سليمان: مشكلة النازحين التحدي الوجودي الأبرز والتحرير منقوص بلا سيادة الدولة.....الرئيس الخارج بمهابة احترام الدستور وضع سقفا يدفع نحو كشف المعطلين

مشروع «مؤتمر تأسيسي جديد» يكرس لـ«حزب الله» بالدستور ما يكسبه بـ«قوة الأمر الواقع»... يربك المسيحيين ويقترحه الغربيون مقابل نزع السلاح.....ترقب لنتائج الفراغ السياسي.. ومصير الحكومة على المحك و«حزب الله» يقول إن الرئاسة موصدة أمام الذين يعادون المقاومة

تاريخ الإضافة الإثنين 26 أيار 2014 - 6:15 ص    عدد الزيارات 1961    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

الرئيس الخارج بمهابة احترام الدستور وضع سقفا يدفع نحو كشف المعطلين
النهار
دخل لبنان منتصف الليل الفائت حقبة الفراغ الرئاسي مع انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان دستوريا وعمليا بمغادرة الرئيس السابق قصر بعبدا بعد ظهر أمس . وإذا كانت بداية مرحلة الفراغ ستنقل الاهتمامات السياسية والشعبية الى مقلب شديد الغموض والضبابية اعتبارا من اليوم فان ذلك لن يحجب بسرعة الدلالات الكبيرة والمهمة التي اكتسبها الخروج الوداعي للرئيس سليمان من قصر بعبدا أمس والتي اثارت الكثير من الرمزيات والمعاني المثقلة معنويا وسياسيا ودستوريا ووطنيا .
ذلك ان الرئيس الثاني عشر للجمهورية الذي انضم منذ منتصف الليل الى نادي رؤساء الجمهورية السابقين اختط لنفسه خروجا انتزع إعجاب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وسائر البعثات الديبلوماسية العربية والاجنبية لا سيما لجهة إصراره على احترامه الدستور ورفض التمديد لولايته في مقابل الانتهاكات السافرة للممارسات الديموقراطية التي تجلت في تعطيل الجلسات الانتخابية لرئيس جديد للبلاد وحالت دون انتخاب خلف لسليمان فجاء حفل خروج الرئيس سليمان من قصر بعبدا ليشكل مقارنة واضحة مكشوفة بين نهجي الالتزام بالدستور وتعطيله . ثم ان هذا البعد أخذ زخمه الاقصى عبر المعلومات المؤكدة التي توافرت ل "النهار " والتي كشفت ان سفراء دول كبرى سعوا في الايام الاخيرة من ولاية سليمان الى اقناعه بقبول التمديد لكي تبدأ محاولة هؤلاء السفراء تسويق هذا الخيار لكنه تشبث برفضه للتمديد .
ومع خروجه من القصر تعمد الرئيس سليمان ان يترك عبر الخطاب الوداعي الوصية الدستورية والسياسية المستقاة من خلاصات عهده من خلال مجموعة اقتراحات لتعديلات دستورية اكتسبت دلالات بارزة لجهة تصويب الخلل في الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية وهي تعديلات لا تعتبر من النوع الانقلابي بل توفر تصحيحا بات جميع الا فرقاء تقريبا يقرون بضرورتها اذا اريد للتوازن السياسي والدستوري ان يبدأ بإطار إصلاحي . وهو الامر الذي بدا سليمان كأنه يتوج نهاية عهده به مودعا اقتراحاته التي وضعتها لجنة مختصة من الخبراء القانونيين رئاسة مجلس الوزراء .
الى ذلك لم تغب عن اليوم الطويل لمغادرة سليمان قصر بعبدا دلالات سياسية لازمت خروجه المشرف . ذلك ان الحملة الاعلامية الشرسة التي شنتها على عهده وسائل أعلام محسوبة على " حزب الله " والتيار الوطني الحر لم تكن سوى إثبات إضافي على ان سليمان اغاظ المعسكر الحليف للنظام السوري الى حدود قصوى من جهة وشكل ايضا بمواقفه سقفا مرتفعا امام طموحات رئاسية توسلت تعطيل الاستحقاق من جهة اخرى .
وقد سارعت كل من قوى ١٤ آذار ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط على اختلاف طريقة كل من الفريقين الى الوقوف بقوة الى جانب الرئيس المنتهية ولايته حتى اللحظة الاخيرة . جنبلاط كان الرفيق الأوثق لسليمان الذي بادر الى منحه وساما رفيعا اعترافا بدوره السياسي البارز . وقوى ١٤ آذار سارعت الى الانتصار الرمزي للتمسك بأصول الالتزام الدستوري من خلال حضور عشرات النواب الى مجلس النواب فيما اتخذ حضور الرئيس نبيه بري الى المجلس بعدا مريحا من شانه ان يساعد في الايام المقبلة على بلورة المسار الذي يجري التحضير له لمواجهة الفراغ . هدية اخيرة أصر سليمان ان يقدمها في اخر لحظات عهده تمثلت بإعلانه توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب تحسبا لكل الاحتمالات واشاعت انطباعا اضافيا عن رئيس احترم صلاحياته والدستور حتى الرمق الاخير .
 
سليمان يعتبر التحرير منقوصاً «من دون سيادة الدولة» و14 آذار تؤكد أنّ المهمّة الوحيدة للمجلس الانتخاب
القصر بلا رئيس
المستقبل..
قال الرئيس ميشال سليمان كلمته الأخيرة ومشى، تاركاً القصر بلا رئيس والجمهورية على كفّ مجهول، وسط دموع المقرّبين منه والكثير من اللبنانيين الذين شعروا أمس بحزنين: الأوّل بسبب انتهاء ولاية رئيس أعاد إلى الموقع هيبته وتمكّن من إنجاز الكثير، والثاني نظراً إلى دخول البلاد في مرحلة من الشغور قد تقود إلى فراغ ذاق اللبنانيون طعمه في 1988 وفي 2008.

في الثالثة من بعد ظهر أمس أُطفئت الأنوار في القصر. أُقفل مكتب الرئيس بعد لقاء قصير مع العائلة. كما أُقفلت مكاتب المستشارين وسُدَّت نافورة المياه، وأُنزل العلم اللبناني عن السارية، لينضمّ ميشال سليمان إلى نادي الرؤساء السابقين، كبيراً، قبل ساعات من موعد انتهاء ولايته، ملتزماً نصّ الدستور، غير آبه بتمديد أو تهديد، ليعود إلى مسقط رأسه عمشيت بكرامة بعد مراسم وداع تليق بأمثاله، بخلاف رؤساء سابقين في دول محيطة أُخرجوا من القصر إمّا إلى السجن أو إلى القبر.

بالأمس ودّع اللبنانيون رئيساً وعهداً وسط هواجس من أن يكون ما جرى عبارة عن وداع جمهورية، سيّما وأنّ الأجواء الداخلية والخارجية تخلو من بصيص أمل بانتخاب رئيس في وقت قريب.

وفي خطاب الوداع، الذي ألقاه الرئيس سليمان في احتفال في القصر الجمهوري، حضره مختلف المكوّنات السياسية باستثناء «حزب الله»، أهاب سليمان «بالمجلس النيابي وبالقوى السياسية الممثلة فيه إتمام الاستحقاق الرئاسي من دون إبطاء وعدم تحمّل مسؤولية ومخاطر خلوّ الموقع الرئاسي»، الذي اعتبره تهديداً لدوره «خصوصاً إذا كان الشغور مقصوداً»، مودعاً الأمانة لدى الحكومة بانتظار انتخاب رئيس جديد. وأعلن أنّه سيوقّع «دعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي»، معتبراً أنّ على رأس الأولويات الوطنية إقرار قانون انتخاب عصري جديد، يُخرج التمثيل من الاصطفاف الطائفي، مشدّداً على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها والامتناع عن التمديد مرّة أخرى.

وشدّد سليمان على أنّ «وحدتنا الوطنية تفرض علينا عدم التدخّل في شؤون الجوار والانسحاب الفوري من كل ما من شأنه أن يفرّق صفوفنا»، داعياً «هيئة الحوار الوطني والدولة ككل إلى الاستمرار في تعزيز نهج الحوار وتنفيذه، وتنفيذ مقرّرات مؤتمر الحوار الوطني والعمل على ضمان الالتزام بنص إعلان بعبدا وروحه»، لافتاً إلى «أنّ معالجة الثغرات الدستورية تحمل صفة الأولوية كمشروع إصلاحي»، كاشفاً عن لجنة من الحقوقيين والخبراء الدستوريين عكفت على دراسة هذه الثغرات ووضعت مقترحات لتعديل الدستور ستسلّم إلى الرئيس الجديد.

وأعرب عن اعتزازه بذكرى التحرير، واعتبر أنّ «الوقت حان لبناء استراتيجية دفاعية»، مشدّداً على أنّ «التحرير يبقى منقوص الفائدة إذا لم يؤدِ إلى تحقيق سيادة الدولة وحدها على شؤونها كافة وكل أراضيها».

نواب 14 آذار

وبعد الظهر توجّه نوّاب الرابع عشر من آذار إلى مجلس النواب في محاولة أخيرة لانتخاب رئيس قبل انتهاء المهلة الدستورية، بعد اجتماع عقدته قيادات 14 آذار مساء أول من أمس تقرّرت خلاله هذه الخطوة. ومع وصولهم إلى المجلس التقى الرئيس نبيه برّي بعضاً منهم ليؤكد لهم أنّ التشريع واجب، واعداً إيّاهم بأنّ هيئة مكتب المجلس لن تضع بنوداً على جدول أعمال الجلسات إلاّ إذا كانت تتعلق بمواضيع أساسية.

وقال نوّاب شاركوا في هذا اللقاء لـ»المستقبل» انّ بري أكّد لهم أنّه إذا غاب نوّاب من طائفة معيّنة عن جلسة الثلاثاء المقرّرة لسلسلة الرتب والرواتب فسيرفع الجلسة ويحدّد موعداً لجلسة ثانية انطلاقاً من الحرص على «ميثاقية» الجلسات.

ونقلت المصادر عن برّي انتقاده لخطاب الرئيس سليمان الأخير أمس متسائلاً «كيف يعارض سليمان عقد مؤتمر تأسيسي ويطرح أمس تعديلات دستورية يحتاج إقرارها إلى أربعة مؤتمرات تأسيسية؟».

وفي الثامنة مساءً تلا النائب جورج عدوان بياناً باسم نواب 14 آذار نبّهوا فيه إلى أنّ «شغور موقع الرئاسة الأولى حدث لا يمكن تجاوزه واعتباره وكأنّ شيئاً لم يكن». وأكدوا أنّ «المهمّة الوحيدة للمجلس النيابي تبقى حصراً انتخاب رئيس جديد للبنان». وإذ دعوا إلى «المزيد من اليقظة في هذه اللحظة الفاصلة»، طالبوا النواب بـ»الالتزام بموجبات وكالتهم الدستورية من خلال حضور جلسات انتخاب الرئيس»، مجدّدين «التزامهم حماية الطائف والمناصفة والدستور وتنفيذ جميع قرارات الشرعية الدولية»، معتبرين أنّ «الفريق الآخر أراد لهذا الاستحقاق أن يكون مناسبة للإطاحة بالديموقراطية والميثاقية معاً، عندما أصرّ على تفسير الديموقراطية التوافقية بالتوافق المسبق على اسم الرئيس العتيد».

قزّي

وكان وزير العمل سجعان قزّي أكّد أنّ حزب «الكتائب» سيتعاطى مع المجلس النيابي من الآن وصاعداً بوصفه «هيئة ناخبة وليس تشريعية»، موضحاً لـ»المستقبل» أنّنا «لن نحضر أي جلسة للتشريع، سنمارس دورنا في اللجان النيابية بانتظار الوقت المناسب لإقرار القوانين، لكن لن نشارك في التشريع إلاّ في حالات قصوى مثل حصول تسونامي أو حالات قاهرة تحتاج إلى إغاثة».

أمّا في الحكومة فقال قزّي «اننا سنمارس دورنا بشكل طبيعي لكن مع تجنّب اتخاذ قرارات كبرى مثل عقد اتفاقات دولية أو إجراء تعيينات إدارية، وبذلك لا نتّخذ موقفاً ضدّ أحد وإنّما ما نقوم به هو احترام للدستور».

سعيد

أمّا منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد فقال لـ «المستقبل» «إنّ اجتماع قوى 14 آذار أوّل من أمس قرّر عدم المشاركة في التشريع العادي في المجلس النيابي إلاّ في الحالات التي لها علاقة بإعادة تكوين السلطة مثل مناقشة قانون الانتخاب أو انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وأوضح انّ «وزراء 14 آذار سيتابعون عملهم في الحكومة كالمعتاد لكن من دون تعيينات إدارية»، محذّراً من «مخاطر الفراغ الطويل في سدّة الرئاسة».
 
دعا مجلس النواب الى عقدٍ استثنائي ومعالجة الثغرات الدستورية وأودع أمانته لدى الحكومة
سليمان في خطاب الوداع: التحرير منقوص ما لم يحقق سيادة الدولة
المستقبل...باسمة عطوي
قد يكون قدر الرئاسة الاولى وحدها ترجمة عدم توازن العلاقة بين المكونات السياسية اللبنانية، وأن يتحول إنتخاب رئيس الجمهورية الى مخاض صعب تشترك في إخراجه الى النور عوامل داخلية و إقليمية و دولية، وأن تقتضي الضرورة أحياناً أن يتسلم مهامه من فراغ وينهي عهده بشغور لا أحد يعرف مداه الزمني، هذا الوصف ينطبق على عهد رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي أنهى أمس آخر أيامه في القصر الجمهوري، بفرادة في الشكل والمضمون لم يسبقه عليها أحد في الجمهوريتين الاولى والثانية، ففي الشكل إستطاع إنهاء عهده «بسلاسة» وبدون تمديد وبإحتفال جامع لكل القوى السياسية (ما عدا حزب الله الذي حضر وزراؤه العشاء التكريمي للحكومة)، فبالاضافة الى حلفائه الوسطيين وعلى رأسهم رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، والرؤساء أمين الجميل، فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي والنائب بهية الحريري، كانت قوى 8 آذار التي رمته بسهامها في الفترة الاخيرة من عهده حاضرة بممثلين عنها، إذ تمثل رئيس مجلس النواب نبيه بري بعقيلته السيدة رندة ووزير المال علي حسن خليل، وتمثل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بالوزير روني عريجي. أما في المضمون فلم يكن خطاب رئيس الجمهورية صدامياً بل عرض لخطوات كان يطمح الى تحقيقها ولم يتمكن من ذلك، وقدم إقتراحات تساعد على ترسيخ عمل المؤسسات الدستورية إستقاها من خلال خبرته، ويمكن للرئيس الجديد للجمهورية أن يسير بها، كونه سيواجه العقوبات نفسها، ودعا الجميع الى الحوار والتعاون مع حكومة الرئيس تمام سلام في المرحلة الانتقالية والدعوة الى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن»الشغور» يشكل خطرا على لبنان، كما دعا الى متابعة التشريع في المجلس النيابي في فترة الشغور، من خلال دَعوةِ مَجلِسِ النوابْ إِلى عَقْدٍ إِسْتِثْنائي لأن ذلك ما تقتضيه المصلحة الوطنية، تاركاً لرئيس المجلس إختيار الاخراج والاسلوب المناسب.

في خطابه أهابُ رئيس الجمهورية «بالمَجلِسِ النيابيْ، وبالقِوى السياسِيَةِ المُمَثَّلَةِ فيهْ، إِتمامَ الإِستِحقاقِ الرِئاسيْ، مِن دونِ إِبطاءْ، وَعَدَمَ تَحَمُّلِ مَسؤُولِيَةِ ومَخاطِرِ خُلُوِّ المَوقِعِ الرِئاسيْ، الذي إعتبره تَهديداً لدوره «خصوصا اذا كان الشغور مقصودا»، مودعاً أمانته لدى الحكومة بانْتِظارِ انتخابِ رَئيسٍ جَديدٍ».

وأعلن أنه «سيوقع اليوم (أمس) دَعوةِ مَجلِسِ النوابْ إِلى عَقْدٍ إِسْتِثْنائي»، معتبرا «أن على رَأْسِ الأَولوِياتِ الوَطنِيَةْ إِقرارِ قَانونِ انْتِخابٍ عَصْريٍ جَديدْ، يُؤَمِّنُ مُشارَكَةً لائِقَةً للمَرأَةْ، ولِغَيرِ المُقيمينْ، ويُخْرِجُ التَمثِيلَ مِنَ الإِصطِفافِ الطائِفيْ»، مشددا «على ضرورة إِجراءُ الإِنتِخاباتِ النيابِيَةِ في مَوعِدِها، والإِمتِناعُ عَنِ التَمديدِ مَرةً أُخْرى طِبْقاً لِما تم التَوافَقْ عليهِ في جَلسَةِ الحِوارِ الأَخيرَةْ».

وشدد على أَن «وَحدَتَنا الوطنِيَةْ تَفرِضُ عَلَينا عَدَمَ التَدخُلِ في شؤونِ الجِوار والإِنسحابَ الفوريْ مِن كلِ ما من شَأنِهِ أَن يُفَرِّقَ صُفوفَنَا»، داعياً «هيئَةَ الحِوارِ الوَطَني والدَولَةَ كَكُلْ إِلى الإِستِمرارِ في تَعزيزِ نَهجِ الحِوارِ وتَرسيخِهْ، وتَنفيذِ مُقَرراتِ مُؤْتَمَرِ الحِوارِ الوَطنيْ، وهَيئَةِ الحِوارِ الوَطَنيْ والعَمَلُ على ضَمانِ الإِلتزامِ بِنَصِ «إِعلانِ بعبدا» وروحِهْ».

ورأى أن «معالجة الثغرات الدستورية التي كشفتها تجربة السنوات المنصرمة، وحَمَّلَتِ النِظامَ السياسيْ بُذورَ إِعاقَتِهِ وتَعطِيلِهْ، يحمل صفة الاولوية كمشروع اصلاحي»، كاشفا أن»لجنة من الحقوقيين والخبراء الدستوريين عكفت على دراسة هذه الثَغْراتِ ووَضَعَتْ مُقْتَرَحاتٍ لِتَعديلِ الدُستورْ، سَتُسَلَّمُ إِلى الرَئيسِ الجَديدْ، بعدما َأُرْسِلَتْ إِلى الأَمانَةِ العَامَةِ لِمَجْلِسِ الوُزَراءْ»، داعيا «الى العَملُ على تَعزيزِ دَورِ السَفاراتِ في سوريا ولبنان، ومُتابَعَةَ ومُراجَعَةَ الإِتفاقاتِ المَعقودَةِ بينهما في الوقت المناسب لإزالَةِ الإِلتباساتْ، وتَحديدِ المَسؤولياتِ وتَأْكيدِ مَشاعِرِ المُساواةِ والتَكافُوءْ، تَمْتيناً للعَلاقاتِ الأَخَوِيَةْ». كما دعا «الى إِعادَةُ النَظَرِ في صَلاحياتِ المَجلِسِ الدُستوريْ وقانونه ونظام عمله ضمانا لعدم تعطيله»، معتبرا أن «الدَولَةُ مَدْعُوَّةٌ، كذلك، إِلى حَسمِ خِياراتِها، والمُضِيِّ قُدُماً، في إِنجازِ القَراراتِ والتَدابيرِ القانونِيَةِ والإِدارِيَةْ، الكَفيلَةِ بِتَمكينِ لبنانْ، مِنْ بَدءِ اسْتِخراجِ ثَرْوَتِهِ النَفطِيَةِ والغازِيَّةْ، واسْتِثْمارِها بِصورَةٍ شَفَّافَةٍ ومُفيدَةْ».

واذ أعرب الرئيس سليمان، الذي اجرى جردة بانجازات عهده، «عن اعتزازه بذكرى التحرير، فإنه إعتبر أن «الوقْتُ حان لِبناءِ استراتيجيةٍ دفاعيةْ»، مشددا على «أن التحرير يَبقى مَنقوصَ الفائِدَة إذا لم يُؤَدِ إِلى تحقيقِ سيادَةِ الدولةِ وَحدَها على شؤونِها كافَةْ وكل أَراضيها، وَتطويرِ النِظامِ الديموقراطيْ وتَرسيخِ دَولَةِ القانونِ والعدالَةِ والمساواةْ».

استقبال حار

حضر الاحتفال الذي أقيم في قاعة قاعة 25 أيار بحضور 450 مدعوا، تقدمهم رئيس الحكومة تمام سلام وعقيلته، الرئيس امين الجميل وعقيلته، الرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، السيدة رندة بري والوزراء والمسؤولون الرسميون، وممثلون عن رؤساء الطوائف والاعضاء السلك الديبلوماسي والقنصلي وقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وكان الرئيس سليمان دخل وعقيلته السيدة وفاء الى القاعة عند الثانية عشرة ظهرا حيث علا التصفيق ترحيباً. وبعد النشيد الوطني اللبناني ألقى رئيس الجمهورية كلمة قال فيها «ما هي إلا ساعات وتنقضي ولاية رئاسية كان لي شرف إستلام مقاليدها منذ ست سنوات. منذ 25 ايار 2008 ولغاية اليوم تشاركت وإياكم من منطلق المواطنة. ومن موقع القيادة، عملتُ معكم على مواجهة الصعاب بوعي وصبر وإرادة، ولم نألُ جهداً للتخفيف من الارتدادات السلبية للأزمات والصراعات التي عصفت بمنطقتنا العربية، وتجاوزنا مراحل وظروفاً دقيقة وصعبة في ظل انقسام عميق ومؤسف. من هنا كانت دعوتي دائماً، ويشاركني في ذلك القيادات الوطنية، الى حوار مستدام يكون وحده الكفيل في حل المعضلات، إنطلاقاً من حقيقة راسخة وثابتة، أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا أو يباعد بيننا. وفي واقع الحال، لم يكن التباعد يوماً، إلا نتيجة تأثيرات خارجية تخبو لتستيقظ في بعض المفاصل». أضاف: «نعلم تماماً، أننا لا نعيش منعزلين عن محيطنا القريب والبعيد، لكن هذا الواقع الجغرافي والسياسي والديني، من غير المسموح له أن يشكل عقبة لأي مشروع انتماء وتلاقي. كما أن وحدتنا الوطنية، تحتل الأولوية، وتفرض علينا عدم التدخل في شؤون الجوار، مهما عز الجوار، لا بل، توجب الإنسحاب بلا تردد، من كل ما من شأنه أن يفرق صفوفنا. مضت سنوات ست، خلت من أي احتلال اسرائيلي، او أي وجود عسكري سوري، ومن أي حرب داخلية بغيضة كتلك التي وقع لبنان ضحيتها طوال خمسة عشر عاماً، بفعل مؤامرات خارجية دنيئة او حسابات سياسية خاطئة. لا بل، حقق الجيش وقوى الامن الداخلي وسائر القوى الامنية، نجاحات ملحوظة، في مجال محاربة الارهاب وتفكيك شبكات التجسس والعمالة للعدو الاسرائيلي،. ولم تكن حال اللاحرب تلك نتيجة الصدفة او الظروف، بل نتيجة وعي داخلي وقدرة وطنية على الصمود والردع، وعمل دؤوب على الصعيد الديبلوماسي، لتحييد لبنان وتجنيبه التداعيات السلبية للأزمات الاقليمية.

وقد تمكنّا مع الحكومات المتعاقبة، من الوفاء بإلتزاماتنا تجاه الشرعية الدولية وتجاه الدستور والقوانين اللبنانية».

المحكمة والحقيقة

وتابع:« عملنا على تنفيذ القرار 1701، وتمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتعاون معها، لتبيان الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. كذلك عمدنا، مع تشكيل حكومة المصلحة الوطنية برئاسة تمام سلام، الى إستكمال تنفيذ ما قررته الحكومات السابقة في المواضيع الآتية:

1- تنفيذ الخطط الامنية وإنهاء الوضع الشاذ والمؤلم في طرابلس، ما يتطلب متابعة وتعميماً على سائر المناطق.

2- إقرار التعيينات الادارية التي تم تحضيرها والاعداد لها، عبر الآلية المتفق عليها، التي أتاحت تكافؤ الفرص وإختيار الكفاية بدل المحاصصة والمحسوبية، حيث كانت حصة وازنة للمرأة مع الحاجة الى تشديد معايير الآلية واقرارها بقانون أو مرسوم، كما تم إقرار سلسلة من التشكيلات القضائية.

3- الانتهاء من إعداد مشروع متكامل ومدروس للامركزية الادارية، نتيجة جهد مشترك من قبل مجموعة من أهل العلم والاختصاص ومشاركة المواطنين. هذا المشروع المنصوص عنه في وثيقة الوفاق الوطني، والذي يهدف بشكل أساسي الى تحقيق الإنماء المتوازن، أرسل الى مجلس الوزراء، وينبغي الإنصراف الى مناقشته بعد التدقيق في إقتراحات المواطنين، لإحالته في ما بعد الى المجلس النيابي».

ولفت رئيس الجمهورية الى أنه «مع انطلاقة العهد، تمكنّا من إقامة علاقات ديبلوماسية مع سوريا، وهو مطلب رافق اللبنانيين منذ الاستقلال. هذه الخطوة هي الترجمة الاساسية للعلاقات المميزة المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني. لذلك يجب العمل على تعزيز دور السفارات في البلدين بصورة متوازية، وترسيخ هذه العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وهذا يتطلب اولاً، في الوقت المناسب، متابعة مراجعة الاتفاقات المعقودة بين البلدين الشقيقين، لإزالة الالتباسات وتحديد المسؤوليات بشكل واضح، بالاضافة الى تأكيد مشاعر المساواة والتكافؤ، تمتيناً للعلاقات الاخوية، مع الامل في ان يتمّ التوصّل الى حلّ سياسي سريع للازمة السورية، وأن تستعيد سوريا استقرارها ووحدتها وعزّتها في أقرب الآجال».

حفظ الاستقرار

وقال: «إن المحافظة على قدر جيد من الاستقرار، ساهم في خلال سنوات متتالية بتحفيز الاستثمار، ورفع نسبة النمو الى حدود الـ8 في المئة. وأعدنا لبنان الى موقعه المتميز على الساحة الدولية، وأحطناه بشبكة أمان عززت هذا الاستقرار، وسمحت بانتخاب لبنان للعضوية غير الدائمة لمجلس الامن الدولي. وقمنا في الداخل بتوفير الشروط المناسبة لاستقبال قداسة البابا السابق بينيديكتوس السادس عشر، بصورة اعادت الوهج الى وطننا كرسالة تعايش وحرية للشرق والغرب.

وعندما بدأت التداعيات السلبية للأزمة السورية الطارئة، تلقي بثقلها على الداخل اللبناني، اقترحت على هيئة الحوار الوطني مجموعة مبادئ يتعذر، بيقيني ويقين الغالبية العظمى من الشعب، رفضها أو دحضها في وجه اي منطق أو حجة، وهي التي تخدم مصلحة لبنان العليا، وتوحّد اللبنانيين في خندق حصين واحد، في مواجهة كل اشكال التطرف والارهاب. هذه المبادئ، هي تلك التي توافقت عليها هيئة الحوار الوطني..
 
جنبلاط: حَكَمَ في ظروف استثنائية
 المستقبل..
قلّد رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبيل حفل الوداع أمس، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط وسام الاستحقاق الوطني من رتبة الوشاح الأكبر، وأثنى على «الدور الوطني الذي يقوم به جنبلاط حفاظاً على الاستقرار السياسي في البلاد وعلى مستوى الاعتدال والدعوة إلى الحوار بين الأفرقاء». بدوره حيا النائب جنبلاط الرئيس سليمان على شجاعته، وقال في تصريح له بعد حفل الوداع: «هو من القلائل الذين حكموا في هذه الظروف الاستثنائية، اليوم كان يوم وداع مؤثر والعلاقة مستمرة مع سليمان بعد انتهاء ولايته».
 
الحريري: الشغور في الرئاسة خطر جدي يهدد سلامة النظام
بيروت – “السياسة”:
دعا رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري إلى التعامل مع الشغور في موقع رئاسة الجمهورية, باعتباره “خطراً جدياً يهدد سلامة النظام الديمقراطي” في لبنان.
وقال في بيان أصدره أمس ان “اليوم الأخير من ولاية الرئيس ميشال سليمان مناسبة لإعلان حقيقتين: الحقيقة الاولى أن أكثرية اللبنانيين يسجلون في هذا اليوم للرئيس سليمان سياسته الحكيمة في إدارة البلاد, وإصراره على اعتماد الحوار الوطني سبيلاً لا غنى عنه في معالجة وجوه الاحتقان السياسي والطائفي, وقاعدة لتغليب منطق الدولة وسلطتها ومصالحها على أي اعتبارات فئوية او خارجية”, مشيراً إلى أن سليمان “يغادر الحكم وقد ترك ذخيرة سياسية حية لما يجب ان تكون عليه رئاسة الجمهورية في المرحلة المقبلة, خصوصا لجهة الالتزام الكامل لسيادة الدولة والتمسك بالمبادىء التي وردت في إعلان بعبدا وحماية الصيغة الوطنية من مخاطر التدخل الخارجي او التورط في الحروب العبثية”.
واضاف الحريري: “أما الحقيقة الثانية فهي دعوة صادقة إلى وجوب التعامل مع شغور موقع رئاسة الجمهورية, وللمرة الثانية بعد انتهاء ولايتين متعاقبتين, باعتباره خطراً جدياً يهدد سلامة النظام الديمقراطي ويجعل من الرئاسة الأولى هدفا للابتزاز الدائم بالفراغ والوقوع في المجهول, فلا يوجد أي عيب في الدستور يتسبب بوقوع هذا الفراغ أو يمنع تداول السلطة والعهود والرئاسات, إنما العيب يكمن في عدم تطبيق الدستور وعدم القدرة على إنتاج المخارج والحلول, والعجز عن بلوغ المستوى المطلوب من الشجاعة الأدبية والسياسية للشروع في التنازلات المتبادلة وتقديم المصلحة الوطنية على الأهواء والمصالح الخاصة”.
 
الفراغ سيصبح عبئاً على مفتعليه و“8 آذار” تربح معركة التعطيل وتنتظر التفاوض
بيروت – “السياسة”:
تراجعت قوى “8 آذار”, وتحديداً “حزب الله” والنائب ميشال عون, عن قرار المشاركة في جلسة مجلس النواب الأخيرة الخميس الماضي والاقتراع بورقة بيضاء, وعاد الفريقان إلى المقاطعة وتعطيل النصاب, في خطوة عكست حجم الإرباك الذي يعانيه هذا الفريق في مقاربة الاستحقاق الرئاسي.
بداية لم يكن في حساب “8 آذار”, أن تترشح شخصية قوية مثل سمير جعجع للرئاسة, ثم لم يحسبوا أن قوى “14 آذار” ستجمع عليه, ولاحقاً عندما جرى الاقتراع في الدورة الأولى, توقعوا أن ينسحب أو أن تبدأ قوى “14 آذار” بالتفاوض. وبطبيعة الحال فإن الطرح الوحيد لدى فريق “8 آذار” هو العماد ميشال عون أو الفراغ. لم يجرؤ الأخير على الترشح وظل يستجدي مفاوضات سرية, مفضلاً لعبة الابتزاز بالوقت حتى النهاية. وما لم يعبر عنه عون صراحة قاله حلفاء له مثل وئام وهاب: “لن يكون ترشح عون مقابل ترشح جعجع, حتى لا تتم المقايضة في نهاية المطاف بسحب الترشيحين”.
لم ينسحب جعجع ولم يترشح أحد آخر من “14 آذار”, فأصيب عون وحلفاؤه بالصدمة والإرباك ولم يبق لهم سوى إدخال البلاد في الفراغ الرئاسي. ويمكن القول إن فريق “8 آذار” نجح في ذلك. ولكن ماذا بعد?
برأي مصدر قيادي في “14 آذار”, فإن لعبة الابتزاز بالوقت انتهت. وانطلاقاً من اليوم الأحد, فإن الفراغ سيصبح عبئاً على مفتعليه, “وعندما يقررون المواجهة ديمقراطياً فمرشحنا موجود ولينزلوا إلى مجلس النواب”.
أما الأوساط السياسية المستقلة, فترى في ما حدث فرصة للتوافق على اسم شخصية حيادية, آن الأوان لاقتراحها والبحث في إمكانية انتخابها, ولدى فريق “14 آذار” والكتلة الوسطية العدد الكافي من الأصوات لذلك. ولا يمكن لعون و”حزب الله” أن يعطلا النصاب إلى ما لا نهاية, لأن الأصوات المسيحية بدأت ترتفع وتصل أصداؤها إلى قلب تكتل عون النيابي. وإذا تدخل البطريرك بشارة الراعي شخصياً لحض بعض النواب على النزول إلى المجلس, فيمكن أن يتأمن النصاب الدستوري.
من ناحيتها, ترى قوى التعطيل من “8 آذار”, أن الوقت الآن للبحث في الخيارات الجدية, بعيداً عما تسميه التحدي الذي مثله ترشح جعجع.
ويعتبر قيادي في “حزب الله”, أنه آن الأوان للتفاوض المباشر بين الحزب والطرف الرئيسي في الفريق الآخر, أي الرئيس سعد الحريري.
 
لبنان: ترقب لنتائج الفراغ السياسي.. ومصير الحكومة على المحك و«حزب الله» يقول إن الرئاسة موصدة أمام الذين يعادون المقاومة

بيروت: «الشرق الأوسط» .... نزل نواب فريق «14 آذار» إلى البرلمان اللبناني في محاولة أخيرة لتفادي شغور منصب الرئاسة، من دون أن يلاقيهم نواب تكتل «الإصلاح والتغيير» و«حزب الله» لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته مع انقضاء يوم أمس.
ومع أن الخلاف بين الفريقين كان معروفا أنه سيؤدي إلى شغور منصب رئيس الجمهورية لعدم اتفاقهما على مرشح واحد، إلا أن البعض كان يراهن على حدث ما يمنعه، وهو ما وصفه الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري بـ«المعجزة» التي لم تقع، فيما وجه مرشح «14 آذار» نداء أخيرا للنواب للنزول إلى المجلس وانتخاب رئيس جديد للبلاد التي دخلت في الفراغ للمرة الرابعة في تاريخها، وللمرة الثانية في ولايتين متتاليتين.
وتترقب الأوساط اللبنانية مسار الأمور في الأسبوع المقبل، لمعرفة ما إذا كان الشغور سيتحول إلى فراغ كامل، بإطاحة فريق «8 آذار» الحكومة التي انتقلت إليها صلاحيات الرئيس، وهو ما سترسمه مواقف رئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي غدا، فإذا ذهب باتجاه استقالة وزرائه من الحكومة، فهذا قد يؤشر إلى تصعيد سياسي واسع قد يؤدي إلى اهتزاز أمني واقتصادي، وهو الأمر المستبعد حتى الساعة.
وفيما بدت قوى 14 آذار أكثر تخوفا مما قد ينتج عن طول مرحلة الفراغ الرئاسي، جزم «حزب الله» بأنه لا مكان لرئيس جديد يعادي المقاومة. ونبه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى وجوب التعامل مع الشغور بموقع الرئاسة باعتباره «خطرا جديا» يهدد سلامة النظام الديمقراطي ويجعل من الرئاسة الأولى هدفا للابتزاز الدائم بالفراغ والوقوع في المجهول، مؤكدا أن العيب ليس في الدستور بل في عدم تطبيق الدستور وعدم القدرة على إنتاج المخارج والحلول.
وأكد الحريري في بيان أن المشكلة تكمن في «العجز عن بلوغ المستوى المطلوب من الشجاعة الأدبية والسياسية للشروع في التنازلات المتبادلة وتقديم المصلحة الوطنية على الأهواء والمصالح الخاصة». وقال: «هناك ساعات قليلة تفصلنا عن المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، وهي ساعات قد تتطلب معجزة سياسية تؤمن ولادة الرئيس العتيد».
وحذر الحريري من «مخاطر إبقاء الموقع المسيحي الأول في نظامنا السياسي شاغرا، ومخاطر ألا يخرج من صفوف اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا من يعلن الانتصار لحق لبنان في وجود رئيس على رأس السلطة والبلاد».
بالمقابل، أكد النائب عن «حزب الله» علي فياض أن «أبواب الرئاسة موصدة أمام أولئك الذين يعادون المقاومة، أو يختلفون معها، وهي مفتوحة أمام أصدقائها ممن يؤمنون بدورها».
وقال فياض خلال احتفال جنوب لبنان: «خيارنا الرئاسي واضح، لم نعلن عنه بعد، لكنه ينسجم مع صحة التمثيل المسيحي من ناحية، ومع ما تستدعيه المصلحة الوطنية العامة من ناحية أخرى». أما مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب عمار الموسوي فشدد على أن الخيارات السياسية لا يمكن أن تقوم على قياس 17 أيار (اتفاق جرى بين لبنان وإسرائيل خلال الحرب الأهلية) بما فيها انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكدا أن «الانتخابات ستكون وفق معطيات 25 أيار الذي قام على أنقاض 17 أيار». وأضاف: «أما إذا كان هناك من يتوهم أن ظروفا طرأت في المنطقة يمكن أن تعيدنا إلى 17 أيار فهو واهم. ما نريده رئيس من مناخ 25 أيار وينتمي إلى هذا العصر وليس إلى عصور باءت وأفلت مع الاحتلال الصهيوني».
بدوره، أعرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن أسفه لتفويت إمكانية أن يكون رئيس للجمهورية صنع في لبنان ومن الصف الأول، قائلا خلال مؤتمر نقابي: «ما كان هناك ما يلزمنا كي لا يكون لدينا رئيس، وكانت الفرصة كبيرة ليكون الرئيس صنع في لبنان ومن الصف الأول، ولكن للأسف شاء البعض ما شاء ولكن لن نستسلم للواقع».
واستنكر جعجع ارتفاع بعض الأصوات لمهاجمة الرئيس سليمان «لأنه كافح وناضل من أجل الحفاظ على الجمهورية والدولة»، مشددا على أن «تحسين الوضع يتجلى ببسط سلطة الدولة وحل ما تبقى من ميليشيات مسلحة».
وفيما ينتظر أن يتخذ تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون يوم الاثنين المقبل موقفا رسميا لجهة كيفية التعاطي وزاريا وتشريعيا مع مرحلة الفراغ الرئاسي، قال أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان: «لن نرتاح حتى تأمين ملء موقع رئاسة الجمهورية، ونتمنى أن يأخذ لبنان فرصته للمرة الأولى منذ الطائف برئيس ميثاقي وقادر على استعادة التوازن والشراكة». وشدد كنعان على أنهم لا يقولون «عون أو لا أحد، بل نقول إما الرئيس الميثاقي صاحب الحضور والتمثيل والقدرة، أو سنمارس حقنا الدستوري بالامتناع عن تأمين وصول الأرانب».
 
مشروع «مؤتمر تأسيسي جديد» يكرس لـ«حزب الله» بالدستور ما يكسبه بـ«قوة الأمر الواقع»... يربك المسيحيين ويقترحه الغربيون مقابل نزع السلاح

جريدة الشرق الاوسط.... بيروت: ليال أبو رحال .... لا شيء يخيف غالبية الفرقاء المسيحيين في لبنان بقدر إنعاش التداول باقتراح الذهاب إلى «مؤتمر تأسيسي جديد»، يطيح باتفاق الطائف و«الميثاقية» التي أرساها بين المكونات الطائفية. والخشية من «المؤتمر التأسيسي الجديد» لا تتأتى من الفكرة في حد ذاتها، مع اعتراف القوى السياسية اللبنانية بأن عدم استكمال تطبيق «اتفاق الطائف» لا يحقق الأهداف المرجوة منه، وإنما من الربط بين هذه الفكرة والإطاحة بالمناصفة القائمة بين المسيحيين والمسلمين لصالح «المثالثة».
والحديث عن «المثالثة»، أي تقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والموارنة، ليس جديدا، لكن أيا من الفرقاء المعنيين بهذه الصيغة أو الطامحين إليها أو المروجين لها، من أطراف محلية وخارجية، يجاهر بها علنا. ولعل رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، وهو من أشد معارضي «الطائف» منذ توقيعه، كان الأكثر مباشرة في التلميح إلى فكرة المثالثة، وإن من الناحية النظرية، بقوله مساء الأربعاء الماضي لقناة «المنار» التلفزيونية الناطقة باسم «حزب الله»: «يجب أن نكون كالمثلّث المتساوي الأضلاع. 3 أقطاب يمكن أن يشكلوا مثلثا، أي السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري وأنا، بحيث لا نستطيع أن نفكك هذا المثلث ونرمي كل قطعة في مكان، بل يجب أن نكون مرتبطين ببعضنا».
وعدا عن أن الحديث عن مثلث قوامه أمين عام «حزب الله» بوصفه ممثلا عن الشيعة، ورئيس الحكومة الأسبق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بوصفه ممثلا عن السنة، وعون بوصفه ممثلا عن المسيحيين، وتحديدا الموارنة منهم، لا يذكر المكون الدرزي الممثل بالنائب وليد جنبلاط، من جهة، وهو بيضة القبان في ظل الستاتيكو السياسي القائم على الساحة اللبنانية، فإنه يستثني أيضا بقية القيادات والمكونات المسيحية. وكان من المتوقع مبادرة مسيحيي «14 آذار» إلى الرد سريعا على موقف عون، فاعتبرت النائبة في كتلة «القوات اللبنانية» ستريدا جعجع أن «المثالثة التي طرحها عون تنسف المناصفة واتفاق الطائف»، مشيرة إلى أن «ما أدلى به خطير جدا ومع احترامنا لشخصه الكريم فإنه لا يمثل المسيحيين وحده، وطرحه يذكرنا بترويكا الحكم أيام الوصاية السورية»، في إشارة إلى الحلف الذي كان قائما بعد اتفاق الطائف، بين الرئيس اللبناني الراحل إلياس الهراوي ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري.
بمعزل عن الأسئلة التي يشرع عون الباب أمام طرحها، فإن الدعوة للنقاش في فكرة «مؤتمر تأسيسي جديد» ليست جديدة. هي فكرة تطرحها الدول الغربية قبل الإقليمية، أقله منذ عام 2000، بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، وتحديدا في معرض النقاش حول مصير سلاح «حزب الله» بعد «انتفاء صفة المقاومة» عنه، وفق ما تقوله مصادر سياسية لبنانية، قريبة من دوائر القرار الغربية لـ«الشرق الأوسط». وتوضح أن «الأميركيين والأوروبيين كانوا سباقين في اقتراح فكرة المؤتمر التأسيسي وهم يطرحونها في جلسات خاصة وخلال لقاءات مع مسؤولين لبنانيين، انطلاقا من أن نزع سلاح (حزب الله) لا بد وأن يقابله دمج الحزب في المنظومة اللبنانية، من خلال منحه مكاسب سياسية بديلة في مواقع السلطة وإداراتها».
وكانت المرة الأولى التي سمع فيها القادة اللبنانيون بفكرة «المؤتمر التأسيسي» أثناء زيارة موفد وزير الخارجية الفرنسية جان كلود كوسران إلى لبنان في شهر يونيو (حزيران) 2007، بعد عامين من اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، أحد عرابي اتفاق الطائف. ويقول مصدر سياسي مطلع في فريق «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إن «كوسران نقل إلى عدد من المسؤولين اللبنانيين حينها تبلغه من الإيرانيين باقتراح إعادة توزيع السلطة على قاعدة المثالثة وليس المناصفة مقابل تسليم (حزب الله) لسلاحه». وفي مؤتمر سان كلو الحواري الذي جمع ممثلي القوى السياسية في فرنسا في يوليو (تموز) 2007، يتابع المصدر «سمع اللبنانيون مجددا بالاقتراح ذاته، من مسؤول فرنسي تولى متابعة الملفين الإيراني واللبناني، نقلا عن مسؤولين إيرانيين، مما حدا بالوزير مروان حمادة، الذي كان أول المتحدثين في المؤتمر، إلى التأكيد في مستهل كلمته على ضرورة تطبيق اتفاق الطائف بكامل بنوده، وتحديدا المناصفة بين المسيحيين والمسلمين».
ويذكر المصدر ذاته بالشعار الذي اتخذه النائب ميشال عون لحملته الانتخابية عشية الانتخابات النيابية عام 2009، وهو «الجمهورية الثالثة»، مما أطلق حينها تفسيرات وتكهنات كثيرة وصلت إلى حد اتهام عون بالسعي لإقامة جمهورية جديدة على أنقاض جمهورية الطائف، خصوصا أن عون كان من أشد معارضي الاتفاق عند توقيعه نهاية سبتمبر (أيلول) 1989 في مدينة الطائف السعودية، بحضور 62 نائبا لبنانيا من أصل 73.
وجاء الحديث عن مؤتمر تأسيسي للمرة الرابعة على لسان أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، الذي اقترح على طاولة الحوار مطلع 2012 «مناقشة خيار بناء الدولة وتطوير الفكرة إلى عقد مؤتمر تأسيسي وطني عنوانه بناء الدولة». وأشار إلى «وجوب معالجة الأسباب بدل النتائج على طاولة الحوار التي ستتناول الاستراتيجية الدفاعية»، لافتا إلى أنه «يمكن انتخاب المؤتمر على أساس تركيبة الشرائح الوطنية وليس على أساس طائفي أو مناطقي». ولاقت مواقف نصر الله انتقادات حادة، وصلت إلى حد وصفها بأنها «نعي لاتفاق الطائف وللدستور اللبناني»، وتطيح بـ«المناصفة» و«نهائية كيان لبنان وعروبته ونظامه الديمقراطي الحرّ»، ليسحب الاقتراح بعدها من التداول.
ومع بروز أزمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الأسابيع الأخيرة، وفشل القوى السياسية في التوصل إلى حد أدنى من التفاهم يسمح بتنافس ديمقراطي للوصول إلى الرئاسة، تعالت أصوات سياسية مطالبة بالدعوة إلى «مؤتمر تأسيسي»، انطلاقا من فشل صيغة اتفاق الطائف في تسيير شؤون الدولة وتمرير الاستحقاقات الكبرى. وعلى الرغم من أن «حزب الله» لم يدل بأي موقف في هذا السياق، واقتصرت المطالبة على عدد من حلفائه وحلفاء النظام السوري في لبنان كالوزيرين السابقين طلال أرسلان ووئام وهاب، فإن رئيس البرلمان نبيه بري سارع في جلسة الحوار الأخيرة التي عقدت مطلع الشهر الحالي، ووفق ما نقل عنه، إلى القول «نحن كمسلمين في لبنان، سنةً وشيعةً ودروزا وعلويين، نتمسك باتفاق الطائف وبصلاحيات المسيحيين، ولا عودة عن الطائف»، تزامنا مع تأكيد رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي أن «الكلام حول مؤتمر تأسيسي كلام مرفوض، لأن الأصل هو تطبيق الطائف كاملا بكل مندرجاته».
وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وفي معرض دعوته مطلع شهر مايو (أيار) الحالي، إلى «عدم التلكؤ عن واجب انتخاب الرئيس»، خاطب القوى السياسية بالقول، خلال افتتاح قرية رياضية باسمه في مدينة جبيل «بالله عليكم، لا تستدرجوا البلاد والعباد إلى مؤتمر تأسيسي، قد يؤدي في أحسن الأحوال، إلى الإخلال بالميثاقية والمناصفة، وتغيير وجه لبنان»، داعيا بدوره إلى «استكمال تطبيق اتفاق الطائف، الذي أرسى شبكة أمان نستظلها رغم هذه الظروف الاستثنائية الصعبة».
وعلى الرغم من أن الأهداف المرجوة من التداول باقتراح «مؤتمر تأسيسي» لا تبدو واضحة، خصوصا أن الطبقة السياسية لا تزال نفسها تتداول السلطة منذ الطائف، وبالتالي فإنها تتحمل عمليا مسؤولية أي خلل في تطبيق بنوده، فإن خبراء يربطون بين هذا الاقتراح والتعديل الطارئ على موازين القوى في لبنان، مع تصاعد نفوذ «حزب الله» ورغبته في التحكم بكل الاستحقاقات المفصلية.
وفي هذا السياق، ينفي الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، القريب من «حزب الله»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «يكون الحزب بصدد إثارة موضوع المؤتمر التأسيسي في الوقت الراهن»، مشيرا إلى أن «السيد نصر الله عرض الفكرة عام 2012 من دون الدخول في أي طرح تفصيلي، ثم سحب الاقتراح على ضوء الانتقادات».
وتنسجم قراءة قصير مع ما تؤكده مصادر سياسية قريبة من «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» بقولها إن «الحزب سحب فكرة المؤتمر التأسيسي كليا من التداول بعد الردود السلبية التي تلقاها، وليست اليوم مطروحة على جدول أولوياته المتمثل في الحفاظ على الاستقرار ومعالجة القضايا الطارئة كانتخابات الرئاسة وقانون الانتخاب وقضية اللاجئين السوريين».
ويكرر قصير ما أفادت به مصادر لـ«الشرق الأوسط» لناحية أن «من يطرح فكرة المؤتمر التأسيسي جديا بعض المؤسسات الدولية والإقليمية والأوروبيين والأميركيين بالتعاون مع بعض الجهات المحلية، ولا علاقة لـ(حزب الله) بذلك».
ويقول قصير إن «فكرة المثالثة التي قال الفرنسيون في وقت سابق إنهم سمعوها من الإيرانيين هي فكرة مخترعة، والإيرانيون بدورهم قالوا إنهم سمعوها من الفرنسيين في إطار بحث الخيارات المتوافرة لاستيعاب سلاح الحزب بعد تحرير الجنوب عام 2000». ويجزم في الوقت ذاته بأن «(حزب الله) لم يطرح يوما فكرة المثالثة، وقياديو الحزب وكذلك حركة أمل يرددون دائما أنه لا طرح بديل عن اتفاق الطائف بالمعنى الرسمي».
في المقابل، يعرب الباحث والناشط السياسي توفيق الهندي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن «(حزب الله) هو من يقف فعليا وراء المطالبة بعقد مؤتمر تأسيسي، فيما المثالثة تعبّر عن رأي رئيس البرلمان، رئيس حركة أمل، نبيه بري، انطلاقا من مقولة مفادها أن الشيعة مغبونون في السلطة التنفيذية». ويوضح أن مطالبة «حزب الله» بمؤتمر تأسيسي هدفها «رسم معالم توجه لبنان في المنطقة، بمعنى أنه ومن خلال اتفاق جديد، يريد أن يكرس لبنان، بالدستور بعد الأمر الواقع، على أنه جزء لا يتجزأ من جبهة الممانعة، أي ربط لبنان بالمحور الإقليمي الذي تقوده إيران الإسلامية في المنطقة». ويرى الهندي في هذا السياق، أن «(حزب الله) ليس بحاجة اليوم إلى مهاجمة المسيحيين أو إرباكهم عبر الانتقال من المناصفة إلى المثالثة، ما دام تحالفه القائم والمستمر مع عون يمنحه تأييد جزء من المسيحيين».
وفي حين يؤيد قصير، من وجهة نظر شخصية «ضرورة إعادة النظر في اتفاق الطائف بعد أن كشف تطبيقه العديد من الثغرات، إن لناحية صلاحيات الرئيس أو صعوبة تنفيذ ما لم يطبق منه بعد»، يرى الهندي أن «اتفاق الطائف جيد ولا شوائب فيه إلا ببعض القضايا الإجرائية». ويوضح أن أهميته تتجلى في تأكيده على أن لبنان دولة حرة سيدة مستقلة، بعيدا عن أي وصاية مباشرة، أي السورية، أو غير مباشرة، أي الإيرانية، كما ينص على العيش المشترك والمساواة في السلطة بين المسيحيين والمسلمين إلى حين إلغاء الطائفية السياسية، لكن مع الحفاظ على ما يطمئن الطوائف من خلال المبادرة إلى تأسيس مجلس الشيوخ».
يعتبر الهندي، الذي كان في وقت سابق من الدائرة المقربة من رئيس حزب القوات سمير جعجع وأحد مستشاريه، أن «العلة ليست في الطائف، إنما في وقوع لبنان تحت الاحتلال السوري سابقا والإيراني راهنا»، منتقدا «ما دأبت الطوائف المدعومة سياسيا على القيام به لناحية عدم تنفيذ كل بنود الاتفاق».
وفي سياق متصل، يرى منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «قسما من اللبنانيين، وبعد توقيع اتفاق الطائف، تكيّف مع النسخة السورية منه، إذ وزعت الوصاية السورية السلطات بعد الطائف على القوى السياسية وفق معيار قربها منها، بمعنى أن (الرئيس الراحل) إلياس الهراوي و(النائبين) ميشال المر وسليمان فرنجية، على سبيل المثال، نالوا حصصا وازنة، فيما أقصيت بقية القيادات المسيحية إلى السجن (جعجع) أو المنفى (الرئيس الأسبق أمين الجميل والنائب ميشال عون)، وكذلك الحال بالنسبة لقيادات السنة والشيعة».
لا يستغرب سعيد أن يطرح «حزب الله» فكرة المؤتمر التأسيسي. يقول إن «الحزب بعد التحرير (انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان) عام 2000 وبعد صموده في حرب تموز (حرب إسرائيل ضد لبنان) عام 2006، بات يعتبر أن إنجازاته وظروفه تسمح له بإعادة توزيع السلطة، خصوصا مع وجود قوى مسيحية ممتعضة من (الطائف) وفي مقدمها النائب ميشال عون الذي يمكن أن يحصل (حزب الله) بسهولة على توقيعه، مقابل انصراف بقية القوى المسيحية إلى الاهتمام بملفات محلية ضيقة والاهتمام بالسياحة والحلم بتطبيق اللامركزية الإدارية وصولا إلى حديث البعض عن التقسيم».
في المقابل، لا ينكر المحلل السياسي قاسم قصير، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن «(حزب الله) وبعد حرب تموز 2006، اعتبر أن استمرار الحكومة في عملها بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، كما حصل حينها، لا يمكن أن يتكرر، فطالب بضمانات أكبر واقترح فكرة الثلث الضامن في الحكومة»، وهو ما يسميه خصوم «حزب الله» السياسيون بـ«الثلث المعطل»، انطلاقا من أنه يمنح الحزب القدرة على تعطيل اتخاذ القرارات الحاسمة على طاولة مجلس الوزراء في حال لم يوافق عليها. ويستنتج قصير أن «(حزب الله) حقق من خلال هذه الفكرة التطبيقية، أي الثلث الضامن، ما يريد الحصول عليه من ضمانات من دون اللجوء إلى تعديل دستوري أو الإصرار على مؤتمر تأسيسي يعيد توزيع السلطة».
وفي موازاة جزم قصير بأن المؤتمر التأسيسي ليس أولوية «حزب الله» في الوقت الراهن، يستعيد سعيد الظروف التي أدت إلى توقيع «اتفاق الطائف». ويقول في هذا الإطار إن «الاتفاق بني على رغبة سنية بزعامة رفيق الحريري، ومسيحية عبر عنها البطريرك الماروني الاستثنائي السابق نصر الله صفير وجعجع، وبدعم سعودي، فيما عارضه كل من (حزب الله) وبري وعون وجنبلاط».
ويشير سعيد إلى أنه «مع بروز إيران كقوة إقليمية منذ التسعينات ومزايدتها على الدول العربية في رفع راية قضية فلسطين، بات (حزب الله) يعتبر أن موازين القوى تغيرت، وبالتالي فإن توزيع السلطة في الطائف، الذي أعقب سنوات الحرب الأهلية، لم يعد عادلا».
ويعرب منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» عن اعتقاده أن «المؤتمر التأسيسي يحتاج إلى توقيعين سني ومسيحي»، متابعا «التوقيع المسيحي تحصيل حاصل، محمد شطح (الوزير السابق الذي اغتيل في بيروت نهاية العام الماضي) مسيحي كفيل بالحصول على إمضائهم». ويلفت إلى أن «المسيحيين في لبنان باتوا يشعرون بأنهم مقيمون، ولا أحد من الناقورة حتى العاقورة مستعد للموت من أجل أحد لدى المسيحيين»، محملا القيادات المسيحية مسؤولية إفساح المجال من خلال تصريحاتهم لـ«حزب الله» بإثارة فكرة «المؤتمر التأسيسي».
بدوره، يشدد توفيق الهندي على أن «المتضررين من أي اتفاق جديد هم المسيحيون، خصوصا في ظل ظروف المنطقة والتغيير في التوازن الديموغرافي القسري في لبنان بسبب الهجرة الكبيرة التي طالت المسيحيين عدا عن التجنيس بالجملة في عهد الوصاية السورية». ويقول «صحيح أن المناصفة موجودة في اتفاق الطائف، لكن تنفيذه بالشكل الحالي لا يؤمن للمسيحيين المناصفة الحقيقية»، مبديا أسفه «لأن الصحة في العلاقات داخل الوسط المسيحي تذهب زيادة عن اللزوم، وضعف الموقف المسيحي، في حين أننا نجد في الوسط الشيعي ثنائية متنافسة ومتنافرة أحيانا لكنها تجتمع على موقف سياسي موحد يحقق لها مكاسب إضافية، وهذا ما ليس حاصلا لدى المسيحيين».
 
قصر بعبدا يودّع سليمان ويسقط في «لعنة الفراغ»
بيروت - «الحياة»
غادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان القصر الرئاسي في لبنان الى منزله، مخلفاً وراءه فراغاً في الموقع الأول في الجمهورية وإرثاً سياسياً سيصعب على الطبقة السياسية وعلى خَلَفه مهما طال اختياره، تجاهل جدول الأعمال الطويل الذي يتضمنه، بدءاً باستعادته مبدأ دستورياً وتقليداً سياسياً كاد اللبنانيون أن ينسوه، وهو أن رئيس الجمهورية يغادر السلطة بانتهاء ولايته، بعدما افتقدوه مدة 24 سنة، حين تم التمديد مرتين لولايتي كل من الرئيس الراحل الياس الهراوي وإميل لحود، نصف ولاية (3 سنوات) لكل منهما، بتعديل دستوري لمرة واحدة إبان النفوذ السوري. وسقط القصر في «لعنة الفراغ»، وأصبح لبنان في عهدة حكومة «المصلحة الوطنية)..
وكان لسليمان، الذي أصرّ على مغادرة القصر الجمهوري مبتسماً قبل 9 ساعات ونيف من انتهاء ولايته منتصف ليل أمس الى منزله الخاص، في خطوة رمزية اعتبرها المراقبون تأكيداً منه على أنه ينتظر اختتام عهده، الى حد أنه ردد في الآونة الأخيرة رغبته في تقصيره بدل تمديده، وداع سياسي ورسمي مؤثر.
وأطلق سليمان خلال حفل الوداع مواقف سياسية دأب على اعلانها منذ أكثر من سنة، لا سيما لجهة مطالبة «حزب الله» بالانسحاب من سورية، وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وسيادة الدولة وحدها على شؤونها كافة، وبناء استراتيجية للدفاع عن لبنان حصراً، مضيفاً اليها اقتراحات بإجراء تعديلات دستورية تعزز صلاحيات الرئاسة الأولى. وهي اقتراحات تشمل استعادة حق الرئيس بحل البرلمان.
وفيما أهاب الرئيس المنقضية ولايته بالمجلس النيابي والقوى السياسية «إتمام الاستحقاق الرئاسي من دون إبطاء وعدم تحمل مسؤولية ومخاطر خلو الموقع الرئاسي»، منبهاً من «تهديد دور الرئيس خصوصاً إذا كان الشغور مقصوداً بفعل انقسام عامودي بين القوى السياسية»، قال: «أودع أمانتي لدى حكومة المصلحة الوطنية برئاسة الرئيس تمام سلام الذي أثق به وبوطنيته وشجاعته وحكمته» ودعا الوزراء والمرجعيات الى مؤازرته.
ونقل اختتام عهد سليمان من دون انتخاب رئيس جديد لبنانَ الى مرحلة جديدة رفعت منسوب القلق من فشل البرلمان خلال خمس جلسات نيابية كان دعا اليها رئيسه نبيه بري، وتأثيره على الاستقرار السياسي وعمل المؤسسات بغياب رأس الدولة. وشمل هذا القلق الدول الكبرى المعنية بوضع لبنان، وقالت مصادر ديبلوماسية ان مجلس الأمن يستعد لإصدار بيان يدعو فيه الى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية لإخراج البلد من الشغور الرئاسي، وسط تشاور على مدار الساعة بين سفراء الدول الدائمة العضوية في المجلس.
وأعقب خطاب سليمان الوداعي قيام نواب قوى 14 آذار بخطوة سياسية رمزية أمس بحضورهم الى المجلس النيابي السادسة مساء، أي قبل 6 ساعات من انتهاء ولاية سليمان، للتعبير عن اصرارهم على انتخاب الرئيس الجديد، وطالبوا زملاءهم في تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي بزعامة العماد ميشال عون وقوى 8 آذار بالانضمام اليهم من أجل البقاء في البرلمان لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وحضر الرئيس بري الى مكتبه في البرلمان قبل الموعد بدقائق، فيما لم يحضر أي من نواب 8 آذار، بينما حضر النائب مروان حمادة وحده من أعضاء «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط الذي طلب من النواب الأعضاء عدم تلبية دعوة قوى 14 آذار.
واجتمع بري فور وصوله برئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة، وعدد من النواب الذين شكروه على مجيئه الى البرلمان لمناسبة تجمعهم فيه، وتداول بري والسنيورة في الجلسة النيابية التشريعية المقررة الثلثاء المقبل والمخصصة لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب.
وقالت مصادر نيابية انه حصل جدل بين بعض النواب وبين بري على مسألة حضور جلسة الثلثاء حيث أصر بري على استمرار التشريع النيابي بعد الشغور الرئاسي، فيما اعترض بعض النواب على مواصلة الجلسات التشريعية في ظل الفراغ.
وتلا النائب جورج عدوان بياناً باسم النواب الحاضرين الى البرلمان، قبل أن ينصرفوا اعتبروا فيه أن الفريق الآخر أراد لهذا الاستحقاق أن يكون مناسبة للإطاحة بالديموقراطية والميثاقية معاً عندما أصر على تفسير الديموقراطية التوافقية بالتوافق المسبق على اسم الرئيس العتيد الأمر الذي يلغي دور البرلمان أي صوت ممثلي الأمة مثلما يلغي الحياة السياسية بإلغائه حق التنافس. ورأوا أن إلغاء الديموقراطية بهذا الأسلوب عاد ليضرب الميثاقية نفسها.
ودعوا «جميع الزملاء النواب الى الالتزام بموجبات وكالتهم الدستورية من خلال الحضور الى المجلس وانتخاب رئيس» كما دعوا الشعب الى «مزيد من اليقظة في هذه اللحظة الفارقة».
واعتبروا «شغور الموقع الدستوري الأول حدثاً جللاً لا يمكن استمراره وتجاوزه واعتباره كأن شيئاً لم يكن». ورأوا ان «المهمة الأساسية الأولى والوحيدة للمجلس النيابي في الظروف الراهنة تبقى حصراً انتخاب رئيس جديد للبلاد».
وبينما يجهد الديبلوماسيون الأجانب لدفع القوى السياسية الى التوافق على تأمين نصاب جلسات انتخاب الرئيس الجديد، فإن هؤلاء ومعهم الأوساط السياسية تنتظر المؤتمر الصحافي الذي سيعقده العماد ميشال عون غداً الإثنين لمعرفة موقفه مما يطرح عن وجوب مقاطعة التشريع في البرلمان في ظل الشغور الرئاسي، ومن إناطة صلاحيات الرئاسة بالحكومة وفق ما ينص عليه الدستور، اضافة الى ترقب مدى تأثير الجهود لإقناع عون بإعادة النظر في ترشحه للرئاسة لفتح الطريق أمام البحث عن مرشح تسوية بين فريقي 8 و14 آذار والوسطيين، بديلاً منه ومن مرشح 14 آذار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (والمرشح هنري حلو).
وجاء اليوم الرئاسي الطويل أمس عشية عيد «التحرير والمقاومة»، لمناسبة الذكرى الـ14 للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان والبقاع الغربي عام 2000، الذي سيلقي الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله كلمة في سياقها اليوم خلال احتفال حزبي في مدينة بنت جبيل الجنوبية. وقال سليمان في خطابه الوداعي إن «الذكرى نعتز ونفتخر بها مقدار افتخارنا بشبابنا الأبطال الذين بذلوا أرواحهم لتحرير الأرض»، مكرراً القول ان التحرير يبقى منقوص الفائدة إذا لم يؤد الى تحقيق سيادة الدولة على شؤونها كافة وكل أراضيها وتطوير النظام الديموقراطي وترسيخ دولة القانون والعدالة والمساواة». ورأى ان بناء استراتيجية دفاعية مدخل ضروري لبناء الدولة.
وتغيّب الرئيس بري عن الاحتفال الوداعي في القصر، فيما حضرت زوجته ونواب كتلته، كذلك تغيب نواب «حزب الله» ووزراؤه وممثلو قوى 8 آذار الحليفة للحزب الذين لم توجه الدعوة الى بعضهم نظراً الى حملاتهم الأخيرة على سليمان نتيجة موقفه من تدخل الحزب في سورية. وحضر الاحتفال، الى سلام وبقية الوزراء، رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل ورئيسا الحكومة السابقان فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط الذي قلده سليمان وسام الاستحقاق الوطني وقال اننا سنفتقد حكمة الرئيس سليمان.
وبينما تشهد بلدة سليمان، عمشيت، في بلاد جبيل استقبالاً حاشداً له اليوم، واحتفالاً يلقي فيه خطاباً، فإنه وقع أمس قبل مغادرته القصر مرسوم فتح عقد استثنائي للبرلمان كي يتمكن من التشريع، مبرراً ذلك بأن «البلاد على مشارف الانتخابات النيابية ما يستوجب وضع قانون انتخاب يؤمن التمثيل الصحيح ويحافظ على المناصفة، والأوضاع العامة قد تشهد أموراً طارئة تستدعي من الحكومة اتخاذ اجراءات استثنائية...»، وكان دعا الى «الامتناع عن التمديد للبرلمان مرة أخرى طبقاً لما تم التوافق عليه في جلسة الحوار الأخيرة».
وإذ أجرى سليمان جردة بإنجازات عهده، فإنه دعا إلى تنفيذ مقررات هيئة الحوار الوطني والى «مراجعة الاتفاقات المعقودة مع سورية» وتعزيز دور السفارتين في البلدين والى تعزيز الحوار الداخلي. وأشار سليمان الى التأثيرات الخارجية على الداخل اللبناني بالقول: «لا نعيش منعزلين عن محيطنا القريب والبعيد، لكن هذا الواقع الجغرافي والسياسي والديني، من غير المسموح له أن يشكل عقبة لأي مشروع انتماء وتلاق. كما ان وحدتنا الوطنية تحتل الأولوية وتفرض علينا عدم التدخل في شؤون الجوار، لا بل توجب الانسحاب بلا تردد من كل ما من شأنه أن يفرق صفوفنا». كما لفت الى الهبة السعودية الاستثنائية والتاريخية للجيش اللبناني بقيمة 3 بلايين دولار.
وكان زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اشاد بسياسة سليمان الحكيمة في ادارة البلاد وطالب بالتعامل مع شغور الرئاسة «باعتباره خطراً جدياً يهدد سلامة النظام الديموقراطي ويجعل من الرئاسة الأولى هدفاً للابتزاز الدائم بالفراغ والوقوع في المجهول». ودعا الى فهم عميق لمخاطر ابقاء الموقع المسيحي الأول شاغراً.
وحيّا جعجع سليمان وتمنى «لو أن المعطلين لانتخاب الرئيس يكفون عن ممارساتهم السلبية» مؤكداً أنه كانت هناك امكانية لانتخاب رئيس صنع في لبنان لكن شاء البعض أن لا يكون لدينا رئيس».
 
سليمان: مشكلة النازحين التحدي الوجودي الأبرز والتحرير منقوص بلا سيادة الدولة
بيروت - «الحياة»
أطفئت منتصف ليل أمس، أنوار القصر الجمهوري اللبناني بعد إطفاء نافورة مياه البركة التي تتوسط باحته الرئيسية تعبيراً عن خلو سدة الرئاسة الأولى في لبنان من شاغلها. فالرئيس ميشال سليمان الذي قاد البلاد على مدى ست سنوات، غادر القصر الجمهوري قبل أكثر من تسع ساعات على موعد المغادرة الرسمي، أو الذي اعتدنا على رصده عبر العهود التي توالت على سدة الرئاسة اللبنانية في تاريخها الحديث، وإن بقي في منزله القريب في اليرزة يمارس مهامه كرئيس للبلاد قبل أن يشغل المنصب الفراغ، مودعاً أمانة البلاد لدى الحكومة بانتظار انتخاب رئيس جديد.
وأهاب سليمان في خطاب الوداع الذي ألقاه أمام أكثر من 450 مدعواً تغيب منهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي اعتذر عن عدم الحضور فيما حضرت زوجته السيدة رندة، ونواب ووزراء «حزب الله» كما تغيب النائبان سليمان فرنجية وطلال أرسلان (لم توجه إليهما دعوة إلى اللقاء في القصر الجمهوري)، بالمجلس النيابي والقوى السياسية الممثلة فيه، إتمام الاستحقاق الرئاسي، من دون إبطاء، وعدم تحمل مسؤولية وأخطار خلو الموقع الرئاسي، الذي اعتبره تهديداً لدوره «خصوصاً إذا كان الشغور مقصوداً».
وأعلن أنه سيوقع اليوم (أمس) دعوة المجلس النيابي إلى عقد استثنائي، معتبراً أن «على رأس الأولويات الوطنية إقرار قانون انتخاب عصري جديد»، مشدداً على ضرورة «إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والامتناع عن التمديد مرة أخرى طبقاً لما تم التوافق عليه في جلسة الحوار الأخيرة».
وتقدم حضور خطاب الوداع الذي ألقاه سليمان في قاعة 25 أيار رئيس الحكومة تمام سلام وزوجته، الرئيس أمين الجميل وزوجته، الرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، والوزراء والمسؤولون الرسميون وممثلون عن رؤساء الطوائف وأعضاء السلك الديبلوماسي والقنصلي وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وجدد سليمان مواقفه الثابتة من أن «وحدتنا الوطنية تفرض علينا عدم التدخل في شؤون الجوار والانسحاب الفوري من كل ما من شأنه أن يفرق صفوفنا»، داعياً «هيئة الحوار الوطني والدولة ككل إلى الاستمرار في تعزيز نهج الحوار وترسيخه وتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني، وهيئة الحوار والعمل على ضمان الالتزام بنص «إعلان بعبدا» وروحه». ودعا إلى «العمل على تعزيز دور السفارات في سورية ولبنان ومتابعة ومراجعة الاتفاقات المعقودة بينهما في الوقت المناسب لإزالة الالتباسات، وتحديد المسؤوليات وتأكيد مشاعر المساواة والتكافؤ، تمتيناً للعلاقات الأخوية». واعتبر «أن الوقت حان لبناء استراتيجية دفاعية»، مشدداً على أن التحرير يبقى منقوص الفائدة إذا لم يؤدّ إلى تحقيق سيادة الدولة وحدها».
وكان الرئيس سليمان دخل وزوجته وفاء إلى قاعة 25 أيار، على وقع تصفيق حار من الحضور وغادرا القصر معاً في الثالثة إلا ربعاً بعد الظهر على سجادة حمراء فرشت من بوابته الرئيسية إلى سيارة الرئاسة الأولى التي أقلتهما إلى منزلهما في اليرزة، بعدما صافحا كبار الموظفين في القصر الجمهوري ومستشاريه وضباط الحرس الجمهوري وإعلاميي القصر، وذلك أمام عدسات كاميرات وسائل إعلام محلية وعربية وأجنبية، فيما كانت ثلة من رماحة الحرس الجمهوري تعزف لحن الوداع.
خاطب الرئيس ميشال سليمان اللبنانيين قائلاً: «ما هي إلا ساعات وتنقضي ولاية رئاسية كان لي شرف استلام مقاليدها منذ ست سنوات. منذ 25 أيار 2008 ولغاية اليوم تشاركت وإياكم من منطلق المواطنة. ومن موقع القيادة، عملت معكم على مواجهة الصعاب بوعي وصبر وإرادة، ولم نألُ جهداً للتخفيف من الارتدادات السلبية للأزمات والصراعات التي عصفت بمنطقتنا العربية، وتجاوزنا مراحل وظروفاً دقيقة وصعبة في ظل انقسام عميق ومؤسف. من هنا، كانت دعوتي دائماً، ويشاركني في ذلك القيادات الوطنية، إلى حوار مستدام يكون وحده الكفيل في حل المعضلات، انطلاقاً من حقيقة راسخة وثابتة، أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا أو يباعد بيننا. وفي واقع الحال، لم يكن التباعد يوماً، إلا نتيجة تأثيرات خارجية تخبو لتستيقظ في بعض المفاصل». وأضاف قائلاً: «نعلم تماماً، أننا لا نعيش منعزلين عن محيطنا القريب والبعيد، لكن هذا الواقع الجغرافي والسياسي والديني، من غير المسموح له أن يشكل عقبة لأي مشروع انتماء وتلاقٍ. كما أن وحدتنا الوطنية، تحتل الأولوية، وتفرض علينا عدم التدخل في شؤون الجوار، مهما عز الجوار، لا بل، توجب الانسحاب بلا تردد، من كل ما من شأنه أن يفرق صفوفنا».
وتوقف عند السنوات الست التي «خلت من أي احتلال إسرائيلي، أو أي وجود عسكري سوري، ومن أي حرب داخلية بغيضة كتلك التي وقع لبنان ضحيتها طوال 15 سنة بفعل مؤامرات خارجية دنيئة، أو حسابات سياسية خاطئة». وقال: «حقق الجيش وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية، نجاحات ملحوظة، في مجال محاربة الإرهاب وتفكيك شبكات التجسس والعمالة للعدو الإسرائيلي، ولم تكن حال اللاحرب تلك نتيجة الصدفة أو الظروف، بل نتيجة وعي داخلي وقدرة وطنية على الصمود والردع، وعمل دؤوب على الصعيد الديبلوماسي، لتحييد لبنان وتجنيبه التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية، وتمكنا مع الحكومات المتعاقبة، من الوفاء بالتزاماتنا تجاه الشرعية الدولية وتجاه الدستور والقوانين اللبنانية. فعملنا على تنفيذ القرار 1701، وتمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتعاون معها، لتبيان الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. كذلك عمدنا، مع تشكيل حكومة المصلحة الوطنية برئاسة تمام سلام، إلى استكمال تنفيذ ما قررته الحكومات السابقة لجهة تنفيذ الخطط الأمنية وإنهاء الوضع الشاذ والمؤلم في طرابلس، ما يتطلب متابعة وتعميماً على سائر المناطق، وإقرار التعيينات الإدارية التي تم تحضيرها والإعداد لها، عبر الآلية المتفق عليها التي أتاحت تكافؤ الفرص واختيار الكفاية بدل المحاصصة والمحسوبية، حيث كانت حصة وازنة للمرأة مع الحاجة إلى تشديد معايير الآلية وإقرارها بقانون أو مرسوم، كما تم إقرار سلسلة من التشكيلات القضائية، والانتهاء من إعداد مشروع متكامل ومدروس للامركزية الإدارية، نتيجة جهد مشترك من قبل مجموعة من أهل العلم والاختصاص ومشاركة المواطنين. هذا المشروع المنصوص عنه في وثيقة الوفاق الوطني، والذي يهدف في شكل أساسي إلى تحقيق الإنماء المتوازن، أرسل إلى مجلس الوزراء، وينبغي الانصراف إلى مناقشته بعد التدقيق في اقتراحات المواطنين، لإحالته في ما بعد إلى المجلس النيابي».
العلاقات مع سورية
وقال سليمان إنه «مع انطلاقة العهد، تمكنا من إقامة علاقات ديبلوماسية مع سورية، وهو مطلب رافق اللبنانيين منذ الاستقلال. هذه الخطوة هي الترجمة الأساسية للعلاقات المميزة المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني. لذلك، يجب العمل على تعزيز دور السفارات في البلدين بصورة متوازية، وترسيخ هذه العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وهذا يتطلب أولاً، في الوقت المناسب، متابعة مراجعة الاتفاقات المعقودة بين البلدين الشقيقين، لإزالة الالتباسات وتحديد المسؤوليات في شكل واضح، إضافة إلى تأكيد مشاعر المساواة والتكافؤ، تمتيناً للعلاقات الأخوية، مع الأمل في أن يتم التوصل إلى حل سياسي سريع للأزمة السورية، وأن تستعيد سورية استقرارها ووحدتها وعزتها قريباً».
وقال: «خلال سنوات متتالية ساهم (الاستقرار) بتحفيز الاستثمار ورفع نسبة النمو إلى حدود الـ8 في المئة. وأعدنا لبنان إلى موقعه المتميز على الساحة الدولية، وأحطناه بشبكة أمان عززت هذا الاستقرار، وسمحت بانتخاب لبنان للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن. وقمنا في الداخل بتوفير الشروط المناسبة لاستقبال البابا السابق بنديكتوس السادس عشر، بصورة أعادت الوهج إلى وطننا كرسالة تعايش وحرية للشرق والغرب».
وأضاف: «عندما بدأت التداعيات السلبية للأزمة السورية الطارئة، تلقي بثقلها على الداخل اللبناني، اقترحت على هيئة الحوار الوطني مجموعة مبادئ يتعذر، بيقيني ويقين الغالبية العظمى من الشعب، رفضها أو دحضها في وجه أي منطق أو حجة، وهي التي تخدم مصلحة لبنان العليا، وتوحد اللبنانيين في خندق حصين واحد، في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب. هذه المبادئ، هي تلك التي توافقت عليها هيئة الحوار الوطني، بتاريخ 11/ 6/ 2012، وعرفت بـ «إعلان بعبدا»، ولاقت ترحيباً ودعماً من قبل المجتمع الدولي، وهي تبقى السبيل الوحيد لتعزيز الاستقرار والسلم الأهلي، من طريق تحييد لبنان، عن سياسات المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، خصوصاً الأزمة السورية».
وشدد سليمان على أنه «لما كان الاستقرار شرطاً جوهرياً من شروط الاستثمار والتنمية، فإن هيئة الحوار الوطني والدولة ككل، مدعوتان إلى الاستمرار في تعزيز نهج الحوار وترسيخه. كذلك يجب توفير الظروف الكفيلة بتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني، وهيئة الحوار الوطني التي تطرقت إلى معظم المشكلات والتحديات التي تواجهها البلاد، بما في ذلك، معالجة مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وفي داخلها، والعمل على ضمان الالتزام بنص «إعلان بعبدا» وروحه. إن من شأن هيئة الحوار إتاحة المجال أيضاً للبحث في أي موضوع قد يتوافق عليه المتحاورون، بما في ذلك سبل تطوير النظام، بما يكفل حال الاستقرار الدائم والتنوع من ضمن الوحدة والتنمية المستدامة، مع العلم، أن البيان الأخير لهيئة الحوار الوطني في 5 أيار (مايو) 2014 أكد ضرورة استكمال تطبيق اتفاق الطائف، والحرص على المحافظة على المناصفة والعيش المشترك، حاسماً بذلك ما تم تداوله عن مؤتمر تأسيسي أثار قلق اللبنانيين ومخاوفهم».
الاستراتيجية الدفاعية
ولفت إلى أنه «في مواجهة الخطر الإسرائيلي وأخطار الإرهاب والسلاح المنتشر عشوائياً على مساحة الوطن، ومن منطلق الحاجة إلى ضبط الحدود اللبنانية، بما يحمي السيادة وسلامة الأراضي، وضمان الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، اقترحت على هيئة الحوار الوطني، تصوراً أولياً لاستراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان، تصوراً اعتبرته هيئة الحوار منطلقاً للنقاش. وعشية 25 أيار، عيد «المقاومة والتحرير»، الذكرى التي نعتز بها، ونفتخر مقدار افتخارنا بشبابنا الأبطال الذين بذلوا أرواحهم لتحرير الأرض، أقول بكل محبة وحرص، حان الوقت لبناء استراتيجية دفاعية كمدخل ضروري لبناء الدولة. فالتحرير يبقى منقوص الفائدة إذا لم يؤدِّ إلى تحقيق سيادة الدولة وحدها على شؤونها كافة وكل أراضيها، وتطوير النظام الديموقراطي وترسيخ دولة القانون والعدالة والمساواة». وقال: «التوافق على استراتيجية للدفاع حصراً عن لبنان، يبقى في صلب الواجبات الملقاة على عاتق هيئة الحوار الوطني، تمهيداً لإقرارها من قبل الهيئات الدستورية المختصة».
وتحدث عن نجاح «الجهود التي بذلناها لإنشاء مجموعة دولية مرموقة لدعم لبنان، فصدر عنها خلاصات تبناها مجلس الأمن، تهدف بصورة متكاملة إلى ترسيخ الاستقرار، خصوصاً من خلال السعي لضمان التزام «إعلان بعبدا» وكل مندرجات القرار 1701. وهدفت إلى دعم ركائز الاقتصاد الوطني، وفي شكل خاص من طريق إنشاء صندوق ائتماني خاص، وتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية، إضافة إلى ذلك انتهت الخلاصات إلى ضرورة مواكبة الجهد الهادف إلى مواجهة المشكلة المتفاقمة للاجئين السوريين في لبنان التي باتت تشكل التحدي الوجودي الأبرز الذي يوجب علينا اتخاذ القرارات العاجلة في شأنه، بدعم دولي نسعى لاستكماله، وبقرارات داخلية شجاعة تبقى على مسؤولية الدولة اللبنانية بالذات. ويقع بالضرورة على عاتق الدولة بكل إداراتها وأجهزتها، بذل كل جهد ممكن، لمتابعة تنفيذ كامل الخلاصات التي صدرت عن المجموعة الدولية في نيويورك، والتي تم تأكيدها لاحقاً في مؤتمر باريس في 5 آذار (مارس) 2014 الذي ضم دولاً إضافية رئيسية وفاعلة».
وتوقف عند «الهبة السعودية الاستثنائية والتاريخية للجيش اللبناني، بقيمة ثلاثة بلايين دولار، لتعزز فرص بناء الذراع الأمنية للدولة العادلة والقادرة، والتوافق على استراتيجية وطنية دفاعية فعلية. وإن الأمل معقود على المؤتمر الدولي في 17 حزيران (يونيو)، والذي دعت إليه إيطاليا، لاستكمال القدرات العسكرية للجيش ما يمكنه القيام بكامل واجباته الوطنية، بامتلاكه وحده عناصر القوة».
وقال: «لم نتمكن من انتخاب رئيس جديد للبلاد ضمن المهل الدستورية»، مهيباً «بالمجلس النيابي والقوى السياسية، إتمام الاستحقاق الرئاسي من دون إبطاء، وعدم تحمل مسؤولية وأخطار خلو الموقع الرئاسي، بصورة تتنافى مع الديموقراطية، لا بل ومع روح الشراكة والميثاقية الوطنية. ولما كان موقع الرئاسة موقعاً جامعاً ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور، والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، فإن خلو هذا الموقع، يشكل تهديداً لهذا الدور الذي نريده ضامناً لانتظام الحياة السياسية والدستورية، خصوصاً إذا كان الشغور مقصوداً، بفعل انقسام عمودي بين القوى السياسية، وغياب نقاط التقاء، أو بسبب رغبة دفينة، لا تريد لمؤسسات لبنان الاستقرار». ولفت إلى أن رسالته التي وجهها إلى المجلس النيابي كانت «بموجب صلاحياتي المنصوص عليها في المادة 53 من الدستور. رسالة تتكلم بلسان حال المواطنين، وآمل في أن يلتزم بها النواب».
ورأى «أن على رأس الأولويات الوطنية تبدو الحاجة ملحة، كي تعمل السلطة التشريعية على وجه السرعة، على إقرار قانون انتخاب عصري جديد، يؤمن مشاركة لائقة للمرأة ولغير المقيمين، ويخرج التمثيل من الاصطفاف الطائفي، وأحالت الحكومة مشروع قانون انتخاب على قاعدة النسبية. ويقتضي إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والامتناع عن التمديد مرة أخرى، طبقاً لما توافقنا عليه في جلسة الحوار الأخيرة». ودعا إلى «إعادة النظر في صلاحيات المجلس الدستوري والقانون المتعلق بتعيين أعضائه ونظام عمله حتى لا يصار إلى تعطيل نصابه ثانية، فيما يبقى مشروع استقلال السلطة القضائية أيضاً حاجة ماسة لسيادة دولة القانون».
واقتصادياً، رأى أن «الدولة مدعوة إلى حسم خياراتها، والمضي قدماً في إنجاز القرارات والتدابير القانونية والإدارية، الكفيلة بتمكين لبنان من بدء استخراج ثروته النفطية والغازية واستثمارها بصورة شفافة ومفيدة، واعتماد مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بعيداً على السواء، من الخصخصة المثيرة للجدل، ومن الإدارة الحكومية المتعثرة للقطاعات الخدماتية الأساسية». وقال: «إن المباشرة بإجراء حوار اقتصادي واجتماعي شامل وجريء يتطلب تفعيل عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتعيين أعضائه».
ثغرات دستورية
وأشار إلى «أن الممارسة الدستورية، خلال السنوات الست، والاستقلال عن التدخل الخارجي، كشفت الثغرات الدستورية التي حملت النظام السياسي بذور إعاقته وتعطيله. وعكفت لجنة من الحقوقيين والخبراء الدستوريين على دراستها مستفيدة من تجربة السنوات المنصرمة، ووضعت مقترحات لتعديل الدستور، ستسلم إلى الرئيس الجديد، وأرسلت إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأبرز التعديلات:
1- إعادة حق حل المجلس النيابي عند الضرورة والاقتضاء ولمرة واحدة، إلى السلطة التنفيذية، بمبادرة من رئيس الجمهورية، انسجاماً مع مبادئ النظام البرلماني الذي يعطي في المقابل السلطة التشريعية حق سحب الثقة من الحكومة.
2- إعطاء رئيس الجمهورية حق إعادة الاستشارات النيابية بتأليف الحكومة بعد مرور أكثر من شهرين على صدور مرسوم التكليف من دون تمكن الرئيس المكلف من تأليف الحكومة.
3- وضع مشاريع القوانين المعجلة والقوانين المعادة إلى المجلس النيابي سنداً إلى المادتين 57 و58 من الدستور على جدول أعمال أول جلسة يعقدها المجلس النيابي بعد ورودها إليه.
4- تحديد مهلة دستورية واضحة لرئيس الحكومة والوزراء لتوقيع المراسيم، ولتلك الصادرة عن مجلس الوزراء، أسوةً بالمهل الدستورية المطلوب من رئيس الجمهورية ممارسة صلاحياته من ضمنها كالمواد 56 و57 من الدستور.
5- تعديل الأكثرية الواجب اعتمادها في مجلس الوزراء، عند إعادة النظر في أي قرار بناء على طلب رئيس الجمهورية، سنداً إلى المادة 56 من الدستور، بحيث تصبح أكثرية الثلثين بدلاً من أكثرية الحضور.
6- تعديل الأكثرية الواجب اعتمادها في المجلس النيابي، عندما يعيد هذا الأخير النظر في القــانون الذي رده رئيس الجمهورية إليه، سنداً إلى المادة 57 من الدستور، بحيث تصبح الأكثرية الواجب اعتـــمادها، ثلـــثي النواب الذين يشكلون عدد أعضاء المجـــلس النيابي وليس الأكثرية المطلقة من عدد أعضاء المجلس النيابي.
7- إعطاء رئيس الجمهورية حق دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، سنداً إلى المادة 53 من الدستور وذلك عند وجود الظروف الاستثنائية التي تبرر ذلك.
8- تحديد الحالات التي يفقد فيها كل من المجلس النيابي ومجلس الوزراء شرعيته لمخالفته الفقرة «ي» من مقدمة الدستور، والتدابير الدستورية لإعادة تكوينه، هذه هي أبرز التعديلات».
وأكد أن «أي حكم جديد، سيواجه العقبات والصعوبات نفسها التي اعترضت عمل المؤسسات خلال السنوات المنصرمة، ما يقتضي معالجة الثغرات الدستورية المعطلة للنظام، كمشروع إصلاحي يحمل صفة الأولوية. وفي مثل هذا الإصلاح مصلحة لبنانية صرفة، خصوصاً أنه لا يطرح من منطلق تنازع الصلاحيات، بل يهدف إلى توزيع المسؤوليات بصورة متكاملة وسليمة».
وتوقف عند «دور المجتمع المدني، وما يمكن أن يضطلع به من مهام، للمساعدة في نهوض الدولة، ودفعها في اتجاه الإصلاح والتقدم»، داعياً «أهل الثقافة والعلم والفكر المستنير ومجمل القوى الحية في لبنان، كي يوحدوا صفوفهم وطاقاتهم، ويعملوا على فرض أنفسهم كقوة مستهابة ومؤثرة، ليس فقط من خلال المواقف المعلنة والبيانات، بل أيضاً من طريق اللجوء إلى كل وسائل التوعية والاعتراض والضغط التي يجيزها القانون، ومن طريق سلوك آليات المحاسبة والمساءلة، خصوصاً في الانتخابات النيابية، الكفيلة بتوفير انتقال السلطة إلى من يراه الشعب أكثر علماً وكفاية والتزاماً بالخير العام». ودعا «الشباب الذين يختزنون القدرة والحيوية والعزم إلى إنشاء تجمعات وأحزاب عابرة للطوائف والانخراط في كل جهد نحو الدولة المدنية دولة المواطنة والحداثة التي يطمحون إليها».
وقال: «كما أن الحرية ولبنان صنوان، فإن لبنان الجمال والسلام والإبداع، لا يمكن أن يقوم، بعيداً من قاعدة القيم العائلية والوطنية والروحية التي بني عليها، وسمحت له بالبقاء والاستمرار والارتقاء. من هنا، دور وسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية والتربوية في تعزيز هذه القيم، وإعلاء شأن الثقافة وروح الإبداع، والتعاطي الإيجابي والبناء مع قضايا الأمة، لمواجهة أخطار التقوقع أو التطرف التي قد تدفع المجتمع اللبناني في اتجاه انحداري مدمر. وإننا مدعوون فعلاً إلى أن نبني معاً، في هذه المرحلة المفصلية بالذات، عناصر نهضة جديدة نستحقها».
وقال سليمان: «إن التاريخ يسجل ما يتسبب به القادة من حروب ومآسٍ ودمار، ويغفل في الغالب تسجيل ما يعمل القادة على تلافيه من أزمات ومحن، والتاريخ الحديث للبنان، مثقل ويا للأسف، بمثل هذه الأزمات والحروب. حسبي أني حرصت خلال السنوات الست المنصرمة، على تغليب منطق الحوار والاعتدال، سعياً لتجنيب لبنان أخطار الانقسام والاقتتال والتشرذم، بالتوازي مع المواقف السيادية البديهية، التي لا يمكن أي رئيس مؤتمن على الدستور، أن يتخطى مضامينها ومقاصدها».
وأردف: «يقيني، أنه بوحدتنا وإيماننا وعزمنا، سنتمكن معاً من بناء مستقبل واعد وهانئ، على قياس مجد لبنان وتاريخه ومواهب أبنائه. وأشكر جميع الذين آمنوا بالدولة، وتعاونوا معي وأعني الشباب الذين وقفوا إلى جانبي عبر شبكات التواصل الاجتماعي والجمعيات الأهلية والهيئات الإعلامية والشعبية والمؤسسات الدستورية والسياسية، وأخص بالذكر، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورؤساء الحكومات فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، والقيادات السياسية والروحية وأعضاء هيئة الحوار الوطني، والوزراء والنواب. والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وقوات «يونيفيل»، وملوك ورؤساء الدول الشقيقة والصديقة وممثليهم، لا سيما الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، على دعمهم لبنان في هذه الفترة الانتقالية الدقيقة للدولة بعد 40 سنة من الممارسة السياسية المقيدة بالخارج وبالاقتتال الداخلي، نحو الممارسة السياسية الحرة والاستقرار والسيادة المطلقة والاستقلال الناجز».
وأعلن أن «أمانتي لدى حكومة المصلحة الوطنية برئاسة الرئيس تمام سلام الذي أثق به وبوطنيته وشجاعته، وبحكمته التي اتبعها خلال الفترة القصيرة المنصرمة، وأدعو الوزراء والمرجعيات الدستورية والسياسية إلى معاونته ومؤازرته يداً واحدة وقلباً واحداً للحفاظ على البلاد والعباد، وذلك بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية قريباً».
وقال: «من منطلق مسؤولياتي الدستورية، سأوقع مرسوم دعوة المجلس النيابي إلى عقد استثنائي، إذ إن مسؤولياتي الموازية لصلاحياتي، أملت علي الاعتداد بالمصلحة الوطنية العليا من دون غيرها. فالبلاد على مشارف استحقاق الانتخابات النيابية، ما يستوجب وضع قانون انتخاب يؤمن التمثيل الصحيح، ويحافظ على المناصفة».
ونبه إلى أن «الأوضاع العامة، قد تشهد أموراً طارئة، تستدعي من الحكومة إجراءات استثنائية، ينص القانون على وجوب إحالتها إلى المجلس النيابي لإقرارها، لا سمح الله، في حال الطوارئ. بالإضافة إلى ذلك، فإن نظامنا يلزم المجلس النيابي، بعقد جلسات لمناقشة الحكومة ومحاسبتها». وقال: «المصلحة العامة التي أوجبت هذا القرار، وكلي ثقة، بوعي السلطات المعنية وعلى رأسها رئيس المجلس النيابي في تقدير هذه المصلحة، وإيجاد السبل الملائمة للعمل النيابي، في ظل الإشكالية المطروحة حول التشريع، ولا يسعني إلا أن أذكر الذين عملوا لبناء وطن تعددي غني بثقافاته وتراثه، ينعم بديموقراطية فريدة في عالمنا العربي، والذين بنوا إمبراطورية الانتشار اللبناني. دعونا نعلِ بنيانه، فلا ندمر مجداً، لنجهد في مسيرة تقدمه، فلا نضيع حلماً، ولا نبتر مستقبلاً».
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,610,241

عدد الزوار: 7,035,097

المتواجدون الآن: 70