مصداقية أوكرانيا على المحكّ... والعالم على «كف عفريت»..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 30 أيار 2023 - 7:27 ص    التعليقات 0

        

مصداقية أوكرانيا على المحكّ... والعالم على «كف عفريت»..

الشرق الاوسط...المحلل العسكري.. تعد الحرب الأوكرانيّة محور الصراع بين القوى الكبرى، حتى ولو كانت صراعاً بالواسطة. فنتيجة الحرب الأوكرانيّة هي التي ستحدّد حتماً صورة النظام العالميّ الجديد. هل استفادت أميركا من هذه الحرب؟ بالطبع نعم، ولكن كيف؟ كان الحديث في البداية يدور حول الانسحاب من أوروبا بعدما قلّل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من أهميّة حلف «الناتو» الذي عده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حالة موت سريريّ. ولكن عوض ذلك الانسحاب، عادت أميركا إلى أوروبا أقوى مما كانت من قبل. والتفّ الأوروبيّون حولها معتبرينها خشبة الخلاص الأمنيّة ضد العدائيّة الروسيّة. وبدل انحسار «الناتو»، تمدّد الحلف. وبدل أن تكون حدود التماس بين الحلف وروسيا 1200 كلم، أصبحت مع انضمام فنلندا مؤخراً 2500 كلم تقريباً. وبدل الاسترخاء الأوروبي عسكرياً، بدأت الاستراتيجيات تتغيّر. وبدأت الصناعات العسكريّة تعود إلى سابق عهدها. وبعكس ما خطّط له الرئيس ماكرون، اختفت فكرة إنشاء قوّة تدخّل سريع أوروبيّة تقدّر بـ60 ألف جندي. في أوكرانيا، جُرّب أغلب الأسلحة الغربيّة ضدّ السلاح الروسيّ. وتبيّن، بعد التجربة، أفضليّة التكنولوجيا الغربيّة على المنظومة العسكريّة الروسيّة بشكل عام. في أوكرانيا، استعمل الرئيس الأميركي جو بايدن حقّه الدستوري في استعمال مخزون الجيش الأميركي من السلاح والذخيرة لمساعدة الحلفاء، في هذه الحالة أوكرانيا. وعليه، بدأ التصنيع العسكريّ الأميركيّ ينطلق لتعويض المخزون، لكن مع تحديث الأسلحة القديمة التي استُعملت في أوكرانيا، وذلك عبر إدخال أحدث التكنولوجيا فيها. وهذه الأسلحة المُحدّثة قد تذهب مع الوقت إلى الشرق الأقصى في حال انفجار الوضع في تايوان. وبسبب الحرب الأوكرانيّة، وتعثّر الجيش الروسي فيها، أخذت الصين الدروس العسكريّة. وهي حتماً، تدرس أداء السلاح الغربي. وهو، أي السلاح الغربيّ، الذي ستواجهه في حال الصدام في تايوان.

المعضلة الأوكرانيّة

تتمثّل المعضلة الأوكرانيّة على الشكل التالي:

تخوض أوكرانيا حرب حياة أو موت - حرب وجود. لكن، كلما ابتعدنا جغرافياً نحو الغرب باتجاه دول أوروبا الشرقيّة والغربيّة، تخفّ حدّة مسألة الحياة والموت. فروسيا هي تهديد للأمن القومي الألماني مثلاً، لكنها ليست مسألة حياة أو موت. من هنا يتظهّر التعامل الألماني مع الحرب الأوكرانيّة بطريقة تخدم أوّلاً المصلحة الألمانيّة. يندرج هذا الوضع على كلّ الدول الداعمة عسكريّاً لأوكرانيا.

تخوض أوكرانيا حرب الحياة أو الموت، لكنها تعتمد في تأمين وسائل النجاة على الغرب ككل، وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركيّة. وهنا يتبدّى المأزق الاستراتيجيّ الأوكرانيّ. فما هو حياة أو موت لها، قد يكون مشكلة استراتيجية كبيرة لبعض الدول الصديقة. وبذلك تختلف المقاربات في التعامل مع التهديد. من هنا الشحّ، والتأخير، وحتى المماطلة في تلبية رغبات أوكرانيا من الأسلحة التي تغيّر قواعد اللعبة في الحرب.

الهجوم الأوكرانيّ المنتظر

تطلب أوكرانيا السلاح المتطوّر، ويتردّد الغرب في تلبية المطالب. الكلّ ينتظر الموقف الأميركيّ. تشجّع أميركا حلفاءها على تزويد أوكرانيا بالسلاح، فتلبّي هذه الدول، حسب إمكاناتها. لكن كلّما كان السلاح متقدّماً، يتم الضغط على الولايات المتحدة لقيادة مشروع التسليم. حصل هذا الأمر مع دبابات القتال الأساسيّة، ويحصل اليوم مع طائرات «إف-16». تمنّعت أميركا عن إعطاء أوكرانيا صواريخ يصل مداها إلى 300 كلم، فلبّت بريطانيا الطلب وأعطت أوكرانيا صواريخ كروز من نوع «ستورم - شادو» التي يبلغ مداها 250 كلم.

المصداقيّة الأوكرانيّة

درّب الغرب أكثر من 10 ألوية أوكرانيّة، كما جهّزها بأحدث العتاد. طلبت أوكرانيا السلاح، فلبّى الغرب، حتى الوصول إلى الموافقة على تدريب الطيارين الأوكرانيين على المقاتلة من الجيل الرابع «اف-16». تُسرَّبُ الأخبار الأوكرانيّة حول جهوزيّة قوات حكومة كييف للقيام بالهجوم العكسيّ لتحرير الأرض المحتلّة. يُهاجَم الكرملين بالمسيّرات. تشتعل الحدود بين روسيا وأوكرانيا. تقصف أوكرانيا التجمّعات العسكريّة الروسيّة، ومراكز القيادة، ومخازن الوقود، كما البنى التحتيّة الأساسيّة اللوجيستيّة للجيش الروسيّ. كما تعد القيادة الأوكرانيّة بتحرير كلّ الأراضي المحتلّة. وفي نفس الوقت يستمرّ القصف الاستراتيجي الروسيّ لكييف والكثير من المدن، وصولاً إلى قرار نشر السلاح النووي التكتيكي في بيلاروسيا. إذاً، وحسب هذه الديناميكيّة، أصبحت المصداقية الأوكرانية على المحكّ. ووجب على الرئيس فولوديمير زيلينسكي تحقيق شيء ما. وعلى هذا الشيء أن يكون مهمّاً إلى درجة يمكن تسويقه في داخل أوكرانيا وخارجها على أنه إنجاز كبير، وعلى أنه الحد الأقصى لما يمكن إنجازه في هذه الظروف. ويجب على هذا الإنجاز أن يُلزم الآخر (الرئيس فلاديمير بوتين) بالجلوس إلى طاولة التفاوض، وذلك عبر القبول بالأمر الواقع. لكن الإنجاز الأوكرانيّ الكبير، هذا إذا حصل، سوف يعد من الجهّة الروسيّة أمراً مذلّاً لدولة عظمى وهزيمة شخصيّة للرئيس بوتين. فتتظهّر في هذه المعادلة المعقّدة، معضلة المصداقيّة الروسيّة، وهي التهديد المستمر والمتكرّر باستعمال السلاح النووي بهدف حماية الإنجاز العسكريّ التقليدي. إذاً، هناك المصداقية الأوكرانية مقابل المصداقيّة الروسيّة. المصداقيّة الأوكرانيّة لتحقيق إنجاز عسكريّ مهمّ. والمصداقيّة الروسيّة باستعمال النووي لحماية الإنجاز التقليديّ. وبين المصداقيّتين، يبدو العالم على كفّ عفريت.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,644,461

عدد الزوار: 6,906,219

المتواجدون الآن: 97