تركيا... الشعبويّة واليمين والاتجاه المحافظ... ثلاث ظواهر آخذة في الازدياد......

تاريخ الإضافة الإثنين 22 نيسان 2019 - 6:38 ص    عدد الزيارات 864    التعليقات 0

        

تركيا... الشعبويّة واليمين والاتجاه المحافظ... ثلاث ظواهر آخذة في الازدياد......

القبس.. د. علي حسين باكير .. شهدت تركيا خلال الأعوام القليلة الماضية تسارعاً في وتيرة التحوُّلات على المستويين السياسي والاجتماعي، وقد شكَّلت بعض هذه التحوّلات ما يمكن وصفه بالظاهرة نظراً لاتخاذها طابعاً غير مؤقّت. ويعزا جزءٌ كبير|ٌ من هذا التحوّل الى سياسات السلطة والأحزاب السياسيّة كما الى الظروف الداخلية والإقليمية المحيطة بتركيا. ويعتقد أنّ هذه الظروف أدّت في نهاية المطاف الى تسارع وتيرة هذه التحوّلات وأبرز معالهما صعود الشعبويّة واليمين والاتجاه المحافظ. ويمكن الإشارة الى الشعبوية باعتبارها سلوكاً يعمد الى مخاطبة مشاعر الجماهير والتلاعب بها لخدمة أغراض سياسية غالباً ما يمكن إيجازها بالسعي للحصول على المزيد من الأصوات في الانتخابات أو التأييد للأجندة السياسية للحزب. وعادة ما يتضمن الخطاب الشعبوي مبالغات في الأقوال والأفعال ويتعامل مع شريحة واسعة من المواطنين بخطاب غير عقلاني. وإن لم يكن مثل هذا التوجه حكراً على دولة بعينها، إلاّ أنّه شهد ازدياداً في تركيا في السنوات الأخيرة، كما تمكن ملاحظة أنّه ارتبط عكسياً بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد. إذ كلّما تراجع وضع البلاد زادت حدّة الخطاب الشعبوي للتغطية أو تعويض النقص. وفي حين يدرك كثيرون أنّ مثل هذا الخطاب موجّه للاستهلاك المحلي فقط، إلاّ أنّه بسبب موقع تركيا ودورها الإقليمي، واهتمام الخارج بما يقوله المسؤولون الأتراك، فقد حظي هذا الخطاب باهتمام الخارج أيضاً. ونتيجة لذلك، فقد جرى تناقله وتفسيره في سياق خارجي أيضاً، ممّا أدّى الى مشاكل في فهم سلوك القادة الاتراك وأهداف السياسة الخارجية، وهو ما ترك انعكاسات سلبية كذلك على علاقات تركيا مع الخارج. مؤخراً انتقل مثل هذا السلوك أيضاً الى أحزاب المعارضة، لكنّه تمظهر بشكلٍ مغاير، ولعلَّ من أبرز تجليّاته ربما مخاطبة غرائز الناخبين المتعلقة بملف اللاجئين السوريين على سبيل المثال.

الاتجاه يميناً..... خلال السنوات الماضية، اتّجه المجتمع التركي عموماً باتجاه يمين الطيف السياسي، فبعد أن كان هناك حزب قومي واحد، أصبح هناك حزبان، حزب الحركة القومية وحزب «إيّي» الجديد. صحيح أنّ الحزب الجديد جاء نتيجة انقسام في الحزب الأم، لكنّ العنصر الذي شكَّل فارقاً في تقوية اتّجاه اليمين داخل المجتمع التركي هو حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يشهد منذ عام ٢٠١٥ تراجعاً على مستوى الدعم السياسي من قاعدته الشعبية، الأمر الذي اضطّره إلى التحالف مع حزب الحركة القومية لتأمين الأغلبية المطلقة. أدّى هذا التحالف إلى زيادة جرعة الخطاب القومي لدى الحزب لإرضاء قاعدة اليمين والحصول على أصواتها. وبهذا المعنى، فقد تضخّم التوجّه اليميني لا سيما مع تفاقم مشكلة اللاجئين واستمرار الصراع في سوريا والعراق واشتداد الضغط الخارجي الأميركي على أنقرة. ويُخشى أن يزداد هذا التوجُّه مع الحاجة المتزايدة لحزب العدالة والتنمية إلى التحالف مع حزب الحركة القوميّة من جهة، وتأثُّر الأحزاب الأخرى كذلك بالتوجُّه العام داخل المجتمع. وفي الوقت الذي يشير فيه البعض إلى أنّ تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية دفع الأول الى زيادة جرعة اليمين لديه والتخفيف من جرعة اليمين المتطرف لدى الثاني، إلاّ أنّ الخطاب اليميني العنصري لا سيما تجاه اللاجئين ازداد بشكل كبير لدى أحزاب المعارضة.

صعود المحافظين.... أمّا التحوُّل الثالث فهو ذلك المتعلّق بازدياد الاتجاه المحافظ ليس فقط داخل المجتمع وإنما أيضاً داخل التركيبة السياسية لبعض الأحزاب مقارنة بما كان عليه الوضع تقريباً منذ حوالي عقد من الزمان. ولعلّ من أبرز انعكاسات هذا التحوّل، التغيّر الذي طرأ على تركيبة حزب العدالة والتنمية الذي شهد حركة تغيير داخلية أدّت الى صعود الشق المحافظ في الحزب لا سيما بعد اندلاع الثورات العربية. ثم ما لبثت الأطياف ذات التوجه المختلف لا سيما العناصر الأكثر ليبرالية وتخصصاً أن تختفي من الحزب رويداً رويداً ويملأ الفراغ مكانها عناصر محافظة وأكثر محافظةً. ونتيجة لتعاظم الاتجاه المحافظ بشكل عام داخل المجتمع، وجدت بعض أحزاب المعارضة نفسها مضطرة هي الأخرى الى تغيير جزء من خطابها للتواصل مع هذه الشريحة المهمّة داخل المجتمع التركي. ولعل أحد أبرز أسباب نجاح بعض مرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض -الذي يعتبر من أحزاب وسط اليسار- في الانتخابات البلدية الأخيرة هو مخاطبة شريحة المحافظين في بعض المناطق على وجه التحديد. وقد ظهر ذلك بشكلٍ واضح من خلال بعض الحملات الانتخابية والدعائية التي تتضمن صوراً لمحجّبات إضافة الى الأداء غير التقليدي لأكرم إمام اوغلو في إسطنبول الذي شمل قراءة القرآن وزيارة المسجد في ظاهرة غير مألوفة تقليدياً لدى حزب الشعب الجمهوري. استمرار صعود هذه الاتجاهات في المجتمع التركي من شأنه أن يعمق من حالة عدم التوازن التي تمر بها البلاد ويترك آثاراً سلبية فيها داخلياً وخارجياً. من حسن الحظ أنّه لن يكون هناك انتخابات على الأرجح خلال أربع سنوات قادمة، وهو ما يعطي فرصة للجميع لحل المشاكل العالقة والمتراكمة في البلاد ولإعادة التوازن الى المجتمع، وإلاّ فإن غياب القدرة على ضبط هذه التوجهات من شأنه أن يؤدي إلى مشاكل داخلية لا تُحمد عقباها.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,765,308

عدد الزوار: 6,913,821

المتواجدون الآن: 104