اليمين القومي الديني في "البيت اليهودي"

تاريخ الإضافة الأحد 7 كانون الأول 2008 - 12:44 ص    عدد الزيارات 6959    التعليقات 0    القسم دولية

        


رنده حيدر 

"البيت اليهودي" تكتل يميني جديد يجمع الأحزاب الدينية الصهيونية ضمن لائحة إئتلافية واحدة من المفترض ان تخوض معاً الانتخابات للكنيست المقبلة. الدافع الأساس الذي شجع هذه الأحزاب، وفي طليعتها حزب "المفدال" الديني القومي المؤيد لبقاء المستوطنات في الضفة الغربية، الى تشكيل هذا التحالف الحاجة الى التوحد حول مشروع صهيوني جديد بعد سقوط مقولة "أرض اسرائيل الكاملة " التي لطاما شكلت الشعار الرئيس الذي من أجله خاضت الأحزاب الدينية القومية معركتها الإنتخابية ضد الأحزاب العلمانية من اليمين واليسار. من هنا جاء البحث عن شعار جديد فكان الحفاظ على الهوية اليهودية الصهيونية هو الشعار للمعركة الانتخابية المقبلة في وجه الأخطار التي تتربص بدولة اليهود في حال تنازلت اسرائيل عن سيطرتها على القدس وقبلت بقيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وغزة.
يمتاز معسكر الأحزاب الدينية –الصهونية عن غيره من الأحزاب الدينية المتشددة وعلى رأسها حزب "شاس" و"يهدوت هاتوراه" بأنه يجمع بين الاعتقاد الديني المتشدد وبين العقيدة الصهيونية وهو امر يعتبر بصورة ما تطوراً في مسيرة الأحزاب الحريدية المتشددة في اسرائيل التي ترفض الاعتراف بسلطة الدولة الصهيونية العلمانية لأنها لا تطبق مبادىء الشريعة اليهودية وتفرق بين اليهودية كدين واليهودية كقومية. وتعتبر المستوطنات لا سيما المتدينة منها مراكز قوة أساسية لهذه الأحزاب التي استطاعت ان تلعب دوراً مهماً في تاريخ الحكومات الإسرائيلية بسبب التعادل الكبير في قوة الحزبين الأساسيين في اسرائيل: "الليكود" و"العمل" مما كان يجعلها بحاجة دائماً الى تأييد المتدينين من أجل تشكيل حكومة تحظى بالثقة.
ثمة حادثة لا تُنسى على هذا الصعيد عندما أجبر حزب المفدال اسحق رابين على الاستقالة من منصبه لأنه لم يحترم حرمة يوم السبت. لكن هذا الحزب الذي احتفظ على الدوام بعدد محدد من المقاعد في الكنيست وجد نفسه هذه المرة أمام خطر خسارة انتخابية كبيرة مما حمله الى التفكير بتشكيل الإئتلاف الجديد من أجل جذب أصوات المتدينين الصهيونيين من جديد والظهور بمظهر المعسكر المتماسك وغير المنقسم.
لكن من جهة اخرى يحاول أنصار "البيت اليهودي" الا يتماهوا مع الحركات الاستيطانية المتطرفة ومرتدي القلنسوة الدينية الذين تحولوا في الأعوام الأخيرة الى مجموعة من مثيري الشغب ومن الخارجين على القانون لا سيما بعد الأحداث الكثيرة التي خاضوا فيها مواجهات دامية ضد الجيش ورجال الشرطة. ويحاول انصار التكتل الجديد استقطاب عدد من الشخصيات المعروفة بشعبيتها على لائحة مرشحيهم مثل الأستاذة في جامعة بار ايلان والباحثة النسائية يحيال ترفور، وليؤر منكا رئيسة جمعية المرأة المتدينة القومية. وهذا المنحى في اختيار مرشحات من المدافعات عن حقوق المرأة المتدينة يعكس اهتماماً بوضع المرأة المتدينة المهمشة في اسرائيل ومحاولة لإعطائها دوراً في الحياة العامة.
بيد ان المشكلة التي تواجه التكتل الجديد هي كيفية تشكيل اللائحة للإنتخابات المقبلة ورفض اللجؤ الى آليات ديموقراطية لهذه الغاية مما قد ينعكس خلافات ومشادات بين المرشحين على المقاعد.
حتى الآن لا يبدو ان التكتل اليميني الجديد قادر على الحصول على عدد كبير من المقاعد. فالإستطلاعات الأخيرة للرأي تبين ان "البيت اليهودي" لن يحصل على أكثر من خمسة مقاعد في الكنيست الجديدة (مقابل تسعة يملكونها في الكنيست الحالية). ومع ذلك فالتموضع الجديد لليمين الديني القومي يكشف أكثر من معطى في المعركة الانتخابية الحالية : منها حاجة الأحزاب الى التكتل للوقوف في وجه المد العاتي لليمين العلماني بقيادة الليكود والذي يوماً بعد يوم تشير الاستطلاعات الى زيادة كبيرة في مقاعده (آخر استطلاع أشار الى احتمال حصول الليكود على 35 مقعداً مقابل 12 معقداً له اليوم في الكنيست الحالية). فحتى داخل حزب "العمل" ثمة من يدعو الى ضروة خوض الانتخابات في لائحة واحدة مع حزب "كاديما" من اجل تقليص خسارته المتوقعة ولجم الصعود الكبير لنتنياهو.
نجاح "البيت اليهودي" في الانتخابات المقبلة سيكون على حساب أحزاب دينية مثل "شاس" بصورة أساسية. فهذا الحزب الذي يمثل المجتمع المتدين من اليهود الشرقيين والذي كان السبب في فشل تسيبي ليفني في تشكيل حكومة بعد استقالة اولمرت نظراً لتشبثه بمطالبه المالية يعتبر على الدوام حجر الثقل في كل الحكومات الاسرائيلية المقبلة. كما ان شعار الدفاع عن الهوية اليهودية الصهيونية يدل بوضوح على ان البرامج الانتخابية ستتمحور في الأكثر على أمور داخلية واقتصادية. بالطبع الهدف الأول بالنسبة للأحزاب الدينية الصهيونية هو التصدي لأي محاولة للتنازل عن القدس او تقسيمها في اطار تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين والرفض المطلق لإزالة أي مستوطنة يهودية في الضفة الغربية. باختصار يجسد هذا التيار ما تبقى من الفكر الاستيطاني القومي المتشدد الذي يعتبر الدفاع عن سيطرة اسرائيل على القدس بمثابة الدفاع عن جوهر وجوداسرائيل، والتمسك بالهوية اليهودية كسبيل للدفاع عن دولة اسرائيل كدولة يهودية.


المصدر: جريدة النهار - السنة 76 - العدد 23552

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,094,822

عدد الزوار: 6,752,413

المتواجدون الآن: 100