أخبار وتقارير..كيفية مواجهة المتطرفين الذين يمارسون العنف في أفريقيا عبر الصحراء الكبرى...واشنطن تحاول تهدئة الغضب الأوروبي من برامج تجسس وكالة الأمن القومي ....طهران تشيّع 17 من حرس الحدود وتعتبر قتلهم «نتاجاً للتطرف»..تونس تعتقل رجل دين سلفي رائد

غياب المجتمعات الفلسطينية...سوريا: أوهام تعاند السقوط..التونسيون ينتظرون "ياسمين" الإصلاح وعينهم على مصر....الجيش يريد امتيازات أبرزها تعيين المجلس العسكري قائده.. دستور مصر الجديد... وزير الدفاع فوق الرئيس...العراق يفتقد لاستراتيجية امنية اجتماعية طويلة الامد

تاريخ الإضافة الثلاثاء 29 تشرين الأول 2013 - 7:44 ص    عدد الزيارات 1900    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

لجنة في "الكونغرس" الأميركي ستبدأ "اعادة تقييم" لعمليات التجسس
واشنطن - ا ف ب
اعلنت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاميركي ان "اللجنة ستبدأ عملية اعادة تقييم كبيرة"، لعمليات التجسس الاميركية، مبدية اسفها لعدم تبلغ اللجنة بانشطة وكالة الامن القومي الاميركية في شكل صحيح.
وقالت الديموقراطية دايان فاينستاين "يبدو لي بوضوح ان بعض انشطة المراقبة تمت ممارستها لاكثر من عشرة اعوام من دون ابلاغ لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في شكل مرض"، مضيفة ان "الكونغرس يحتاج الى ان يعرف بالضبط ما تقوم به وكالات الاستخبارات لدينا".
 
طهران تشيّع 17 من حرس الحدود وتعتبر قتلهم «نتاجاً للتطرف»
طهران – أ ب، رويترز، أ ف ب
شيّعت طهران أمس، 17 من أعضاء حرس الحدود الإيرانيين أعلن تنظيم يُطلق على نفسه اسم «جيش العدل» مسؤوليته عن قتلهم وجرح سبعة وخطف ثمانية آخرين، في منطقة سراوان التابعة لمحافظة سيستان وبلوشستان المحاذية لباكستان.
وكان «جيش العدل» اعتبر قتلهم «ردّاً على المجزرة التي ينفذها الحرس الثوري الإيراني في أرض سورية الإسلامية»، و «جرائم النظام ضد الطائفة السنية البريئة في إيران». وتعهد «الانتقام» للسجناء الـ16 من البلوش الذين أعدمتهم السلطات الإيرانية في زاهدان، عاصمة سيستان وبلوشستان، رداً على مقتل حراس الحدود. في المقابل، اتهمت طهران إسلام آباد بـ «التقصير» في «التصدي للعصابات الشريرة» على أراضيها، وحضتها على تسليم أعضائها.
وشُيع القتلى في مدينتي مشهد وبيرجند، فيما اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استهدافهم «حادثاً إرهابياً مروعاً وعملاً غير إنساني ونموذجاً للإرهاب الدولي ومن نتائج تفشي التطرف في المنطقة». وأضاف: «التطرف والإرهاب لا يعرفان حدوداً، والأمن في عالم اليوم لا يتجزأ، لذلك لا بد من المساعدة في إرساء الأمن في المنطقة أيضاً، من أجل صون أمن البلاد».
أما علي عبداللهي، مساعد وزير الداخلية، فأعلن أن المجلس الأعلى للأمن القومي «صادق على تشكيل لجنة خاصة لدرس حادث سراوان».
على صعيد آخر، حظرت السلطات الإيرانية صدور صحيفة «بهار» الإصلاحية، لنشرها مقالاً الأربعاء الماضي اعتُبر مقوّضاً لـ «المعتقدات الشيعية»، إذ شكّك باختيار النبي محمد خلفاً له.
وقال علاء الدين ظهوريان، سكرتير لجنة الإشراف على الصحف، أن اللجنة «منعت (صدور) صحيفة بهار ونقلت ملفها إلى القضاء».
وكانت إدارة الصحيفة اعتذرت عن المقال، معتبرة انه «مخالف لخطها السياسي»، وتحدثت عن «خطأ غير مقصود». وفي محاولة ربما لتجنّب حظرها، جمّدت صدورها منذ السبت الماضي لأسبوعين.
وفي أواخر عام 2012، عاودت «بهار» وصحف إصلاحية أخرى، بينها «شرق»، الصدور بعد حظرها سنوات.
 
حفيدة الخميني
إلى ذلك، أفادت وكالة «مهر» بإحالة نعيمة إشراقي، حفيدة الإمام الخميني، على القضاء بعد نشرها على موقع «فايسبوك» مزحة عن زوجات «شهداء» أفراد «الحرس الثوري» الذين قُتلوا خلال الحرب مع العراق (1980-1988).
وكانت إشراقي أغلقت حسابها على «فايسبوك»، مشيرة إلى قرصنته ونشر المزحة التي أثارت ردود فعل غاضبة، لكنها طلبت السماح من عائلات «الشهداء». ورفعت عائلات حوالى ألف «شهيد» ومئة منظمة تعمل مع تلك العائلات، دعوى على إشراقي، إذ اتهمتها بإشاعة «أكاذيب وإهانات».
في غضون ذلك، منح مجلس الشورى (البرلمان) الثقة لرضا فرجي دانا، مرشح الرئيس حسن روحاني لوزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا، وعلي أصغر فاني المرشح لحقيبة التربية والتعليم، لكنه حجبها عن رضا صالحي أميري المرشح لحقيبة الرياضة والشباب.
 
واشنطن تحاول تهدئة الغضب الأوروبي من برامج تجسس وكالة الأمن القومي والخارجية الأميركية تعترف بتوتر العلاقات مع حلفاء.. والبيت الأبيض يراجع عمليات التنصت

واشنطن: هبة القدسي لندن - مدريد: «الشرق الأوسط» .... تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة ودول أوروبية بعد كشف وسائل الإعلام الإسبانية أن وكالة الأمن القومي الأميركي راقبت سرا ستين مليون محادثة هاتفية في إسبانيا خلال شهر واحد، وفقا للوثائق التي قام بتسريبها محلل الاستخبارات الأميركي السابق إدوارد سنودن.
وانضمت إسبانيا أمس إلى الدول المطالبة واشنطن بتوضيحات حول عمليات التنصت الهاتفية المفترضة على أراضيها، بينما لم تتراجع العاصفة الناجمة عن عمليات التنصت التي قامت بها وكالة الأمن القومي الأميركية، رغم نفي واشنطن علم الرئيس الأميركي باراك أوباما بمراقبة الاتصالات الهاتفية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وأفادت صحيفة «ألموندو» أمس بأن وكالة الأمن القومي الأميركية تجسست خلال شهر، بين ديسمبر (كانون الأول) 2012 ويناير (كانون الثاني) 2013، على أكثر من 60 مليون مكالمة هاتفية في إسبانيا، التي تضاف إلى اللائحة الطويلة للبلدان الأوروبية التي خضعت للتجسس، كفرنسا على سبيل المثال.
وعرض وفد برلماني أوروبي يضم تسعة نواب استياء وقلق دول الاتحاد الأوروبي من ضلوع الولايات المتحدة في عمليات تجسس على المواطنين والمسؤولين الأوروبيين في اجتماع بواشنطن ضم مسؤولين أميركيين من وكالة الأمن القومي وأعضاء من الكونغرس صباح أمس. وطلب وفد من الاستخبارات الألمانية إيضاحات من الوكالة حول مزاعم تعرض هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للرقابة.
وتجنبت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كاتلين هايدن الحديث بشكل مباشر حول تجسس الولايات المتحدة على قادة وزعماء العالم، وأوضحت في رد مقتضب على الصحافيين أن الإدارة الأميركية تقوم بمراجعة مستمرة لما يتعلق بأقرب الشركاء والحلفاء، وقالت: «إن البيت الأبيض يدرس الطريقة التي يمكننا بها جمع المعلومات الاستخباراتية وضمان تفسير صحيح للشواغل الأمنية لمواطنينا وحلفائنا وعلاج المخاوف المتعلقة بالخصوصية لضمان فعالية أكبر لمواردنا الاستخباراتية وفاعلية سياستنا الخارجية وأهداف الأمن القومي».
ورفض البيت الأبيض إضافة أي جديد إلى بياناته السابقة التي أعلن فيها أن «الولايات المتحدة لم ترصد أو تراقب أي اتصالات مرتبطة بالمستشارة الألمانية»، وفقا لما قاله المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني الأربعاء الماضي.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركي جين بساكي إن الإدارة الأميركية بدأت مراجعة ممارسات الوكالة من أجل تحقيق التوازن بين الاحتياجات الأمنية وحماية الخصوصية»، وأوضحت أن التسريبات حول المعلومات السرية قد أدت إلى تحديات كبيرة وتوتر في علاقة الولايات المتحدة مع شركائها. وشددت بساكي على الحاجة على جمع المعلومات الاستخباراتية بشكل شامل ودقيق، وقالت: «ليس سرا أننا نقوم بجمع معلومات حول ما يحدث في جميع أنحاء العالم للمساعدة في حماية مواطنينا وحلفائنا ووطنا، وهذا هو حال كل جهاز مخابرات في العالم، وهناك حوارات جارية مع مجموعة من الشركاء في جميع أنحاء العالم حول هذه الأنشطة». وأضافت: «كل فروع الحكومة الثلاثة تلعب دورا في الإشراف على أنشطة الاستخبارات لدينا، ورغم أننا نقوم بعمل استخباراتي مثل كل الدول فإن أجهزة الاستخبارات لدينا عليها مزيد من القيود والرقابة أكثر من أي دول أخرى». وأوضحت بساكي أن الرئيس أوباما أصدر توجيهاته بمراجعة البرامج واستعراض جهود مكافحة الإرهاب وضمان أن الخصوصية والحريات المدنية محمية بشكل مناسب، وأوضحت أن هده التوصيات سيتم إصدارها بحلول نهاية العام.
وفي مدريد أكدت وزارة الخارجية الإسبانية التي استدعت صباح أمس السفير الأميركي في مدريد جيمس كوستاس أن «هذه الممارسات، إذا ما تأكدت، غير مناسبة وغير مقبولة بين بلدين حليفين وصديقين».
وخلال اللقاء بين السفير وسكرتير الدولة الإسباني للاتحاد الأوروبي اينيغو منديز دو فيغو، طلب هذا الأخير «من سلطات الولايات المتحدة أن تقدم كل المعلومات الضرورية حول عمليات التنصت المفترضة التي أجريت في إسبانيا».
 
معدل قتلى العنف اليومي 18 شخصا في 2013
العراق يفتقد لاستراتيجية امنية اجتماعية طويلة الامد
إيلاف..أ. ف. ب.
فشلت الاجراءات الامنية التي تتخذها السلطات العراقية منذ اسابيع في الحد من اعمال العنف اليومية التي يرى محللون ان السيطرة عليها باتت تتطلب جهودا طويلة الامد تبدا اولا بالعمل على نيل ثقة كافة مكونات المجتمع.
بغداد: منذ نيسان/ابريل الماضي، حين قتل 50 شخصا في اقتحام قوات حكومية لاعتصام سني مناهض لرئيس الوزراء الشيعي، يعيش العراق على وقع تصاعد في اعمال القتل التي باتت معدلاتها تلامس تلك التي بلغتها في سنوات النزاع الطائفي بين 2006 و2008.
وتشهد البلاد منذ نحو خمسة اشهر هجوما داميا واحدا على الاقل كل يوم، بينما يبلغ معدل قتلى العنف اليومي 18 شخصا في 2013، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر امنية وطبية.
وتستهدف هذه الهجمات كل اوجه الحياة في العراق، من الاسواق والمساجد وحفلات الزفاف، مرورا بالمدارس والمقاهي والمطاعم وملاعب كرة القدم، ووصولا حتى الى مجالس العزاء.
ويقول صامويل برانين الباحث ضمن برنامج الامن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة انه وفيما يتصاعد العنف "يفتقد العراق لخطة فعلية للتعامل مع هذا الوضع بطريقة استراتيجية، عملانية، وتكتيكية".
ويضيف ان على رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006 ان "يركز جهوده على ايجاد طريقة للوصول الى السنة العاديين، وجعلهم يشعرون بانهم جزء من الدولة".
ويستمد العنف المتصاعد زخمه الاكبر من الغضب السني الذي يعود الى الشكوى المتواصلة من التعرض للعزل السياسي والتهميش والملاحقة من قبل قوات الامن، وايضا من تطورات النزاع في سوريا المجاورة الذي ينقسم السنة والشيعة في العراق حيال مقاربتهم له.
ووسط تصاعد وتيرة الهجمات اليومية، التي تشمل مئات السيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة شهريا، بدات الحكومة العراقية قبل اسابيع اعتماد اجراءات امنية جديدة.
ومن بين هذه الاجراءات شن حملات امنية وعسكرية على اوكار المسلحين، وزيادة عديد عناصر قوات الصحوة السنية الموالية لها والتي تقاتل تنظيم القاعدة، ووضع قيود على التنقل بالسيارات في بغداد.
لكن هذه الاجراءات فشلت في السيطرة على اعمال العنف المتواصلة منذ اجتياح البلاد على ايدي قوات تجالف دولي قادته الولايات المتحدة في العام 2003.
ويقول مايكل نايتس الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان "الاستراتيجية الامنية العراقية تعتمد حاليا على الكثير من الجهود المتخبطة في محاولة للايحاء بان هناك دوما تقدم ما على هذه الجبهة".
ويضيف "ليس هناك من جهد حقيقي للتفريق بين المتمردين العتاة والمسلحين العاديين"، معتبرا ان "الحكومة تقوم بدل ذلك بدفع السنة غير المتشددين اصلا نحو العودة الى دوامة العنف".
كما يرى المحلل في مجموعة "اي كي ايه" البريطانية جون دريك ان "الحكومة تفرض حاليا اجراءات قصيرة المدى (...) وعليها ان تعتمد استراتيجية طويلة الامد في موازاة ذلك" وان "تكسب ثقة سكان المناطق التي تشهد اسواء المواجهات".
ويوضح ان "جذور هذا النزاع تكمن في الشكوى الاجتماعية من التعرض للتهميش، وهذه الامور يمكن ان تحل عبر التشاور، والوساطة، وتوفير فرص العمل، وبناء الثقة، والاستثمار، وتحقيق التحسن الملموس في مستوى المعيشة".
واضافت الاجراءات الامنية الاخيرة للقوات الامنية التي تضم اكثر من 800 الف شرطي وجندي، صعوبات جديدة الى تلك التي عادة ما يواجهها العراقيون في حياتهم اليومية.
ففي بغداد، ازدادت الازدحامات بسبب الحواجز الامنية والعسكرية واغلاق الطرق، علما ان الاجهزة التي تستخدم عند هذه الحواجز مثل اجهزة كشف المتفجرات التي تحمل في اليد، اثبتت عدم فاعليتها منذ بدء العمل بها قبل نحو ست سنوات.
ووضعت السلطات في شهر ايلول/سبتمبر الماضي قيودا على تحركات السيارات في العاصمة، حيث بدات اعتماد نظام الفردي والزوجي، في اجراء فشل في خفض اعداد السيارات المفخخة التي تنفجر كل مرة في الاحياء نفسها، وفي التوقيت نفسه، وباعتماد التكتيك ذاته.
وفيما تتواصل اعمال العنف، تخسر القوات الحكومية مزيدا من ثقة المواطنين بها، وبينهم الشيعة.
ويقول مهدي (41 عاما) وهو يقف في موقع تفجير في بغداد قتل فيه ابن عمه ان "الوضع خرج من يد الحكومة، حيث انه يتدهور يوما بعد يوم". ويتابع "تخرج من منزلك ولا تدري متى يقع الانفجار وتموت".
 
الجيش يريد امتيازات أبرزها تعيين المجلس العسكري قائده.. دستور مصر الجديد... وزير الدفاع فوق الرئيس
إيلاف....صبري عبد الحفيظ حسنين
تتواصل عملية كتابة الدستور المصري الجديد، ويتواصل معها الجدل والخلاف حول الكثير من المواد، لاسيما ما يعرف بـ"مواد الجيش".
القاهرة: يصر قادة القوات المسلحة المصرية أن يكون لهم وضع خاص بالدستور، وإستقلال بالميزانية وتعيين القادة، وخاصة وزير الدفاع، الذي سوف يكون في درجة أعلى من رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، في حالة إقرار ما يرنو إليه الجيش، الذي يطالب بأن يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإختيار الوزير، بينما تدعو بعض القوى السياسية أن يكون ذلك موقتاً بفترة زمنية محددة، وليس على الإطلاق.
 تعيين وزير الدفاع
 رغم إقتراب الإنتهاء من المسودة الأولى للدستور المصري الجديد، إلا أن ثمة هوة واسعة بين أعضاء لجنة الخمسين من المدنيين، وممثلي القوات المسلحة بها، فالطرف الأخير يصر على أن يكون للجيش وضع خاص، من حيث إستقلال الميزانية، غير أن الخلاف الأشد تعقيداً، يكمن في طريقة تعيين وزير الدفاع، ويصر الجيش على منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة حق إختيار الوزير، وألا يترك هذا الأمر لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، وإذا حدث يشترط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الوزير.
 ويرى مراقبون أن هذه الوضعية الخاصة تجعل من الجيش دولة داخل الدولة، وتضع وزير الدفاع في مرتبة أعلى من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
 لمدة 8 سنوات فقط
 ووفقاً لمصدر مسؤول في لجنة الخمسين، فإن الخلافات حول مواد الجيش وطريقة تعيين وزير الدفاع لم تحسم، مشيراً إلى أن ممثلي القوات المسلحة باللجنة يصرون على أن يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإختيار وزير الدفاع، بينما يطالب باقي أعضاء اللجنة بأن يكون تعيين الوزير من اختصاص رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء عند تشكيل الحكومة.
 وأضاف المصدر لـ"إيلاف" أن مؤسسات الدولة ينتابها شعور بالقلق من المؤسسات المنتخبة المقبلة، لاسيما البرلمان ورئيس الجمهورية، وتخشى مؤسسات القضاء والشرطة والجيش من تغول البرلمان أو الرئيس عليها، كما حصل في تجربة حكم الإخوان، لافتاً إلى أن كل من تلك المؤسسات، وليس الجيش وحده، تسعى إلى الحصول على وضع مميز أو مستقل في الدستور الجديد.
 وأفاد بأن ثمة اتجاهاً قوياً داخل لجنة الخمسين أن تكون هناك مرحلة إنتقالية في ما يخص اختيار وزير الدفاع، مضيفاً أن الإتجاه القوي يدعو إلى منح المجلس العسكري حق إختيار وزير الدفاع لمدة دورتين رئاسيتين فقط، أي لمدة ثماني سنوات، ثم يعود بعدها هذا الحق إلى الرئيس أو رئيس الحكومة في حالة إقرار النظام البرلماني للدولة.
 لا مانع موقتاً
 تحصين منصب وزير الدفاع بهذه الشكلية، يجعله فوق رئيس الجمهورية، أو يجعل للدولة رأسين، أحدهما مدني والآخر عسكري، إلا أن قوى سياسية ترى في ذلك مخرجاً للأزمة الراهنة، ويضمن عدم إنقلاب الرئيس المقبل على وزير الدفاع، وقال محمود علي، الأمين العام لمنظمة شباب الجبهة الليبرالية، لـ"إيلاف"، إن الجيش المصري قام بعمل بطولي في دعم ثورة المصريين ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، مشيراً إلى أنه لا يمانع في أن يتم تحصين وزير الدفاع من أي رئيس مقبل، ولكن لفترة محددة، لحين إستقرار أوضاع الدولة.
 حسام مؤنس، القيادي بالتيار الشعبي، الذي يترأسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، يؤيد هذا الإتجاه أيضاً، وقال لـ"إيلاف"، إن ثمة خلافات حادة حول مواد تتعلق بالمؤسسة العسكرية، لاسيما المحاكمات العسكرية، مشيراً إلى أن الإتجاه السائد في المجتمع المصري أنه يرفض مثول المواطن أمام أية محاكم استثنائية، وأن يمثل أمام القاضي الطبيعي.
 وذكر مؤنس أن تعيين وزير الدفاع يجب أن يكون من قبل الرئيس أو رئيس الوزراء، وليس من قبل أية جهة أخرى، إلا أن مؤنس لا يمانع أيضاً في إقرار مادة بالدستور الجديد، تمنح المجلس العسكري الحق في تعيين وزير الدفاع لفترة إنتقالية، حسب ما يتم الإتفاق أو التوافق داخل لجنة الخمسين.
 دولة برأسين
 ويرى آخرون أن تعيين وزير الدفاع من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونزع هذا الحق من الرئيس يجعل من مصر دولة ذات رأسين، الأول مدني والآخر عسكري، وقال المستشار رفعت السيد رئيس محكمة إستئناف القاهرة الأسبق، لـ"إيلاف" إن ثمة اتجاهاً داخل لجنة الخمسين بوضع مادة تعطي المؤسسة العسكرية حق اختيار وزير الدفاع لمدة 12 عامًا، مشيرًا إلى أن ذلك يعني أن مصر ستحكم من خلال دولتين دولة مدنية ودولة عسكرية، وأعتبر أن هذا أمر غير مقبول على الإطلاق.
 وأضاف السيد أنه إذا كان الفريق أول عبد الفتاح السيسي استطاع اكتساب ثقة المصريين، بسبب انحيازه لثورة 30 يونيو، فليس معنى هذا أن كل وزراء الدفاع التاليين له سيحظون بذات الثقة، لافتاً إلى أن اختيار القيادة العسكرية لقائدها لو تمت الموافقة عليه، فإن ذلك سوف يستتبع بالضرورة أن تختار القيادات الأمنية قياداتها، وكذلك القيادات القضائية والمحافظات والشركات والمؤسسات وغيرها.
  وذكر أن مثل هذه المحاولة هي نوع من التكريم الشخصي لقائد فذ، لكن ذلك لا يجوز كقاعدة عامة أو مبدأ على الإطلاق، داعياً السيسي ـ وقد أصبح زعيمًا شعبياً ـ أن يبادر بتشكيل حزب سياسي بزعامته وبرنامج تلتف حوله جماهير الشعب يدخل به انتخابات البرلمان ويشكل الحزب الحكومة، لأن الزعماء كما تعودنا من التاريخ يوجهون الأمة ولا يحكمونها، فمصطفى كامل في مصر لم يحكم، وسعد زغلول لم يحكم إلا عدة أشهر، والزعيم لا يشغل منصبًا تنفيذيًا.
 لا انتقاص من الرئيس
 ومن جانبه، قال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" إن المتعارف عليه في دول العالم، أن عملية اختيار وزير الدفاع تكون بالرجوع والتشاور مع قيادات القوات المسلحة، مشيراً إلى أن الجيش يسعى الى إقرار ذلك في الدستور، ولن ينفرد بتعيين وزير الدفاع، مشيراً إلى أن المجلس العسكري سيختار قائده بالتشاور مع الرئيس، وسوف يجري إستطلاعات رأي لقياس مدى قبول الرأي العام بالمرشح للمنصب. ونفى أن يكون منح هذا الحق للمجلس العسكري ينتقص من رئيس الجمهورية أو يجعل من الجيش دولة داخل الدولة.
 ودعا الدكتور حسن نافعة، الناشط السياسي، وأستاذ العلوم السياسية، إلى "ضرورة العثور على صيغة تسمح بالتشاور مع الشخصيات الاعتبارية داخل الجيش أثناء إختيار وزير الدفاع"، وأضاف في تصريحات له، أن من الممكن لهم ترشيح ثلاثة أسماء لشغل منصب وزير الدفاع يختار الرئيس من بينهم واحدًا، معتبراً أن هذا الأمر لا ينتقص من رئيس الجمهورية.
 
النفايات تتكوم والمصابيح معطلة والدولة مشلولة
التونسيون ينتظرون "ياسمين" الإصلاح وعينهم على مصر
إيلاف...لميس فرحات
افتتحت تونس درب "الربيع العربي"، لكنها تدفع ثمن ذلك شللًا في الدولة، وتكومًا في النفايات، ما يرشح شعورًا في عدم الرضى تونسي عام، خوفًا من الغرق في الفوضى.
بيروت: بدأت ثورة الياسمين في تونس لتشعل فتيل ثورات شعبية امتدت إلى دول عدة، معلنة بدء ما يتعارف عليه اليوم بالربيع العربي. لكن بعد خضات أمنية وسياسية عديدة، وخلع حكام ديكتاتوريين عن العروش العربية، استبدل الياسمين التونسي بالنفايات التي تتكوم على نواصي الشوارع، والحيوانات النافقة التي تلقى في العراء، في دليل واضح على الفوضى والانفلات في البلاد التي تحكمها سلطة سياسية هشة مطالبة بالرحيل من جديد.
الوضع مزرٍ
تتقاتل الأحزاب السياسية في تونس منذ شهور على دور الإسلام في الحياة العامة. وفي ظل هذا التناقض والخلاف، برزت مشكلة جديدة تضاف إلى معاناة البلاد، وهي تدهور الخدمات العامة التي يتأفف منها غاليبية التونسيين.
وبالرغم من أن قلة في البلاد يندمون على الإطاحة بالديكتاتور السابق زين العابدين بن علي، وأن البلاد لا تواجه توترًا شبيهًا بمصر، إلا أن التونسيين يشعرون بغضب هائل من الوضع المزري الذي وصلت إليه بلادهم. فإلى جانب البطالة والتناحرات الحزبية، يقلق التونسيون من تراجع الخدمات العامة، التي أدت إلى ملء الأحياء بالقمامة، وتعطل مصابيح الانارة العامة، وغيرها من المشاكل التي يخشون من أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تبديد إمكانات الثورة.
وبعد رحيل بن علي، أطلق العنان لحرب ثقافية ما تزال مستعرة في تونس، مع المعارضة العلمانية التي تحاول طرد حزب النهضة الإسلامي الحاكم من خلال مظاهرات الشوارع ومناورات سياسية. ومع ذلك، فإن الشغل التونسيين الشاغل هو الاقتصاد والخدمات الصحية وغيرها، وليس الاشتباكات بين الأحزاب السياسية حول دور الدين في الحياة العامة.
لتنازل النهضة
وتواجه الحكومة الإسلامية بقيادة حزب النهضة في تونس تواجه انتقادات عدة، ليس أقلها العجز عن إدارة البلاد. وبتشجيع من الحركات الشعبية التي أدت إلى عزل الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان، نظم التونسيون احتجاجات معارضة في تونس، آملين في إرغام حزب النهضة على التنازل عن السلطة.
بالنسبة إلى الاتحاد العام التونسي الذي يحاول المساعدة في التفاوض على انسحاب النهضة من الحكومة، فإن المشادات بشأن دور الدين مصدر إلهاء عن مشاكل أكثر إلحاحًا. واقترح الاتحاد خريطة طريق تحدد مواعيد صارمة لاختيار حكومة مؤقتة وانهاء الدستور والتحضير لانتخابات جديدة.
يقول سامي الطاهري، نائب الأمين العام للاتحاد: "لا يهمنا أن كان حزب النهضة إسلامي أم لا، فنحن ضد الحكومة لأنها أخذت البلاد نحو الخراب".
ويلوم التونسيون مجالس المدن، وأبعد من ذلك الحكومة، فسواء أكان الحكم إسلامي أم لا، فالأولوية بالنسبة إليهم هي شاحنات نظيفة تنقل النفايات بانتظام واختصاصيين لإصلاح عواميد الإنارة حتى يتمكنوا من القيادة بأمان ليلًا. فهل تعود تونس لتكون بلاد الياسمين والمهد الأول لثورات الربيع العربي، أم أنها في طريقها لتصبح دولة فاشلة أخرى تسودها الفوضى؟ الإجابة برسم الأسابيع القليلة المقبلة.
 
سوريا: أوهام تعاند السقوط
النهار..منذر خدام.. كاتب سوري
كثيرة هي الأوهام التي رافقت انتفاضة الشعب السوري في سبيل الحرية والديموقراطية، بعضها سقط واقعيا بحكم مسار الأحداث على الأرض، أو بحكم تغير مواقف أصحاب هذه الأوهام، أو مواقف أولئك الذين ساهموا في إنتاجها ودعمها من أصحاب الأجندات الخاصة في سوريا.
لكن هناك الكثير من الأوهام الأخرى التي تعاند السقوط، وتمتلك قدرة عجائبية على التقمص، وإعادة التقمص بأشكال مختلفة لجوهر واحد وهو أنها أوهام. وأنا هنا لا أتحدث عن أوهام السلطة الحاكمة (لقد كتبت الكثير بخصوصها)، فهي بالأساس ككل سلطة استبدادية لا تكون بدون أوهام تعمل على إنتاجها ورعايتها والعمل على ترسيخها لدى الآخرين على أنها حقائق وليست أوهاما، بل سوف أتحدث عن أوهام المعارضة.
من هذه الأوهام الكبيرة التي تكاد تسيطر على الحقل السياسي المعارض في سوريا، وتتقدم الخطاب فيه، وتعاند السقوط، وهم "تمثيل" الشعب. يكاد كل من يعمل في الحقل السياسي، خصوصا خلال السنتين والنصف من عمر انتفاضة الشعب السوري، يزعم أنه يمثل الشعب، و يقدم نفسه بالتالي كناطق باسمه. لقد صار مفهوم "الشعب" مضللا بالطريقة التي يستخدم بها، وقد بلغ حجم الضلال في استخدامه درجة عالية، بحيث صار مفهوما غير معين، يخضع لمزاج مستخدمه، يضع له الدلالة التي يريدها.
مفهوم "الشعب" في اللغة، وفي الاصطلاح، هو مفهوم مركب لا يقبل التماثل الداخلي، لذلك لكي يتم استخدامه بصورة صحيحة ينبغي أن يُسبق بما يجزئه كأن يقال "بعض" الشعب، أو "أغلب" الشعب، بحسب الحالة المستهدفة من الخطاب. حتى الفئة من الشعب (حزبا كان، أو نقابة، أو منظمة أهلية أو مدنية) فهي تكوين، إنها بنية غير متماثلة، ولا يجوز حشرها في ما لا تقبل أن تحشر فيه، خصوصا عند استخدام المصطلح في الشؤون العامة. فعندما تزعم المعارضة، أو بعضها، كما في الحالة السورية، بأنها "الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري"، فهي تعبر عن أوهام لا عن حقيقة، فالشعب السوري ليس كله معها، بل جزء منه.
الحقيقة على الأرض تقول بأن السلطة الحاكمة لديها مناصروها، وهم ليسوا أكثرية الشعب، هم موزعون في مختلف أشكال الوجود الاجتماعي الأهلية والمدنية والدينية والسياسية بدرجات مختلفة. والمعارضة لها مناصروها أيضا، وهم ليسوا أكثرية الشعب، هم موزعون في مختلف أشكال الوجود الاجتماعي.
أما الغالبية الساحقة من الشعب السوري فهي ليست مع السلطة، وليست مع المعارضة، بالمعنى المباشر والفاعل للموقف السياسي. إن الإقرار بهذه الحقيقة، التي لطالما تجاهلتها المعارضة في خطابها السياسي، وفي اقتناعاتها، يساعد كثيرا على تأسيس الواقعية في السياسة، التي بدونها لا تكون السياسة فاعلة في الواقع وأداة لتغييره في اتجاه الأفضل، بل سوف تظل أسيرة الأوهام.
بالطبع يمكن تفهم الاستخدام المجازي لمفهوم "الشعب"، وأستخدمه بدوري بهذا المعنى في الحالات التي يعبر فيها جزء من الشعب عن مصالح الشعب الكلية بصورة موضوعية، وليس بالمعنى المباشر. فالشعب في غالبيته الساحقة، مثلا، له مصلحة موضوعية في الحرية ، وفي حكم القانون، وان يكون رأيه مسموعاً في الشؤون التي تخصه، حتى ولو طالب بذلك جزء منه، أو ثار في سبيله.
ومن الأوهام التي تتحكم بالخطاب السياسي المعارض ولا تزال تعاند السقوط، القول بأن ما يجري في سوريا هو "ثورة". الثورة بالمعنى الاجتماعي، كما قدمها لنا التاريخ، وكما هي في التعميم النظري لتجارب التاريخ الثورية، لا تكون بدون مشروع سياسي وبدون برنامج لتحقيقه، وبدون قيادة لها ، وجميع هذه العناصر غير متوافرة في الانتفاضة السورية.
ما حصل في سورية هو نوع من التمرد المجتمعي، الذي تحول لاحقاً من خلال التظاهرات السلمية إلى انتفاضة مجتمعية، وكان من المحتمل أن يتحول إلى ثورة لولا الانتقال إلى العسكرة والصراع المسلح. لقد أدرك النظام منذ البداية خطورة التظاهر السلمي عليه، وخصوصا عندما بدأ يشكل قياداته السياسية الميدانية، على شكل لجان تنسيق، والتي بدورها بدأت تؤسس لولادة منابر سياسية، ولبلورة مشروع رؤية سياسية تتخطى حالة الشعارات التي أغرق الانتفاضة بها بعض تجار السياسة من بقايا الأحزاب القديمة العاملة، خصوصا في الخارج، وكذلك من بعض المعارضين بالصدفة الذين استغلوا الانتفاضة لتقدم الصفوف الإعلامية بهدف الظهور وتقديم أوراق الاعتماد للانتفاضة إعلاميا فحسب، لكن عيونهم كانت مركزة على التسويق المادي لهذا الظهور على شكل حسابات مصرفية، أو شقق فاخرة في هذا البلد أو ذاك، لدى أصحاب الأجندات الخاصة في سوريا.
اليوم ما يجري في سوريا هو صراع مسلح على السلطة لا أكثر بين دعاة الخلافة الإسلامية والنظام، إنه صراع استبدالي في إطار الاستبداد ذاته بين شكله العلماني المزعوم، وبين شكله الإسلامي الدعيّ.
لكن هنا أيضا يمكن استخدام مصطلح "ثورة" بالمعنى المجازي للدلالة على أن ما يجري في سوريا قد اخرج جميع الأسئلة المتعلقة بنظام الاستبداد فيها، بل بالنظام الاستبدادي المشرقي ككل، من جيوب التاريخ، لتبحث لها عن أجوبة، لذلك أسميها بهذا المعنى ثورة أسئلة أو ثورة تطورية محتملة. واقدر أن الصراع المسلح لن يجيب عن هذه الأسئلة، سواء انتصر النظام أو المعارضة المسلحة، بل سوف يعيد المنتصر هذه الأسئلة من جديد إلى جيوب التاريخ، لذلك فإن الحل السياسي من خلال الفرصة المتاحة له دوليا عبر "مؤتمر جنيف2" هو الوحيد القادر على تقديم إجابات عنها وخصوصا عن تلك المتعلقة بالبديل الديموقراطي من نظام الاستبداد. وإذ ينجح في الإجابة عن الرئيسي منها على الأقل، تكون الانتفاضة قد بدأت تتحول إلى ثورة تطورية حقيقية.
ومن الأوهام التي سيطرت على الخطاب السياسي المعارض وهم "إسقاط النظام". كثيرون ممن نادوا باستقاط النظام لم يفرقوا بين النظام والسلطة، وبين الوظيفة التعبوية للمصطلح عندما يرفع كشعار في الشارع، وبين كونه مطلبا سياسياً مباشراً. وهم بالتالي، لا يفرقون بين إسقاط النظام كعملية وبين إسقاطه كحدث مباشر. إسقاط النظام ليس حدثاً بل عملية، وهو لا يسقط بسقوط السلطة الحاكمة، لأن الاستبداد ليس موجودا فقط في الحقل السياسي، بل هو في التشريع وفي العلاقات الاجتماعية وفي الحياة الاقتصادية، وفي منظومة القيم العامة وآليات التفكير، وفي جميع مناحي الحياة الاجتماعية الأخرى، تصونه وترعاه وتعيد إنتاجه ثقافة استبدادية سائدة، وإن إزالته من هذه الحقول يحتاج إلى زمن قد يمتد إلى عقود من السنين. المهم في الأمر هو فتح المسار في اتجاه إزالته، ويكون ذلك من خلال إزالته من الحقل السياسي، وذلك من خلال تعميم مناخ الحرية والديموقراطية فيه، وإعادة تشغيل هذا الحقل وفق المبادئ الديموقراطية وآلياتها.
كثيرة هي الأوهام التي تحكمت بالخطاب السياسي المعارض خلال الفترة الماضية وخصوصا خلال سنوات الانتفاضة السورية، وإن عدم التخلي عنها سوف يساهم في بقاء الاستبداد، وليس في نقضه. على المعارضة أن تعيد عقلها السياسي من إجازته المفتوحة، وان تساهم في الإجابة على أسئلة التاريخ لا الهروب منها.
 
غياب المجتمعات الفلسطينية
النهار...ماجد كيالي.. كاتب فلسطيني
ما عاد الفلسطينيون يشكّلون شرارة ولا فتيلاً ولا شحنة لتفجير القلاقل أو الفوضى أو الثورات، في بلدان العالم العربي. فقد اكتفوا من كل ذلك بإطلاقهم الكفاح المسلح، الذي كان لعب دوره في منطقة المشرق العربي، بخاصة في الأردن ولبنان، وبانتفاضتين طويلتين في الضفة والقطاع، في الثمانينات وفي مطلع الألفية الجديدة.
لا تتعلق المسألة فقط بتآكل الطاقة الكفاحية للفلسطينيين، وانحسار فاعليتهم السياسية، بقدر ما تتعلق بتهمّش مجتمعاتهم، وغيابها، وهذا ينطبق عليهم في أماكن اللجوء، كما على مواطنهم في الضفة وغزة ومناطق 48. فقد غاب مجتمع الفلسطينيين في الأردن بعد أحداث أيلول (1970)، بحيث لم يعد له دور حتى في السياسة الفلسطينية، وهذا ماحصل لمجتمع الفلسطينيين في لبنان بعد إخراج منظمة التحرير (1982)، ثم في الضفة والقطاع بعد الانتفاضة الثانية (2000ـ2004)، وكان حصل ذلك في سوريا، أيضاً، التي خضع فيها مجتمع الفلسطينيين لوصاية "المعارضة" الفصائلية منذ مطلع الثمانينيات.
العوامل الخارجية التي تفسّر ذلك معروفة أما العوامل الداخلية فهي تكمن في:
أولاً، خضوع الفاعلية السياسية للفلسطينيين لاحتكار الفصائل، التي باتت بمثابة "مجتمع" مستقل عن مجتمعها، وباتت فيها القيادات بمثابة طبقة مسيطرة منفصمة عن بيئاتها الشعبية، لاسيما أنها تعتمد في مواردها على الدعم الخارجي، وليس على شعبها.
ثانياً، تحول الحركة الوطنية للفلسطينيين من حركة تحرّر إلى سلطة، في الضفة والقطاع، قبل تحقيق أهدافها.
ثالثاً، تهمّش منظمة التحرير، الكيان السياسي المعنوي الموحد للفلسطينيين والمعبر عن قضيتهم، لمصلحة السلطة.
رابعاً، تمزّق مجتمعات الفلسطينيين، وخضوعها إلى سلطات متعددة ومتباينة، ما أفرز حاجات وأولويات مختلفة ومتضاربة.
تأسيساً على ما تقدم فإن الفلسطينيين يعانون اليوم من غياب الحقل الاجتماعي الواحد، الذي يمكن أن يخلق حقلاً سياسياً مشتركاً لهم، كما من غياب مشروع سياسي جمعي، يوحّدهم على رؤية سياسية مشتركة.
كانت لحظة "الربيع العربي"، على علاّته، بمثابة فرصة لإعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية وديموقراطية وتمثيلية، واستنهاض الوضع الفلسطيني، لكن ذلك لم يحصل بسبب سيادة البني الفصائلية، التي تتمتع بوضعية سلطة في كل أماكن تواجدها. هكذا، وبعد أن انتظروها ونظّروا لها طويلاً غاب الفلسطينيون عن الثورات العربية، بأهوائها وفوضاها، وبآلامها وآمالها، فحركة "فتح" طوت نظريتها عن "التوريط الواعي"، ولم يعد أحد في الجبهة الشعبية يتحدث عن "البؤرة الثورية"، أما شعار: "كل السلطة للمقاومة" فبالكاد تحافظ صاحبته، الجبهة الديموقراطية، على بعض وجودها.
وفي ظل هذه الأوضاع يخشى أن الفاعلية الفلسطينية الأفضل تعبيراً عن ذاتها، بالقياس الى شقيقاتها، ربما هي المجتمع الفلسطيني في إسرائيل.
 
تونس تعتقل رجل دين سلفي رائد
هارون ي. زيلين
هارون ي. زيلين هو زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن.
في 24 تشرين الأول/أكتوبر، ذكرت إذاعة "إكسبريس إف إم" نبأ اعتقال عالم الدين السلفي الشهير الشيخ الخطيب الإدريسي في سيدي علي بن عون (ولاية في محافظة سيدي بوزيد - وسط تونس). وفي اليوم السابق، تبادل مقاتلون وضباط في "الحرس الوطني" إطلاق النار في المدينة، مما خلّف ستة قتلى وأربعة جرحى في صفوف رجال الحرس.
وخلافاً لما وصفته إذاعة "إكسبريس إف إم"، فإن الإدريسي ليس مؤسس الحركة الجهادية المحلية "جماعة أنصار الشريعة في تونس"؛ بل في الواقع أنه ليس حتى عضواً في الجماعة. لكنه أحد العلماء السلفيين الأكثر احتراماً في شمال أفريقيا، والأهم من ذلك أنه مرشد روحي رئيسي لأعضاء "جماعة أنصار الشريعة في تونس" ليست له أية انتماءات. وفي أواخر آب/أغسطس، صنفت الحكومة التونسية "جماعة أنصار الشريعة في تونس" كمنظمة إرهابية بسبب ممارستها لأعمال عنف مزعومة على مدى العامين الماضيين. وعلى الرغم من أن الجماعة تقول إنها مهتمة بـ "الدعوة" فقط، إلا أن زعماءها أتاحوا في السابق القتال فيما يرونه عمليات جهادية مشروعة في الخارج.
ويرجح أن يعمل اعتقال الإدريسي على تحفيز أعضاء "جماعة أنصار الشريعة في تونس"، الأمر الذي يقوي اعتقادهم بأن الدولة تحارب الإسلام ولن تسمح لهم مطلقاً بممارسته بالطريقة التي يرونها مناسبة. وقد يدفع هذا الحادث "جماعة أنصار الشريعة في تونس" كذلك بعيداً عن نهجها القائم على "الدعوة" أولاً ونهج الإرهاب أولاً، مما يجعلها أشبه بمنظمة جهادية كلاسيكية.
الإدريسي وبروز السلفية التونسية
وفقاً للسيرة الذاتية للإدريسي التي نشرت على صفحته الرسمية على الفيسبوك، فإنه ولد في مدينة سيدي بوزيد في عام 1953 أو 1954. وفي عام 1985 سافر إلى المملكة العربية السعودية لتعلم الفقه الإسلامي على يد علماء دين وهابيين. وقد تأثر هناك بحركة "الصحوة". وكان المنتمون للحركة يؤمنون بأن المملكة تسير على غير هدى، لذا فإنهم أصدروا سلسلة من الخطابات المتشددة في الفترة بين أوائل ومنتصف التسعينيات بشأن التغييرات التي يلزم القيام بها. وعندما عاد الإدريسي إلى تونس في عام 1994، سعى إلى تطبيق استراتيجية "الصحوة" في تونس.
وقد كان يُنظر إلى عودة الإدريسي إلى وطنه على أنها المرحلة التي بدأت فيها السلفية تكتسب الكثير من الأتباع في تونس. وعلى عكس ما كان عليه الحال مع الاتجاهات السلفية القائمة على العنف، بدا أن نظام زين العابدين بن علي يتغاضى عن الحركات التي لا تستخدم العنف. بيد أنه في أعقاب المصادمات التي وقعت بين قوات الأمن والخلية الجهادية "جند أسد بن الفرات" (المعروفة باسم "مجموعة سليمان") في الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2006 و كانون الثاني/يناير 2007، اعتقلت الدولة الإدريسي بسبب كتابته فتوى مزعومة يجيز فيها النشاط الجهادي (رغم أن العديدين يؤمنون بأن التهم كانت ملفقة، وأن الإدريسي اعترض فعلياً على عنف الخلية). وقد حُكم عليه بالسجن لمدة عامين، وتم إطلاق سراحه في كانون الثاني/يناير 2009.
في أعقاب الثورة
منذ سقوط نظام بن علي في عام 2011، يبدو أن الإدريسي اكتسب مزيداً من الشهرة داخل تونس وبين أوساط السلفيين في جميع أنحاء العالم. كما أن أعماله نُشرت على "منبر التوحيد والجهاد"، وهي مكتبة إلكترونية تضم مصادر رئيسية للسلفية الجهادية يديرها المنظر السلفي الأردني الشيخ أبو محمد المقدسي. وتربط الإدريسي علاقات غير واضحة بـ "مؤسسة القيروان الإعلامية" التي أُنشئت في نيسان/أبريل 2011، وقد أعتُمد من قبل "منتدى شموخ الإسلام" الجهادي العالمي الرئيسي في كانون الثاني/يناير 2012. كما أن تفاعلاته الأخيرة مع علماء السلفية الجهادية توحي أنه في الوقت الذي يروج للقضية الجهادية العالمية ويتعاطف معها، إلا أنه يولي اهتماماً أكبر بالجوانب الفكرية والعلمية للحركة من اهتمامه بالانضمام إلى ميدان المعركة.
العلاقات مع "جماعة أنصار الشريعة في تونس"
من بين أولى الأشياء التي قام بها القادة الرئيسيون الأوائل في "جماعة أنصار الشريعة في تونس" عقب العفو عنهم من السجن في آذار/مارس 2011، هو التواصل مع الإدريسي. واليوم هناك برود واضح بينهم، لكن عند ظهور "جماعة أنصار الشريعة في تونس" للمرة الأولى، روّج الإدريسي لوجودها وأنشطتها الأولية عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك. كما أن تواصل الجماعة الأولي معه يبرز أنها كانت تريد مساندة قوية من علماء القانون الإسلامي لإضفاء الشرعية على قضيتها.
ومنذ ربيع عام 2012، كان الإدريسي أقل مجاهرة بمساندته لـ "جماعة أنصار الشريعة في تونس". وهناك شائعات بأنه وقائد الجماعة أبو عياض التونسي اختلفوا حول الاستراتيجيات والتكتيكات، حيث يعتبره الإدريسي ناشطاً جداً وسياسياً أكثر مما يجب. ومن الواضح أنه يُنظر حالياً إلى عالم الدين على أنه مرشد روحي خارجي غير منتسب للجماعة، حيث يعمل أبوعياض كهمزة وصل بينه وبين باقي أعضاء "جماعة أنصار الشريعة في تونس". وأياً كان الأمر، فإن المنتمين إلى الجماعة ينظرون إلى الإدريسي على أنه من بين علماء الدين القلائل الذي يحظى بالشرعية ويتطلعون إليه للحصول على المشورة الدينية.
ما هي الخطوة التالية ؟
من المهم أن تقدم الحكومة التونسية أدلة على أي جريمة ارتكبها الإدريسي، حيث إن اعتقال عالم دين يحظى بقدر كبير من الاحترام ولم يصدر دعوات عامة لممارسة العنف في تونس من شأنه فقط أن يثير عواطف العديد من الشباب السلفيين. وأغلب الظن أنه سوف تظهر حملات إلكترونية عما قريب تدعو إلى إطلاق سراحه، ليس فقط من داخل "جماعة أنصار الشريعة في تونس" وغيرها من الجهاديين، ولكن أيضاً من قبل عموم السلفيين الذين يحترمونه كعالم دين. وفي حالة ثبوت التهم وإطالة فترة اعتقاله، فإن ذلك قد يدفع بـ "جماعة أنصار الشريعة في تونس" نحو أعلى سُلم التطرف وباتجاه ممارسة المزيد من العنف العلني. ورغم أنه من السابق لأوانه معرفة كيف ستمضي الأمور على وجه التحديد، إلا أنه ليس هناك شك بأنها ستكون بمثابة نقطة تحول أخرى في العلاقة بين "جماعة أنصار الشريعة في تونس" والدولة.
 
كيفية مواجهة المتطرفين الذين يمارسون العنف في أفريقيا عبر الصحراء الكبرى
جوشوا بورغيس
العقيد جوشوا بورغيس من القوات الجوية الأمريكية، هو زميل زائر للشؤون العسكرية في معهد واشنطن. الاستنتاجات والآراء الواردة في هذه المقالة هي آراء الكاتب، ولا تعكس الموقف الرسمي لحكومة الولايات المتحدة أو وزارة الدفاع أو القوات الجوية الأمريكية أو الجامعة الجوية.
في أعقاب انتفاضات "الربيع العربي" التي اجتاحت المنطقة منذ عام 2011، ظهرت المنظمات الإرهابية والمتطرفة التي تلجأ إلى استخدام العنف في أفريقيا عبر الصحراء الكبرى أكثر قوة وجرأة ومسلحة تسليحاً أفضل وتشجعت لمتابعة أهداف أوسع تهدد المصالح الأمريكية بشكل متزايد. فقد ضاعف تنظيم «القاعدة» وجماعات جهادية أخرى من جهودهم لاستغلال الفجوات الأمنية والأسلحة المنتشرة في كل مكان والفساد المستشري، مما أتاح لهم الاتجار بالسلع المحرمة وإطلاق العنان لأيديولوجيتهم الفيروسية عبر الحدود الشاسعة وغير المؤمَّنة. وقد شكلت حالة عدم الاستقرار الناشئة نقاطاً لشن الهجمات على المصالح الأمريكية في المنطقة وما وراءها. ومالي هي أفضل دولة يمكن أن تمثل نموذجاً لمستوى التعقيد الذي يكتنف هذه المشاكل - فضلاً عن الجهود الأمريكية والدولية لحلها.
مالي باعتبارها ناقوس الخطر
كانت مالي تعتبر منذ فترة طويلة منارة للديمقراطية في منطقة الساحل (على الأقل بالمقارنة مع جيرانها)، لكنها تعاني الآن من معظم العلل والمشاكل المذكورة أعلاه. ورغم عقود من المساعدات الأجنبية التي بلغت مليارات الدولارات، إلا أن مالي لا تزال في قاع "مؤشر الفقر البشري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي". وبالإضافة إلى ذلك، فإن التمرد المستعر الذي يضرب البلاد منذ فترة طويلة على يد الأقلية من الطوارق شبه الرحل في الشمال نجم بشكل متناقض عن التنمية هناك وأعاقها. كما أن القتال منع الولايات المتحدة من تقديم مساعدات أمنية متسقة بسبب سياسة وزارة الخارجية القائمة على عدم التدخل في هذا النوع من النزاعات الداخلية.
وفي 2012، وفي أعقاب الحالة الفوضوية التي خلقها الانقلاب العسكري في العاصمة باماكو وتدفق الأسلحة والمقاتلين من ذوي الخبرة من ليبيا، انضم تحالف غير مترابط من الجماعات الإرهابية إلى الطوارق الانفصاليين لإخراج قوات الحكومة المالية من النصف الشمالي من البلاد وهي منطقة في حجم ولاية تكساس. وقد فشل المجتمع الدولي في التنبؤ بهذه الأحداث وجاء رد فعله بطيئاً، الأمر الذي أسفر عن خلق مئات الآلاف من المشردين وتحديات إنسانية مذهلة. وفي ماراثون اللوم الذي تلا ذلك، لم تُبل الولايات المتحدة بلاءً حسناً.
وعلى وجه الخصوص، أشار النقاد إلى إخفاقات النهج "الحكومي الشامل" الذي اتبعته واشنطن تجاه التنمية وبناء القدرات الأمنية. ورغم مضي عقد من الزمان تقريباً على أعمال مكافحة الإرهاب والمساعدات الأمنية الأمريكية، إلا أن القوات الحكومية المالية كانت عاجزة أساساً أمام تمرد مفكك. وقد تمكنت القوات الدولية بقيادة فرنسية من طرد المتطرفين في النهاية في وقت مبكر من هذا العام، كما اختارت البلاد رئيساً جديداً من خلال إجراء انتخابات ديمقراطية حصلت على ثناء دولي في آب/أغسطس. بيد أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لمنطقة الساحل رومانو برودي، حذر في أيلول/سبتمبر من أن "مستوى الهشاشة لا يزال مرتفعاً في المنطقة، وأن تركيز المجتمع الدولي بدأ يتراجع".
واليوم، لا تزال مالي مضطربة حيث تقع عمليات تفجير بزرع القنابل على جوانب الطرق وتُشن هجمات انتحارية وتنتشر أعمال السلب والنهب بمعدلات مزعجة حتى بعد أن تولت "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي" مسؤولياتها عن حفظ الأمن في تموز/يوليو. وقد بذلت باماكو بعض الجهود لمواجهة الأنشطة المتطرفة والإجرامية من خلال تحسين الحوكمة وتوصيل المساعدات. بيد أن التقدم قد أُعيق بسبب الفساد وسوء الإدارة داخل الحكومة المالية وكذلك الارتباط غير المنظم من جانب الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الأجانب.
وخلال الأسابيع الأخيرة، وقعت تطورات أكثر إزعاجاً مع إعلان "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" التابعة لجماعة الطوارق المتمردة عن تعليقها الأحادي لاتفاق السلام الذي توسطت فيه أطراف إقليمية مع باماكو. وقد جاء ذلك بعد مرور شهر واحد فقط من إعلان "وكالة أنباء نواكشوط الموريتانية" عن اندماج جماعتين متطرفتين في منطقة الصحراء لتشكيل منظمة إرهابية جديدة تعرف باسم "لواء المرابطين"، يتمثل هدفها في توحيد المسلمين "من النيل إلى المحيط الأطلسي تحت راية سلفية".
ورغم أن هذه الأنباء ليست مفاجئة بالكلية، إلا أن هذه التطورات هي سبب للخوف يتجاوز كثيراً حدود مالي المفككة. فهي تُمثل انتكاسة لجهود الحكومة المنتخبة ديمقراطياً للتواصل مع الماليين الشماليين الساخطين. كما أنها تُضيف إلى الأدلة المتنامية على أن التطرف العنيف ينتشر إلى الجنوب من المغرب إلى الصحراء، حيث تعمل جماعات منتسبة لـ تنظيم «القاعدة» وعناصر إجرامية على بناء تحالفات في جميع أنحاء المنطقة.
علاج أم مادة سامة؟
في مطلع هذا العام، وفي محاولة تستحق الإشادة لكنها لا تزال وليدة من أجل توفير إطار عمل أكثر استدامة للمساعدات الدولية في المنطقة، نشرت الأمم المتحدة "استراتيجيتها المتكاملة لمنطقة الساحل"، التي تهدف إلى تحسين "السلام والأمن والحوكمة". كما عقدت "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي" مؤتمرات مؤخراً تركز على موضوعات مماثلة. وفي الشهر الماضي، قابلت ممثلة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، العديد من الزعماء الوطنيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة المساعدات التي تزيد قيمتها عن 700 مليون دولار والتي أرسلتها واشنطن إلى المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
وبالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والتنموية إلى الشركاء في منطقة الصحراء الكبرى، تموِّل الولايات المتحدة برنامج مساعدات متعدد السنوات يُعرف باسم "الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى"، وهي مجموعة مبادرات لوزارة الخارجية الأمريكية تهدف إلى مواجهة الفكر المتطرف العنيف وبناء قدرات أمن إقليمية. ومنذ بداية "الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى" في عام 2005، سعت هذه إلى إكمال برامج أمريكية وأفريقية أخرى من خلال مجموعة من الحزم المرتبطة بالدبلوماسية والتنمية والأمن، بعضها حققت نجاحات منفصلة (على سبيل المثال، مناورات عسكرية متعددة الجنسيات وعمليات استخباراتية لمكافحة التطرف ومساعدات طبية إنسانية). وللأسف، فإن التعاون فيما بين الوكالات لم يكن بنفس القوة التي كانت متصورة في البداية. وفي كانون الثاني/يناير من هذا العام، وصفت صحيفة الغارديان "الجهود الأمريكية لمكافحة التحدي الإسلامي المتنامي" بأنها "غير ناجحة وفي بعض الأحيان فوضوية".
ومثل هذه التعليقات تذكرنا بتقرير "مكتب مساءلة الحكومة" حول "الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى" الذي تم تقديمه إلى "لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب" الأمريكي في عام 2008. فقد انتقد ذلك التقرير فشل الحكومة في وضع خطة شاملة ومتكاملة لـ "الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى"، حيث ذكر أن "قياس التقدم تجاه تحقيق أهداف «الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى» كان محدوداً". وربما كان الأمر الأكثر إزعاجاً هو الانتقاد ضيق الأفق والتشاحن بين الوزارات. وقد أشار التقرير إلى عدم قدرة وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين على الاتفاق على تسلسل القيادة والمسؤولية، مشيراً إلى أن مثل ذلك الاختلاف "أعاق بعض أنشطة «الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى»".
وصفات سياسية
في الأسبوع الأخير من تشرين الأول/أكتوبر، سوف تعقد واشنطن مؤتمرها السنوي لـ "الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى"، تجمع فيه اللاعبين الأساسيين من وزارات الخارجية والدفاع والخزانة و "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" لتنسيق المبادرات المختلفة للشراكة. ومع ذلك، فخلال السنوات الأخيرة، غالباً ما فشل المؤتمر في تحقيق نتائج ملموسة، حيث كان يمثل بصفة أساسية منتدى للمناقشات والتنسيق مع تعاون أو توجيه محدود على المستوى الاستراتيجي.
وفي سبيل تعزيز قوة الدفع الإيجابية المحدودة في مالي وعبر الصحراء الكبرى، ينبغي على واشنطن أن تضمن أن تُكمل برامجها بعضها البعض، مع تقسيم واضح للعمل وتسلسل القيادة. ويبدو ذلك غير محتمل ما لم يعيّن الرئيس أوباما مبعوثاً خاصاً لمنطقة الصحراء الكبرى يمتلك صلاحية التوسط في الخلافات التي تنشأ بين الوكالات ويشرف على وضع استراتيجية محدَّثة ومتكاملة على غرار "الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى".
والطريقة الأخرى لتحسين احتمالات النجاح هي ضمان تكامل البرامج الأمريكية وتنسيقها مع البرامج الدولية والإقليمية. ولا يمكن التوصل إلى أي حل بدون دعم فرنسا والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. والجزائر هي لاعب رئيسي على وجه الخصوص - ورغم تحفظها العنيد على مدار سنوات إلا أن الحكومة الجزائرية مركزية في مكافحة التهديد الذي يشكله تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، والذي يمكن القول إنه يملك القوة العسكرية الأكثر مقدرة وخبرة غرب مصر. ومع مشاركة الجزائر، فإن استراتيجية التعاون الأمني الإقليمي الجديد سيكون أمامها فرصة أفضل لتحقيق النجاح. وأخيراً، فإن جهود الولايات المتحدة لتحسين الأمن والحوكمة يرجح أن تزدهر إذا كانت تلك الأهداف مترابطة عضوياً، حيث إن كليهما من الأسس الضرورية للاستقرار.
هناك حكمة أفريقية تقول "إذا أردت أن تسير بسرعة، فاذهب منفرداً. وإذا كنت تريد أن تذهب بعيداً، فاذهب مع غيرك". وعند وضع مسار جديد، يجب على واشنطن أن تأخذ في اعتبارها هذه الحكمة وأن تواصل تركيزها على ما وراء الأفق.
 

المصدر: مصادر مختلفة

Iran: Death of a President….....

 الأربعاء 22 أيار 2024 - 11:01 ص

Iran: Death of a President…..... A helicopter crash on 19 May killed Iranian President Ebrahim Ra… تتمة »

عدد الزيارات: 157,528,649

عدد الزوار: 7,071,071

المتواجدون الآن: 57