وريثة العثمانيين.....

تاريخ الإضافة الثلاثاء 20 تشرين الأول 2020 - 5:58 ص    عدد الزيارات 1169    التعليقات 0

        

وريثة العثمانيين.....

مركز كارنيغي....مايكل يونغ...

يصف روبرت ج. رابيل، في مقابلة معه، علاقات تركيا مع لبنان وطموحاتها في منطقة الشرق الأوسط الأوسع...

روبرت ج. رابيل هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلوريدا أتلانتيك. له مقالات وكتب عدة، من ضمنها: Embattled Neighbors: Syria, Israel and Lebanon (جيران متناحرون: سورية وإسرائيل ولبنان) (منشورات لين راينر، 2003)، وSyria, the United States and the War on Terror in the Middle East (سورية والولايات المتحدة والحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط) (منشورات برايغر، 2006)، وReligion, National Identity and Confessional Politics in Lebanon: The Challenge of Islamism (الدين والهوية الوطنية والسياسات الطائفية في لبنان: تحدّي الإسلاموية) (منشورات بالغريف ماكميلان، 2011) وSalafism in Lebanon: From Apoliticism to Transnational Jihadism (السلفية في لبنان: من اللاسياسة إلى الجهادية العابرة للأوطان) (منشورات جامعة جورجتاون، 2014). وهو حائز على جائزة التعلّم المستمرّ للأساتذة المتميّزين وعلى جائزة التعلّم المستمرّ للأساتذة المتميّزين في القضايا الراهنة، وحائز كذلك على دكتوراه فخرية في العلوم الإنسانية من جامعة ماساتشوستس للفنون....

أجرت "ديوان" مقابلة مع رابيل في منتصف تشرين الأول/أكتوبر للوقوف عند رأيه حول الدور التركي المتعاظم في لبنان والشرق الأوسط الأوسع....

مايكل يونغ: كيف تصف العلاقات الراهنة بين تركيا ولبنان؟

روبرت رابيل: لا شك أن العلاقات التركية مع لبنان تحسّنت بشكل كبير في أعقاب الانسحاب السوري من لبنان في العام 2005. فقد اعتبر الكثير من اللبنانيين، ما عدا الأرمن، والطائفة الشيعية إلى حدٍّ ما بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، أن تركيا تلعب في لبنان دوراً عابراً للطوائف يلبّي المصالح اللبنانية دولةً وشعباً. وعلى الرغم من الدعم التركي الكبير للطائفة السنيّة، وخصوصاً لتركمان لبنان، يُشار إلى أن انخراط تركيا في القوات التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، وتدفّق المساعدات الإنسانية التركية إلى البلاد أفرزا بيئة اجتماعية وسياسية توطّد فيها النفوذ التركي على المستوى الشعبي، ولا سيما في طرابلس وعكار وصيدا. واقع الحال أن أنقرة أنشأت شبكة واسعة من منظمات المجتمع المدني الموالية لها، سعياً إلى توطيد العلاقات اللبنانية التركية، وتحسين ظروف العيش في المناطق المفقرة، وتعزيز الثقافة واللغة والهوية الثقافية التركية داخل الطائفة السنيّة عموماً، وفي أوساط التركمان خصوصاً.

يونغ: ينظر الكثير من الدول العربية، بما في ذلك مصر والسعودية والإمارات، إلى تركيا راهناً باعتبارها خصماً استراتيجياً. لماذا وصلت العلاقات إلى هذا الدرك، وما أسباب هذا الاصطفاف العربي المتزايد ضد أنقرة؟

رابيل: لطالما كانت علاقات تركيا مع العالم العربي متقلّبة تاريخياً. لكن، بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى سُدة الحكم في العام 2002، شهدت السياسة العامة التركية تجاه العرب تغييراً جذرياً، استناداً إلى مبدأ "العمق الاستراتيجي". وقد شدّدت هذه العقيدة على أهمية "حسن الجوار" وتوخّي "صفر مشاكل" مع العالم العربي. لكن فشل الثورات العربية أو قمعها، بما في ذلك إطاحة الرئيس الإسلامي في مصر، وهو أول رئيس انتُخب بشكل ديمقراطي في البلاد، حدا بأنقرة إلى الاضطلاع بدور إقليمي نشط لدعم حلفائها ورفاقها الإسلاميين. تضمّن ذلك ترقية المصالح التركية الإقليمية، بما يتناغم مع نظرة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تركيا باعتبارها وريثة النفوذ والإرث العثمانيين.

استخدمت تركيا القوة الناعمة تارةً والقوة الصلبة طوراً للانخراط سياسياً وعسكرياً في كلٍّ من لبنان وسورية والعراق وليبيا وقطر، والعمل على تقويض السياسات والقيادات العربية في العالم العربي، ولا سيما في السعودية ومصر والإمارات. ولا يقل عن ذلك أهمية أن أنقرة حملت راية الدفاع عن القضية الفلسطينية في وقتٍ عمدت بعض الدول العربية إلى توطيد علاقاتها بإسرائيل. لذا، لا عجب أن تنظر السعودية ومصر والإمارات إلى تركيا باعتبارها خصماً استراتيجياً.

يونغ: إلى أي حد يُعتبر واقعياً الافتراض بأن الطائفة السنيّة في لبنان ستنقل ولاءها من الدول العربية ذات الغالبية السنيّة إلى تركيا؟

رابيل: لا يزال الكثير من السنّة ممتنّين لدول الخليج، ولا سيما للسعودية، على دعمها وسخائها، ويشعرون بأنهم مدينون لها، ناهيك عن أن العديد من اللبنانيين يعملون في الخليج. لكن، يُعزى افتتان السنّة بتركيا في الأساس إلى الانسحاب السعودي من لبنان أكثر منه إلى تحوّل ولاء الطائفة السنيّة نحو تركيا.

إضافةً إلى ذلك، ثمة عاملان عزّزا صورة تركيا في أذهان سنّة لبنان. عموماً، ترى الطائفة السنيّة أن تركيا هي أقوى طرف سنّي قادر على الوقوف في وجه حزب الله في أعقاب انخراطه العسكري في سورية. أما العامل الآخر فيتمثّل في المساعدات الإنسانية التركية الشاملة التي قُدّمت إلى السنّة في جميع أنحاء لبنان، وبخاصة في المناطق المحرومة في شمال لبنان، مثل طرابلس وعكار، وفي صيدا. فقد أنشأت منظمات تركية، وفي طليعتها الوكالة التركية للتعاون والتنسيق، والهلال الأحمر التركي، ومركز يونس إمرة الثقافي التركي في بيروت، ورئاسة الأتراك في الخارج والمجتمعات ذات الصلة، المدارس والمستشفيات والملاجئ والحدائق والمراكز الثقافية، ونفّذت مشاريع لمعالجة مياه الصرف الصحي وأعادت تأهيل شبكات المياه في القرى والبلدات ذات الغالبية السنّية. كما عمدت هذه المنظمات إلى تقديم المساعدات من مواد غذائية واحتياجات أساسية إلى المجتمعات السنّية الأكثر حرماناً.

ومؤخراً، بعد الانفجار المروّع الذي دمّر مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، أرسلت تركيا على الفور مساعدات إنسانية إلى لبنان. وأدّى ذلك بالطبع إلى تعميق التأثير التركي على حساب النفوذ السعودي داخل الجتمع السنّي. وينعكس هذا التأثير في حقيقة أن الأعلام واللافتات التركية قد حلت محل الأعلام واللافتات السعودية في العديد من الأحياء السنّية.

يونغ: كيف تؤثر العلاقات التركية- الإيرانية في لبنان؟ وهل تتوقّع إمكانية قيام الأتراك في أي وقت من الأوقات بمحاولة احتواء قوة حزب الله المدعوم من إيران؟

رابيل: على الرغم من أدوارهما التي تتسّم بالخصومة في سورية، تعاونت تركيا وإيران على العديد من الأصعدة، من أجل معالجة مجموعة من المخاوف الإقليمية المشتركة. هما طرفان في محادثات السلام حول سورية في الأستانة. وقد دعمت إيران حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من تركيا. وهذه الأخيرة انتقدت بدورها العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، ناهيك عن أنهما ينتقدان اتفاقات السلام العربية الأخيرة مع إسرائيل.

مع ذلك، يكاد هذا التعاون يكون معدوماً في لبنان. فالواقع أن تركيا وحزب الله، وكيل إيران القوي هناك، هما في حالة خلاف شبه دائم. ويظهر عدائهما المشترك في لبنان في خطواتهما وخطاباتهما على السواء. وتماماً كما الإسلاميين والسلفيين في لبنان، شوّه القادة الأتراك سمعة حزب الله وصوّروه على أنه "حزب الشيطان". كما عمدت تركيا إلى إقامة علاقات جيدة مع الإسلاميين والسلفيين الحركيين، الذين عارضوا بشدّة حزب الله.

في المقابل، حرصت حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب التي يسيطر عليها حزب الله، إضافةً إلى انتقاد تركيا، على كبح جماح الناشطين الموالين لتركيا والمناهضين لسورية. وعلى الرغم من ذلك، ازداد النفوذ التركي في شمال لبنان وبات منتشراً على المستوى الشعبي لدرجة أنه شكّل بالفعل حاجزاً أمام سلطة حزب الله المطلقة. فتركيا تمتلك القدرة على حشد السنّة في شمال لبنان ضدّ حزب الله. بيد أن هذا النفوذ لم ينعكس بعد على الأجهزة العسكرية والأمنية للدولة اللبنانية.

يونغ: ما هي العواقب التي تترتب على حقيقة أن اللبنانيين الموالين لتركيا يحاولون إسكات أرمن لبنان الذين ندّدوا بالإبادة الجماعية المُرتكبة في العام 1915؟ هل يشكّل ذلك عقبة أمام القوة الناعمة لتركيا في لبنان وأمام أي محاولات محتملة لإغراء المجتمعات كافة؟

رابيل: في البداية، كان الأرمن ينتقدون الجماعة الإسلامية والنائب السابق خالد الضاهر بحجة أخذ زمام المبادرة في معارضة إحياء ذكرى مرور مئة عام على الإبادة الجماعية الأرمنية. وحتى وقت ليس ببعيد، كانت المجتمعات المحلية اللبنانية تتضامن مع الأرمن عند إحياء ذكرى الإبادة. أما اليوم فصُدم الأرمن لرؤية التظاهرات المناوئة ولسماع التبريرات العلنية للإبادة على لسان كبار التركمان اللبنانيين. وفي كل مرة تتعرّض فيها تركيا إلى الانتقاد، ترفرف آلاف الأعلام التركية في الأحياء السنّية الكبرى. الواضح هنا أن تركيا تحظى بدعم شعبي داخل الطائفة السنّية، التي لم تولِ اهتماماً يُذكر بالتظلمات الأرمنية. كذلك، ونظراً إلى العدد القليل للأرمن وتمثيلهم السياسي الضعيف في لبنان المتعدد الطوائف، لم تأخذ تركيا المخاوف الأرمنية في الحسبان ضمن سياستها تجاه البلاد.

يونع: هل تتوقّع انتشار النفوذ التركي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أو هل يواجه الأتراك انتكاسة كبيرة؟

رابيل: لا أتوقّع توسّعاً كبيراً في نفوذ تركيا في الشرق الأوسط. فانخراطها هناك أساساً واسع النطاق وعميق ومكلف. مع ذلك، لا أستخف بالإغراء التركي في المجتمعات العربية المتعطشة للقيادة ولعيش حياة أفضل. لكن هذا لا يعني أن القيادة التركية ستحل محل القيادة العربية. لقد اضطلعت تركيا بدور قيادي في المنطقة، لا يمكن إنكاره أو إلغاؤه. من كان ليتصوّر أن تركيا سيكون لها نفوذ في لبنان، هذا البلد الذي كان لدى طوائفه تحفظات تاريخية شديدة اللهجة على أنقرة؟ في هذا السياق، تتمثّل العقبات الرئيسية أمام التوسّع الإقليمي التركي في الوضع الاقتصادي التركي السيئ، والمعارضة الداخلية لأردوغان، والقضية الكردية وتداعياتها على تركيا، والتدخل التركي في سورية والعراق.

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك..

 الأحد 17 آذار 2024 - 5:24 ص

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك.. حملات خارجية «موجّهة» بتهمة إطالة أمد الحص… تتمة »

عدد الزيارات: 150,154,922

عدد الزوار: 6,679,004

المتواجدون الآن: 114