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي: «وضعت أمامهم (في إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين) إنذاراً نهائياً، ويبدو أنه كان فعّالاً».
عقبة إيران
لكن القناة أكدت أنه على الرغم من «الأجواء الإيجابية»، فإن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«المطلعة»، تشير إلى «عقبة رئيسة ما زالت قائمة»، وهي أن «لبنان لم يحصل بعدُ على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران التي تملك نفوذاً كبيراً على (حزب الله)». وضمن التطورات الأخيرة، زار قائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، الجمعة، وعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي. وناقش الطرفان تفاصيل آلية رقابة أميركية على أنشطة الجيش اللبناني. ووفقاً لمسودة الاتفاق الجاري إعدادها، سيتعين على الجيش اللبناني تنفيذ عملية شاملة لإزالة الأسلحة من قرى جنوب لبنان، على أن تتولى قوات تابعة للقيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، مهمة «الإشراف على تنفيذ العملية ومراقبتها». وفي الوقت الذي تسير فيه المحادثات الدبلوماسية، يستمر الجيش الإسرائيلي في ممارسة ضغوط عسكرية عبر تكثيف الغارات الجوية ومحاولة توسيع عملياته البرية في إطار توغل قواته جنوب لبنان، كما أصدر هليفي تعليماته بمواصلة إعداد خطط عملياتية شاملة.
سيناريوهات
وقالت «القناة 12» إن ذلك يأتي في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية «انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب (حزب الله)». وأفادت بأن الجانب الإسرائيلي يرى أن «هذه السيناريوهات قد تستدعي تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية». وذكرت القناة أن «إحدى القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حلّ، هي تشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن تل أبيب «تصرّ على ألّا تكون فرنسا جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من اللجنة التي ستشرف على تنفيذه».
أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية
الحرب الإسرائيلية تجعل عدداً كبيراً منهم من دون مأوى وتعليم
الشرق الاوسط...بيروت: بولا أسطيح.. أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.
اضطرابات نفسية
وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف». وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد». وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت». وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء». ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.
التعليم بطعم الحرب
كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية. وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة». وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق». وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم». وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة». وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».
هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً
لاستهدافها بُعدٌ رمزي
الشرق الاوسط...بيروت: يوسف دياب... لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة، وسط بيروت فجر الجمعة، ذات طابع عسكري فقط، بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثّل في ضرب منطقة أضحت من البيئات الشعبية المؤيدة لـ«حزب الله»، وتماهت معه منذ تأسيسه في عام 1982 يوم انشق عن حركة «أمل» بصفته تنظيماً مسلّحاً حمل اسم «حركة أمل الإسلامية». يكفي الحديث عن تاريخ هذه المنطقة لإدراك أن استهدافها وتدميرها لا يقفان عند حدود تعقّب قيادات «الحزب» واغتيالهم وترويع بيئته في قلب العاصمة بيروت فقط، بل الأمر يتعدى ذلك إلى تدمير أحياء ومبانٍ ما زالت تحفظ على جدرانها وفي ذاكرتها كثيراً من تاريخ بيروت الجميل، رغم تغيّر هويتها، لا سيما شارع المأمون الذي تحمل عقاراته ومبانيه أسماء عائلات بيروتية سنيّة ومسيحية رغم انتقال ملكيتها في السنوات الماضية إلى أسماء أشخاص من الطائفية الشيعية الذين يدورون في فلك «حزب الله»، بعد أن عزز الأخير وجوده ونفوذه في البسطة وامتداداً منها إلى مناطق أخرى، سواء بفعل استملاك العقارات، أو بنقل سجلات قيد عائلات من الجنوب إلى بيروت لغايات سياسية انتخابية وأحياناً أمنية. لا يختلف اثنان من أبناء بيروت على أن الهوية الطائفية والسياسية لمنطقة البسطة تغيّرت كثيراً، ويشير مختار المصيطبة، صائب كلش، إلى أن «المنطقة التي استهدفتها الغارة الإسرائيلية، وتحديداً شارع المأمون، ذات غالبية سنيّة بامتياز، وأغلب سكانها من عائلات: عيتاني، وشاتيلا، والنويري، وعيدو، والتنير، ومنيمنة، ومغربل، وسوبرة، وكان فيها عدد لا بأس به من العائلات المسيحية مثل: مجدلاني، وجنحو، ومنيّر، والمطران، وعودة... وغيرها». وأوضح كلش لـ«الشرق الأوسط» أنه «على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، والتهجير من الجنوب إلى بيروت، استوطنت عائلات شيعية في هذه المنطقة، وآثرت البقاء فيها، واستملكت عقارات وشققاً سكنية، ورفضت مغادرتها حتى بعد انسحاب إسرائيل إلى خلف ما كان يعرف بالشريط العازل في الجنوب».
مجزرة «فتح الله»
اللافت أن دور «حزب الله» ووجوده بدأ يتعزز مع اكتشاف ارتباطه بإيران، واتخذ في بداياته من منطقة البسطة مكاناً لقياداته وتقوية نفوذه، وحوّل ثكنة «فتح الله» الواقعة في شارع المأمون مقراً لقيادته. لكن بعد أشهر قليلة من عام 1987، وفي ظلّ تمدده عسكرياً بالمنطقة، اصطدم مع القوات السورية إثر دخول الأخيرة إلى «بيروت الغربية» على أثر إقدام «الحزب» على قتل جندي سوري، عندها عمد الجيش السوري إلى تصفية 27 عنصراً من مقاتلي «الحزب» داخل هذه الثكنة وسيطر عليها، وعرفت العملية يومها بـ«مجزرة فتح الله»، لينقل على أثرها «الحزب» مركز قيادته إلى الضاحية الجنوبية. اتخذ «حزب الله» من تلك المجزرة عبرة لإعادة صوغ علاقته بالجيش السوري، خصوصاً في ظلّ العلاقات المتنامية بين إيران وسوريا. وأكد المختار كلش أنه «بعد سيطرته عسكرياً على بيروت، سمح الجيش السوري لـ(الحزب) بأن يتمدد في منطقة البسطة شعبياً، وهذا سهّل عليه وعلى مؤيديه استملاك الشقق والمنازل، خصوصاً بين عامي 1988 و1990عندما أطلق العماد ميشال عون ما سماها (حرب التحرير) ضدّ الجيش السوري، وتسبب ذلك في هجرة المئات من أبناء العائلات البيروتية السنيّة والمسيحية من المنطقة، والخشية من استهداف منطقتهم من الجيش اللبناني الذي كان تحت إمرة ميشال عون، كما شمل التهجير النهائي غالبية المسيحيين، وبقي وجود بعضهم رمزياً». صحيح أن شوارع وأحياء المصيطبة، القريبة من البسطة، لا تزال تحمل أسماء شخصيات بيروتية سنيّة، إلّا إن وجهها تبدّل أيضاً، وهذا تظهّر بشكل كبير بعد انخراط «حزب الله» في العمل السياسي؛ بدءاً من الانتخابات النيابية في عام 1992 وحصوله على كتلة وازنة، كما تعزز أكثر بعد تحرير الجنوب في عام 2000، لكنّ التحوّل الأكبر انطلق في عام 2005 على أثر خروج الجيش السوري من لبنان على خلفية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وتصدّر «الحزب» المشهد السياسي ليأخذ الدور الذي كان يمارسه السوريون في لبنان.
نقل نفوس
ويلفت كلش إلى أن «عدد الشيعة المسجلين في دوائر النفوس ببيروت كان ضئيلاً جداً، لكن بعد عام 2005 نُقلت نفوس آلاف العائلات من الجنوب إلى بيروت، وسُجلوا في مناطق مثل المصيطبة، والباشورة، والمرفأ، امتداداً إلى ميناء الحصن وعين المريسة، والسبب في ذلك تعزيز حضور (الحزب) في الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية، بدليل أن نائب (الحزب) عن بيروت، أمين شرّي، حصد 33 ألف صوت في الانتخابات الأخيرة، بينها 28 ألف صوت شيعي، مقابل 6 آلاف صوت فقط لنائب حركة (أمل) محمد خواجة».
ذاكرة المصيطبة
لم يُكتب الكثير عن منطقة المصيطبة، إلّا إن أبناءها المتجذرين فيها يحملون في ذاكرتهم ووجدانهم تاريخ منطقتهم، ويشير المحامي مروان سلام، رئيس جمعية «بيروت منارتي»، إلى أن البسطة «مصنّفة ضمن قائمة أشهر المناطق التراثية، لكن العوامل التي دخلت عليها غيّرت كثيراً من مزاياها». ويؤكد سلام لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة «تميزت بما تحتوي من مراكز إدارية وتعليمية وطبية، بالإضافة إلى عدد من الحدائق والمتنزهات التي جرى تشويه وجهها؛ إما عمداً، وإما تقصيراً»، لافتاً إلى أنها «غنيّة بالمطاعم والمقاهي الواقعة في مبانٍ تراثية قديمة». ويردّ سلام تسمية المنطقة «البسطة» إلى أنها «اعتُمدت مقراً لسلطة المماليك، وحملت هذا الاسم نسبة إلى الكرسي الخشبي التي كان يجلس عليه السلطان». أكثر من ذلك، حملت المنطقة اسم «البسطة الشريفة»، كما يقول المحامي مروان سلام؛ «ففيها كانت تقام حلقات تلاوة القرآن الكريم ورواية الأحاديث النبوية الشريفة، وكان لأهل بيروت في ذلك الحين مكانان يتحلقون فيهما للغرض المذكور؛ هما (البسطة الفوقا) و(البسطة التحتا)، ويعنون بهما الحلقات الدينية».
محطة القبضايات
ويتحدث عن مزايا أبناء المنطقة؛ «إذ كانت محطة دائمة للقبضايات الذين يرتادون مقاهيها، وكانت معبراً لـ(ترامواي بيروت) الذي ينطلق من البربير إلى النويري ثم البسطتين الفوقا والتحتا، والباشورة، وصولاً إلى محطته في (ساحة رياض الصلح)». ويضيف سلام أن البسطة «رغم صغر مساحتها، فإنها كات تحوي عدداً من المستشفيات منها: (البربير)، و(الإسلامي)، و(مليح سنو) و(مستشفى الدكتور محمد خالد)، إضافة إلى مدارس: (الشيخ نور)، و(عزيز مومنة)، و(شريف خطاب)، و(العلماوي) و(مكارم الأخلاق). كما خرّجت عدداً كبيراً من الفنانين، منهم: نجاح سلام، ومحمد سلمان، وأنطوان كرباج، وشوشو، ومحمد شامل، ومحيي الدين سلام، والرسام مصطفى فروخ... وغيرهم. وهؤلاء جميعاً من أبنائها وكانت تفخر بهم ويفخرون بها وبتاريخها».
إلى أي مدى يمكن أن يستمرّ «استقرار» سعر الصرف؟
الاخبار..محمد وهبة ..... يلتزم مصرف لبنان بأن يدفع الرواتب والأجور
سحب مصرف لبنان نحو 5 تريليونات ليرة إضافية من السوق في إطار سياساته النقدية الرامية إلى ضخّ الدولارات وتجفيف السوق من الليرات إلى الحدّ الذي يحافظ على «الاستقرار» في سعر الصرف. أدّى ذلك، بالتزامن مع انتقال جزء كبير من الليرات التي يملكها الضمان الاجتماعي من المصارف إلى مصرف لبنان، إلى ارتفاع سعر فائدة الانتربنك لتبلغ 150%، وتجعل المصارف في مأزق البحث عن الليرات لتسديد التزامات تجاه الزبائن وتجاه بعضها البعض. هذا ما خلق بلبلة في السوق تتمحور حول السؤال الآتي: إلى أي مدى في إمكان هذه السياسة النقدية أن تحافظ على الاستقرار؟
تقوم السياسة النقدية لمصرف لبنان، على التنسيق والتعاون مع الحكومة. تلتزم الحكومة بالامتناع عن الإنفاق أكثر مما يرد في الموازنة، وبالتالي الالتزام بالإيرادات في مقابل النفقات، ويلتزم مصرف لبنان بأن يدفع الرواتب والأجور بالإضافة إلى بعض الفواتير المتوجبة على الخزينة، بالدولار. هذا الأمر خلق «الاستقرار» في سعر الصرف طوال أكثر من سنة، لكن ما إن حطّ العدوان الصهيوني أوزاره في لبنان، حتى بدت هذه المعادلة ضعيفة نسبياً، فاضطر معها مصرف لبنان إلى إجراء تعديل يقوم على ضخّ المزيد من الدولارات في إطار أمرين: دفع مستحقات إضافية لزبائن المصارف وفقاً للتعميمين 158 و166، وتسديد قسم أكبر من فواتير الخزينة بالعملة الأجنبية. بهذا المعنى، ضخّ مصرف لبنان في الشهر الأول ثلاث دفعات لزبائن المصارف، وفي الشهر الثاني دفعتين، وهو يدرس الآن تسديد المزيد مع توقعات بتوسيع سقوفات المستفيدين من التعاميم. وبلغ مجموع ما دفعه المصرف المركزي، نحو 700 مليون دولار لنحو 400 ألف مودع و400 ألف موظف في القطاع العام. وبموجب الواقع، أي الدولرة القائمة في السوق، يضطر التجّار إلى تحويل دولاراتهم إلى ليرات لتسديد الضرائب والرسوم، ما يتيح لمصرف لبنان بيعهم الليرات والاحتفاظ بالدولارات، واستطاع استرداد نحو 300 مليون دولار مما ضخّه. وهذا ما يتيح لمصرف لبنان الحفاظ على الاستقرار في سعر الصرف. لكنه يبني هذه الإستراتيجية، وفقاً لمصادر المصرف، على أن سعر الصرف الحقيقي هو أقلّ من السعر الرائج في السوق حالياً. في الأشهر التي سبقت العدوان الإسرائيلي على لبنان، أي حين كانت الجبهة تقتصر على إسناد غزة فقط، كان السعر الحقيقي، وفقاً لتقديرات المصرف المركزي، يبلغ 60 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، أما بعد العدوان، فإن السعر ارتفع إلى مستوى ما بين الـ60 ألف ليرة، وبين 90 ألف ليرة. ليست هناك تقديرات نهائية، لكنه يقدّر بنحو 80 ألف ليرة مقابل الدولار. إذاً، لماذا لا يقوم مصرف لبنان بتعديل السعر نزولاً عند مستوى السعر الحقيقي، لا سيما أنه في حال ارتفع السعر الحقيقي إلى ما فوق مستوى الـ90 ألف ليرة الرائج حالياً، فإن المجلس المركزي لمصرف لبنان على استعداد أن يقوم برفع السعر فوراً؟ تقول المصادر، إن مصرف لبنان ليس على استعداد لإبقاء سعر الصرف المعلن من قبله، أقلّ من مستوى السعر الحقيقي حتى لا يقوم بأي دور دعم لليرة، لأن هذا الأمر سيكبّده من احتياطاته الحرّة التي جمعها في الأشهر الماضية والتي تصل إلى 1.8 مليار دولار، لأنها ستستنزف سريعاً، لكنه في المقابل ليس على استعداد لخفض السعر المعلن إلى مستوى السعر الحقيقي لأن ذلك ينعكس مباشرة على موازنة الحكومة سلباً. فالضرائب والتحصيلات في الموازنة مبنية على السعر المعلن، مثل الرسوم الجمركية، وضريبة القيمة المضافة وسواهما، وبالتالي إن أي خفض في السعر المعلن، سينعكس إيرادات أقلّ على الموازنة فيما سيبقى هناك قسم أساسي من نفقاتها، ولا سيما تلك المرتبطة بالرواتب والأجور والبالغة 13 ألف مليار ليرة شهرياً، على حاله، وبالتالي إن احتمالات حصول العجز أو ارتفاعه يصبح كبيراً وينعكس ذلك على قدرته على سحب السيولة بالليرة في السوق، أي أنه سيسحب السيولة بالليرة أقل مما كان يتوقع، وبالتالي سيضخّ الكمية نفسها من الدولارات أو أكثر مقابل سيولة أقلّ، وهذا ما سيخلّ في التوازن النقدي في السوق وبسعر الصرف مباشرة.
يضطر التجّار إلى تحويل دولاراتهم إلى ليرات لتسديد الضرائب والرسوم
عملياً، سعر الصرف صار خاضعاً للتوازنات النقدية في السوق وللدولرة. الخروج من هذه الدوامة ليس أمراً سهلاً، لكنه لا يأتي بلا ثمن. فالمقيمون في لبنان، وخصوصاً أولئك الذين يتقاضون أجورهم بالليرة، يدفعون من مداخيلهم ومن قوّتهم الشرائية ثمن هذه السياسة للحفاظ على «استقرار» سعر الصرف. وهذا الاستقرار لا يتميّز كثيراً عما كان سائداً في السابق، أي إن النموذج الاقتصادي الذي أقرّت فيه السياسة النقدية لا يزال على حاله قائماً على الاستهلاك المستورد المموّل من التدفقات الخارجية. تأتي هذه التدفقات بشكل أساسي من المغتربين اللبنانيين إلى ذويهم في لبنان، ومن المنظمات الأممية لمساعدة النازحين السوريين ولمساعدة النازحين اللبنانيين، فضلاً عن تدفقات تأتي مخصصة لبعض المؤسسات مثل الجيش والقوى الأمنية، وتدفقات غير منظورة تأتي إلى الأحزاب اللبنانية من الخارج. هذا يعني أن النموذج السابق الذي لم يكن يمثّل الإنتاج المحلي فيه والتصدير إلى الخارج نسبة كبيرة من تدفقات العملة الأجنبية، عاد من بين الأموات على ظهر أصحاب المداخيل المحلية وقوتهم الشرائية. وفي المدة المقبلة، يبدو أن الرهانات على تدفقات كبيرة من أجل إعادة الإعمار، ستنعش هذا النموذج، وستصبح فرصة لإحياء كل أركان النموذج الذين ظننا أنه مات في 17 تشرين الأول 2019. طبعاً ليس النقاش في ما يخصّ مصدر هذه الأموال، ولا على طبيعة الشروط السياسية التي تأتي معها، إنما هذه مجرّد محاولة لتوصيف الواقع تسبق أي نقاش. فالسؤال الأكثر رواجاً الآن على صعيد السياسات النقدية والمالية، هو سعر الصرف وقدرته على الاستقرار في ظل البيئة الراهنة، وهو ليس السؤال الصحيح الذي يجب طرحه. صحيح أن قدرة مصرف لبنان، الآن، على إدارة سعر الصرف بشكل يعبّر عن الاستقرار النقدي، مرتفعة وتمتدّ لأشهر من هذه الوتيرة، إلا أن الحكومة لم تقدّم أي إجابة بعد عن قدرتها في تعديل نموذج الاقتصاد السياسي الحالي لتتواءم مع استقرار في سعر الصرف بأقلّ ثمن ممكن. هل ما ندفعه اليوم من ثمن هو الأقل؟ الأرجح أن القوى السياسية الممثّلة في الحكومة وسائر المؤسسات الدستورية، ستواصل إدارة المرحلة الانتقالية وفقاً للنهج نفسه، أي إدارة التوازنات النقدية، وستدير ظهرها لأي حسابات متصلة بالثمن ومن يدفعه.