ملف ليبيا.....خيار التدخل وارد مصرياً... ولكن.....صراع المحاور: رمال الزعامة في ليبيا...

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 تموز 2020 - 5:14 ص    عدد الزيارات 1321    التعليقات 0

        

خيار التدخل وارد مصرياً... ولكن.....

.... خيار التدخل وارد مصرياً... ولكن يبقى انتظار التنفيذ قيد قرار السيسي نفسه الذي تصله تقارير يومية حول تطورات الأوضاع (أي بي أيه )....

الاخبار.... القاهرة | التدخل العسكري في ليبيا لا يزال قائماً، وجميع سيناريوات التدخل لم تُسحب من المناقشة، بل ما تبقى هو اللحظة الصفر التي لم تحدد بعد. الفكرة لدى الرئاسة والجيش هي أن يكون التحرك المصري ردّ فعل فقط على تحركات حكومة «الوفاق الوطني» العسكرية المدعومة من تركيا في حال قررت اقتحام سرت والجفرة. ما يوفر الأريحية في أخذ القرار، كما تنقل مصادر، هو توافر الشرعية اللازمة داخلياً وخارجياً للتدخل في مصلحة قوات المشير خليفة حفتر، في مواجهة حكومة فائز السراج. فقد حصلت القاهرة على موافقة، وإن كانت لا تمثل الكل الليبي، من مجلس النواب، مع طلب تدخل رسمي من «الجيش الوطني». ومن جهة أخرى، ثمة تأييد أوروبي وأميركي، لكنه محدد باشتراطات معينة فرملت الاندفاعة المصرية حالياً. لهذا، تراقب القاهرة من كثب الأوضاع العسكرية التي تجمدت تقريباً عند ما حققته «الوفاق» عند حدود العاصمة طرابلس، مع استمرارها في تجهيز الحشود للهجوم على سرت والجفرة. حتى الآن، لا ترغب «المحروسة» في التدخل العسكري رسمياً، لكنها تراقب التحركات العسكرية بتنسيق كامل مع قوات حفتر. مع هذا، تكشف مصادر مطلعة عن وصول أعداد محدودة من العسكريين المصريين سراً إلى قاعدة «الجفرة» خلال الأيام الماضية، للمساهمة في إدارة غرفة العمليات المركزية ومتابعة ما يحدث في الميدان على مدار الساعة. كذلك، تؤكد مصادر عسكرية مصرية، تحدثت إلى «الأخبار»، وجود استنفار عسكري، خاصة في المنطقة الغربية للبلاد، إضافة إلى وضع سلاح الطيران على أهبة الاستعداد، لأنه سينفذ التدخل الأول وفق الخطة التي اعتمدها الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة. يبقى انتظار التنفيذ قيد قرار السيسي نفسه الذي تصله تقارير يومية حول تطورات الأوضاع في ليبيا. رغم ذلك، يأمل «الجنرال»، وفق مصادر في الرئاسة، ألا يضطر إلى التدخل العسكري، وأن يكون البديل هو العودة إلى المفاوضات، وهو ما يعمل عليه بالتعاون مع أجهزة عديدة تتواصل مع الأطراف المعنيين داخل ليبيا وخارجها، ولا سيما جهاز المخابرات العامة. لكنه لا يزال يرهن التدخل العسكري بتجاوز ما سبق أن أعلنه كخط أحمر، وهو تقدم قوات «الوفاق» للسيطرة على سرت والجفرة. بل يرى السيسي أن أطراف الصراع قادرة الآن على بدء التفاهمات السياسية مع إبقاء الوضع الميداني كما هو عليه، بعدما توقفت «الوفاق» عن التقدم الميداني منذ مدة.

صراع المحاور: رمال الزعامة في ليبيا

الاخبار....فؤاد إبراهيم.... بوتيرة متصاعدة، تسير «لعبة المحاور» بين المحور التركي ــــ القطري ومحور «الاعتدال العربي» (ممثلاً في الرباعي: السعودية، الإمارات، مصر والبحرين). منذ عام 2015، تكاثرت النقاط الساخنة بين المحورين، لكن بعد المواجهة في ليبيا، بات كلّ شيء جاهزاً لدخول مرحلة «اللعب على المكشوف»، فيما تجاوزت حدود المواجهة الميدان، وجرى استدعاء التاريخ والجغرافيا والعرق والدين. تصفية الحساب الجديد ــــ القديم هي عنوان لعلاقات ملتهبة، كان غبار الفوضى العارمة التي اجتاحت الشرق الأوسط منذ عام 2011 يستر المدى الناري الذي بلغته، بعدما التهمت أجزاء جوهرية من سيادة واستقرار، وحتى مصير دول أعضاء في ما يسمى «الجامعة العربية». أعادت ثورات «الربيع العربي» رسم خريطة الشرق الأوسط، واستنفر المتربّصون من أرباب الثورة المضادة للانقضاض واختطاف الجنين الثوري قبل استكمال شرط ولادته التاريخية الطبيعية.

خضوع القاهرة لحكم الآستانة حقباً من الزمن العثماني لم يخمد تطلّع مصر إلى الريادة في الشرق

منذ عام 2011، بدت تركيا لاعباً شرق أوسطياً، شأنها شأن بقية اللاعبين الإقليميين والدوليين. وكان وصول «الإخوان المسلمين» إلى سدة الحكم في مصر في تموز/ يوليو 2011 قد أطلق أشرعة الأمل بتحقق الحلم «الإخواني» بمشروع الدولة ــــ الأمة الذي انهار بأفول الخلافة العثمانية عام 1924. تحوّلت تركيا إلى موئل لقادة الجماعة الذين ينفرون كل عام للاجتماع السنوي فيها والتفكير في مشروع المستقبل. ولكن «لو تُرك القطا لغفا ونام»؛ إذ ثمة في المقلب الآخر من يعمل على تقويض الحلم «الإخواني» في مهده. وكان انقلاب حزيران ــــ يونيو/ تموز ــــ يوليو 2013 على محمد مرسي بتمويل سعودي ــــ إماراتي بداية انهيار ذلك الحلم، والذي فجّر غضباً تركياً عارماً، وشكّل فاتحة مسار من الخصومة، ليس بين تركيا ومصر السيسي فحسب، بل بينها وبين «محور الشر»، الذي يضم السعودية والإمارات ومصر. اختار اللاعبان السعودي والإماراتي قواعد اشتباك من نوع مختلف، وقرّرا الهروب إلى الأمام في المواجهة مع أنقرة. وكانت محاولة الانقلاب في منتصف تموز/ يوليو 2016 الرسالة الصاعقة التي وصلت إلى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، من أبو ظبي والرياض. أدرك إردوغان أن خصومه أحرقوا مراكب العودة، وأن المعركة لا حدود لها، وقد تخترق القصر الرئاسي.

في ليبيا، كما في سوريا والعراق، وفي قبرص حيث النزاع التركي ــــ اليوناني، ثمة شعاع مواجهة يتّسع بسعة الغضب والحلم لدى أطراف الصراع كافة. فالصراع هذه المرة بلا جبهات، وهذا هو معنى أن يكون صراع محاور، إنه أشبه بلعبة الشطرنج، حيث يتمّ تحريك الجنود والملوك والقلاع بحسب الفرصة والخدعة اللتين تحدّدان طبيعة كلّ معركة.

دعمت تركيا حكومة «الوفاق الوطني» في ليبيا بقيادة فائز السراج والمدعومة من الفصائل الإسلامية، في مقابل قائد «الجيش الوطني» الجنرال المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من السعودية ومصر والإمارات والأردن. خسارة حفتر في معارك الغرب الليبي كانت فاصلة لجهة انتقال الصراع إلى نقطة مصيرية يتقرّر على أساسها مَن يبقى ومَن يرحل في المعادلة الليبية الميدانية، وتالياً السياسية.

ليس في الذاكرة التاريخية ما يسعف. فما يفرّق تركيا ومصر أكثر مما يجمعهما، والتاريخ يخبر عن تجاذب حادّ بينهما، وأن خضوع القاهرة لحكم الآستانة حقباً من الزمن العثماني لم يخمد تطلّع مصر إلى الريادة في الشرق. وكانت ثورة تموز/ يوليو 1952 بداية القطيعة النهائية بين البلدين، بعد إطاحة النظام الملكي، بإرثه العثماني. لاحقاً، أدى الانبعاث القومي العروبي من مصر ــــ عبد الناصر، والتمفصل الجديد للتحالفات (انحازت القاهرة إلى المعسكر السوفياتي، فيما انحازت أنقرة إلى المعسكر الأميركي) إلى تزايد التباعد بين البلدين، وفي الوقت الذي لم يقرّب فيه ذلك بين الرياض وأنقرة، حيث بقيت السعودية متمسّكة بتحفّظها على أيّ تقارب مع تركيا لأسباب تاريخية وأيديولوجية واستراتيجية.

الملفات الخارجية هي الميادين التي يحتدم الصراع عليها بين أنقرة والقاهرة والرياض وأبو ظبي. في الحرب الباردة، كان عزوف مصر عن دعم الموقف التركي في المحافل الدولية في المسألة القبرصية، يكافئ، من وجهة النظر الناصرية، تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية. يختلف الحال في الوقت الراهن، تركيا إردوغان تعيب على السعودية موقفها المتخاذل من القدس في قضية «صفقة القرن». وكان إردوغان قد خاطب السعودية في أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي بالقول: «أحزن عند النظر إلى مواقف الدول الإسلامية، وعلى رأسها السعودية، حيث لم يصدر منها أي تصريح (رافض لصفقة القرن)، فمتى سنسمع صوتكم؟». وردّ عليه أحد أمراء آل سعود، وهو عبد الرحمن بن مساعد، قائلاً: «نفّذ أولاً ما هدّدت بتنفيذه تجاه إسرائيل حين أعلن ترامب قبل عام وأكثر نقل السفارة إلى القدس... كان هذا في تصريح عنتري كتصريحك الآن... ولكن لم يحدث شيء مما زعمت أنك ستقوم به...».

في القيادة العسكرية المصرية من يرفض الامتثال لرغبات السعوديين والإماراتيين

سلك صراع المحاور درباً شائكاً، وطاول ملفات حيوية تشمل غزة وقبرص والعراق وسوريا، وصولاً إلى ليبيا. الخلاف التركي ــــ المصري في المسألة السورية تَفجّر سريعاً، وحسمت القاهرة موقفها في وقت مبكر بعد انقلاب تموز/ يوليو، حيث أعلنت دعمها للرئيس السوري بشار الأسد حتى قبل أن تبدأ الرياض وأبو ظبي إعادة التموضع في سنوات لاحقة. كما بدا الخلاف التركي ــــ الخليجي جليّاً في المسألة الكردية، كما تخبر زيارات ثامر السبهان، وزير الدولة لشؤون الخليج العربي، إلى مناطق شرقي الفرات، ولقاؤه قيادات «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، والذي لا تفسير له، تركياً، سوى كونه مناكفة سعودية.

لم يتأخر الرد التركي على انتقادات الرياض لعملية «نبع السلام» التي أطلقتها تركيا في شرقي الفرات في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حيث خاطب إردوغان السعودية آنذاك بالقول: «إن على المملكة العربية السعودية أن تنظر في المرآة، قبل أن تنتقد عملية نبع السلام». وقابل موقفها بموقف مضادّ من الحرب على اليمن، قائلاً: «على السعودية أن تنظر في المرآة، من أوصل اليمن إلى هذه الحالة؟ كيف هي أوضاع اليمن الآن؟ ألم يمت آلاف الأشخاص في اليمن؟ عليكم أولاً أن تقدّموا حساب ذلك». وعرّج على السيسي بالقول: «أما رئيس النظام في مصر، فلا تتكلم أبداً، فأنت قاتل الديموقراطية في بلدك».

في لغة إردوغان رسائل موجّهة ومقصودة، فهو يلعب بورقة الرأي العام حين يذكّر السعودية بالكارثة الإنسانية التي تسبّبت بها في اليمن، كما يذكّرها بضعفها في مواجهة حركة «أنصار الله»، وعجزها عن درء الهجمات الجوية ضدّ منشآتها النفطية. وهو هنا يخاطب أنصار النظام السعودي، ويلامس صميم كرامة آل سعود التي تمرّغت في الوحل اليمني.

على الجبهة التركية ــــ المصرية، استضافت القاهرة في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 قمة ثلاثية جمعت السيسي ورئيس وزراء اليونان أنطونيس ساماراس، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، وكان عنوان القمّة بحسب الصحافة المصرية «مواجهة أطماع أنقرة في المنطقة»، وبحث إمكانية ربط حقول الغاز القبرصية بالمنشآت البترولية في مصر. وفي 11 أيلول/ سبتمبر 2019 أجرى وزير الخارجية السعودي السابق، إبراهيم العساف، لقاءات مع المسؤولين في قبرص، في زيارة هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع، وتبطن رسالة واضحة إلى تركيا، ولا سيما من ناحية تصريح العساف بدعم موقف نيقوسيا في خلافها مع أنقرة في شأن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، وهو ما وصفته قناة «AHABER» التركية بـ»الصفيق».

ما يراد من مصر خليجياً أبعد من مجرد الضجيج الإعلامي والتلويح بالخيار العسكري. صحيح أن مصر هي القوة العسكرية الأكبر في العالم العربي، لكن دخولها في مواجهة مباشرة تقليدية أو حروب الوكالة ضدّ تركيا يضعها أمام امتحان جدارة، وقد يخدم، نسبياً، النظام السعودي في صرف الأنظار عن فداحة خسارته العسكرية في اليمن، حيث لا تزال الرياض عاجزة عن تصميم «إخراج لائق» لورطتها. معارك ليبيا، بقدر ما تنقل جزءاً من الاهتمام الإعلامي الإقليمي والدولي، تفتح في الوقت نفسه الصراع مع تركيا على أفق أوسع، وتزجّ بمصر في الواجهة. قد تجد القاهرة مبررات كافية للمواجهة مع أنقرة، لكن السؤال: هل هذا هو الخيار الصائب؟

كانت تركيا، في عهد عمر البشير، قد حصلت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 على امتياز استراتيجي بمنحها حق تطوير وإعادة تأهيل جزيرة سواكن الواقعة شرق السودان في البحر الأحمر، والتي وصفت بأنها قاعدة عسكرية تركية. أثار القرار السوداني حفيظة مصر والسعودية والإمارات، كلّ لأسبابه، فكان قرار إسقاط البشير عبر انقلاب عسكري مشابه لانقلاب مصر في 3 تموز/ يوليو 2013، بالدمج بين الانتفاضة الشعبية والترتيبات العسكرية.

دخول تركيا على خطّ المعارك في ليبيا، عبر إرسال سفينة تحمل اسم «أمازون» محمّلة بأسلحة وآليات عسكرية إلى ميناء طرابلس الليبية الخاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية في 18 أيار/ مايو الماضي، كان هو الآخر مصدر تهديد للأمن القومي المصري.

القلق السعودي من تعاظم النفوذ التركي في المنطقة لم يعد خافياً. بعد مقتل الإعلامي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أحرق قادة المحورين ما تبقى من فرص للتقارب. لهجة أنقرة تبدّلت بعد مقتل خاشقجي، وأخذت وتيرة تصعيدية ممنهجة.

كلّ شيء يجري في الهواء الطلق بين أنقرة وخصومها، ولا سيما القاهرة والرياض. في السابع من كانون الثاني/ يناير الماضي، أصدر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بياناً شديد اللهجة ضدّ التدخلات التركية في ليبيا، ووصفها بأنها «انتهاك واضح وصريح لقرارات مجلس الأمن، ومخالف للموقف العربي الذي تبنّاه مجلس جامعة الدول العربية...». جاء ذلك بعد إعلان تركيا، على لسان كبار مسؤوليها، إرسال خبراء عسكريين وفرق تقنية لدعم حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السرّاج.

لعقود طويلة، كانت القاعدة المصرية في التعامل مع ما يعتقد أنها تهديدات إيرانية هي «أمن الخليج من أمن مصر»، ولكن بعد الدخول التركي إلى ليبيا أصبحت القاعدة على النحو الآتي: «أمن مصر من أمن الخليج»، وأن حماية مصر ليست أمناً قومياً مصرياً فحسب، بل هي أمن قومي عربي لمنع «ابتلاعها من دولة إقليمية متربصة كتركيا». وإذ لا يمكن قبول وجود تركيا على حدود مصر، «لا يمكن قبول الحوثيين على حدود السعودية»، بحسب طارق الحميد في مقالة في «عكاظ» السعودية في 22 حزيران/ يونيو الجاري بعنوان (بيننا وبين مصر «مسافة السكّة»)، استعاد فيها تصريح السيسي الشهير عن دعم مصر لدول الخليج في مواجهة الأخطار الأمنية الخارجية.

منذ بداية العام الجاري، تبدّلت قواعد التدخل التركي في سوريا ولاحقاً ليبيا، وتبدّلت معها قواعد الاشتباك، وما إن تراجعت سخونة المعارك في سوريا، حتى بدت ليبيا بؤرة المواجهة الأشدّ سخونة. لا يخفى استغلال الخليجيين للمسألة الليبية بما تمثّله من قضية أمن قومي لمصر، وبالتالي توظيفها كورقة في الصراع التركي ــــ السعودي/ الإماراتي.

في نيسان/ أبريل الماضي، لحظت حكومة السرّاج بوادر تحرّك ثلاثي، سعودي ــــ إماراتي ــــ مصري، لدعم قوات حفتر التي كانت قد مُنيت بخسائر فادحة بفعل تعاظم الدعم التركي لخصومها. طائرات عسكرية محمّلة بأسلحة وعتاد هبطت في قاعدة الخادم شرق ليبيا لدعم حفتر، ووقف تقهقره في غرب البلاد.

كلّ شيء يجري في الهواء الطلق بين أنقرة وخصومها ولا سيما القاهرة والرياض

على رغم التحريض الإعلامي على خيار دخول القوات المصرية إلى الساحة الليبية، والذي لا تزال الرياض وأبو ظبي تضخان المال والسلاح والذخيرة من أجله، إلا أن في القيادة العسكرية المصرية من يرفض الامتثال لرغبات السعوديين والإماراتيين في إقحام الجيش المصري في حروب استنزاف غير مأمونة العواقب. ينبّه هؤلاء إلى المشكلات الاقتصادية الضاغطة في مصر، والتي من المقدّر لها أن تتفاقم بطريقة غير قابلة للسيطرة فور اندلاع المواجهات، وهم يفضّلون استغلال الأموال الخليجية لدعم الاقتصاد المصري والاقتصار على دعم حرب الوكالة لتأدية المهمة، ولا سيما أن حفتر بات في عداد الخاسرين للأبد، بعد سيطرة قوات «الوفاق» على مدينة ترهونة (جنوبي شرقي العاصمة طرابلس)، المعقل الرئيس لما تبقى من قواته غرباً، بعد خسارته مدناً أخرى مثل صبراتة والعجيلات.

تنعكس المعركة الشاملة بين المحورين على المستويات الإعلامية والثقافية والدينية والتاريخية. في منتصف نيسان/ أبريل الماضي، أعلنت السعودية أنها حجبت الوصول إلى وكالات الأنباء التركية التي تموّلها الدولة، بالإضافة إلى العديد من المواقع التركية الأخرى. وردّت تركيا بخطوة مماثلة، ومنعت الوصول إلى العديد من وكالات الأنباء السعودية والإماراتية.

كذلك، وفي خطوة لافتة، أقدمت أمانة العاصمة السعودية، الرياض، في منتصف حزيران/ يونيو المنصرم، على إزالة اسم السلطان العثماني سليمان القانوني من أحد شوارعها الرئيسية، في خطوة وصفت بأنها إعلان قطيعة نهائية مع تركيا.

في منتصف أيار/ مايو الماضي، نقلت وكالة «الأناضول» عن الرئيس التركي تصريحات نارية قال فيها: «لن نخلي الساحة لأيّ من قوى الشر بدءاً من منظمة غولن إلى بي كا كا، ومن اللوبيات الأرمنية والرومية، وصولاً إلى محاور العداء التي مصدرها الخليج». وحذّر مستشار إردوغان، ياسين أقطاي، دول الخليج من التدخّل في الشأن التركي، وقال: «إن تمادي بعض دول الخليج في عدوانها وتدخلها في الشأن السياسي التركي ستكون له آثار سلبية وعواقب وخيمة على تلك الدول أو الدويلات».

وفجّرت التصريحات تلك ردود فعل غاضبة وسط أنصار النظامين السعودي والإماراتي، والذين أطلقوا وسماً بعنوان «إردوغان يهدّد الخليجيين»، سكبوا فيه مواقف مشفوعة بمقتطفات من سيرة المعارك الغابرة، ومعطوفة على مطالبة بقطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع تركيا.

خيار الهروب إلى الأمام بدأ خليجياً، وصار ــــ بعد تبدّل موازين القوى في ليبيا ــــ تركياً. ولدى الأخيرة ما تقاتل بشراسة من أجله هناك، ولن تقبل التنازل عنه بسهولة. فقرار القاهرة والرياض وأبو ظبي اللعب في المنطقة المحرّمة تركياً، ولا سيما في المسألة القبرصية ومشاريع الغاز شرق المتوسط، يدفع أنقرة إلى الاحتفاظ بالورقة الليبية حتى النهاية للضغط على مصر التي انطلقت منها اتفاقيات ثلاثية (مصرية ــــ يونانية ــــ قبرصية) للتنقيب عن الغاز، وأيضاً لقطع الطريق على استكمال مشروعات مصر واليونان وقبرص بخصوص التنقيب وخطوط التصدير إلى أوروبا، وبما يجهض محاولات رسم الحدود البحرية بين مصر واليونان. لا يُغفل، هنا، البعد السوري في التحرّك التركي العاجل على خطّ المعارك الليبية، والمتمثل في تحويل ليبيا إلى خزّان استيعابي لفائض المقاتلين المكدّسين في إدلب السورية، والذين شكّلوا قلقاً دائماً متعاظماً، وتسبّبوا في تأخير موعد المعركة السورية ــــ الروسية ــــ الإيرانية لاستعادة ما تبقى من الأراضي السورية.

وفي النتائج، تحوّلت تركيا إلى لاعب فاعل في الميدان الليبي، ولا سيما بعد الاتفاقية الدفاعية التي أبرمتها نهاية عام 2019 مع حكومة السرّاج، على رغم اعتراض القاهرة والرياض وأبو ظبي وعواصم أوروبية عليها. منحت الاتفاقية تركيا فرصة ذهبية للتحرّك العسكري والسياسي بغطاء رسمي، وتالياً تعزيز نفوذها عبر السيطرة على القواعد الاستراتيجية في ليبيا (الأمر الذي عجزت روسيا عن الحصول عليه)، بما يحسّن من شروطها في المسألة السورية.

بعد خسارة حفتر لمناطق حيوية في الشرق، وفشله في الوصول إلى الغرب، بات الكلام عن مبادرات مصرية أو حتى أممية لحل الأزمة الليبية غير ذي جدوى، لأن الميدان يفرض منطقه ومبادرته البديلة. وتنظر أنقرة إلى مبادرة القاهرة في 8 حزيران/ يونيو المنصرم على أنها تسديدة خارج الوقت الرسمي، في محاولة مكشوفة لإنقاذ قوات حفتر من الغرق في الرمال الليبية. ولا يتطلّب الأمر مزيد عناء لفهم أن المبادرة هي رسالة إلى إردوغان للحيلولة دون استعجال قطف انتصارات حلفائه.

وفي نهاية المطاف، ثمة صراع محاور تدور رحاه على زعامة العالم السنّي بين تركيا بإرثها العثماني وثقلها الاستراتيجي من جهة، وبين مصر بمركزيتها العربية والسعودية بثقلها المالي وسيطرتها على الحرمين الشريفين من جهة أخرى، مع الإشارة إلى أن الرياض، حين يتعلّق الأمر بزعامة العالم الإسلامي، لن تقبل مبدأ الشراكة لا مع مصر ولا مع تركيا ولا مع أيّ بلد آخر؛ فهي تراه امتيازاً حصرياً لها.

سيناريو الصدام التركي ــ المصري: رابحون وخاسرون

الاخبار....محمد نور الدين ... على الرغم من التهديدات المصرية بالتدخّل في ليبيا، وهو الأمر الذي كبح نسبيّاً جماح التقدّم التركي على جبهة سرت ــــ جفرا، فإن المحلّلين الأتراك يقاربون التدخّل التركي في مصر من أكثر من زاوية تعكس تعقيدات المشهد والاحتمالات. في وقت تواصل فيه تركيا انتشاءها بالتقدّم في ليبيا ووجودها في سوريا والعراق وشرقي المتوسط، محتفلة منذ يومين بالذكرى 2229 على تأسيس القوات البرية على أساس أن أوّل فرقة عسكرية برية أسستها القبائل والعشائر التركية تعود إلى عام 209 قبل الميلاد في عهد الحاكم موتان (ميتيه خان) الذي أسس إمارة هيونغ نو في شمال غرب الصين والتي شكّلت تهديداً للإمبراطورية الصينية وكانت جزءاً من إمبراطورية الهون الكبرى!.... يرى ياشار قايا، أوّل وزير خارجية في سلطة حزب «العدالة والتنمية»، والذي افترق عنها لاحقاً وكان سفيراً لتركيا في مصر بين 1995 و1998، أن مصر تقارب الوضع في ليبيا من زاوية أن «الإخوان المسلمين» يشكّلون خطراً وجودياً عليها. لذلك فلن تألو جهداً لوضع كل ثقلها على الساحة من أجل منع تعاظم قوة حكومة «الوفاق الوطني» الموالية لـ«الإخوان المسلمين». ويقول ياقيش إن مدى خطورة «الإخوان» على مصر، بنظر المصريين، هو تماماً كما هي خطورة حزب «العمّال الكردستاني» على تركيا. ويحذّر ياقيش من أنه إذا أرسلت مصر جنوداً إلى ليبيا فإن احتمال المواجهة العسكرية بين تركيا ومصر سيكون قائماً. وقال إن التوصّل إلى حل دبلوماسي لا يزال ممكناً، لكن الدبلوماسية في هذه اللحظة لا تعمل. وأضاف إن التدخّل المصري العسكري في ليبيا سيكون سهلاً نظراً إلى عدم وجود عوائق طبيعية. كما أن رؤساء القبائل الموزعة على جانبي الحدود سيكونون في تعاون مع مصر. ويقول ياقيش إنه ما لم تصل تركيا ومصر إلى حلول وسط، فلا مفر من الصدام بينهما في ليبيا. ويقول الرئيس السابق لاستخبارات الجيش التركي الجنرال المتقاعد إسماعيل حقي بكين، في حوار مع صحيفة «ميلليت» إن دخول تركيا على خط الوضع في ليبيا غيّر المعادلات. لكن أحداً لا يريد لطرف واحد أن يحقق انتصارات كاملة. من هنا، توقف العملية العسكرية التركية عند بوابة سرت ــــ جفرا. لكن هل ينفّذ عبد الفتاح السيسي تهديداته؟ يتساءل بكين ويجيب: لا. لا يستطيع، ويتابع: «نعم يمكن أن يستعرض السيسي قوّته، لكن الطريق إلى سرت طويلة بقدر العالم. لذلك من الصعب عليه الدخول في حرب وزجّ وحداته ودباباته هناك. هذا ليس سهلاً». ويقول، بخلاف وجهة نظر ياشار ياقيش، إن «احتمال المواجهة بين مصر وتركيا غير قائم. يمكن التصارع بالوكالة، لكن لا أظن أن مصر سترسل قوات إلى ليبيا وتتقدم إلى سرت. هذا غير ممكن». ويتطرّق بكين إلى جانب آخر من المسألة بالقول إن مصر قريبة من ليبيا، بعكس تركيا البعيدة. مع ذلك، فإن تركيا أرسلت مرّتين طائراتها إلى ليبيا، أمّا مصر فلم تقم بذلك. وهذا مرده إلى أن الولايات المتحدة لا تريد لمصر أن تفعل ذلك، فيما هناك لقاءات وتعاون بين تركيا والولايات المتحدة. ويقول بكين إن «الولايات المتحدة تعمل على عرقلة روسيا والقوى التي تدعمها روسيا. وهذا يقف خلف التعاون التركي ــــ الأميركي. الولايات المتحدة لا تصرّح علناً، لكنها تدعم ضمناً تركيا. لذلك أيضاً فإن التدخّل المصري هناك غير وارد. تركيا تظهر كما لو أنها هناك بمفردها، غير أن هذا غير صحيح. الولايات المتحدة موجودة خلف تركيا. لذا، فإن إسرائيل لا ترفع صوتها». ويقول بكين: لا أحد يريد نشوب حرب واسعة في ليبيا لأنها ستمتد إلى السودان وتشاد وأوروبا وستخرج موجة هجرة واسعة إلى أوروبا التي لا تريد مثل هذه الهجرة. وسينتهي الأمر بتمركز روسيا والصين في ليبيا وهو ما لا تريده واشنطن. ويضيف إن مصر تأخذ من الولايات المتحدة مساعدات سنوية بقيمة ثلاثة مليارات دولار وتشتري منها السلاح، ولمصر مشكلات مع إثيوبيا وأخرى في سيناء، لذلك فإن استعراض القوة في ليبيا هدفه ردع تركيا ليس إلا. ويرى محمد علي غولير في صحيفة «جمهورييت» أن الدفع نحو صدام تركي ــــ مصري في ليبيا سيؤدي إلى:

ــــ منح موسكو ميزة في التفاوض والمساومات مع أنقرة.

ــــ استفادة جبهة مصر ــــ إسرائيل ــــ اليونان ــــ قبرص اليونانية.

ــــ استفادة إسرائيل ومعها أميركا لتسهيل تطبيق مشروع ضم الأراضي في الضفة الغربية.

ويقول غولير إن مثل هذا الصدام بين تركيا ومصر سيلغي نهائياً إمكانية توافق تركيا ومصر على ترسيم الحدود البحرية بينهما. ويرى أن تركيا هي الأقوى ولا يمكن مقارنة مصر بتركيا عسكرياً. لذلك فإن السيسي، بتهديداته، يعمل على:

ــــ كبح العملية التركية.

ــــ استدراج الولايات المتحدة إلى موقف أكثر حياداً.

ــــ استدراج المساعدات من السعودية والإمارات.

ــــ الدفع بروسيا، المتناقضة مع تركيا في ليبيا، للوقوف إلى جانب مصر.

ــــ إجبار حكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج ومعها تركيا، التي رفضت مبادرة السيسي، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ويقول غولير إن صداماً تركياً ــــ مصرياً في ليبيا، واتخاذ خط سرت ــــ جفرا حدوداً داخلية، يعني تقسيم ليبيا، وهذا يضرّ بتركيا لجهة ترسيمات الحدود البحرية في شرق المتوسط، ومنافسة الشركات الأجنبية لتركيا في ليبيا حيث لن يطبّق أي اتفاق تركي مع حكومة طرابلس على الشرق الليبي. ويرى أن من مصلحة تركيا أن تعمل في ليبيا بالاشتراك مع مصر وروسيا والتخلي عن «العمل المشترك» مع الولايات المتحدة. ويرى الكاتب مراد يتكين أن مستقبل التعاون المشترك بين الولايات المتحدة وتركيا في ليبيا رهن بثلاثة عوامل: الأوّل، مصير صواريخ «أس ــــ 400» ومقاتلات «أف 36». وهي مشكلة لا تخص الرئيس دونالد ترامب فقط، بل عالقة في الكونغرس المعارض لترامب. ومن دون حل مشكلة الصواريخ، فإنه ليس من السهولة انتظار تطوّرات مهمّة في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. العامل الثاني، هو الوضع في سوريا وضرورة أن تتفهّم تركيا المسائل الأمنية لـ«قوات حماية الشعب» الكردية المؤيدة لـ«العمّال الكردستاني» ولإيجاد حل في سوريا يأخذ في الاعتبار المسألة الكردية. أمّا العامل الثالث، فهو الاعتراض الأميركي على أي تعاون تركي مع الصين في أفريقيا وفي مجال الأجهزة الطبية والأدوية وألا تكون تركيا بوابة الصين إلى أوروبا ومنع استخدام أجهزة «هواوي» في الدوائر الرسمية التركية.

أبرز القوى العسكرية

الاخبار....تتشابه قوات حفتر و«الوفاق» في تشكلها من مركبات قبلية أو عقدية ... قوات المشير خليفة حفتر:

ــــ «القوات الخاصة» (الصاعقة): تأسست زمن القذافي ومقرها بنغازي، ثم انشقت بداية عام 2011. كانت من بين أوّل التشكيلات التي انضمّت إلى «عملية الكرامة» بقيادة خليفة حفتر عام 2014 وشاركت في المعارك، وصولاً إلى السيطرة الكاملة على شرق البلاد صيف 2017. شاركت في السيطرة على إقليم فزان (جنوب غرب) نهاية 2018، ثم كانت بين طلائع القوات التي هاجمت طرابلس في 4 نيسان 2019. يقودها ونيس بوخمادة، وتشمل عدة كتائب يقود إحداها محمود الورفلي، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لتنفيذه إعدامات بلا محاكمة شرق البلاد.

ــــ «الكتيبة 128 مشاة»: أصدر حفتر أمر تشكيلها منتصف 2017، ومقرّها منطقة الجفرة وسط البلاد. قامت بعمليات ضد فلول تنظيم «داعش» في المنطقة الصحراوية، ثم ساهمت في السيطرة على جنوب غرب البلاد، وشاركت في القتال بجبهات جنوب طرابلس. يقودها الرائد حسن معتوق الزادمة.

ــــ «اللواء 73 مشاة»: أصدر حفتر أمر تشكيله في أيلول 2018 بعد حلّ «لواء خالد بن الوليد» ودمج ست كتائب أخرى في اللواء الجديد. يقوده العميد حسن القطعاني ومقره بنغازي، وكان من أبرز القوى المقاتلة في جبهات جنوب طرابلس. عقب تقدّم قوات حكومة «الوفاق الوطني»، انسحب إلى شرق البلاد قبل أن يستدعى إلى سرت.

ــــ «كتيبة طارق بن زياد»: من بين أكبر التشكيلات العسكرية التابعة لقوات حفتر، وينتمي جزء كبير من مقاتليها إلى التيار السلفي المدخلي. يقودها الرائد عمر مراجع، وشاركت في القتال بجبهات جنوب طرابلس.

ــــ «كتيبة العاديات»: تأسست صيف 2019 وينحدر أغلب أعضائها من مدينة الزنتان في الجبل الغربي (غرب البلاد). ينتمي جزء كبير من مقاتليها إلى التيار السلفي المدخلي، قتل آمرها أبو بكر مسعود في جبهات جنوب طرابلس، ولا يعلم قائدها الجديد. انسحبت بعد تقدّم قوات حكومة «الوفاق» إلى غرب البلاد.

ــــ «الكتيبة 604 مشاة»: تأسست عام 2016 من طرف عناصر من التيار السلفي المدخلي فرّوا من سرت عقب سيطرة «داعش» على المدينة. دعم «مداخلة» مصراتة وطرابلس تشكيلها، وأسندت إليها مهمات أمنية عقب تحرير المدينة عام 2017. ظلّت تتبع المجلس الرئاسي إلى أن غيّرت ولاءها مطلع العام لتسقط سرت في أيدي قوات حفتر.

ــــ قوات «فاغنر»: بلغ إجمالي قوات الشركة الأمنية الخاصة نحو 1200، يوجد مئات منهم في القاعدة الجوية بمنطقة الجفرة، حيث ركزت بطاريات دفاع جوي من طراز «بانتسير»، وتوجد طائرات مقاتلة جلبت أخيراً، وفق القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).

ــــ عناصر سوادنيون: يقاتل مئات من تشكيلات المعارضة السودانية، خاصة من دارفور، إلى جانب قوات حفتر، ويتمركز عدد منهم في مواقع بمدينة سرت.

قوات حكومة «الوفاق الوطني»:

ــــ القوات النظامية: تتبع قيادات المناطق، يقود المنطقة الوسطى التي تشمل سرت اللواء محمد الحداد المنحدر من مصراتة، ويقود المنطقة الغربية اللواء أسامة جويلي المنحدر من الزنتان، فيما يقود منطقة طرابلس العسكرية اللواء عبد الباسط مروان.

ــــ «الكتيبة 166»: تنتمي إلى مصراتة، شاركت بكثافة في المعارك ضد «داعش» بمدينة سرت عام 2016 ضمن «عملية البنيان المرصوص»، كما ساهمت في معارك طرابلس. يقودها محمد الحصان الذي له علاقات جيدة مع حكومة «الوفاق» وجهات غربية.

ــــ «الكتيبة 301 مشاة»: تنتمي إلى مصراتة وتنشط في جنوب طرابلس بصفة أساسية. من أهم القوى العسكرية في العاصمة بعد عام 2014، وشاركت بكثافة في حرب طرابلس ضد قوات حفتر، وخاصة سريّة المدفعية التابعة لها. يقودها عبد السلام الزوبي.

ــــ «مجموعة 20/20»: تتبع «قوة الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» التي يقودها الشيخ السلفي المدخلي عبد الرؤوف كارة، وتنشط أساساً في طرابلس. تسيطر القوة على مطار وقاعدة معيتيقة التي تحوي سجناً فيه مئات من عناصر «داعش» والتنظيمات المتطرفة. يقود المجموعة محمود حمزة، وأدّت دوراً مهمّاً عند مشاركتها في حرب طرابلس بعد فترة تردد حول الموقف من حفتر.

ــــ «لواء الصمود»: ينحدر أغلب أعضائه من مدينة مصراتة ويقوده صلاح بادي. لا توالي هذه القوة حكومة «الوفاق» بشكل مطلق، لكن لها موقف مناوئ لحفتر. تشمل في صفوفها عناصر متطرفة شاركت في معارك بنغازي سابقاً، لكنها لا تتبع تنظيماً بعينه.

ــــ «القوّة الوطنية المتحرّكة»: تشمل أساساً عناصر من الأمازيغ المنحدرين من زوارة ومدن في الجبل الغربي.

ــــ مجموعات أخرى: توجد عشرات المجموعات من طرابلس والمدن المجاورة لها، وخاصة الزاوية وجنزور، ومن مصراتة. تختلف قدراتها في العديد والعتاد.

ــــ «غرفة عمليات سرت ــــ الجفرة»: تشكّلت بأمر من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج في كانون الثاني/ يناير، بعد أيام من سقوط سرت، ويقودها العميد إبراهيم بيت المال. لا تشمل قوات خاصة بها، بل مجموعات من عدّة كتائب، أغلبها من مصراتة، ويتولى بيت المال تنسيق عملياتها بالتعاون مع آمر المنطقة العسكرية الوسطى.

ــــ مقاتلون سوريون: جاءت بهم تركيا، وينتمون إلى فصائل سورية موالية لها. لا يعلم عددهم الفعلي، لكن هناك تقديرات بأنهم عددهم يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف. شاركوا في القتال جنوب طرابلس، لكن لا يعرف مدى تأثيرهم الفعلي، وخاصة لجهلهم بمناطق القتال، وتنظر لهم عدّة تشكيلات محلية بعين الريبة.

سرت... أبعد من المعركة

الاخبار.... نجاح محمد ... تجمّد القتال في ليبيا لكن الحرب لم تنتهِ والكل يواصلون التحشيد العسكري ... تجمد القتال في ليبيا عمليّاً منذ نحو ثلاثة أسابيع، على أبواب سرت. تحولت المدينة الساحلية إلى خطّ أحمر عند خليفة حفتر وحلفائه، فيما صارت السيطرة عليها الهدف الأساسي لـ«الوفاق الوطنيّ». لذلك، يمكن أن يؤدي تجدد القتال إلى تدخل عسكري مباشر، يضع تركيا ومصر وجهاً لوجه.... تجمّد القتال في ليبيا، لكن الحرب لم تنتهِ. تواصل قوات المشير خليفة حفتر حشد المقاتلين في سرت والجفرة، الواقعة جنوبيها، والتي تحوي قاعدة جوية يتمركز فيها مقاتلون يتبعون شركة «فاغنر» الروسية، كما راجت أخبار عن زرع ألغام في المناطق التي يمكن استعمالها لشنّ هجمات، على غرار ما جرى عند الانسحاب من جنوب العاصمة طرابلس. أما قوات حكومة «الوفاق الوطني»، فتقول إنها مستعدة لبدء المعركة، لكنها في انتظار الأوامر. وعقب زيارة وفد أميركي قبل أيام، ضمّ السفير وقائد «القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا» (أفريكوم)، وعقده اجتماعاً مع قادة «الوفاق»، قال آمر «غرفة عمليات سرت الجفرة»، العميد إبراهيم بيت المال، إن نتائج الاجتماع «تسير في جانب إكمال العمليات»، مشيراً إلى حاجتهم إلى منظومة دفاع جويّ لإطلاق الهجوم. منذ ذلك الحين، لم تتوقف طائرات الشحن بين تركيا ومصراتة، وبين ما حملته صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، كما أظهرت صور نشرها مقاتلون، كذلك أظهرت صور أقمار اصطناعية نشاطاً لقطع بحرية تركية قبالة مصراتة، كما نشرت مقاطع تظهر مقاتلين سوريين يتلقون تدريبات في أحد المعسكرات جنوب طرابلس، إذ ربما يسهم هؤلاء في الهجوم. في المقابل، توجد عوامل تؤجل استئناف المعارك، فقد كان لتهديد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والدعم الفرنسي الذي تلقاه على لسان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مفعول مهم خفّف اندفاع تركيا. فالأخيرة لا تريد أن تتورط في نزاع مباشر قد يودي بما حققته حتى الآن في ليبيا، خاصة أنها تخطّط لحضور طويل الأمد. وسط هذا التصعيد، دخلت الولايات المتحدة على الخطّ، محاولة استرجاع قدرتها على المبادرة ومسك خيوط الملف. لكن الاهتمام الأميركي ينصبّ في المقام الأول على منع روسيا من ترسيخ وجودها هنا، كما تحاول إيجاد توازن يرضي حلفاءها المتصارعين: الإمارات والسعودية ومصر من جهة، وتركيا من جهة أخرى. لذا، تعمل واشنطن على أكثر من واجهة. ففي الاجتماع الأخير مع مسؤولي «الوفاق»، اتفق على استئناف برنامج تفكيك الجماعات المسلحة وإدماجها في القوات النظامية غرب البلاد، وهو مشروع بدأه وزير الداخلية في «الوفاق»، فتحي باشاغا، عند تسلمه المنصب قبيل إطلاق حفتر هجومه على العاصمة. واتخذت خطوات في هذا الاتجاه، لكن الأمر لن يكون يسيراً، بل يرجّح أن يقود إلى حروب مصغرة بين الجماعات المسلحة، وخاصة في طرابلس.

قد تتحقق صفقات سلام مؤقتة لكن الحرب طويلة وسرت من أهم عقدها

الإنجاز الأهم للأميركيين حتى الآن هو توسطهم لاستئناف إنتاج النفط وتصديره، بعد أن أوقفته بداية العام قبائل موالية لحفتر. وفي بيان أول من أمس، أكدت «المؤسسة الوطنية للنفط» في طرابلس، وهي تحظى باعتراف دولي حصري لإدارة القطاع، حدوث «مفاوضات على مدار الأسابيع القليلة الماضية بين كل من الوفاق الوطني والمؤسسة وعدد من الدول الإقليمية، تحت إشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة»، لاستئناف عمل المؤسسات النفطية وموانئ التصدير. وبعد ساعات من تعبير المؤسسة عن أملها في أن «ترفع هذه الدول الإقليمية الحصار»، أعلنت القبائل التي تعطّل نشاط المؤسسات النفطية السماح باستئناف الإنتاج و«تفويض» الملف لحفتر. لكن ذلك لن يكون من دون مقابل، إذ يفترض وضع نظام جديد لتوزيع عوائد المحروقات يصبّ في مصلحة المشير ومحوره شرق البلاد، ما يعني إنهاء احتكار طرابلس تحصيل العوائد وتوزيعها. قد تقود الجهود الأميركية إلى بعض النتائج، لكنها لن تغيّر المعادلة. فالمسألة الأهم تتعلق بإرساء قواعد تقاسم للسلطة، وهو أمر استنفد أعواماً من الجهود، من دون أن يحقق نتائج ملموسة. الهاجس الآن نزعُ فتيل التوتر حول سرت، وهو أمر ممكن الحدوث، لكن المشكلة الكبرى مرتبطة بإنهاء الأزمة ككل، وهذا أمر صعب، إذ يسعى حفتر للوصول إلى السلطة والاستئثار بها، وتدعمه أبو ظبي والرياض والقاهرة في ذلك منذ أعوام، بوصفه عدواً للإسلاميين. لذلك، هل يمكن وضع حدّ لمحاولاته السيطرة على العاصمة عسكريا؟ يبدو ذلك متعذراً، لأنه يضع حداً لمشروعه الشخصي وطموح داعميه. أما «الوفاق الوطني»، فترى أنه يجب دحر حفتر شرقاً إلى أبعد حدّ ممكن (خارج سرت والجفرة على الأقل)، لوضع قواعد جديدة للصراع، وتوافقها أنقرة في ذلك، بل ترى أن من الضروري إبعاد الرجل من المشهد لمصلحة شخصيات أخرى من الشرق. ضمن هذا الصراع «الصفري»، قد تتحقق صفقات سلام مؤقتة، لكن الحرب تبدو طويلة، وسرت من أهم عقدها، لكنها في أفضل الأحوال معركة مؤجلة.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,061,076

عدد الزوار: 6,932,746

المتواجدون الآن: 83