الوطن يُصارع من أجل البقاء··· والحكومة في غياهب الحسابات الضيّقة!

تاريخ الإضافة الإثنين 10 آب 2009 - 5:47 ص    عدد الزيارات 3616    التعليقات 0    القسم محلية

        


   صلاح سلام
هل يجوز أن تتوقف مسيرة الوطن نحو الوفاق والاستقرار على مواقف رجل سياسة··· مهما بلغ شأن الرجل··· وعلا كعبه؟!·

السؤال يطرحه هذا الحجم من الإرباك، وهذا الكم من التداعيات، التي أثارها الخروج الجنبلاطي من فريق 14 آذار في لحظة مفاجئة، وبخطاب سياسي غير متوقّع، لا على مستوى التعامل مع الحلفاء، ولا حتى بالنسبة لحدّة <التكويعة> السياسية، التي تنصّل بها من كل مواقف السنوات الخمس الأخيرة!·

لا شك في أن الانقلاب الجنبلاطي الصاعق أفقد الأكثرية أحد أسس توازنها، وأحدث خللاً فادحاً في المعادلة السياسية السائدة بين الأكثرية والأقلية، على ضوء نتائج الانتخابات النيابية، ولكن كل ذلك لا يُبرّر حالة الضياع التي هيمنت على أصحاب الحل والربط في الدولة، وأصابت عملية تأليف الحكومة بالشلل، بعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من صدور مراسيمها·

* * *

لن تنفع مناقشة وليد جنبلاط في أسباب ومبررات انقلابه، ولن يُفيد الخوض في مخاوفه وحساباته وهواجسه التي أخرجته من مسيرة، كان هو شخصياً أحد أبرز قادتها، ولن تُعيده المساعي والحوارات إلى حيث كان في صدارة قوى 14 آذار، فالرجل أخذ قراره ومشى إلى حيث تقوده الهواجس والمخاوف مما هو آت، محلياً وإقليمياً، أعاصير سياسية وزلازل حربية من العيار الثقيل، محاولاً أن يجد الملاذ الآمن له ولجمهوره في العباءة السورية·

ولا بد من الاعتراف بأن الخريطة السياسية بعد الانقلاب الجنبلاطي، هي غير ما كانت عليه قبله، وبالتالي لا بد للأطراف السياسية الأخرى، وخاصة في 14 آذار، أن تبني على هذا الواقع مقتضاه، وتتصرّف في تشكيل الحكومة، وفي غيرها من الاستحقاقات الأخرى، على خلفية أن وليد جنبلاط وكتلته أصبحوا في مكان آخر، خارج طاولة 14 آذار، وإن كانوا لم يحطّوا بعد في مهبط 8 آذار!·

ولكن··· ما هي تداعيات التحوّل الجنبلاطي على حصة الأكثرية في الحكومة العتيدة؟·

* * *

لقد افترض الرئيس نبيه برّي أن صيغة 15 - 10 - 5 ستبقى صامدة، فسارع إلى اعتبار أن الحكومة العتيدة نزلت من منزلة <الوحدة الوطنية والشراكة الحقيقية> إلى مستوى الحكومة الائتلافية، على اعتبار أن تشكيلتها لم تعد تقتصر على طرفين أساسيين، كما كان الحال في الحكومة السابقة، بل ستضم أطرافاً متعددين، وكأنه يُشير بشكل خفيّ إلى صيغة 12 - 10 - 5 - 3، بعد خروج جنبلاط من حصة الأكثرية·

ولعل الصيغة الائتلافية بالذات هي التي جمّدت البحث العملي في الأسماء والحقائب، وأعادت الأمور إلى المربّع الأوّل في النقاش الحكومي، لأن الأكثرية شعرت بأنها فقدت تميّزها في الصيغة المستجدة، بعدما تناقصت حصتها المقاعد الجنبلاطية الثلاثة!·

وإذا كانت المعارضة، وخاصة <حزب الله> قد طلبت ضمانات لتأكيد الشراكة الحقيقية في القرار الحكومي، فإن قوى 14 آذار أصبحت اليوم في موضع المُطالب بالحصول على ضمانات جدّية تؤكد مشاركتها في القرارات الوزارية، بعد الضمور الذي أصاب عدد مقاعدها في الصيغة الائتلافية!·

يُضاف إلى ذلك تخوّف بعض مسيحيي 14 آذار، من انحياز وزراء جنبلاط إلى جانب وزراء المعارضة عند التصويت، لاعتبارات سياسية محلية وإقليمية معروفة، الأمر الذي يعني العودة إلى سيرة الثلث المعطّل··· وما أدراك بالثلث المعطّل، الذي يهدد العمل الحكومي بالشلل، ويُوقع الدولة وأجهزتها الإدارية والأمنية في مهاوي العجز والتلاشي!·

* * *

غير أن ثمة من يرى ضرورة القفز فوق مثل هذه الحسابات المتوجسة، لأن مصلحة البلاد والعباد تقتضي الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على العمل والإنجاز، ومتجانسة في مقاربة الملفات الملحة، وخاصة الكهرباء والمياه والهاتف الخليوي، والحد من تفاقم الدين العام، لأن التأخير المتمادي يُفاقم المشاكل المعيشية والاقتصادية، ويزيد الحالة السياسية تعقيداً·

ويرى أصحاب هذا الرأي أن الأكثرية عندما قبلت بنصف المقاعد الوزارية، يعني أنها تخلّت عن حقها الديمقراطي والدستوري بالحصول على النصف زائداً واحداً، أي الأكثرية النسبية في مجلس الوزراء، وذلك مقابل تخلّي المعارضة عن الثلث زائداً واحداً، أي عن الثلث المعطّل·

ويذهب أصحاب هذا الرأي أبعد من ذلك، عندما يقللون من أهمية الفارق بين الـ15 والـ12 مقعداً وزارياً، طالما أن الأكثرية فقدت حقّها بالحصول على الأكثرية النسبية أي 16 مقعداً!!·· وطالما أن ثمة اتفاقاً، أو بالأحرى توافقاً، بين الأكثرية والمعارضة على التشاور والاتفاق المسبق على كل القرارات ذات الطابع المصيري، والتي يتطلّب اتخاذها التصويت بثلثي مجلس الوزراء·

* * *

مرّة أخرى···

لا بُد من التأكيد على أن مهمة الرئيس المُكلّف كانت صعبة في الأصل، وقد زادتها صعوبة تداعيات الموقف الجنبلاطي المفاجئ، والذي شكّل صدمة كبيرة لسعد الحريري الذي ذهب إلى المختارة وزار اقليم الخروب ليؤكّد على الملأ متانة <الحلف الأبدي> مع وليد جنبلاط، والذي كان يعتبره الحليف الأوّل والأقرب إليه·

وإذا أضفنا إلى المصاعب الداخلية، تعقيدات الوضع الإقليمي، والغيوم التي تتجمّع في أفق الإقليم راسمة ملامح عاصفة جديدة، يتبين لنا بوضوح خطورة التطورات المحتملة، وغياب الوعي اللازم لدى الطبقة السياسية لضرورة إعداد الوطن الصغير على مواجهة ما هو متوقع، وتأمين صمود الجبهة الداخلية أمام أي زلزال سياسي، محلي أم خارجي، مفاجئ!·

فإلى متى تبقى الحكومة العتيدة في غياهب العُقد المفتعلة، والحسابات الضيقة، ولبنان يُصارع الأزمات حتى يستطيع أهله البقاء على ··· أرضه؟!·


المصدر: جريدة اللواء

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,717,352

عدد الزوار: 6,910,086

المتواجدون الآن: 97