هل اقتصاد إيران «يغرق» فعلاً؟...

تاريخ الإضافة الأربعاء 12 أيار 2021 - 5:46 ص    عدد الزيارات 982    التعليقات 0

        

هل اقتصاد إيران «يغرق» فعلاً؟...

الأخبار .. المصدر: «ريسبونسبل ستيت كرافت»...

ما زال مناهضو «خطة العمل الشاملة المشتركة» يستندون إلى تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، ليزعموا أنّ حملة «الضغط الأقصى» التي شنها الرئيس السابق، دونالد ترامب، حققت أهدافها.

تثير الأخبار الأخيرة حول التقدم في المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، في فيينا، القلق في أوساط مناهضي الاتفاق النووي الإيراني، في واشنطن وطهران على حدّ سواء. وهم يتخوفون من أنّ العودة إلى هذا الاتفاق، الذي يُعرف أيضاً بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة»، ستؤثر سلباً عليهم، ويحثون، بالتالي، حكوماتهم على التخلّي عنها. واللافت في الأمر، أنّ الطرفين يبنيان حجّتهما على الوضع الاقتصادي لإيران.

في هذا السياق، يناقش المتشددون في الولايات المتحدة أنّ حملة «الضغط الأقصى»، التي يشنها ترامب منذ عام 2018، على وشك أن تؤتي ثمارها. بحسب هؤلاء، «إيران أصبحت على ركبتيها»، واقتصادها يغرق، ورفع العقوبات ليس إلا تضييعاً للنفوذ الذي تركه ترامب لخلَفه، جو بايدن.

أما المحافظون في إيران، فيرون العكس. ويناقشون أنّ الاقتصاد في طريقه إلى الخروج من الركود، وسوف يكون في المستقبل أكثر قدرة على تحمل العقوبات. وهم يزعمون أن المزيد من الانتظار سيعزز قبضة إيران ويزيل أي شك، حول أنّ سبب حوار إيران مع واشنطن، ولو كان غير مباشر، هو أنها تنهار تحت وطأة العقوبات.

فهل اقتصاد إيران يغرق فعلاً أم أنه في طريقه للخروج من الركود؟ لحس الحظ، يتيح لنا توفر البيانات اللازمة الإجابة عن هذا السؤال، بعيداً عن الغرق في وجهات نظر أيٍّ من الطرفين.

لا تدعم البيانات حول الدخل القومي، والتي نُشرت مؤخراً، نظرية «غرق الاقتصاد» الإيراني، بل هي تشير إلى انتعاش اقتصادي ضعيف. ويظهر آخر تقديرات الناتج المحلي الإجمالي الإيراني، في ربع الخريف الماضي، أي الفترة الممتدة بين 21 أيلول و20 كانون الأول 2020، التي نشرها البنك المركزي الإيراني، والمركز الإحصائي في البلاد، أنّ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي سجل نمواً بنحو 1%، مقارنة بنفس الربع قبل عام. ومعدل النمو هذا هو نفسه مقارنة مع الأرباع الثلاثة الأولى من العام. يشار إلى أنّ الوكالتين تنشران تقديرات منفصلة، إلا أنّها متقاربة جداً في ما يتعلق بالحسابات القومية.

كذلك، تشير التقارير التي تُظهر ارتفاع صادرات النفط الإيرانية، خلال الأشهر الأخيرة، إلى نحو 800 ألف برميل يومياً، إلى احتمال أن تكون البلاد قد خرجت من السنة المالية، التي انتهت في العشرين من آذار 2021، بربح ضئيل. وهذه، على الأقل، الخلاصة التي توصل إليها صندوق النقد الدولي. وقد حددت توقعات هذا الأخير، المنشورة في مجلة «التوقعات الاقتصادية العالمية»، لشهر نيسان، نمو الناتج المحلي الإجمالي الإيراني للسنة المالية، التي انتهت للتو، عند 1.5 في المئة، تليها معدلات نمو متواضعة بلغت 2.5 في المئة عام 2021 و2.1 في المئة في عام 2022.

من جهة أخرى، تستند فكرة غرق الاقتصاد الإيراني إلى تقرير صندوق النقد الدولي ذاته، إذ ورد فيه أيضاً أنّ احتياطات إيران الأجنبية انخفضت من 122.5 مليار دولار عام 2018، إلى نحو 4 مليارات دولار عام 2020. واستناداً إلى هذه الحجة، يشير مقال في مجلة «نيوزويك»، لمارك دوبوفيتز وجاكوب نايجل، من مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، إلى النفوذ الذي تتخلص منه إدارة الرئيس الحالي عبر التفاوض مع إيران. ومن جهته، يرى كبار المعارضين الجمهوريين للاتفاق، ليندسي غراها، أنّ خطوة بايدن هي بمثابة إنقاذ لإيران. وحول هذه الأرقام أيضاً، غرّد، جاي سولومون، من صحيفة «وول ستريت جورنال» قائلاً: «هذا دليل على الانهيار الهائل لثروة البلاد». حتى وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، يناقش أنّ بيانات صندوق النقد هذه تظهر أنّ من عارضوا سياسة الضغط الأقصى لترامب كانوا على خطأ. وتنقل صحيفة «نيويورك تايمز» عن الوزير قوله إنّ «الخطة نجحت بالتأكيد، كل ما تبقى لإيران من الاحتياطات الأجنبية بقيمة 123 مليار دولار من عام 2018، هو 4 مليارات دولارات. لقد حرمنا إيران من 95%، من مجمل احتياطاتها الأجنبية، في سنتين ونصف فقط».

ظاهرياً، تشير أرقام صندوق النقد الدولي إلى أنّ منتقدي العودة إلى الاتفاق النووي هم على حق، وأنّ إيران ستواجه، فعلياً، أزمة قريبة. ومع احتياطي أجنبي لا يكفي مدة شهر، سيكون انهيار العملة الإيرانية لا مفر منه، مع تنامي التضخم ونقص المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الواردات الأساسية.

غير أنّ لا شيء من هذا يحصل. ولذلك، يبدو أنّ الـ4 مليارات دولار هذه ليست كما تبدو. أضف إلى ذلك، أنّه كيف لم يتمكّن الصندوق من ملاحظة الانهيار القادم وتوقع انتعاشاً اقتصادياً للشركات الناشئة في البلاد؟

في هذا الإطار، أوضح مقال على موقع «بورس وبازار» ، أنّ هذا الرقم هو تقدير للاحتياطات الإيرانية التي توصل إليها صندوق النقد الدولي، استناداً إلى فرضية أنّ العقوبات وضعت 90% من الاحتياطات الأجنبية خارج متناول إيران، وهو ادّعاء رفضه محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي.

في عام 2018، حين جعلت خطة «العمل الشاملة المشتركة» الشفافية حول التحويلات الإيرانية العالمية ممكنة، أعلن المصرف المركزي الإيراني أنّ قيمة احتياطاته الأجنبية هي 122.5 مليار دولار. وبعد سياسة «الضغط الأقصى» التي مارسها ترامب، فقدت إيران الوصول إلى بعض هذه الاحتياطات، غير أنّ لا أحد يدرك كم فقدت تحديداً. وزعم صندوق النقد الدولي أنّ 10% من مجمل هذه الاحتياطات ما زالت متوفرة، وعدّل تقديراته لتصل إلى 12.4 مليار دولار لعام 2019. وتم تحديد رقم عام 2020، الذي أثار حماسة عدد قليل من الأشخاص، عند 4 مليارات دولار، بعد طرح عجز ميزان المدفوعات الإيراني لعام 2019، والبالغ 8.4 مليار دولار.

ويريد بعض المراقبين الجديين للاقتصاد الإيراني أن يدركوا كيف تؤثر أنباء انهيار الاحتياطي الأجنبي على سوق العملة الحرة. وما سيثير دهشتهم حتماً، هو إدراك أنّ المضاربين كانوا يرفعون قيمة العملة الإيرانية، بدلاً من ضرّها. ومنذ تشرين الأول، اكتسبت هذه العملة 17 في المئة في السوق الحرة، حيث تمّ تداولها، هذا الشهر، بقيمة 250 ألف ريال مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بـ300 ألف ريال في تشرين الأول.

وتصبح المكاسب التي حققها الريال أكثر وضوحاً بعد، إذا ما أخذنا في الاعتبار حقيقة أن التضخم في إيران أعلى بكثير من شركائها التجاريين. وقد تباطأ التضخم منذ تشرين الأول، حين بلغ ذروته بمعدل سنوي قدره 85 في المئة، ولكنه لا يزال يعمل بمعدل سنوي قدره 30 في المئة. ومع أخذ هذا التضخم في الاعتبار، تكون عملة إيران قد اكتسبت نحو ثلث قيمتها فعلياً.

وحديث المحافظين الإيرانيين أنّ الأسوأ قد انتهى بالنسبة إلى الاقتصاد الإيراني، كان قد بدأ قبل محادثات فيينا. وهم يعتقدون أنه في حال فشل المفاوضات، سيعودون لبناء «الاقتصاد المقاوم».

هذا لا يعني أنّ إيران لن تتأذى في حال مغادرتها محادثات فيينا. وسيستمرّ الركود الاقتصادي في البلاد، لأنّ الموارد المحلية غير كافية لتغطية ما هو أبعد من ارتفاع مخزون رأس المال. وسوف يستمر الضغط على فقراء إيران وطبقتها المتوسطة، كما الوباء مستمرّ تماماً.

في هذا الإطار، يتطلب الانتعاش الاقتصادي الجدي، والقادر على تعويض سنة من غياب النمو بسبب العقوبات، الوصول إلى الاقتصاد العالمي. ومن المفترض أن يكون ذلك حقّاً لإيران في الوقت الحالي، بعد رفع عقوبات الأمم المتحدة عنها. وقد تكون القيادة الإيرانية منقسمة حول كيفية استغلال الاقتصاد العالمي، إن عبر إعادة بناء الصلات مع الغرب أم مع الشرق، إنما ما يتفقون عليه هو أنّ إعادة إنماء الاقتصاد هو، حالياً، أهمّ من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,164,491

عدد الزوار: 6,758,291

المتواجدون الآن: 126