تفكيك عُقدة إدلب...

تاريخ الإضافة الجمعة 28 شباط 2020 - 5:52 ص    عدد الزيارات 1098    التعليقات 0

        

تفكيك عُقدة إدلب...

مركز كارنيغي.....مارك بيريني...

ليس لدى قمة اسطنبول في 5 آذار/مارس سوى فرصة ضئيلة لتسوية التناقضات التركية- الروسية حول سورية...

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 22 شباط/فبراير عن أن قمة ستُعقد في 5 آذار/مارس في اسطنبول، تضم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافةً إليه، لمناقشة الوضع في إدلب. وإذا ما أكّد كل المشاركين هذه الخطوة، ستسنح فرصة أمام القادة لمحاولة تفكيك تناقضات الحرب المعقّدة في شمال غرب سورية. بيد أن مثل هذه الفرصة ضحلة في الواقع، خاصة في ضوء تضارب المواقف التركية والروسية.

فالاتفاقية التي تم إقرارها في سوتشي بين أنقرة وموسكو في أيلول/سبتمر 2018 لإقامة وإدارة منطقة عازلة في محافظة إدلب، كانت تتسم بالقصور منذ البداية. إذ كانت روسيا، كما إيران، تُبدي باستمرار اعتراضين عليها هما: ضرورة استئصال بقايا الجهاديين في المنطقة، وعودة إدلب إلى سيطرة النظام السوري. بيد أن أنقرة، التي كانت تزوّد الجماعات التي تقاتل نظام الأسد بالأسلحة والتدريب، لم تكن تنوي أصلاً القضاء جسدياً على مئات المقاتلين.

والآن، ثمة نحو 800 ألف نازح سوري عالقون بين فكّي ظروف عاتية على طول الحدود مع مقاطعة هاتاي التركية. وهذا أطلق توتراً عالياً بين أردوغان وبوتين وصل إلى مستويات غير مسبوقة، حين تكبّد الجيش التركي أكثر من 12 جندياً سقطوا بنيران القوات السورية والروسية. والحال أن هذا النزاع يلقي بظلال كثيفة على ما كان شراكة مُتنامية بين روسيا وتركيا، تسامحت موسكو بموجبها مع العديد من الغزوات التركية داخل سورية (عمليات درع الفرات، وغصن الزيتون، وينابيع السلام)، وباعت أنقرة نظام الدفاع الجوي أس-400، كما أوفدت خبراء روس لتقديم المساعدة التقنية لها.

حين واجه أردوغان (الذي لم يوفّر القادة الأوروبيين من حملاته الإعلامية القاسية ونفّذ إجراءات عدوانية على الحدود البحرية، بما في ذلك التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية)، الموجات المتصاعدة من اللاجئين إلى حدود بلاده، أطلق تهديداً آخر: إذا لم تساعد الدول الأوروبية تركيا في مسألة اللاجئين الجدد، فإنه "سيُشرّع الأبواب" أمامهم للوصول إلى أوروبا. وفي هذه الأثناء، كانت موسكو تصعّب الأمور أكثر حين رفضت باستمرار السماح بعبور المساعدات الإنسانية إلى النازحين السوريين داخلياً في إدلب.

في ظل هذه الأوضاع المعقّدة، من الصعوبة بمكان التكهّن كيف يمكن أن ينتهي مؤتمر اسطنبول. لكن يمكن للمرء أن يأمل مثالياً بصدور أربعة قرارات، ليس أي منها قيد البنان. القرار الأول، والأكثر إلحاحاً، هو أن توافق روسيا وتركيا على إقامة منطقة إنسانية على الجانب السوري من الحدود بين إدلب وهاتاي. مثل هذه المنطقة قد تكون بعمق 10 كيلومترات وطول 160 كيلومتراً، وتقع تماماً بين شمال الحدود عند معبر باب الهوى وبين الطريق السريع أم-4 الذي يربط اللاذقية بالطريق السريع أم- 5 بين دمشق وحلب.

من السهل تخيّل هذه المنطقة على الورق، لكن تنفيذها سيكون في غاية التعقيد بسبب النشاط الزراعي الكثيف فيها، خاصة بساتين الزيتون والمحاصيل المروية على أراضٍ مسطّحة على طول نهر العاصي. ومن نافل القول إن مثل هذا الاتفاق، يجب أن يستند إلى التزام قوي من جانب روسيا بالضمانات الأمنية التي يتعيّن أن تحصل عليها من دمشق، وبالتنفيذ الصارم للاتفاق كي تتمكّن هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية من العمل في المنطقة بأمان.

تكمن المسألة السياسية هنا في الثمن الذي ستطلبه روسيا من تركيا مقابل ذلك. وهذا قد يشمل طي صفحة اتفاقية سوتشي، وسحب كل القوات التركية من نقاط المراقبة داخل إدلب، ووضع حد لدعم أنقرة للميليشيات التابعة لها. في المقابل، تحصل تركيا على مكسب احتواء النازحين في الجانب السوري من الحدود معها. لكن، حين نضع في الاعتبار الاتهامات المتبادلة بين الطرفين حول خرق اتفاقية سوتشي، قد نستنتج أن التوصّل إلى مثل هذه التسوية قد يكون صعباً للغاية.

القرار الثاني هو الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا وألمانيا - وعبرهما الاتحاد الأوروبي- في مثل هذا الترتيب. مثل هذا الدور يمكن أن يكون ذا وجهين، أحدهما دبلوماسي محض يقوم بموجبه الاتحاد الأوروبي بالتوسّط بين الرئيسين التركي والروسي لمحاولة إقناعهما بأن النزاع العسكري المفتوح ليس حلاً لأي منهما. أما الوجه الآخر فهو إنساني، حيث يوافق الاتحاد الأوروبي على إطلاق برنامج مساعدات إنسانية في المنطقة. بيد أن هكذا دور ينطوي على شروط عديدة، تبدأ بضرورة إنهاء سردية أردوغان العدائية ضد هذا الاتحاد، وتمر عبر شمول الاتفاق أفضل شريك لأنقرة في المنطقة، قطر، التي يمكن أن تضخّ الأموال عبر الأمم المتحدة.

"الإنجاز" المحتمل الثالث، الذي سيكون هذه المرة على هامش القمة، هو التوصّل إلى اتفاق لبدء حوار تركي- أوروبي حول الحدود البحرية وعمليات التنقيب عن الغاز في مواعيد لاحقة. هذه القضايا الشائكة ليست قانونية أو تقنية تتعلّق بالوضع السوري. لكن، إذا ما أراد أردوغان تلقي الدعم الأوروبي لمساعدته على التعاطي مع مسألة اللاجئين، يجب عليه أن يدرك أن لغته وخطواته الهدّامة حيال كل شيء يتعلّق بالاتحاد، لا تتوافق مع دعواته المتكررة لأوروبا إلى تقديم المساعدة.

بالمثل، يتعيّن أن يُدرك الرئيس التركي بأن تجدّد التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لن يرَ النور من دون إحراز تحسّن في مجال حكم القانون في بلاده. إذ لماذا قد يخاطر رجال الأعمال والمصارف الأوروبيون بأموالهم في بلاد أصبحت القرارات الاعتباطية فيها تتدفّق كالسيل؟ قد يطرح القادة الأوروبيون مجددا قضية عثمان كافالا، الذي تبرّأ أخيراً خلال محاكمة المُتهمين بمشاركتهم في تظاهرات ضد الحكومة في حديقة غيزي العام 2003، والذي سُجن ثانية فور إطلاق سراحه بتهمة باطلة تدّعي مشاركته في محاولة الانقلاب العسكري العام 2016.

القرار الرابع داخلي محض بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. فقد تكون قمة اسطنبول المقبلة فرصة مثالية لإعادة إضفاء البعد الأوروبي ثانية على سورية وشرق المتوسط، كما حدث للتو في ليبيا. فالقيادة الحصرية لبرلين وباريس، التي يجب لامحالة أن تُترجم إلى قرارات في الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي، لا يمكن أن تبقى إلى الأبد حكراً على ماكرون وميركل. لقد اتفق هذان الأخيران قبل أشهر قليلة على تعيين جوزيب بوريل كممثل أعلى جديد للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. إنه شخصية له خبرة ودراية دبلوماسية وازنة وسطوة سياسية. وبالتالي، ثمة أمر يجب الآن القيام به: خذوه إلى اسطنبول مع وزيري الخارجية الألماني والفرنسي، جان إيف لودريان وهايكو ماس. فهذا سيطمئن الحكومات الأوروبية الاخرى، ويسهّل قرارات المتابعة في بروكسل.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,721,825

عدد الزوار: 6,910,340

المتواجدون الآن: 111