العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية بين البراغماتية الناعمة والسياسات الحقيقية...

تاريخ الإضافة الأحد 21 كانون الثاني 2018 - 7:54 ص    عدد الزيارات 930    التعليقات 0

        

العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية بين البراغماتية الناعمة والسياسات الحقيقية...

نيودلهي لا تستطيع أن تلعب دور الصديق الأمثل لدى تل أبيب..

الشرق الاوسط...نيودلهي: براكريتي غوبتا..

على مدى الأيام الستة الماضية، استعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره الهندي ناريندرا مودي التفاعلات المستمرة لحالة المودة المتزايدة التي تجمع نيودلهي مع تل أبيب. التقارب بين نتنياهو ومودي، على الأقل أمام الكاميرات، يعكس حالة من الصداقة والمودة التي لا نهاية لها. وعلى الرغم من الزيارة السابقة التي قام بها سلف نتنياهو، أرييل شارون، إلى الهند قبل أكثر من عقد من الزمان، إلا أن رحلته الأخيرة إلى الهند استرعت المزيد من الاهتمام بسبب الزيارة المستقلة التي قام بها نظيره الهندي إلى إسرائيل في العام الماضي. ومع ذلك، يرى المحللون وخبراء الاستراتيجية أنه فيما وراء ما تخفيه العلاقات العامة، فإن العلاقات الهندية الإسرائيلية لا تشوش عليها العواطف الرسمية المعلنة، ولقد صاغت التحالفات الدبلوماسية القائمة على أساس المصالح الذاتية المتبادلة. ومن الناحية الدبلوماسية فإنها توصف بالقرارات المستقلة سياسياً. غير أن الهند لا تستطيع أن تلعب دور الصديق الأمثل لدى إسرائيل.
المكاسب المشتركة بين الجانبين ...
المصلحة الرئيسية لدى الهند في إسرائيل تكمن في قدراتها العسكرية المتقدمة ومبيعات الأسلحة وغيرها من الابتكارات العسكرية التي حققت التقارب الهندي الإسرائيلي الأخير. وتبتاع الهند الأسلحة من إسرائيل بما قيمته حوالي مليار دولار سنوياً. ولم تُخف الحكومة الهندية سراً عند إعلانها عن صفقات الدفاع والتعاون مع تل أبيب. وفي واقع الأمر، يبدو أن العلامة التجارية العسكرية الإسرائيلية قد صارت مصدر إلهام بالنسبة إلى الهند. وعندما أُعلن عن قيام الجيش الهندي بشن هجمات قاسية عبر خط المراقبة في عام 2016، رداً على الهجمات الإرهابية في بلدة أوري الكشميرية، التي اتهمت فيها باكستان، قارن مودي الأمر بمآثر الجيش الإسرائيلي.
وصرح موهان غوروسوامي، رئيس مركز السياسات البديلة، قائلاً بكل وضوح: «لا يتفضل الجانب الإسرائيلي علينا أو على أي أحد بأي مآثر. إن كافة الصفقات تسدد بالأموال النقدية، والباقي هو نفاق إسرائيلي من فعل وسائل الإعلام».
ومن زاوية تأكيد هذه العبارة، وقبل عدة أيام من بدء زيارة نتنياهو الرسمية، أعلنت الهند على نحو مفاجئ إلغاء صفقة شراء 8000 صاروخ من طراز سبايك إسرائيلي الصنع المضاد للدبابات، وهي الصفقة التي تقدر بحوالي نصف مليار دولار، لصالح منتج محلي هندي آخر. ولا تعتبر تل أبيب، الهند، مجرد سوق رئيسية كبيرة للتقنيات المهمة في شتى المجالات، بما في ذلك المياه، والزراعة، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، والابتكار، فهناك مصالح جيو - سياسية أكيدة في الهند. وتعلم إسرائيل أن لها أصدقاء قليلين ومعدودين ضمن بلدان العالم النامي، كما أن علاقتها مع الهند، الدولة التي يزيد سكانها على مليار نسمة، هي كمثل الريشة على التاج الإسرائيلي.
وتقول الكاتبة الصحافية جيوتي مالهوترا: «تدرك الهند أن إسرائيل لديها الكثير لتقدمه. ولدى الدولة العبرية اليوم الكثير والكثير من الصادرات بأكثر من مجرد برتقال يافا. والهند تتطلع إلى التكنولوجيا الإسرائيلية والخبرات الأمنية، ولكن ما الذي سوف تقدمه الهند في المقابل هو أقل من مجرد سوق، وإنما الكثير من تغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة. وهناك 54 دولة أفريقية في منظمة الأمم المتحدة، وإن بدأ نصفهم بالامتناع عن التصويت على القرارات ذات الصلة في إسرائيل، فمن شأن الموقف الدبلوماسي الإسرائيلي أن يتعزز بشكل كبير». ومن هذا المنطلق، تعتبر الهند ذات أهمية كبرى، نظراً لأنها تمثل سوقاً ضخمة محتملة، وبسبب احتمالات تغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على الآخرين من كتلة عدم الانحياز لأن يفعلوا الأمر نفسه.
البراغماتية الواقعية
جاءت زيارة نتنياهو إلى الهند بعد تصويت نيودلهي لصالح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) دعا الولايات المتحدة الأميركية إلى سحب قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة دائمة لإسرائيل. وقُرأت تلك الخطوة كإشارة على ظهور الهند كلاعب فاعل في السياسة الدولية، وإشارة لقدرتها على الفصل بين علاقتها مع إسرائيل ومع فلسطين، وإشارة أيضاً إلى استمرار السياسة الخارجية الذاتية الهندية. ولكن البراغماتية التي قيل إنها صارت مسألة مبدأ لدى مؤسسة السياسة الخارجية قد دفعت الهند أيضاً إلى تأمين مصالحها في أماكن أخرى. إذ يبلغ حجم التبادل التجاري الهندي مع العالم العربي نحو 121 مليار دولار في عام 2016 - 2017 الماضي، مما يمثل 18.3 في المائة من إجمالي التجارة الهندية. كما أنه يفوق حجم التبادل التجاري مع إسرائيل، الذي لا يتجاوز 5 مليارات دولار فقط. تقول الكاتبة الصحافية سيما غوها: «على الرغم من التقارب والنوايا الحسنة الشخصية، إلا أن هناك تباعداً عميقاً بين الهند وإسرائيل. إذ صوتت الهند مع بقية أعضاء المجتمع الدولي في الأمم المتحدة ضد القرار الأميركي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل». وتحت حكم ناريندرا مودي شهدت العلاقات مع الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وبقية بلدان مجلس التعاون الخليجي، تحسناً كبيراً وسريعاً. ومن المثير للاهتمام، أنه قبل 48 ساعة من كسر السيد مودي للبروتوكول الرسمي الهندي، وترحيبه بنتنياهو بأذرع مفتوحة في مطار دلهي بالأم، وقعت الهند وإيران على صفقة بقيمة 600 مليون دولار لتوريد القاطرات وسيارات الشحن من الهند. وقال وزير النقل البري والطرق السريعة الهندي نيتين غادكاري إنه أثناء التوقيع على الاتفاقية، التي تنص على استخدام القاطرات في سكك حديد تشابهار زاهدان لتسريع تنمية الميناء بما يتسق مع رغبة الهند في التواصل مع آسيا الوسطى وما وراءها نحو أوروبا من خلال ممر الشمال والجنوب الذي يناهض مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» الصينية.
وتقول الكاتبة الصحافية جيوتي مالهوترا: «كانت الرسالة الهندية الصامتة بالغة الوضوح. إيران تحتل موقعاً مهماً للغاية في المخطط الهندي لتوسيع النفوذ ليس فقط صوب أفغانستان، التي وصلت إليها الشحنة الثالثة من القمح عبر ميناء تشابهار خلال الأسبوع الماضي. غير أن الهند لا تهتم بالعداء الإسرائيلي المعلن ضد إيران. وتعمل الهند على موازنة انفتاحها على إيران مع المحافظة على العلاقات الودية والصديقة مع الدول العربية الأخرى. ولقد سارت كافة الحكومات الهندية على الحبل المعلق عبر موازنة علاقاتها مع الجانب الفلسطيني والمنطقة الخليجية الكبرى. ولا يعد رئيس الوزراء مودي استثناءً من هذه القاعدة».
العامل الصيني
إن البراغماتية الهندية الإسرائيلية ليست سبيلاً وحيد الاتجاه. فكلاهما يختلف بشأن الصين، في حين أن إسرائيل قد رحبت بالمبادرة الصينية، وتتوق إلى المشاركة في تطوير الشبكات في هذه المنطقة، متجاهلةً في ذلك المخاوف الهندية الأصيلة حول النفوذ المتزايد للصين في الجوار الهندي ومنطقة المحيط الهندي كذلك.وتعتبر إسرائيل اليوم ثاني أكبر مورد لمعدات الدفاع للصين. كما تعتبر بكين أيضاً أكبر شريك تجاري لدى إسرائيل في آسيا. ويبلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين نحو 15 مليار دولار، وهو ثلاثة أضعاف حجم التجارة الإسرائيلية مع الهند. وعلى مر السنين، كانت الصين كثيراً ما تتودد إلى إسرائيل للحصول على التكنولوجيا المتطورة لديها، والعديد من الشركات الصينية تستثمر بشكل كبير في إسرائيل.

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,062,603

عدد الزوار: 6,750,810

المتواجدون الآن: 108